منتديات شو ون شو  

العودة   منتديات شو ون شو > مــنــــتـــدى الــعــــلـــوم الإســــــلامـــــيـــــــــة > عقيدة أهل السنة والجماعة
التسجيل مشاركات اليوم البحث

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 19-11-2014, 04:13 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
إحصائية العضو







آخر مواضيعي


عمرالحسني غير متواجد حالياً


افتراضي الحنابلة أهل الحديث والأشاعرة

ظهر بعد عصر التابعين وتابعيهم الكذبُ، واختفى في العامة الحُثَالَةِ حسب التعبير النبوي ذلك الصدق الفطري الذي وصفه الله تعالى بقوله: )رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا( (سورة آل عمران، الآية: 193). خرجت طوائف مبتدعة أَجْفَل منها الصادقون، وتبرءوا منها منذ عهد الصحابة رضي الله عنهم. لم يكن من رأي السلف الصالح في الصدر الأول من الإسلام أن يناظروا أحدا في الدين ولا أن يجلسوا للجدل، بل كانوا يقاطعونهم ويبغضونهم ويرون أن طريقهم مسلك مظلم يوشك من اقترب منهم أن يتوغل فيه فلا يهتدي بعدها. وكان السلف الصالح شديد المقت للمجادلين في الدين، خاصة القدرية. قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله، وهو كان عالما مجتهدا قبل أن يلي "الخلافة": "ينبغي أن نتقدم إليهم فيما أحدثوا من القدَر، فإن كفوا وإلا استُلَّت ألسنتهم من أقفيتهم استلالا". وقال: "من جعل دينه غرَضا للخصومات أكثر التنقل". وكثرة التنقل في عبارته تعني التحول في العقيدة والاضطراب فيها والزيغ مسايرة للمجادل المخاصم.
فما جاء القرن الخامس حتى طم الجدل في الدين، وعمت الخصومة فيه، وقل أمثال الإمام أحمد بن حنبل الذي قاوم المعتزلة المعزَّزين بسلطان المامون والمعتصم العباسيين، وتحمل الأذى والشدة في الدين في قضية قول الإسلام الرسمي المعتزلي بخلق القرآن، أكره على هذه المقالة الشائنة البائنة علماء الأمة بالنار والحديد.
في القرن الرابع ظهرت البدع أيما ظهور،وعلا نجم الفلاسفة والملاحدة الزنادقة حتى أصبحت البدعة رائجة رواجا. أصبحت نقدَ الوقت وعُملته. وفي مواجهة هذا الطاغوت الفكري، الموازي المساير للطاغوتية في الحكم، ظهر المتكلمون المجادلون عن الحق بالبرهان العقلي والدليل. عم في الناس التيار العقلاني لما استعجمت الحياة العامة تحت سيوف بني بويه والسلاجقة، واستعجمت الألسن والقلوب. وغلا المتكلمون غلوا شديدا وأسرفوا حتى كفروا الزنادقة بحق وكفروا معهم العامة من المسلمين، "وزعموا أن من لا يعرف الكلام معرفتنا، ولم يعرف العقائد الشرعية بالأدلة التي حررناها فهو كافر"[1].
ويقول أبو حامد: "من ظن أن مَدْرَك الإيمان الكلامُ والأدلةُ المحررة والتقسيمات المرتبة فقد أبعد. لا! بل الإيمان نور يقذفه الله في قلب عبده عطية وهدية من عِنْده، تارة بتنبيه من الباطن لا يمكن التعبير عنه، وتارة بسبب رؤيا المنام، وتارة بمشاهدة حال رجل متدين وسراية نوره إليه عند مجالسته وصحبته.(...)، فقد جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم جاحدا منكرا، فلما وقع بصره على طلعته البهية فرآها تتلأْلأُ منها أنوار النبوة قال : والله ما هذا بوجه كذاب!".
