تطوير الذات ( 1 )

بسم الله الرحمن الرحيم

تطوير الذات ( 1 )

ليس الفتى من يقول كان أبى ... ولكن الفتى من يقول هأنذا

هذا بيت شعر حفظته فى الصغر فوجدت أنه منهاج حياة وأسلوب للنجاح فى الحياة ؛ فليس النجاح أن تكتشف ما يحب الآخرون ..إنما النجاح أن تمارس مهارات تكسب بها محبتهم . ومنهجنا سهل وميسور ولكنه يحتاج إى صبر ومثابرة وتدريب وتطوير؛ فتطوير الذات أمر مطلوب ومهاراتك فى التعامل مع الآخرين هى التى على أساسها تتحدد طريقة الناس فى التعامل معك .. ومنا من يتجاوز القدرة على تطوير مهاراته إلى قدرة على تطوير مهارات الناس .. وربما تغييرها للأقوم .

فالإنسان يعيش فى المجتمع يتفاعل هو معه ويتفاعل المجتمع معه .. بمعنى أن يكون التأثير متبادلا فيؤثر أو يتأثربالإيجاب وليس بالسلب

حتى يستطيع التكيف معه وتكون علاقته دافعة له على التقدم والرقى

فإذا مااحتاج إلى تغيير أو تطوير فى معاملاته ومنهاج حياته وجب عليه أن ينتهج السبيل القويم ليكون التغيير أو التطوير متمشيا مع ما يتمناه ويرجوه .. قال تعالى : ( لايغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) .

وتطوير الذات يرتبط إرتباطا جذريا فى المهارات التى تستخدمها

للتعامل مع الناس ويختلف الناس بقدراتهم ومهاراتهم فى التعامل مع الآخرين وبالتالى يختلف الآخرين فى الإحتفاء بهم أو معاملاتهم .. والتأثير فى الناس وكسب محبتهم أسهل مما تتصور .. فالناس يتأثرون بطريقة تعاملنا وإن لم نشعر ؛ فمن كان بشوشا مبتسما

ملك قلب غيره ولا يتأتى ذلك إلا أن نتعود على هذه المهارات فتصبح من طبعنا .. يلاحظها الناس إذا أغفلنا عنها ؛ فعندماتتعامل مع الآخر تعاملا رائعا يجعله يشعر أنه أحب الناس إليك ومثل ذلك تعاملك مع أبيك .. أمك .. زوجتك .. أولادك .. زملائك .. كل هؤلاء تستطيع أن تجعلهم يُجمعون على أنك أحب الناس إليهم .وقد كان صلى الله عليه وسلم قدوة فى ذلك ؛ إذ أن من يتتبع سيرته العطرة.. وجد أنه كان يتعامل بمهارات أخلاقية راقية .. فيعامل كل أحد يلقاه بمهارات من احتفاء وتفاعل وبشاشة .. حتى يشعر ذلك الشخص أنه أحب الناس إليه .. وبالتالى يكون هو أيضا صلى الله عليه وسلم أحب الناس إليهم .. لأنه أشعرهم بمحبته .

فتأمل كيف يكون هذا الحب جاذبا للناس .. فلو مارسنا هذا الحب مع الناس .. مهما كانوا .. لملكنا قلوبهم ؛ فبالرفق واستعمال مهارات التعامل والإقناع نستطيع أن نحقق ما نريد ؛ فالمهارات متعة حسية ، لاأعنى بها الأجر الأُُخروى فقط ، لا وإنما هى متعة وفرح تشعر به حقيقة .. فاستمتع بها ومارسها مع جميع الناس كبيرهم وصغيرهم ، غنيهم وفقيرهم ، قريبهم وبعيدهم .. كلهم .. مارس معهم هذه المهارات .. إما لاتقاء أذاهم أو لكسب محبتهم أو لإصلاحهم .

مارسها مع أهل بيتك فنحن كم ضايقنا طباع لأولادنا أو أصدقائنا فهل سعينا لتغييرها فغيرناها ؟

ومن باب أولى أن تقدر أنت على تغيير طباعك فتقلب العبوس تبسما ، والغضب حلما ، والبخل كرما ، وهذا ليس صعبا لكنه يحتاج إلى عزيمة ومراس .

ومن نظر فى سيرة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وجد أنه كان يتعامل مع الناس بقدرات أخلاقية ملك بها قلوبهم .. ولم يكن صلى الله عليه وسلم يتصنع هذه الأخلاق أمام الناس .. فإذا خلا إلى أهل بيته انقلب حلمه غضبا .. ولينه غلظا ..لا .. ما كان بسَّاما مع الناس عبوسا مع أهله بيته ، ولا كريما مع الخلق إلا مع ولده وزوجه .

قال صلى الله عليه وسلم " خيركم خيركم لأهله ، وأنا خيركم لأهلى " رواه الترمذى وإبن ماجة ( صحيح ) .

كانت أخلاقه سجية .. يتعبد لله تعالى بها .. كما يتعبد بصلاة الضحى وقيام الليل .. يحتسب لإبتسامته قربة ورفقه عبادة وعفوه ولينه حسنات .. إن من اعتبر حسن الخلق عبادة تحلى بها فى جميع أحواله ، فى جوعه وشبعه ، وصحته ومرضه بل فرحه وحزنه .

ويجب أن يكون التعامل مع الناس بنفس الدرجة فلا فرق بين غنى أو فقير فلعل ابتسامة فى وجه فقير .. ترفعك عند الله درجات .

كما يجب أن يكون التعامل باللين والمهارات العاطفية مع البنت والزوجة .. وقبل ذلك الأم والأخت ؛ فالمرأة لايكرمها إلا كريم ، ولايهينها إلا لئيم ، وقد تصبر المرأة فقر زوجها وقبحه وانشغاله لكنها قل أن تصبرعلى سوء خلقه .

ولاتنظر إلى نفسك نظرة دُونِيَّة .. تنظر إلى الواقفين على قمة الجبل وترى نفسك أقل من أن تصل إلى القمة كما وصلوا ، أو على الأقل أن تصعد كما صعدوا فإن سباق الألف ميل يبدأ بخطوة حسبك أن تخطوها !!

ومن يتهيب صعود الجبال .... يعيش أبد الدهر بين الحفر .. واصعد بخطوات واثقة .... ولا تقفز فتزل قدمك .

وليس مهما أن تنجح دائما ولكن كى يكون النجاح حليفك إبدأ بما انتهيت وحاول .. وحاول فإن الإصرار والعزيمة القوية هما طريقا واحدا تصل به إلى مُبْتغاك ويستقيم لك ما أفردت له من أعمال وأقوال لتكسب بها قلوب شتى .

من قراءاتى .

موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .