حدثنا بندار وأحمد بن منيع ومحمود بن غيلان قالوا حدثنا أبو أحمد الزبيري عن سفيان عن أبي إسحق عن أبي الأحوص عن أبيه قال قلت يا رسول الله الرجل أمر به فلا يقريني ولا يضيفني فيمر بي أفأجزيه قال لا اقره قال ورآني رث الثياب فقال هل لك من مال قلت من كل المال قد أعطاني الله من الإبل والغنم قال فلير عليك قال أبو عيسى وفي الباب عن عائشة وجابر وأبي هريرة وهذا حديث حسن صحيح وأبو الأحوص اسمه عوف بن مالك بن نضلة الجشمي ومعنى قوله اقره أضفه والقرى هو الضيافة
باب ما جاء في الإحسان والعفو )
الإحسان ضد الإساءة ، قال في الصراح : إحسان نكوثي كردن ، يقال أحسن إليه كقوله تعالى : وأحسن كما أحسن الله إليك وأحسن به كقوله تعالى : وقد أحسن بي وقال في المجمع : العفو التجاوز عن الذنب وترك العقاب وأصله المحو والطمس عفا يعفو انتهى .
قوله : ( عن أبيه ) هو مالك بن نضلة قال في التقريب : ويقال مالك بن عوف بن نضلة الجثمي بضم الجيم وفتح المعجمة صحابي قليل الحديث ، قوله : ( فلا يقريني ) بفتح أوله تفسيره قوله ( ولا يضيفني ) بضم أوله ( أفأجزيه ) بفتح الهمز وسكون الياء أي أكافئه بترك القرى ومنع الطعام كما فعل بي أم أقريه وأضيفه ، ( قال لا ) أي لا تجزه وتكافئه ( أقره ) أي أضفه ، وفيه حث على القرى الذي هو من مكارم الأخلاق ، ومنها دفع [ ص: 122 ] السيئة بالحسنة كقوله تعالى ادفع بالتي هي أحسن السيئة ، ( رث الثياب ) قال في النهاية : متاع رث ومنال رث خلق بال ، وفي القاموس : الرثاثة والرثوثة البذاذة ، وفي رواية : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي ثوب دون ( قلت من كل المال ) من للتبعيض والمعنى بعض كل المال ( من الإبل والغنم ) بيان " لمن " المراد منه البعض ، وفي رواية : من الإبل والبقر والغنم والخيل والرقيق ( قال فلير عليك ) بصيغة المجهول ، أي فليبصر وليظهر ، وفي رواية فإذا أتاك الله مالا فلير أثر نعمة الله عليك وكرامته والمعنى : البس ثوبا جيدا ليعرف الناس أنك غني وأن الله أنعم عليك بأنواع النعم .
وفي شرح السنة :
هذا في تحسين الثياب بالتنظيف والتجديد عند الإمكان من غير أن يبالغ في النعامة والدقة ، ومظاهرة الملبس على اللبس على ما هو عادة العجم ، قال القاري اليوم زاد العرب على العجم ، قلت : الأمر في هذا الزمان أيضا كما قال القاري ، وقال البغوي : وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان ينهى عن كثير من الإرفاه انتهى ، وروى البيهقي عن أبي هريرة وزيد بن ثابت أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن الشهرتين رقة الثياب وغلظها ولينها وخشونتها وطولها وقصرها ، ولكن سداد فيما بين ذلك واقتصاد .
قوله : ( وفي الباب عن عائشة وجابر وأبي هريرة ) أما حديث عائشة فأخرجه الشيخان وفيه :
ما انتقم رسول الله لنفسه في شيء قط إلا أن ينتهك حرمة الله فينتقم الله بها ، وأما حديث جابر فأخرجه الشيخان أيضا وفيه قصة الأعرابي الذي اخترط سيف النبي صلى الله عليه وسلم وهو نائم وعفوه صلى الله عليه وسلم عنه وأما حديث أبي هريرة فأخرجه مسلم ، قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه أحمد والنسائي .
المصدر - كتاب سنن الترمذي