منتديات شو ون شو  

العودة   منتديات شو ون شو > القسم العام > رحيق الحوار العام
التسجيل مشاركات اليوم البحث

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 13-04-2009, 10:18 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
الله ربي ومحمد رسول الله
إحصائية العضو







آخر مواضيعي


طالب عفو ربي غير متواجد حالياً


افتراضي الجن والسحر والحسد

انقل لكم محضرات الدكتور محمد راتب النابلسي عن الجن و السحر والحسد



وهذا الي اهمية الموضوع الذي يشغل الناس والشباب والفتيات .. لعل يكون عوناّّّّ لهم في معرفة الحقيقة واليقين بالله


(1)


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا ، إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا ، وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً ، وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً ، وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، و أدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
أيها الإخوة المؤمنون : مِن أكثر الأسئلة التي ترد لمن يعمل في حقل الدعوة قضايا السحر ، و قضايا الجن ، وهناك آلاف القصص حولها ، ذلك أنّ فلانًا دخل فيه جني ، والشيخ الفلاني وعَدَنا أن يخرجه ، وقضية أخرى أنّ فلانًا مسحور ، وفلانًا محسود ، وعين الحاسد تبلى بالعمى ، وما إلى ذلك ، قصص لا تعد ولا تحصى حول موضوع الحسد وموضوع السحر .
الشيء الثابت أن الحسد ورد في القرآن الكريم ، قال تعالى :

( سورة الفلق )
والشيء الثابت أنّ السحر ورد في القرآن الكريم ، نحن بين أيدينا تعليمات الصانع ، كلُّ ما في القرآن حقٌّ ، لا يأتيه الباطل مِن بين يديه ولا مِن خلفه ، ولكن الإشكال : يا ترى هؤلاء السحرة هل أعطاهم الله قدرةً أن يضروا مَن يسحروه ؟ إن أعطاهم قدرة ينشأ إشكال ثانٍ ، أنا علاقتي مع مَن إذاً ؟ يجب أن أتقي غضب هذا الساحر ، وكذلك الجن ، وكذلك الحاسد ، فهل هناك حاسد ، وجني ، وساحر .
كيف أجمع بين أن السحر والحسد ورد في القرآن الكريم ، وهو ثابت قطعاً ، وبين أن الإنسان حر ، ومحاسب عن أعماله الاختيارية ، وأن الله بيده كل شيء ؟ هنا الموضوع دقيق ، ويحتاج إلى أمثلة كثيرة ، فمثلاً سمَح الله عز وجل لقومِ إبراهيمَ أن يلقوا القبض عليه ، فلو أنهم لم يلقوا القبض عليه لقالوا : لو وقع في أيدينا لنكلتْ به آلهتنا ، سمح لهم أن يلقوا القبض عليه ، وسمح لهم أن يضرموا ناراً عظيمة ليحرقوه ، وكان من الممكن أن يختفي ، ويمكنهم أن يقبضوا عليه ، وهو نبي عظيم ، وهو أبو الأنبياء ، وكان من الممكن لهذه النار المشتعلة أنْ تأتيها أمطار غزيرة فتطفئُها ، ولقال عبّاد الأحجار والأوثان عندئذٍ : لولا هذه المطر لنكلتْ به آلهتُنا ، في النهاية لا يقع إلا ما يريده الله قال تعالى :
( سورة الأنبياء )
كيف يكون الإنسان مخيرًا ، والفعل بيد الله عز وجل ؟ لو أن مجرمًا أراد قتل إنسان ، فإنه يشتري المسدس ، ويمكنه من شراء المسدس ، ويمكنه من التدرب عليه ، ويمكنه أن يجتمع بعدوه في مكان خالٍ ، أيْ يسَّر كل الأسباب ، ولكن ليس باختياره أن يقتل أو لا يقتل ، قد تطيش الرصاصة فينجو المقتول ، قد يسمع صوتاً مخيفاً فيقع المسدس من يده ، قد ينحني فجأةً فينجو من هذه الرصاصة ، الله عز وجل يمكِّن وينسق والفعل فعله ، لو وُجِد سحرة وحاسدون ، لو وُجِدَ أعداء ، لو وجِدَ جن ، فهذه مخلوقات مخيرة يمكنها الله عز وجل مِن الأخذ بالأسباب ، ولكن هذه الأسباب لا تفعل فعلها إلا إذا أراد مسبب الأسباب .
يمكِّن الله عز وجل هذه المخلوقات مِن أنْ تأخذ بالأسباب ، لكن الله جل جلاله بيده أن يعطي هذه الأسباب فاعليتها ، أوْ لا يعطي ، لذلك هناك دعاء رائع في موضوع السحر : اللهم إنك قد أقدرت بعض خلقك على السحر والشر ، ولكنك احتفظت لذاتك بإذن الضر ، فأعوذ بما احتفظت به ممّا أقدرت عليه بحق قولك : (وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاّ بِإِذْنِ اللَّهِ) .
هذه الآية اعتبرْها دستورًا ، لا تستطيع جهة على وجه الأرض : ساحر ، جني ، حاسد ، عدو ، أن يصل إليك إلا إذا سمح الله ، يمَكِّنه من كل الأسباب ، أما أن يكون بيده أن تفعل هذه الأسباب فعْلَها فلا ، لأنّ هذا بيد الله وحده ، هناك سحر ، وجن ، وحساد ، وأشرار ، وقد مُكِّنوا من الأسباب ، أما أن تفعل هذه الأسباب فِعْلَها فهذا لا يكون إلا بإذن رب العالمين .
أيها الإخوة : قصص لا تعدُّ ولا تحصى ، فمثلاً نافذة في طائرة كسرت فجأةً ، وكانت تركب إلى جانبها امرأةٌ ذاهبة من الرياض إلى الباكستان ، فدخلت الريحُ مِن هذه النافذة فسحبتْ ولديها ، ووقعا في فوق بحر الخليج من ارتفاع أربعين ألف قدم ، واليقين القطعي أن هذين الطفلين ماتا ، وفي الباكستان أعلمت هذه الأم أهلها بموت ولديها ، وبعد أسبوعين جاءت رسالة تدعو الأم إلى أن تأتي إلى الخليج على حساب الشركة فإذا بولديها أمامها.
فمِن الممكن للإنسانٍ أنْ يملك الأسباب كلها بإذن الله عز وجل ، لكن يبقى الفعلُ فعْلَه ، أسباب الموت قائمةً مائة بالمائة ، وسقط هذان الطفلان الصغيران أمام صياد ، فغاص في الماء ، وأنقذهما ، وأوصلهما إلى مستشفى .
وإنسان آخر يقع من طائرة فوق جبال الألب ، على ارتفاع أربعين ألف قدم ، تنشطر الطائرة إلى جنب مقعده ، والموت محقق فتهوي على غابة من الصنوبر في جبال الألب ، سماكة الثلج خمسة أمتار والأغصان مرنة نزل واقفاً سليمًا ، يمكن أن تأخذ بكل الأسباب ، أما أن تفعل هذه الأسباب فعْلَها فهذا بيد الله وحده ، اجعل هذه الآية منهجًا ، قال تعالى:

( سورة البقرة ) ( سورة إبراهيم )
قد تغرق عَبَّارةٌ في البحر الأحمر ، وعليها ثمانمائة راكب ، فينجو مَن ينجو بقدر الله ، ويموت مَن يموت بقدر الله ، وقد يقع بناء فينجو مَن ينجو ، ويموت من يموت ، قد يأتي عمود فوق إنسان مِن البناء الذي انهار فيحميه من تهشم جمجمته ، ويسمح له بالهواء ، فيقال : بقي ستًا وثلاثين ساعة تحت الأنقاض ، ثم أنقذ ، بينما إنسان يموت لأتفه سبب ، مرة في الحرب الأخيرة مع الصهاينة ، حرب تشرين ، جرى قصف ، فأحد البيوت سقطتْ عليه قذائف كثيرة فأصبح البيت أربع بلاطات ، كل بلاطة عشرين سم ، البناء كله سماكته أقل من متر ، أحد أصحاب البيوت يعمل في الحريقة تاجرًا ، فلما علم أن البناء تهدم جاء فوقع مغمى عليه ، وفي هذا البيت زوجة وخمسة أولاد ، أُخِذ إلى بيت أهل زوجته ، فإذا زوجته وأولاده الخمسة موجودون هناك ، فما هي القصة ؟ جاء أخو الزوجة مِن سفرٍ ، وأخبرها أني وصلت بإجازة بعد ساعات فتعالي إلي ، وتعلق بها أبناؤها بأنه لابد أن نذهب معكِ ، فقبْل انهيار البناء خرجت من البيت ، بينما إنسان آخر جاء إلى البيت ليلقى حتفه ، قضية الموت والحياة ، قضية السحر ، قضية الجن ، الأشرار كثيرون ، وما أشدّ ضررهم ، ولكن واللهِ أيها الإخوة لا يستطيعون أن يخدشوا خدشاً إلا بإذن الله ، فاطمئن ، وكن مع الله ، ولا تبالِ .
كن مع الله ترَ الله معك واترك الكل وحاذر طمعك

هذه أول حقيقة ، قال تعالى :

( سورة البقرة )
الأمثلة لا تعد ولا تحصى ، قد تنجو والموت كان محقَّقًا ، وقد يموت الإنسان لأتفه سبب ، رجل غني كبير ، ذكي ، ومتمكن جداً ، في أوج نجاحه وتألقه ، وصحته ، خطر في باله أن يجدد قاطعًا كهربائيًّا في الحمام ، فجاء بمَن يجدِّد له هذا القاطع الكهربائي ، فقال له : لو نرفعه إلى أعلى يا سيدي ، وهو رجل من علية القوم بالمقياس المادي ، وليس بالمقياس الديني ، وفي اليوم التالي أراد أن يستعمله فلم يصل إليه ، فأحضر كرسيًا ، وصعد عليه ، فوقع ، فدخل الكرسي في مقعدتِه ، وبقي ثمانية عشر يومًا في المستشفى ، حتى انتهى به المرض إلى الموت ، لأتفه سبب ، وقد تنجو بمعجزة .
فهناك سحر ، وجن ، وحساد ، وأشرار ، لكنّ الله موجود ، والله بيده كل شيء ، الضر بيده ، النفع بيده ، قد يمكِّن عدوه مِن الأخذِ بكل الأسباب .
في الهجرة أحاطوا بمنزل رسول الله ، ولو خرج قبل أن يحيطوا به لقالوا : نجا قبْل محاصرته ، ولو أمسكناه لكانت القاضية ، ولكن الله مكَّنهم أن يحيطوا به ، ومكنهم أن يحملوا السيوف ، وائتمروا على قتله ، فلما أراد الله له الهجرة ما رأوه حين خرج إطلاقاً ، وقال : شاهت الوجوه .
الأمر بيد الله ، قال له أبو بكر في الغار : لقد رأونا ، قال له : يا أبا بكر ، ما ظنك باثنين الله ثالثهما ، قال له : ثم لقد رأونا ، قال له : ألم تقرأ قوله تعالى : (وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ) .
أحياناً تقف أمام إنسان بإمكانه أن يؤذيك ، فتراه يتساهل معك ، ورحب بك ، سهّل لك أمورك بشكل عجيب ، وإنسان آخر يبحث لك عن مشكلة تافهة ، يجعلها أكبر عقبة أمامك ، مشكلة لا تحل في سنتين ، ينقصها توقيع ، أو رقم ، ويتعلَّل بأتفه التعليلات ، وأكبر مشكلة تحل بأتفه سبب ، ليس ثمة قاعدة ، بقد مكّن اللهُ عباده من الأسباب ، أما أن تفعل هذه الأسبابُ فعْلَها فلا ، لأنّ فعْلَها بيد الله عز وجل ، قال تعالى :

( سورة البقرة )
أيها الإخوة : مع موضوع دقيق ، الحسد خلاصتُه أنّ إنسانًا يتمنى زوال النعمة عن أخيه دون أن تتحوّل إليه ، لو أنه أراد أن تتحول عن أخيه إليه لكان هذا موضوعًا آخرَ ، نقول : إنه تنافس ، أما الحاسد فلا يتمنى إلا أن تزول النعمة عن المحسود ، دون أن يستفيد شيئاً ، الحاسد إنسان شرير ، لذلك كثرة الظهور تقصم الظهور ، لا تظهر كثيراً ، كن بشكل طبيعي ، قال تعالى :
( سورة القصص ) كل إنسان يفتخر بمتاع الحياة الدنيا حوله حساد كثيرون ، يا ترى هذا الحاسد قد يملك أسباب إيذاء المحسود ، فالسرُّ مجهول ، والحدث موجود ، هناك شيء يقرب الموضوع تقريبًا لطيفًا ، أخيرًا توصَّل العلماء إلى إجراء عمليات معقدة جداً بأشعة الليزر دون مشرط ، دون فتح بطن ، ودون فتح عين ، أشعة الليزر دقيقة دقيقة ، وخفية خفية ، تتسرب إلى جسم الإنسان ، وتحرك بأدوات من خارج الجسم ، وتجرى بعض العمليات في تفتيت حصاة بالليزر ، وكذلك في ترقيع شبكية بالليزر ، واللهُ أعلم فلعلّ الحاسد تخرج منه قوة خفية تتغلغل في نفس المحسود ، ورد هذا في حديث ، لكن هذا الحديث يحتاج إلى مراجعة ، وخلاصته : أن العين أي عين الحاسد تضع الجمل في القدر والرجل في القبر ، يؤكد هذا قول الله عز وجل : ( سورة الفلق )
أهم نقطة في هذا الموضوع أن المحسود إذا كان موصولاً بالله فلا يستطيع الحسد أن يؤثر فيه إطلاقاً .
أمّا المحسود الغافل عن الله ، والحاسد الحاقد ، ولعل عنده أشعة ، وهذا الشيء يعلمه معظم الناس ، فمثلاً إنسان أظهر ما عنده من متاع الحياة الدنيا أمام إنسان محروم ، وبعيدٍ عن الله ، وهو شاكٌّ في عدالة الله ، وهو محروق على أن يكون مثل فلان ، لعل هناك أشعة تخرج منه فتؤذي هذا المحسود ، فالحاسد إنسان شرير ، والحاسد إنسان كافر لماذا ؟
لعله كُفْرٌ جزئي ، كافر بعدالة الله ، مع أن الله عز وجل وزّع الحظوظ بالتساوي ، لكن الناس لجهلهم يتوهمن أن الحظ الذي يُقيَّم به الناس هو المال ، راحة البال لا تقِلُّ أهميةً عن المال ، والصحة لا تقل عن المال ، والزواج الناجح لا يقل عن المال ، والأولاد الأبرار لا تقل أهمِّيتُهم عن المال ، وقد يكون المال سبب قتل إنسان ، قضية التوفيق شيء عجيب ، أنا أعتقد أن هذه الحظوظ موزعة بالتساوي ، ترى إنسانًا فقيرًا دخلُه محدود ، ولكنه يتمتع بصحة مثل الحصان ، إذا أكل الظهر فلافل يقول لك أطيب طعام ، وأجهزته كلها سليمة ، ليس لديه أيّة مشكلة ، وترى إنسانًا يملك الملايين المملينة يعاني من خمسين علة ، هذه الأكلة ممنوع عنها ، وهذه تفعل له مشكلة ، وهذه تصبه بخلل في جسمه ، فلو خيرنا المعطوب أتتمنى أن يكون دخلك محدوداً وصحتك جيدة يقول أتمنى والله ، أنا أعلم علم اليقين هناك أشخاص يتمنون أن يفقدوا كل ما يملكون نظير صحة ، أو نظيرة راحة بال ، أو نظير حظ آخر يفتقده ، فالمشكلة أنّنا نقيِّم بعضنا في المال فقط ، مع أن مؤمنًا تقيًّا خفيًّا إذا حضر لم يعرف ، وإذا غاب لم يفتقد ، هذا النقي التقي عنده من راحة البال ، وعنده من التوازن والطمأنينة ما لو وُزِّع على أهل بلد لكفاهم ، شيء رائع ، على كل فالحسد لولا أن الله عز وجل أثبته في القرآن الكريم لمَا عرفناه ، نرى مصائب كثيرةً ، نرى بيتًا احترق ، وطفلاً مات ، طفلاً جميل الصورة ، وأمه تباهي به أمام امرأةٍ محرومة من الأطفال ، فهناك نساء حمقاوات جداً تعرض ما عندها على الناس ، ما عندها على المحرومين ، وبين الناس محروم جاهل ، ومحروم غير مؤمن ، محروم كافر ، هذا الكافر يكفر بعدالة الله فيحسد ذا النعمة ، ويحقد عليهم ، فإذا كان الآخرُ غافلاً عن الله يصيبه الحسد ، لولا أن الله عز وجل أخبرنا ، "ومن شر حاسد إذا حسد" لكنا في ضياع ، ومتاهة أمام ما يحدث .
وثمة نقطة مهمة ، وهي أنّ الشيء الخفي أيها الإخوة له فعْلٌ كبير ، تصور دول العالم كلها ، فهناك دول عندها قنابل تدمر الأرض خمسين مرة خمس قارات ، ودول عندها رقابة على الأرض ، إذا تحرك شيءٌ في السرِّ في القارات الخمس فهو مكشوف ، أقمار صناعية ، وسائل الاتصال مذهلة ، في أثناء حرب الخليج كان المراسلُ يوجه الآلة إلى السماء ، ويبعث (فاكس) ، ولا يحتاج إلى هاتف ، ولا إلى شبكة اتصالات ، معه فاكس موصول بالأقمار مباشرةً ، إنه تقدم مذهل ، ومع ذلك الشيء الخفي له فعل عجيب ، العالم كله الآن بكل مؤسساته ، بكل إمكاناته ، بكل أمواله ، بكل طاقاته ، ففي العالم أموالٌ يصعب أن تتصوروها ، أرقام فلكية في الدول الغنية ، ومع ذلك العالم كله يقف مكتوف اليدين أمام أضعف فيروس على وجه الأرض ، فيروس الإيدز ، الذي إذا خرج من الإنسان لمسافة عشرة سنتمترات يموت فوراً ، وهذا الفيروس حير علماء الأرض ، ومشكلته كمَن يُدخل فرقة عسكرية إلى بلد معادٍ بلباس وأسلحة وأعلام كأعلام الجيش المعادي نفسه ، فيظنونه صديقًا ، يدخل فيروس الإيدز جسم الإنسان على شكل كريات بيضاء ، والكريات البيضاء معروفة بأنها هي التي تقوم بمهمة الدفاع عن الجسم ، فلا تقترب من هذا الفيروس ، لأنه كما يبدو ليس جسماً غريباً ، بل هو صديق ، له مواصفاته ذاتها ، كما تراه ، لأنّ فيروس الإيدز شكله شكل كرية بيضاء ، ومنها مكمن قوته وخطرِه ، فإذا دخل فلا شيء يقاومه ، فإذا تمكن قاوم كل هذه الكريات وأكلها ، أحياناً يخصِّصون مبلغ ثلاثين مليارًا على أبحاث لكشف مصل مضاد ، فيغيِّر هذا الفيروسُ شكله ، لكن هذه الأموال ذهبت سدى ، فعنده قدرة على تغيير شكله ، وكل الأجهزة عندنا لكشف فيرو الإيدز بالعالم كله متخصصة في سلالة واحدة منه ، لكن كما بيَّن العلمُ أنّ له أربع سلالات ، وقد يجري الخبراءُ فحصًا وتجارب فتكون النتيجة سلبية، لأن البحث جرى على سلالة واحدة ، ثلاث سلالات أخرى ، ولم يتمكّن من السلالات الثلاث الأخرى لعجزه عن فهمها ، وإذا أردنا أنْ نفحص إنسانًا بحثًا عن هذه السلالات الثلاث نحتاج إلى خمسين ألف ليرة ، وهذا فوق طاقة الإنسان ، ولو وجدنا مصلاً فثمنه خمسة عشر مليون تقريباً ، إذًا تصور العالم كله مكتوف اليدين أمام أضعف فيروس ، إذا كان فيروس الإيدز له هذا التأثير فيمكن أن يكون عند الحاسد شيء مؤثر مهلك ، لذلك قال تعالى : (وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ) ، فأن تضع حذوة حصان فهذا شرك ، أو خرزة زرقاء فهذا شرك ، وأنْ تضع تميمة فهذا شرك كذلك ، إذًا أمَا يكفي أن تكون مع الله ، إنّ المحسود إذا كان متصلاً بالله لم تؤثر فيه أشعة الحاسد ، وأنت ممكن أن تركب سيارة مصفحة ، لو أطلق الرصاص على بلورها لمَا أمكنَه أنْ يخترقه ، ولو أطلق على عجلاتها لمَا كان له تأثير ، ولا على أبوابها ، فالإنسان إذا كان مع الله كأنه يركب سيارة مصفحة ، ومهما كان مع الخصم أسلحة فلن تؤثر فيك ، هذا هو حال المؤمن ، فهو محصن ، والمحسود المغفَّل هو الذي الأذى وحده .
لكنْ ماذا عندنا لنقاوم الحسد ، والسحر ، أو نقاوم الجن ، عند عامَّة الناس ألف علاج ، وأكثر هذه العلاجات أشخاص يحتالون على الناس دجّالون ، يوهمون أنه بإمكانهم إخراج الجني ، إذا كان خالق الأكوان قال لك : استعذ بي ، ومليون إنسان قال لك : هناك إنسان يُخرِج الجني ، أفتصدِّق ؟ هذا كله شرك أيها الإخوة ، العلاج الوحيد : قل أعوذ برب الفلق ، الفلق الصبح ، الفلق النور ، هذا الإله العظيم الذي خلق النور المادي نور الشمس كي نرى كل شيء في النهار ، وخلق نور الإيمان الذي إذا ألقي في القلب نرى الحقيقة ، الله عز وجل نوَّر الأرض بنور الشمس ، ونوَّر القلوب بنوره ، فإذا كان في بقلبك إيمان ، ولديك اتصال بالله سبحانه فقلبك منوَّر بنور الله عز وجل ، لذلك رؤيتك صحيحة ، والقرار سليم ، وإذا توفرتْ لديك رؤية صحيحة ، وقرار سليم ، كانت النتائج مضمونة إن شاء الله ، قال تعالى :
( سورة الفلق )
في القرآن بعض السور كالمعوذتين ، فيهما علاج ، قال عليه الصلاة والسلام : "ما تعوّذ متعوِّذ بمثلهما" ، فهاتان أهم سورتين تعالجان ما أمامك مِن أخطار لا تعد ولا تحصى ، فإذا كان دونك حاسد ، حاقد ، جني ، ساحر ، وإنسان محروم شرير ، قل : أعوذ برب الفلق ، قل أعوذ برب هذه الشمس الذي أطلعها من مشرقها ، ونوَّرت الأرض ، كان عليه الصلاة والسلام يقول : ((إِذَا جَاءَ اللَّيْلُ فَأَيْنَ النَّهَارُ))
(أحمد عن سعيد بن أبي راشد)
الليل غابة مخيفة ، كلها أشباح ، مكان سحيق ، صحراء وعرة ، الليل مظلم بهيم ، تأتي الشمس ، وتزيل هذا القلق ، قال تعالى :
( سورة الفلق )
الفلق : إما الصبح ، أو النور ، أو النور الإلهي الذي يُقذَف في قلب الإنسان ، فيريه الحق حقاً ، والباطل باطلاً ، عندئذ يكون قراره سليمًا ونتائجه مضمونة .
( سورة الفلق )
آية دقيقة جداً ، فإنّ الله عز وجل لا يخلق إلا الخير ، أما الشر فهو نسبي ، كما قال عليه الصلاة والسلام : والشر ليس إليك .
الشر المطلق يتناقض مع وجود الله ، كيف أن النور والظلام يتناقضان إذا أثبتَّ أن هذا المسجد مظلم ، أيْ ليس فيه نور ، نقضت وجود النور ، وإذا أثبتَّ أن هذا المسجد مُنار بالكهرباء فقد نفيت الظلام ، والنور والظلام متناقضان ، لأنّ وجود أحدهما يرفض وجود الآخر ، الشر المطلق يتناقض مع وجود الله ، أنت مخير ، فإن آمنت بالشر المطلق فمعنى ذلك أن الله غير موجود ، وإذا آمنت بوجود إله عظيم ، فمعنى ذلك أن الشر المطلق لا وجود له ، لكن ماذا نقول ؟ هناك شر نسبي ، الشر النسبي أساسه بأبسط تعريف سوءُ استعمال ، كأنْ تقول : سكر ، وملح ، ومسحوق غسيل ، ثلاثة مساحيق بيضاء ، إنْ تضع في الشاي ملحًا تتلفه ، وإنْ تضع الملح في الحلويات تتلفها ، الملح مادة جيدة ، لكن في الحلويات يفسدها إذًا فما هو الشر ؟ سوء استعمال ، الزواج والزنا عملية واحدة ، ولكن واحد بقانون شرعي ، هذه زوجته مدى الحياة ، والثمرة إنجاب أولاد ، ثمار يانعة لكن الزنا لقاء عابر أفسد هذه الفتاة ، وتركها كمنديل مسحت به أقذر عملية ، ثم أُلقي في الطريق ، فالشر سوء استعمال فقط ، لكنّ الله عز وجل ما خلق إلا الخير فقط .
الشر أساسه أنّ الإنسان مخلوق مخير ، أٌودعِت به الشهوات ليرقى بها ، وأعطي منهجًا ، لكنّه ضرب بالمنهج عُرض الحائط ، وتحرك وفق شهواته بلا منهج ، هذا هو الشر ، قال تعالى :
( سورة القصص )
هذا هو الشر ، اتباع الهوى بغير هدى من الله ، قال تعالى :
( سورة الفلق )
إنسان بعيد عن الله ، بعيد عن منهج الله ، أُودِعت فيه شهوات مستعرة ، وتُرِك وطليقًا مخيرًا ، يفعل ما يريد ، عندئذٍ يؤذي ، فيأكل مال الناس ، ويضطهدهم ، ويستعلي عليهم ، ويذلهم ، ويهينهم ، ِمن شرِّ ما خلق ، ولكن كما قلت قبل قليل : قال تعالى :

