الأردنيون بين انتحار وقتل واغتصاب

لأسباب اجتماعية ونفسية

الأردنيون بين انتحار وقتل واغتصاب

أحد وسائل الانتحار

يعاني الأردنيون من الضغوط المختلفة، منها ما هو اجتماعي وما هو نفسي، مما أدى إلى ارتفاع حالات الانتحار وجرائم القتل والاغتصاب ، حيث شهدت ارتفاعاً ملحوظا للمرة الاولى منذ سنوات.

واكد الدكتور حلمي ساري رئيس قسم علم النفس في الجامعة الأردنية أن الفقر وضغوط الحياة ووجود سيكولوجيا ضعيفة لدى بعض الأفراد في مواجهة الظروف الصعبة، كلها عوامل تدفعهم لمحاولة الانتحار.

ورأى الطبيب مؤمن الحديدي مدير المركز الوطني للطب الشرعي بحسب جريدة " الغد " الأردنية، أن زيادة حالات الانتحار أو الشروع به قد يعود إلى زيادة عدد الطلاب لا سيما وأن محاولات الانتحار تكثر في نتائج الإمتحانات وما ينجم عنها من كآبة بالاضافة إلى زيادة عدد السكان وتنوعهم والظروف الإقتصادية والمادية والابتعاد عن الدين.

وهذا ما أكدته أجهزة الشرطة حيث ذكرت أنه عبر تلك الفترة تنتشر المخالفات والسلوكيات الخاطئة التي يرتكبها المواطنون ، إثر ظهور نتائج الثانوية العامة، مشيرة إلى أنه تم خلال نتائج الثانوية العامة العام الماضي، رصد محاولتي انتحار من قبل طلبة لم يحالفهم الحظ بهذه النتائج، الاولى في الزرقاء والثانية في الرصيفة.

وبحسب الحديدي فإن حالات الإنتحار تغيرت، اذ اصبحت حالات الجادين في الانتحار اكثر من حالات الشروع في الانتحار، مشيرا إلى أن حالات الشروع في الانتحار كانت اكثر في السابق، حيث كان هناك اشخاصا على عمارات يحاولون الانتحار لجلب الانتباه لهم.

وأشار الحديدي أن الأردن كان يسجل من 17 الى 20 حالة انتحار سنوية، اما الآن فيسجل حوالي 70 حالة انتحار سنوية.

محاولات استعراضية

ورأى الدكتور ساري أن محاولات الانتحار التي شهدها الأردن مؤخرا "كانت محاولات استعراضية"، وتابع : "شاهدنا أشخاصا يحاولون الانتحار بعد أن يقوموا بالاتصال بوسائل الإعلام لتغطية محاولاتهم هذه، وشاهدنا أنهم لم ينتحروا لأنهم كانوا يودون الاستعراض".

ويحمل الدكتور ساري وسائل الإعلام جزءا من "تعزيز هذا السلوك الاستعراضي"، ويلفت إلى أن بعض التغطيات الإعلامية كانت متعاطفة مع محاولي الانتحار وهو ما عزز لدى آخرين سلوك هذا الطريق الاستعراضي.

ويؤكد ساري بحسب ما ورد يموقع " الجزيرة نت " الإخباري، أنه لا يمكن اعتبار محاولات الانتحار بالأردن "ظاهرة أو مشكلة اجتماعية"، ويرى أن "القيم الدينية التي تجرم هذا الفعل تشكل درعا واقيا من تحولها إلى ظاهرة أو مشكلة".

وعلى الطرف الآخر يرى الدكتور محمود أبو دنون المدير السابق للمركز الوطني للطب النفسي أن الكثير من حالات أو محاولات الانتحار يتم إخفاؤها لأسباب تتعلق بالخوف من النظرة الاجتماعية خاصة إذا كانت المنتحرة أو التي حاولت الانتحار فتاة.

وقال أبو دنون : " إنه لا يوجد سجل رسمي يمكن لنا أن نعرف من خلاله حجم محاولات الانتحار الحقيقي في الأردن".

الأمراض النفسية

وأكد الدكتور أبو زنون أن العديد من الأمراض النفسية يمكن أن تؤدي بأصحابها إلى الانتحار، وأضاف أن مرض الاكتئاب المزمن يوصل المريض به لدرجة يرى فيها أن الموت أسهل عليه من الحياة في ظل هذا المرض، ومرض الفصام العقلي قد يدفع المصاب به لاتخاذ قرار بناء على أوهام وهلوسات سمعية لاتخاذ قرار بقتل نفسه.

انتحار احد الاشخاص

وأوضح أبو زنون أن المدمنين يصابون بأعراض انسحابية تصل بهم لمرحلة من الاكتئاب تؤدي للانتحار، إضافة لأصحاب السلوك الانفجاري الذي قد يدفع شخصا في سورة غضب غير منضبطة لقتل نفسه بطريقة غير محسوبة من قبله.

ومؤخرا استحدثت مديرية الأمن العام في الأردن وحدة تم تدريبها على التفاوض مع محاولي الانتحار والمتهمين بقضايا إرهابية.
ونجحت الوحدة في منع العديد من محاولات الانتحار التي شهدتها مدن أردنية مؤخرا حيث تابع مواطنون بعضها في الهواء الطلق.