في القرن الرابع عقب القرون الثلاثة الفاضلة ظهر رجل من عظماء الأمة اسمه أبو الحسن الأشعري. عاش أربعين سنة مع المعتزلة القدرية يصوغ الأقيسة ويستدل بالاستقراء والتماثل، ويبني "القضية الكبرى" على الصغرى حتى أصبح واحدا من ألمع تلامذة الجبائي، أحد زعمائهم. ثم اهتدى، وبه اقتدى من بعده جمهورُ علماء الملة، خلا طائفة من الحنابلة أهل الحديث أشهرهم ابن تيمية ومدرسته. حتى الإمام الغزالي لم يخرج عن المذهب الأشعري إلا في مسائل قليلة كفره من أجلها بعض الأشاعرة المتعصبين.
كان لا بد من إقامة سدٍّ عقلي أمام هجوم العقلانية الفلسفية الزندقية لحماية الدين والدفاع عن المعتقدات التي نقلها عن السلف أجيال من العلماء عانوا الأمرَّيْنِ من اضطهاد الحكام واستعجام العصر. وأكثر ما كان نفعُ الصياغة الأشعرية والماتوريدية لخاصة العلماء المتفرغين للجدل ولعامة المسلمين الذين يسمعون المقالات البدعية الفلسفية فيحارون، فيجيئون العالم المتكلم ليكشف عنهم غمة الشك. أما من اشتد مِراسُهم من المبتدعة والزنادقة فجلوس المتكلم المجادل معهم يغذي غرورهم ويزيدهم تمسكا بضلالتهم.
دافع أبو الحسن الأشعري، ومثله الإمام أبو المنصور الماتريدي مع خلاف يسير، عن ما جاء من عقائد في الكتاب والسنة بكل وسائل الإقناع العقلي وإلزام الخصم بالحجة العقلية والنقلية. وسلك في مسائل الصفات مسلكا وسطا بين الجهمية والمعتزلة المعطلين وبين المشبهة والحشوية المجسمين. كما سلك في "أفعال العباد" مسلكا وسطا بين المعتزلة الذين يقولون بخلود مرتكب الكبيرة في النار وبين المرجئة الذين يقولون بأن الإخلاص لله لا تضر معه كبيرة.
استعمل الأشعري، وكان من السادة الصوفية كما قال ابن السبكي، أسلحة المتكلمين المعتزلة العقلية وأسلحة أهل الحديث النقلية وبين جوانحه قلب ذاكر وإرادة ومحبة. غَلب على علمه العقلُ من حيث غلب القلبُ على علم الغزالي. وكانت الموازنة بين الإرادة الصوفية والعقل الكلامي والنقل القرآني الحديثي عند ابن تيمية في تركيبة أخرى غلب عليها طابع النقل، وحاول صاحبها أن يثبت للناس ما كان هو يعيشه في خاصة إيمانه من أن العقل الرجيح يطابق النقل الصحيح والذوق السليم.
متكلم صوفي تلميذ للحفاظ، وصوفي كبير متكلم على حظ غير كبير من النقل، وحافظ ناظر على "قدر مشترك" مع الصوفية. الأشعري والغزالي وابن تيمية رحمهم الله أعلام نيرة في سماء الإسلام.
كل منهم نافح عن الدين، وبارز طوائف الفلاسفة والمناطقة (باستثناء أبي حامد الذي عيب عليه تشبثه بالقياس المنطقي) وطوائف القرامطة والباطنية والروافض وسائر أهل الأهواء والنِّحل الفاسدة. من هذه الطوائف من لا يقطعه النقل، فسلّوا عليه صوارم العقل والبرهان. وجدير بمن أمسك في يده حساما صدئا أن تتصدَّأَ يداه. فالغزالي لاموه على قوله باتخاذ المنطق وقياسه الصوري الأرسطي منهاجا. والأشعري رماه ابن حزم وابن تيمية وغيرهما بأنه من الجبرية الزائغين. وابن تيمية لما توغل في جدال الفلاسفة والمناطقة اضطر أن يتناول من حيث تناولوا فقال مقالة في قدم العالم لم يقلها أحد من أهل الاستقامة.
مستند الحنابلة أهل الحديث في تبديعهم للأشعري والأشاعرة أن الأشعري يؤول في الصفات.حتى أن ابن تيمية صنف الأشاعرة في الصف الخامس من أهل الزيغ، مع الباطنية المعطلة، والفلاسفة، والاتحادية القائلين بوحدة الوجود، والمعتزلة المنكرين لصفات المعاني.
إذا علمنا أن جمهور علماء الأمة، منذ القرن الرابع، على مذهب الأشعري في الدفاع عن العقائد تبين لنا خطورة القول بزيغ الأشعرية. يقول سلطان العلماء عز الدين بن عبد السلام: "إن المالكية والشافعية والحنفية وفضلاء الحنابلة أشعريون"[2].
