15-11-2008, 05:17 PM | رقم المشاركة : 1 | |||
|
اعرف نبيك صلى الله عليه وسلم/متجدد
اعرف نبيك صلى الله عليه وسلم دار الوطنالحمد لله الذي أوضح لنا سبيل الهداية، وأزاح عن بصائرنا ظلمة الغواية، والصلاة والسلام على النبي المصطفى والرسول المجتبى، المبعوث رحمة للعالمين، وقدوة للمالكين، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: أيها المسلمون: إن من خير ما بذلت فيه الأوقات، و شغلت به الساعات هو دراسة السيرة النبوية العطرة، والأيام المحمدية الخالدة، فهي تجعل المسلم كأنه يعيش تلك الأحداث العظام التي مرت بالمسلمين، وربما تخيل أنه واحد من هؤلاء الكرام البررة التي قامت على عواتقهم صروح المجد ونخوة البطولة. وفي السيرة يتعرف المسلم على جوانب متعددة من شخصية النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم ، وأسلوبه في حياته ومعيشته، ودعوته في السلم والحرب. وفيها أيضاً: يتلمس المسلم نقاط الضعف والقوة؛ وأسباب النصر والهزيمة، وكيفية التعامل مع الأحداث وإن عظمت. وبدراسة السيرة النبوية يستعيد المسلمون ثقتهم بأنفسهم، ويوقنون بأن الله معهم وناصرهم، إن هم قامو بحقيقة العبودية، له والانقياد لشريعته: { إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ } [محمد:7]، { إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ } [غافر:51]. { وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ } [الحج:40]. وهذه عبارة عن رؤوس أقلام وجمل يسيرة في سيرة النبي المصطفى عليه الصلاة والسلام، قصد بها فتح الطريق أمام ناشئة المسلمين وشبيبتهم لدراسات أعمق لهذه السيرة النبوية الخالدة. قال الله تعالى: { مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ } [الفتح:29]. نسبه صلى الله عليه وسلم : هو أبو القاسم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. هذا هو المتفق عليه في نسبه صلى الله عليه وسلم واتفقوا أيضاً أن عدنان من ولد إسماعيل عليه السلام. أسماؤه صلى الله عليه وسلم : عن جبير بن مطعم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: { إن لي أسماء، وأنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدميَّ، وأنا العاقب الذي ليس بعده أحد } [متفق عليه]. وعن أبي موسى الأشعري قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمي لنا نفسه أسماء فقال: { أنا محمد، وأحمد، والمقفي، والحاشر، ونبي التوبة، ونبي الرحمة } [مسلم]. طهارة نسبه صلى الله عليه وسلم : اعلم رحمني الله وإياك أن نبينا المصطفى على الخلق كله قد صان الله أباه من زلة الزنا، فولد صلى الله عليه وسلم من نكاح صحيح ولم يولد من سفاح، فعن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: { إن الله عز وجل اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل، واصطفى من ولد إسماعيل كنانة، واصطفى من بني كنانة قريشاً، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم } [مسلم]، وحينما سأل هرقل أبا سفيان عن نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: { هو فينا ذو نسب، فقال هرقل: كذلك الرسل تبعث في نسب قومها } [البخاري]. ولادته صلى الله عليه وسلم : ولد صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين في شهر ربيع الأول، قيل في الثاني منه، وقيل في الثامن، وقيل في العاشر، وقيل في الثاني عشر. قال ابن كثير: والصحيح أنه ولد عام الفيل، وقد حكاه إبراهيم بن المنذر الحزامي شيخ البخاري، وخليفة بن خياط وغيرهما إجماعاً. قال علماء السير: لما حملت به آمنة قالت: ما وجدت له ثقلاً، فلما ظهر خرج معه نور أضاء ما بين المشرق والمغرب. وفي حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: { إني عند الله في أم الكتاب لخاتم النبيين، وإن آدم لمنجدلٌ في طينته، وسأنبئكم بتأويل ذلك، دعوة إبراهيم، وبشارة عيسى قومه، ورؤيا أمي التي رأت، انه خرج منها نور أضاءت له قصور الشام } [أحمد والطبراني]. وتوفي أبوه صلى الله عليه وسلم وهو حَمْل في بطن أمه، وقيل بعد ولادته بأشهر وقيل بسنة، والمشهور الأول. رضاعه صلى الله عليه وسلم : أرضعته ثويبة مولاة أبي لهب أياماً، ثم استُرضع له في بني سعد، فأرضعته حليمة السعدية، وأقام عندها في بني سعد نحواً من أربع سنين، وشُقَّ عن فؤاده هناك، واستخرج منه حظُّ النفس والشيطان، فردته حليمة إلى أمه إثر ذلك. ثم ماتت أمه بالأبواء وهو ذاهب إلى مكة وهو ابن ست سنين، ولما مرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأبواء وهو ذاهب إلى مكة عام الفتح، استأذن ربّه في زيارة قبر أمه فأذن له، فبكى وأبكى من حوله وقال: { زوروا القبور فإنها تذكر بالموت } [مسلم]. فلما ماتت أمه حضنته أم أيمن وهي مولاته ورثها من أبيه، وكفله جده عبد المطلب، فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من العمر ثماني سنين توفي جده، وأوصى به إلى عمه أبي طالب فكفله، وحاطه أتم حياطة، ونصره وآزره حين بعثه الله أعزّ نصر وأتم مؤازرة مع أنه كان مستمراً على شركه إلى أن مات، فخفف الله بذلك من عذابه كما صح الحديث بذلك. صيانة الله تعالى له صلى الله عليه وسلم من دنس الجاهلية: وكان الله سبحانه وتعالى قد صانه وحماه من صغره، وطهره من دنس الجاهلية ومن كل عيب، ومنحه كل خُلقٍ جميل، حتى لم يكن يعرف بين قومه إلا بالأمين، لما شاهدوه من طهارته وصدق حديثه وأمانته، حتى أنه لما أرادت قريش تجديد بناء الكعبة في سنة خمس وثلاثين من عمره، فوصلوا إلى موضع الحجر الأسود اختلفوا فيمن يضعه أول داخل عليهم، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: جاء الأمين، فرضوا به، فأمر بثوبٍ، فوضع الحجر في وسطه، وأمر كل قبيلة أن ترفع بجانب من جوانب الثوب، ثم أخذ الحجر فوضعه موضعه صلى الله عليه وسلم . [أحمد والحاكم وصححه]. زواجه صلى الله عليه وسلم : تزوجته خديجة وله خمس وعشرون سنة، وكان قد خرج إلى الشام في تجارة لها مع غلامها ميسرة، فرأى ميسرة ما بهره من شأنه، وما كان يتحلى به من الصدق والأمانة، فلما رجع أخبر سيدته بما رأى، فرغبت إليه أن يتزوجها. وماتت خديجة رضي الله عنها قبل الهجرة بثلاث سنين، ولم يتزوج غيرها حتى ماتت، فلما ماتت خديجة رضي الله عنها تزوج عليه السلام سودة بنت زمعة، ثم تزوج صلى الله عليه وسلم عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما، ولم يتزوج بكراً غيرها، ثم تزوج حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، ثم تزوج زينب بنت خزيمة بن الحارث رضي الله عنها، وتزوج أم سلمة واسمها هند بنت أمية رضي الله عنها، وتزوج زينب بنت جحش رضي الله عنها، ثم تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم جويرية بنت الحارث رضي الله عنها، ثم تزوج أم حبيبة رضي الله عنها واسمها رملة وقيل هند بنت أبي سفيان. وتزوج إثر فتح خيبر صفية بنت حييّ بن أخطب رضي الله عنها، ثم تزوج ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها، وهي آخر من تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم . أولاده صلى الله عليه وسلم : كل أولاده صلى الله عليه وسلم من ذكر وأنثى من خديجة بنت خويلد، إلا إبراهيم، فإنه من مارية القبطية التي أهداها له المقوقس. فالذكور من ولده: القاسم وبه كان يُكنى، وعاش أياماً يسيرة، والطاهر والطيب. وقيل: ولدت له عبدالله في الإسلام فلقب بالطاهر والطيب. أما إبراهيم فولد بالمدينة وعاش عامين غير شهرين ومات قبله صلى الله عليه وسلم بثلاثة أشهر. بناته صلى الله عليه وسلم : زينب وهي أكبر بناته، وتزوجها أبو العاص بن الربيع وهو ابن خالتها، ورقية تزوجها عثمان بن عفان رضي الله عنه، وفاطمة تزوجها علي بن أبي طالب رضي الله عنه فأنجبت له الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، وأم كلثوم تزوجها عثمان بن عفان رضي الله عنه بعد رقية رضي الله عنهن جميعاً. قال النووي: فالبنات أربع بلا خلاف. والبنون ثلاثة على الصحيح. مبعثه صلى الله عليه وسلم : بعث صلى الله عليه وسلم لأربعين سنة، فنزل عليه الملك بحراء يوم الاثنين لسبع عشرة ليلة خلت من رمضان، وكان إذا نزل عليه الوحي اشتد ذلك عليه وتغيّر وجهه وعرق جبينه. فلما نزل عليه الملك قال له: اقرأ.. قال: لست بقارئ، فغطاه الملك حتى بلغ منه الجهد، ثم قال له: اقرأ.. فقال: لست بقارئ ثلاثاً. ثم قال: { اقْرأْ بِاسْمِ رَبّكَ الَّذي خَلَقَ، خَلَقَ الإنسَانَ مِنْ عَلَقٍ، اقْرَأْ ورَبُّكَ الأَكْرَمُ، الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الإنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ } [العلق:1-5]. فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خديجة رضي الله عنها يرتجف، فأخبرها بما حدث له، فثبتته وقالت: أبشر، وكلا والله لا يخزيك أبداً، إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحملُّ الكَلَّ، وتعين على نوائب الدهر. ثم فتر الوحي، فمكث رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شاء الله أن يمكث لا يرى شيئاً، فاغتم لذلك واشتاق إلى نزول الوحي، ثم تبدى له الملك بين السماء والأرض على كرسيّ، وثبته، وبشره بأنه رسول الله حقاً، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم خاف منه وذهب إلى خديجة وقال: زملوني.. دثروني، فأنزل الله عليه: { يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ، قُمْ فَأَنذِرْ، وَرَبَّكَ فَكَبِّر، وَثِيَابَكَ فَطَهِّر } [المدثر:1-4]. فأمر الله تعالى في هذه الآيات أن ينذر قومه، ويدعوهم إلى الله، فشمَّر صلى الله عليه وسلم عن ساق التكليف، وقام في طاعة الله أتم قيام، يدعو إلى الله تعالى الكبير والصغير، والحر والعبد، والرجال والنساء، والأسود والأحمر، فاستجاب له عباد الله من كل قبيلة ممن أراد الله تعالى فوزهم ونجاتهم في الدنيا والآخرة، فدخلوا في الإسلام على نور وبصيرة، فأخذهم سفهاء مكة بالأذى والعقوبة، وصان الله رسوله وحماه بعمه أبي طالب، فقد كان شريفاً مطاعاً فيهم، نبيلاً بينهم، لا يتجاسرون على مفاجأته بشيء في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم لما يعلمون من محبته له. قال ابن الجوزي: وبقي ثلاث سنين يتستر بالنبوة، ثم نزل عليه: { فاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَر } [الحجر:94]. فأعلن الدعاء. فلما نزل قوله تعالى: { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ } [الشعراء:214]، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى صعد الصفا فهتف ( يا صباحاه! ) فقالوا: من هذا الذي يهتف؟ قالوا: محمد! فاجتمعوا إليه فقال: ( أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلاً تخرج بسفح هذا الجبل أكنتم مصدقي؟ قالوا ما جربنا عليك كذباً. قال: فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد. فقال أبو لهب: تباً لك، أما جمعتنا إلا لهذا؟ ثم قام، فنزل قوله تعالى: { تَبَّتْ يَدَا أبِي لَهَبٍ وَتَبْ } إلى آخر السورة. [متفق عليه]. صبره صلى الله عليه وسلم على الأذى: ولقي صلى الله عليه وسلم الشدائد من قومه وهو صابر محتسب، وأمر أصحابه أن يخرجوا إلى أرض الحبشة فرارا من الظلم والاضطهاد فخرجوا. قال ابن إسحاق: فلما مات أبو طالب نالت قريش من رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأذى ما لم تطمع فيه حياته، وروى أبو نعيم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: { لما مات أبو طالب تجهَّموا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا عم ما أسرع ما وجدت فقدك }. وفي الصحيحين: أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي، وسلا جزورٍ قريب منه، فأخذه عقبة بن أبي معيط، فألقاه على ظهره، فلم يزل ساجداً، حتى جاءت فاطمة فألقنه عن ظهره، فقال حينئذ: { اللهم عليك بالملأ من قريش }. وفي أفراد البخاري: أن عقبة بن أبي معيط أخذ يوماً بمنكبه صلى الله عليه وسلم ، ولوى ثوبه في عنقه، فخنقه به خنقاً شديداً، فجاء أبو بكر فدفعه عنه وقال أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله؟ رحمته صلى الله عليه وسلم بقومه: فلما اشتد الأذى على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاة أبي طالب وخديجة رضي الله عنها، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطائف فدعا قبائل ثقيف إلى الإسلام، فلم يجد منهم إلا العناد والسخرية والأذى، ورموه بالحجارة حتى أدموا عقبيه، فقرر صلى الله عليه وسلم الرجوع إلى مكة. قال صلى الله عليه وسلم : { انطلقت – يعني من الطائف – وأنا مهموم على وجهي، فلم استفق إلا وأنا بقرن الثعالب – ميقات أهل نجد – فرفعت رأسي فإذا سحابة قد أظلتني، فنظرت، فإذا فيها جبريل عليه السلام، فناداني فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك، وما ردّوا عليك، وقد أرسل لك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم، ثم ناداني ملك الجبال، قد بعثني إليك ربك لتأمرني بما شئت، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين – جبلان بمكة – فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئاً } [متفق عليه]. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج في كل موسم، فيعرض نفسه على القبائل ويقول: { من يؤويني؟ من ينصرني؟ فإن قريشاً قد منعوني أن أبلغ كلام ربي! }. ثم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقي عند العقبة في الموسم ستة نفر فدعاهم فأسلموا، ثم رجعوا إلى المدينة فدعوا قومهم، حتى فشا الإسلام فيهم، ثم كانت بيعة العقبة الأولى والثانية، وكانت سراً، فلما تمت أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان معه من المسلمين بالهجرة إلى المدينة، فخرجوا أرسالاً. هجرته صلى الله عليه وسلم إلى المدينة: ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم هو وأبو بكر إلى المدينة فتوجه إلى غار ثور، فأقاما فيه ثلاثاً، وعني أمرهم على قريش، ثم دخل المدينة فتلقاه أهلها بالرحب والسعة، فبنى فيها مسجده ومنزله. غزواته صلى الله عليه وسلم : عن ابن عباس رضي الله عنه قال: لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة قال أبو بكر: أخرجوا نبيهم إنا لله وإنا إليه راجعون، لَيهَلِكُنَّ، فأنزل الله عز وجل: { أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا } [الحج:39]. وهي أول آية نزلت في القتال. وغزا رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعاً وعشرين غزاة، قاتل منها في تسع: بدر، وأحد، والريسيع، والخندق، وقريظة، وخيبر، والفتح، وحنين، والطائف، وبعثَ ستاً وخمسين سرية. حج النبي صلى الله عليه وسلم واعتماره : لم يحج النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن هاجر إلى المدينة إلا حجة واحدة، وهي حجة الوداع. فالأولى عمرة الحديبية التي صدّه المشركون عنها. والثانية عمرة القضاء، والثالثة عمرة الجعرانة، والرابعة عمرته مع حجته. صفته صلى الله عليه وسلم : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ربعة، ليس بالطويل ولا بالقصير، أزهر اللون - أي أبيض بياضاً مشرباً بحمرة - أشعر، أدعج العينين –أي شديد سوادهما – أجرد –أي لا يغطي الشعر صدره وبطنه -، ذو مَسرُبه – أي له شعر يكون في وسط الصدر والبطن. أخلاقه صلى الله عليه وسلم : كان صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وأصدقهم لهجة، وألينهم طبعاً، وأكرمهم عشرة، قال تعالى: { َإنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظيمٍ } [القلم:4]. وكان صلى الله عليه وسلم أشجع الناس وأعف الناس وأكثرهم تواضعاً، وكان صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها، يقبل الهدية ويكافئ عليها، ولا يقبل الصدقة ولا يأكلها، ولا يغضب لنفسه، وإنما يغضب لربه، وكان صلى الله عليه وسلم يأكل ما وجد، ولا يدُّ ما حضر، ولا يتكلف ما لم يحضره، وكان لا يأكل متكئاً ولا على خوان، وكان يمر به الهلال ثم الهلال ثم الهلال، وما يوقد في أبياته صلى الله عليه وسلم نار، وكان صلى الله عليه وسلم يجالس الفقراء والمساكين ويعود المرضى ويمشي في الجنائز. وكان صلى الله عليه وسلم يمزح ولا يقول إلا حقاً، ويضحك من غير قهقهة، وكان صلى الله عليه وسلم في مهنة أهله، وقال: { خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي } [الترمذي وصححه الألباني]، قال أنس بن مالك رضي الله عنه: خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين فما قال لشيء فعلته: لم فعلته، ولا لشيء لم أفعله، ألا فعلت كذا!!. وما زال صلى الله عليه وسلم يلطف بالخلق ويريهم المعجزات، فانشق له القمر، ونبع الماء من بين أصابعه، وحنَّ إليه الجذع، وشكا إليه الجمل، وأخبر بالغيوب فكانت كما قال. فضله صلى الله عليه وسلم : عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: { أعطيت خمساً لم يعطهن أحدٌ قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأحلت لي الغنائم ولم تحل قبلي، وأعطيت الشفاعة، وكان النبي يبعث إلى قومه، وبعثت إلى الناس كافة } [متفق عليه]. وفي أفراد مسلم من حديث أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: { أنا أول الناس يشفع يوم القيامة، وأنا أكثر الأنبياء تبعاً يوم القيامة، وأنا أول من يقرع باب الجنة }. وفي أفراده من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: { أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، وأول من ينشقُّ عنه القبر، وأول شافع وأول مُشفع }. عبادته ومعيشته صلى الله عليه وسلم : قالت عائشة رضي الله عنها: { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم حتى تتفطر قدماه، فقيل له في ذلك، فقال: أفلا أكون عبداً شكوراً } [متفق عليه]، وقالت: وكان مضجعه الذي ينام عليه في الليل من أَدَمَ محشوّاً ليفاً!! وفي حديث ابن عمر رضي الله عنه قال: لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يظلُّ اليوم يَلتَوي ما يجد دِقْلاً يملأ بطنه – والدقل ردئ التمر -!! ما ضره من الدنيا ما فات وهو سيد الأحياء والأموات، فالحمد لله الذي جعلنا من أمته، ووفقنا الله لطاعته، وحشرنا على كتابه وسنته آمين، آمين. من أهم الأحداث: الإسراء والمعراج : وكان قبل الهجرة بثلاث سنين وفيه فرضت الصلاة. السنة الأولى : الهجرة - بناء المسجد - الانطلاق نحو تأسيس الدولة - فرض الزكاة. السنة الثانية : غزوة بدر الكبرى وفيها أعز الله المؤمنين ونصرهم على عدوهم. السنة الثالثة : غزوة أحد وفيها حدثت الهزيمة بسبب مخالفة تعليمات النبي صلى الله عليه وسلم ونظر الجنود إلى الغنائم. السنة الرابعة : غزوة بني النضير وفيها أجلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يهود بني النضير عن المدينة لأنهم نقضوا العهد بينهم وبين المسلمين. السنة الخامسة : غزوة بني المصطلق وغزوة الأحزاب وغزوة بني قريظة. السنة السادسة : صلح الحديبية، وفي هذه السنة حُرّمت الخمر تحريماً قاطعاً. السنة السابعة : غزوة خيبر، وفي هذه السنة دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون مكة واعتمروا، وفيها أيضاً تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية بنت حُيَيّ. السنة الثامنة : غزوة مؤتة بين المسلمين والروم، وفتح مكة وغزوة حُنين ضد قبائل هوازن وثقيف. السنة التاسعة : غزوة تبوك وهي آخر غزواته صلى الله عليه وسلم ، وفي هذه السنة قدمت الوفود على رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخل الناس في دين الله أفواجاً، وسمي هذا العام عام الوفود. السنة العاشرة : حجة الوداع، و حج فيها مع النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من مائة ألف مسلم. السنة الحادية عشرة : وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان ذلك في يوم الاثنين من شهر ربيع الأول مع اختلاف في تحديد هذا اليوم من الشهر. وتوفي صلى الله عليه وسلم وله من العمر ثلاث وستون سنة، منها أربعون سنة قبل النبوة، وثلاث وعشرون سنة نبياً رسولاً، منها ثلاث عشرة سنة في مكة، وعشر سنين بالمدينة، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم. المصادر: - تهذيب الأسماء واللغات للنووي. - التبصرة والحدائق لابن الجوزي. - زاد المعاد لابن القيم. - السيرة النبوية للذهبي. - جوامع السيرة النبوية لابن حزم. - الفصول في سيرة الرسول (ابن كثير). - صحيح السيرة النبوية، إبراهيم العلي. وأصلي على النبي الأكرم محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم وما كان من صواب فمن الله عز وجل وما كان من خطأ فمني ومن الشيطان. |
|||
15-11-2008, 05:18 PM | رقم المشاركة : 2 | |||
|