الأسرة ودورها

وكشف الدكتور مجد الدين خمش استاذ علم الاجتماع في جامعة الاردنية أن حالات الإنتحار بين الشباب وخاصة المراهقين والمراوهقات مشكلة كبيرة وهي تعبر عن الشعور بالفشل .
وقال الدكتور خمش بحسب ما ورد بموقع "عمان نت ": " في الأردن حالات محدودة تستحق الاهتمام، فحالات الانتحارعديدة في الاردن ، ويتعلق السبب الاساسي بالعلاقات الاسرية وليس الفقر والبطالة انما الاسرة وكيف تتعامل مع المراهق او المراهقة ونلاحظ نسبة من الاسر في المناطق الشعبية والبيئة الريفية يكو ن فيها نوع من التسلط والديكتاتورية , والتعامل مع المراهق يتميز بالتسلط وعدم اشعار المراق بالاحترام والتقبل , اذ ان التنكيل المستمر على المراهق من قبل الاب او من قبل الوالدين احيانا الاخ الاكبر وتكرارها ".

وأكدت احدى معلمات وزارة التربية والتعليم ما قاله الدكتور خمش، حيث ذكرت أن العامل الأول والأهم في حالات الانتحار التي تقع بين طالبات المدرسة واللواتي تمتد اعمارهن من 12-14 سنة , يقع على عاتق الاسره التي تعتبر اللبنة الاولى في تكوين الفرد بتجلياته الجسدية والنفسية .

وأضافت المعلمة أنه اذا امتدت الأعمار فوق 14 سنة فهناك عوامل خارجية تدفع الفرد للانتحار مثل الوضع الاجتماعي والاقتصادي.

وأكدت المعلمة من خلال علاقاتها الخاصة مع الطالبات، أن الاضطرابات العائلية والظروف النفسية والعلاقة بين الاب والام وطريقة التعامل مع هذا السن يدفع الطالبة، الى الانتحار ولو من باب الاستعراض او التنبيه الى وضعها الاجتماعي.

قتل واغتصاب

كما شهد الأردن ارتفاع جرائم القتل، بحيث اصبح يقع نحو 250 جريمة قتل سنوية بعد أن كان العدد يتراوح مابين 60 و80 حالة سنويا .
واضاف الحديدي أن حالات الاغتصاب ازدادت لتصل إلى 100 حالة سنويا، بعد ان كان عددها بسيطا خلال السنوات الماضية .

أحد جرائم القتل

واوضح الحديدي أن "المركز الوطني للطب الشرعي يقوم بتشريح حوالي ثلاثة الاف جثة سنويا منها 250 حالة قتل و700 حادث سير و1000 حالة وفاة فجأة لشباب او لاشخاص في منتصف اعمارهم، بعد ان كان يشرح نحو 300 جثة خلال السنوات الماضية".
واكد الحديدي ان المركز يقوم بفحص عذرية ما "لا يقل عن 1200 حالة" فتاة سنويا يأتين الى المركز طوعا.
واضاف الحديدي : "انا لا انصح باجراء هذا الفحص الا في غايات نفي او اثبات جريمة الاغتصاب"، مشيرا الى ان هناك اهتماما من قبل الشباب والمجتمع بهذا الموضوع وربط هذه العذرية بغشاء البكارة وبالتالي اصبح كثير من الناس لا يتزوجون الا بعد ان يتأكدوا من سلامة غشاء البكارة، وخلص : "انا ضد فحص العذرية قبل الزواج لانه يمس كرامة الانثى ويشكك في شرفها".

اغتصاب الأطفال يتفوق على النساء

فقد أعلنت الأرقام الرسمية أن الاردن يسجل ما بين 1300 الى 1400 حالة اعتداء ***ي على الاطفال سنويا، حيث إن مغتصبو الاطفال في الاردن يواجهون بحسب جريدة " الوطن" الأردنية، عقوبة الاعدام شنقا .

وقالت إسراء الطوالبة أول طبيبة شرعية في المملكة الاردنية : "إن كل حالة تدرس بشكل منفصل وفي بعض الأحيان تتنازل عائلة الطفل المعتدى عليه عن حقها القانوني مما يخفض العقوبة".
وأضافت الطوالبة أن هناك حوالى خمسة ألاف شكوى حول تعرض نساء إلى الاغتصاب تسجل سنويا لكن ما بين 60 إلى 70 حالة فقط تثبت صحتها.
إلا أن الطوالبة قد أشارت فى وقت سابق خلال ندوة حول دور المرأة في العلاج أن حالات اغتصاب الأطفال أكثر انتشارا في الأردن من اغتصاب النساء . كانت محكمة الجنايات الكبرى الأردنية قد أصدرت الأسبوع الماضي حكما بالإعدام شنقا بحق رجل فى الأربعين اغتصب فتاة لا يتجاوز عمرها 15 عاما تسع مرات مطلع العام الحالي .
وأوضحت الطوالبة أن "هذا يعود إلى طبيعة المجتمع، فبالنسبة للمغتصبين من الأسهل عليهم إيجاد الأطفال".