ويقول المحدث الحافظ ابن عساكر: "هل من الفقهاء الحنفية والمالكية والشافعية إلا موافق للأشعري، ومنتسب إليه، وراض بحميد سعيه في دين الله، مُثْنٍ بكثرة العلم عليه، غير شرذمة قليلة تُضْمِر التشبيه وتعادي كل موحد يعتقد التنزيه، وتضاهي قول المعتزلة في ذمه، وتباهي بإظهار جهلها بجانب سعة علمه؟"[3].
برز ابن تيمية من بين الحنابلة الذين انضمت قلوبهم على كَمَدِ فتنة الإمام الجليل أحمد بن حنبل وتعذيبه وجلده على يد المامون والمعتصم.ونبغ ببيانه وقوة عارضته ومتانة شخصيته. فكان كنقطة بيان وإعلان في أوج المشاغبة الحنبلية المستديمة في وجه السلطان ومن معه من جمهرة فقهاء المذاهب الفقهية الأخرى. يجمع هذه المذاهب في نظر أهل الحديث الحنابلة إجماعُها على الأشعرية الماتوريدية في العقائد، وشبه إجماعها على التصوف من حيث كونه السلوك الأخلاقي الروحي الضروري لكل طالب للحق.
وطفق الفريقان من أهل الحق، الحنابلة من جهة، ما خلا ابن الجوزي المؤول، وسائر العلماء من جهة أخرى، يختصمون في أخبار الصفات، وفي الاستواء على العرش وحقيقته، وهل تثبت الصفات بما تثبت به الذات أو بشيء زائد، وهل النص المروي بخَبر الآحاد تثبت به عقيدة، وهل تُحمل الأخبار الصفاتية على الحس أو على المجاز،وهل نؤول بعض تلك الأخبار أو كلَّها لنعرف كيف ينزل ربنا إلى السماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل، ولنعرف كيف يأتي الله عز وجل إلى عبده هرولة إذا جاء العبد إليه يمشي، وهل القول بالجهة في حق الباري جل وعلا يُلزم القول بالجسمية أم أن اشتراك الحق سبحانه في الصفة مع العبد اشتراك في الاسم لا في الحقيقة.
في قضية التشبيه والتنزيه قضى علماء الأمة زمانا في الجدل والخصومة. لكل فريق من أهل الحق، ما بين صوفية أشاعرة وفقهاء مناظرين ومحدثين أثريين، خيارُه وعيارُه، وحظه من العقل والنقل والإرادة. سفينة الأمة اختلف على مقادتها ربابنَة متَعَددو الوجهات والنيات والقدرات.كل يدعو إلى اجتهاده ومَبْلَغ علمه، مخلصا مصيبا مرة مخطئا أخرى،ولم يخل الجو أبدا من أصحاب النعرات والنفاق والتعصب والمسابقة إلى الرئاسات والمِنَح والمناصب بالتزلف إلى الحاكم السائر برياح هواه. البشرية لم تتعطل، والشيطنة الجنية والإنسية لم تُعزل.
أنماط من التفكير، وألوان من المذهبيات، واختلاف في الأهداف والأساليب. انتقضت عروة الحكم بعد ثلاثين سنة من وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فانفرطت ذاتَ اليمين وذاتَ الشمال، وذات البَيْن الحالقة للدين، حبّاتُ العقد الإسلامي، وانفرطت جامعة الإيمان السمحة التي جاء بها الوحي بغياب وازع السلطان.اشتغل السلطان العاض، الذي يمثل في تاريخ الإسلام بدعة أعظم بدعة، بحرب القرآن وأهل القرآن. وأعانه هؤلاء على أنفسهم بالخصام والتراشق.
أفنبقى، ونحن على أعتاب الخلافة الثانية إن شاء الله، أسرى التجربة الخلافية التي خاضتها الأمة ؟ من أين نبدأ ؟ وما السبيل إلى إيمان لا إله إلا الله، وعصمة "قل ربي الله ثم استقم" وفلاح )رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا( ؟(سورة آل عمران، الآية: 193)
قال صادق جلت بوارق عزيمته ظلام الجهل والفتنة:
ورَكْـبٍ سَـرَوْا والليـل ملـقٍ رِوَاقـه على كـلِّ مُـغْـبَــرِّ المطـالـع قـاتِـمِ
حدوا عزمات ضـاقت الأرض دونها فصـار سُـراهم في ظهـور العــزائـم
تُـريهـم نجــوم الليل ما يبتغـونـه على عـاتق الشِّعْـرى وهـام النعـائـم