( سورة البقرة )
أنت مخير أن تفعل ما تشاء ، ولكن لا على مَن تشاء ، على مَن يشاء الله ، فالظالم سوطُ الله في الأرض ينتقم به ، ثم ينتقم منه ، ولدق سمعت أن شرطيًّا أوقف سيارة ، فلم تقف ، ثم أشار للسيارة الثانية والثالثة ، والرابعة ، وهو شرطي يرى أنه يجب أنْ يُطاع ، وكذلك الخامسة والسادسة ، فامتلأ غيظاً ، لكنّ رجلاً وقف له فضربه ضرباً مبرحاً ، فقال له : ماذا فعلت ؟ وكان هذا السائق قد ضرب أمَّه صباحاً ، فجعل الله هذا الشرطي يصبُّ كل غضبه عليه .
الظالم سوط الله ، ينتقم به ، ثم ينتقم منه ، هذا قانون سماوي ، أنت مخير أن تفعل ما تشاء ، ولكن لا على من تشاء ، على من يشاء الله ، كأن الله جل جلاله جعل هذا الإنسان الشرير سواء كان حاسدًا ، أو جنيًّا ، أو ساحرًا ، أو أيّ إنسان ماكر ، أراد الشر فقاده الله إلى من يستحق هذا الشر ، ينتقم به ، ثم ينتقم منه .
نريد دليلاً أقوى ، قال تعالى :
( سورة الأنعام ) ( سورة الفلق )
الغاسق هو الليل ، وكذلك هو الشيطان إذا دخل قلب الإنسان ، يقال : فلان بداخله إبليس ، أو داخل فيه شيطان ، كل كلامه مؤذٍ ، حركاته مؤذية ، نظراته خبيثة ، تعليقاته لاذعة ، كتلة شر متحركة ، فإما أن من الشيطان ، أو أن الله عز وجل يأمرنا أن نستعيذ من الليل ، السبب أنّك نائم ، والنائم ميت ، أما إذا كان الإنسان يقظًا فيحمي نفسه ، لأنه منتبه لما يجري حوله ، والله جعل الليل سكنًا والنهار معاشًا ، فما دام الإنسان مستيقظًا فبإمكانه أن يتخذ الاحتياطات اللازمة أما نائم فهو أعزل ومستسلم .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((إِذَا أَوَى أَحَدُكُمْ إِلَى فِرَاشِهِ فَلْيَنْفُضْ فِرَاشَهُ بِدَاخِلَةِ إِزَارِهِ فَإِنَّهُ لا يَدْرِي مَا خَلَفَهُ عَلَيْهِ ثُمَّ يَقُولُ بِاسْمِكَ رَبِّ وَضَعْتُ جَنْبِي وَبِكَ أَرْفَعُهُ إِنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِي فَارْحَمْهَا وَإِنْ أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ)) .
(متفق عليه) ( سورة الفلق )
هؤلاء الحاسدون السحرة كفرة ، ومَن سَحَر فقد كفر ، سأقول لكم حقيقتين ، ومعظم الناس واقعون في خطأ فاحش ، الساحر ، والجني ، والحاسد أشرار حاقدون ، هؤلاء لا يستطيعون أن يفعلوا شيئاً إلا بإذن الله ، فعلاقتك مع الله ، وليس معهم .
الحقيقة الثانية : لا تستطيع أن تنجو منهم إلا بالاستعاذة بالله منهم ، مع أن هناك دجالين بأعداد كبيرة جداً ، يبتزُّون أموال الناس ، ويأخذونها باطلاً ، ويوهمونهم انهم يقدرون على خلاصهم ، وهم لا يستطيعون أن يفعلوا شيئاً ، كن علميًّا ، كن ربانيًّا ، القرآن الكريم أمامك ، قال لك : (قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق ومن شر غاسق إذا وقب) شيطان دخل إلى الصدر ، أو الليل إذا لف الأرض ، وفي الليل المفاجئات كثيرة جداً ، قال تعالى :
( سورة الفلق )
هؤلاء السحرة الذين ينفثون سحرهم في بعض الناس الغافلين ، وللآية تفسير ثانٍ مقبول ينفثون ما في العُقَدِ ، أيّة عقدة بين اثنين ، قالت له : كيف حبك لي ؟ قال كعقدة الحبل ، هذه العلاقات من يفصمها ؟ الحاسدون ، أكبر عمل للشيطان ، وأتباع الشيطان هو التفريق بين الناس ، بين الأخ وأخيه ، بين الزوج وزوجته ، بين الجار وجاره ، بين المؤمنين ، عندما ييأس الشيطان أن يحمل الإنسان على الكفر ، وعلى الشرك ، ثم على الكبائر ، ثم على الصغائر ، ثم على الانشغال بالمباحات ، حينما ييأس ، حينما يأتيه من بين يديه فلا يفلح ، وعن أيمانه فلا يفلح ، وعن شمائله فلا يفلح ، بقي شيء واحد هو التحريش بين المؤمنين ، لم يسلِّم عليَّ مثلاً ، أو لم ينظر إليَّ باهتمام ، أحيانًا أرى أن أخوَين تخاصما ، فماذا فعل معك ؟ يقول : شاهدني ولم يسلّم علي ، مِن الممكن أن يكون غيرَ منتبه ، فاحملْ هذا على المحمل الطيب ، فالشيطان له أكبر مهمة كبيرة خبيثة هي التحريش بين المؤمنين ، فعَنْ جَابِرٍ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ يَئِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُصَلُّونَ وَلَكِنْ فِي التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ)) .
(مسلم)
ومن شر حاسد إذا حسد .
أهم نقطتين في الدرس أن كل هؤلاء الأشرار لا يستطيعون أن يفعلوا شيئاً إلا بإذن الله ، فعلاقتك مع مَن ؟ إنْ كانت مع الله فاطمئن ، وأنه إذا وقع شرُّهم على إنسان لا يستطيع أن ينجو منه إلا بالاستعاذة بالله فقط ، لا بشيخ لفته خضراء ، ولا برجلٍ يقدر على فكِّ السحر ، ولا بشيخ معه جني صالح كما يدَّعون ، هذا مؤمن يفهم على إخوانه ، هكذا يقول ، لا ليس قولُه هذا صحيحًا ، لو كان صحيحًا لكان لقاله النبي ، لأنه ما ترك شيئًا إلا قال فيه ما قال .
أيها الإخوة ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ عَقَدَ عُقْدَةً ثُمَّ نَفَثَ فِيهَا فَقَدْ سَحَرَ وَمَنْ سَحَرَ فَقَدْ أَشْرَكَ وَمَنْ تَعَلَّقَ شَيْئًا وُكِلَ إِلَيْهِ)) .
(أخرجه النسائي)
واعلمْ أنّه ليس في الإسلام أيُّ تعاون بين الإنس والجن مسموح به ، فأيُّ تعاون بين الإنس والجن محرم ، ومَن سَحَر فقد كفر ، قال تعالى :

( سورة البقرة )
باع نفسه بثمن بخس ، أيها الإخوة ، ما اخترت هذا الموضوع إلا لمّ انهالتْ عليَّ الأسئلة ، أن رجلاً داخل فيه جني ، وهذه تكره زوجها ، وقد أوقع الساحرُ بينها وبين زوجها ... إلخ ، واعلموا أنني ما نفيت السحر ، وما نفيت فعل الجن ، وما نفيتُ الحسد ، هذا كله واقع ، ولكن لا يقع إلا بإذن الله ، لأنّ علاقتك مع الله ، لا يقع فعْلُ هؤلاء على الصاحي المقبل المستقيم ، أنت في سيارة محصنة ، لا أحد يمكن أن يصل إليك إلا إذا خرجت منها ، إذا خرجت منها حولك أناس معهم مسدسات ، فأيّ واحد يمكنه أنْ يطلق النار عليك ، فإذا كنت في هذه السيارة المصفحة فسلامتك محقَّقة ، هذه السيارة المصفحة صلتك بالله ، أنت موصول مستقيم ، ولأنك مستقيم ليس عندك رغبة أن تعرض ما عندك على الناس ، وليس عندك رغبة أن تجعل الآخرين أضعف منك ، والإنسان قيمته عند الله بعلمه واستقامته وأخلاقه .
وفي الواقع هناك أُسَرٌ ، وأشخاص مثقفون يقتنعون أن سببَ سوءِ علاقته مع زوجته هو أن هناك مَن سحرهم ، وألقى لهم ماءً ، وملحًا أمام الباب ، فلا يتفاهمان أبداً ، هذا شيء مستحيل ، لكن الحقيقة أن في البيت معصية ، وهذه المعصية سببت الفرقة والخلاف والشقاق .
قال تعالى :
( سورة المائدة )
كن علميًا ، كن ربانيًّا ، كن قرآنيًّا ، ففي زمنِ الرسول صلى الله عليه وسلم كسفت الشمس ، والصحابة فهموا جميعاً أن الشمس كسفت من أجل موت إبراهيم ، وكان بإمكان النبي أن يسكت ، ولكنه جمع أصحابه ونبَّههم ، فعَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلا لِحَيَاتِهِ وَلَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُخَوِّفُ بِهَا عِبَادَهُ)) .
(متفق عليه)
كنت مرة في مكة المكرمة ، وسمعت قصصًا ليست معقولة ، وكلها متواترة ، أنّ أنوارًا في المدينة تصل إلى السماء ، وقالوا : إنها أنوار المصطفى صلى الله عليه وسلم ، وهاك درس علم بين المغرب والعشاء ، وكنتُ أحب أن أحضره ، بعد أن انتهى الدرس قال المدرس : لقد التقيت مع أمير المدينة ، وأخبرني أن هذه الأنوار الساطعة من القبة الخضراء أشعة ليزر ، صنعت من أجل إرشاد الطائرات أن هنا قبر الرسول صلى الله عليه وسلم ، وهي طريقة تكنولوجية ليس لها علاقة بما يشاع بين الناس ، فعندما تكون علميًّا يكون كلامك صحيحًا ، وتُحتَرَم ، وعندما تسحب سحبات تزعزع ثقة الناس بالدين فالوزر كبير ، واللهُ يعلم السرَّ وأخفى.
فيما بين الناس حسد مدمر ، والعوام يعرفون هذا الشيء ، قد تكون المرأةُ محرومةً من الأولاد ، نظرت إليه ، وتمنت زوال النعمة عن أمه فقط ، فإن كان مالاً مثلاً ، أو كان مما يُكسَر فوراً ، بدلة أنيقة جداً يسير صاحبُها مثل الطاووس فتتمزق ، ومن شر حاسد إذا حسد ، لا يزول الحسد بحذوة فرس تعلَّق ، ولا بجملة مثل : وعين الحاسد تبلى بالعمى ، هذا كلام الجهلة ، كن مع الله فأنت محصن ، أنت في مركبة محصنة إذا كنت مع الله ، في الكون جنٌّ ، وفيه إنس ، قال تعالى :
( سورة الأنعام )
لقد قدَّم الله شياطين الإنس في الذَّكر على شياطين الجن ، لأن شياطين الجن يحتاجون إلى ألف درس من شياطين الإنس ، فكل إنسي يضع ألف جني في طرف جيبه ، نحن عندنا وهمٌ أن فلانًا جني ، إذا أردت أن تمدح جنيًّا فصِفْه ، وقل : فلان إنسي ، هناك أشرار ، جن ، وحساد ، والله موجود ، والأمر كله بيده ، يعطيهم كل الأسباب ، أما أن تفعل هذه الأسباب فعْلَها فلا ، لأنّ علاقتك مع الله ، وإذا كنت معه لم يستطِعْ أحد أن يؤثِّر فيك ، أنت الآن يجب أن ترمي ألف قصة في الحاوية ، فلان مسحور ، وفلان أصابته عين ، وأمثال هذه الخزعبلات.
كنتُ مرة في جلسة ، فسمعت عنها أن كل واحد فسر أحداث لبنان تفسيرًا ، لكن امرأة قالت : أصاب لبنانَ عينٌ ، وعلى كلٍّ فنحن لا ننكر أثر السحر ، قال تعالى :
( سورة الشعراء ) ( سورة الإسراء )
النبي عليه الصلاة والسلام منزَّه أن يؤثر فيه السحر ، قد تجري محاولة ، وإنّ الله قد حفظ القرآن ، فهل معنى حفظ الله لكتابه أنه لا تجري محاولة لتغييره ؟ تجري ، لكنها لا تنجح ، لو كانت لا تجري فثمة هناك مشكلة ، واللهُ يسمح أن تجري ، ولكن في النهاية لا تنجح ، لأن الإنسان مخير ، يمكنه اللهُ مِن الأسباب .
سيدنا إبراهيم مكَّن اللهُ قومَه أن يقبضوا عليه ، مكّنهم ، ولم يكن هناك مطر ، فألقوه في النار ، قال تعالى :
( سورة الأنبياء )
كل دعواهم أصبحت في الوحل ، قد يُمكِّن اللهُ كافرًا مِن مؤمن ، لكنّه في النهاية يحفظ اللهُ المؤمنَ ، فلو أنّه لم يمكِّنه فيه لمَا أظهر له ضعف الكافر ، الكافر معتدٌّ بنفسه ، ويقول : لو أمسكه ، فلمّا أمسكه لم يقدر عليه ، لأنّ الله يحميه ويحفظه ، ويعطيه حجة يقيمها على الكافر ، ويلقي على المؤمن هيبة ، قبل أن يلتقي به يقول : أريد أن أفرمه فرمًا ، فلمّا التقى به جاء خائبًا .
فقضية الجن ، والحسد ، والسحر ، وهذه الأشياء الخفية المدمرة ، فِعْلُها وتأثيرُها بيد الله ، فاحفظوا هذه الآية :

( سورة البقرة )
وعلاقتك مع الله ، ولا تُحَلُّ القضايا إذا وقعت إلا عن طريق الاستعاذة بالله ، فليس هناك مِن منهج آخر ، فلان أخرج الساحر الجني منه ، ولكن طلب منهم خاروفًا ذا قرنين ، وديكًا نصفه أسود ، ونصفه أبيض ، يعطيك أشياء مضحكة ، ويضع لفة خضراء ، ويقولون : إن هذا الشيخ يؤاخي جنًّا مؤمنين ، فلا تخف منه ، كل هذا دجل ، أي تعاون بين الأنس والجن تعاون باطل ، مَن سَحَرَ فقدْ كفَرَ ، والحاسد كافر ، كفر بعدالة الله ، وشيطان الإنس كافر أراد أن يؤذي الآخرين ، والمؤمن محصن ، لا إله إلا الله حصني ، مَن دخلها أمن من عذابي ، فحصِّنْ نفسك بطاعة الله ، والاستقامة على أمره ، ولا تخشَ أحداً ، لا تخشَ إلا الله ، فهو القائلُ : (أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ).






رد مع اقتباس
قديم 14-04-2009, 01:48 AM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
شهيد فتح روما باذن الله
إحصائية العضو








آخر مواضيعي


تراب غير متواجد حالياً


افتراضي

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ عَقَدَ عُقْدَةً ثُمَّ نَفَثَ فِيهَا فَقَدْ سَحَرَ وَمَنْ سَحَرَ فَقَدْ أَشْرَكَ وَمَنْ تَعَلَّقَ شَيْئًا وُكِلَ إِلَيْهِ)) .

(أخرجه النسائي)
صدقت يا حبيبي يا رسول الله






التوقيع

[B] لابد للأمة من ميلاد .... و لابد للميلاد من مخاض .... و لابد للمخاض من آلام [/B]

رد مع اقتباس
قديم 14-04-2009, 08:05 PM رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
الله ربي ومحمد رسول الله
إحصائية العضو







آخر مواضيعي


طالب عفو ربي غير متواجد حالياً


افتراضي (2)

الجزء الثاني


اللهم لا علم لنا إلا ما علَّمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علِّمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
أيها الإخوة الكرام : في الدرس الماضي تحدثت عن موضوع الشعوذة ، و اتصل الموضوع بموضوع الجن و السحر ، و إخوة كثر رجوني أن أتابع هذه الموضوعات ، لأن إشكالاً كبيراً عند المسلمين وقع فيما بينهم حول قضية السحر والجن ، و ما إلى ذلك .
والحقيقة أن هذا الموضوع ضاغط ، أي السحرة و المشعوذون يستغلون البسطاء من المسلمين لابتزاز أموالهم ، ولانتهاك أعراضهم ، ولتضليلهم ، وإضلالهم ، وكل هذا الذي سوف يرد مدعم بالأدلة القرآنية و النبوية و الواقعية ، و الذي أرجوه ، وأنا أحسن الظن بكم أنكم بعيدون عن هذا المجال ، لكن من يلوذ بكم ، ولاسيما البسطاء يقعون في فخ الشيطان ، وفي فخ السحرة والمنجمين والدجالين والعرافين والكهنة ، وأبسط شيء يمسك الواحد من هؤلاء مجلة ، ويطالع حظه هذا الأسبوع ، ويسأل نفسه : في أي وقت ولد ، إذاً هو من برج التيس مثلاً ، ثم يتابع الموضوع في المجلات ، ثم يتفاءل أن قبضة كبيرة سوف يكسبها ، ويوجد علاقة حب مع فتاة سوف تتحقق ، ويقع في أوهام وفي كذب لا ينتهي .
لذلك أنا مضطر أن أجعل بعض الدروس القادمة حول موضوع الجن و السحر ، و هذا موضوع متعلق بالدين ، و في الدين ليس هناك رأي شخصي أبداً ، الدين توقيفي ، هذا وحي السماء ، إما عن طريق القرآن أو عن طريق بيان النبي العدنان عليه أتم الصلاة و السلام .
يوجد عندنا مفهوم مستنبط من قوله تعالى :
[ سورة الأنعام : الآية 127]
أي أضللتم أناساً كثيرين :
[ سورة الأنعام : الآية 128]
المحور الأول في هذا اللقاء الطيب : ما مفهوم الاستمتاع ؟ كيف يستمتع الجن بالإنس ، وكيف يستمتع الإنس بالجن ؟
[ سورة الأنعام : الآية 128]
ثم يقول الله عز وجل :
[ سورة الأنعام : الآية 129]
الآية لها مفهوم سياقي ، و لها مفهوم عام .
مفهومها السياقي هنا : أن الظلمة من الجن يتسلطون على الظلمة من الإنس ، بادئ ذي بدء أنا لا أستطيع إنكار السحر ، السحر موجود ، ولكنه أفك ، وتسليط الجن على الإنس موجود ، هذا هو المس ، أن يمس الجن الإنس ، التعبير الدارج أن يلبسه شيطان ، يدخل فيه ، فهذا الذي يشكو منه الناس موجود ، و واقع ، و قائم ، و لكن في أدق التفاسير أن ظلمة الجن يتسلطون على ظلمة الإنس :
[ سورة النساء : الآية 88]
أما :

[ سورة الحجر : الآية 42]
[ سورة الأنعام : الآية 130]
لكن قد يسأل سائل : أين الجن ؟ الآن الإنس يعلمون الجن دروساً ، إذا لم تجد في المجتمع شيئًا اسمه جن ، الإنس أصبحوا أشد إيذاء من الجن ، الدليل :
[ سورة الأنعام : الآية 130]
شياطين الإنس والجن ، التقديم هنا تقديم أهمية ، أي أحياناً شيطان الإنس أشد فتكاً ، وأكثر خبثاً وإضلالاً من شيطان الجن .
فعدم وجود جن فيما يتوهم الناس ليس دليل نقاء الجو من الجن ، بل لأنهم يتعلمون من الإنس :
[ سورة الأنعام ]
أي نوع من أنواع التعامل مع الجن كفر واضح ، من سحر فقد كفر ، الذي يقال : إن هذا الإنسان رجل صالح ، و لفته خضراء ، و متخصص بالجن ، و يتعامل مع الجن ، كلام غير صحيح ، أيّ علاقة بين الإنس و الجن علاقة كفر ومعصية ، و الدليل :
[ سورة الأنعام : الآية 128]
[ سورة الأنعام : الآية 128]

