منتديات شو ون شو  

العودة   منتديات شو ون شو > مــنــــتـــدى الــعــــلـــوم الإســــــلامـــــيـــــــــة > القرآن الكريم وعلومه وتلاواته وإعجازه وقضاياه
التسجيل مشاركات اليوم البحث

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-07-2009, 10:56 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
إحصائية العضو








آخر مواضيعي


اسماعيل ابراهيم محمد غير متواجد حالياً


Question سورة البقرة (6)

سورة البقرة( 49 - 80 )
" وإذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم وإذ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون ثم عفونا عنكم من بعد ذلك لعلكم تشكرون وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان لعلكم تهتدون وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون وظللنا عليكم الغمام وأنزلنا عليكم المن والسلوى كلوا من طيبات ما رزقناكم وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون "
هذا شروع في تعداد نعمه على بني إسرائيل على وجه التفصيل فقال :
" وإذ نجيناكم من آل فرعون "
أي : من فرعون وملئه وجنوده وكانوا قبل ذلك
" يسومونكم "
أي : يولونهم ويستعملونهم
" سوء العذاب "
أي : أشده بأن كانوا
" يذبحون أبناءكم "
خشية نموكم
" ويستحيون نساءكم "
أي : فلا يقتلونهن فأنتم بين قتيل ومذلل بالأعمال الشاقة مستحيى على وجه المنة عليه والاستعلاء عليه فهذا غاية الإهانة فمن الله عليهم بالنجاة التامة وإغراق عدوهم وهم ينظرون لتقر أعينهم

" وفي ذلكم "
أي : الإنجاء
" بلاء "
أي : إحسان
" من ربكم عظيم "
فهذا مما يوجب عليكم الشكر والقيام بأوامره
ثم ذكر منته عليهم بوعده لموسى أربعين ليلة لينزل عليه التوراة المتضمنة للنعم العظيمة والمصالح العميمة ثم إنهم لم يصبروا قبل استكمال الميعاد حتى عبدوا العجل من بعده أي : ذهابه

" وأنتم ظالمون "
عالمون بظلمكم قد قامت عليكم الحجة فهو أعظم جرما وأكبر إثما
ثم إنه أمركم بالتوبة على لسان نبيه موسى بأن يقتل بعضكم بعضا فعفا الله عنكم بسبب ذلك
" لعلكم تشكرون "
الله

" وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة "
وهذا غاية الظلم والجراءة على الله وعلى رسوله
" فأخذتكم الصاعقة "
: إما الموت أو الغشية العظيمة
" وأنتم تنظرون "
وقوع ذلك كل ينظر إلى صاحبه
" ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون "
ثم ذكر نعمته عليهم في التيه والبرية الخالية من الظلال وسعة الأرزاق فقال :
" وظللنا عليكم الغمام وأنزلنا عليكم المن "
وهو اسم جامع لكل رزق حسن يحصل بلا تعب ومنه الزنجبيل والكمأة والخبز وغير ذلك
" والسلوى "
طائر صغير يقال له السماني طيب اللحم فكان ينزل عليهم من المن والسلوى ما يكفيهم ويقيتهم
" كلوا من طيبات ما رزقناكم "
أي : رزقا لا يحصل نظيره لأهل المدن المترفهين فلم يشكروا هذه النعم واستمروا على قساوة القلوب وكثرة الذنوب

" وما ظلمونا "
يعني بتلك الأفعال المخالفة لأوامرنا لأن الله لا تضره معصية العاصين كما لا تنفعه طاعات الطائعين
" ولكن كانوا أنفسهم يظلمون "
فيعود ضرره عليهم

" وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغدا وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء بما كانوا يفسقون "
وهذا أيضا من نعمته عليهم بعد معصيتهم إياه فأمرهم بدخول قرية تكون لهم عزا ووطنا وسكنا ويحصل لهم فيها الرزق الرغد وأن يكون دخولهم على وجه خاضعين لله فيه بالفعل وهو دخول الباب
" سجدا "
أي : خاضعين ذليلين وبالقول وهو أن يقولوا :
" حطة "
أي : أن يحط عنهم خطاياهم بسؤالهم إياه مغفرته