ومضات من حياة إمام الأنبياء - صلى الله عليه وسلم- عبد العزيز بن عبد الله الحسينمقدمة : (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم) قال عمرو بن العاص –رضي الله عنه- (ما كان أحد أحب إليَّ من رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ولا أجل في عيني منه , وما كنت أطيق أن أملأ عيني منه إجلالاً له ، ولو سئلت أن أصفه ما أطقت ، لأني لم أكن أملأ عيني منه) رواه مسلم. قد تعددت الأساليب والطرق قديماً وحديثاً في العناية بحياة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وسيرته وتقديمها للأمة واضحة جلية؛ إلا أني لما رأيت نيل الكفار منه –صلى الله عليه وسلم- في السنوات الأخيرة وتقصير الكثير منا في الدفاع عنه وعن نصرته؛ أحببت أن أعرض مواقفه المشرقة وصوراً من حياته الفذة بإيجاز؛ من أجل أن تكون من خير ما ينصره ويدافع عنه؛ وقد وضع هذا المختصر في خمسة موضوعات تحت كل واحد منها جملة من النقاط المختصرة، الأول: تعريف به صلى الله عليه وسلم. الثاني: يتضمن صفاته الخلقية. الثالث: يتضمن صفاته الخُلُقية. الرابع: ذكرت فيه بعضاً من أعماله. الخامس: ضمنته شيئاً من عاداته صلى الله عليه وسلم. وهذا مما ييسر الاطلاع عليه ومعرفة محتواه بسهولة ويسر من كافة أفراد المجتمع ، ومن ثم يتيسر الاقتداء به والتمثل بأخلاقه وسلوكه، ولعل هذا العمل اليسير يكون لبنة في مشروع أكبر بإذن الله تعالى. سائلاً المولى عز وجل أن يبارك في أعمالنا وأعمارنا ، وأن يرزقنا حسن التأسي بسيد الخلق –صلى الله عليه وسلم- وامتثال أمره في كل شؤون حياتنا . التعريف به صلى الله عليه وسلم: اسمه : هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم ، وهاشم من قبيلة قريش، وقريش من العرب، والعرب من ذرية إسماعيل عليه السلام، ابن إبراهيم الخليل عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام. فهو خير أهل الأرض نسباً على الإطلاق ، فقومه أشرف قوم، وقبيلته أشرف قبيلة ،وفخذه أشرف الأفخاذ، وقد كان أعداؤه يشهدون له بعلوّ نسبه فيهم . ومن أسمائه الثابتة في أحاديث صحيحة: ( محمد، و أحمد ، وعبد الله ، وخاتم النبيين، ونبي الملاحم، والعاقب, والحاشر, والماحي) ذكره في القرآن: ذكر النبي –صلى الله عليه وسلم- في القرآن باسمه "محمد" في أربعة مواضع: في سورة آل عمران الآية (144)، والأحزاب الآية (40)، ومحمد الآية (2)، والفتح الآية (29)، وأما "أحمد" فجاءت حكاية عن عيسى عليه السلام في سورة الصف الآية (6). كنيته: (أبو القاسم). ولادته : ولد يوم الإثنين ، الثاني عشر من ربيع الأول في مكة . عن أبي قتادة –رضي الله عنه- أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم - سئل عن صوم يوم الإثنين، فقال: ذاك يوم ولدت فيه) رواه مسلم . قال ابن القيم (لا خلاف أنه ولد –صلى الله عليه وسلم- بجوف مكة، وأن مولده كان عام الفيل). والده ووالدته : والد النبي –صلى الله عليه وسلم-: هو عبد الله؛ وهو المسمى بالذبيح؛ وقد توفي ورسول الله –صلى الله عليه وسلم- جنين في بطن أمه. أمّ النبي –صلى الله عليه وسلم- هي: آمنة بنت وهب القرشية؛ وقد توفيت ورسول الله –صلى الله عليه وسلم- له من العمر ست سنوات. نشأته: نشأ –صلى الله عليه وسلم- يتيماً فكفله جده عبد المطلب، ثم كفله عمه أبو طالب، وطهره الله عز وجل من دنس الجاهلية فلم يعظم صنماً في عمره قطّ, ولم يحضر مشهداً من مشاهد كفرهم وكانوا يطلبونه لذلك فيمتنع ويعصمه الله تعالى من ذلك، وهذا من لطف الله به أن برأه من كل عيب ومنحه كل خلق جميل. رضاعه: أرضعته –صلى الله عليه وسلم- ثويبة مولاة أبي لهب أياماً، ثم أرضعته حليمة بنت أبي ذؤيب السعدية وأقام عندها في بادية بني سعد قرابة أربع سنين. زوجاته: هن أمهات المؤمنين، قال ابن القيم: "ولا خلاف أنه –صلى الله عليه وسلم- توفي عن تسع". وأسماؤهن: عائشة بنت أبي بكر الصديق، وحفصة بنت عمر بن الخطاب، وسودة بنت زمعة، وزينب بنت جحش، وأم سلمة هند بنت أبي أمية، وأم حبيبة رملة بنت أبي سفيان، وميمونة بنت الحارث، وجويرية بنت الحارث، وصفية بنت حيي بن أخطب. رضي الله عنهن جميعاً. أولاده : الذكور ثلاثة: القاسم، وعبد الله، وإبراهيم؛ وقد ماتوا صغاراً لم يتجاوزوا السنتين بالاتفاق. الإناث أربع: زينب، ورقية، وأم كلثوم، وفاطمة؛ وقد أدركن البعثة، ودخلن في الإسلام، وهاجرن مع النبي –صلى الله عليه وسلم-، ومات كل أولاده قبله إلا فاطمة فإنها ماتت بعده بستة أشهر. بعثته: لما كمل له -صلى الله عليه وسلم- أربعون سنة أشرق عليه نور النبوة وأكرمه الله برسالته وبعثه إلى خلقه، وجعله رسولاً إلى الناس كافة، فأقام بمكة بعد النبوة ثلاث عشرة سنة يدعو الناس إلى توحيد الله وعبادته وينذرهم الشرك، ثم هاجر إلى المدينة فمكث بها عشر سنين أقام بها دولة الإسلام وأمر الناس ببقية شرائع الدين الحنيف، ثم توفاه الله عز وجل وله من العمر ثلاث وستون سنة. هجرته: أقام النبي –صلى الله عليه وسلم- في مكة ثلاث عشرة سنة يدعو الناس إلى الإسلام وعبادة الله وحده لا شريك له، ولما ازداد عناد كفار مكة وتكبرهم عن قبول دعوة الحق، رغب النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يؤسس دولة الإسلام في المدينة ويقيم شريعة الله في الأرض، فهاجر إليها –صلى الله عليه وسلم- وكان دخوله إياها يوم الإثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول. ولكون الهجرة النبوية أعزّ الله بها الإسلام وارتفعت راية الحق؛ فقد رأى عمر –رضي الله عنه- ومن معه من الصحابة أن يكون للمسلمين تاريخاً جديداً يؤرخون به يستعملونه في كتاباتهم. خصائصه : خصّ الله نبيه محمداً –صلى الله عليه وسلم- من بين سائر الأنبياء والمرسلين بخصائص منها: أنه خاتم النبيين، وصاحب المقام المحمود يوم القيامة، وكون رسالته إلى الثقلين الجن والإنس، ونزول القرآن الكريم الذي أذعن لإعجازه الإنس والجن، والإسراء به إلى بيت المقدس والمعراج إلى السموات العلى إلى سدرة المنتهى إلى مستوى سمع فيه صريف الأقلام. ومن الخصائص التي خصّ الله بها نبيه –صلى الله عليه وسلم - على هذه الأمة: أنها فرضت عليه أشياء لم تفرض على غيره وحرمت عليه أفعال لم تحرم على سائر أمته وحللت له أشياء لم تحلل لهم, ومن أمثلة ذلك: تحريم الزكاة عليه وعلى آله ووجوب التهجد بالليل عليه, والزيادة على أربعة نسوة, وأنه لا يورث. |
|||
15-11-2008, 05:19 PM | رقم المشاركة : 3 | |||
|
فضائله: |
|||
15-11-2008, 05:20 PM | رقم المشاركة : 4 | |||
|
رحمته : |
|||
15-11-2008, 05:21 PM | رقم المشاركة : 5 | |||
|
دعاؤه: |
|||
15-11-2008, 05:22 PM | رقم المشاركة : 6 | |||
|
بلاغته وفصاحته : |
|||
15-11-2008, 05:23 PM | رقم المشاركة : 7 | |||
|