توجه للحد من اغتصاب الأطفال

وأثر نشر تقرير يفضح وجود 1400حالة اغتصاب و انتهاك لحرمة الأطفال، قرر مجلس الأعيان اتخاذ جملة من الإجراءات والقوانين الرادعة تجاه مغتصبي الأطفال في الأردن، وفقا للعين هيفاء أبو غزالة رئيسة المجلس الأعلى لشئون الأسرة.

وأوضحت أبو غزالة أن وزارة التنمية الاجتماعية تعكف حاليا على إصدار قانون الطفل الذي يضمن حقوق الطفل، ويؤكد على ضرورة إنزال عقوبة صارمة لمغتصبي الأطفال.
ولم تستبعد العين أبو غزالة وجود توجه أو فكرة في مجلس الأمة لدعوة القائمين على هذه الدراسة لاستيضاح أكثر حولها في خطوة تبادر فيها المؤسسة التشريعية بالأردن للمساهمة في حل المشكلة.
وأشارت أبو غزالة إلى أن حالات الاعتداء ال ***ي على الأطفال التي وردت بالتقرير لم تفسر طريقة الاعتداء، مطالبة ببذل مزيدا من الجهد لتوفير الدعم الملائم لحماية الأطفال من العنف.

أسباب وتوجيهات

ويعتبر نقص الوعي الثقافي ال ***ي لدى الأطفال، سبباً أساسياً يعرضهم للتحرش ال ***ي من قبل أفراد العائلة والمجتمع .
وشددت أبو غزالة على دور الأهل في توعية الطفل والانتباه من أي دخيل على الأسرة،" غالبا ما يكون موقف الأهل سلبيا في مواجهة هكذا قضايا حيث في الأغلب يتم التنازل عن الحق الخاص خوفا من العار". مما ساهم بعدم الظهور الأرقام الحقيقة لهذه الحالة وفقا للمختصين.

عقوبات الإغتصاب

وأوضحت المحامية تغريد الدغمي، أن الاعتداء ال ***ي على الاطفال لم يصل الى حد الظاهرة في الاردن، مبينه ان القانون شدد على اعطاء عقوبات مغلظة على كل من يعتدي على قاصر.
هذا ويعاقب قانون العقوبات في، مادته 292 رقم 9 ببند الاغتصاب ينص على ان كل شخص أقدم على اغتصاب فتاة لم تتم الخامسة عشرة من عمرها يعاقب بالإعدام".
في حين نصت المادة "294" من قانون العقوبات "من واقع أنثى "غير زوجة" أكملت الخامسة عشرة ولم تكمل الثامنة عشرة من عمرها عوقب بالأشغال الشاقة المؤقتة مدة لا تقل عن خمس سنوات.
أما المادة "295" فقد نصت "من واقع أنثى أكملت الخامسة عشرة ولم تكمل الثامنة عشرة من عمرها وكان الجاني احد أصولها سواء كان شرعياً أو غير شرعي أو واقعها احد محارمها أو من كان موكلا بتربيتها او رعايتها أو له سلطة شرعية أو قانونية عليها عوقب بالأشغال الشاقة المؤقتة مدة لا تقل عن عشر سنوات. ويقضي بالعقوبة نفسها إذا كان الفاعل رجل دين أو مدير مكتب استخدام أو عاملا ًفيه فارتكب الفعل مسيئا استعمال السلطة أو التسهيلات التي يستمدها من هذه السلطة".

جرائم الشرف

وتعد جرائم الشرف من القضايا التي صارت من القضايا الاشكالية التي باتت تطرح نفسها بقوة على الشارع الشعبي في الاردن ، وسط اعتقاد بأن للفقر والبطالة وارتفاع مستوى غلاء المعيشة الى جانب وجود اكثر من 60 الف عانس دورا بارزا في الوقوف خلفها .
وخضعت جرائم الشرف في الأردن لجدل واسع من حيث القوانين السارية التي تمنح عذراً مخففاً للقاتل في حال ادعائه بان سبب جريمته الدفاع عن شرفه، غير ان المفاجأة الكبرى تقع عندما يجد الطب الشرعي ان المغدورة ما زالت عذراء.

وأثارت الجرائم التي بعضها صائب وتدخل حقا ضمن "سورة الغضب" ومنها ما يتخفى وراءها، حالة استفزاز وسط الفعاليات النسوية، التي طالبت البرلمان بإعادة النظر في العقوبات التي تشتمل على عذر مخفف، واعتبرت ان القاتل في هذا النوع من الجرائم بات يقع ضحية عادات وتقاليد سائدة.

ولكن على الرغم من هذا الإستياء إلا أن مجلس النواب الاردني "البرلمان" قد رفض مرتين تغيير قانون العقوبات وإنهاء العقوبة المخففة ضد مرتكبي جرائم الشرف التي تتراوح بين ثلاثة اشهر إلي عام واحد علي الرغم من ضغوط ودعوات المنظمات التي تعني بحقوق الانسان.