منتديات شو ون شو  

العودة   منتديات شو ون شو > مــنــــتـــدى الــعــــلـــوم الإســــــلامـــــيـــــــــة > القرآن الكريم وعلومه وتلاواته وإعجازه وقضاياه
التسجيل مشاركات اليوم البحث

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 14-11-2010, 04:30 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
إحصائية العضو








آخر مواضيعي


نسيم الايمان غير متواجد حالياً


dfsfsd خصوص الذنب وعموم العقاب






خصوص الذنب وعموم العقاب


في القرآن الكريم آيات كثيرة ترشد إلى أن الإنسان لا يتحمل عقاب ذنب فعله إنسان غيره، ولا يحاسب على جرم ارتكبه شخص آخر، من تلك الآيات قوله تعالى: { ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى } (الأنعام:164)، وقوله سبحانه: { كل امرئ بما كسب رهين } (الطور:21)، ونحو ذلك من الآيات التي تقرر هذا المعنى .
بالمقابل ثمة آيات أخرى، تفيد أن العقاب يلحق بمن ليس له يد في فعله أو ارتكابه، نقرأ في ذلك قوله تعالى: { واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة } (الأنفال:25)، ونحو هذا قوله تعالى: { وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا } (الإسراء:16). فهاتان الآيتان تدلان على أن العقاب يعمُّ الناس جميعاً، مع أن الذنب والمعصية لم يكن منهم جميعاً، بل كان من فئة خاصة ومحددة، فئة الظالمين في الآية الأولى، وفئة المترفين في الآية الثانية .
وقد يبدو للقارئ العَجِل أن بين هذه الآيات تعارضاً وتناقضاً، من جهة أن بعضها يخصص العقاب بفاعل الذنب فحسب، والبعض الآخر يعمم العقاب على الفاعلين وعلى غير الفاعلين، وذلك لا يستقيم في شرائع البشر، فكيف يستقيم في شريعة خالق البشر؟ هذا وجه التعارض بين الآيات الآنفة الذكر .
وقد أجاب أهل العلم على هذا السؤال جواباً يزيل الإشكال، ويرفع ما يبدو من تعارض وتناقض بين تلك الآيات، فقالوا:
إن الأصل في العقاب أن يكون خاصاً، لكن لما كان الناس يعيشون في مجتمع واحد، ويتقاسمون معاً أفراح الحياة وأتراحها، كان عليهم أن يتحملوا المسؤولية الجماعية في بناء هذا المجتمع، ووضعه على مساره الصحيح، فإذا حاول البعض أن يخرق هذا المسار، أو أن يغير من اتجاهه، فإنه يتعين على الآخرين الأخذ على يده، وإعادته إلى جادة الصواب والرشاد، فإذا لم يفعلوا ذلك كان عليهم أن يتحملوا نتيجة ذلك التقصير .
إذن العقاب من حيث الأصل شخصي وفردي وهو جار كذلك، إذا لم يكن للذنب المرتكب تأثير على المجتمع، أما إذا كان الذنب يتعدى حدود الشخص وحدود الفرد، فإن على المجتمع في مثل هذه عليه الحالة أن يتحرك ليحفظ جانبه، ويحمي أمنه، فإن لم يفعل ذلك كان مقصراً، وبالتالي عليه أن يتحمل عاقبة هذا التقصير .
ونمثل لذلك بمثال يقرِّب الأمر، ويوضح المسألة، فنقول: إن الولد إذا فعل فعلاً مضراً بالآخرين، كأن يسب أو يشتم أهل الحي الذي يقيم فيه، أو يسرق بيتاً من بيوت ذلك الحي، أو يفعل شيئاً من هذا القبيل، فلا يمكن والحالة هذه أن نحاسب الولد فحسب، من غير أن نحاسب أباه أيضاً، فإن أباه مشارك له في كل ما فعل، ويتحمل قسطاً من المسؤولية والمحاسبة على فعل ولده؛ لأنه قصر في توجهيه توجيهاً سلمياً، وأهمل تنشئته تنشئة صالحة، وبالتالي كان عليه أن يتحمل جزاء ما قام به ولده، وليس له أن يقول: إن هذا من فعل ولدي، ولا أتحمل جزاء ما فعل .
وعلى هذا النحو يقال فيما نحن بصدده من الآيات، وذلك أن الناس إذا قصَّروا في واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كان ذلك مدعاة لعموم العقاب، وسبباً لنـزول العذاب، وليس لهم أن يقولوا: ليس الذنب ذنبنا، وليس من العدل عقابنا؛ لأنا نقول: ما داموا مسلمين، ويعيشون في هذا المجتمع معاً، ويتحملون جزءاً من التبعة والمسؤولية، كان عليهم ألا يدعوا الظالم يتمادى في ظلمه، وألا يتركوا أهل الغيِّ يسترسلون في غيهم، بل عليهم أن يأمروا بكل ما هو معروف، وأن ينهوا عن كل ما هو منكر، فإذ هم لم يفعلوا ذلك، فعليهم أن يتحملوا عاقبة أمرهم .
قال ابن العربي القرطبي مقرراً هذا المعنى: " إن الناس إذا تظاهروا بالمنكر، فمن الفرض على كل من رآه أن يغيره، فإذا سكت عليه فكلهم عاص. هذا بفعله وهذا برضاه. وقد جعل الله في حكمه وحكمته الراضيَ بمنـزلة العامل " .
وهذا المعنى الذي قررناه آنفاً، تشهد له أحاديث عديدة، تشد من أزره، وتأخذ بيده إلى مصافِّ السنن الكونية التي أقام الله عليها أمر الحياة، { ولن تجد لسنة الله تبديلا } (الأحزاب:62) .
فمن تلك الأحاديث التي تؤكد على هذا الواجب الاجتماعي، واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قوله صلى الله عليه وسلم: ( مثل القائم على حدود الله والواقع فيها، كمثل قوم استهموا على سفينة، فأصاب بعضهم أعلاها، وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها، إذا استقوا من الماء، مروا على من فوقهم، فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقاً، ولم نؤذ من فوقنا، فإن يتركوهم وما أرادوا، هلكوا جميعاً، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعاً ) رواه البخاري. ومعنى ( استهموا ): اقترعوا، أي: اقترعوا من يجلس في أعلى السفينة، ومن يجلس في أسفلها .
قال القرطبي بعد أن ساق هذا الحديث: " ففي هذا الحديث تعذيب العامة بذنوب الخاصة. وفيه استحقاق العقوبة بترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. قال علماؤنا: فالفتنة إذا عملت هلك الكل. وذلك عند ظهور المعاصي، وانتشار المنكر وعدم التغيير " .
ومنها ما ورد في "الصحيحين" عن زينب بنت جحش رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم استيقظ من نومه فزعاً، وهو يقول: ( لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر قد اقترب، فُتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج... )، قلت: يا رسول الله! أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: ( نعم، إذا كثر الخبث )، و( الخبث ): الزنى .
ومنها ما صحَّ عن أبي بكر رضي الله عنه أنه قال: يا أيها الناس! إنكم تقرؤون هذه الآية: { يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم } (المائدة:105)، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( إن الناس إذا رأوا الظالم، فلم يأخذوا على يده، أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه )، رواه أصحاب السنن إلا النسائي .
ومنها ما روي عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل، كان الرجل يلقى الرجل فيقول: يا هذا! اتق الله، ودع ما تصنع، فإنه لا يحلُّ لك، ثم يلقاه من الغد، فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده، فلما فعلوا ذلك، ضرب الله قلوب بعضهم ببعض، ثم قال: { لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم } (المائدة:78)، إلى قوله: { فاسقون } (المائدة:81)، ثم قال: كلا، والله لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، ولتأخذن على يدي الظالم، ولتأطرنه على الحق أطراً، ولتقصرنه على الحق قصراً ) رواه أبو داود. ومعنى ( لتأطرنه ): أي لتحملنه على الحق والصواب، ولو عن غير إرادة منه .
وفي لفظ آخر عند الترمذي: ( والذي نفسي بيده، لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً منه، ثم تدعونه فلا يستجاب لكم )، قال الترمذي: حديث حسن .
وفي مسند الإمام أحمد أن عديًّا رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( إن الله لا يعذب العامة بعمل الخاصة، حتى يروا المنكر بين ظهرانيهم، وهم قادرون على أن ينكروه، فلا ينكروه، فإذا فعلوا ذلك، عذَّب الله الخاصة والعامة ) .
وقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير قوله تعالى: { واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة }، قال: أمر الله المؤمنين أن لا يُقرُّوا المنكر بين ظهرانيهم، فيعمهم الله بالعذاب. قال ابن كثير معقباً على قول ابن عباس: وهذا تفسير حسن جداً .
وقد يقال أيضاً: إن الآيات التي خصت الجزاء بفاعل الذنب فحسب دون غيره محمولة على عذاب الآخرة، فالأمر يومئذ ينطبق عليه قوله تعالى: { كل امرئ بما كسب رهين }، وينطبق عليه كذلك قوله سبحانه: { يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها وتوفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون } (انحل:111)، فكل إنسان يوم القيامة، يوم الحساب والجزاء، مرتهن بعمله، إن خيراً فخير، وإن شراً فشر .
أما الآيات التي نصت على عموم العذاب، فمحمولة على العقاب الدنيوي، وينطبق عليها الآيات الناصة على عموم العقاب، كقوله سبحانه: { ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون } (الأعراف:96)، وقوله تعالى: { وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون } (النحل:112) .
يرشد لهذا المعنى ما ثبت في "الصحيحين" من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم، يقول: ( إذا أنزل الله بقوم عذاباً، أصاب العذاب من كان فيهم، ثم بعثوا على أعمالهم )، فالعذاب في الدنيا مشترك، أما في الآخرة فالحساب يكون بحسب الأعمال والنيات .
ويرشد له أيضاً ما رواه مسلم عن عائشة رضي الله عنها أنها رأت رسول الله صلى الله عليه وسلم اضطرب جسمه، وتحركت أطرافه في منامه، فقالت: يا رسول الله! صنعت شيئاً في منامك لم تكن تفعله، فقال: ( العجب: إن ناساً من أمتي يؤمون بالبيت برجل من قريش، قد لجأ بالبيت، حتى إذا كانوا بالبيداء خُسف بهم )، فقلنا: يا رسول الله! إن الطريق قد يجمع الناس، قال: ( نعم، فيهم المستبصر، والمجبور، وابن السبيل، يهلكون مهلكاً واحداً، ويصدرون مصادر شتى، يبعثهم الله على نياتهم )، فالمَهْلَك واحد للجميع، أما المرجع والمآب فبحسب الأعمال والنيات .
والمهم في الأمر، أن على الناس أن يأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر، ويبذلوا غاية الوسع في القيام بهذا الواجب الاجتماعي، ولا ينبغي أن يَدَعُوا أهل الفساد يمرحون في المجتمع ويسرحون من غير أن يأخذوا على أيديهم، فإن لم يفعلوا ذلك، فإن العذاب لا شك نازل بهم. فهذه سنة الله في الأولين والآخرين { فلن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا } (فاطر:43) .