يوجد قراءة لنافع : ويوم نحشرهم جميعاً ، أي الإنس و الجن :
[ سورة الأنعام : الآية 128]
قال ابن عباس : " استكثرتم من الإنس أي أضللتم منهم عباداً كثيرا " ، الآن ملايين مملينة يقول لك : تسعمائة مليون في الهند يعبدون البقر من دون الله ، مئات الملايين ضالة مضلة :
[ سورة الأنعام : الآية 128]
أي استمتع بعضنا بعضاً بالضبط ، أي الجن استمتعوا بالإنس ، والإنس استمتعوا بالجن ، استمتاع الجن بالإنس هو التلذذ بطاعة الإنس لهم ، هؤلاء الأقوياء الطغاة يوجد عندهم شهوة خفية ، والناس يخضعون لهم ، يخافونهم ، يتوسلون إليهم ، يخضعون لهم ، يتذللون لهم ، استمتاع الجن بالإنس التلذذ بخضوع الإنس لهم ، أي الإنسي حتى يستمتع بالجن لابد من أن يزني ، كما ذكرت في الدرس السابق ، قد يكتبون القرآن بدم الحيض ، قد يكتبون القرآن بالنجاسة، على العورة ، إن فعل هذا الجن أعطاه شيئاً ، أعطاه معلومة أحياناً ، أعطاه دعماً ، كان الرجل في الجاهلية كما قال ابن جريج : " ينزل الأرض ، فيقول : أعوذ بكبير هذا الوادي ، فذلك استمتاعهم ، فاعتذروا يوم القيامة :
[ سورة الجن : الآية 6]
يتحطم الإنسي ، ولا يأخذ شيئاً يعيش في الوهم ، أما استمتاع الجن بالإنس فما كانوا يلقون إليهم من الأراجيف والكهانة والسحر ، أي بضاعة الجن رائجة عند الإنس ، هذا نوع من الاستمتاع ، أما استمتاع الجن بالإنس أيضاً فاعتراف الإنس أن الجن يقدرون أن يدفعوا عنهم ما يحذرون .
نحن نبقى في كلام الله عز وجل :
[ سورة الأنعام : الآية 128]
أي استمتع بعضنا بعضاً ، الجن استمتعوا شعروا بالقوة والهيمنة والسيطرة ، الآن لو كل إنسان إذا خضع الناس له فأخذته نشوة العظمة هذا يسميه علماء النفس جنون العظمة ، هذا استمتاع ، تيمورلنك حينما وصل إلى الشام أمر بقطع رأس خمسين ألف إنسان ، وضعت هذه الرؤوس على شكل برج ، البرج هو برج الروس بالقصاع ، هنا وُضع خمسون ألف جمجمة على شكل برج ، نظر إليهم ، و استمتع بهم ، فاستمتاع الجن بالإنس استمتاع الغلبة والسيطرة والقوة والشعور بالتفوق ، واستمتاع الإنس بالجن توهم الإنس أنهم يعينونهم ، يوجد إنسان توفي ، أو في الحقيقة أنه قتل ، فجاء من يطلب من زوجته أن تدفع مئة ألف ليرة ليعلمها من قتله ، ماذا يفعل هذا الإنسي ؟ يلتقي مع قرين هذا المقتول ، وكل إنسان له قرين ، والقرين يعلم دخائل حواس الإنس ، فيأتون بالأخبار من قرينه ، و يزعمون أنها من علم الغيب ، وهو كذب بكذب ، ثم يقول الله عز وجل :
[ سورة الأنعام : الآية 128]
جاء الموت ، والعملية انتهت ، والاستمتاع انتهى ، والمصالح انتهت ، وكل شيء انتهى ، وبقي العذاب الأليم المديد الخالد :
[ سورة الأنعام : الآية 128]
هذا المعنى : أي إنسان من عالم الإنس لا يستطيع أن يستعين بالجن على إضلال الناس إلا إذا ارتكب الكبائر ، كالزنا ، والكفر ، وتدنيس كلام الله ، و ما شاكل ذلك ، و هذا شيء متواتر أيها الإخوة .
الذي قرأته لكم في الدرس الماضي عن هذا المشعوذ الذي تعاون مع الجن على إضلال البشر ، و كيف أنه كان يرتكب الموبقات ، و يجمع الثروات من أجل أن يستمتع بالجن ، والجن يستمتعون بسيطرتهم عليه ، و قهرهم له .
أيها الإخوة الكرام ، أما الآية التي في السياق ، و هي من أدق الآيات :
[ سورة الأنعام : الآية 129]
كلام مختصر مفيد ، جامع مانع ، محور هذا الدرس ، ظلمة الجن تسيطر على ظلمة الإنس، العوام يصور لك أن إنساناً بريئاً طاهراً دخل فيه جني ، لو لم يكن مؤهلاً لدخول جني ما دخل ، الجواب :
[ سورة الأنعام : الآية 129]
أما المؤمن الطاهر المستقيم الموحد المصلي الذاكر لله مستحيل وألف ألف مستحيل أن يصل الجن إليه :
[ سورة الحجر : الآية 42]
[ سورة البقرة : الآية 102]
هذا شيء ثابت ، يوجد معنى آخر للآية رائع :
[ سورة الأنعام : الآية 129]
المؤمن ولي المؤمن ، و الكافر ولي الكافر ، و الفاسق ولي الفاسق ، و الظالم و لي الظالم، إن الطيور على أشكالها تقع ، المؤمن يعيش بين مؤمنين ، المؤمنون بعضهم لبعض نصحة متوادون ، بيئته طاهرة ، جامعه نظيف ، بيته إسلامي ، تجارته مشروعة ، زوجته محجبة ، بناته منضبطات ، أولاده طائعون ، لا يوجد منفذ للشيطان ، لا يوجد مسلك ، إذاً المؤمن ولي المؤمن ، و الكافر ولي الكافر ، المنافق ولي المنافق ، الشهواني ولي الشهواني .
يوجد معنى آخر :
[ سورة الأنعام : الآية 129]
قال بعض علماء التفسير : من باب أن الظالمين يدخلون النار تباعاً فوج وراء فوج :
[ سورة الأعراف : الآية 38]
الذي يؤكد المعنى الأول :
[ سورة الأنعام : الآية 129]
قال الله عز وجل :
[ سورة الزخرف : الآية 36]
كيف إذا رأى الذباب قذارة يجتمع عليها ، كبقايا طعام ، بيت غير نظيف ، الذباب والبعوض وبعض الحشرات الأخرى تتهافت على بقايا الطعام ، و على بيت غير نظيف ، تماماً كالجن ، يوجد ذبابة كبيرة جداً ، هذه الذبابة لا تأتي إلى بيت إلا إذا كان فيه لحم متفسخ، لو أن حيواناً صغيراً ميتاً تحت السرير فهذه الذبابة تأتي ، و كأنها تشعر أنه يوجد لحم متفسخ في هذا المكان .
الملخص أيها الإخوة ، إن الله عز وجل يسلط ظالمي الجن على عصاة المسلمين الذين يتجاوزون بعض ما حرم الله تكاسلاً أو تجاهلاً ، فيسومونهم سوء العذاب ، يشاركونهم حياتهم و طعامهم و شرابهم .
يوجد بعض الأحاديث ، الإنسان إذا دخل بيته ، و لم يسلم قال الشيطان لإخوانه : أدركتم المبيت ، نخن نائمون هنا الليلة ، تجد غضباً و بغضاء و أصواتًا مرتفعة ، و شجارً و سبابًا ونكدًا و خصومة في هذا البيت ، لأنه يوجد به شيطان ، قال : فإذا جلس إلى الطعام ، و لم يسم قال : أدركتم العشاء اليوم ، يوجد عشاء ، لا يشبعون ، لا يوجد بركة في الأكل أبداً ، فإذا دخل ، و لم يسلم ، و جلس إلى الطعام ، و لم يسم قال الشيطان : لإخوانه أدركتم المبيت و العشاء ، أما إذا دخلت بيتك ، و سلمت ، قلت : سلام عليكم ، و جلست إلى الطعام ، وسميت تولى الشيطان من البيت .
بالمناسبة إخوانا الكرام ، كلام قطعي ، كلمة الله أكبر ، كلمة أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، أي ذكر لله يحرق الشيطان ، معك سلاح مخيف ، إذا ذكرت الله وحده ولى الشيطان مدبراً ، و لم يعقب ، فضلاً عن أنهم يشاركونهم طعامهم و شرابهم ينغصون عليهم معيشتهم ، تجد الزوجة دخل فيها جني ، ما الذي يزعج الزوج تعمله ، حلف عليها في ساعة غضب بطلاق ألا تزور الجارة الفلانية ، لا يحلو لها في الحياة شيء إلا أن تزورها ، و أن تذل زوجها ، و أن تكسر يمينه .
يقول العوام : داخل فيها جني ، و أحياناً الزوج يدخل به جني ، أحياناً يبحث عن الأخطاء حتى يخلق مشكلة ، ليس طبيعياً ، يوجد إنسان رحماني ، و إنسان شيطاني ، يوجد إنسان مسالم ، وإنسان نزاع إلى الشر ، حتى يذوقوا الضنك ، و وعد الله بالمعيشة الضنك :
[ سورة طه : الآية 124]
شخص داخل به الشيطان يقود سيارة ، امرأة أشارت إليه أن يقف ، وقف ، أين يا أختي؟ قالت له : خذني أينما تريد ، فهمَ ، واعتبرها مغنماً كبيراً ، فلما انتهى أعطته ظرفين ، ظرفًا فيه دولارات ، و ظرفًا فيه رسالة ، الرسالة مكتوب فيها : مرحباً بك في نادي الإيدز ، الدولارات مزورة ، دخل من أجلها السجن ، لأنه دخل فيه شيطان ، عندما قال سيدنا موسى لهذا القبطي :
[ سورة القصص : الآية 15]
الإنسان الذي قتل في المهاجرين أخذ ثمانية عشر ألف دولار ، و اشترى سيارة بالليلة ، وأخذ فتاة معه إلى اللاذقية ، و استأجر شاليه ، و ثاني يوم قبضوا عليه ، و انتهى ، درسنا في علم النفس أن المجرمين حمقى مصنفون مع الأغبياء ، لأن الشيطان يوهم المجرم أنك سوف تأخذ هذه الثروة الطائلة ، و سوف تعيش إلى أمد بعيد في بحبوحة كبيرة ، لكن لم يقل له : أيامًا معدودة ، و سوف تعلق على حبال المشانق .
في عهد النبي عليه الصلاة والسلام خان شخص جاره بزوجته ، فأكله الكلب ، فقال عليه الصلاة و السلام : خان صاحبه ، و الكلب قتله ، و الكلب خير منه .
والله أيها الإخوة ، يوجد أعمال تشعر أن هذا الإنسان الأحمق الغبي لا مصلحة له فيها ، إلا أن الشيطان دفعه إليها ، و دمره ، و أنهاه ، أنا أقول لكم : أي إنسان يصل إلى حبل المشنقة هذا من عمل الشيطان ، كان مع الجن :
[ سورة إبراهيم : الآية 22]
أي ضحكت عليكم :
[ سورة إبراهيم : الآية 22]

هذه الآية القطعية :
[ سورة إبراهيم : الآية 22]

بربكم لو دخل شخص مخفراً يدعي على إنسان كان يرتدي ثياباً بيضاء جميلة جداً ، وغالية جداً ، إذا هو ينزل في حفرة مجارٍ ، أي مياه مجارٍ سوداء ، فخرج من هذه الحفرة بشكل لا يوصف من الخزي و العار ، و المياه الآسنة النجسة ، و توجه إلى مخفر يدعي على فلان ، قال له المحقق : هو دفعك إلى هذه المياه الآسنة ؟ قال له : لا ، و الله ، حرام ، ما دفعني ، قال له : أمسكك ، و وضعك فيها ؟ قال له : لا و الله ؟ قال له : شهر عليك المسدس ؟ قال له: لا و الله ، لماذا إذاً تدعي عليه ؟ قال له : قال لي : انزل ، فنزلت ، هل هذا إنسان عاقل؟ هذه الآية :
[ سورة إبراهيم : الآية 22]

الآن ينبغي أن نتحدث عن قاعدة أساسية من عقائد الدين في الإيمان بالسحر ، ما حقيقة السحر ؟ و ما الحكم الشرعي فيمن يتعامل معه ؟
القاعدة الأولى : السحر كفر ، تعريف جامع مانع : السحر كفر ، و سحره في اللغة خدعه ، أي أضله ، بتمويه أو تخييل :
[ سورة طه : الآية 66]
شعوذة ، أو خفة يد ، أو معاونة جني ، أو كلام ، و قد يكون من كلام الشيطان ، أو أدوية، أو أدخنة ، و غير ذلك ، قال الله عز وجل في سورة البقرة :
[ سورة البقرة ]
الجن فيما أخبرنا ربنا جل جلاله كانوا يسترقون السمع من الملائكة ، و يوجد آية صريحة :
[ سورة الحجر : الآية 18]
فكانوا يسترقون السمع ، يأخذون الفكرة ، و يضيفون عليها أضعافاً مضاعفة من الكذب ، ويلقونها إلى الكهنة ، و السحرة ، و المضللين ، و المشعوذين ، لما نزل هذا القرآن الكريم منع الشياطين بعد نزول هذا الوحي العظيم من أن يسترقوا السمع ، فمن صعد إلى السماء ليسترق السمع أتبعه شهاب ثاقب فأحرقه .
فسيدنا سليمان نبي عظيم ، لما جمع السحرة ما استرقوا سمعه ، ما استرقوه من أخبار السماء ، و روجوه في الأرض ، و أضافوا عليه أضعافاً مضاعفة من الكذب ، جمع كل ما كتب السحرة ، و أخفاه عن الجن ، لأنه نبي مرسل ، هم ماذا فعلوا ؟ قالوا :
[ سورة البقرة : الآية 102]
لو أن سليمان تعامل مع الجن فقد كفر ، و ما كفر سليمان ، هذه القصص ، هذا الكذب ، هذا الدجل ما أنزل الله به من سلطان :
[ سورة البقرة : الآية 102]
هل هناك أوضح من هذا الدليل ؟
[ سورة البقرة : الآية 102]
هاروت و ماروت رجلان ، و ليسا ملكين ، رجلان يتعاملان مع الجن روّجا قصصاً لا أصل لها :
[ سورة البقرة : الآية 102]
يقول لك : تعلم السحر ، و لا تعمل به ، هذا حديث موضوع لا أصل له :

[ سورة البقرة : الآية 102]
يكاد يكون أكبر نشاط للسحرة والمشعوذين والمنجمين والكهنة التفريق بين الرجل وزوجته ، سبحانك يا رب ، أكثر الأزواج الغافلين عن الله عز وجل يكرهون زوجاتهم ، أكثر الزوجات الغافلات عن الله عز وجل يكرهن أزواجهن ، تجد الزوج متعلقًا بغير زوجته ، والزوجة متعلقة بغير زوجها ، والخيانات الزوجية الآن على قدم وساق ، حتى لو سألت إنساناً خبيراً لهالكَ ما تسمع .
كنت مرة ببلد بعيدة ، سألته : أي شارع فيه مئة بيت ، كم بيت فيه خيانة ؟ قال لي : سبعون بالمئة ، لأن مهمة الشيطان الأولى أن تكره زوجتك ، و أن تحب غيرها بالحرام ، لذلك معظم الأعمال الفنية التي تعرض على الناس أهم شيء أن الزوجة مملة ، دفء الأنثى في العشيقة ، امرأة تلتقي معها بالحرام لكن النبي العدنان يقول : الحمد لله الذي رزقني حب عائشة .
أنت كمؤمن بطولتك أن تحب زوجتك ، هي أنثى ، وعندها ما عند الآخرين ، لكن تحتاج إلى كلمة لطيفة ، إلى اهتمام ، إلى احترام ، إلى إشعار أنك تحبها ، لا تمزح بموضوع الطلاق أبداً ، و لا بموضوع الزواج الثاني ، هذا مزاح غليظ وسمج ، يوجد امرأة ية جداً قال لها زوجها : أريد أن أتزوج عليك امرأة أخرى ، قالت له : خذ هذه الأساور ، و بعها ، و قدِّمها لها مهرًا ، شخصيتها قوية جداً .
[ سورة البقرة : الآية 102]
هذه الآية أصل :
[ سورة البقرة : الآية 102]
يؤكد الله عز وجل أن الذي يتعلمه الإنس من الجن يضره ، ولا ينفعه :
[ سورة البقرة : الآية 102]
اليهود يزعمون أن السحر نزل به جبريل وميكائيل ، فكذبهم الله عز وجل :
[ سورة البقرة : الآية 102]
اللذان أنزلا السحر ليسا جبريل ولا ميكائيل ، و لكنهما رجلان من بني إسرائيل ، هاروت و ماروت ، الله عز وجل يؤكد بأن تعلم السحر كفر ، لا شك في ذلك .
الموضوع الثاني المتعلق بهذا المحور : هو أن السحرة كذبوا .
لي قريب توفي رحمه الله ، يذكر لي قصة ، أن إنساناً يعمل ضابطاً في الشرطة ، و عنده أثاث جيد ، سرقت من بيته قطعة أثاث غالية جداً ، سجادة عجمي ، هو لا يعلم الحقيقة إلا أنه يوجد جهل مطبق ، فسأل ، قال له : يوجد إنسان يضرب بالمندل ، كما كنت أسمع ، يأتون بطفل يضعون كأسًا من الزيت تحت عينيه ، يرى أشياء ، أو الجن يساعدونه ، يوجد معاونة من الجن ، يقول هذا الطفل : هذا السجادة موجودة في بيت في الشارع الفلاني ، الدخلة الفلانية ، البيت الثالث ، بابه باب خوخة ، فيه أرض ديار ، يوجد مربع بالصدر ، و هذه كلها مصطلحات قديمة ، يوجد فرش ، يقام هذا الفرش ، يوجد دف ، تحت هذا الدف توجد السجادة ، هذا ضابط شرطة أخذ دورية ، و أخذ المختار لاقتحام البيت ، لأنه سارق ، هذا الجني دله على السارق ، بتفاصيل غير معقولة ، يوجد حجرة أمام الباب مربعة ، ويوجد توتة بالبيت ، ويوجد مربع بالصدر ، و يوجد فرش ، و يوجد دف خشب ، و السجادة تحته ، أخذ المختار ، واقتحموا البيت ، فعلاً الزقاق الفلاني ، الدخلة الفلانية ، الباب الثالث ، باب خوخة ، ديار ، توتة ، مربع ، يوك ، فرش ، دف ، فتحوا لم يجدوا شيئاً ، و إذا صاحب المنزل تاجر سجاد ، ذهبوا إلى محله التجاري فضربوه ، لأنه متهم بحسب كلام الجن ، قال لهم : اختاروا أي سجادة أنا أخذتها ، و بعتها ، أريد أن أنتهي ، أخذ سجادة مناسبة جداً ، و انتهى الأمر ، و الملف يوجد فيه سرقة ، و يوجد متهم ، و الجن دلونا عليه ، و أنكر اللص ، هو تاجر سجاد، و على التعذيب اعترف ، و بعد ذلك أخذنا سجادة ، و انتهى الأمر ، بعد سنة يزور هذا الضابط سجيناً كان بالسجن ، وكان إلى جوار اللص الذي دخل بيت هذا الضابط ، وسرق السجادة ، والقصة كلها مختلقة ليس لها أصل من الصحة ، لكن الجن يعرفون تاجر السجاد ، يعرفون بيته بالضبط ، يعرفون معالم البيت .
لذلك الدرس القادم إن شاء الله الموضوع الأساسي أن السحرة كذبة ، إن كان هناك توافق ، توافق محض صدفة ، مثلاً أنا أقول لك : هذه المرأة ماذا تحمل ؟ قال لي شخص : صار هناك كومبيوتر ، صار هناك إيكو ، يعرفون ، و أنا أعرف ، أنا أعرف خمسين بالمئة ، إما ذكراً ، و إما أنثى ، هذا الكلام صحيح ؟ يوجد أشياء بديهية ، أشياء متوقعة ، أشياء مألوفة ، يحكيها الجني للعراف ، للكاهن ، أحياناً تقع ، لأنها تقع بالمئة خمسين ، إذا قال لك شخص : أنا عندي معلومات غيبية عن نوع الجنين ببطن أمه ، تفضل انظر ، ذكر ، يوجد احتمال ذكر، ليس معنى هذا أن الجني قد صدق ، لا ، الاحتمال بالمئة خمسين ، فهذا أعطاهم معلومات مضللة ، ثم ظهر أن القصة كلها ليس لها أصل من الصحة .






رد مع اقتباس
قديم 17-04-2009, 05:22 PM رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
الله ربي ومحمد رسول الله
إحصائية العضو







آخر مواضيعي


طالب عفو ربي غير متواجد حالياً


افتراضي

الجزء الثالث

اللهم لا علم لنا إلا ما علَّمتنا ، إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علِّمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا ، وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
أيها الإخوة الكرام : مع الدرس الثالث من دروس الجن والسحرة والمشعوذين .
أيها الإخوة الكرام : الحقيقة الثانية في موضوع السحرة ، وقبل الشرح لابد من لفت نظر الإخوة الكرام إلى أن شريحة من المسلمين كبيرة جداً تتعامل مع المشعوذين ، وتعلق عليهم الآمال ، وترجو عندهم النوال ، وترجو من خلال سحرهم أو شعوذتهم عطاء الدنيا ، وتخشى من غضبهم الأذى والضر ، وهذه العقائد ما أنزل الله بها من سلطان ، نحن معنا وحي السماء ، حينما يقول الله عز وجل :
[ سورة إبراهيم : الآية 22]
الحقيقة التي بينتها في الدرس الماضي هو أن الإنسان حينما يعصي ربه ، وحينما يقصر في عباداته ، وحينما يرتكب الحرام يسلط الله عليه الجن ، فيسومونه سوء العذاب ، فظلمة الجن تنال ظلمة الإنس ، بدليل قوله تعالى :
[ سورة الأنعام : الآية 129]
وتكاد تكون هذه الآية أصلاً في علاقة الجن بالإنس ، الحقيقة الأولى أن الجن ليس لهم سلطان على الذين آمنوا ، قال تعالى :
[ سورة الحجر : الآية 42]
الحقيقة الثانية ، وهي محور هذا الدرس أن السحرة كذبة ، الدليل : يقول الله عز وجل :
[ سورة الصافات ]
قبل بعثة النبي عليه الصلاة والسلام كان الجن يصعدون إلى السماء ، ويسترقون السمع ، يعني بالضبط اجتماع مجلس وزراء ، وثمة مستخدم يقدم لهم بعض المشروبات ، القهوة ، والشاي ، في أثناء دخوله سمع أن الساعة سوف تقدم ، لأول مرة لقط هذه الفكرة ، وخرج ، وقال : أنا أعلم الغيب ، صار تداول بهذا المجلس ، قال : سوف ترون بعد أسبوعين كيف أن الساعة سوف تقدم ، هذا المستخدم ماذا فعل ؟ استرق السمع ، وتبجح عند أقرانه أنه يعلم الغيب ، كانت الشياطين قبل بعثة النبي عليه الصلاة والسلام يسترقون الأخبار ، وينقلونها من شيطان إلى شيطان ، من جني إلى جني ، إلى أن تصل هذا الأخبار إلى قرنائهم من الأنس، فقد يأخذون خبراً ، ويضيفون عليه مئة خبر كاذب ، بعض الإذاعات الآن تذيع مئة خبر صادق وخبرًا كاذبًا ، الخبر الكاذب يسري في أسماعنا ، ونصدقه ، ولا نشعر ، لأن مئة خبر صادقة ، الجن بالعكس مئة خبر كاذب على خبر صادق واحد .
فلذلك أيها الإخوة الكرام : بعد بعثة النبي عليه الصلاة والسلام كما ذكر الله عز وجل في القرآن الكريم منع الجن من استراق السمع ، قال تعالى :
[ سورة فصلت : الآية 12]
[ سورة الحجر ]
[ سورة الملك ]
إذاً هذه الآيات تؤكد أن الجن قبل بعثة النبي كانوا يسترقون السمع ، وكان كل جني أو كل شيطان يعطي هذا الخبر لقرينه إلى أن يصل هذا الخبر إلى قرين الجن من الإنس يتاجر به ، ويضيف عليه مئة خبر كاذب .
وذكرت لكم في الأسبوع السابق قصةً ، وكيف أن جزءاً منها كان صحيحاً ، وأن بقية الأجزاء كانت كاذبة ، أخرج الإمام البخاري ومسلم والترمذي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : (( انْطَلَقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ ، وَقَدْ حِيلَ بَيْنَ الشَّيَاطِينِ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ ، وَأُرْسِلَتْ عَلَيْهِمْ الشُّهُبُ ، فَرَجَعَتْ الشَّيَاطِينُ إِلَى قَوْمِهِمْ فَقَالُوا : مَا لَكُمْ ؟ فَقَالُوا : حِيلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ ، وَأُرْسِلَتْ عَلَيْنَا الشُّهُبُ ، قَالُوا : مَا حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ إِلَّا شَيْءٌ حَدَثَ ، فَاضْرِبُوا مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا ، فَانْظُرُوا مَا هَذَا الَّذِي حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ ؟ فَانْصَرَفَ أُولَئِكَ الَّذِينَ تَوَجَّهُوا نَحْوَ تِهَامَةَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَهُوَ بِنَخْلَةَ عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ ، وَهُوَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ صَلَاةَ الْفَجْرِ ، فَلَمَّا سَمِعُوا الْقُرْآنَ اسْتَمَعُوا لَهُ فَقَالُوا : هَذَا وَاللَّهِ الَّذِي حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ ، فَهُنَالِكَ حِينَ رَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ ، وَقَالُوا : يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ ، وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنْ الْجِنِّ وَإِنَّمَا أُوحِيَ إِلَيْهِ قَوْلُ الْجِنِّ )).
[البخاري ومسلم والترمذي ]

والشيء الثابت أن الجن أعظم قدرة من الإنس على اختراق المسافات ، فلما قال الله عز وجل:
[ سورة الرحمن : الآية 33]
بدأ بالجن ، لأنهم أقدر اختراق المسافات ، وحينما قال تعالى :
[ سورة الإسراء : الآية 88]
معنى ذلك أن الله سبحانه وتعالى قدم الجن في مجال اختراق المسافات ، وقدم الإنس في مجال اللغة والبلاغة .
(( ... فَاضْرِبُوا مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا ، فَانْظُرُوا مَا هَذَا الَّذِي حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ ؟ فَانْصَرَفَ أُولَئِكَ الَّذِينَ تَوَجَّهُوا نَحْوَ تِهَامَةَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَهُوَ بِنَخْلَةَ عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ ، وَهُوَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ صَلَاةَ الْفَجْرِ ، فَلَمَّا سَمِعُوا الْقُرْآنَ اسْتَمَعُوا لَهُ ، فَقَالُوا : هَذَا وَاللَّهِ الَّذِي حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ ، فَهُنَالِكَ حِينَ رَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ ، وَقَالُوا : يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ ، وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنْ الْجِنِّ ، وَإِنَّمَا أُوحِيَ إِلَيْهِ قَوْلُ الْجِنِّ ))
الأصل أن الجن قبل بعثة النبي عليه الصلاة والسلام كانوا يسترقون الأخبار من السماء ، وينقلونها فيما بينهم ، إلى أن تصل إلى قرين الجن من الإنس ، فكان يأتي بالخبر ، ويضيف عليه مئة خبر كاذب ، كي يروج سحره ودجله وإضلاله على الناس .
أيها الإخوة الكرام : هؤلاء الشياطين ما عادوا يحظون اليوم بخبر السماء كما كانوا قبل بعثة النبي عليه الصلاة والسلام ، ولعل الحكمة أن هذه البعثة العظيمة ، وأن هذا القرآن المجيد من عناية الله به أنه منع الجن من استراق الخبر من السماء ، لذلك حينما يلتقط الجني خبرًا يلقيه إلى كل من تحته ، وهم ينقلونه إلى من تحتهم حتى يلقوه على لسان ساحر أو كاهن، فلا يكتفي الساحر بهذا الخبر البسيط ، بل يزيد معه مئة كذبة ، أو أكثر لتصلح تجارته بين جهال الناس .
السحرة والمشعوذون والكهان والعرافون لا تسري بضاعتهم إلا عند الجهلة .
تروى قصة حديثة ، جاءوا بمسجلة ، ووضعوها في صندوق بريد ، فإذا مرّ إنسان أمام الصندوق يستمع استغاثة ، يا أخي خلصني من هذا الصندوق ، لا أحتمل ، فيمتحنون ذكاء الناس من رد الفعل ، إذا كان أفقُ الإنسان ضيقًا ، يقول : معه حق ، صندوق حجمه صغير جداً ، كيف يجلس بداخله ، أما إذا كان الإنسان ذكيًّا فإنه يبحث عن شريط يصل من الصندوق إلى مكان بعيد ، يبدو طبعاً أنه توجد مسجلة ، فكلما كان أفق الإنسان ضيقًا ومحدودًا يصدق الخرافات ، و الخرافات لا تنطوي إلا على الجهلة ، والدجالون والمشعوذون والعرافون والكهان يستخدمون الدجل ، لأن بضاعتهم هذه لا تروج إلا عند الجهال ، هم يأخذون أموالهم ، وفي الأعم الأغلب يعتدون على أعراضهم ، ويهيمنون على بقية الناس ، أما المهمة المعلنة فهي حلّ مشاكلهم ، التوفيق بين الزواج ، أن يكثر الرزق ، أن تذلّل بعض العقبات .
حدثني أخ شخص مشعوذ أنه يطلب خمسة آلاف ليرة على نية أن ينجح الإنسان في امتحان قيادة السيارة ، وكلهم يعرفهم ، وهم أصحابه ، ماذا يفعل ؟ إذا نجح هذا الإنسان بحكم أنه يتقن القيادة يتوهم أن الخمسة آلاف التي قدمها للدجال سبب نجاحه ، وإذا ما نجح يأتي إليه، ويقول : معك حق ، الضابط كان في غير دوامه ، هذه الخمسة آلاف لك ، لا يخلي عليه، هو لطيف ، فإذا نجح بقدرته الذاتية يوهمه أن هذا النجاح بسبب الخمسة آلاف ، وإذا ما نجح يقول له : الشخص الذي أنا متفق معه ما كان دوره اليوم ، هذه الخمسة آلاف ، تفضل ، هناك دجل في البلد لا يوصف ، لكن هذا الدجل الذي يصل إلى سمعي من خلال إخواننا الكرام ، طبعاً أنا واثق بكم ثقة كبيرة جداً ، أن أحدكم لن تنطلي عليه هذه الخرافات ، ولكن هذا الدرس هدفه أن ينقلب إلى شريط ، وهدفه الآخر أن الذين حولكم ممن يلوذ بكم ينبغي أن تعرفوهم قضية الشعوذة والدجل والعرافة الكهانة ، طبعاً الشكل شيخ ، وهنا المشكلة ، ما ترى شخصاً تقول له : أنت مشعوذ ، بلفة خضراء ، وعنده بخور ، وعنده مسك ، وله كلمات ، ويتكلم بالقرآن ، المشكلة في الدجال أنه يكذب على الناس ، يأخذ صفة شيخ ، وصفة إنسان وقور ، وصفة إنسان له صلة بالله ، ولا يستخدم إلا القرآن ، وله خلوة مع الله عز وجل .
قال ملِك بلغه أن هناك نصّابًا كبيرًا ، قال : أحضروه ، قال له : كيف تنصب على الناس ؟ قال : يا سيدي تحتاج إلى عدّة ، كم العدة ؟ قال : مبلغاً ضخماً ، قال : أعطوه ، فذهب ولم يعُد ، قال : أين النصاب ؟ قالوا : نصب عليك يا سيدي ، وانتهى ز
في النائبات ـ دققوا الآن ـ كان عليه الصلاة والسلام إذا حزبه أمر بادر إلى الصلاة، حينما تعتقد أن جهةً في الأرض كائنة من كانت يمكن أن تنقذك من ورطتك فأنت مشرك ، فإنه ما نزل بلاء إلا بذنب ، ولا يرفع إلا بتوبة ، قال تعالى :
[ سورة هود : الآية 123]
[ سورة الكهف : الآية 26]
[ سورة فاطر : الآية 2]