" نغفر لكم خطاياكم "
بسؤالكم المغفرة
" وسنزيد المحسنين "
بأعمالهم أي : جزاء عاجلا وآجلا
" فبدل الذين ظلموا "
منهم ولم يقل فبدلوا لأنهم لم يكونوا كلهم بدلوا
" قولا غير الذي قيل لهم "
فقالوا بدل حطة : حبة في حنطة استهانة بأمر الله واستهزاء وإذا بدلوا القول مع خفته فتبديلهم للفعل من باب أولى وأحرى ولهذا دخلوا يزحفون على أدبارهم ولما كان هذا الطغيان أكبر سبب لوقوع عقوبة الله بهم قال :
" فأنزلنا على الذين ظلموا "
منهم
" رجزا "
أي : عذابا
" من السماء بما كانوا يفسقون "
بسبب فسقهم وبغيهم


( 60 )
" وإذ استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا قد علم كل أناس مشربهم كلوا واشربوا من رزق الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين "
استسقى أي : طلب لهم ماء يشربون منه
" فقلنا اضرب بعصاك الحجر "
إما حجر مخصوص معلوم عنده وإما اسم جنس
" فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا "
وقبائل بني إسرائيل اثنتا عشرة قبيلة
" قد علم كل أناس "
منهم
" مشربهم "
أي : محلهم الذي يشربون عليه من هذه الأعين فلا يزاحم بعضهم بعضا بل يشربونه متهنئين لا متكدرين ولهذا قال :
" كلوا واشربوا من رزق الله "
أي : الذي آتاكم من غير سعي ولا تعب
" ولا تعثوا في الأرض مفسدين "
أي : تخربوا على وجه الإفساد


( 61 )
" وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها قال أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم وضربت عليهم الذلة والمسكنة وباؤوا بغضب من الله ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير الحق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون "

" وإذ قلتم يا موسى "
أي : واذكروا إذ قلتم لموسى على وجه التملل لنعم الله والاحتقار لها :
" لن نصبر على طعام واحد "
أي : جنس من الطعام وإن كان كما تقدم أنواعا لكنها لا تتغير
" فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها "
أي : نباتها الذي ليس بشجر يقوم على ساقه
" وقثائها "
وهو الخيار
" وفومها "
أي : ثومها وعدسها وبصلها والعدس والبصل معروف قال لهم موسى
" أتستبدلون الذي هو أدنى "
وهو الأطعمة المذكورة
" بالذي هو خير "
وهو المن والسلوى فهذا غير لائق بكم فإن هذه الأطعمة التي طلبتم أي مصر هبطتموه وجدتموها وأما طعامكم الذي من الله به عليكم فهو خير الأطعمة وأشرفها فكيف تطلبون به بدلا ؟ ولما كان الذي جرى منهم فيه أكبر دليل على قلة صبرهم واحتقارهم لأوامر الله ونعمه جازاهم من جنس عملهم فقال :
" وضربت عليهم الذلة "
التي تشاهد على ظاهر أبدانهم
" والمسكنة "
بقلوبهم فلم تكن أنفسهم عزيزة ولا لهم هممهم أردأ الهمم
" وباؤوا بغضب من الله "
أي : لم تكن غنيمتهم التي رجعوا بها وفازوا إلا أن رجعوا بسخطه عليهم فبئست الغنيمة غنيمتهم وبئست الحالة حالتهم

" ذلك "
الذي استحقوا به غضبه
" بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله "
الدالات على الحق الموضحة لهم فلما كفروا بها عاقبهم بغضبه عليهم وبما كانوا
" ويقتلون النبيين بغير الحق "
وقوله :
" بغير الحق "
زيادة شناعة وإلا فمن المعلوم أن قتل النبي لا يكون بحق لكن لئلا يظن جهلهم وعدم علمهم