رد مع اقتباس
قديم 14-11-2010, 07:46 PM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
إحصائية العضو







آخر مواضيعي


aslam غير متواجد حالياً


افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نسيم الايمان مشاهدة المشاركة





خصوص الذنب وعموم العقاب

.
والمهم في الأمر، أن على الناس أن يأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر، ويبذلوا غاية الوسع في القيام بهذا الواجب الاجتماعي،

بارك اله بك اخى الحبيب نسيم الأيمان اسمح لى بهاذه المداخلة
عَنْ أَبي سَعيدٍ الخُدريِّ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعتُ رِسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقولُ: (مَن رَأى مِنكُم مُنكَرَاً فَليُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَستَطعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَستَطعْ فَبِقَلبِه وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإيمَانِ)[235] رواه مسلم.
الشرح
"مَنْ" اسم شرط جازم،و: "رأى" فعل الشرط،وجملة "فَليُغَيرْه بَيَدِه" جواب الشرط.
وقوله: "مَنْ رَأَى" هل المراد من علم وإن لم يرَ بعينه فيشمل من رأى بعينه ومن سمع بأذنه ومن بلغه خبر بيقين وما أشبه ذلك، أو نقول: الرؤيا هنا رؤية العين، أيهما أشمل؟
الجواب :الأول،فيحمل عليه،وإن كان الظاهر الحديث أنه رؤية العين لكن مادام اللفظ يحتمل معنى أعم فليحمل عليه.
وقوله: "مُنْكَراً" المنكر:هو ما نهى الله عنه ورسوله، لأنه ينكر على فاعله أن يفعله.
" فَلْيُغَيِّرْهُ" أي يغير هذا المنكر بيده.
مثاله: من رأى مع شخص آلة لهو لا يحل استعمالها أبداً فيكسرها.
وقوله: "مُنْكَرَاً" لابد أن يكون منكراً واضحاً يتفق عليه الجميع، أي المنكر والمنكر عليه،أو يكون مخالفة المنكر عليه مبينة على قول ضعيف لا وجه له.
أما إذا كان من مسائل الاجتهاد فإنه لا ينكره.
"فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ" أي إن لم يستطع أن ينكره بيده "فَبِلِسَانِهِ" أي فلينكره بلسانه ويكون ذلك: بالتوبيخ،والزجر وما أشبه ذلك،ولكن لابد من استعمال الحكمة، كما سيأتي في الفوائد إن شاء الله، وقوله "بِلِسَانِهِ" هل نقيس الكتابة على القول؟
الجواب: نعم، فيغير المنكر باللسان، ويغير بالكتابة، بأن يكتب في الصحف أو يؤلف كتباً يبين المنكر.
"فَإنْ لَمْ يَستَطِعْ فَبِقَلْبِهِ" أي فلينكر بقلبه، أي يكرهه ويبغضه ويتمنى أن لم يكن.
" وَذَلِكَ" أي الإنكار بالقلب "أَضْعَفُ الإِيْمَانِ" أي أضعف مراتب الإيمان في هذا الباب أي في تغيير المنكر.
من فوائد هذا الحديث:
1-أن النبي صلى الله عليه وسلم ولى جميع الأمة إذا رأت منكراً أن تغيره،ولا يحتاج أن نقول: لابد أن يكون عنده وظيفة،فإذا قال أحد: من الذي أمرك أو ولاك؟ يقول له؟النبي صلى الله عليه وسلم لقوله "مَنْ رَأَى مِنْكُمْ" .
.2أنه لا يجوز إنكار المنكر حتى يتيقن المنكر، وذلك من وجهين:الوجه الأول: أن يتيقن أنه منكر. والوجه الثاني:أن يتيقن أنه منكر في حق الفاعل،لأن الشيء قد يكون منكراً في حد ذاته،لكنه ليس منكراً بالنسبة للفاعل.