الآيات كثيرة جداً ، قال تعالى :
[ سورة الزخرف : الآية 84]
هذا الإله الذي تعبده لا يمكن أن يسلمك إلى غيره ، احفظوا هذه الكلمة : الإله العظيم الذي تعبده لا يمكن ، بل يستحيل أن يسلمك إلى غيره ، لكن على الشبكية قد تجد إنساناً قوياً ، وفيما يبدو للمتوهمين أن أمر الناس بيده الإنسان ضعيف الإيمان الذي لم يتحقق من كلام الله عز وجل ، يتوهم أن هذا القوي بيده مصير الناس ، ولكن الإيمان الراسخ كما قال عليه الصلاة والسلام : (( لِكُلِّ شَيْءٍ حَقِيقَةٌ ، وَمَا بَلَغَ عَبْدٌ حَقِيقَةَ الْإِيمَانِ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ ، وَمَا أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ )) .
[أحمد عن أبي الدرداء]
أيها الإخوة الكرام : نحن قلنا : إنه يوجد سحرة ، يوجد كهان ، يوجد عرافون ، يوجد منجمون ، يوجد مشعوذون ، المنجمون صنف من السحرة ، والكهان ، وهم أكذب خلق الله على وجه الأرض ، بعضهم اسمه منجم ، يقوم بعبادة الكواكب السبعة السيارة ، الشمس ، والقمر ، وزحل ، والمشتري ، والمريخ ، والزهرة ، وعطارد ، يلبسون لباساً خاصاً لكل كوكب ، يصومون أياماً معينة ، يحلقون روؤسهم ، يشعلون البخور ، يخاطبون القمر ، ويزعمون أنهم بذلك يستنزلون روحانيات الكواكب ، اخترعوا شيئاً أنهم كانوا فيما مضى يسمون المولود بحسب الشهر الذي ولد فيه ، ويدعون أن لولادة هذا المولود في هذا الشهر دلالة خاصة في كشف أحواله وشؤونه وحظوظه ومستقبله ، والآن قضية برجك هذا الأسبوع، ومحطات فضائية أيها الإخوة الكرام لها برامج ثابتة ، محطات فضائية طبعاً لا يعنيها إلا الكذب ، مجلات ، كتب ، ويأتون بتفاصيل مضحكة ، يأتي سؤال من مستمع : أنا ولدت في شهر تشرين ، زواجك متأخر الآن ، لا يوجد زواج مبكر ، كله متأخر ، لأنه لا يملك البيت ، هناك إنسان سوف يحتال عليك ، نصف الناس يحتالون على بعضهم ، ترى كلامًا موجودًا في المجتمع ، يأتي الإنسان الجاهل من ضيق أفقه فيقول : واللهِ هذا صحيح ، قالوا : إن إنساناً سوف يحتال علي ، واحتال علي فلان ، لذلك قالوا : كذب المنجمون ولو صدقوا .
ثم بعد ذلك اخترعوا تقسيمات لأشهر السنة على شكل أبراج ، الله عز وجل قال :
[ سورة البروج : الآية 1]
وأبراج السماء برج العقرب مثلا ، أبراج معروفة ، فكل برج عملوا له دراسة ، فكلما التجأ إنسان إلى هؤلاء يبحثون عن برج ، ويعطونه تعليمات كلها عامة ، تصدق على معظم الناس، والإنسان الجاهل ضيق الأفق يتوهم أنه حصل على شيء .
هل تصدقون أيها الإخوة الكرام أن في العالم الغربي رؤساء وزارات يلجؤون إلى منجمين ، والإنسان حينما يعصي الله يمتلئ قلبه خوفاً ، هذا الخوف كيف يخفف منه ؟ عن طريق المنجمين ، يقول لك : عالم فلكي ، فلكي يتنبأ بالمستقبل بالغيب .
أنا في الدرس الماضي ، أو لعله الدرس قبل الماضي أكدت لكم أن سيد الخلق ، وحبيب الحق ، وأن سيد ولد آدم ، وأن الإنسان الأول في الأرض قال تعالى له :
[ سورة الأنعام : الآية 50]
هذه واحدة ، قال تعالى :
[ سورة يونس : الآية 15]
هذه الثانية ، قال تعالى :

[ سورة يونس : الآية 49]
هذه الثالثة ، الرابعة قال تعالى :
[ سورة الأعراف : الآية 188]
فلأن لا أملك لكم النفع والضر من باب أولى ، هذا حجم سيد الخلق ، وحبيب الحق ، وأي إنسان على وجه الأرض في القارات الخمس يدعي خلاف ذلك فهو كذاب دجال نصاب ، لا يعلم الغيب إلا الله فقط ، وما مِن إنسان يمكن أن يعصي ، وأن ينجو من عذاب الله أبداً .
لذلك أيها الإخوة الكرام : الذي يطالع أبراج في المجلات ، أو يتصل ببرنامج معين ، ويسأله عما ينتظره : أنا ولدت في شهر كذا ، فهذا كفر ببعثة النبي عليه الصلاة والسلام ، هناك خطوط حمراء ، هذا نوع من الكفر ، حتى أحيانا في بعض النزهات تأتي منجمة ، يقول لك من باب التسلية ، من أتى ساحراً فلم يصدقه لم تقبل له صلاة أربعين صباحاً ، هذا إذا ما صدق ، أما الكلام الفيصل في بهذا الموضوع أن النبي عليه الصلاة والسلام لحكمة أرادها الله يوم توفي ابنه إبراهيم كسفت الشمس ، فالصحابة الكرام من شدة تعلقهم برسول الله ، وتعظيمهم له توهموا أن كسوف الشمس كان بسبب موت إبراهيم .
أي إنسان يعمل في الدعوة إذا توهم الناس كرامة له يفرح فيها ، هذه جيدة ، تقوي مركزنا ، أما إذا كان مخلصًا للدعوة يرفضها أشد الرفض ، اقتداءً بالنبي عليه الصلاة والسلام.
مرة أخ طرق بابي ، قال لي : معي تسرع قلب مئة وثمانين نبضة بالدقيقة ، لما أضع يدي عندك على الجرس يرجع إلى الثمانين ، قلت له : والله ليس صحيحاً ، إياك أن تقع في الوهم ، أنا إنسان عادي ، يمكن أن أنفعك بشيء من العلم ، وشيء بالقرب من الله فقط ، أما أن ينزل القلب إلى الثمانين عند قرع الجرس فهذا ليس صحيحًا ، يجب أن تنكرها ، إن لم تنكر فأنت لست مخلصاً لهذه الدعوة .
فالنبي عليه الصلاة والسلام جمع أصحابه ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ : (( خَسَفَتْ الشَّمْسُ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَسْجِدِ ، فَقَامَ ، وَكَبَّرَ ، وَصَفَّ النَّاسُ وَرَاءَهُ ، فَاقْتَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِرَاءَةً طَوِيلَةً ، ثُمَّ كَبَّرَ ، فَرَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ ، فَقَالَ : سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ ، رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ ، ثُمَّ قَامَ ، فَاقْتَرَأَ قِرَاءَةً طَوِيلَةً هِيَ أَدْنَى مِنْ الْقِرَاءَةِ الْأُولَى ، ثُمَّ كَبَّرَ ، فَرَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا ، هُوَ أَدْنَى مِنْ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ ، ثُمَّ قَالَ : سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ ، رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ ، ثُمَّ سَجَدَ ، ثُمَّ فَعَلَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُخْرَى مِثْلَ ذَلِكَ حَتَّى اسْتَكْمَلَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ ، وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ ، وَانْجَلَتْ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَنْصَرِفَ ، ثُمَّ قَامَ فَخَطَبَ النَّاسَ ، فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ، ثُمَّ قَالَ : إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ ، لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ ، وَلَا لِحَيَاتِهِ ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهَا فَافْزَعُوا لِلصَّلَاةِ ))
[متفق عليه]
ليس لها علاقة ، هذا موقف علمي .
واللهِ مرة كنت بالعمرة ، وأنا بمكة وصلت إلي أخبار أن حزامًا من النور يخرج من قبر النبي الكريم ، أقسم لي أناس أنهم رأوه رأي العين ، نور ساطع يصعد ، هذا النور على كبد السماء ، سمعتها من عدد كبير من الناس ، والله شيء عجيب ، فلما وصلت إلى المدينة المنورة كان ثمة درس لعالم جليل ، أنا كنت أستفيد أيضاً ، جلست في الدرس ، وبعد أن انتهى الدرس قال : إخواننا الكرام اتصل بي أمير المدينة ، وأخبرني أنهم ركبوا أشعة ليزر فوق قبر النبي عليه الصلاة والسلام ، يعني الطائرات أثناء السفر ترى عموداً من الضوء فوق مقام النبي عليه الصلاة والسلام ، هذا فقط عبارة عن أشعة ليزر وضعت في قبر النبي عليه الصلاة والسلام ، حزمة أشعة تصعد إلى السماء ، الناس فهموا فهماً آخراً .
قال أحدهم : الشيخ يطير ؟ قال : لا ، والله ، يا بني ، لكن الإخوان يطيّرونه ، هذه لا أصل لها ، إذا كان سيد الخلق وحبيب الحق ، قال تعالى :
[ سورة الكهف : الآية 110]
أنا واحد منكم ، ولولا أن النبي بشر ، وتجري عليه كل خصائص البشر لما كان سيد البشر ، بشر يجوع ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( لَقَدْ أُخِفْتُ فِي اللَّهِ ، وَمَا يُخَافُ أَحَدٌ ، وَلَقَدْ أُوذِيتُ فِي اللَّهِ ، وَمَا يُؤْذَى أَحَدٌ ، وَلَقَدْ أَتَتْ عَلَيَّ ثَلَاثُونَ مِنْ بَيْنِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَمَا لِي وَلِبِلَالٍ طَعَامٌ يَأْكُلُهُ ذُو كَبِدٍ إِلَّا شَيْءٌ يُوَارِيهِ إِبْطُ بِلَالٍ )) .
[الترمذي وأحمد]
قال تعالى :
[ سورة آل عمران ]
الكون والمجرات والكواكب والأفلاك من أجل أن نعرف الله ، من أجل أن نتقرب إليه، من أجل أن نعظمه ، يا رب ، أي عبادك أحب إليك حتى أحبه بحبك ؟ قال : أحب عبادي إلي تقي القلب ، نقي اليدين ، لا يمشي إلى أحد بسوء ، أحبني ، وأحب من أحبني ، وحببني إلى خلقي ، قال : يا رب ، إنك تعلم أنني أحبك ، وأحب من يحبك ، فكيف أحببك إلى خلقك ؟ قال : ذكرهم بآلائي ، ونعمائي ، وبلائي .
[ سورة الحج : الآية 18]
هذا الكون يدل على عظمة الله ، أما أن تستخدم النجوم للتنجيم وللكذب على الناس ولإيهام الناس أنك تعلم الغيب فهذا هو التنجيم الذي هو نوع من السحر والكهانة ، أما الفلك ، الفضاء الخارجي فهناك علوم دقيقة جداً تستنبط منه ، علوم دقيقة ، علم الفلك والمجرات ، بعض المجرات تبعد عنا عشرين مليار سنة ضوئية ، مع أن الضوء يقطع في الثانية الواحدة ثلاثمئة ألف كيلو متر ، ثلاثمئة ألف كيلو متر بالثانية ، بالدقيقة ضرب ستين ، بالساعة ضرب ستين ، باليوم ضرب أربع وعشرين ، بالسنة ضرب ثلاثمئة وخمسة وستين ، بعد هذا ضرب عشرين مليار ، هذا بعده عنا ، قال تعالى :

[ سورة الواقعة ]
أقرب نجم ملتهب إلينا بعده عنا أربع سنوات ضوئية ، أبعد نجم حتى الآن عشرون مليار ، أقرب نجم أربع سنوات ، بالثانية ثلاثمئة ألف ، بالدقيقة ضرب ستين ، بالساعة ضرب ستين ، باليوم ضرب أربع عشرين ، بالسنة ضرب ثلاثمئة وخمسة وستين ، بالأربع سنوات ضرب أربعة ، هذا الرقم الذي نتج لو أردنا أن نصل إلى هذا النجم بمركبة أرضية بسيارة في طريق سير معبد طبعاً هوائي نمشي على المئة نقسم المسافة على مئة ، كم ساعة على أربع وعشرين ، كم يومًا على ثلاثمئة وخمسة وستين ، كم سنة نحتاج ، نحتاج إلى خمسين مليون سنة كي نصل إلى أقرب نجم ملتهب ، أربع سنوات ضوئية ، أول قفزة القطب أربع آلاف سنة ، المرأة المسلسلة مليونا سنة ، وهكذا أحدث نجم عشرين مليار سنة ضوئية ، قال تعالى :
[ سورة الواقعة ]
نص الحديث :
عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ : (( خَسَفَتْ الشَّمْسُ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَسْجِدِ ، فَقَامَ ، وَكَبَّرَ ، وَصَفَّ النَّاسُ وَرَاءَهُ ، فَاقْتَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِرَاءَةً طَوِيلَةً ، ثُمَّ كَبَّرَ ، فَرَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ ، فَقَالَ : سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ ، رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ ، ثُمَّ قَامَ ، فَاقْتَرَأَ قِرَاءَةً طَوِيلَةً هِيَ أَدْنَى مِنْ الْقِرَاءَةِ الْأُولَى ، ثُمَّ كَبَّرَ ، فَرَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا ، هُوَ أَدْنَى مِنْ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ ، ثُمَّ قَالَ : سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ ، رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ ، ثُمَّ سَجَدَ ، ثُمَّ فَعَلَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُخْرَى مِثْلَ ذَلِكَ حَتَّى اسْتَكْمَلَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ ، وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ ، وَانْجَلَتْ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَنْصَرِفَ ، ثُمَّ قَامَ فَخَطَبَ النَّاسَ ، فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ، ثُمَّ قَالَ : إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ ، لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ ، وَلَا لِحَيَاتِهِ ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهَا فَافْزَعُوا لِلصَّلَاةِ )) .
[ متفق عليه ]

وفي رواية : فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله ، وكبروا ، وتصدقوا ، وصلوا .
الآن المظاهر الطبيعية المخيفة كالرعد والبرق والزلازل ، يوجد لها توجيه قرآني ، يقول الله عز وجل :
[ سورة العنكبوت : الآية 40]
[ سورة الإسراء : الآية 59]
التخويف بالقرآن إخافة حقيقية ، لكن بالمعنى الدارج محاولة إيهام إنسان بخطر ، لكن الله عز وجل يريدنا أن يكون في قلبنا محبة له ، وخوف منه ، وتعظيم له ، فالآيات الكونية تورث التعظيم ، والنعم تورث المحبة ، والمصائب تورث الخوف .
أيها الإخوة الكرام : السحر ، وكل ما يمتّ إليه محرم بالكتاب والسنة والإجماع ، فقد ثبت في الصحيح : عن عُرْوَةَ يَقُولُ : قَالَتْ عَائِشَةُ : (( سَأَلَ أُنَاسٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْكُهَّانِ ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَيْسُوا بِشَيْءٍ ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَإِنَّهُمْ يُحَدِّثُونَ أَحْيَانًا بِالشَّيْءِ يَكُونُ حَقًّا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : تِلْكَ الْكَلِمَةُ مِنْ الْحَقِّ يَخْطَفُهَا الْجِنِّيُّ ، فَيَقُرُّهَا فِي أُذُنِ وَلِيِّهِ قَرَّ الدَّجَاجَةِ ، فَيَخْلِطُونَ فِيهَا أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ كَذْبَةٍ )) .
[ متفق عليه ]
كلمة حق يأتي معها ألف كلمة كاذبة ، أحد العلماء الكبار التقى مع رؤساء المنجمين في دمشق ، والقصة قبل مئة عام تقريباً ، قال رئيسهم له : والله إنا نكذب مئة كذبة حتى نصدق في كلمة واحدة .
محور الدرس هذا السحرة يكذبون ، سيدنا علي بن أبي طالب أراد أن يسافر ليخوض حرباً مع الخوارج ، عرض له منجم ، فقال له : يا أمير المؤمنين لا تسافر ، فإن القمر بالعقرب ، في برج العقرب .
إخواننا ، في برج العقرب نجم اسمه قلب العقرب ، نجم صغير أحمر متألق ، قال عنه العلماء : هذا النجم يتسع للشمس والأرض مع المسافة بينهما ، بين الشمس والأرض مئة وستة وخمسون مليون كيلو متر ، والشمس تكبر الأرض بمليون وثلاثمئة ألف مرة ، وفي برج العقرب نجم صغير اسمه قلب العقرب يتسع للشمس والأرض مع المسافة بينهما .
فقال له : يا أمير المؤمنين ، لا تسافر فإن القمر بالعقرب ، برج العقرب ، فإنك إن سافرت والقمر في العقرب هزمك أصحابك ، فقال علي رضي الله عنه : بل سأسافر ثقةً بالله، وتوكلاً على الله ، وتكذيباً لك ، فسافر ، فبورك له في هذا السفر ، وانتصر في معاركه تلك.
الناس يتشاءمون من يوم الأربعاء ، من رقم ثلاثة عشر ، يتشاءمون من واحد دخل على المحل ، فهذه البيعة لم تحقق ، يقول : قدمه شؤم ، هذا كل كلام الشيطان ، لا ، ليس هناك يوم مشؤوم ، ولا رقم مشؤوم ، ولا إنسان مشؤوم ، قال تعالى :
[ سورة يس : الآية 19]
العرب كانوا إن طار الطائر عن أيمانهم كانوا يتفاءلون ، وإن طار عن شمائلهم يتشاءمون ، الله عز وجل رد عليه ، قال تعالى :
[ سورة يس : الآية 19]
التشاؤم من أخطائك ، من معاصيك ، يأتي البلاء ، وليس من الطائر ، والخيرات تأتي من عملك ، من استقامتك ، من طهرك ، من ورعك ، فالطائر معك ، طائركم معكم .
أيها الإخوة الكرام : تصديق المنجمين والسحرة والكهان والعرافين كفر بالله عز وجل ، لذلك عَنْ صَفِيَّةَ عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (( مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً )) .
[ مسلم ، أحمد ]

ومن أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد ومن أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد برء مما أنزل على محمد .
أيها الإخوة الكرام : إن السحرة كذبة بنص الكتاب والسنة ، وبإجماع أهل العلم ، وبتجربة كثير من العقلاء الذين خبروهم ، وكشفوا نفاقهم ودجلهم ، وإنما اتخذوها صنعةً لما فيها من المصالح المادية التي لا تخفى ، ولما يحصل لهم بذلك من استباحة الأعراض ، والوقوع في الفواحش ، وغير ذلك من الكبائر ، بحجة مداواة الناس المصابين بالصرع والجنون أو السحر .
يروون قصة ، أن شخصاً ركب مركبته ، وصل إلى جانب مستشفى المجانين ، هناك عجلة طارت ، توقف ، وخرج مجنون من القصير قال له : خذ من كل دولاب برغي وضعه، فكرة رائعة ، ما جاءت في باله ، استغرب أنه هو إنسان عاقل ، وهذا مجنون ، قال له : أنا مجنون ، ولكن ليس حمارًا ، ففهم أنه يوجد مجنون ، ويوجد إنسان أسوأ منه أيضاً .
أيها الإخوة الكرام : معالجة الصرع معالجة الشقاق الزوجي ، يكون هناك تقصير من الزوجة ، أو شرود من الزوج ، دائماً عود نفسك أن تكتشف أن وراء كل مصيبة معصية ، فتش عن المعصية ، التفكير العلمي المهتدي بالقرآن والسنة يؤكد لك أن وراء كل مصيبة معصية ، وأن وراء كل معصية جهلاً كبيراً ، جهل معصية مصيبة قانون ، الجهل أعدى أعداء الإنسان ، والجاهل يفعل في نفسه ما لا يستطيع عدوه أن يفعله به ، بالأمن الجنائي يقول لك : فتش عن المرأة بكل جريمة ، قد تكون وراء الجريمة امرأة ، فتش عن المرأة قياساً على هذه القاعدة بكل مصيبة ، فتش عن المعصية ، لا تقل : أنا مسحور ، وما لي حظ، كلمة الحظ أيها الإخوة الكرام لها مفهوم هو عين الكفر ، قضية عشوائية ، فلان له حظ ، وفلان ليس له حظ ، أما الله عز وجل فقال :
[ سورة الليل ]
عندنا تيسير ، وعندنا تعسير ، والتيسير سببه الطاعة والاستقامة ، والتعسير سببه المعصية والشرود ، أما الآية الكريمة :
[ سورة فصلت ]
الحظ هنا النصيب ، يعني نصيبه من الله كبير ، يعني اتصل به بصلة محكمة ، وأقبل عليه إقبالاً شديداً ، واشتق من كماله كمية كبيرة ، هذا يعامل عدوه بالمودة ، قال تعالى :
[ سورة فصلت ]






رد مع اقتباس
قديم 17-04-2009, 05:26 PM رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
الله ربي ومحمد رسول الله
إحصائية العضو







