منتديات شو ون شو  

العودة   منتديات شو ون شو > مــنــــتـــدى الــعــــلـــوم الإســــــلامـــــيـــــــــة > عقيدة أهل السنة والجماعة
التسجيل مشاركات اليوم البحث

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-08-2009, 04:01 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
إحصائية العضو








آخر مواضيعي


أبو العبادلة غير متواجد حالياً


Exclamation تكفير الحاكم بغير ما أنزل الله بإطلاق

أحييكم بتحية الإسلام .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

والحمد لله رب العالمين .. والصلاة والسلام على النبي الأمين .. وعلى آله .. وصحبه .. أجمعين

رب اشرح لي صدري , ويسر لي أمري , واحلل عقدة من لساني , يفقهوا قولي



أما بعد ,




اعلم - أخي - أن قضية إفراد الله بالحكم وحده لا شريك له من أهم قضايا العقيدة , وركن من أركان التوحيد ومخالفتها من أعظم أسباب الشرك على ظهر الأرض , قال تعالى : { اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ } سورة التوبة آية 31 .

روى أحمد وابن جرير عن عدي بن حاتم أنه دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ هذه الآية فقلت : إنهم لم يعبدوهم , فقال : ( بلى , إنهم حرموا عليهم الحلال وأحلوا لهم الحرام فاتبعوهم فذلك عبادتهم إياهم ) .

قال ابن كثير : وهكذا قال حذيفة بن اليمان وعبد الله بن عباس وغيرهما : إنهم اتبعوهم فيما حللوا وحرموا , وقال السدي : استنصحوا الرجال وتركوا كتاب الله وراء ظهورهم , لهذا قال تعالى : { وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا } . أي الذي إذا حرم الشيء الحرام فهو الحرام وإذا حلله فهو الحلال . وما شرعه اتبع , وما حكم به نفذ { لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ } تفسير ابن كثير : ( 2 / 349 )

وقد بينت هذه الآية الكريمة أن الحكم والتشريع والتحليل من أخص معاني الربوبية , وبين الرسول صلى الله عليه وسلم أن المتابعة على الحكم عبادة , وأن التعبد لله بالتحاكم إلى شرعه توحيد ومخالفة ذلك شرك , وككل قضايا العقيدة والتوحيد كثر ذكر هذه المسألة في كتاب الله عز وجل .

قال تعالى مبينا أن من اتخذ أحداً مشرعا فقد جعله لله شريكا , سواء كانوا أفرادا أوجماعة , قال تعالى : { أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ } . سورة الشورى آية 21 . وذم المشركين من قريش أعظم الذم في شأن تشريعات وضعوها من قبل أنفسهم في أمر بعض الزروع والبهائم . فقال تعالى : { وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا } إلى قوله تعالى : { وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لَا يَطْعَمُهَا إِلَّا مَنْ نَشَاءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَامٌ لَا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِرَاءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِمْ بِمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (138) وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الْأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاءُ سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ } . سورة الأنعام آية 135 : 139 . إلى أن قال تعالى : { أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهَذَا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } . سورة الأنعام آية 144 .

فانظر كيف حكم الله بظلمهم وشركهم وضلالهم من أجل تشريعات البهائم , فكيف بتشريعات البشر في دمائهم وأموالهم وأعراضهم وأبضاعهم وهم الذين كرمهم الله تعالى ؟ ونعوذ بالله من الشرك والخذلان .

وقال تعالى : { وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ } . سورة المائدة آية 44

روى البخاري , ومسلم , ومالك عن ابن عمر أن اليهود جاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا له أن رجلا منهم وأمرة زنيا , فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما تجدون في التوراة في شأن الرجم ؟ فقالوا : نفضحهم ونجلدهم , فقال عبد الله بن سلام : كذبتم : إن فيها الرجم فأتوا بالتوراة , فنشروها , فوضع أحدهم يده على آية الرجم , فقرأ ما قبلها وما بعدها , فقال عبد الله بن سلام : ارفع يدك , فرفع يده , فإذا آية الرجم , فقالوا صدقت يا محمد فيها آية الرجم , فأمر بهما فرجما , فرأيت الرجل يحني على المرأة يقيها الحجارة )) .

