بسم الله الرحمن الرحيم
تطوير الذات ( 2 )
إن الدنيا لاتأتى دائما على ما نحب وما كل مايتمنى المرء يدركه ، والعاقل هو الذى يتكيف مع واقعه كيفما كان .. وما دام لا يستطيع التغيير إلى الأحسن .. فيتعامل مع المعطيات التى بين يديه .. ويعيش حياته فلا وقت فيها للهم .
فكثير من الناس يجعل الحل هو الإكتئاب الدائم .. والتأفف من واقعه .. وكثرة الشكوى إلى من عرف ومن لم يعرف !! إذن ماهو الحل ؟!!
كن جميلا ترى الوجود جميلا ، فإذا لم يكن ماتريد فاردُ ما يكون !!!
وارْضَ بما قسم الله فكان حريا بكل مُبْتلى أن يعرف هدايا الله تعالى إليه قبل أن يعد مصائبه عليه ؛ فإن حرمك من المال فقد أعطاك الصحة ، وإن حرمك منها .. فقد أعطاك العقل .. فإن فاتك .. فقد أعطاك السلام ، وهنيئا لك أن تعيش عليه وتموت عليه .. فقل الحمد لله ؛ فانظر للجوانب المشرقة فى حياتك قبل أن تنظر للمُظلمة لتكون أسعد ، وعندما تتعامل مع الناس فإنهم يعاملونك فى الغالب على ما يريدون هم .. لا على ماتريد أنت .. فليس كل من قابلته ببشاشة بادلك ببشاشة مثلها .. فبعضهم يسئ الظن ويسألك مم تضحك ؟!! ولا كل من أهديت له هدية .. رد لك مثلها .. فبعضهم قد تهدى إليه ثم يغتابك فى المجالس ويتهمك بالسفه وتضييع المال .. !! ولا كل من تفاعلت معه فى كلامه .. أو أثنيت عليه وتلطفت معه فى عباراتك قابلك بمثلها .. فإن الله تعالى قسم الأخلاق كما قسَّم الأرزاق والمنهج الربانى هو : ( ولا تستوى الحسنة ولا السيئة ادفع بالتى هى أحسن فإذا الذى بينك وبينه عداوة كأنه ولى حميم )
وبعض الناس لا حل له ولا إصلاح إلا أن تتعامل معه بما هو عليه أو تفارقه .
وانظر إليه صلى الله عليه وسلم يتعامل مع الناس بعقله لا بعاطفته .. كأن يتحمل أخطاء الآخرين ويرفق بهم . وما كان الرفق فى شئ إلا زانه .. وما نزع من شئ إلا شانه .. ذُكِر أنه صلى الله عليه وسلم لما فتح مكة جعل يطوف بالبيت فأقبل فضالة بن عمير .. رجل يُظهر الإسلام .. فجعل يطوف بالبيت خلف النبى صلى الله عليه وسلم .. ينتظر منه غفلة ليقتله .. !! فلما دنا من النبى عليه الصلاة والسلام .. إنتبه إليه وقال : " أفضالة ؟ " قال : نعم .. فضالة يارسول الله ، قال : " ماذا كنت تحدث به نفسك ؟ " ، قال : لاشئ كنت أذكر الله ، فضحك النبى صلى الله عليه وسلم .. ثم قال : " إستغفر الله " ، قال فضالة : ثم وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على صدرى ؛ فسكن قلبى ، فوالله مارفع رسول الله صلى الله عليه وسلم .. حتى ما خلق الله شئ أحب إلى منه .. وكان فضالة بعدها من صالحى المسلمين ، وكان صلوات الله عليه يملك قلوب الناس بالعفو عنهم يتحمل الأذى فى سبيل التأثير فيهم .. وجرهم على الخير ، أنظر هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يطأ حُظوظ النفس وشهوة الإنتقام يوم فتح مكة حينما دخلها منتصرا على قريش وعندما سألهم صلى الله عله وسلم قائلا : " ماتظنون إنى فاعل بكم ؟ " قالو : خيرا أخ كريم وابن أخ كريم .. فقال صلى الله عليه وسلم : " إذهبوا فأنتم الطلقاء " ..
وبعد فإن تهذيب النفس وتطوير الذات للذى لديه العزيمة والإصرار على تطوير مهاراته والإستفادة من قدراته ومهارات الآخرين ؛ فلا يقف جامدا ًً مكتوف اليدين أمام هذه المهارات ... كالكلمة الطيبة ، والوجه البشوش ، والرفق بالنفس وبنفوس الآخرين ، والعفو عند المقدرة ، الصدق ، .. وغيرها.
كلمة أخيرة وهى الإهتمام بالمظهر لا الإسراف في الملابس أو السيارة أو الأثاث أو ....... وغيرها ؛ فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتنى بهذه النواحى كثيرا ؛ فقد كان له حلة يلبسها فى العيدين والجمعة ، وكانت له حلة يلبسها فى استقبال الوفود .. كان يعتنى بمظهره ورائحته ، وكان يحب الطيب ، وكان عليه الصلاة والسلام يأمر المسلمين بمراعاة المظهر من حسن السمت وجمال الشكل واللباس وطيب الرائحة .. وكان يردد فى الناس قائلا : " إن الله جميل يحب الجمال " رواه مسلم ، فالنظرة الأولى إليك تطبع فى ذهن المقابل سبعون فى المائة من تصوره عنك .
ولو أتيت إلى حديقة المعلم صلى الله عليه وسلم ـ سيرته العطرة ـ لوجدت فيها قطوفا وثمارا دانية ؛ لعلك إذا دخلتها اقتطفت زهرة من هنا وزهرة من هناك تملأ من عبيرها صدرك فيستقيم أمرك ويرتفع قدرك ..
29-11-2010, 01:21 PM
تطوير الذات ( 2 )
المواضيع المتشابهه
العرض العادي