آخر مواضيعي


طالب عفو ربي غير متواجد حالياً


افتراضي الجزء الرابع

الجزء الرابع
اللهم لا علم لنا إلا ما علَّمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علِّمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
أيها الإخوة الكرام : ما زلنا في موضع الجن والسحرة والمشعوذين مع الدرس الرابع من هذه الدروس التي تشتد الحاجة إليها بسبب أن شريحة كبيرة من المسلمين يعتقدون بخرافات وترهات ما أنزل الله بها من سلطان .
واليوم ننتقل إلى قاعدة أخرى وهي أن الشياطين والقرناء تلتقي وتتبادل الأخبار ، يعني الشيء الثابت في الكتاب والسنة أنه قد ينشأ تعامل وتلاقي وتبادل أخبار بين الجن والأنس ، الحقيقة الأولى أن الله عز وجل جعل لكل عبد من بني آدم قريناً من الملائكة وقريناً من الجن، الله عز وجل فرز لك ملك وفرز لك جني ، فالملك يلهمك الخير ويحضك عليه ويدعوك إلى الطاعة ويزين لك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل ، والجني يدعوك إلى المعصية ويزين لك الشهوة ويزهدك بوعد الله ووعيده ، بنص القرآن والسنة الإنسان معه ملك ومعه جني ، الإنسان حتى ما يبقى جامداً يتحرك إما أن يستجيب لوسوسة الشيطان أو أن يستجيب لإلهام الملك هذه حقيقة .
الحقيقة وجود ملك يدعوك إلى الخير وشيطان يدعوك إلى الشر أداة تحريك لك ، حدد موقفك إما أن تستجيب لهذا أو لهذا ، القرآن سبحان الله حمال أوجه ، يعني قوله تعالى :
[ سورة الشمس ]
من المعاني التي ذكرتها سابقاً وهي أن فطرة الإنسان مبرمجة وفق منهج الله فأنت مبرمج ومولف ومجبول على الطاعة وكره المعصية فأنت تلهم الخير ذاتياً لكنك إذا عملت الخير أدركت ذاتياً أنك تتقي الله وإذا عملت الشر أدركت ذاتياً أنك عملت شراً ، الآن في معنى آخر ما دام يوجد ملك يلهمك الخير وشيطان يلهمك الشر كأن النفس بقرين الملائكة وقرين الجن تلهم الخير والشر ، يعني أنت ما موقفك ؟ يبدو أنه ممنوع أن تبقى ساكتاً جئت إلى الدنيا من أجل أن تأخذ موقفاً من أجل أن يكون لك استجابة ، من أجل أن تعمل شيئاً فهناك ملك يدعوك إلى الخير وشيطان يدعوك إلى الشر وأنت بين هذا وهذا .
لاحظ نفسك أحياناً يكون عمره ثمانين سنة قلت يا ولد ما بدك هذه الروحة ، يعني كأنك تحاول نفسك أحياناً تقع في صراع ما هو الصراع ؟ تعاكس إلهام الملك مع وسوسة الشيطان أحياناً صلي أم آكل ؟ كل تأكل ثم أنام قليلاً ثم أصلي ، تنام استيقظت بعد العصر معنى استجبت لوسوسة الشيطان ، أحياناً معك مبلغاً ادفعه صدقة يقول لك الملك الله عز وجل يضاعف الصدقة أضعاف مضاعفة قال تعالى :
[ سورة سبأ : الآية 39]
يقول لك الشيطان خبي قرشك ضب يدك الآن بلا جنون ، دائماً دون أن تشعر تأتيك خواطر إيمانية وخواطر شيطانية ، امرأة جميلة متبرجة متفلتة مرت أمامك غض بصرك تقول الآن سآكلها إذا نظرت إليها ؟ هذا كلام الشيطان ، كلام الرحمن غض بصرك ، من غض بصره عن محارم الله عز وجل أورثه الله حلاوة في قلبه إلى يوم يلقاه . يقول لك الشيطان ما فعلت شيئاً إن الله جميل يحب الجمال ، كلمة حق أريد بها باطل .
لاحظ نفسك كل يوم خاطر إيماني وخاطر شيطاني ، خاطر يدعوك إلى الطاعة والآخر يدعوك إلى المعصية أنت بينهم ، بطولتك أن تستجيب لإلهام الملك وسقوطك من عين الله أن تستجيب لوسوسة الشيطان .
إذاً أضيف معنى إلى الآية الكريمة فألهمها فجورها وتقواها أن الله سبحان وتعالى فرز لهذه النفس ملكاً يدعوك إلى الخير وفرز شيطان يدعوك لكن دقق قال تعالى :
[ سورة إبراهيم : الآية 22]
يعني إنسان قال لك اكسر بلور سيارتك ، تكسره ؟ ثمنه سبعين ألف ، قال لي وإذا قال لك لا يملك إلا أن يقول لك اكسر ، اضرب ، اعمل معصية نعم يقول لك أين أنت ؟ أين إرادتك أين عقلك ؟ سبحان الله نعيم بن مسعود أحد زعماء غطفان قبل أن يسلم جاء ليحارب النبي عليه الصلاة والسلام جلس في خيمته وقد أقلقه هذا المجيء يخاطب نفسه يا نعيم لماذا جئت إلى هنا ؟ من أجل أن تقاتل هذا الرجل الطيب ماذا فعل ؟ سفك دماً ؟ لا انتهك عرضاً اغتصب مالاً ؟ لا أين عقلك يا نعيم ، الملك أيام إنسان تأخذه الحمية يندفع لوسوسة الشيطان قال تعالى :
[ سورة مريم : الآية 83]
تراه يفعل شراً دون أن يكسب شيئاً يعني لوجه الشيطان ، والله أحياناً ترى شخص إذا ما أذى لا يرتاح يؤذي ولا ينتفع ، لكن لما يؤذي يرتاح أيام تشاهده بوظيفة بدائرة بمكان إذا ما نكد الآخرين وأربكهم وخلق لهم مشاكل لا يرتاح ، تأكد أن هذا تنطبق عليه هذه الآية :
[ سورة مريم : الآية 83]
((عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَقَدْ وُكِّلَ بِهِ قَرِينُهُ مِنْ الْجِنِّ قَالُوا وَإِيَّاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَإِيَّايَ إِلَّا أَنَّ اللَّهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ فَلَا يَأْمُرُنِي إِلَّا بِخَيْرٍ))
[ مسلم ، أحمد ]
ملك يلهمك الخير ومعك شيطان يلهمك الشر ، هذا كلام النبي عليه الصلاة والسلام في صحيح مسلم .
الجني الذي وكل برسول الله أسلم فلا يأمرني إلا بالخير .
وروي أيضاً في الصحيح : ((عن عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا لَيْلًا قَالَتْ فَغِرْتُ عَلَيْهِ فَجَاءَ فَرَأَى مَا أَصْنَعُ فَقَالَ مَا لَكِ يَا عَائِشَةُ أَغِرْتِ فَقُلْتُ وَمَا لِي لَا يَغَارُ مِثْلِي عَلَى مِثْلِكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَدْ جَاءَكِ شَيْطَانُكِ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْ مَعِيَ شَيْطَانٌ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ وَمَعَ كُلِّ إِنْسَانٍ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ وَمَعَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ نَعَمْ وَلَكِنْ رَبِّي أَعَانَنِي عَلَيْهِ حَتَّى أَسْلَمَ))
[ مسلم ، أحمد ]
يعني حينما علمت أن قرين رسول الله من الجن قد أسلم أغرتِ قالت ما لمثلي لا يغار على مثلك بالبخاري ومسلم .
معنى كل إنسان معه قرين من الملائكة ومعه قرين من الجن ولاحظ نفسك لما تواجه معصية أصغي إلى صوت الملك طاعة الله خير يا ربي لك الحمد أعني على طاعتك الشيطان فرصة لا تعوض في كل الموضوعات موضوع النساء موضوع الأفلام موضوع متابعة مسلسلات موضوع متابعة القرآن الكريم موضوع علاقات إلى آخره .
هذا الإمام الذي يؤم الناس بلندن فلما نقل إلى جامع في ظاهر لندن وركب مركبة وأعطى السائق ورقة نقد كبيرة ورد له التتمة فلما عدها وجدها تزيد عشرين سنتاً عما يستحق دقق جلس وعدهم في عشرين سنت زيادة ماذا قال له الملك ؟ أنت كمسلم وكإمام مسجد هذا المبلغ ليس لك زائد عن استحقاقك ينبغي أن ترده للسائق ، الملك أدى دوره قال له الشيطان شركة عملاقة ودخلها فلكي والمبلغ يسير وأنت أولى به بل هو هدية من الله لك بالضبط ، هذا إلهام الملك وإلهام الشيطان .
يعني أنت كل يوم لا أبالغ مئات المرات يأتيك خاطر رحماني ملائكي وخاطر شيطاني ماذا تفعل ؟ أقل شيء امرأة مرت تغض بصرك فوراً جاءك وسوسة تعمل مرة أخرى لكن الأولى لك ، بالنساء بالتعامل طرق بابك بساعة متأخرة من الليل يقول لك الملك كن حليماً لعله محتاج الشيطان يقول لك هذا وقح ما في عنده أدب أقلق راحتي ، فأنت بين أن تصغي إليه وتكرمه وبين أن تبالغ في إهانته ، قال تعالى في سورة ق :

[ سورة ق]
أيها الأخوة : حقيقة كالشمس الساطعة لا يستطيع أحد على وجه الأرض من آدم إلى يوم القيامة أن يضل أحداً إلا أن الذي أراد أن يضل يصغي لمن أضله فقط ، الذي أراد أن يعصي يصغي لمن دعاه إلى المعصية ، قال وجاءت كل نفس معها سائق من الملائكة وشهيد يشهد على فعله الذي فعله في الدنيا .
وقال مجاهد سائق يسوقها إلى أمر الله عز وجل وشاهد يشهد عليها بما عملت ، وقال بعض العلماء السائق من الملائكة والشاهد من أنفسهم ، الأيدي والأرجل والملائكة أيضاً شهداء عليهم ، أما وقال قرينه هذا ما لدي عتيد ، القرين هنا الذي يسوقه يوم القيامة هو الملك هذا ما لدي عتيد ، ثم يتكلم شيطانه الذي كان له قرين في الدنيا :
[ سورة ق : الآية 27 ]
الآية واضحة جداً الآية تؤكد أن الإنسان يوم القيامة قرينه من الملائكة يسوقه إلى أمر الله وقرينه من الجن يقول ربنا ما أطغيته ولكن كان في ضلال بعيد ، رب العزة يقول :
[ سورة ق ]
بالعقيدة أيها الأخوة : لا يمكن أن تقبل إلا من الكتاب والسنة قضايا الجن بأنني غلب على ظني أن أخوتنا الكرام في أمس الحاجة لهذه الموضوعات لا من أجلهم ولكن من أجل من حولهم .
الآن أيها الأخوة : في الحياة الدنيا الشياطين وقرناء الجن وكلوا بالإنس ، يمكن أن يلتقوا بهم ويتبادلوا الأخبار فإذا أراد الله بعبد مقصر عاص مجاهر مستكبر سلط عليه ظلام الجن ، يعني في تعبير عامي إن شفت الأعمى طبه ما لك أرحم من ربه ، هذا الذي يمسه الشيطان وبالتعبير العامي داخل فيه الشيطان هذا إنسان بحسب الآية الكريمة :
[ سورة الأنعام : الآية 129]
أنا أطمئن كل أخ مستقيم الأخ المستقيم العابد لله الذاكر لله الذي يخاف الله هذا مستحيل وألف ألف ألف مستحيل أن يستطيع الجن أن يصلوا إليه ، قال تعالى :
[ سورة الحجر : الآية 42]
أنت أيها المؤمن الموحد العابد المستقيم في حصن حصين ، أما الذي يركل لهواه ويعظم شهوته وينغمس في الملذات الحرام يسلط عليه مردة الجن الذين يتعاملون مع السحرة ينقلون لهم أخبارهم وبعض الضلالات كي يقتنعوا بهم وكي يكون هذا الإنسي الذي تعامل مع الجني ضالاً مضلاًَ هو يحقق مطامعه المالية والشهوانية ممن يأتيه ويوهمهم أنه يعلم الغيب ويغرقهم في أوهام لا تنتهي من أجل أن يبتز من أموالهم وأن يأكل من خيراتهم وأن يضعهم في عماية عن الحقيقة .
((حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا فَيَقُولُ مَا صَنَعْتَ شَيْئًا قَالَ وَيَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَهْلِهِ قَالَ فَيُدْنِيهِ مِنْهُ أَوْ قَالَ فَيَلْتَزِمُهُ وَيَقُولُ نِعْمَ أَنْتَ قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ مَرَّةً فَيُدْنِيهِ مِنْهُ ))
[ مسلم ، أحمد ]
صدقوني أيها الأخوة : عندما الشيطان يدخل في بيت ترى شحناء وبغضاء وتراشق تهم وسباب أحياناً وضرب أحياناً يكون الشيطان يفعل فعله في الزوجين ، مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَهْلِهِ حلف عليها بالطلاق كل ما حللك شيخ يحرمك عشرة بالثلاثة والساعة الثانية بالليل فتح الباب ودفعها إلى الطريق بقميص النوم ، هذا الشيطان وهي حقدت عليه وهو حقد عليها ، قَالَ فَيُدْنِيهِ مِنْهُ أَوْ قَالَ فَيَلْتَزِمُهُ وَيَقُولُ نِعْمَ أَنْتَ يعطيهم درجات .
في حديث آخر شاهد عند ابن حبان من حديث أبي موسى الأشعري بإسناد صحيح قال إذا أصبح إبليس بث جنوده فيقول من أضل اليوم مسلماً ألبسته التاج فيخرج هذا فيقول لم أزل به حتى طلق امرأته بقي بدون زوجة في احتمال أن يزني لكن يقول الشيطان أوشك أن يتزوج ، تزوج حصن نفسه ، ويجيء هذا فيقول لم أزل به حتى عق والديه فيقول يوشك أن يبرهما ويجيء هذا فيقول لم أزل به حتى أشرك فيقول أنت أنت ، ويجيء هذا ويقول لم أزل به حتى قتل فيقول أنت أنت ويلبسه التاج .
يعني الشيطان يوغر صدر الإنسان حتى يسفك دماً ، المجرم مصنف مع الأغبياء قتل وانتهت حياته الذي قتل آخر جريمة ذبح ثلاثة واشترى سيارة وسافر إلى مدينة على الساحل ودخل إلى شاليه وأعطى هويته وبعد ساعات كان مقبوض عليه وسيلقى عقوبة الإعدام ، ماذا قال سيدنا موسى ؟ قال :
[ سورة القصص : الآية 15]
في ناس قضية الشيطان ليس مستوعبينها دون أن تشعر غضبك الشديد وضربك الشديد لمن حولك والسباب والشتائم وحلف الطلاق بلا مبرر الشيطان دخل بك لا تقول أنا لست قانعاً بالشيطان ، الشيطان لابسه و هو لا يدري هذه القاعدة الثالثة أي يوجد تعاون بين الجن و بين الإنس ، الإنسان بقدر معصيته ، بقدر تهاونه بالطاعات ، بقدر انغماسه في الملذات ، بقدر تطاوله على الذات الإلهية الله عز وجل يعاقبه بمس من الشيطان ، فإذا مسه الشيطان أصبح إنساناً آخر .
إخوانا الكرام : القاعدة الرابعة أن الوحي قوة فتاكة لا تستطيعه البطلة ، أي السحرة و المشعوذون و من مسهم الشيطان لا يصمدون و لا ثانية أمام القرآن الكريم ، الله عز وجل أعطاك سلاحاً فتاكاً كل ما عند الشياطين من وساوس و من مشكلات تنتهي و تزول حينما تذكر الله عز وجل و لكن بقلب حاضر ، أحياناً أسأل ماذا نفعل ؟ أقول لهم اقرؤوا القرآن يقولون قرأنا و لم نستفد ، أقل لهم اقرؤوا القرآن بقلب حاضر ، الله سبحانه و تعالى قد تكلم بالقرآن و جعله شفاء للأبدان و حرباً على أهل المكر و الطغيان و حرزاً للمؤمنين من الشيطان ، الله عز وجل جعل هذا القرآن حرزاً أي حصناً للمؤمنين من الشيطان فلا تصمد السحرة أمام سماع هذا الوحي يتلى ، بل تضيق به و تكاد تتمزق .
سمعت قصة من رجل من أقربائي توفي رحمه الله جاء ساحر من بلاد بعيدة من الهند إلى الشام و كل إنسان يضمر شيئاً و الساحر يكشف له هذا الشيء يدفع ليرة ذهبية ، شخص يفكر بقضية يأتي الساحر يذهب إلى داخل غرفة و يرجع يقول له أنت تفكر بكذا و كذا ، الناس تزلزلوا و كأنه يعلم الغيب ، قيل لرجل علم ماذا نفعل ؟ قال دعوني أذهب إليه ، ذهب إليه ماذا أضمر ؟ أضمر الله و رسوله و قرأ القرآن ، دخل و خرج ليس معه شيئاً ، دخل مرة ثانية قال له أنت لم تضمر شيئاً ، قال له ضمرت ، دخل مرة ثالثة و كان هذا آخر يوم له بالشام ، هذا الذي جاءه من أهل العلم لا يملك إلا أنه قرأ القرآن ، فالقرآن منع الشيطان أن يصل إليه ، أي منع قرينه أن يعرف ماذا ضمر ، فالوحي قوة فتاكة لا تستطيعه البطلة .
مما قاله سيدنا علي كرم الله وجهه عن القرآن : كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم و خبر ما بعدكم و حكم ما بينكم ، هو الفصل ليس بالهزل ، من تركه من جبار قصمه الله ، و من ابتغى الهدى في غيره أضله الله ، و هو حبل الله المتين ، و هو الذكر الحكيم ، و هو الصراط المستقيم ، هو الذي لا تزيغ به الأهواء و لا تلتبس به الألسنة و لا يشبع منه العلماء ، و لا يَخْلَق عن كثرة الرد ، و لا تنقضي عجائبه ، هو الذي لم تنته الجن إذ سمعته حتى قالوا :
[ سورة الجن]
من قال به صدق ، و من عمل به أجر ، و من حكم به عدل ، و من دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم .
إذاً يوجد معك سلاح فتاك لا يخيب ، ذكر الله ، تلاوة القرآن ، الاستعاذة بالله ، تلاوة المعوذتين ، تلاوة آية الكرسي ، و سيأتي معنا بعد قليل أن البقرة و آل عمران أقرب السور إلى إبطال عمل هؤلاء السحرة .
الآية الكريمة أيها الإخوة الكرام :
[ سورة الحشر : الآية 21]
مرة ذكرت في خطبة أنني قرأت مقالة علمية عن جامعة في بلد عربي هذه الجامعة سيعقد فيها بعد أربعة أشهر مؤتمر علمي ، أستاذ علم النبات في هذه الجامعة صنع تجربة ، جاء بأربعة بيوت بلاستيكية نصبها في حديقة الجامعة ، أي بيوت صغيرة ، ما الذي فعله ؟ في هذه البيوت جاء بكمية تراب واحدة وضعها في البيوت الأربعة ، ثم جاء بعدد من حبات القمح موحد من بذار موحد و عدد موحد زرعها في هذه البيوت الأربعة ، و وكل طالبات من طالباته أن تسقي كل واحدة هذا البيت كما تسقي أختها البيت الآخر تماماً ، كميات الماء موحدة ، كميات السماد موحدة ، العناية موحدة ، أي مارس سلوك موحد إن في التربة أو في البذار أو في السقيا ، أو في التعشيب ، أو في التسميد بشكل يكاد لا يصدق ، الآن كلف طالبة أن تقرأ القرآن على البيت الأول ، كلفها بقراءة سورة يسن و المعوذتين و آية الكرسي والفاتحة و الإخلاص كل أسبع أربع مرات أو ثلاثة ، البيت الثاني كلف الطالبة أن تمزق نبات أمام النبات ، تمسك بنبات و تمزقه أمام نبات ، بالبيت الثالث كلف طالبة تمزق النبات نفسه ، أي بيت سمع القرآن و بيت شاهد التعذيب ، و بيت مورس عليه التعذيب ، و البيت الرابع يسموه البيت الضابط لا يوجد قرآن و لا يوجد تعذيب ، هذا المقياس ، و بعد أربعة أشهر النتائج لا تصدق ، فالبيت الذي تلي فيه القرآن ارتفع نمو سنابل القمح ثلاثة و ثلاثين بالمئة زيادة عن البيت الضابط ، و الغلة زادت أربع و أربعين بالمئة عن البيت الضابط ، البيت الثاني و الثالث هبط نمو النبات إلى ثلاثة و ثلاثين بالمئة أقل ، و الغلة أقل بكثير ، قد نعجب، إذا كان الصخر :
[ سورة الحشر : الآية 21]
النبات أقرب للحياة من الصخر ، قال بعض العلماء يعذر الله الجبل الأصم و لم يعذر شقي بني آدم ، هل رأيتم أحداً قد تصدعت جوانحه من خشية الله ؟ قال :
[ سورة العنكبوت : الآية 43]
يقول ابن جرير الطبري رحمه الله في تفسيره : يقول جل ثناؤه لو أنزلنا هذا القرآن على جبل و هو حجر لرأيته يا محمد خاشعاً ، يقول متذللاً متصدعاً من خشية الله على قساوته قال: حذراً من ألا يؤدي حق الله المفترض عليه في تعظيم القرآن و قد أنزل على بني آدم و هو بحقه مستخف ، و عنه عما فيه من العبر و الذكر معرض كأن لم يسمعها ، كأن في أذنيه وقر.
الإنسان حينما يقرأ قوله تعالى :
[ سورة الإسراء : الآية 44]
الإنسان ألا يخجل أن مخلوقاً ، ذرة ، صخر و إن من شيء أي ما من شيء إلا يسبح بحمده ، أي القرآن يتصدع الصخر من خشية الله ، و الإنسان يميل على كلام الدجالين والمشعوذين و كل كتبته أيدي المبطلين ، و الجاهلين تطاولاً و افتراء على رب العالمين .
أحد الصحابة الكرام عبد الله بن مسعود روى عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال:(( عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا تَكَلَّمَ اللَّهُ بِالْوَحْيِ سَمِعَ أَهْلُ السَّمَاءِ لِلسَّمَاءِ صَلْصَلَةً كَجَرِّ السِّلْسِلَةِ عَلَى الصَّفَا فَيُصْعَقُونَ فَلَا يَزَالُونَ كَذَلِكَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ جِبْرِيلُ حَتَّى إِذَا جَاءَهُمْ جِبْرِيلُ فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالَ فَيَقُولُونَ يَا جِبْرِيلُ مَاذَا قَالَ رَبُّكَ فَيَقُولُ الْحَقَّ فَيَقُولُونَ الْحَقَّ الْحَقَّ ))
[ أبو داود ]
و في حديث آخر يقول عليه الصلاة و السلام : (( إذا أراد الله تعالى أن يوحي بالأمر تكلم بالوحي ، فإذا تكلم أخذت السماوات منه رعدة شديدة خوفاً من الله تعالى ، فإذا سمع ذلك أهل السماوات صعقوا و خروا لله سجداً فيكون أول من يرفع رأسه جبريل فيكلمه الله من وحيه بما أراد ، ثم يمر جبريل على الملائكة كلما مر بسماء يسأله ملائكته ماذا قال ربنا يا جبريل ، فيقول جبريل قال الحق و هو العلي الكبير ، فيقولون اللهم مثلما قال جبريل فينتهي جبر يل بالوحي إلى حيث أمره الله عز وجل ))
الآية :
[ سورة سبأ : الآية 23]
أيها الإخوة الكرام : العلاج ـ الآن دققوا الخلاصة ـ بالوحي لمن مسه الجن هو أجدى أنواع العلاج ، أي شخص سألك ماذا أفعل ؟ علاج مس الجن بالوحي ، بالقرآن الكريم، و قد وصف النبي عليه الصلاة والسلام سورة البقرة بأنها سورة لا تستطيع البطلة أي السحرة و في أخذها شفاء و بركة .
و أخرج الإمام أحمد عن أبي أمامة قال : ((عن أَبي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ اقْرَءُوا الزَّهْرَاوَيْنِ الْبَقَرَةَ وَسُورَةَ آلِ عِمْرَانَ فَإِنَّهُمَا تَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ تُحَاجَّانِ عَنْ أَصْحَابِهِمَا اقْرَءُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ وَلَا تَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ قَالَ مُعَاوِيَةُ بَلَغَنِي أَنَّ الْبَطَلَةَ السَّحَرَةُ ))
[ مسلم ، أحمد ]
أي ملخص الملخص الملخص أنه إذا شكا لك أحد أنه قد مسه الجن قل له عليك بتلاوة القرآن بقلب حاضر خاشع و لا سيما سورة البقرة و آل عمران هذا العلاج و لا علاج غيره إطلاقاً .
بعض العلماء يقول اعترف رؤساء المنجمين من الأولين و الآخرين أن أهل الإيمان أهل العبادات و الدعوات يرفع الله عنهم ببركة عبادتهم و توكلهم على الله ما يزعم المنجمون أن الأفلاك توجبه ، و يعترفون أيضاً بأن أهل العبادات و الدعوات ذوي التوكل على الله يعفون من ثواب الدنيا و الآخرة ما ليس في قوى الأفلاك أن تجلبه ، الحمد لله الذي جعل خير الدنيا و الآخرة في إتباع المرسلين و جعل خير أمة هم الذين يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر و قال تعالى :
[ سورة المائدة : الآية 54]
أيها الإخوة الكرام : هذه الموضوعات أنا أرى أننا جميعاً في أمس الحاجة إليها لأنه و الله ما من أسبوع إلا و يأتيني إما على الهاتف أو لقاء مباشر عدد لا يقل عن ثلاثة أو أربعة في الأسبوع ممن يلوذون بإخوة المسجد مشكلتهم مع الجن و مع السحرة و هذا مخاوي و هذا داخل به شيطان ، و يهذي بالليل و قصصاً ما أنزل الله بها من سلطان ، و لا يوجد عندهم إلا اللجوء إلى المشعوذين و السحرة كي يفكوا هذا السحر و كي ينزعوا هذا الجن الذي دخل إلى جسم إنسان ، و أنا أرى لو هناك حل آخر غير هذا الحل لذكره النبي عليه الصلاة والسلام .
الدرس القادم إن شاء الله سأتحدث عن أسباب تسلط السحرة و الشياطين على ابن آدم، أي يوجد سبب نحن نميل أحياناً إلى أن نظن أن هذا إنسان بريء طاهر دخل به جني ، لا ، هذا كلام فيه افتراء على الله عز وجل ، البريء الطاهر المستقيم في حصن حصين .








رد مع اقتباس
قديم 17-04-2009, 08:40 PM رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
صاحب الموقع
إحصائية العضو








آخر مواضيعي


admin غير متواجد حالياً


افتراضي

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .







التوقيع

الظاهر بيبرس

رد مع اقتباس
قديم 20-04-2009, 03:14 AM رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
الله ربي ومحمد رسول الله
إحصائية العضو







آخر مواضيعي


طالب عفو ربي غير متواجد حالياً


افتراضي

الجزاء الخامس
اللهم لا علم لنا إلا ما علَّمتنا ، إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علِّمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
أيها الإخوة الكرام ، مع الدرس الخامس من دروس الجن و السحرة و المشعوذين ، و قد بينت لكم في دروس سابقة أن شريحة كبيرة من المسلمين كانت ضحية الشعوذة و الوهم والجهل ، و لابد من توضيح الأمور ، ننتقل اليوم أيها الإخوة إلى أسباب تسلط السحرة والشياطين .
بادئ ذي بدء ، في الحديث القدسي الصحيح عَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا رَوَى عَنْ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ: (( يَا عِبَادِي ، إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي ، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا ، فَلَا تَظَالَمُوا .....)) .
هذا الحديث الطويل ينتهي بالفقرة التالية : (( .....فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدْ اللَّهَ ، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ )) .
[ مسلم ، الترمذي ، ابن ماجه ، أحمد ، الدارمي]

يأتيك إنسان يقول لك : إبني أصابه مس من الجن ، ويثني على ابنه ثناء غير معقول ، وكأن الله سبحانه و تعالى ضيق عليه بلا سبب ، يحرجك ، و يحيرك ، لكن الحقيقة التي ينبغي أن تكون معلومة لديكم هيأنه ما من إنسان يصاب بمس من الشيطان إلا بذنب كبير اقترفه ، لكن الأب يميل دائماً إلى حسن الظن بابنه كي يرتاح .
و الله أيها الإخوة ، كم سمعت ثناء من آباء على أولادهم ، هم من أسوأ خلق الله ، لكن الأب من أجل أن يريح نفسه يحسن ظنه بابنه ، وبشكل عام لا تصدق ، و لا تعتقد أن إنساناً يتحرك وفق منهج الله يصاب بمس من الجن ، مستحيل ، و ألف ألف مستحيل :
[ سورة الإسراء : الآية 65]
الإنسان الموصول بالله عز وجل لا تستطيع شياطين الأرض أن تمسه بسوء :
[ سورة البقرة : الآية 102]
شياطين الإنس و الجن لو اجتمعوا على أن ينالوا من إنسان موصول بالله عز وجل ، مستقيم على أمره لا يستطيعون .
أنا لا أقول لك : إذا شكا لك أحد أنه أصابه مس من الجن فعليك أن تفضحه ، أو عليك أن توبخه ، لا ، قل : عافاك الله ، و لكن لا تظن بالله غير الحق ، ظن الجاهلين ، اعتمد قوله تعالى :
[ سورة النساء : الآية 147]
إخواننا الكرام ، بالمناسبة ، كل واحد منا معه مئات القصص ، لكن كل هذه القصص لا تصلح أن يستنبط منها شيئاً ، لماذا ؟ لأنه يعرفها من الفصل الأخير ، لكن الواحد منا قد يقف على بعض القصص من أول فصل إلى آخر فصل ، هذه القصص تؤكد عدل الله ، و تؤكد رحمته ، و تؤكد عفوه ، و تؤكد كل أسمائه الحسنى ، و صفاته الفضلى .
مرة إنسان استوقفني في بعض أسواق دمشق ، و قال لي بقسوة : إنك تخطب على المنبر؟ قلت له : نعم ، قال : يوجد إنسان بأحد أسواق دمشق بَكَّرَ إلى عمله ليكسب رزق أولاده ، وقال لي : أليس طلب الحلال عبادة ؟ قلت : بلى ، فتح محله التجاري ، سمع إطلاق رصاص في سوق مغلق مغطى من أسواق دمشق ، فمدّ رأسه ليستطلع ما الخبر ، فإذا رصاصة تستقر في عموده الفقري ، فيصاب بشلل نصفي ، قال لي : هذا ماذا فعل ؟ أين رحمة الله ؟ ذهب ليكسب قوت أولاده ، و عمله مشروع ، و المادة التي يتاجر بها مشروعة ، و هو في عمله ، و العمل عبادة فماذا فعل ؟ والله أنا لا أعلم الجواب ، أنا واثق من عدل الله ، لكن هذه الحادثة تحتاج إلى علم إلهي .
بالمناسبة لا تستطيع أن تثبت عدل الله بعقلك إلا بحالة مستحيلة أن يكون لك علم كعلم الله ، أي قصة من آخر فصل إنسان ذهب إلى محله التجاري ليكسب قوت أولاده سمع إطلاق رصاص مدّ رأسه فجاءت رصاصة استقرت في عموده الفقري ماذا فعل ؟ و الحقيقة لم يفعل شيئاً في هذه الحدود ، قلت له و الله أنا لا أدري أي نصف العلم لا أدري ، لكن الذي أدريه أن الله عز وجل يقول :
[ سورة النساء : الآية 147]
أحد إخوتنا الكرام ، هو قديم في هذا المسجد ، و له مكانة عندي ، حدثني عن قصة جرت مع أحد جيرانه في البناء ، قلت : ما القصة ؟ قال لي : رجل يبيع القماش في أحد أسواق دمشق المغطاة ، قلت له : نعم ، قال لي : أولاد أخيه الأيتام لهم بيت قد اغتصبه منهم ، و هم في أمسّ الحاجة إليه ، طالبوه بهذا البيت مرات عديدة ، فكان يرفض ، فحكّموا أحد علماء دمشق في الميدان ، و قد توفي رحمه الله ، و كان عالماً جليلاً ، استدعاه ، و طلب منه أن يعطي البيت لأولاد أخيه ، فرفض أشد الرفض ، هذا العالم حكيم قال لهم : لا تشتكوا على عمكم هذا ، لا يليق بكم ، و لكن اشكوه إلى الله عز وجل ، هذا الكلام كان الساعة التاسعة مساء ، في اليوم التالي الساعة التاسعة صباحاً هو الذي جاءته الرصاصة فأصابته بالشلل ، إنسان يرى إنساناً في محل تجاري يكسب رزق أولاده ، مدّ رأسه ، فأصابته رصاصة جعلته مشلولاً نصفياً ، ماذا فعل ؟ هذه قصة من آخر فصل .
أيّ قصة تحفظها من فصلها الأخير لا تصلح أن تستشهد بها ، إنسان أصابه مرض عضال، لي أخ كريم ، أخ في المسجد شاب قال لي : نسكن في بيت قد اشتراه والدي مع عمتي مناصفة من سنوات طويلة حينما كانت البيوت رخيصة ، يوجد جمعية تعاونية في إحدى الوزارات ، فأخته موظفة في هذه الوزارة ، فاشترت هذا البيت ، و عرضت على أخيها أن يكون مناصفة بينه و بينها ، فوافق ، و نقدها نصف ثمن البيت عداً و نقداً ، بالتمام و الكمال ، و بعد عشرين سنة البيت أصبح ثمنه من مئتي و خمسين ألفاً إلى ثمانية عشر مليوناً ، و لأن البيت مكتوب باسم أخته قالت له : هذا البيت لي ، وسأعطيك مليون ليرة ، وعليك أن تخرج ، عنده أربعة عشر ولداً ، ولا يملك مأوى سواه ، و أخته ، لكن خطأه الكبير أنه حينما نقدها المبلغ لم يطلب منها أن تسجل باسمه هذا البيت ، أو أن تسجل له إيصالاً بثمن البيت ، أو بنصف ثمن البيت ، القصة طويلة ، لسنا في معرض الحديث عن تفاصيلها ، إلا أن الذي حدث أنها أخرجته من البيت بحيلة قانونية ، هي محامية ، و استطاعت أن تؤجر البيت بأعلى سعر، و اضطر أخوها أن يوزع أولاده بين بيتين من أقاربه ، و أن يضع أثاث بيته في مستودع في غوطة دمشق ، و ابنه أحد إخوتنا الكرام ، لما أخبرني أن عمته قد أخرجتهم من البيت ظلماً وعدواناً طمعاً في قيمة البيت التي تضاعفت أضعافاً كثيرة ، قلت له : و الله ، و هذه معرفتي بالله ، وأقول لكم هذه الكلمة : يكاد المؤمن من معرفته بقوانين الله عز وجل أن يستطلع ما سيكون ، لا من باب علم الغيب ، لأن علم الغيب لا يعلمه إلا الله ، قلت له : و الله إن الله عز وجل سوف ينتقم من عمتك انتقاماً لا حدود له ، لأنها اعتدت على حق أخيها ، وبالفعل ، والله الذي لا إله إلا هو بعد شهر قال لي : عمتي مصابة بسرطان في أمعائها ، و هي في ريعان الشباب ، أعرف صديقاً لي استمر هذا المرض في أمعائه سنتين ، قلت : لعل هذا المرض يطول أمده ، بعد شهر آخر ، قال لي : توفيت عمتي ، وأتمنى عليك أن تعزي والدي ، و أن تلقي كلمة في البيت الذي اغتصبته ، وريثها الوحيد أخوها ، رجع البيت إليه ، و رجع أولاده إلى البيت ، و لعنها الله في عليائه ، و لعنتها الملائكة ، و لعنها أهل الأرض .
أما أنت فتجد هذه الإنسانة شابة ، طبعاً هذا الكلام أتمنى عليكم ألا يفهم منكم أنه إذا أصيب إنسان بمرض أنه مجرم بحق الآخرين ، لا ، هذا استنباط غير صحيح ، لكن هذه الحالة لا تقل: مسكينة ، هذه الشابة في ريعان الشباب أصابها مرض عضال ، فقصف عمرها ، كما يقولون ، الله كبير ، أنت لست مؤهلاً أن تعلم الغيب ، تأدب مع الله ، و أحسن الظن به ، أي إنسان مسه السحر ، أو مسه الجن ، أو مسه شيطان و هو يعاني ما يعاني لا تصدق أن هذا الذي مسه جاءه بلا سبب ، و جاءه بلا مبرر ، لأن الله عز وجل يقول :
[ سورة النساء : الآية 147]
و من أمثال هذه القصص هناك والله مئات ، بل عشرات المئات من هذه القصص :
[ سورة البروج : الآية 12]
(( إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي ـ كما في الحديث القدسي الصحيح ـ وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فَلَا تَظَالَمُوا ، يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلَّا مَنْ هَدَيْتُهُ ، فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ ، يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ جَائِعٌ إِلَّا مَنْ أَطْعَمْتُهُ ، فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ ، يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ عَارٍ إِلَّا مَنْ كَسَوْتُهُ ، فَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ .... يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ ، وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي ، فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ ، يَا عِبَادِي إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ، ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا ، فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدْ اللَّهَ ، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ )) ، لا يقل : القدر قلب لي ظهر المجن ، لا يقل : لا حظ لي في الدنيا ، لا يقل : الله عز وجل يطعم الحلاوة لمن ليس له أضراس ، هذا كلام كفر :
[ سورة الشورى : الآية 30]
[ سورة آل عمران : الآية 165]
ما من عثرة ، و لا اختلاج عرق ، و لا خدش عود إلا بما قدمت أيديكم ، و ما يعفو الله أكثر .
أنا أريد أن تكون هذه الحقيقة واضحة عندكم ، إنسان مسه الشيطان ادع الله له ، و عاونه ، و لكن لا تتهم الله أنه ساق مصيبة لإنسان لا يستحقها .
والله أيها الإخوة ، من شأن الإنسان أن يظهر لك أنه ملاك ، وقد يكون شيطاناً رجيماً ، وأي سؤال يأتي : إنها صائمة ، مصلية ، تحفظ كتاب الله ، و لها أعمال من دون ذلك لا يعلمها إلا الله ، و الله أنا يمكن من ثلاثين سنة ما حضرت عقد قران إلا قال الخطباء : العروس تحفظ كتاب الله ، وهذه المشكلات التي تحدث بين الأزواج من أين جاءت ؟ من فتاة تحفظ كتاب الله ؟ أكاد لا أصدق ذلك ، هذه القصص التي تنتهي إليك ، و ينتهي إليك فصلها الأخير ، هذه لا تعبأ بها إطلاقاً ، و لكن القصة التي تعرف أول فصل فيها ، و آخر فصل فيها هذه تنطق بعدل الله ، و تنطق برحمة الله ، و تنطق بحلم الله .
الآن بينك و بين نفسك أعلم الناس بك أنت ، هل تثبت أن الله ظلمك ؟ أبداً :
[ سورة القيامة ]
يوجد جريمة وقعت في دمشق ، أن إنساناً ضابطًا في الشرطة يسكن بطابق من بناء ، و هو ينزل على الدرج رأى إنساناً خرج من بيت مضطرب جداً فقبض عليه ، ودخل إلى البيت ، فإذا صاحبه مقتول ، فاستقرت التهمة أنه هو القاتل ، وحوكم ، وحكم كما أعتقد بثلاثين سنة سجنًا ، وبعد ثماني سنوات ألقي القبض على قاتل آخر ، فاعترف بهذه الجريمة ، إذاً هو بريء ، أحد إخوتي الكرام يؤمن بعدل الله ، قال لي : و الله ـ طبعاً أخرجوه من السجن ، وأعطوه تعويضاً عن هذا السجن الظالم ـ بعد أن قبض التعويض ، و همّ بالخروج من المحكمة سأله صديقي ، هذا المتهم البريء ، قال له : بربك أنت سجنت ثماني سنوات ظلماً ، هل تصدقني الحديث ؟ هل عملت عملاً يستأهل هذا السجن ؟ قال له : و الله ، ويستأهل أكثر من ثماني سنوات ، من هذه التهمة هو بريء لكن من تهمة أخرى ليس بريئاً .
مرة شخص استوقفني يبيع قماشاً وطنياً ، قال لي : أجبني عن هذا السؤال : الأقمشة كلها وطنية ، و أسعارها نظامية ، و على كل ثوب سعره ، قال لي : تسعيرة وقعت دون أن أراها، دخل موظف التموين كتب لي مخالفة فيها سجن شهرين ، أين العدل ؟ وانفجر ، قلت له : نحن في التجارة يوجد عندنا سندات ، و عندنا حساب جار ، الله لا يحاسبك بسندات ، كل قضية وحدها ، يحاسبك بحساب جار ، إذا وجد بالليل سهرة مخالفة للشرع ، يأتيك شخص بالنهار يظلمك ، هذه بتلك ، يقولون : شوحة التقت مع سيدنا سليمان ، قالت له : يا نبي الله ، الله عز وجل مهول أم عجول ، فسأل الله عز وجل ؟ فالله عز وجل أخبره أنني مهول ، و لست بعجول ، فطمأنها ، هذه الشوحة بعد أن اطمأنت أن الله عز وجل مهولاً ، و ليس عجولاً ـ هي قصة رمزية ـ وجدت بعض الناس يأكلون اللحم ، خطفت اللحم ، و قد علقت جمرة في قطعة اللحم ، فلما وضعت اللحم في عشها احترق العش كله مع بيضاتها ، فرجعت إلى سيدنا سليمان ، و قالت له : يا نبي الله ، ألم تخبرني أن الله مهول ، ها هو ذا عجول ، عوقبت فوراً، فسأل الله عز وجل ، و القصة رمزية ، فقال له : لها حساب قديم ، وهذا ليس على آخر عمل .
يوجد حساب قديم ، لكن الله عز وجل يعامل عباده بحساب جار ، يدخل إلى البيت ، والسهرات المختلطة ، والساعة الخامسة على الفضائيات ، و الغيبة ، و النميمة ، و الغش ، والتدليس ، أين المحل التجاري ؟ فيأتي شخص فعلاً قد يخالفك ظلماً ، و لكن ليس على هذه ، و إنما على سهرة البارحة ، الله عز وجل يعاملك بحساب جار ، طبعاً كل هذا تمهيد لحقيقة دقيقة جداً في هذا الدرس ، هي أن الله سبحانه و تعالى لا يسمح للجن ، و لا للسحرة أن ينالوا من الإنسان إلا إذا كان قد ارتكب شيئاً محرماً ، و الدليل ، و لولا الدليل لقال من شاء ما شاء:
[ سورة الزخرف ]
هذه الآية أصل في هذا الموضوع ، و من يعش ، أي يتعامَ ويتغافل ويعرض .
ابن عباس قرأها ، و من يعشَ بمعنى يعمى ، في لغة العرب عشي يعشى إذا عمي ، رجل أعشى ، و امرأة عشواء ، إذا كانت لا يبصر ، و في اللغة العربية خبط خبطة عشواء أي عمياء .
يوجد ملمح لطيف :
[ سورة الزخرف : الآية 36]
هذا الشيطان يسيطر عليه ، يتحكم بفكره ، و فهمه ، و عقله ، و قلبه ، و حركته ، عقاب من الله ، يوجد قراءة حتى إذا جاءانا ، من هما ؟ الإنسان و الشيطان الذي له قرين ، حتى إذا جاءانا قال : يا ليت بيني و بينك بعد المشرقين فبئس القرين .
إذاً تسلط الشيطان على الإنسان لأنه غفل عن الله عز وجل ، و انقطع عنه ، و تفلت من منهجه ، و أساء إلى خلقه .
أكبر حصن لكم من الشيطان أن تكون موصولاً بالله ، مستقيماً على أمره ، منيباً
إليه ، هذا أكبر حصن :

[ سورة الزخرف : الآية 39]
أي لا يوجد إنسان يضل إنساناً :
[ سورة ق]
بالمناسبة أيها الإخوة ، المؤمن لا يزال يطيع الله عز وجل ، و يألف الطاعة ، و يحبها حتى يرسل الله سبحانه برحمته عليه الملائكة تؤزه إليها أزاً ، و تحرضه عليها تحريضاً ، و تزعجه عن فراشه و مجلسه ، و لا يزال إنسان آخر يألف المعاصي ، و يحبها ، و يؤثرها حتى يرسل الله إليه الشياطين ، فتؤزه إليها أزاً .
الإنسان يعصي ، و يعصي ، و يعصي فيأتي قرينه من الشياطين فيدفعه إلى المعصية كل حين ، و الإنسان يطيع ، و يطيع ، و يطيع فالملك يلهمه كل خير ، هذا ممكن أن يتفسر بعالم الفيزياء بقانون العطالة ، فالجسم إذا تحرك يرفض السكون ، و الجسم الساكن يرفض الحركة، و الإنسان حينما يطيع ، و يطيع يرفض المعصية ، و حينما يعصي ، و يعصي يرفض الطاعة، و الإنسان بنيته حركية ، و ليست ساكنة ، و التعبير الغربي ( ديناميكي) ، و ليس ستاتيكيا ، أي الطاعة تجر إلى الطاعة ، و المعصية تجر إلى معصية ، حتى إن أحد أصحاب رسول الله سأل النبي عليه الصلاة والسلام قال : يا رسول الله ماذا ينجي العبد من النار ؟ فقال عليه الصلاة و السلام : إيمان بالله ، فسأل هذا الصحابي ، و هو أبو ذر الغفاري رضي الله عنه قال : يا رسول الله ، أمع الإيمان عمل ؟ قال : أن يعطي مما أعطاه الله ـ العطاء مطلق العطاء ـ قال يا رسول الله : أفإن كان لا يملك ، فقال : فليأمر بالمعروف ، ولينهَ عن المنكر ، قال : فإن كان لا يستطيع ، قال : فليعن الأخرق ، قال : فإن كان لا يحسن ، قال له: أما تريد أن تدع لصاحبك من خير .
لا يستطيع أن ينفق مما أعطاه الله ، و لا يستطيع أن يأمر بالمعروف ، و لا ينهى عن المنكر، و لا أن يعين الأخرق ، ليس له أي إيجابية ، قال له : فليمسك أذاه عن الناس ، فجاء السؤال المحرج ، أو إن فعل ذلك دخل الجنة ؟ فقال عليه الصلاة و السلام : ما من عبد مسلم يصيب خصلة من هذه الخصال إلا أخذت بيده حتى تدخله الجنة .
أنت ابدأ بالصلاة ، الصلاة تجرك للصدقة ، تصدّق الصدقة تجرك إلى مجلس علم ، احضر مجلس علم يجرك إلى عمل صالح ، اعمل عملاً صالحاً يجرك إلى دعوة إلى الله ، تدعو إلى الله يجرك إلى اتساع الدعوة ، ثم يجرك هذا الشيء إلى اتصال بالله طويل المدى ، ثم بعد ذلك تتألق ، ثم يرفع الله لك ذكرك ، لذلك عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((اسْتَقِيمُوا وَلَنْ تُحْصُوا ....)) .
[ ابن ماجه ، أحمد ، الدارمي ]
أي لن تحصوا خيرات الاستقامة ، أي المستقيم ينتظره خير لا يعلمه إلا الله .
الملخص : أسباب تسليط الله للسحرة و الشياطين مردها إلى مخالفات شرعية يستسهلها العبد أحياناً ، و لا يأبه لمكانتها فيعاقبه الله عز وجل بما يذكره ، و يعيده إلى مقام التعظيم ، فالذي لا يعظم حرمات الله عز وجل يذله الله ، و يفضحه ، و لو في جوف داره .
أيها الإخوة الكرام ، ما من تسلط للشياطين على البشر إلا بسبب غفلة وذنب ، إذاً التحصين من السحرة ، و من الجن أن تكون مع الله ، لائذاً بحماه ، مقبلاً عليه ، مطبقاً لأمره ، تذكره في كل حين ، عندئذ أنت في حصن حصين .
إخواننا الكرام ، لو سألت الإنسان : لماذا هو مشدود إلى الله ؟ الجواب : لعلك تظن أن هذا الإسلام دين الله ، هو في الحقيقة دين الله ، أو لعلك تقول : إن هذا الإسلام أعطانا تفسيراً عميقاً و دقيقاً و متناسباً حول الكون و الحياة و الإنسان ، هذا الإسلام العظيم قدم لك تفسيراً عميقاً ، و قدم لك صورة متناسقة ، و قدم لك فلسفة مريحة .
إخواننا الكرام ، المسلمون فقط يوجد عندهم انسجام ، غير المسلم لو أنه رأى ما يجري في العالم من حروب ، من قهر ، من قتل ، من هدم بيوت ، من تجريف مزارع ، من ردم آبار ، من إذلال ، يختل توازنه لأنه لا يجد عنده جواب دقيق عن كل ما يجري ، المؤمن إذا قرأ القرآن لا يوجد شيء يجري أمامه إلا عنده تفسير واضح ، شخص مثلاً يذهب إلا بلاد الغرب يجد بلاداً جميلة جداً ، غنية جداً ، أنيقة جداً ، نظيفة جداً ، الناس في بحبوحة ، في ترف ، غارقون في كل اللذائذ المحرمة ، يرتكبون كل المعاصي و الآثام ، و هم أقوياء و أغنياء و ، يسيطرون على العالم ، الشخص يختل توازنه ، مسلمون يعانون الأمرين ، يعانون من الظلم و الجور في كل بقاع الأرض ، و كفار ملحدون منحرفون ، شاذون ينعمون بكل شيء ، يختل توازنه ، يقرأ القرآن عندما يستعيد توازنه :
[ سورة الأنعام : الآية 44]
إنسان آخر يرى ما يجري في العالم من حروب و من صراعات ، و من أحقاد و من قتل ، فيعجب ، الإنسان لماذا هكذا ؟ يقرأ القرآن :
[ سورة المائدة : الآية 14]
هذا قانون العدالة و البغضاء ، يأتي إنسان آخر يجد شخصاً غير موفق ، أينما ذهب الأبواب مغلقة في وجهه ، و إنسان كيفما تحرك وفقه الله عز وجل .
إن كان لا يقرأ القرآن يقول لك : محظوظ ، هذا حظ ، الحظ إله الحظ ما هذا الحظ ؟ ماذا يعني الحظ ؟ لا يعني شيئاً ، شيء وهم ، إذا قرأ القرآن :
[ سورة الليل ]
هذا قانون التيسير و التعسير ، و هذا قانون العدالة و البغضاء ، و كل شيء له قانون ، إذاً قانون الأمن : إذا كان الشخص مطمئنًا الأخطار تحيط به من كل جانب وهو مطمئن ، و إذا كان مع إنسان أموال لا تأكلها النيران إنسان وهو خائف ، إياك ، اقلب العملة ، يوجد أحداث خطيرة ، يأتي شخص ليس معه قرش ليقلب العملة ، لا يوجد معه شيء ، و هو مطمئن ، و تقرأ القرآن :
[ سورة الأنعام]
الأمن له قانون ، التيسير له قانون ، التوفيق له قانون ، العداوة و البغضاء لها قانون ، بطولتك أن تكتشف قوانين القرآن ، هذه القوانين هي التي تتحكم في كل شيء :
[ سورة الأنعام : الآية 115]
هذه كلمات الله ، أي قوانين الله عز وجل .
أيها الإخوة الكرام ، النصيحة لا تحابِ نفسك ، لا تحسن بها الظن ، اقسُ عليها ، اتهمها فهو لصالحك ، الإنسان دائماً يميل إلى أن يتملق نفسه ، فإذا أصابته مصيبة يقول كذباً و بهتاناً: هذه ترقية ، من قال لك : إنها ترقية ، و إن أصابت غيره مصيبة قال : هذا عقاب ، من قال لك : هذا عقاب ؟ لماذا تفسر المصيبة تصيبك على أنها ترقية ، و المصيبة تصيب أخاك على أنها عقاب ؟ اقرأ قوله تعالى دائماً :
[ سورة النساء : الآية 147]
اتهم نفسك ، و سيدنا عمر يقول : " تعاهد قلبك " ، يجب أن تفحص نفسك كيف صلاتك ؟ تصلي فلا تشعر بشيء ، تذكر فلا تشعر بشيء ، تقرأ القرآن فلا تشعر بشيء ، ادع الله أن يهبك قلباً ، لأنه لا قلب لك ، لا يوجد قلب أبداً .
أحياناً براد يباع ببعض الأسواق لا يوجد له محرك إطلاقاً ، لكن يوجد وصل من المأخذ الكهربائي إلى بلورة في داخله ، يقول لك : شعل ، إذاً هو شغال ، لا ، لا يوجد محرك أبداً ، إذاً إذا صلى شخص ، و لم يتأثر ، ذكر ، و لم يتأثر ، قرأ القرآن ، و لم يتأثر ، لا يوجد قلب إطلاقاً ، قلبه خاوٍ :
[ سورة البقرة : الآية 259]
أيها الإخوة الكرام ، هذه الدروس أولاً لها فائدة ، طبعاً دروس الجن والسحرة والمشعوذين لها فائدة ، أنها تعلمك طريق الوقاية منها ، وصدّق عدد الذين يصابون بمس من الجن كثيرون جداً ، حينما قررت هذه الدروس لم أقررها من فراغ .
بالأسبوع يوجد سؤالان ، ثلاثة ، أربعة ، خمسة ، أحياناً عن أسر أحد أفرادها مصاب بمس من الجن ، و مشكلة كبيرة يكاد يخنقه يجعل حياته جحيماً لا يطاق ، والإنسان حينما يلهمه الله الصواب يقيه من هذا المس ، هذه واحدة .
الهدف الثاني : أنك إذا فهمت هذه الحقائق أحسنت الظن بالله عز وجل ، و محور هذه الدروس :
[ سورة الأنعام : الآية 129]
أي ظلمة الجن تضيق على ظلمة الإنس :
[ سورة الأنعام : الآية 128]
الجن استعلوا على الإنس ، و الإنس أخذوا بعض المساعدات ، و بعض الأفكار ، و بعض الترهات ، نقلوها بين الناس ، و ابتزوا أموالهم ، أو اعتدوا على أعراضهم .
قضية السحرة و المشعوذين هذا موضوع ينبغي أن يكون واضحاً لديكم أولاً ، ولمن حولكم ثانياً ، لأن المشكلة أنه أحياناً إنسان مثقف ينصاع لهذه التصرفات المنحرفة ، فأنا أريد أن يكون الإنسان محصناً بالعلم ، أنا أكثر دعاء أتأثر به ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل و الوهم إلى أنوار المعرفة و العلم ، و من وحول الشهوات إلى جنات القربات .