سبحان الله ! إذا كان الله سبحانه قد حكم على اليهود ومن حذا حذوهم بالكفر من أجل تغيير حكم الرجم إلى الجلد والتحميم , وهو نوع عقوبة فكيف بمن يجعل الزنى حرية شخصية إذا كان برضا الطرفين , ويرى الرجم وأمثاله من أحكام الله , كالقطع في السرقة والقصاص والجلد وغيرها شريعة غاب ووحشية منافية لحقوق الإنسان .

يقول الشيخ الشنقيطي : إن الذين يتبعون القوانين الوضعية التي شرعها الشيطان على ألسنة أوليائه مخالفة لما شرعه الله عز وجل على ألسنة صلى الله عليه وسلم أنه لا يشك في كفرهم وشركهم , إلا من طمس الله بصيرته وأعماه عن نور الوحي مثلهم . أضواء البيان ( 4/84 , 85 ) بتصرف

ثم يقول : اعلم أنه يجب التفصيل بين النظام الوضعي الذي يقتضي تحكيمه الكفر بخالق السماوات والأرض , وبين النظام الذي لا يقتضي ذلك , وإيضاح ذلك أن النظام قسمان : إداري وشرعي , أما الإداري الذي يراد به ضبط الأمور وإتقانها على وجه غير مخالف للشرع فهذا لا مانع فيه , كتنظيم شئون الموظفين , وتنظيم إدارة الأعمال على وجه لا يخالف الشرع , ولا يخرج من قواعد الشرع مع مراعاة المصالح العامة وأما النظام الشرعي المخالف لتشريع خالق السماوات والأرض فتحكيمه كفر بخالق السماوات والأرض , كدعوى تفضيل الذكر على الأنثى في الميراث ليس بإنصاف وأنهما يلزم استواؤهما في الميراث وكدعوى أن تعدد الزوجات ظلم , وأن الطلاق ظلم للمرأة , وأن الرجم والقطع ونحوهما أعمال وحشية لا يسوغ فعلها بالإنسان ونحو ذلك , فتحكيم هذا النوع من النظام في أنفس المجتمع وأموالهم وأعراضهم وأنسابهم وعقولهم وأبدانهم كفر بخالق السماوات والأرض , وتمرد على نظام السماء الذي وضعه خالق الخلائق لها , وهو أعلم بمصالحهم سبحانه وتعالى عن أن يكون معه مشرع أخر علوا كبيرا .

ويقول في تفسير سورة الشورى : ( الحلال هو ما أحله الله , والحرام هو ما حرمه الله , والدين هو ما شرعه الله , فكل تشريع من غيره سبحانه باطل , والعمل بتشريع بدل تشريع الله عند من يعتقد أنه مثله أو خير منه كفر بواح لا نزاع فيه , وقد دل القرآن في آيات كثيرة على أنه لا حكم لغير الله وأن اتباع تشريع غيره كفر به )) . أضواء البيان : ج 7 / ص 162

ويقول : (( اعلم أن الله عز وجل بين في آيات كثيرة صفات من يستحق أن يكون الحكم له , فعلى كل عاقل أن يتأمل الصفات المذكورة ويقابلها مع صفات البشر المشرعين للقوانين الوضعية , فينظر هل تنطبق عليهم صفات من له تشريع ؟ سبحان الله , تعالى عن ذلك فإن كانت تنطبق عليهم - ولن تكون - فليتبع تشريعهم , وإن ظهر يقينا أنهم أحقر وأخس وأذل وأصغر من ذلك فليقف بهم عند حدهم ولا يجاوز بهم إلى مقام الربوبية . سبحان الله أن يكون له شريك في عبادته أو حكمه أو ملكه )) . أضواء البيان : ج 7 / ص 162

ويقول : وكل من تحاكم إلى غير شرع الله فهو تحاكم إلى الطاغوت , وذلك في قوله تعالى : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا } . سورة النساء : آية 60

فالكفر بالطاغوت الذي صرح الله بأنه أمرهم به في هذه الآية شرط في الإيمان كما بينه تعالى في قوله : { فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } . سورة البقرة آية 256

يفهم منه أن من لم يكفر بالطاغوت لم يستمسك بالعروة الوثقى . ومن لم يستمسك بها فهو مترد مع الهالكين . أضواء البيان : ج 1 / ص 293