" ذلك بما عصوا "
بأن ارتكبوا معاصي الله
" وكانوا يعتدون "
على عباد الله فإن المعاصي يجر بعضها بعضا فالغفلة ينشأ عنها الذنب الصغير ثم ينشأ عنه الذنب الكبير ثم ينشأ عنها أنواع البدع والكفر وغير ذلك فنسأل الله العافية من كل بلاء
واعلم أن الخطاب في هذه الآيات لأمة بني إسرائيل الذين كانوا موجودين وقت نزول القرآن وهذه الأفعال المذكورة خوطبوا بها وهى فعل أسلافهم ونسبت إليهم لفوائد عديدة منها أنهم كانوا يتمدحون ويزكون أنفسهم ويزعمون فضلهم على محمد ومن آمن به فبين الله من أحوال سلفهم التي قد تقررت عندهم ما يبين به لكل واحد [ منهم ] أنهم ليسوا من أهل الصبر ومكارم الأخلاق ومعالي الأعمال فإذا كانت هذه حالة سلفهم مع أن المظنة أنهم أولى وأرفع حالة ممن بعدهم فكيف الظن بالمخاطبين ؟ ! !
ومنها : أن نعمة الله على المتقدمين منهم نعمة واصلة إلى المتأخرين والنعمة على الآباء نعمة على الأبناء فخوطبوا بها لأنها نعم تشملهم وتعمهم
ومنها : أن الخطاب لهم بأفعال غيرهم مما يدل على أن الأمة المجتمعة على دين تتكافل وتتساعد على مصالحها حتى كان متقدمهم ومتأخرهم في وقت واحد وكان الحادث من بعضهم حادثا من الجميع ؛ لأن ما يعمله بعضهم من الخير يعود بمصلحة الجميع وما يعمله من الشر يعود بضرر الجميع
ومنها : أن أفعالهم أكثرها لم ينكروها والراضي بالمعصية شريك للعاصي إلى غير ذلك من الحكم التي لا يعلمها إلا الله


( 62 ) ثم قال تعالى حاكما بين الفرق الكتابية :
" إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون "
وهذا الحكم على أهل الكتاب خاصة لأن الصابئين الصحيح أنهم من جملة فرق النصارى فأخبر الله أن المؤمنين من هذه الأمة واليهود والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وصدقوا رسلهم فإن لهم الأجر العظيم والأمن ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون وأما من كفر منهم بالله ورسله واليوم الآخر فهو بضد هذه الحال فعليه الخوف والحزن
والصحيح أن هذا الحكم بين هذه الطوائف من حيث هم لا بالنسبة إلى الإيمان بمحمد فإن هذا إخبار عنهم قبل بعثة محمد صلى الله عليه وسلم وأن هذا مضمون أحوالهم وهذه طريقة القرآن إذا وقع في بعض النفوس عند سياق الآيات بعض الأوهام فلا بد أن تجد ما يزيل ذلك الوهم لأنه تنزيل من يعلم الأشياء قبل وجودها ومن رحمته وسعت كل شيء
وذلك والله أعلم - أنه لما ذكر بني إسرائيل وذمهم وذكر معاصيهم وقبائحهم ربما وقع في بعض النفوس أنهم كلهم يشملهم الذم فأراد الباري تعالى أن يبين من لم يلحقه الذم منهم بوصفه ولما كان أيضا ذكر بني إسرائيل خاصة يوهم الاختصاص بهم
ذكر تعالى حكما عاما يشمل الطوائف كلها ليتضح الحق ويزول التوهم والإشكال فسبحان من أودع في كتابه ما يبهر عقول العالمين
ثم عاد تبارك وتعالى يوبخ بني إسرائيل بما فعل سلفهم


( 63 - 64 )
" وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه لعلكم تتقون ثم توليتم من بعد ذلك فلولا فضل الله عليكم ورحمته لكنتم من الخاسرين "
أي : واذكروا
" وإذ أخذنا ميثاقكم "
وهو العهد الثقيل المؤكد بالتخويف لهم برفع الطور فوقهم وقيل لهم :
" خذوا ما آتيناكم "
من التوراة
" بقوة "
أي : بجد واجتهاد وصبر على أوامر الله
" واذكروا ما فيه "
أي : ما في كتابكم بأن تتلوه وتتعلموه
" لعلكم تتقون "
عذاب الله وسخطه أو لتكونوا من أهل التقوى
فبعد هذا التأكيد البليغ
" توليتم "
وأعرضتم وكان ذلك موجبا لأن يحل بكم أعظم العقوبات ولكن
" فلولا فضل الله عليكم ورحمته لكنتم من الخاسرين "



