الإعدام والمقصلة في فهم حكومة المالكي/ قاسم سرحان

الأعدام والمقصلة في فهم حكومة المالكي وبعض مستشاريه

قاسم سرحان

لاأعرف , وغيري لايعرف ايضا , الى أين ... والى أيّ مرحلة سوداء مقبلة , سيبقى ويستمر شدّ الحبال وربطها على رقاب هذا الشعب العراقي المظلوم , فالحكومات العسكرية الدموية السابقة , تفنّنت بنصب المشانق والمقاصل على طول العراق وعرضه , وحكومات الأحتلال الديمقراطية , تميّزت بتحقيق المجازر الكبرى ضدّ من وقف بوجه الأحتلال , أو من وقف بوجه رجال الأحتلال , وفسادهم الذي ملأ قرى العراق وأحيائه وشوارعه ومدنه عفنا .
منذ نصف قرن أو يزيد , وساحات الأعدام وأعمدة المشناق تحصد بأبناء هذا الشعب , فكلّ حكومة جديدة تأتي الى حكم هذا الشعب الجريح , تطالب بثارات من سبقها ,وهذه الثارات يكون نارها وحطبها اخوتنا وأبنائنا وأهلنا , ممن دعم هذا الحزب او ذلك التيار أو هذه الحكومة أو تلك المعارضة .
تفائلنا كثيرا بمستقبل العراق وشعبه, عندما حرّمت احزاب المعارضة العراقية في مؤتمراتها - هذا قبل وصولها الى حكم المنطقة الخضراء في ظلّ الأحتلال - تحريم عقوبة الأعدام , خاصة عندما وضعوه بندا في دستورهم , بعد سقوط النظام العراقي السابق .
تمضي أشهر على تقرير دستورهم الأسود , هذا الدستور الذي حرّم حكم الأعدام والمقاصل والمشانق , بأعتباره دستورا ديمقراطيا , يحاكي بعض الدساتير الغربية والأوربية , التي تحرم حكم الأعدام , ليطلّ علينا برأسه , بعض معمّمي الأسلام الصفوي الأيراني , وأتباعهم في المنطقة الخضراء , لتغيير بعض ماجاء في دستورهم الصهيوني , ليتفق وثارات الولي ّ الفقيه في ايران, في التخلص من أعداء الثورة الاسلامية , ورموز البعث في العراق .
غيّر بند حكم - تحريم حكم الأعدام - في شريعتهم التي وضعها اسيادهم , لتتفق مع رغبات الحليف الفارسي في الانتقام من العراق وشعبه , وكانت الحجّة في تغيير هذا البند , هو أعدام الرئيس السابق وبعض أشهر معاونيه , وحسب تصريحات بعضهم آنذاك , انّ هذا التغيير طارئ وسيعاد العمل به , حالما يتمّ تصفية بعض رموز النظام السابق ؟!
قبل أيام ومن خلال زيارته الميمونة الى أستراليا , صرّح السيد نوري المالكي لأحدى القنوات الأعلامية الاسترالية :
))منتظر الزيدي يستحق حكم المؤبد , او هو يستحق الأعدام((
وقبل تصريح المالكي هذا , ظهر علي الدباغ مطالبا هئية الرئاسة في المنطقة الخضراء المصادقة على أعدام بعض الضباط العراقيين , ومنهم وزير الدفاع السابق الفريق سلطان هاشم .
بعد أيام , يظهر بعض ممثلي مجلس الحكيم - للثورة الأيرانية في العراق- للمطالبة بأعدام كلّ رموز النظام السابق من الذين تحتجزهم قوات الأحتلال او الحكومة العراقية, من ضمنهم 130 مواطنا عراقيا, قضت بعض المحاكم في المحافظات باعدامهم, بسبب أتهامهم الأتجار بالمخدرات وبعض الجرائم المدنية الأخرى.
لانعرف أسباب هذه الروح الدموية والأنتقامية لدى رموز الأحتلال في المنطقة الخضراء , نعم اننّا ندرك الضغط الفارسي الصهيوني عليهم , خاصة فيما يتعلق بأعدام رموز النظام السابق - والذي جعل من أعدموا منهم ابطالا في العالم العربي والأسلامي – الاّ أننا أبدا لاندرك ولا نفقه دعوة رئيس حكومة المنطقة الخضراء بأنزال عقوبة الأعدام بحقّ صحفي وأعلامي عراقي , رفع من شأن العراق ومن شأن شعبه على المستوين العربي والعالمي .
لاندرك ولا نفهم دعوة أعدام المالكي لمثقف عراقي , عبّر عن مشاعرنا ومشاعر ملايين المظلومين في العراق المحتل .... نعم كنا نفهم دعوة المالكي لأعدام الزيدي , لو كان المالكي مثلا جنرالا أو عسكريا , أو حتى نائب عريف , لكن ان تأتي هذه الدعوة ممن وضع دراسة ماجستير في شعر أبي المحاسن الكربلائي وأدبه , وأهتمّ بالشعر وآدابه وفنونه , لينقلب بليلة وضحاها في ظلّ الاحتلال من شاعر ومهتم بالشعر وجماله ونرجسيته الى جلّاد ودموي وعاشق للدماء , فهذا هو المصاب العظيم حقيقية , وهذا هو الخراب العراقي بعينه , هذا الخراب الذي كنا نخشى منه ومن كوراثه على العراق وشعبه .
جماعة المالكي ومن يمثل حكومة الأحتلال في المنطقة الخضراء , تغيرت طرقهم واساليبهم واخلاقهم , مثلهم مثل أيّ مترجم عراقي أو عربي يعمل في الجيش الأمريكي , أو مثلهم مثل من يدخل حضيرة خنازير طامحا بأدارة حقولها , فبعد أن ينفرّ من رائحتها الكريهة أولّ وهلة , يتذمر وينتفض , ويحاول أن يعود الى هوائه النقيّ , ذلك الهواء والعبق الذي استنشفه طوال حياته , الاّ أنّه يضعف ويهين نفسه على تقبل واقعه , بسبب أنّه يحلم أن يكون شيأ , حتى لو كان شيأ حقيرا , المهم هو يريد أن يمثل طموحه ومايحلم به , من أنانية وعنجهية وأستفحال في ظلّ حكومة ودولة لافحولة ولا رجولة فيها , وهذا هو حال السيد المالكي ومن قبله من حكام المنطقة الخضراء , فهم لايستطيعون ازالة العار الذي لصق بهم , وبمن أصطف مع الأحتلال قبلهم , وعليه يعمل هؤلاء على تزيين القبيح جميلا , والدمار بناء , والقتل والأعدام سلاما , وهذا يذكرني عندما كنت نزيلا في سجن المحاويل في الحلة , بضابط الأعدام زمن النظام السابق , ففي أول وجبة أعدام شاهدته يبكي على من سيعدم , ورفض أن ينفذ الأمر , وفي ثاني وجبة أعدام سار هذا الضابط مع وجبة الأعدام بصمت , وفي ثالث وجبة أعدام مسك البندقية بنفسه وأخذ يحصد قامات المعارضين العراقيين أو الفارين من الخدمة العسكرية , وهذا هو حال القتلة والعملاء والمأجورين على مرّ العصور .
أخيرا أقول للمالكي ولعلي الدباغ ولبعض حلفاء اللوبي الفارسي الصهيوني في المنطقة الخضراء , قد تطول حبالكم وقد ترتفع مقاصلكم ومشانقكم في قرى وأحياء ومدن العراق وشوارعه في قطع رؤوس أهلنا وأخوتنا وأحبتنا في العراق المحتل , الاّ انّ هذه المقاصل والمشانق والسجون السرية والعلنية لأبناء العراق, كانت سببا في وصولكم الى حكم المنطقة الخضراء في ظلّ الأحتلال , أنتم فعلتم وحققتم من المجازر والأعدامات والفساد الوطني في العراق في ست سنوات , ماعجز عن فعله وتحقيقه النظام السابق بأكثر من ثلاثين سنة , وهذا كلّه مسجل بذاكرة كلّ طفل عراقيّ يافع , وكلّ أرملة عراقية تعيش في ظلّ ارهابكم وأرهاب مليشياتكم الدموية , وهذا مسجل وحاظر في مخيلة كلّ الوطنيين العراقيين الشرفاء , من الذين يقفون لكم , ولحكومة المنطقة الخضراء بالمرصاد .