ويقول : (( إن غير الله لا يتصف بصفات التحليل والتحريم ولما كان التشريع وجميع الأحكام شرعية أو كونية قدرية , من خصائص الربوبية . كان كل من اتبع تشريعا غير تشريع الله قد اتخذ ذلك المشرع ربا وأشركه مع الله )) . أضواء البيان : ج 7 / ص 169

قال الحافظ ابن كثير - رحمه الله - في تفسير قوله تعالى : { أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ } سورة المائدة آية 50 :

ينكر تعالى على من خرج عن حكم الله المُحْكَم المشتمل على كل خير، الناهي عن كل شر وعدل إلى ما سواه من الآراء والأهواء والاصطلاحات، التي وضعها الرجال بلا مستند من شريعة الله، كما كان أهل الجاهلية يحكمون به من الضلالات والجهالات، مما يضعونها بآرائهم وأهوائهم، وكما يحكم به التتار من السياسات الملكية المأخوذة عن ملكهم جنكزخان، الذي وضع لهم ( الياسق ) وهو عبارة عن كتاب مجموع من أحكام قد اقتبسها عن شرائع شتى، من اليهودية والنصرانية والملة الإسلامية، وفيها كثير من الأحكام أخذها من مجرد نظره وهواه، فصارت في بنيه شرعًا متبعًا، يقدمونها على الحكم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. ومن فعل ذلك منهم فهو كافر يجب قتاله، حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله , فلا يحكم سواه في قليل ولا كثير، قال الله تعالى: { أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ } أي: يبتغون ويريدون، وعن حكم الله يعدلون. { وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ } أي: ومن أعدل من الله في حكمه لمن عَقل عن الله شرعه، وآمن به وأيقن وعلم أنه تعالى أحكم الحاكمين، وأرحم بخلقه من الوالدة بولدها، فإنه تعالى هو العالم بكل شيء، القادر على كل شيء، العادل في كل شيء . تفسير ابن كثير ص 672

وقد نقل الحافظ ابن كثير في تاريخه شيئا من سخافات ( الياسق ) ثم قال : فمن ترك الشرع المحكم المنزل على محمد بن عبد الله خاتم الأنبياء وتحاكم إلى غيره من الشرائع المنسوخة , كفر , فكيف بمن تحاكم إلى ( الياسق ) وقدمه عليه ؟ من فعل ذلككفر بإجماع المسلمين . البداية والنهاية : ج 13 / ص 118 : 119






التوقيع


سبحان الله وبحمده , سبحان الله العظيم

سبحانك اللهم وبحمدك , أشهد أن لا إله إلا أنت , أستغفرك وأتوب إليك

[B]رب اشرح لي صدري , ويسر لي أمري , واحلل عقدة من لساني , يفقهوا قولي[/B]

رد مع اقتباس
قديم 06-08-2009, 04:02 PM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
إحصائية العضو








آخر مواضيعي


أبو العبادلة غير متواجد حالياً


افتراضي

لقد ورد في القرآن الكريم التصريح بأن الحكم بغير ما أنزل الله كفر فقال الله تعالى :

- { وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ } . سورة المائدة آية 44

- { فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ } . سورة المائدة آية 45

- { فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ } . سورة المائدة آية 47

وقد اختلف العلماء في تفسير هذه الآيات وفيمن نزلت على عدة أقوال أجملها فيما يلي

القول الأول : أن المقصود بالآية اليهود الذين حرفوا كتاب اله وبدلوا حكمه . ينظر ابن جرير الطبري , جامع البيان ج 6 ص 252

القول الثاني : أن المقصود بالكافرين أهل الإسلام , وبالظالمين اليهود وبالفاسقين النصارى . المصدر نفسه ج 6 ص 255

القول الثالث : أن المراد كفر دون كفر , وظلم دون ظلم , وفسق دون فسق . المصدر نفسه ج 6 ص 256

القول الرابع : أن هذه الآيات نزلت في أهل الكتاب , وهي مراد بها جميع الناس مسلمهم وكافرهم . المصدر نفسه ج 6 ص 257

القول الخامس : أن معنى الآية من لم يحكم بما أنزل الله جاحداً به فهو كافر فأما الظلم والفسق فهو للمقر به . المصدر نفسه ج 6 ص 257