وقال حي ذاكر بين أموات غافلين:
للـه في الخـلـق أسـرار وأنــوار ويصطـفي الله من يرضى ويختار
لا تحـقِـرن فقـيـرا إن مررت به فـقد يـكـون له حـظ ومـقــدار
والمـرء بالنفـس لا باللَّبس تعـرفه قد يخلَـقُ الغِمْـدُ والهنـديُّ بَتَّـار
والتِّبر كالترب قد تخفى مكـانته حَتى يخلصه بالسبـك مِسـمــار
ورب أشعث ذي طمرين مجتهد لـه على الله فـي الإقسـام إبـرارُ

وقال معتقد بالهداية والصحبة لا بترتيب الأدلة:
أسـفـا لأيـام وإخـوان مضـوا ومنـازل فـارقـتـهـا مـغـلـوبـا
يا ليت قلبي جمرة من بُعـدهم يا ليت عيشـي بعدهم مـقلـوبـا
طالبت بعـدهم الزمـان بمثلهـم فأجابني: هيهات، لا مطلوبـا

وقلت:
لِلّهِ بِالله سَــارَ الصَّــادقــونَ إلـى وَعـدٍ وثيـقٍ لِمن قـد خصَّـهُ الله
لاَ ريبَ عنـدهُم في عِــزِّ مَطلبِهم سَـاروا عَلى دَربهمْ والموعِدُ الله
تَحـدوهُمْ لِلمعــالي هِمةٌ سَمقت ومَا يشــاءونَ إلاَّ ما شــاءهُ الله




[1] أبو حامد الغزالي في كتاب "فيصل التفرقة بين الإيمان والزندقة" ص 79 وما بعدها.
[2] طبقات السبكي ج 2 ص 259.
[3] نفس المصدر والصفحة.







رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
علم الحديث .. بيان بعض الكلمات المصطلح عليها في علم الحديث أبو العبادلة الحديث الشريف والسنة النبوية 10 27-11-2014 03:21 AM
من هم أهل الحديث؟ مسلمة وافتخر الحديث الشريف والسنة النبوية 6 15-07-2010 09:21 PM
جماعة أهل الحديث اسماعيل ابراهيم محمد عقيدة أهل السنة والجماعة 2 07-07-2009 09:20 PM
مع الحديث الشريف تراب رحيق الحوار العام 2 27-01-2009 08:26 PM
كتب فى علم الحديث admin مكـتبـة الرحيق المختوم 2 16-11-2008 06:01 PM


Loading...

الاتصال بنا - منتديات شو ون شو - الأرشيف - الأعلى

Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
3y vBSmart
لا يسمح بوضع موضوعات تخالف منهج أهل السنة والجماعة