( 65 - 66 )
" ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين فجعلناها نكالا لما بين يديها وما خلفها وموعظة للمتقين "
أي : ولقد تقرر عندكم حالة
" الذين اعتدوا منكم في السبت "
وهم الذين ذكر الله قصتهم مبسوطة في سورة الأعراف في قوله :
" واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر إذ يعدون في السبت "
الآيات
فأوجب لهم هذا الذنب العظيم أن غضب الله عليهم وجعلهم
" قردة خاسئين "
حقيرين ذليلين
وجعل الله هذه العقوبة
" نكالا لما بين يديها "
أي : لمن حضرها من الأمم وبلغه خبرها ممن هو في وقتهم
" وما خلفها "
أي : من بعدهم فتقوم على العباد حجة الله وليرتدعوا عن معاصيه ولكنها لا تكون موعظة نافعة إلا للمتقين وأما من عداهم فلا ينتفعون بالآيات


( 67 - 74 )
" وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة قالوا أتتخذنا هزوا قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي قال إنه يقول إنها بقرة لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك فافعلوا ما تؤمرون قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها قال إنه يقول إنها بقرة صفراء فاقع لونها تسر الناظرين قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي إن البقر تشابه علينا وإنا إن شاء الله لمهتدون قال إنه يقول إنها بقرة لا ذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث مسلمة لا شية فيها قالوا الآن جئت بالحق فذبحوها وما كادوا يفعلون وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها والله مخرج ما كنتم تكتمون فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحيي الله الموتى ويريكم آياته لعلكم تعقلون ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء وإن منها لما يهبط من خشية الله وما الله بغافل عما تعملون "
أي : واذكروا ما جرى لكم مع موسى حين قتلتم قتيلا وادارأتم فيه أي : تدافعتم واختلفتم في قاتله حتى تفاقم الأمر بينكم وكاد - لولا تبيين الله لكم - يحدث بينكم شر كبير فقال لكم موسى في تبيين القاتل : اذبحوا بقرة وكان من الواجب المبادرة إلى امتثال أمره وعدم الاعتراض عليه ولكنهم أبوا إلا الاعتراض فقالوا
" أتتخذنا هزوا "
فقال نبي الله :
" أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين "
فإن الجاهل هو الذي يتكلم بالكلام الذي لا فائدة فيه وهو الذي يستهزئ بالناس وأما العاقل فيرى أن من أكبر العيوب المزرية بالدين والعقل استهزاءه بمن هو آدمي مثله وإن كان قد فضل عليه فتفضيله يقتضي منه الشكر لربه والرحمة لعباده
فلما قال لهم موسى ذلك علموا أن ذلك صدق فقالوا :
" ادع لنا ربك يبين لنا ما هي "
أي : ما سنها ؟
" قال إنه يقول إنها بقرة لا فارض "
أي : كبيرة
" ولا بكر "
أي : صغيرة
" عوان بين ذلك "
أي متوسطة بين السنين المذكورين سابقا وهما الصغر والكبر
" فافعلوا ما تؤمرون "
واتركوا التشديد والتعنت

" قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها قال إنه يقول إنها بقرة صفراء فاقع لونها "
أي : شديد
" تسر الناظرين "
من حسنها

" قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي إن البقر تشابه علينا "
فلم نهتد إلى ما تريد
" وإنا إن شاء الله لمهتدون "

" قال إنه يقول إنها بقرة لا ذلول "
أي : مذلله بالعمل
" تثير الأرض "
بالحراثه
" ولا تسقي الحرث "
أي : ليست بساقية
" مسلمة "
من العيوب أو من العمل
" لا شية فيها "
أي : لا لون فيها غير لونها الموصوف المتقدم

" قالوا الآن جئت بالحق "
أي : بالبيان الواضح وهذا من جهلهم وإلا فقد جاءهم بالحق أول مرة فلو أنهم اعترضوا أي : بقرة لحصل المقصود ولكنهم شددوا بكثرة الأسئلة فشدد الله عليهم ولو لم يقولوا إن شاء الله لم يهتدوا أيضا إليها
" فذبحوها "
أي : البقرة التي وصفت بتلك الصفات
" وما كادوا يفعلون "
بسبب التعنت الذي جري منهم
فلما ذبحوها قلنا لهم اضربوا القتيل ببعضها أي : بعضو منها إما معين أو أي : عضو منها فليس في تعيينه فائدة فضربوه ببعضها فأحياه الله وأخرج ما كانوا يكتمون فأخبر بقاتله وكان في إحيائه وهم يشاهدون ما يدل على إحياء الله الموتى
" لعلكم تعقلون "
فتنزجرون عن ما يضركم