والذي يظهر أن الآية على ظاهرها إذ (( من الممتنع أن يسمي الله سبحانه الحاكم بغير ما أنزل الله كافراً ولا يكون كافراً بل هو كافر مطلقاً إما كفر عمل وإما كفر اعتقاد )) الشيخ محمد بن إبراهيم تحكيم القوانين ص 4

ولا وجه لتخصيص اليهود والنصارى أو غيرهم فإن الآية عامة في كل من حكم بغير ما أنزل الله , ونزولها بسبب معين لا ينافي هذا العموم , إذ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ولقد رد على القائلين بأنها نزلت في بني إسرائيل حذيفة بن اليمان رضي الله عنه حيث قال : (( نعم الإخوة لكم بنو إسرائيل إن كانت لهم كل مُرة , ولكم كل حُلوة , كلا والله لتسلكن طريقهم قدر الشَّراك . رواه ابن جرير في تفسيره ج 6 ص 253

فالحق أن الحكم بغير ما أنزل الله منه ما هو كفر عمل , ومنه ما هو كفر اعتقاد , يقول ابن القيم : الحكم بغير ما أنزل الله منه ما هو كفر عمل , ومنه ما هو كفر اعتقاد , يقول ابن أبي العز الحنفي مفصلا أحوال الحاكم : (( إنه إن اعتقد - أي الحاكم - أن الحكم بما أنزل الله غير واجب أو أنه مخير فيه أو استهان به مع تيقنه أنه حكم الله فهذا كفر أكبر , وإن اعتقد وجوب الحكم بما أنزل الله , وعلمه في هذه الواقعة , ثم عدل عنه مع اعترافه بأنه مستحق للعقوبة فهذا عاص ويسمى كافراً كفراً مجازياً أو كفراً أصغر )) شرح الطحاوية ص 302 . وزاد الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ الأمر تفصيلاً فأوضح أحوال الحكم , ولما كلامه رحمه الله من أهمية إذ فصل القول , وبين مذهب أهل السنة والجماعة أنقله بتصرف واختصار : قال رحمه الله : إن الآية الكريمة تتناول الكفرين كفر الاعتقاد وكفر العمل فأما الأول وهو كفر الاعتقاد فهو أنواع :

النوع الأول :

أن يجحد الحاكم بغير ما أنزل الله أحقية حكم الله ورسوله , فهذا جحود لما أنزل الله من الحكم الشرعي , ولا نزاع فيه بين أهل العلم , فإن من الأصول المتقررة المتفق عليها بينهم أن من جحد أصلاً من أصول الدين أو فرعاً مجمعاً عليه , أو أنكر حرفاً مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم قطعياً فإنه كافر الكفر الأكبر الناقل عن الملة .

النوع الثاني :

ألا يجحد الحاكم بغير ما أنزل الله كون حكم الله ورسوله حقاً , لكن اعتقد أن حكم غير الرسول صلى الله عليه وسلم أحسن من حكمه وأتم وأشمل لما يحتاجه الناس من الحكم بينهم عند التنازع إما مطلقاً وإما بالنسبة إلى المستجدات من الحوادث , وهذا لا ريب أنه كفر ؛ لتفضيله أحكام المخلوقين على حكم الحكيم الحميد .

النوع الثالث :

ألا يعتقد كونه أحسن من حكم الله ورسوله , لكن اعتقد أنه مثله فهذا كالنوعين اللذين قبله , في كونه كافراً الكفر الناقل عن الملة ؛ لما يقتضيه ذلك من تسوية المخلوق بالخالق , والمناقضة والمعاندة لقوله عز وجل : { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ } سورة الشورى آية 11 , ونحوها من الآيات الكريمة الدالة على تفرد الرب بالكمال وتنزيهه عن مماثلة المخلوقين في الذات والصفات والأفعال والحكم بين الناس فيما يتنازعون فيه .

النوع الرابع :

أن يعتقد جواز الحكم بما يخالف حكم الله ورسوله , فهذا يصدق عليه ما يصدق على من قبله لاعتقاده جواز ما علم بالنصوص الصريحة الصحيحة القاطعة تحريمه .