عاداته: لو رآك محمد –صلى الله عليه وسلم- لأحبك قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم- "وددت أني لقيت إخواني، قال الصحابة: أو ليس نحن إخوانك؟ قال: أنتم أصحابي، ولكن إخواني الذين آمنوا بي ولم يروني" رواه أحمد وصححه الألباني. بين يديك أخي المسلم (10) وسائل لنصرة نبيك محمد –صلى الله عليه وسلم- فلعلك تقوم بمستطاعك منها: (1) الاقتداء به –صلى الله عليه وسلم- في معاملته لأهل بيته، ومع أهله وجيرانه. (2) تربية الأبناء على محبته –صلى الله عليه وسلم- . (3) إجلال النبي –صلى الله عليه وسلم- وتعظيمه ومحبته أكثر من محبة النفس والأهل. (4) الحرص على الصلاة على النبي –صلى الله عليه وسلم- كلما ذكر، وبعد الأذان، ويوم الجمعة. (5) قراءة سيرته والاهتداء بهديه –صلى الله عليه وسلم- وربطها بحياتنا وواقعنا. (6) طباعة الكتب وتوزيع الأشرطة التي تعنى بحياته –صلى الله عليه وسلم- . (7) بغض أي منتقد للنبي –صلى الله عليه وسلم- أو لشيء من سنته. (8) مقاطعة كل بلد يسيء للإسلام والمسلمين. (9) محبة العلماء وتقديرهم لمكانتهم وصلتهم بميراث النبوة. (10) الفرح بظهور سنته -صلى الله عليه وسلم- بين الناس . من حقوق النبي –صلى الله عليه وسلم- على أمته: (1) الإيمان به –صلى الله عليه وسلم- كما أمر الله في كتابه "فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون" [الأعراف: 158].(2) طاعته –صلى الله عليه وسلم- وامتثال أمره، واتباعه والاقتداء بسنته. (3) احترامه وتوقيره وتعظيمه، وتقديم محبته على محبة كل أحد. (4) وجوب التحاكم إليه والرضا بحكمه، كما قال الله تعالى" فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما" [النساء:65]. والحمد لله أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. |
|||
15-11-2008, 05:26 PM | رقم المشاركة : 8 | |||
|
بسم الله الرحمن الرحيم محاضرة حدث التاريخ المر إعداد فيصل بن عبدالرحمن الشدي الحمد لله له الوجوه عنت، وبحمد الأرض والسموات سبحت، بارئ البريات، وعالم الخفيات، وغافر الخطيات، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، ما أشرقت الشمس على خير منه، وما أقلت الأرض أشرف منه، وما أظلت السماء أطيب منه، اللهم صلّ وسلم عليه وعلى آله الأطهار، وصحبه الأخيار، وأتباعه الأبرار ما تعاقب الليل والنهار، وبعد: إن الحديث عن الأحزان ووقعها حديثٌ مرّ، وإنك لتتجرع مرارته تجرّعا، إذا كان الحديث عن هذه الأحزان يطرق مسمعيك مفصّلاً مرحلة مرحلة، بل يوماً بيوم، بل لحظة بلحظة. كيف لا يكون كذا؟ وتلك الأحزان تمثلها فاجعة منيت بها الأمة في قلبا ونبضها، في حياتها ونورها. نعم، إنها فاجعة الأمة، ونائبة الدهر، حق للعين أن تدمع لها، وحق للحلق أن يشرق بخبرها. فاجعة الأمة ومصابها حق للقلب عندها أن يئن أنته، وحق للصدر أمامها أن يزفر زفرته. حق والله للتاريخ أن يبكي، حق وربي للعالم أن يرثي. لا تلمني يا ساهي، فلكم انفطرت القلوب لهذه الفاجعة انفطارا، وسحّت الدمع غزاراً، الأرض انهدت، والسماء أشفقت، والآفاق أظلمت، ومن ذا الذي لا يعذرها؟! ومن ذا الذي عليه يعاتبها، إنها فاجعة الأمة وحدث التاريخ المرّ، لكم أقضت مضاجع، وأسالت مدامع، وحلت به القوارع، تعذرني في وصفي إذا علمت أن فاجعة الأمة ونائبة الدهر هو حدث وفاة سيد المرسلين، وصفي الخلق أجمعين، محمد بن عبدالله، اللهم صلّ وسلم عليه وعلى آله وسلّم ما غربت شمس وأشرق صباح. قالها أنس بن مالك t خادمه r: شهدت يوم دخل المدينة رسول الله فما رأيت يوماً قط كان أحسن ولا أضوأ من يوم دخل علينا فيه، وشهدته يوم مات فما رأيت يوماً كان أقبح ولا أظلم من يوم مات فيه r. إرهاصات ومقدمات وفاته r: 1) فتح مكة ودخول الناس في دين الله أفواجاً حتى نزل عليه قول الله تعالى: "إذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً". قال ابن عباس رضي الله عنهما في هذه السورة: نعيت إلى رسول الله r نفسه حين نزلت فأخذ بأشدِّ ما كان قط اجتهاداً في أمر الآخرة. وقد لاحظت عائشة رضي الله عنها هذا التغير في دعائه آخر حياته فكان يكثر من قول: "سبحان الله وبحمده، أستغفر الله وأتوب إليه" فتسأله عن هذا عائشة رضي الله عنها فيقول: "خبرني ربي أني سأرى علامة في أمتي فإذا رأيتها أكثرت من الدعاء بهذا". رواه مسلم 2) ومن ذلك أنه r كان يعتكف كل سنة عشراً في رمضان، فاعتكف في السنة الأخيرة عشرين ليلة، وكان جبريل يعارضه القرآن مرة في رمضان فعارضه في السنة الأخيرة مرتين. 3) ما رواه الإمام أحمد عن معاذ بن جبل t قال: لما بعثه رسول الله r إلى اليمن خرج معه رسول الله r يوصيه، ومعاذاً راكب ورسول الله r يمشي تحت راحلته فلما فرغ قال: يا معاذ إنك عسى ألا تلقاني بعد عامي هذا، لعلك تمر بمسجدي هذا وقبري، فبكى لفراق رسول الله r. 4) ومن ذلك أن خرج للحج في السنة العاشرة، وكان الناس حوله فكان يقول بين الفينة والأخرى: "خذوا عني مناسككم، اسمعوا مني، فلعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا.." 5) ومن ذلك أنه r كان يرغِّب في كثرة ملازمته والجلوس إليه قبل أن يحرموا من ذلك ففي صحيح مسلم كان r يقول: "والذي نفس محمدٍ بيده ليأتينّ على أحدكم يوم لا يراني، ثم لأن يراني أحب إليه من أهله وماله معهم". 6) ويأتيه عمّه العباس بن عبدالمطلب t ويقول: رأيت يا رسول الله في المنام كأن الأرض تنزع إلى السماء بأشطان شداد – أي أن الأرض تجذب إلى السماء بجبال غليظة – فيفسرها r ويقول: "ذاك وفاة ابن أخيك". 7) وفي أواخر العام صفر من العام الحادي عشر للهجرة خرج إلى البقيع، فعن أبي مويهبة مولى رسول الله r قال: بعثني رسول الله r من جوف الليل، فقال: "يا أبا مويهبة إني قد أُمرت أن أستغفر لأهل البقيع، فانطلق معي" فانطلقت معه، فلما وقف بين أظهرهم قال: "السلام عليكم يا أهل المقابر، ليهنَ لكم ما أصبحتم فيه مما أصبح الناس فيه، لو تعلمون ما نجاكم الله منه، أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم، يتبع أولها آخرها، الآخرة شرّ من الأولى"، قال: ثم أقبل عليّ فقال: "يا أبا مويهبة، إني قد أُوتيت مفاتيح خزائن الدنيا والخلد فيها ثم الجنة، وخُيّرت بين ذلك وبين لقاء ربي عز وجل والجنة" قال: قلت بأبي وأمي فخذ مفاتيح الدنيا والخلد فيها ثم الجنة، قال: "لا والله يا أبا مويهبة، لقد اخترت لقاء ربي عز وجل والجنة" ثم استغفر لأهل البقيع. رواه الدارمي الطبراني وأحمد. oوفي اليوم التاسع والعشرين من شهر صفر سنة 11هـ يوم الاثنين شهد رسول الله r جنازة بالبقيع، ورجه منها معصوب الرأس، وقد أصاب عائشة رضي الله عنها صداع، فلما دخل عليها قال عائشة: وارأساه، فقال r: "بل أنا وارأساه"، أصابه صداعٌ شديد، وأخذته الحمّى حتى إنهم ليجدون حرّها من فوق التي تعصب رأسه، وإذا به صداع الموت، ومرض الفراق، فكان مرضه r إلى أن مات ثلاثة عشر أو أربعة عشر يوماً. ويوماً فيوماً والنبي r يثقل به المرض ويزداد، وهو يخرج ويصلّ بالناس، حريصاً على دعوتهم وتوجيههم، يدور على نسائه، وكان يسأل كل يوم أين أنا غداً؟ أين أنا غداً؟ أي عند من نسائه، يريد يوم عائشة، فلما كان يوماً في بيت ميمونة رضي الله عنها أم المؤمنين اشتد عليه البأس، وشدة وطأة المرض، فاستأذن أزواجه أن يمرض في بيت عائشة رضي الله عنها، فأذنّ له، فانتقل إلى عائشة يمشي بين الفضل بن عباس وعلي بن أبي طالب، عاصباً رأسه، تخط قدماه في الأرض حتى دخل بيتها، فقضى عندها آخر أسبوعٍ في حياته، فسكنت نفسه في بيت عائشة وارتاح للتمريض عندها. oوفي يوم الأربعاء السابع من ربيع الأول قبل وفاه r بخمسة أيام، وعند قرب صلاة الظهر تتقد حرارة بدنه، وشتد به الوجع، فقال: "أهريقوا عليّ سبع قرب من الماء، حتى أخرج إلى الناس، فأعهد إليهم"، فأقعدوه في مخضب، وصبوا عليه من الماء، حتى طفق يقول: "حسبكم، حسبكم" بعدها دخل المسجد وهو معصوب بعصابة سوداء، وهو بين علي والعباس يتكئ عليهم ورجلاه تخط في الأرض من شدة المرض، فأجلساه على المنبر والناس مجتمعون حوله، والعيون ترتقب حبيبها وإمامها، فلما رأى r الناس خطب بهم: "يا أيها الناس، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، لعنة الله على اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد، يا أيها الناس إني لاقٍ ربي وسوف أخبره بما أجبتموني به، يا أيها الناس، من سببته أو شتمته أو أخذت من ماله فليقتص مني الآن قبل ألا يكون درهم ولا دينار، أيها الناس من كنت جلدت له ظهراً فهذا ظهري فليستقد منه، ومن كنت شتمت له عرضاً فهذا عرضي فليستقد منه" يقول أنس: فنظرت إلى الناس كلٌّ واضعٌ رأسه بين رجليه من البكاء، وهم يقولون: فديناك بآبائنا وأمهاتنا يا رسول الله. ثم نزل فصلّى الظهر بالناس، ثم رجع فجلس على المنبر فقال: "أيها الناس، أوصيكم بالأنصار فإنهم كرشي وعيبتي وقد قضوا الذي عليهم، وبقي الذي لهم، فاقبلوا من محسنهم وتجاوزا عن مسيئهم"، ومعنى كرشي وعيبتي، أراد بهم بطانته وموضع سرّه وأمانته، "أيها الناس، إن عبداً خيّره الله بين أن يؤتى من زهرة الدنيا ما شاء، وبين ما عند الله، فاختار ما عنده"، فبكى أبو بكر وقال: فديناك بأبائنا وأمهاتنا، بقول أبو سعيد الخدري t فعجبنا لبكاء أبي بكر وقوله، وعلمنا فيما بعد أن المخيّر هو رسول الله r وأن أبا بكر أعلمنا، ثم قال r: "إن من أمنّ الناس عليّ في صحبته وماله أبا بكر، ولو كنت متخذاً خليلاً من أمتي لاتخذت أبا بكر إلا خلّة الإسلام، لا يبقين في المسجد خوخة إلا خوخة أبي بكر". oوفي يوم الخميس قبل وفاته r بأربعة أيام، وكان ابن عباس رضي الله عنهما كلما تذكر هذا اليوم بكى ويقول: يوم الخميس وما أدراك ما يوم الخميس، ويبكي حتى يبلّ دمعه الحصى. وبعدما صلّى بالناس في ذلك اليوم صلاة المغرب وقرأ فيها بالمرسلات عرفاً، ثم جاءت صلاة العشاء فلم يستطيع الخروج للمسجد قالت عائشة رضي الله عنها فقال النبي r: "أصلّى الناس؟" قلنا: لا يا رسول الله هم ينتظرونك، قال: "ضعوا لي ماءً في المخضب" وهو المغتسل، ففعلنا فاغتسل فقام ليذهب للمسجد فأغمي عليه ثم أفاق، فقال: "أصلّى الناس؟" قلنا: لا هم ينتظرونك، فقال: "ضعوا لي ماءً في المخضب" فاغتسل وأراد القيام فأغمي عليه خمس مرات، كلما قام أغمي عليه بأبي هو وأمي، وفي الخامسة قال بصوت قد هدّه المرض: "مروا أبا بكر فليصلّ بالناس"، فكرهت عائشة رضي الله عنها ذلك لئلا يتشاءم الناس بأبيها بعد رسول الله r، وهيهات هيهات من الذي يُسدُّ مكانه، فقالت: يا رسول الله: إن أبا بكر رجل رقيق إذا قرأ القرن لا يملك ومعه، فلو أمرت بغيره، وأشارت إلى حفصة أن تقول مثل قولها: فقال r: "إنكن لأنت صواحب يوسف، مروا أبا بكر أن يصلّي بالناس". فأتوا إلى بلال وقالوا له: إن رسول الله r يقول لك: مر أبا بكر فليصل بالناس، فيبكي أبا بلال t، فالإمام العظيم اليوم يترك مكانه، والمحراب سيفقد شخصه الطاهر، اليوم سيفقد بلال والصحابة ذاك الصوت الرخيم المؤثر في القلوب يوم أن يرتل آيات القرآن يهزّ بها القلوب، ألا ما أعسرها من لحظة حق لبلال البكاء، سنيني عدداً وهو لا يصلّي إلا خلفه ولا يرى إلا ظهره واليوم يأتي ليصلي خلف غيره، وأنّى للغير أن يكون مثله. فيتلفت بلاب وإذا بأبي بكر لم يكن آنذاك موجوداً، فدعي عمر t ليصلّي بالناس، فعندما سمع صوته r صاح من حجرته من حجرة عائشة، وقال: "يأبى اللع ورسوله والمؤمنون إلا أبا بكر، يأبى الله ورسوله والمؤمنون إلا أبا بكر"، فيرجع عمر وينتظر الناس مقدم الصديق t ليصلّي بالناس صلاة العشاء ذاك اليوم. ورسول الله r يتقلب على فراشه طيلة تلك الأيام الأخيرة، يسمع الأذان، وكان صوت الأذان حبياً إلى قلبه، أحبّ الأصوات إليه، الله أكبر يوم يرددها بلال صافياً قوياً فتنبعث إلى قلب من أتى بالله أكبر، لكن لا يجيب، فقد r أُنس الجماعة ___ الصفوف حينما تجد وراءه. فدىً لك من يقصر عن مداك فما شهمٌ إذاً إلا فداك أروح وقد ختمت عل فؤادي بحبك أن يحلّ به سواك إذا اشتبهت دموعٌ في خدود تبين من بكى ممن تباكى وكان يوصي من زاره من الصحابة ذلك اليوم يوم الخميس بثلاث: بإخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب، وألا يبقى فيها دينان، وبإجازة الوفود بنحوا ما كان يجيزهم، وبإنفاذ جيش أسامة بن زيد إلى الشمال، ومن وصاياه أيضاً: "لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله عز وحل". oوفي يوم السبت لم يطق r صبرا على ترك الجماعة في الصلاة، وأنّى لقلبه أن يتحمل ذاك، فيخرج r الظهر، وأبو بكر يصلّي فعندما ما رآه أراد وأن يتأخر فأومأ إليه ألا يتأخر فأجلسه بجانبه فجعل أبو بكر يصلّ وهو قائم بصلاة رسول الله r والناس يصلّون بصلاة أبي بكر. |
|||
15-11-2008, 05:29 PM | رقم المشاركة : 9 | |||
|
قرأ القرن لا يملك ومعه، فلو أمرت بغيره، وأشارت إلى حفصة أن تقول مثل قولها: فقال r: "إنكن لأنت صواحب يوسف، مروا أبا بكر أن يصلّي بالناس". فدىً لك من يقصر عن مداك فما شهمٌ إذاً إلا فداك أروح وقد ختمت عل فؤادي بحبك أن يحلّ به سواك إذا اشتبهت دموعٌ في خدود تبين من بكى ممن تباكى وكان يوصي من زاره من الصحابة ذلك اليوم يوم الخميس بثلاث: بإخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب، وألا يبقى فيها دينان، وبإجازة الوفود بنحوا ما كان يجيزهم، وبإنفاذ جيش أسامة بن زيد إلى الشمال، ومن وصاياه أيضاً: "لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله عز وحل". oوفي يوم السبت لم يطق r صبرا على ترك الجماعة في الصلاة، وأنّى لقلبه أن يتحمل ذاك، فيخرج r الظهر، وأبو بكر يصلّي فعندما ما رآه أراد وأن يتأخر فأومأ إليه ألا يتأخر فأجلسه بجانبه فجعل أبو بكر يصلّ وهو قائم بصلاة رسول الله r والناس يصلّون بصلاة أبي بكر. وعاد r إلى بيته والحمى تنفضه نفضاً والحرارة تشتعل في جسده الشريف، تقول عائشة رضي الله عنها: ما رأيت رجلاً أشد عليه الوجع من رسول الله r. ويقول عبدالله بن مسعود t: دخلت على رسول الله r وهو يوعك فمسسته بيدي، فقلت: يا رسول الله إنك لتوعك وعكاً شديداً، فقال رسول الله r: "أجل إني أوعك كما يوعك رجلان منكم" قال: فقلت: ذلك أن لك أجرين، فقال رسول الله r: "أجل" ثم قال رسول الله r: "ما من مسلم يصيبه أذىً من مرض فما سواه إلا حطّ الله به سيئاته، كما تحط الشجرة ورقها". oوفي يوم الأحد الحادي عشر من ربيع الأول قبل وفاته، أعتق r غلمانه، وتصدّق بسبعة دنانير كانت عنده، ووهب للمسلمين أسلحته، وفي الليل استعارت عائشة الزيت للمصباح من جارتها، وكانت درعه مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعاً من الشعير. oوفي يوم الاثنين الثاني عشر من ربيع الأول يوم وفاته r وفي صلاة الفجر يقول أنس t: كشف r ستر حجرة عائشة فنظر إلينا ونحن نصلي الصبح خلف أبي بكر لكأن وجهه ورقة مصحف، ثم تبسّم يضحك، فنكص أبو بكر على عقبيه، ليصل الصف، ظن أن رسول الله r يريد أن يخرج إلى الصلاة، فقال أنس: وهمّ المسلمون أن يفتنوا في صلاتهم فرحاً واستبشاراً برسول