مثال ذلك: الأكل والشرب في رمضان،الأصل أنه منكر، لكن قد لا يكون منكراً في حق رجل بعينه:كأن يكون مريضاً يحل له الفطر،أو يكون مسافراً يحل له الفطر.
.3أنه لابد أن يكون المنكر منكراً لدى الجميع،فإن كان من الأمور الخلافية فإنه لا ينكر على من يرى أنه ليس بمنكر،إلا إذا كان الخلاف ضعيفاً لا قيمة له،فإنه ينكر على الفاعل، وقد قيل:
وليس كل خلاف جاء معتبراً إلا خلافاً له حظ من النظر
فلو رأيت رجلاً أكل لحم إبل وقام يصلي،فلا تنكر عليه،لأن المسألة خلافية،فبعض العلماء يرى أنه يجب الوضوء من أكل لحم الإبل، وبعضهم لا يرى هذا،لكن لا بأس أن تبحث معه وتبين له الحق.
ولو رأيت رجلاً باع عشرة ريالات من الورق بأحد عشر، فهل تنكر عليه أو لا تنكر؟
الجواب:لا أنكر،لأن بعض العلماء يرى أن هذا جائز،وأنه لا ربا في الأوراق، لكني أبين له في المناقشة أن هذا منكر، وعلى هذا فقس.
فإن قال قائل:ما موقفنا من العوام،لأن طالب العلم يرى هذا الرأي فلا ننكر عليه،لكن هل نقول للعوام اتبعوا من شئتم من الناس؟
الجواب:لا،العوام سبيلهم سبيل علمائهم، لأنه لو فتح للعامي أن يتخير فيما شاء من أقوال العلماء لحصلت الفوضى التي لا نهاية لها ، فنقول:أنت عامي في بلد يرى علماؤه أن هذا الشيء حرام،ولا نقبل منك أن تقول:أنا مقلد للعالم الفلاني أو العالم الفلاني.
وهل قوله: "فَلْيُغَيِّرْهُ بيدهِ" على إطلاقه، بمعنى أنه مع القدرة يغير على كل حال؟
الجواب:لا،إذا خاف في ذلك فتنة فلا يغير،لأن المفاسد يدرأ أعلاها بأدناها، كما لو كان يرى منكراً يحصل من بعض الأمراء،ويعلم أنه لو غير بيده استطاع،لكنه يحصل بذلك فتنة:إما عليه هو،وإما على أهله،وإما على قرنائه ممن يشاركونه في الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهنا نقول: إذا خفت فتنة فلا تغير،لقوله تعالى: ( وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ )(الأنعام: الآية108)
.4أن اليد هي آلة الفعل، لقوله: "فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ" لأن الغالب أن الأعمال باليد،ولذلك تضاف الأعمال إلى الأيدي في كثير من النصوص،مثل قوله: (فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ)(الشورى: الآية30) والمراد: بما كسبتم بأيديكم أو أرجلكم أو أعينكم أو آذانكم.
.5أنه ليس في الدين من حرج،وأن الوجوب مشروط بالاستطاعة، لقوله: (فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ وهذه قاعدة عامة في الشريعة،قال الله تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ)(التغابن: الآية16) وقال عزّ وجل: (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا)(البقرة: الآية286) وقال النبي صلى الله عليه وسلم "مَا نَهَيتُكُم عَنهُ فَاجتَنِبوهُ،وَمَا أَمَرتُكُم بِهِ فَأتوا مِنهُ مَا استَطَعتُم"[236]وهذا داخل في الإطار العام أن الدين يسر.