النوع الخامس :

وهو أعظمها وأشملها وأظهرها معاندة للشرع ومكابرة لأحكامه , ومشاقة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم , وهو جعل محاكم غير شرعية مراجعها كلها من غير الشرع من القوانين الملفقة من شرائع شتى , وقوانين كثيرة , كالقانون الفرنسي والبريطاني وغير ذلك , فهذه المحاكم الأن في كثير من أمصار المسلمين يحكم حكامها بينهم بما يخالف الكتاب والسنة , فأي كفر فوق هذا الكفر , وأي مناقضة للشهادة بأن محمدا رسول الله بعد هذه المناقضة ؟ .

النوع السادس :

ما يحكم به كثير من رؤساء العشائر والقبائل والبوادي من عاداتهم التي يتوارثونها ويحكمون بها , بقاء على أحكام الجاهلية وإعراضاً ورغبة عن حكم الله ورسوله .

الذي يظهر والله أعلم أنه رحمه الله أورد الأنواع الأربعة الأول على أنها ضوابط لتكفير المعين من الحكام ولذلك جعل الكلام متعلقا بعين الأحكام فقال : أن يجحد أن يعتقد . الخ , وأما النوعان الأخيران فقصد بهما تكفير النوع ولذلك جعل الكلام عن الفعل لا عن الفاعل , وعليه فلابد في تكفير المعين الداخل تحت أي من النوعين الأخيرين من الرجوع إلى الضوابط الأربعة الأولى .






التوقيع


سبحان الله وبحمده , سبحان الله العظيم

سبحانك اللهم وبحمدك , أشهد أن لا إله إلا أنت , أستغفرك وأتوب إليك

[B]رب اشرح لي صدري , ويسر لي أمري , واحلل عقدة من لساني , يفقهوا قولي[/B]

رد مع اقتباس
قديم 06-08-2009, 04:05 PM رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
إحصائية العضو








آخر مواضيعي


أبو العبادلة غير متواجد حالياً


افتراضي

[align=right]

القسم الثاني : كفر العمل :

وهو الذي لا يخرج من الملة , وذلك أن تحمل الحاكم شهوته وهواه على الحكم في قضية ما بغير ما أنزل الله , مع اعتقاده أن حكم الله ورسوله هو الحق واعترافه على نفسه بالخطأ ومجانبة الهدى , وهذا وإن لم يخرجه عن الملة فإنه معصية عظمى أكبر من الكبائر كالزنى , وشرب الخمر , والسرقة واليمين المغموس , وغيرها فإن معصية سماها الله في كتابه كفراً أعظم من معصية لم يسمها كفراً . ينظر تحكيم القوانين ص 4-7

وقد وقع الغلو بتكفير الحكام في هذا الزمان . يقول المستشار سالم البهنساوي عن التكفير والمكفرين : (( لقد تجمع أصحاب هذا الفكر ( أي التكفير ) على رأي واحد وهو أن حكام المسلمين كفروا وأن المحكومين الذين لم يعملوا على تغيير هذا الحكم بالانضمام إلى الجماعة التي تحمل الفكر الصحيح للإسلام وتسعى إلى تطبيقه وهي جماعتهم , هؤلاء أي من ليس من هذه الجماعة قد كفر أيضاً لطاعته هذا الحاكم )) . سالم البهنساوي , الحكم وقضية تكفير المسلم ص 116

ويمكن إيضاح موضع الخلل في تكفيرهم للحكام في موضعين :

الأول : إطلاق القول بتكفير الحكام دون نظر للتفصيل الذي سبق بيانه .

