[align=center]
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم .... وبه نستعين
هتف بي هاتف من باطني..... : دعني من شرح الصبر على الأقدار ، فإني قد اكتفيت بنموذج ما شرحت
.وصف حال الرضى ، فإني أجد نسيماً من ذكره فيه روح للروح
.
فقلت : أيها الهاتف اسمع الجواب . و افهم الصواب .
إن الرضى من جملة ثمرات المعرفة **، فإذا عرفته رضيت بقضائه**
، و قد يجري في ضمن القضاء مرارات يجد بعض طعمها الراضي .
أما العارف فتقل عنده المرارة ، لقوة حلاوة المعرفة .
فإذا ترقى بالمعرفة إلى المحبة ، صارت مرارة الأقدار ، حلاوة ، كما قال قائل :
عذابه فيك عذب **** و بعده فيك قرب
و أنت عندي كروحي**** بل أنت منها أحب
حسبي من الحب**** أني لما تحب أحب
وقال بعض المحبين في هذا المعنى :
و يقبح من سواك الفعل عندي **** فتفعله فيحسن منك ذاكا
فصاح بي الهاتف : حدثني بماذا أرضى؟
قدر أني أرضى في أقداره بالمرض و الفقر ،** أفأرضى بالكسل عن خدمته **، و البعد عن أهل محبته ؟
فبين لي ما الذي يدخل تحت الرضى ، مما لا يدخل ؟
فقلت له : نعم ما سألت فاسمع الفرق سماع من ألقى السمع و هو شهيد .
إرض بما كان منه** ، فأماالكسل و التخلف فذاك منسوب إليك ، فلا ترض به من فعلك .
و كن مستوفياً حقه عليك** ، مناقشاً نفسك فيما بقربك منه **، غير راض منها بالتواني في المجاهدة .
فأما ما يصدر من أقضيته المجردة التي لا كسب لك فيها ، فكن راضياً بها ،
كماقالت رابعة ـ رحمة الله عليها ـ و قد ذكر عندها رجل من العباد يلتقط من مزبلة فيأكل
، فقيل : هلا سأل الله تعالى أن يجعل رزقه من غير هذا ؟
فقالت : إن الراضي لا يتحيزو من ذاق طعم المعرفة ، وجد فيه طعم المحبة ، فوقع الرضى عنده ضرورة .
فينبغي الإجتهاد في طلب المعرفة بالأدلة ، ثم العمل بمقتضى المعرفة بالجد في الخدمة ، لعل ذلك يورث المحبة .
فقد قال سبحانه و تعالى : لا يزال العبد يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه . فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، و بصره الذي يبصر به.
فذلك الغنى الأكبر .. و وافقراه ... !!!
ودمتم في حفظ الله ورعايته
من كتاب صيد الخاطر لأبو الفرج ابن الجوزي
[/align]