رد مع اقتباس
قديم 22-04-2009, 11:03 AM رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
الله ربي ومحمد رسول الله
إحصائية العضو







آخر مواضيعي


طالب عفو ربي غير متواجد حالياً


افتراضي

الجزء السادس
اللهم لا علم لنا إلا ما علَّمتنا ، إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علِّمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
أيها الإخوة الكرام : مع الدرس السادس من دروس النهي عن التعاون مع السحرة و المشعوذين و الدجالين .
أيها الإخوة الكرام : ننتقل في هذا الدرس إلى موضوع السحر بالذات ، كلمة يكثر تردادها على ألسنة المسلمين ، و في بعض هذه الأقوال وضع لا أصل له ، من أبرز هذه الأقوال الموضوعة التي لا أصل لها : " تعلم السحر ، و لا تعمل به " ، لا أصل لهذا الكلام إطلاقاً في تراث النبوة ، على كل وردت كلمة السحر في حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم في معرض الحديث عن البيان فقال : (( إن من البيان لحكمة )) ، و (( إن من الشعر لحكمة )) .
و الحكم الشرعي في الشعر أنه كلام حسنه حسن ، و قبيحه قبيح ، إلا أن المعني في هذا الموضوع الشعر الذي أساسه التعامل مع الجن ، فمن تعريفات السحر الشرعية ما كان من عمل فيه اتصال بالشياطين بقصد الفتنة ، أو التوكل على غير الله عزوجل في الدواء ، وجلب الشفاء .
حينما يوهم المسلم أن جهة غير الله يمكن أن تشفيك ، أو أن تعطيك ، أو أن تحميك ، أو أن تدفع عنك الضر فهذا من أكبر أهداف السحر ، أن تنصرف عن الله إلى غيره ، أو أن يفتن بالدنيا ، أن يغرق في المعصية ، أن يتجه إلى الملذات التي حرمها الله عز وجل ، أي ليس هناك من هدف لأي نوع من أنواع السحر إلا أن يضل إنسانًا أو أن يفسد ، أن يضل عقله ، وأن تشقى نفسه ، هذا هو الهدف الأكبر للسحرة الذين يتعاونون مع شياطين الجن ، الجني المسلم المؤمن اسمه جني ، أما الجني الكافر اسمه شيطان ، فإذا قلنا كلمة شيطان ، أي مع القسم الثاني من الجن ، و ليس هناك تعاون ، و لا اتصال ، و لا خدمات يؤديها الجن للإنس إلا من أجل إضلال الخلق و إفساده .
من تعاريف السحر الدقيقة أنه عمل يتقرب فيه إلى الشيطان بمعونة منه ، الدين تقرب إلى الله ، السحر تقرب إلى الشيطان .
تعريف آخر : السحر عزائم ، و عقد يؤثر في القلوب والأبدان ، أحياناً الإنسان إذا أصابه مس من الشيطان تضعف قواه ، لا يقوى على أن يقف ، تغلب عليه السوداوية و التشاؤم والكآبة ، و يكاد يخرج من جلده من الضغط النفسي الذي يحدثه الشيطان على ابن آدم ، لكن يكاد يكون أكبر هدف للسحرة الذين يتعاونون مع الشياطين إفساد العلاقة بين الزوجين ، والشيء المؤلم أشد الألم ، و أنا لا أبالغ و الله في كل مئة أسرة مسلمة سبعون أو ثمانون أسرة مفككة بفعل الشيطان ، هدف الشيطان الأول أن تكره زوجتك ، أو أن تمل منها ، أو أن تقول: إنني لا أشعر معها بشيء ، و هدف الشيطان الأول أن يرغبك بغير زوجتك ، حتى إن كل الأعمال التي توصف بأنها أعمال فنية هدفها أن يكره الإنسان زوجته ، و أن يتجه إلى غير زوجته ، وهذا من فعل الشيطان ، والذي يقطع هذا الموضوع كلياً أن النبي عليه الصلاة والسلام قال : (( الحمد لله الذي رزقني حبّ عائشة )) .
وأنا أدعو كل زوج أن يبذل المستطاع كي يحب زوجته ، و كي تحبه زوجته ، هذا هو الذي يرضي الله وحده ، و ما سوى ذلك لا يرضي الله ، لأن الله عز وجل حينما قال :
[ سورة الشورى : الآية 29]
[ سورة فصلت : الآية 37]
[ سورة الروم : الآية 21]
فالذي لا يحب امرأته ، و لا تحبه امرأته ، والذي يشعر أن بين الزوجين شرخ كبير وملل وسآمة وضجر هذا البيت بخلاف منهج الله عز وجل .
أراد الله من الزوجين أن تسود بينهما المودة و الرحمة ، لذلك قال تعالى :
[ سورة البقرة : الآية 102]
أي أهل الإيمان كل مودتهم ومحبتهم وإخلاصهم لزوجاتهم ، وأهل الفسق والعصيان كل محبتهم ومودتهم لغير زوجاتهم .
شرس إلى أبعد الحدود مع زوجته ، قاس إلى أبعد الحدود مع زوجته ، متجهم مع زوجته ، وأحلى ، وألطف عبارة يسوقها لمن لا تحل له ، في البيوت ، في اللقاءات ، في الاحتفالات ، في السفر ، في النزهات ، في العمل ، في الوظيفة ، كل لطافته ومودته ورقته ونعومته واعتذاره الشديد وابتسامته والتعليقات اللطيفة التي يسوقها لغير زوجته ، وكل غلاظته لزوجته، هذا الواقع لأن الشيطان فعل فعله ، الآية صريحة :
[ سورة البقرة : الآية 102]
ثم في قوله تعالى :
[ سورة الفلق : الآية 4]
الآية لها معان كثيرة ، من معانيها : أن هذه العقد المحكمة التي أرادها الله :
[ سورة النساء : الآية 21]
هذه العقدة التي ينبغي أن تكون محكمة يريد الشيطان لها أن تكون مفككة ، لذلك مرة السيدة عائشة رضي الله عنها سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالت له : (( كيف حبك لي ؟ قال : كعقدة الحبل )) ، أي عقدة لا تفك ، فأصبحت كلمة العقدة رمز بينهما ، تسأله من حين لآخر : كيف العقدة ؟ يقول عليه الصلاة و السلام : (( على حالها لا تزال متينة )) .
مرة فيما تروي الأحاديث الصحيحة أن السيدة عائشة روت له قصة أبي زرع ، حدثته عن أخلاقه ، وعن طيبه ، وعن مؤانسته ، وعن ، و عن ، و جعلته الزوج الأول ، إلا أنها قالت في النهاية : غير أنه طلق امرأته ، فقال عليه الصلاة والسلام : (( أنا لك كأبي زرع ، غير أني لا أطلقك )) .
أحياناً إخوانا الكرام ، وهذا شيء أنا ألاحظه كثيراً ، أن الزوج لا يحلو له المزاح مع زوجته إلا بالزواج الثاني ، هو لا ينتبه ، هو يمزح ، لكنه بهذا المزاح يهز كيانها ، يزلزلها ، يجعلها قلقة ، هذا مزح يؤذي ، قال لها : غير أني لا أطلقك ، طمأنها ، يوجد أزواج كثر لا يحب أن يطمئن امرأته أبداً ، دائماً في قلق ، كلما ارتاحت يمزح .
أيها الإخوة الكرام : من تعريف الإمام القرطبي للسحر أنه حق ، السحر حق ، بمعنى واقع، لكن غير مشروع محرم ، الزنا حق ، ما معنى الزنا حق ؟ أي واقع يوجد زنا ، غير أنه محرم ، يخلق الله عند السحر ما يشاء .
إخواننا الكرام : الأنبياء كي يشهد الله لهم أنهم أنبياء ، و أنهم مبعوثون من قبل الله عز وجل يعطيهم المعجزات ، فكل خرق للعادات يجري على يد الأنبياء هو من نوع المعجزات ، و الأنبياء مكلفون أن يتحدوا الناس بالمعجزات ، وكل خرق للعادات يجري على أيدي الأولياء والأولياء بمعنى القرآن ، من هو الولي بالمعنى القرآني ؟ تعريف دقيق جداً :
[ سورة يونس ]
لا يوجد أي حاجة ليطير الشخص حتى يصبح ولياً ، قال له : سيدي الشيخ يطير ؟ قال له : نعم ، لكن ليس هو الذي يطير ، إنما يطيرونه إخوانه ، أي يكذبون ، الولي لا يوجد حاجة ، لأن يمشي على وجه الماء ، و لا بحاجة أن يطير في الهواء ، و لا أن يخرق العادات :
[ سورة يونس ]
هذا المعنى الدقيق للولي ، لكن إذا أراد الله أن يكرم ولياً ما يجري على يده بعض الخروق للعادات ، الولي ممنوع أن يذكر هذه الكرامات ، لأنه غير معصوم ، فإذا ذكرها كذبه الناس ، لذلك أنا أرى أن الكرامة ينبغي ألا تروى ، و ألا تكذب ، لأن في القرآن الكريم لا يؤكد الكرامة ، أي إذا أجري خرق للعادات على يد غير الأنبياء فهي الكرامات .
السيدة مريم نبية ؟ لا ، صدّيقة ، فحينما ولدت سيدنا عيسى من غير أب هذه كرامة ، هل بالإمكان أن ننكرها ، أهل الكهف هل هم أنبياء ؟ لا :
[ سورة الكهف : الآية 25]
إذاً إن جرى خرق العادات على يد الأنبياء فهي المعجزات ، و إن جرى خرق العادات على يد الأولياء بالمفهوم القرآني فهي الكرامات ، لكن أروع ما في الموضوع أن أعظم كرامة يكرمك الله بها العلم ، كرامة ما بعدها كرامة ، و هذه الكرامة لا تحتاج إطلاقاً إلى خرق للعادات ، من قوله تعالى :
[ سورة النساء : الآية 113]
لذلك خرق العادات على يد الأنبياء معجزات ، و على يد الأولياء كرامات ، و خرق العادات على يد السحرة ضلالات ، و قد يكون هناك خرق للعادات السبب أن الجن الذين يتعاونون مع الساحر ، عندهم قدرات لا يملكها البشر ، كتخطي المسافات ، و استراق المعلومات ، و ما إلى ذلك ، فلذلك الشيطان الذي يتولى هذا الساحر يمده بمعلومات لا من غيب المستقبل أبداً ، و لكن من غيب الحاضر ، أو غيب الماضي عن طريق قرين الإنسان من الجن .
لا يمكن للساحر أن يتنبأ بالمستقبل ، لأنه لا يعلم الغيب إلا الله ، قولاً واحداً :
[ سورة الأنعام : الآية 50]
عندما كلف سيدنا سليمان الجن بأعمال شاقة ، و مات ، و هم مجهدون بأعمالهم الشاقة ، قال تعالى :
[ سورة سبأ : الآية 14]
فالشيطان الذي يمد الساحر بالمعلومات لا يمكن أن يتنبأ بالمستقبل ، إلا أن غيب الحاضر ممكن ، أنت جالس في دمشق ، فقد ينتقل الشيطان من حلب إلى دمشق بزمن قصير جداً ، فقد يخبر هذا الساحر أنه حدث بحلب كذا ، هذا اسمه غيب الحاضر ، و غيب الماضي عن طريق استحضار قرين هذا الإنسان ، فقد يدعون هم أنهم يحضرون أرواح الموتى ، هم لا يحضرون أرواح الموتى ، ولكنهم يتصلون مع قرين الميت ، فيعطي دقائق حياته اليومية ، فيتوهم الإنسان أن هذا من نوع استحضار أرواح الموتى ، وهو كذب بكذب .
أي قد يخرق على يد الساحر بعض العادات ، هذه اسمها ضلالات ، صار هناك معجزة ، وكرامة ، و ضلالة ، على يد مؤمن مستقيم طاهر كرامة ، على يد نبي مرسل معجزة ، على يد ساحر ضلالة ، هذا ينقلنا إلى أن كل شيء حيادي ، لأن الإنسان مخير ، حتى خرق العادات يمكن أن يكون كرامات ، أو أن يكون ضلالات ، و يوجد تعريف آخر للسحر : أنه حيل صناعية يتوصل بها إلى اكتساب المال ، غير أنها لدقتها لا يحسنها إلا آحاد الناس ، قال تعالى :
[ سورة الأعراف : الآية 116]
أنا حدثني صديق أنه ذهب إلى الهند فرأى ما يلي : رأى ساحراً ، و معه غلام ، و مع الساحر حبل طويل ، فألقاه إلى الأعلى ، فعلق ، فصعد الغلام ، حتى اختفى ، أمره أن ينزل فلم ينزل ، فتبعه الساحر ، و بعد حين وقع رأسه ، ثم يده ، ثم يده ، ثم جسمه ، شيء لا يصدق ، جاء وفد صحفي ، و صور ، لم يجد في الفيلم شيئاً ، هذا معنى قول الله عز وجل :

[ سورة الأعراف : الآية 116]
لا ينكر أن السحر له أثر في القلوب بالحب والبغض ، وإلقاء الشرك ، فالساحر مهمته الأولى التفريق بين المرء و زوجه ، و أن يحول بين المرء و قلبه بإدخال الآلام ، و عظيم الأسقام ، و هذا مدرك بالمشاهدة ، و إنكاره معاندة ، واقع ، السحر واقع .
الآن إخواننا الكرام : حكم السحر : السحر محرم قطعاً ، و قد نص أصحاب الإمام أحمد أن يكفر المرء بتعلمه وتعليمه ، أي يخرج من ملة الإسلام بتعلمه وتعليمه ، فأين قول العوام تعلم: السحر و لا تعمل به ؟ لا أصل له ، و الإمام مالك والإمام أبو حنيفة صرحوا أن الساحر كافر، واعتمدوا على بعض أقوال النبي ، أنه من سحر فقد كفر ، أي تعاون بين الإنس وشياطين الجن هو سحر ، و السحر كفر ، و السحر معصية .
أيها الإخوة الكرام : جملة القول أن السحر علم حرمه الله تعالى على الإنس ، فيه تمويه وتخييل ، و أحياناً خفة يد ، وقد يكون بالأدوية والأدخنة والتعاويذ المحرمة ، وقد يكون بالاستجارة بملوك الجن ، وأربابه بكلمات ، وعبارات معينة ذات معنى لديه ، لإيقاع الأذى في النفوس ، و الممتلكات ، و لإفساد الصلات ، و الروابط ، و العلاقات ، يوالي فيه مردة الجن أشرار الإنس ، لما يحصل لهم فيه من بذل الخضوع من الإنس ، و صرف العبادة للجن بدل الله عز وجل لذلك الآية الجامعة المانعة الواضحة الصارخة المتعلقة بالعلاقة بين الجن والإنس :
[ سورة الأنعام : الآية 129]
فظلمة الجن يتمكنون من ظلمة الإنس ، أما الإنسان المستقيم الطاهر المؤمن المتصل فـ :
[ سورة الحجر : الآية 42]
المؤمن في حصن حصين ، وحرز حريز ، و الذي مسه طائف من الشيطان معه سلاح فتاك ، الاستعاذة بالله عز وجل .
أيها الإخوة الكرام : أنواع السحر : هناك سحر الكذابين الذين كانوا يعبدون الكواكب السبعة السيارة ، ويعتقدون أنه تبدل العالم ، و أنها تأتي بالخير و الشر ، و هذا هو التنجيم ، ألا تستمعون إلا كلمة (منجمون )؟ المنجم هو الذي يعتقد أن الكواكب السيارة هي تدير العالم ، و تأتي بالخير و الشر ، إذاً تعبد من دون الله ، يوجد عندنا سحر لا علاقة له بالجن ، مصطلحه الحديث التنويم المغناطيسي ، له شخصية قوية جداً ، فإذا حدق في إنسان نومه ، و أخضعه ، هذا الموضوع ورد في علم النفس بشكل مفصل ، هذا سماه العلماء المسلمون سحر أصحاب الأوهام و النفوس القوية ، هذا أيضاً لا علاقة له بدرسنا ، أما السحر الذي يبنى على الاستعانة بالأرواح الأرضية ، و هم الجن هو المعني بهذا الدرس ، السحر أن يستعين الساحر بشياطين الجن ، إذا شخص ربط فرضاً بكمه من الداخل مطاطة ، و ربطها بعملة ، و أمسكها ، ثم تركها ، فاختفت ، أين ذهبت ؟ هذا لا علاقة له أيضاً بالدرس ، هذه يسمونها خفة يد ، و شعوذة و أبواب سيما ، إنسان عنده مهارة فائقة قد يتصرف هذه التصرفات ، فنحن لا يعنينا من الدرس خفة اليد ، و أبواب سيما ، و المهارات الفائقة جداً ، كما أنه لا يعنينا موضوع القوة النفسية ، و التنويم المغناطيسي ، كما أنه لا يعنينا المنجمون الذين يعتمدون على الكواكب في التنبؤ بالمستقبل ، و لكن يعنينا من موضوع السحر العلاقة بين إنسان ساحر ، و بين شيطان من الجن هذا الدرس .
سحرة فرعون كيف سحروا أعين الناس ؟ يوجد تفاصيل وردت في الكتب ، جاؤوا بأنابيب مطاطية ، و لونوها على شكل ثعابين ، وضعوا فيها الزئبق ، وضعوا هذه الثعابين فوق سطح ساخن ، فالزئبق تمدد بالحرارة فاضطرب ؛ عندما اضطرب اضطرب معه الثعبان ، فقال تعالى :
[ سورة طه : الآية 66]
هذه نسميها أعمالا عجيبة ، آلات دقيقة ، أو أن نستخدم أدوية معينة لها تأثير معين ، تأثير تخديري ، تأثير إنعاشي مثلاً ، الآن يوجد مخدرات ، الذي يتناول المخدرات يرى نفسه فوق البشر ، يصعد في السماء ، يقع بأوهام كبيرة جداً من فعل المخدر ، أو يوجد من نشاطات السحرة الإيقاع بين الناس ، أنه قرأ بالفنجان أن فلاناً عدوك اللدود يتربص بك ، يكيد لك ، فحينما تفسد العلاقات بين الناس فهذا أحد أكبر أهداف السحرة و المشعوذين .
إذاً هناك فرق بين السحر الذي هو بمعنى التمويه ، و التخييل نتيجة لخفة اليد ، و الحيلة والدهاء ، و بينما هو سحر بالاتصال بمردة الجن الذين يتصلون بالكهان والمنجمين والسحرة والمشعوذين عن طريق تعاويذ غير شرعية ، وهذا الذي يمكن أن يكون موضوع هذا الدرس إن شاء الله .
القرآن الكريم :

[ سورة البقرة : الآية 102]
سيدنا سليمان ما فعل السحر ، و ما كفر سليمان ، أصبح السحر كفر ، و لكن الشياطين كفروا ، هذا أول حكم السحر كفر .
الآن :
[ سورة الأنعام : الآية 128]
أي أضللتم أناساً كثيرين :
[ سورة الأنعام : الآية 128]
و تحدثت في دروس سابقة عن موضوع الاستمتاع بين الجن و الإنس ، الإنس يستمتعون بأن يأخذوا بعض المعلومات يتباهون بها ، أو تأتي على أيديهم بعض خرق العادات ، و الجن يستمتعون بخضوع الإنس لهم ، استكثرتم من الإنس ، أي أضللتم منهم كثيراً .
في سورة يونس :
[ سورة يونس : الآية 81]
أي مستحيل و ألف ألف مستحيل أن ينجح المفسد في إفساده ، يشوش ، يعمل شيئاً ، أما أن ينجح النجاح المطلوب ، هذا مستحيل ، في سورة طه :
[ سورة طه : الآية 69]
لا يفلح ، ولا ينجح .
[ سورة يونس : الآية 77]
أيها الإخوة الكرام : آخر دليل قرآني :
[ سورة الشعراء ]
كذاب منحرف :
[ سورة الشعراء ]
صفة جامعة مانعة ، فالذي يتعامل مع السحرة ، أو في السحرة الذين يتعاملون مع الجن ، مع شياطين الجن أنه أفاك أثيم كاذب .
الآن بالسنة ، أخرج الإمام البخاري و مسلم في صحيحهما عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (( اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَمَا هُنَّ ؟قَالَ : الشِّرْكُ بِاللَّهِ ، وَالسِّحْرُ ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ، وَأَكْلُ الرِّبَا ، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلَاتِ)) .
السحر أحد أكبر الكبائر ، طبعاً الساحر كما يرى بعض العلماء هو نوع من الشرك ، لذلك ينبغي أن يستتاب قبل أن يعاقب .
الآن : عَنْ صَفِيَّةَ عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (( مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ لَمْ يُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ يَوْمًا )) .
[ مسلم ، أحمد ]

صلاة أربعين يوماً لا تقبل إذا جاء كاهناً فسأله و صدقه : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالْحَسَنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ((مَنْ أَتَى كَاهِنًا أَوْ عَرَّافًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)) .
[ الترمذي ، أبو داود ، ابن ماجه ، أحمد ، الدارمي ]

و النبي عليه الصلاة والسلام يقول : (( ليس منا من تطير أو تطير له ، أو تكهن أو تُكهن له ، أو سحر أو سُحر له )) .
[ ورد في الأثر]


و الحمد لله رب العالمين


س ـ هل يمكن للساحر التنبؤ بحقائق علمية مخبأة و غير مكشوفة عن طريق الجن ؟
ج ـ إذا كان الحقائق من اختصاص الجن يمكن ، و إذا الحقائق متعلقة بالحاضر أو الماضي ممكن ، الشرط أن يكون من اختصاص الجن و تتعلق بالحاضر أو الماضي .

س ـ هل هناك علاقة بين البشر و الجن المسلم ؟
ج ـ لا ، لأن العلاقة أساسها الإضلال و الإفساد و الجني المسلم لا يفعل هذا ، و الإنسان ليس بحاجة إلى الجن أبداً ، لذلك أية علاقة بين الإنس و الجن هي علاقة محرمة و آثمة ، والعلاقة حصراً مع شياطين الجن .

س ـ سواء أصدقت أن النبي سحر أو لم تصدق كلاهما سيان ؟
ج ـ إما أنه سحر و لم يؤثر فيه السحر أو أنه لم يسحر ، تماماً كمركبة مضادة للرصاص إما أنه أطلق عليها الرصاص فلم تتأثر أو ما أطلق أنت حر ، يوجد طبعاً حديث آحاد أنه سحر، و يوجد آيات كثيرة : و ما أنت من المسحرين .
فعلى كل القضية بالخيار ، أي سواء أصدقت أنه سحر السحر لم يؤثر فيه إطلاقاً أو لم تصدق كلاهما جائز دون أن ندخل في التفاصيل ، و أوضح مثل سيارة مضادة للرصاص ، سيان أنه قد أطلق عليها الرصاص فلم تتأثر أو لم يطلق ، لكن بشكل عام حينما يحفظ الله شيئاً لا يعني أنه لا تجري محاولة للنيل منه ، حينما يحفظ الله قرآنه لا يعني أنه يستحيل أن تطالعنا الصحف و الأخبار المعلوماتية أن هناك فرقاناً يؤلف في أمريكا ، و أن من آياته يا محمد أأنت أضللت عبادي ؟ يقول يا ربي أنا ضللت فأضللتهم .
ليس من لوازم حفظ الله للقرآن ألا تجري محاولة لتغييره لكنها لا تنجح هذا المعنى .

س ـ المسلم الذي يداوي إنساناً من مس الجن له هل هو كذاب أم صادق ؟
ج ـ إذا دله على الله و قرأ له القرآن صادق ، أي إذا اتبع الأساليب التي أمر بها القرآن وأمر بها النبي لا يوجد عليه شيء أبداً ، أما احضر ديكاً أسوداً و خاروفاً ذو القرنين وزنه يعطي وزناً خيالياً غال الثمن و يعطيه كلمات لا معنى لها إطلاقاً ، و يدخل لغرفة فيها بخور و دخان و لا يوجد بها إضاءة أبداً هذا كله كذباً ، أما إذا قال له اقرأ القرآن ، اتصل بالله عز وجل ، ادع الله بقلب حاضر ، أكثر ذكر الله عز وجل ، اقرأ البقرة ، اقرأ آل عمران ، اقرأ المعوذتين ، اقرأ آية الكرسي ، كن مع الله ، هذا شيء لا يوجد به شيء .