" ثم قست قلوبكم "
أي : اشتدت وغلظت فلم تؤثر فيها الموعظة
" من بعد ذلك "
أي : من بعد ما أنعم الله عليكم بالنعم العظيمة وأراكم الآيات ولم يكن ينبغي أن تقسو قلوبكم لأن ما شاهدتم مما يوجب رقة القلب وانقياده ثم وصف قسوتها بأنها
" كالحجارة "
التي هي أشد قسوة من الحديد لأن الحديد والرصاص إذا أذيب في النار ذاب بخلاف الأحجار
وقوله :
" أو أشد قسوة "
أي : إنها لا تقصر عن قساوة الأحجار وليست أو بمعنى بل
ثم ذكر فضيلة الأحجار على قلوبهم فقال :
" وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء وإن منها لما يهبط من خشية الله "
فبهذه الأمور فضلت قلوبكم ثم توعدهم تعالى أشد الوعيد فقال :
" وما الله بغافل عما تعملون "
بل هو عالم بها حافظ لصغيرها وكبيرها وسيجازيكم على ذلك أتم الجزاء وأوفاه
واعلم أن كثيرا من المفسرين رحمهم الله قد أكثروا في حشو تفاسيرهم من قصص بني إسرائيل ونزلوا عليها الآيات القرآنية وجعلوها تفسيرا لكتاب الله محتجين بقوله صلى الله عليه وسلم : حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج
والذي أرى أنه وإن جاز نقل أحاديثهم على وجه تكون مفردة غير مقرونة ولا منزلة على كتاب الله فإنه لا يجوز جعلها تفسيرا لكتاب الله قطعا إذا لم تصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك أن مرتبتها كما قال صلى الله عليه وسلم : لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم فإذا كانت مرتبتها أن تكون مشكوكا فيها وكان من المعلوم بالضرورة من دين الإسلام أن القرآن يجب الإيمان به والقطع بألفاظه ومعانيه فلا يجوز أن تجعل تلك القصص المنقولة بالروايات المجهولة التي يغلب على الظن كذبها أو كذب أكثرها معاني لكتاب الله مقطوعا بها ولا يستريب بهذا أحد ولكن بسبب الغفلة عن هذا حصل ما حصل والله الموفق


( 75 - 78 )
" أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليحاجوكم به عند ربكم أفلا تعقلون أو لا يعلمون أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني وإن هم إلا يظنون "
هذا قطع لأطماع المؤمنين من إيمان أهل الكتاب أي : فلا تطمعوا في إيمانهم وحالتهم لا تقتضي الطمع فيهم فإنهم كانوا يحرفون كلام الله من بعد ما عقلوه وعلموه فيضعون له معاني ما أرادها الله ليوهموا الناس أنها من عند الله وما هي من عند الله فإذا كانت هذه حالهم في كتابهم الذي يرونه شرفهم ودينهم يصدون به الناس عن سبيل الله فكيف يرجى منهم إيمان لكم ؟ ! فهذا من أبعد الأشياء
ثم ذكر حال منافقي أهل الكتاب فقال :
" وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا "
فأظهروا لهم الإيمان قولا بألسنتهم ما ليس في قلوبهم
" وإذا خلا بعضهم إلى بعض "
فلم يكن عندهم أحد من غير أهل دينهم قال بعضهم لبعض :
" أتحدثونهم بما فتح الله عليكم "
أي : أتظهرون لهم الإيمان وتخبرونهم أنكم مثلهم فيكون ذلك حجة لهم عليكم ؟ يقولون : إنهم قد أقروا بأن ما نحن عليه حق وما هم عليه باطل فيحتجون عليكم بذلك عند ربكم
" أفلا تعقلون "
أي : أفلا يكون لكم عقل فتتركون ما هو حجة عليكم ؟ هذا يقوله بعضهم لبعض

" أو لا يعلمون أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون "
فهم وإن أسروا ما يعتقدونه فيما بينهم وزعموا أنهم بإسرارهم لا يتطرق عليهم حجة للمؤمنين فإن هذا غلط منهم وجهل كبير فإن الله يعلم سرهم وعلنهم فيظهر لعباده ما أنتم عليه

