قصيدة للإمام عَلي الهادي
باتوا على قُلل الاجبال تحرسهم
غلب الرجال فما أغنتهم القللُ
واستنزلوا بعد عز معاقلهــم
وأودعوا حفرا يا بئس ما نزلوا
ناداهم صارخ من بعد ما دفنوا
أين الاسِرّة والتيجان والحُلَلُ
أين الوجوه التي كانت منعّمةً
من دونها تضرب الأستار والكللُ
أين الرماة ألم تُمنع بأسهمهم
لما أتتك سهام الموت تنتصــلُ
أين الأحبة والجيران اجمعهم
أين الأطباء ما اغنوا ولا الحيَـلُ
ما ساعدوك ولا واساك أقربهم
بل سلّموك لها يا قبح ما فعلـوا
ما بال ذكرك منسياً ومطّرحا
وكلهم باقتسام المال قد شغلوا
ما بال قبرك وحِشا لا أنيس به
يغشاه من جانبيه الروع والوَهلُ
ما بال قبرك لا يأتي به أحدٌ
ولا يمر به من بينهم أحــدُ
فافصح القبر عنهم حين ساءلهم
تلك الوجوه عليها الدود يقتتلُ
قد طال ما أكلوا دهرا وما شربوا
فأصبحوا بعد طول الأكل قد أُكِلوا
ولها لما كنزوا الأموال وادخروا
فخلفوها على الأعداء وارتحلـوا
ولطالما شيّدوا دورا لتحصنهم
ففارقوا الدور والأهلين وانتقلـوا
قصيدة للإمام علي زين العابدين
ليس الغريب غريب الشام واليمن
بل الغريب غريب اللحد والكفنِ
تمرّ ساعات أيامي بلا نـــدمٍ
ولا بكاء ولا خوف ولا حـزنِ
سفري بعيد وزادي لا يبلغـني
وقسمتي لم تزل والموت يطلبـني
ما احلم الله حين امهلــني
وقد تماديت في ذنبي ويسترنـي
أنا الذي اغلق الأبواب مجتهدا
على المعاصي وعين الله تنظرني
يا زلة كتبت يا غفلة ذهبت
يا حسرة بقيت في القلب تقتلني
دع عنك عذلي يا من كان يعذلني
لو كنت تعلم ما بي كنت تعذرني
دعني أنوح على نفسي واندبها
واقطع الدهر بالتذكار والـحزن
دعني أسح دموعا لا انقطاع لها
فهل عسى عبرة منها تخلصـني
كأنني بين تلك الأهل منطرحا
على الفراش وايديهم تقلبنـي
قد أتوا بطبيب كي يعالجني
ولم أر من طبيب اليوم ينفعني
وأشتد نزعي وصار الموت يطلبني
من كل عرق بلا رفق ولا هونِ