رد مع اقتباس
قديم 23-04-2009, 11:26 PM رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
الله ربي ومحمد رسول الله
إحصائية العضو







آخر مواضيعي


طالب عفو ربي غير متواجد حالياً


افتراضي

الجزء السابع


الحمد لله رب العالمين ، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علَّمتنا ، إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علِّمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
أيها الأخوة الكرام : مع الدرس السابع من دروس النهي عن التعامل مع السحرة والمشعوذين والجن .
أيها الأخوة الكرام : كان موضوع الدرس السابق الحديث عن السحرة ، واليوم ننتقل إلى موضوع جزئي من هذا الموضوع الكبير ، ألا و هو أن مدافعة السحر لا تصح إلا بالمعالجة الشرعية .
هناك ألف أسلوب وأسلوب ، وألف طريقة و طريقة أساسها الدجل والشعوذة والكذب والخرافة ، لكن لمكافحة السحر ومدافعة السحر طريق وحيد هو الطريق الشرعي ، يقول أحد كبار العلماء : " من سلك في دفع عداوتهم مسلك العدل الذي أمر الله به ورسوله فإنه لم يظلمهم ، بل هو مطيع لله و رسوله في نصر المظلوم ، و إعانة الملهوف ، و التنفيس عن المكروب " .
أي إذا لجأ إنسان وقع السحر عليه ، أو إنسان أصابه مس من الجن لجأ إلى عالم رباني يعرف الله ، يعرف تفاصيل منهج الله ، يعرف الوسائل الشرعية ، و طبق هذا العالم الوسائل الشرعية في مدافعة السحر فلا شيء عليه ، بل إنه قدم خدمة كبيرة لهذا المسحور ، أو للذي أصابه مس من الجن .
الطريق الشرعي أيها الإخوة ليس فيها شرك بالخالق ، الحقيقة الكبرى الأولى والأخيرة أن أيّ جهة في الأرض لا تستطيع أن تمسك بأذى إلا إذا أراد الله :
[ سورة البقرة : الآية 102]
فعلاقتك في موضوع السحر وموضوع مس الجن مع الله وحده .
اليوم جاءتني رسالة بالبريد الإلكتروني من رجل يسأل أن زوجته لها تصرفات غير معقولة إطلاقاً ، غير مقبولة ، وغير مألوفة منها سابقاً ، فأخذها إلى أطباء كثر ، أكثرهم قال : معها مس من الجن ، كلامها غير معقول ، تصرفاتها غير معقولة ، امتناعها عنه غير معقول، تهجمها عليه غير معقول ، فالأطباء النفسيون أجمعوا على أن مساً من الجن أصابها ، طبق بعض التعليمات الشرعية ، يقول : الشيء الذي لا يصدق أنها عادت إلى ما كانت عليه من رقة ومن لطف وعقلانية ومن توازن .
أحياناً الله عز وجل لحكمة بالغة يعاقب إنساناً ، وهو العدل ، بمس من الجن ، إما لغفلته ، أو لتقصيره ، أو لانغماسه في معصية لم يعلم بها أحد ، أو ما شاكل ذلك ، هذا المس من الشيطان أو المس من الجن والشياطين كفرة الجن ، أو تأثير السحر على هذا الإنسان لا يدفع إلا بالطريق الشرعي .
الطريق الشرعي الأول والأخير الاستعاذة بالله عز وجل :
[ سورة الأعراف : الآية 200]
[ سورة الأعراف : الآية 201]
فمس الشيطان يذكر الله ، مس الجن يستعيذ بالله ، الاستعاذة بالله وذكر الله المؤدى واحد ، إلا أن التفاصيل هنا نستعيذ بالله بقراءة المعوذتين وآية الكرسي والصلاة والدعاء ، هذا كله يقوي الإيمان ، ويجنب الذنوب و العصيان .
يقول بعض العلماء : " و من أعظم ما ينتصر به على الجن آية الكرسي ، ومع هذا فقد جرب المجربون الذين لا يحصون قراءة آية الكرسي على من أصابه مس من الجن فوجدوا لها تأثيراً عظيماً في دفع الشياطين عن نفس الإنسان ، و في دفع الجن عن نفس المصروع " .
أيها الأخوة الكرام : إذا قرأت آية الكرسي على هؤلاء الذين مسهم الشياطين ، أو مستهم الجن ، أو من وقع السحر عليهم ، أو تلقوا أذى من أعوان الشياطين ، أحياناً هناك شيطان من الإنس ، إنسان قد يكون زميلك في العمل ، وقد يكون جارك في السكنى ، وقد يكون قريبك ، وهو مع الشياطين ، أحياناً يضيق عليك ، يبتغي أن ينالك بأذى دون أن يناله شيء ، هذا أيضاً مس من شياطين الإنس ، إذا قرأت على هؤلاء جميعاً آية الكرسي بصدق دفعت عنه الشياطين ، بصراحة أقولها لكم : مفهوم الشيطان غير وارد عند معظم الناس ، أو عند معظم المسلمين ، مفهوم أنه يوجد مخلوق يكيد لك ، يبغضك بزوجتك ، يوقع بينك وبين أخيك العداوة والبغضاء ، يدفعك إلى الشر ، يدفعك إلى الغضب ، يدفعك إلى البطش ، يجعلك ثوراً هائجاً هو شيطان :
[ سورة البقرة : الآية 168]
و الله أيها الإخوة ، كلما وقعت عيني على صورة إنسان يسرق لجريمة ارتكبها أقول: هذا من عمل الشيطان ، دفعه إلى سرقة ، والسرقة تحولت إلى قتل ، و القتل انتهى به إلى حبل المشنقة ، هذا من عمل الشيطان .
تكاد تكون معظم حالات الطلاق التعسفي من عمل الشيطان ، تكاد تكون انهيارات الشركات من عمل الشيطان ، شريك متعنت يريد أن يأخذ ما ليس له ، و يستخدم قوته على شريكه الآخر ، فتتحطم الشركة ، وقد يرجى منها نفع كبير ، فلا تظن قضية الشيطان قضية موجودة في الكتب ، قضية الشيطان مع كل إنسان ، في كل لحظة ، و كل بيت ، لو أن إنساناً دخل إلى البيت ، و لم يسلم يقول الشيطان لإخوانه : أدركتم المبيت ، لو جلس إلى الطعام فلم يسمِ يقول : أدركتم العشاء ، فإذا دخل ، و لم يسلم ، و جلس ، و لم يسم قال : أدركتم المبيت والعشاء .
تجد بيتاً فيه نكد ، كيفما تحركت الزوجة تنتقد ، و كيفما تحرك الزوج ينتقد زوجته ، والملاسنة ، وتراشق التهم أمام الأولاد ، والشحناء والبغضاء ، لأن الشيطان في البيت ، هذا بيت كالقبر ، لا يصلى فيه ، لا يقرأ القرآن فيه ، لا يسبح الله فيه ، لا يمجد الله فيه ، لا يستغفر الله فيه ، إذا دخلت البيت ، وقلت : السلام عليكم و رحمة الله ولى الشيطان ، أنا مضطر أن أتكلم بصراحة .
أعيد وأقول : مفهوم الشيطان ليس مقبولاً عند معظم المسلمين ، مع أن القرآن الكريم يؤكد ذلك :
[ سورة الإسراء : الآية 53]
يتضح لي من خلال ما يجري أنّ أيّ زوج حلف على زوجته طلاقاً معلقاً ألا تذهب إلى بيت أختها ، فإذا ذهبت إلى بيت أختها فهي طالق ، سبحانك يا رب ، لا يحلو لهذه الزوجة إلا أن تذهب إلى بيت أختها ، و تضحي بزوجها ، و تضحي بحسن العلاقة مع زوجها ، مئات الحوادث ، آلاف الحوادث ، يمين حلفه الزوج على زوجته هذه الزوجة ، لأن الشيطان معها لا يحلو لها شيء إلا أن تكسر يمينه .
أحياناً نصيحة يوجهها الأب لأولاده إذا وجد بين الزوج والزوجة خصومات تعطي العكس ، ابنها وابنتها ، والأب ينصح فتعطي العكس ، إن دعا أولاده إلى الصلاة فتقول الزوجة دعهم متعبون، إن دعاهم إلى الذهاب معهم إلى المسجد ترفض الزوجة ، شيطان ، أحياناً الزوج شيطان ، وأحياناً الزوجة شيطان ، يقول لك : أخلاقها سيئة ، لأن معها شيطان ، الشيطان يعرف بالضبط كيف يفسد العلاقة بين الزوجين ، يعرف الشيطان كيف يفسد العلاقة بين الشريكين ، بين الجارين ، كلمات قاسية ، ملاحظات قاسية ، تجهم أحياناً ، تجد الرجل لطيفاً ، ابتسامته على فمه ، لطيف المعشر ، إذا دخل البيت انقلب إلى وحش ، ما الذي حصل؟ هذه زوجتك ، هؤلاء أولادك ، من لهم غيرك ؟ ابتسامتك لمن ؟ لزوجتك ، لو أن زوجاً له عمل وظيفي ، ويوجد موظفات لا يوجد ألطف منه مع الموظفات ، بكل احترام ، بكل مودة ، بكل أدب ، بكل تواضع ينتقي أجمل الكلمات ، مع زوجته ينتقي أصعب الكلمات ، أقسى الكلمات ، أحياناً الشيطان يمنعك أن تشكر ، بيت نظيف ، طبخ جيد ، أولاد مرتبون ، انتهى الأكل فقط ، و ليس السلام عليكم ، الله يعطيك العافية ، جزاك الله خيراً ، الله أكرمني بك ، تجد كلمة كالصخر .
والله يا إخوان ، أنا متألم جداً حين أسمع من إخواننا بالهاتف وبشكاوى مكتوبة أن بيوت مسلمين جحيم لا يطاق ، هذا قدر ؟ هذا خطأ ، و ليس قدراً ألا تستطيع أن تكون زوجًا راقيا ؟ زوجًا مهذبًا ؟ زوجًا لطيفًا ؟ زوجًا متسامحًا ؟ زوجًا عطوفًا ؟ زوجًا رحيمً ؟ ألا تستطيعي أيتها الزوجة أن تكوني واعية ؟ كسب المال صعب جداً ، عقبات ، و متاعب ، وضغوط ، و قوانين ، هي مرتاحة ، تريد كل حاجاتها بلا تلكؤ ، لا تعذر زوجها ، ضغطها الشديد أحياناً يخرجه من اتزانه ، يوجد بالمنزل شيطان ، إما مع الزوج ، أو مع الزوجة ، أو معهما معاً .
بيوت المسلمين جحيم لا يطاق ، لا يوجد ود ، لا يوجد محبة ، لا يوجد احترام للأب، لا يوجد احترام للأم ، لا يوجد اهتمام بالأولاد .
مرة ثانية ، مفهوم الشيطان مفهوم ضبابي عند معظم الشياطين ، أحياناً تجد إنساناً يندفع إلى الأذى دون أن يربح شيئاً ، أحياناً تقع مصائب كبيرة بسبب كلمة ، بسبب غفلة بسيطة ، لذلك قل : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم إذا دخلت بيتك ، إذا خرجت من بيتك فقل : اللهم إني أعوذ بك أن أَضل أو أُضل ، أو أن أَذل أو أُذل ، أو أن أظلم أو أن أُظلم ، يوجد دعاء لدخول البيت ، ودعاء للخروج منه ، يجب أن تعلم أن أكبر هدف للشيطان التفريق بين الزوجين وبين الأخوين ، و بين الشريكين ، و بين الجارين .
حينما يكون المجتمع ممزقاً فهذا من أهداف الشيطان ، والمجتمعات الآن أيها الإخوة ممزقة والله ، آية الكرسي إذا قرأت بصدق وإخلاص ، إذا كانت مقروءة بقلب حاضر ، فإن الشيطان يولي دبره .
سبحانك يا رب ، لا يوجد إنسان معصوم ، أحد العلماء يرى أن هذا المصروع من أجل أن يخرج منه الجني ينبغي أن يضرب ضرباً مبرحاً كثيراً ، قال : هذا الضرب ليس له ، للجني ، فتساءل عالم آخر ، قال : ما الدليل ؟ لم يرد هذا لا في القرآن ولا في السنة ، تقتله قتلاً تموته ، وأنا أعالجك ، الله ذكر الدواء ، فاتعظ بالله ، ولم يذكر الضرب ، وأنا أسمع هذا كثيراً ، كل إنسان يذهب إلى من يُظن أنه يصرف عنه الجن ، يضربه ضرباً مبرحاً ، و قد يكون الضرب فوق طاقة احتماله ، قال : هذا ليس له أصل إطلاقاً .
فضلاً عن آية الكرسي يفضل أن نقرأ لهذا الذي أصابه مس من الجن ، أو أصابه سحر الساحر ، أو أصابه مس من شياطين الإنس ، الآن شياطين الإنس أبلغ أثر من شياطين الجن ، شياطين الإنس أخطر من شياطين الجن ، تجد فرضاً طفلاً بريئاً شابًا سهر مع رفاقه ، شرب كأسًا من الشاي فيها مخدر ، بدأ كل شيء يملكه اشترى فيه مخدرات ، بعد ذلك تدين ، ثم سرق ، ثم سمح لصديقه أن يواقع أخته من أجل ثمن المخدر .
والله يوجد قصص أيها الإخوة عن المخدرات يشيب لهولها الولدان ، هذا شيطان ، فالإنسان يجب أن يكون في أعلى درجة من اليقظة ، (( لا تصاحب إلا مؤمناً ، ولا يأكل طعامك إلا تقي )) .
[الترمذي]
مرة ثانية : (( لا تصاحب إلا مؤمناً ، ولا يأكل طعامك إلا تقي )) ، لا تدخل بيتًا لا تعرفه ، ولا تدخِل أحداً إلى بيتك ، و أنت لا تعرفه .
الآن الفاتحة : يروي الإمام البخاري رضي الله عنه في صحيحه ـ إذا ترضينا عن إمام محدث من باب الدعاء ، و إن ترضينا عن صحابي جليل من باب التقرير ، لأن الله سبحانه و تعالى قال :
[ سورة الفتح : الآية 18]
فرق كبير بين أن تقول : رضي الله عنه دعاء أو تقريراً ـ عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى قَالَ : (( كُنْتُ أُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ فَدَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ أُجِبْهُ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي كُنْتُ أُصَلِّي ، فَقَالَ : أَلَمْ يَقُلْ اللَّهُ : اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ، ثُمَّ قَالَ لِي : لَأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هِيَ أَعْظَمُ السُّوَرِ فِي الْقُرْآنِ قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ مِنْ الْمَسْجِدِ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي ، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ قُلْتُ لَهُ : أَلَمْ تَقُلْ لَأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هِيَ أَعْظَمُ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ ، قَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، هِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي ، وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُوتِيتُهُ )).
[ البخاري ، النسائي ، أبو داود ، ابن ماجه ، أحمد ، الدارمي]

حديث آخر عن فضل الفاتحة ، والحديث أيضاً في الصحيحين ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : (( انْطَلَقَ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفْرَةٍ سَافَرُوهَا حَتَّى نَزَلُوا عَلَى حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ ، فَاسْتَضَافُوهُمْ ـ أي طلبوا أن يكونوا ضيوفاً عندهم ـ فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمْ ، فَلُدِغَ سَيِّدُ ذَلِكَ الْحَيِّ ـ رئيس هذه القبيلة لدغ إما بأفعى أو بعقرب ـ فَسَعَوْا لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ لَا يَنْفَعُهُ شَيْءٌ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : لَوْ أَتَيْتُمْ هَؤُلَاءِ الرَّهْطَ الَّذِينَ نَزَلُوا لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ شَيْءٌ ، فَأَتَوْهُمْ ، فَقَالُوا : يَا أَيُّهَا الرَّهْطُ إِنَّ سَيِّدَنَا لُدِغَ ، وَسَعَيْنَا لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ لَا يَنْفَعُهُ ، فَهَلْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْكُمْ مِنْ شَيْءٍ ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ : نَعَمْ ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْقِي ، وَلَكِنْ وَاللَّهِ لَقَدْ اسْتَضَفْنَاكُمْ فَلَمْ تُضَيِّفُونَا ، فَمَا أَنَا بِرَاقٍ لَكُمْ حَتَّى تَجْعَلُوا لَنَا جُعْلًا ، فَصَالَحُوهُمْ عَلَى قَطِيعٍ مِنْ الْغَنَمِ ، فَانْطَلَقَ يَتْفِلُ عَلَيْهِ ، وَيَقْرَأُ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، فَكَأَنَّمَا نُشِطَ مِنْ عِقَالٍ ـ نشط و استعاد حيويته و قوته ـ فَانْطَلَقَ يَمْشِي وَمَا بِهِ قَلَبَةٌ ، قَالَ : فَأَوْفَوْهُمْ ـ أعطوهم ـ جُعْلَهُمْ الَّذِي صَالَحُوهُمْ عَلَيْهِ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : اقْسِمُوا ، فَقَالَ الَّذِي رَقَى : لَا تَفْعَلُوا حَتَّى نَأْتِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَذْكُرَ لَهُ الَّذِي كَانَ ، فَنَنْظُرَ مَا يَأْمُرُنَا ، فَقَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَذَكَرُوا لَهُ ، فَقَالَ : وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ ؟ ثُمَّ قَالَ : قَدْ أَصَبْتُمْ ، اقْسِمُوا ، وَاضْرِبُوا لِي مَعَكُمْ سَهْمًا ، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ )) .
[ البخاري ، مسلم ، الترمذي ، أبو داود ، ابن ماجه ، أحمد ]
استنبط العلماء من هذا الحديث أنه يجوز أن تأخذ أجراً على رقيك ، يوجد حديث آخر، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ (( أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرُّوا بِمَاءٍ فِيهِمْ لَدِيغٌ ـ الذي لدغ بعقرب ، أو بحية ، لكن السليم هو اللديغ ، تفاؤلاً له بالسلامة ـ أَوْ سَلِيمٌ ، فَعَرَضَ لَهُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْمَاءِ ، فَقَالَ : هَلْ فِيكُمْ مِنْ رَاقٍ ؟ إِنَّ فِي الْمَاءِ رَجُلًا لَدِيغًا ، أَوْ سَلِيمًا ، فَانْطَلَقَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَقَرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ عَلَى شَاءٍ ـ ما قرأها على الشاء قرأها على الملدوغ لكن بأجر قدره شاء ـ فَبَرَأَ ، فَجَاءَ بِالشَّاءِ إِلَى أَصْحَابِهِ ، فَكَرِهُوا ذَلِكَ ، وَقَالُوا : أَخَذْتَ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ أَجْرًا ؟ حَتَّى قَدِمُوا الْمَدِينَةَ ، فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَخَذَ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ أَجْرًا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ)).
[ البخاري ]
في الرقية فقط ، حديث آخر والحكم خاص ، ولا يقاس عليه أبداً ، في موضوع الرقية يجوز أن يأخذ الراقي أجراً على رقيه ، عند الصحابة معلوم لديهم أن أخذ المال على قراءة القرآن حرام في غير الرقية ، كما فهم أصحاب النبي رضوان الله عليهم حين قالوا لنبيهم صلى الله عليه و سلم : أخذ على كتاب الله أجراً ، وبما سمعوا من كتاب الله قوله تعالى :
[ سورة المائدة : الآية 44]
إذاً فليحذر الذين اتخذوا تلاوة القرآن صنعة لهم يلبون بها حاجات الناس في المناسبات، ليحذر أن يكون كسبه غير مشروع .
أيها الأخوة الكرام : حديث ثالث ،عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : (( بَيْنَمَا جِبْرِيلُ قَاعِدٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ نَقِيضًا مِنْ فَوْقِهِ ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ : هَذَا بَابٌ مِنْ السَّمَاءِ فُتِحَ الْيَوْمَ ، لَمْ يُفْتَحْ قَطُّ إِلَّا الْيَوْمَ ، فَنَزَلَ مِنْهُ مَلَكٌ ، فَقَالَ : هَذَا مَلَكٌ نَزَلَ إِلَى الْأَرْضِ لَمْ يَنْزِلْ قَطُّ إِلَّا الْيَوْمَ ، فَسَلَّمَ ، وَقَالَ : أَبْشِرْ بِنُورَيْنِ أُوتِيتَهُمَا لَمْ يُؤْتَهُمَا نَبِيٌّ قَبْلَكَ ، فَاتِحَةُ الْكِتَابِ ، وَخَوَاتِيمُ سُورَةِ الْبَقَرَةِ ، لَنْ تَقْرَأَ بِحَرْفٍ مِنْهُمَا إِلَّا أُعْطِيتَهُ )) .
[ مسلم ، النسائي ]

المعوذتان ، وآية الكرسي ، وفاتحة الكتاب ، و خواتيم سورة البقرة ، هذه الآيات ، وتلك السور يرد بهما السحر ، و يرد بهما المس ، و يرد بهما كيد شياطين الإنس الذين هم من بني جلدتنا .
روى الإمام أحمد عَنْ ابْنِ جَابِرٍ قَالَ : (( انْتَهَيْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ أَهْرَاقَ الْمَاءَ ، فَقُلْتُ : السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ ، فَقُلْتُ : السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ ، فَقُلْتُ : السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ ، فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْشِي ، وَأَنَا خَلْفَهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى رَحْلِهِ ، وَدَخَلْتُ أَنَا الْمَسْجِدَ ، فَجَلَسْتُ كَئِيبًا حَزِينًا ، فَخَرَجَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ تَطَهَّرَ فَقَالَ : عَلَيْكَ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ ، وَعَلَيْكَ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ ، وَعَلَيْكَ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ ، ثُمَّ قَالَ : أَلَا أُخْبِرُكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَابِرٍ بِخَيْرِ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ ؟ قُلْتُ : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : اقْرَأْ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ حَتَّى تَخْتِمَهَا )) .
[ أحمد ]

لازلنا في فضائل سورة الفاتحة ، و روى الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : (( خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَهُوَ يُصَلِّي ..... قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِي التَّوْرَاةِ وَلَا فِي الْإِنْجِيلِ وَلَا فِي الزَّبُورِ وَلَا فِي الْفُرْقَانِ مِثْلَهَا ، وَإِنَّهَا لَلسَّبْعُ مِنْ الْمَثَانِي )) .
[ البخاري ، الترمذي ، النسائي ، أبو داود ، أحمد ، الدارمي]

أيها الأخوة الكرام : هذا الأسلوب الشرعي في مدافعة السحر والمس ، ومدافعة شياطين الإنس ، بالاستعاذة بالله تكون أقوى البشر ، بالاستعاذة بالله تكون أعلم البشر ، بالاستعاذة بالله تكون أغنى البشر ، لكن سبحانك يا رب ، يوجد أشياء كثر تردادها ترداداً لفظياً أجوف فارغاً فقدت معناها ، و فقدت قيمتها ، مثلاً لو أن إنساناً أغضب إنساناً ماذا يقول الإنسان الذي أُغضب ؟ أشهد أن لا إله إلا الله ، هل أنزلت هذه الشهادة من أجل أن تعبر بها عن غضبك ؟ قد تسأل إنساناً ملحداً كيف الصحة ؟ الحمد لله ، تحمد من ؟ يوجد كلمات من كثرة ما رددها المسلمون ترديداً ببغاوياً وترديداً أجوف ، وشكلياً فقدت معناها ، أما أنت حينما تقول : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق ، ومن شر غاسق في العقد ، و من شر النفاثات في العقد ، و من شر حاسد إذا حسد ، النبي عليه الصلاة والسلام يقول : عين الحاسد تضع الجمل في القدر ، وتضع الرجل في القبر .
إذا تباهى إنسان بنعمة ، و افتخر بها ، و أراد أن يكسر قلوب من حوله بها ، هكذا دخلي ، هكذا ربحت ، إلى هذا المكان ذهبت ، بدأ يفتخر بما آتاه الله عز وجل ليستعلي على عباد الله قد تصيبه عين الحسود ، لأنه غافل عندما مدح نفسه ، و افتخر ، و استعلى ، و كبر نفسه ، و استكبر وأثار الحسد ، فيأتي حاسد غافل فيحسده ، فتصيبه العين ، العين لا تدرأ أخطارها بكلمة عين الحاسد تبلى بالعمى ، لا ، بهذا لا يرد الحسد ، يرد الحسد بالتواضع ، يرد الحسد بعدم إظهار الزينة ، بعدم التفاخر ، بعدم التباهي ، بعدم الزهو ، بهذا يرد الحسد ، أما بوضع ورقة مكتوب عليها الحسود لا يسود ، هذا كلام لا يقدم ، و لا يؤخر .
أيها الأخوة الكرام : أنا أنصح أخوتي الكرام ، طبعاً أسأل الله لي و لكم السلامة من الجن ، أسأل الله لي و لكم السلامة من خرافات المخرفين ، و من شعوذة المشعوذين ، و من ضلال الضالين ، و من كل فساد و تيه في الأرض ، و لكن أنا أعدكم رسلاً لمن حولكم ، وكل شخص منكم حوله أناس ، فإذا وصل إلى سمعه مشكلات من هذا القبيل فليقف وقفة حازمة جريئة ، و ليؤكد أن جهة في الأرض لا تستطيع أن تؤذي أحداً إلا بإذن الله ، و أن طريق رد هؤلاء هو الاستعاذة بالله ، و لا سيما قراءة الفاتحة ، و المعوذتين ، و آية الكرسي ، و خواتيم سورة البقرة .

و الحمد لله رب العالمين







رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
حلقة الجن والسحر من برنامج شيزوفرنيا admin منتدى الأفلام الوثائقية 1 31-03-2010 03:40 PM
الناس والسحر - أيهما أقوى الجن أم الإنس سلسبيل الخير الصوتيات والمرئيات والاسطوانات الإسلامية والأناشيد بدون موسيقى 0 23-03-2010 11:41 PM
اعتقادات خاطئة تتعلق بالعين والحسد ! مسلمة وافتخر الصحة العامة والصحة النفسية والتنمية البشرية 3 18-06-2009 12:08 AM
السحروانواع السحر اعراض السحروعلاجه والعين والحسد والاقتران الشيطاني سلسلة متواصله/ مجد الغد الصحة العامة والصحة النفسية والتنمية البشرية 8 10-01-2009 02:37 PM
علامات السحر في الحلق والصدر مجد الغد الصحة العامة والصحة النفسية والتنمية البشرية 1 08-01-2009 07:52 PM


Loading...

الاتصال بنا - منتديات شو ون شو - الأرشيف - الأعلى

Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
3y vBSmart
لا يسمح بوضع موضوعات تخالف منهج أهل السنة والجماعة