الأحتلال الأمريكي الصهيوني سيرحل من العراق , اليوم أو غدا , وبقايا فارس سترحل في أول يوم من رحيلهم , عليكم الآن ومستقبلا ان تفكروا , وتفكروا جيدا , كيف سيشدّ ويلفّ الشعب العراقي الحبال التي أوثقتموها على رقابه على رقابكم .

الشعب العراقي شعب جبّار وعظيم , أبدا لايغفر للعملاء والخونة .... فليترقب جلاوزة الأحتلال في المنطقة الخضراء مستقبل الحبال التي أوثقوها حول رقاب الشعب العراقي , وأنّ غدا لنظاره قريب .

*

القضاة في النظام الديمقراطي الحقيقي , وهذا ماهو متبع في الدول الديمقراطية الغربية , يتم انتخابهم من قبل ابناء الشعب , وفي ظلّ الانتخابات التي تحصل دوريا في البلد , فالقاضي يبدأ انتخابه من القرية الى المحلة الى الحيّ الى المدينة , الى القضاة الكبار في الدولة حسب الانتخابات الوطنية في الدولة الديمقراطية , فلا يمكن ولا يجوز في الدولة الديمقراطية ومنها امريكا , جلوس قاضي في أية محكمة مدنية أو وطنية بدون انتخابه من الشعب , وعليه انّ كلّ القضاة العراقيين في دولة الأحتلال في المنطقة الخضراء , همّ غير شرعيين , ولا تنطبق عليهم صفة الشرعية القضائية حسب النظام الديمقراطي الذي يدّعوه , ومن هنا نستطيع أن نقول انّ هؤلاء القضاة لايختلفون كثيرا عن ذباحي الشعب العراقي وجزاريه من الذين يتمتعون بحماية الأحتلال الأمريكي والفارسي للعراق .

qasimsarhan@yahoo.com

مقاله رائعه
جزاك الله خيرا على هذه المقالات المميزه

بدوري اشكر الكاتب من خلالك اخيي الطيب