الدورى المصرى..ليه؟

الدورى المصرى..ليه؟
5مارس 2009:
خالد توحيد

من ينظر الآن إلى ساحة الكرة المصرية ، لن يتعب كثيرا في اكتشاف كم التغير الهائل في مستوى ، وشكل ، وأسلوب ، وتفاصيل المسابقة الأهم ، والأكثر جماهيرية –مع أنها ليست الأولى أوالاقدم- وهى بطولة الدوري.

في هذا الموسم تغيرت أشياء كثيرة، ومن السهل جدا عينا اكتشاف حجم الملامح الجديدة، التي تضرب كل ركن..وكل زاوية..وتترك بصماتها في كل اتجاه!

أنظر إلى نتائج المباريات ، وتابع التفاصيل الدقيقة في هذا الملعب أوذاك ، وراقب الأرقام ، والإحصاءات ، وقتها لن يكون من الصعب بالمرة أن تعترف بأن البطولة تعيش أوقاتا استثنائية تماما.

وصلت بطولة الدوري المصري هذه الأيام إلى مابعد ثلثي عمرها ، وحتى هذه اللحظة لم يضمن أحد أي شيء ، لاأحد من فرق المقدمة تجرؤ على التفكير في حسم مركز من المراكز ، ولاحتى الاهلى -بكل ماله من قوة وباع كبير- وصل إلى منطقة الأمان ، التي يعرفها الكل في مصر ، وهى انطلاقه بقوة وثبات نحو المنصة التي عايش الصعود إليها مرارا وتكرارا ، وأقصد بالطبع قمة جدول البطولة ، فإلى هذه لم يطمئن الاهلى إلى إحراز اللقب ، وربما كان هناك من جماهيره العريضة ، التي تنتشر على امتداد خريطة مصر ، في الاتجاهات الجغرافية الأربع ، من يشعر بالخطر ، ويداهمه الإحساس في لحظة أن اللقب غير مضمون هذا الموسم.

ربما كان من بين الأشياء التي يراها البعض اقرب إلى التحقق ، وهو من الجديد أيضا هذا الموسم ، هو ظهور ملامح الثلاثة الأقرب إلى الرحيل عن "مسابقة الأضواء"، إلى الدرجة الأدنى ، وهو مالم يحدث من قبل ، باعتبار أن المألوف دوما ، كان يتمثل في الحسم المبكر للمنافسة على هوية البطل ، وكانت في الأغلب الأعوام حمراء خالصة ، إذ لم يكد ينقضي الكثير من الجولات العشر الأخيرة ، حتى يبدو الاهلى هو الأقرب ، والأوفر حظا في البطولة ، وماهى إلا جولة أوأكثر حتى تعلن الأرقام رسميا عن الحصول على "الجائزة الكبرى".

الدوري المصري في سنواته الأخيرة ، يضم 16 فريقا ، ووفق هذا النظام يلعب كل فريق 30 مباراة بنظام الذهاب والعودة ، وقد حدث في النسخة الأخيرة من البطولة ، أن قدم الاهلى نفسه على أنه البطل القادم ، وظل يتقدم بخطوات ثابتة ، حتى عبر الجولة العشرين ، فاتسع الفارق كثيرا ، وفى الجولة "رقم 25"انتهى كل شيء ، ولم يعد أمام الناس سوى متابعة صراع باهت وسخيف..ولا طائل منه ، لمعرفة من سيهبط إلى دوري الدرجة الأدنى ، ولم تكن ملامح الموسم السابق بعيدة كثيرا عما جرى في مواسم كثيرة سبقته ، ربما كانت هناك حالات استثنائية عابرة ، استمر فيه الصراع ممتدا بعض الشيء ، وربما ذهب اللقب إلى فريق غير الاهلى ، ومثل هذا الأمر لم يكن يمثل سوى الاستثناء.. الاستثناء الذي يؤكد قاعدة تقول أن المنافسة الحقيقة غائبة عن الدوري المصري.

وقد يكون من المنطقي هنا أن يخرج من يرد على كلامي هذا متسائلا: ولماذا لاتعتبر أن هذا الموسم يدخل ضمن المواسم الاستثنائية التي تتكلم عنها؟وهنا أرد وأقول أن من يتابع الأرقام التي أفرزتها المسابقة ، طوال السنوات الخمس الماضية ، سوف يجد مايثير دهشته ، ففي مثل هذا التوقيت –أي في مرحلة تنافسية كتلك التي يعيشها الدوري هذا المواسم- كان الفارق بين صاحب المركزالاول والأخير، يدور حول 47 نقطة ، وكان ذلك منذ خمس مواسم بالتمام والكمال ، وفى الموسم الماضي تراجع نفس الفارق إلى 35 نقطة ، وفى هذا الموسم واصل الفارق تراجعه ليصل إلى 25 نقطة ، وفوق هذا وذاك لم يعد أكثر من نصف فرق البطولة مهددا بالهبوط ، بل هناك شريحة كبيرة جدا تنافس على المراكز المتقدمة ، والاهلى نفسه لايفصله عن صاحب المركز الثاني سوى نقطتين ، إلى جانب مباراة واحدة مؤجلة ، وهناك من يقف على خطوة أخرى ، أوخطوتين ، وكل الاحتمالات واردة بالطبع..حتى إشعار أخر.

ماجرى في الدوري المصري له أسبابه المنطقية ، فلم يكن ماجرى راجعا لفراغ ، فهناك العديد من الأسباب ، وللأسف ليس من بينها دور اتحاد الكرة الذي كان من المفترض أن يكون عمله ، وجهده ، وفكره ، وتخطيطه السر في كل هذا..ولكن هيهات. ماهى الأسباب؟ هذا هو موضوع المقال القادم..

"نقلاً عن جريدة ستاد الدوحة"