الثاني : تكفير المعين منهم دون نظر لما قد يكون عليه من جهل أو إكراه أو إيمان بحكم الله عز وجل مع وجود بعض الأعذار التي تنقل حكم هذا الفعل من الكفر المخرج عن الملة إلى الكفر غير المخرج عن الملة يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : (( النجاشي هو وإن كان ملك النصارى , فلم يطعه قومه في الدخول في الإسلام بل إنما دخل معه نفر منهم , ولذا لما مات لم يكن هناك أحد يصلي عليه ونحن نعلم قطعاً أنه لم يكن يمكنه أن يحكم بينهم بحكم القرآن والله قد فرض على نبيه بالمدينة أنه إذا جاءه أهل الكتاب لم يحكم بما أنزل الله إليه , وحذره أن يفتنوه عن بعض ما أنزل الله إليه . وكثيراً ما يتولى الرجل بين المسلمين والتتار قاضياً بل وإماماً وفي نفسه أمور من العدل يريد أن يعمل بها فلا يمكنه ذلك , بل هناك من يمنعه من ذلك ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها . وعمر بن عبد العزيز عودي وأوذي على بعض ما أقامه من العدل . وقيل إنه سُم على ذلك , فالنجاشي وأمثاله سعداء في الجنة وإن كانوا لم يلتزموا من شعائر الإسلام ما لا يقدرون على التزامه بل كانوا يحكمون بالأحكام التي يمكنهم الحكم بها )) الفتاوى ج 19 ص 217 فبهذا يتضح أنه قد يكون للحكام من الأعذار ما ينقل الحكم من حيز الكفر الأكبر إلى الكفر الأصغر , فالمبادرة إلى تكفير الحاكم المعين لا يجوز شرعاً بل التحفظ والاحتياط واجب إبراء للذمة . الغلو في الدين في حياة المسلمين للويحق ص 289 : 293

وقفة لابد منها :

وأخيراً , فإن قول الله عز وجل : { وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ } لا تختص بالحاكم وحده فقط , بمعنى متولي السلطان فقط , بل هي عامة وسارية على عموم الناس إذا لم يحكموا بما أنزل الله .

فمثلاً : يمكن أن يكون الفرد في سلوكه الشخصي كتحليل شرب الخمر , وفي سياسته لأسرته كتحليل حرمان البنات من الميراث أو وأدها - كما كان عند العرب في الجاهلية وفي معاملته مع الناس كتحليل السرقة والرشوة , كما يكون في العقيدة بإنكارها ثبت بإنكار البعث والحساب .

ويمكن أن يكون من القاضي الذي يفصل بين الناس , كعدم اعتبار الزنى مع رضا الطرفين محرماً وكتحريم حق الطلاق لمن يملكه ؛ إذا كان قانوناً يقضى به .

والرجل يستحل خروج زوجته أو ابنته البالغة سافرة غير محتشمة بستر الإسلام يحكم بغير ما أنزل الله , والذي يقضي بإقامة منكر من المنكرات في داره يحكم بغير ما أنزل الله , ويمكن أن تكون من الحاكم بإباحة شرب الخمر مثلاً , والتعامل بالربا , وإباحة قتل من لا يستحق القتل وتحريم التفرقة بين الذكر والأنثى , وغير ذلك . وذلك بوضع قانون , أو مباشرة تنفيذه .

* فكل هؤلاء يحكمون بغير ما أنزل الله , فهل يحكم على مجموعهم بالكفر , ومن لم يكفرهم فهو كافر , هكذا ترى جماعة التكفير , ولكن يُعَدَّ خطأ بيناً , وخلطاً في الأحكام , دون تفرقة بين عمل واعتقاد , أو بين عالم وجاهل , أو بين مصر قاصد , أو متأول مخطيء , فلنعد الأن إلى سؤالنا :



هل يدخل هؤلاء الناس بموجب تصرفاتهم هذه في دائرة الردة والكفر , ويخرجون عن ربقة الإسلام ؟

الجواب : إن هذه التصرفات إن اقترن بها برهان قطعي على الإنكار والجحود الاعتقادي , أو على السخرية والازدراء , وكان الحكم متعلقاً بشيء من أركان الإسلام الخمسة , أو بما هو مجمع عليه ومعروف من الدين بالبداهة والضرورة , أو اعتقد أنه ليس من عند الله , أو أنه حكم غير صحيح , أو أتى بناقض لركن من أركان الإيمان , فذلك كله رفض لحكم الله , فإن ذلك يكون مكفراً ويكفر صاحب هذا الفعل أو التصرف , أيّاً كان ولا يشك أحد في أنه كفر , وذلك بعد إقامة الحجة عليه .

* أما إن لم تقترن بتصرفاتهم براهين قاطعة على شيء مما ذكرنا , فإن الأمر يحتمل عندئذ أن يكون مدفوعاً إليه بدافع التهاون والانسياق وراء الأهواء والأماني النفسية , لا بدافع الجحود والإنكار , وإذا قام الاحتمال سقط الاستدلال ولم يجز الحكم بالتكفير .