.6أن الإنسان إذا لم يستطع أن يغير باليد ولا باللسان فليغير بالقلب،وذلك بكراهة المنكر وعزيمته على أنه متى قدر على إنكاره بلسانه أو يده فعل.
فإن قال قائل:هل يكفي في إنكار القلب أن يجلس الإنسان إلى أهل المنكر ويقول:أنا كاره بقلبي؟
فالجواب :لا،لأنه لو صدق أنه كاره بقلبه ما بقي معهم ولفارقهم إلا إذا أكرهوه،فحينئذ يكون معذوراً.
.7أن للقلب عملاً، لقوله: "فَإن لَم يَستَطِع فَبِقَلبِهِ" عطفاً على قوله: "فَليُغَيرْهُ بيَدِهِ" وهو كذلك.
فالقلب له قول وله عمل، قوله عقيدته، وعمله حركته بنية أو رجاء أو خوف أو غير ذلك.
.8أن الإيمان عمل ونية،لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل هذه المراتب من الإيمان، والتغيير باليد عمل،وباللسان عمل، وبالقلب نية، وهو كذلك، فالإيمان يشمل جميع الأعمال،وليس خاصاً بالعقيدة فقط،لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "الإيمَانُ بِضعٌ وَسَبعُونَ شُعبَة، أو قال: وَستونَ شُعبَة، أَعلاهَا: قَولُ لاَ إِلهَ إِلا الله، وَأَدناهَا إِماطَةُ الأَذَى عَنِ الطَريقِ"[237] فقول: لا إله إلا الله قول لسان، وإماطة الأذى عن الطريق فعل الجوارح والحياء وهذا عمل قلب مِنَ الإيمَانِ ولا حاجة أن نقول ما يدور الآن بين الشباب وطلبة العلم :هل الأعمال من كمال الإيمان أو من صحة الإيمان؟ فهذا السؤال لا داعي له،أي إنسان يسألك ويقول: هل الأعمال شرط لكمال الإيمان أو شرط لصحة الإيمان؟
نقول له: الصحابة رضي الله عنهم أشرف منك وأعلم منك وأحرص منك على الخير،ولم يسألوا الرسول صلى الله عليه وسلم هذا السؤال، إذاً يسعك ما يسعهم.
إذا دلّ الدليل على أن هذا العمل يخرج به الإنسان من الإسلام صار شرطاً لصحة الإيمان، وإذا دلّ دليل على أنه لا يخرج صار شرطاً لكمال الإيمان وانتهى الموضوع،أما أن تحاول الأخذ والرد والنزاع، ثم مَنْ خالفك قلت:هذا مرجىء. ومن وافقك رضيت عنه، وإن زاد قلت،هذا من الخوارج، وهذا غير صحيح.
فلذلك مشورتي للشباب ولطلاب العلم أن يدعوا البحث في هذا الموضوع، وأن نقول: ما جعله الله تعالى ورسوله شرطاً لصحة الإيمان وبقائه فهو شرط، وما لا فلا ونحسم الموضوع[238].
فإن قال قائل: قوله: "فَليُغَيرهُ بيَدِهِ" هل هذا لكل إنسان؟
فالجواب:ظاهر الحديث أنه لكل إنسان رأي المنكر، ولكن إذا رجعنا إلى القواعد العامة رأينا أنه ليس عاماً لكل إنسان في مثل عصرنا هذا، لأننا لو قلنا بذلك لكان كل إنسان يرى شيئاً يعتقده منكراً يذهب ويغيره وقد لا يكون منكراً فتحصل الفوضى بين الناس.
نعم راعي البيت يستطيع أن يغير بيده،لأنه هو راعي البيت،كما أن راعي الرعية الأكبر أو من دونه يستطيع أن يغير باليد .
وليعلم أن المراتب ثلاث: دعوة، أمر، تغيير، فالدعوة أن يقوم الداعي في المساجد و في أي مكان يجمع الناس ويبين لهم الشر ويحذرهم منه ويبين لهم الخير ويرغبهم فيه.
والآمر بالمعروف والناهي عن المنكر هو الذي يأمر الناس ويقول: افعلوا ،أو ينهاهم ويقول لهم : لا تفعلوا . ففيه نوع إمرة.
والمغير هو الذي يغير بنفسه إذا رأى الناس لم يستجيبوا لدعوته ولا لأمره ونهيه،والله الموفق
.






