معالي ودولة وفخامة /صباح علي الشاهر

معالي ودولة وفخامة !

صباح علي الشاهر

مما يُروى أن المطربة العراقية سليمة مراد، كانت تُلقب بسليمة باشا، وقيل أن سيارتها كانت ترفع العلم العراقي. يومها كانت الباشوية تباع وتُشترى، وهذا أمر ورثناه من العهد العثماني . مثل حالنا كانت الحال في مصر المحروسة زمن خديوي مصر الذي كان إمتدادا لحكم العثمانيين، ومثلما عندنا كان المنصب وليس اللقب فقط يُباع ويُشترى، بدءاً من الوالي وصولاً إلى المختار، فكذلك الأمر في مصر بدءاً بالوزير وصولاً إلى العمدة والغفير .
كانت الألقاب تمنح بفرمان . وكان البعض يُعلق الفرمان في صدارة الديوان.
سليمة مراد مثلاً لم يرفع لقب الباشوية من قدرها، بقدر ما رفعه فنها الجميل وصوتها الآسر. لم تكن هذه المرأة بحاجة للقب الباشا الذي أسبغه عليها الباشا الكبير، ولا أعتقد أن هذا اللقب جعل صوتها أكثر رقة أو عذوبة. صوتها كان أكبر لا من لقبها وإنما حتى من الباشا الكبير الذي منحها اللقب .
في كل زمن، ثمة من لا قيمة لهم . هؤلاء تراهم يولعون بالإلقاب، هي عندهم المبتدى والمنتهى . كأني بهم وهم يقدمون ألقابهم التي ما أنزل الله بها من سلطان على إسمائهم يؤكدون حقيقة قزميتهم، وإذا كان البعض يشتري الألقاب من سوق مريدي، فإن البعض يبتدع دونما خجل ما يريد ويرغب ويشاء من ألقاب وأوصاف على نفسه، حتى دونما أدنى شعور بالخجل. لقد أحصيت ألقاب وصفات لدعي معروف، فوجدت أنه ووفق ما يسبغه على نفسه من أوصاف وألقاب سيكون الرجل الأول لا في القرن العشرين، وإنما قبله ولربما بعده.
هذا الكذوب يبتدع في كل مرّة شخصاً مفتعلاً، لا أحد سمع بأسمه سابقاً، ليجري حواراً مفبركا معه، وفي كل مرّة يسطر هذا الشخص المختلق والمفبرك الألقاب، ثم يبدأ بالمدح الذي لم يقل مثله قبل هذا أحد لأحد، ممهداً لحديث العبقري، الذي ما أن يفتح حنفية جهله حتى يثير دهشتنا، لا بعمقه ورجاحة عقله، وإنما بهزال فكره وسطحيته وضحالة وعيه.
هل الألقاب، مهما كثرت وتنوعت، ترفع شأن من لا شأن له ؟
هذا هو سؤالنا الأساسي .
يعرف العراقيون، أن ثورة الرابع عشر من تموز، مثلما هي ثورة يوليو المصرية، ألغت الألقاب، إذا لم يعد بعد التموزين، في مصر والعراق من يُلقب بالباشا، أو البيك، وأزيلت ، لا بل حُرّمت ألقاب قراقوزية كلقب فخامة أو معالي، وأصبح ( السيد) هو اللقب الذي يسبق أسماء الجميع من الشرطي، والجندي والمعلم، والعامل والفلاح حتى رئيس الدولة. لقب واحد، يليق بالإنسان الذي كرّمه الله، وأعلى من شأنه، ولا يميز بين الناس الذين هم متساوون بالإنسانية كأسنان المشط ، السيد الوزير، السيد الرئيس، السيد رئيس الوزراء، السيد شرطي المرور، السيد كاتب العدل، والسيد المأمور . كلنا سادة وأسياد في بلدنا .
السيد، لقب يكرّم الصغير ويعز الكبير، يكرّم الغفير ويعز الرئيس. هو عنوان لعزة الإنسان التي هي من عزة البلد.
ظل هذا اللقب الذي يشمل كل عراقي معمولاً به، وحتى في أكثر فترات الحكم مركزية وشمولية في العراق، لم يشعر الوزير والرئيس ونائب الرئيس والقائد العام للقوات المسلحة بأية غضاضة عندما يسبق أسمه لقب ( السيد) ،
ثم فجأة، ومن دونما قانون ولا مقدمات، أخذ الربيعي يلقب نفسه بمعالي. تُرى هل يتصور الربيعي وغير الربيعي أنه سيكون من أصحاب المعالي لمجرد أنه أسبغ على نفسه لقب ( معالي) ؟
بات الوزراء في العراق يتداولون فيما بينهم هذا اللقب. في الزمن الملكي كان اللقب هو ( صاحب المعالي ) . وزراء العهد الديمقراطي حذفوا مفردة ( صاحب) ، ربما لأن فيها شبه من صاحب الهندية ! أما المالكي فشرّق وغرّب، ثم طلع علينا بلقب ( دولة رئيس الوزراء) ، ربما إستقى هذا اللقب من دولة الطوائف في لبنان، الا ترون الشبه بين لبنان الطوائف ، وعراق التقاسم الطائفي !. أما رئيسنا الموفور اللحم والشحم فقد إختار لقب( فخامة الرئيس ) ، وهو لقب قريب الشبه من (ضخامة ) على أية حال .
لم يكن لنبينا الأكرم، سوى لقب واحد، هو ( رسول الله) . لم يُلقب بقداسة ولا فخامة ، ولا عظمة، ولا معالي، ولا حتى جناب، فما بال ربيعي ( معالي ) ، ومالكي ( دولة) ، وطالباني ( فخامة ) .
أيها الناس تواضعوا يرحمكم الله !

كلما كثرت الالقاب قل نفعها
وقصة سليمة باشا لها شبيه عندنا فى مصر اوائل القرن العشرين كانت مصر حينها اسمها السلطنه المصرية ولم يكن المصريين معتادين على لقب سلطان وكانت هناك مطربة مصرية شهيره جدا اسمها منيره المهدية كانت سيدة الغناء فى زمانها وكانت من الشهرة والثراء ان تمتلك عوامة على النيل وكان فى ذلك الزمان امر شديد الرفاهيه فارادة السلطانه الجديد زوجة السلطان حسين كامل السلطانة ملك قشم ان تشترى العوامة الخاصة بمنيرة المهدية فارسلت اليها فرفضت منيره المهدية وقالت للسلطانه ملك عندما احتد بينهما النقاش كلمتها الشهيرة ان كنت سلطانة مصر فانا سلطانة الطرب
وظلت منيرة المهدية تلقب بسلطانة الطرب

شكرا اخي على المعلومة ....

وجزاك الله خيرا ,,,,,,,,,,,,,,

(فأرادت السلطانة ان تشتري لنفسها حين تصورت ان كل ما حولها هو لها بما تحوز من اموال فعارضتها سلطانة اخرى)
شكرا لكم وطاب مروركم على مقالة الاخ صباح الرائعة
التي توضح زمان الالقاب البراقة الكاذبة هذا..

[align=center]
بارك الله فيكم وجزاكم الله خيراً
ولكم أجمل تحية
[/align]