" ومنهم "
أي : من أهل الكتاب
" أميون "
أي : عوام ليسوا من أهل العلم
" لا يعلمون الكتاب إلا أماني "
أي : ليس لهم حظ من كتاب الله إلا التلاوة فقط وليس عندهم خبر بما عند الأولين الذين يعلمون حق المعرفة حالهم وهؤلاء إنما معهم ظنون وتقاليد لأهل العلم منهم
فذكر في هذه الآيات علماءهم وعوامهم ومنافقيهم ومن لم ينافق منهم فالعلماء منهم متمسكون بما هم عليه من الضلال والعوام مقلدون لهم لا بصيرة عندهم فلا مطمع لكم في الطائفتين


( 79 )
" فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون "
توعد تعالى المحرفين للكتاب الذين يقولون لتحريفهم وما يكتبون :
" هذا من عند الله "
وهذا فيه إظهار الباطل وكتم الحق وإنما فعلوا ذلك مع علمهم
" ليشتروا به ثمنا قليلا "
والدنيا كلها من أولها إلى آخرها ثمن قليل فجعلوا باطلهم شركا يصطادون به ما في أيدي الناس فظلموهم من وجهين : من جهة تلبيس دينهم عليهم ومن جهة أخذ أموالهم بغير حق بل بأبطل الباطل أعظم ممن يأخذها غصبا وسرقة ونحوهما ولهذا توعدهم بهذين الأمرين فقال :
" فويل لهم مما كتبت أيديهم "
أي : من التحريف والباطل
" وويل لهم مما يكسبون "
من الأموال والويل : شدة العذاب والحسرة وفي ضمنها الوعيد الشديد
قال شيخ الإسلام لما ذكر هذه الآيات من قوله :
" أفتطمعون "
إلى
" يكسبون "
: فإن الله ذم الذين يحرفون الكلم عن مواضعه وهو متناول لمن حمل الكتاب والسنة على ما أصله من البدع الباطلة
وذم الذين لا يعلمون الكتاب إلا أماني وهو متناول لمن ترك تدبر القرآن ولم يعلم إلا مجرد تلاوة حروفه ومتناول لمن كتب كتابا بيده مخالفا لكتاب الله لينال به دنيا وقال : إنه من عند الله مثل أن يقول : هذا هو الشرع والدين وهذا معنى الكتاب والسنة وهذا معقول السلف والأئمة وهذا هو أصول الدين الذي يجب اعتقاده على الأعيان والكفاية ومتناول لمن كتم ما عنده من الكتاب والسنة لئلا يحتج به مخالفه في الحق الذي يقوله
وهذه الأمور كثيرة جدا في أهل الأهواء جملة كالرافضة وتفصيلا مثل كثير من المنتسبين إلى الفقهاء







رد مع اقتباس
قديم 08-07-2009, 05:16 PM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
إحصائية العضو








آخر مواضيعي


المساوى غير متواجد حالياً


افتراضي

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .







رد مع اقتباس
قديم 08-07-2009, 10:34 PM رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
الله ربي ومحمد رسول الله
إحصائية العضو







آخر مواضيعي


طالب عفو ربي غير متواجد حالياً


افتراضي

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .







رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
سورة البقرة اسماعيل ابراهيم محمد القرآن الكريم وعلومه وتلاواته وإعجازه وقضاياه 0 29-07-2009 03:47 PM
سورة البقرة اسماعيل ابراهيم محمد القرآن الكريم وعلومه وتلاواته وإعجازه وقضاياه 0 11-07-2009 01:12 AM
سورة البقرة (5) اسماعيل ابراهيم محمد القرآن الكريم وعلومه وتلاواته وإعجازه وقضاياه 1 04-07-2009 06:16 PM
سورة البقرة (4) اسماعيل ابراهيم محمد القرآن الكريم وعلومه وتلاواته وإعجازه وقضاياه 1 04-07-2009 02:31 AM
سورة البقرة (3) اسماعيل ابراهيم محمد القرآن الكريم وعلومه وتلاواته وإعجازه وقضاياه 2 04-07-2009 02:29 AM


Loading...

الاتصال بنا - منتديات شو ون شو - الأرشيف - الأعلى

Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
3y vBSmart
لا يسمح بوضع موضوعات تخالف منهج أهل السنة والجماعة