التوقيع

[I]الحمد لله معز الأسلام بنصره ومذل الشرك [/I][I]بقهره[/I]

رد مع اقتباس
قديم 18-11-2010, 10:53 PM رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
إحصائية العضو








آخر مواضيعي


نسيم الايمان غير متواجد حالياً


افتراضي



بارك الله فيك أخى الكريم مداخلة رائعة أخى اسلام وجزاك الله الجنة







آخر تعديل نسيم الايمان يوم 18-11-2010 في 10:55 PM.
رد مع اقتباس
قديم 18-11-2010, 11:38 PM رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
شهيد فتح روما باذن الله
إحصائية العضو








آخر مواضيعي


تراب غير متواجد حالياً


افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تبارك الله معلومات طيبه بارك الله فيكم







التوقيع

[B] لابد للأمة من ميلاد .... و لابد للميلاد من مخاض .... و لابد للمخاض من آلام [/B]

رد مع اقتباس
قديم 04-12-2010, 11:45 AM رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
إحصائية العضو








آخر مواضيعي


نسيم الايمان غير متواجد حالياً


افتراضي







رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
يا صاحب الذنب الثقيل ... درة مكنونة رحيق الحوار العام 6 05-11-2014 06:47 PM
( العقاب - العذاب - الرجز - النكال ) في القرآن نسيم الايمان القرآن الكريم وعلومه وتلاواته وإعجازه وقضاياه 2 06-12-2010 09:31 AM
تدوين السنة وعلوم الحديث سلسبيل الخير الحديث الشريف والسنة النبوية 1 02-04-2010 12:46 AM
الإعجاز العلمي في عجب الذنب أوعجم الذنب! حسن حسن رحيق الحوار العام 1 02-11-2009 12:44 AM
معركة العقاب.. ونهاية دولة الموحدين مجد الغد السيرة النبويه الشريفة وأحوال الصحابة والتاريخ الإسلامى 3 13-07-2009 02:02 AM


Loading...

الاتصال بنا - منتديات شو ون شو - الأرشيف - الأعلى

Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
3y vBSmart
لا يسمح بوضع موضوعات تخالف منهج أهل السنة والجماعة