الله r، ظننا أنه قد برئ من المرض، فيشير بيده r أن أتمّوا صلاتكم، ثم دخل الحجرة وأرخى الستر. ويا لله إنه المنظر الأخير، إنه التبسم الأخير، إنه النظر الأخير، لكأنه r أراد أن يطمئن على وحدة المسلمين خلف إمامهم، ورأى أثمر غرس دعوته وجهاده، أراد أن يطمئن على صلاتهم في حضرة نبيهم وغيبته، وقد قرت عينه بهذا المنظر البهيج وملأ السرور قلبه، ودخل أبو بكر على ابنته عائشة وقال: ما أرى رسول الله إلا قد أقلع عن الوجع، وهذا يوم بنت خارجه – إحدى زوجاته – وكانت تسكن بالسُّخ، فركب الصدّيق على فرسه وذهب إلى منزله. وعند الضحى يدعو r ابنته فاطمة فيسرّها بأنه يقبض في وجعه الذي هو فيه فتبكي ثم يسارّها بأنها أول أهله لحوقاً به وأنها سيدة نساء العالمين في الجنة فتضحك. ورأت فاطمة ما برسول الله r من الكرب الشديد الذي يتغشاه فقالت ___: وا كرب أبتاه، فقال لها: ليس على أبيك كربٌ بعد اليوم. ثم طلب r الحسن والحسين فقبّلهما، وأوصى بهما خيراً، ودعا أزواجه فوعظهن وذكهن. وطفق الوجع يشتد ويزيد، وقد ظهر أثر السم الذي وضعته له اليهودية في خيبر فكان يقول: يا عائشة ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر، فهذا أوان انقطاع أبهري من ذلك السم. وجلس r يردد بين الفينة والأخرى مراراً وتكراراً: "الصلاة، الصلاة وما ملكت أيمانكم"، وبدأت سكرات الموت تعالج روحه الشريفة وكان بين يديه r ركوة ماءً، فيدخل يديه الشريفتين فيها ويمسح بهما وجهه ويقول: "لا إله إلا الله إن للموت لسكرات"، وأسندته عائشة رضي الله عنها إلى حجرها، وجعلت تقرأ المعوذات، والعرق يتصبب منه r تصبباً عظيماً، فيدخل حينها عليه أسامة بن زيد t، وقد صمت r فلم يقدر على الكلام، فجعل يرفع يديه إلى السماء ثم يضعها على أسامة، فعرف أنه يدعو له. ودخل عليهم يعود عبدالرحمن بن أبي بكر وفي يده سواك، فيشخص إليه رسول الله rببصره، فعلمت عائشة رضي الله عنها أنه يريد السواك، تقول عائشة فتناولته وقضمته ولينته له فاستاك به r كأشد ما كان يتسوك به في حياته، أخذ يدير السواك في فيه بقوة ليلقى الله طيباً. تقول عائشة فعندما فرغ منه رفع يده واحسبه وشخص ببصره نحو السقف، وتحركت شفتاه فأصغت إليه وهو يقول: "مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصدّيقين، والشهداء والصالحين، اللهم اغفر لي وارحمني، وألحقني بالرفيق الأعلى، اللهم الرفيق الأعلى، اللهم الرفيق الأعلى، اللهم الرفيق الأعلى" ثم مالت يده ولحق بالرفيق الأعلى ضحى يوم الاثنين الثاني عشر ربيع الأول سنة إحدى عشرة للهجرة وقد تم له ثلاث وستون سنة وأربعة أيام. اللهم صلّ وسلّم على حبيبنا محمد عدد الأنفاس وعدد ما درج على هذه الأرض من الناس. اللهم صلّ وسلّم على حبيبنا محمد عدد قطر الأمطار وعدد ورق الأشجار. اللهم صلّ وسلّم على حبيبنا محمد عدد التراب والحجر، وعدد ما أزهر الزهر وأنتج الثمر. اللهم صلّ وسلّم وبارك وأنعم على نبينا وحبيبنا محمد ليلاً ونهاراً وسرّاً وجهاراً ومراراً وتكراراً، نشهد بالله أن بلّغ البلاغ المبين، وضحى بدمه والغالي والثمين، ورفع لواء توحيد رب العالمين، ودعا وبشّر وأنذر وذكّر وحذّر فداه روحي وأبي وأمي. إمام المرسلين فداك روحي وأرواح الأئمة والدعاة ويا علم الهدى يفديك عمري ومالي يا نبي المكرمات فداك الكون يا عطر السجايا فما للناس دونك من زكاة رفعت منازلاً وشرحت صدراً ودينك ظاهرٌ رغم الغداة وذكرك يا رسول الله زادٌ تضاء به أسارير الحياة وأعلى الله شأنك في البرايا وتلك اليوم أجلى المعجزات رسول الله قد أسبلت دمعي ونز القلب من لحج البغاة عليك صلاة ربي ما تجلّى ضياءٌ واعتلى صوت الهداة ولو سفكت دمانا ما قضينا وفادك والحقوق الواجبات وسجته عائشة رضي الله عنها ببرد عندها، وبلغ الخبر المسلمين فإذا به كالصاعقة على نفوسهم، الدنيا عليهم أظلمت، وضاقت بهم الأرض بما رحبت، والمدينة لهم استوحشت فما هي بالتي يعرفون، ولا والله على ذلك يلامون، واجتمعت الجموع حول بيته r ما بين مصدّق ومكذّب. يقول ابن رجب رحمه الله: اضطرب المسلمين فمنهم من دهش فخولط، ومنهم من أُقعد فلم يطق القيام، ومنهم من اعتقل لسانه فلم يطق الكلام... ويقف عمر t أمام الناس عند بيته r وقد أخرجه الخبر عن وعيه ويقول: إن رجالاً من المنافقين يزعمون أن رسول الله r توفّي، وإن رسول الله r ما مات، لكن ذهب إلى ربه كما ذهب موسى بن عمران، فغاب عن قومه أربعين ليلة، ثم رجع إليهم بعد أن قيل قد مات، ووالله ليرجعن رسول الله r فليُقطّعن أيدي رجال من المنافقين وألسنتهم يزعمون أنه مات. وفي هذه الأثناء يأتي أبو بكر الصدّيق t وأرضاه، وكان بالسُّخ في أطراف المدينة، ويشق الجموع نحو الجموع نحو غرفة عائشة لا يكلم أحد، ويتجه إلى رسول الله r وهو مغشّى بثوب ___ فيكشف عن وجهه، ثم يكبُّ عليه يقبله ويبكي وهو يقول: بأبي أنت وأمي، لا يجمع الله عليك موتتين، أما الموتة التي كتبت عليك فقد متهّا. ثم يخرج للناس وعمر يخطب في الناس، فقال له أبوبكر: اجلس يا عمر، فأبى عمر أن يجلس، فأقبل الناس إلى أبي بكر وتركوا عمر، فيخطب ويقول كلمات الحق وهي مرة عليه، لكن الله أحق من كل شيء، أما بعد: فمن كان منكم يعبد محمداً فإن محمد قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حيٌّ لا يموت ثم تلا قول الله تعالى: "مَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ" عندها أيقن الناس الخبر، وسقط عمر t لم تحمله رجلاه على القيام، وضج الناس بالبكاء، وكلّ منهم يردد الآية: "ومَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ...". |
|||
15-11-2008, 07:25 PM | رقم المشاركة : 10 | |||
|
﴿وَمَا أرْسَلناكَ إلا رَحمةً لِلعَالمين﴾ الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله الساجد العابد الذي أرسلتَهُ للعالمين رحمة وأتممتَ به النعمة وجعلتَه صراطك المستقيم ونوركَ المبين . هو المثل الأعلى للبشرية من حيث أتيته وجدت النور والكمال والهداية والرحمة ، قال تعالى: ﴿ لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم ﴾.فرسول الله كان أغنى الناس نفساً وكان أرجح الناس عقلاً وكان أذكى الناس فكراً ، كان أعظم الناس نظراً ورحمة فما علمت البشرية على وجه الأرض أرحم من محمد ، إسمع إليه وهو يقول صلى الله عليه وسلم الراحمون يرحمهم الرحمن إرحموا من في الأرض يرحمْكم من في السماء ) رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح . وقد يترك الأمر أحياناً إشفاقاً منه على أمته قوله صلى الله عليه وسلم ( لولا أن أشق على أمتي ) مما يدل على أنه - بأبي هو وأمي - قد يترك الأمر أحياناً رحمةً بأمته ألا تطيق ذلك . ومن مظاهر رحمته صلى الله عليه وسلم رحمته بالصغار ، فقد كان يقبل الصغار ويداعبهم بل ويكنّيهم ، روى البخاري عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذني فيقعدني على فخذه ويقعد الحسن بن علي على فخذه الآخر ثم يضمهما ثم يقول : ( اللهم ارحمهما فإني أرحمهما ).وجاءه أعرابي فرآه يُقبّل الحسن بن علي رضي الله عنهما فتعجّب الأعرابي وقال : " تقبلون صبيانكم ؟ فما نقبلهم " فرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم قائلاً : ( أو أملك أن نزع الله من قلبك الرحمة ؟ ) . ولما مات ولد إحدى بناته صلى الله عليه وسلم فاضت عيناه ، فقال سعد بن عبادة رضي الله عنه : " يا رسول الله ما هذا ؟ " ، فقال : ( هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده ، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء) . وكان الحسن والحسين يركبان على ظهره فكان يطيل السجود حتى ينتهيا من اللعب ، وسجد مرة فصعد الحسن على ظهره، فأطال السجود، فلما سلّم اعتذر للناس وقال:" إن ابني هذا ارتحلني، فكرهت أن أرفع رأسي حتى ينزل" أخرجه أحمد . وفي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رُفع له ابن بنته وهو صبي صغير ونفسه تتقعقع من الموت ففاضت عيناه عليه الصلاة والسلام فقال سعد بن عبادة : ماهذا يا رسول الله ؟ فقال : (هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده ، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء ) ، وروى البخاري أيضا من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم ليخالطنا حتى يقول لأخ لي صغير : يا أبا عمير ما فعل النغير والنغير تصغير نغر وهو طائر يلعب به ذلك الصبي فمات . إن رحمة رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تجاوزت حدود البشر حتى وصلت إلى البهائم والحيوانات فقد سبق رسول الله هؤلاء الذين يتشدقون بالرحمة وهم أبعد الناس عنها الذين ينادونا بجمعيات الرفق بالحيوان ، يحدثنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فانطلق لحاجته فرأينا حُمّرة ( طائراً صغيراً ) معها فرخان ، فأخذنا فرخيها فجاءت الحمّرة فجعلت تُفرّش ( أي ترفرف ) فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال : من فجع هذه بولدها ؟ ردّوا ولدها إليها. رواه أبو داود. بل إن رحمته بالحيوان بلغت مبلغا أشد من ذلك حتى عند الذبح ، فعن شداد ابن أوس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته ) رواه مسلم. ودخل النبي صلّى الله عليه وسلم ذات مرة بستاناً لرجل من الأنصار ، فإذا فيه جَمَل ، فلما رأى الجملُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم ذرفت عيناه ، فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسح عليه حتى سكن ، فقال : ( لمن هذا الجمل؟ ) فجاء فتى من الأنصار فقال: لي يا رسول الله ، فقال له: ( أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها ؛ فإنه شكا لي أنك تجيعه وتتعبه ) رواه أبو داوود . ولم تقتصر رحمته صلى الله عليه وسلم على الحيوانات ، بل تعدّت ذلك إلى الرحمة بالجمادات ، وقد روت لنا كتب السير حادثة عجيبة تدل على رحمته وشفقته بالجمادات ، وهي : حادثة حنين الجذع ، فإنه لمّا شقّ على النبي صلى الله عليه وسلم طول القيام ، استند إلى جذعٍ بجانب المنبر ، فكان إذا خطب الناس اتّكأ عليه ، ثم ما لبث أن صُنع له منبر ، فتحول إليه وترك ذلك الجذع ، فحنّ الجذع إلى النبي صلى الله عليه وسلم حتى سمع الصحابة منه صوتاً كصوت البعير ، فأسرع إليه النبي صلى الله عليه وسلم فاحتضنه حتى سكن ، ثم التفت إلى أصحابه فقال لهم : ( لو لم أحتضنه لحنّ إلى يوم القيامة ) رواه أحمد . وكان صلي الله عليه وسلم يوصي المجاهدين الفاتحين أن لا يقطعوا شجراً ولا يقتلوا شيخاً ولا صبياً ولا يعتدوا على امرأة ، ما عرف التاريخ مثل هذه الرحمة انظر إلى عفوه ورحمته في فتح مكة وهو المنتصر يقول لهم ما ترون أني فاعل بكم؟ قالوا خيراً أخ كريم وابن أخ كريم قال اذهبوا فأنتم الطلقاء وهكذا بدت النبوة بسموها وسماحتها ورقيها ورحمتها . أليست قريش هي التي قاومت دعوته وآذته وألجأته إلى الهجرة ؟ أليست هي التي تآمرت على قتله ؟ أليست هي التي حاربته وتحالفت ضده حتى مع اليهود ؟ ومع ذلك فإن رسول الله يرحم ويعطف فقد قال سيدنا سعد بن عبادة عندما مر بأبي سفيان في فتح مكة : اليوم يوم الملحمة اليوم تستحل فيه الكعبة ، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم ( اليوم يوم المرحمة ) ، وأصدر عفوه العام عن قريش التي لم تدّخر وسعاً في إلحاق الأذى بالمسلمين ، فقابل الإساءة بالإحسان ، والأذيّة بحسن المعاملة . عن عطاء رضي الله عنه قال: قلت لعبد الله بن عمرو أخبرني عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة، قال: أجل والله إنه لموصوف في التوراة بصفته في القرآن ، يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً وحرزًا للأميين، أنت عبدي ورسولي، سميتك المتوكل، لا فظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق ولا يدفع بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويغفر، ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء، بأن يقولوا لا إله إلا الله، ويفتح بها أعينًا عميًا وآذانًا صمًا وقلوبًا غلفًا - رواه البخاري وعندما قيل له أُدع على المشركين قال صلى الله عليه وسلم "إني لم أبعث لعانًا، وإنما بعثت رحمة" - رواه مسلم . قال عليه الصلاة والسلام : " اللهم إنما أنا بشر ، فأيُّ المسلمين سببته أو لعنته ، فاجعلها له زكاة و أجراً " رواه مسلم . كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم : ( اللهم من وليَ من أمرِ أمتي شيئاً ، فشقَّ عليهم ، فاشقُق عليه ، و من ولي من أمر أمتي شيئاً ، فرفق بهم ، فارفق به . سيدي يارسول الله: و إذا رحمت فأنت أمّ أو أب هذان في الدنيا هما الرحماء رسالته رحمة ، وشريعته رحمة ، وتعاليمه رحمة ، فقد قال عن نفسه كما أخرج الدارمي مرسلاً والحاكم موصولاً عن أبي هريرة :وإذا سخوت بلغت بالجود المدى و فعلت ما لم تفعل الأنواء و أبديت حلمك للسفيه مداريا حتى يضيق بحلمك السفهاء و إذا أخذت العهد أو أعطيته فجميع عهدك ذمة ووفاء ( إنما أنا رحمة مهداة) أنا ما مدحت محمدا بمقالتي لكن مدحت مقالتي بمحمد اللهم صلي علي عبدك ونبيك محمد وصلي عليه في الأولين والآخرين وفي الملأ الأعلى إلي يوم الدين وصلي عليه في كل وقت وحين . الشيخ / أحمد محمود علي شعبان شبراويش/ المنصورة |
|||
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
مائة خصلة انفرد بها رسول الله صلى الله عليه وسلم | admin | السيرة النبويه الشريفة وأحوال الصحابة والتاريخ الإسلامى | 3 | 03-08-2010 05:16 PM |
من هو خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم | المهديين | عقيدة أهل السنة والجماعة | 0 | 06-07-2010 10:44 PM |
تصميم: أعرف نبيك صلى الله عليه وسلم | مصممة بلوشية | السيرة النبويه الشريفة وأحوال الصحابة والتاريخ الإسلامى | 6 | 06-04-2010 02:58 AM |
دعاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد ركعتى الفجر | اخت مسلمة | السيرة النبويه الشريفة وأحوال الصحابة والتاريخ الإسلامى | 9 | 02-04-2010 03:16 AM |
هدي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في علاج السحر المدفون/متجدد | مجد الغد | رحيق الحوار العام | 5 | 22-12-2008 12:53 AM |
|