وهذا خلاصة الجواب , وعلى هذا يتبين لنا أنه لا يجوز تكفير أحد من المسلمين الذين نراهم يبرمون أمورهم أو أمور الناس على غير ما تقضي به شريعة الله لمجرد تلبسهم بذلك سواء أكانوا يفعلون ذلك تحت حكم القضاء أو حتى في بيوتهم وبين أهليهم أو في أنظمتهم وأحوالهم الاجتماعية الضيقة .

فليتق الله أولئك الذين يجازفون في إقامتهم أنفسهم مقام الله عز وجل بتكفير كل من لم يحكم بما أنزل الله , دون الرجوع إلى ضوابط ذلك من أدلة العلم وقواعده وليتهموا أنفسهم بالانسياق وراء غيظ لا يحكمه منهج الإسلام وضوابطه ولا يقصد به وجه الله وحده .

ومن أوضح أدلة الاتهام , أنهم لا يتصورون للحكم بغير ما أنزل الله إلا مدلولاً واحداً هو - دون غيره - مَحَطُّ تكفيرهم , ألا وهو أن يقضي الحاكم الأعلى في قومه أو شعبه فيتنكب في حكمه شرع الله عز وجل .

أما ما ينحرف فيه عامة الناس في بيوتهم ومع أهليهم أو أصدقائهم أو في مجتمعاتهم من المعصية ذاتها ؛ إذ يبرمون أمورهم أو أمور من يهيمنون عليهم على خلاف شرع الله عز وجل , فهؤلاء كلهم مبرءون عن جريمة الكفر والارتداد ولا يدخلون تحت طائلة الحكم بغير ما أنزل الله !! لماذا ؟

* ومن أين جاء هذا الفرق ؟ لا ندري .. !

إن المحكًّم في الأمر هو شريعة الإسلام , وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الأسوة والقدوة لنا في هذا الأمر ؛ فإليك خلاصة هديه في المسألة : عن عبادة بن الصامت أنه قال : دعانا النبي صلى الله عليه وسلم فبايعنا , فقال فيما أخذ علينا أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعُسرنا ويسرنا وأثرة علينا وألا ننازع الأمر أهله , إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان . رواه البخاري - كتاب الفتن

فليتق الله من يخالف اليوم بيان الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وإجماع أئمة المسلمين وينساق وراء هواه في تكفير من يحلو له تكفيره ممن ظاهره الإسلام والانقياد لدين الله عز وجل . اهـ . هكذا فلندع إلى الإسلام للبوطي , نقلاً عن شبهات التكفير د/ عمر بن عبد العزيز ص 148 : 151 بتصرف







كتبه / أبو العبادلة
ناقلاً من كتاب / التحذير من الغلو في التكفير
لحماد عبد الجليل البريدي
راجعه وقدم له د/ عمر بن عبد العزيز القرشي
تقديم د/ عبد الله شاكر والشيخ/ معاوية محمد هيكل
[/align]







التوقيع


سبحان الله وبحمده , سبحان الله العظيم

سبحانك اللهم وبحمدك , أشهد أن لا إله إلا أنت , أستغفرك وأتوب إليك

[B]رب اشرح لي صدري , ويسر لي أمري , واحلل عقدة من لساني , يفقهوا قولي[/B]

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الفرق بين تكفير السيئات ومغفرة الذنوب المحبة لله رحيق الحوار العام 3 14-08-2010 11:17 AM
(18) ‏ الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها‏. طالب عفو ربي القرآن الكريم وعلومه وتلاواته وإعجازه وقضاياه 0 06-11-2009 09:58 PM
أنباء عن إجراء تعديل وزاري في مصر عقب مؤتمر الحزب الحاكم بنت بلادى الأخبار العالمية والعربية 1 30-10-2009 11:15 AM
بعد موسم ناجح لحلبة الريم:سلطان بن فهد يتوج غدا الفائزين بأول موسم سيارات في السعودية المساوى الرياضة وبناء الأجسام والألعاب الإلكترونية الترفيهية 1 02-05-2009 10:00 PM
التفريق بين تكفير الفعل وتكفير الفاعل مسلمة وافتخر رحيق الحوار العام 5 06-04-2009 05:34 PM


Loading...

الاتصال بنا - منتديات شو ون شو - الأرشيف - الأعلى

Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
3y vBSmart
لا يسمح بوضع موضوعات تخالف منهج أهل السنة والجماعة