منتديات شو ون شو  

العودة   منتديات شو ون شو > مــنــــتـــدى الــعــــلـــوم الإســــــلامـــــيـــــــــة > السيرة النبويه الشريفة وأحوال الصحابة والتاريخ الإسلامى
التسجيل مشاركات اليوم البحث

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-05-2009, 01:07 AM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
شهيد فتح روما باذن الله
إحصائية العضو








آخر مواضيعي


تراب غير متواجد حالياً


افتراضي الملف العراقي،, بلاد المسلمين المحتلة

بسم الله الرحمن الرحيم
الملف العراقي
العراق هو مهد الحضارات البشرية القديمة ومنبعها كأشور وبابل ونينوى وأور وغيرها، وهو من أهم بقاع الأرض وأعظمها عراقة وأصالة، فهو ضارب جذوره في أعماق التاريخ.
فتحه المسلمون زمن عمر بن الخطاب  (13 - 23هـ الموافق 634 - 644م)، وصار من أهم بلاد الإسلام، حيث بدأت الفتوحات الإسلامية الواسعة به، وانطلقت منه، ودارت في رحابه أعظم معارك الإسلام كالقادسية والمدائن، وتأسست فيه أعظم مدن الإسلام كالبصرة والكوفة وواسط وبغداد وسامراء والموصل.
والعراق صنو الشام ورديفها، وامتداد لجزيرة العرب، يخترقه نهرا دجلة والفرات فيحيلان سواده الشاسع المنبسط إلى أعظم أراضي العالم خصوبة وإدراراً للعطاء.
وموقعه الجغرافي المتميز على رأس الخليج جعله واحداً من أهم طرق الاتصال بين أوروبا والمحيط الهندي، وفي عصر الاستعمار الحديث اكتسب العراق أهمية خاصة بالنسبة لبريطانيا لكونه يعتبر طريقاً تجارياً رئيسياً للهند درة التاج البريطاني، وزادت أهميته أكثر بعد اكتشاف النفط فيه في أوائل القرن العشرين.
ظل العراق جزءاً من دولة الخـلافة العثمانية حتى الحرب العالمية الأولى، حيث اشتد الصراع عليه بين بريطانيا من جهة والدولة العثمانية وألمانيا من جهة ثانية، فحاولت بريطانيا أثناء الحرب انتزاعه من الدولة العثمانية فاحتلت البصرة في السنة الأولى للحرب، واحتلت العمارة في السنة الثانية ومنيت بهزيمة كبيرة في الكوت في السنة الثالثة، وأما في السنة الرابعة للحرب فقد استطاع البريطانيون احتلال بغداد في 11 آذار سنة 1917م بقيادة الجنرال (مود) وواصلوا تقدمهم شمالاً فاحتلوا الموصل في 8 تشرين الثاني 1918م. وبذلك سقط العراق بكامله بأيدي الإنجليز وأُخضع للوصاية البريطانية في العام 1920م.
ثم جاءت بريطانيا بعميلها فيصل بن حسين بن علي حاكم مكة وتوجته ملكاً على العراق كتعويض له عن خسارة والده للحجاز الذي أعطي لآل سعود.
واحتفظت بريطانيا في ظل الحكم الملكي الهاشمي للعراق بثلاث قواعد عسكرية، وهي قاعدة الرشيد في بغداد وقاعدة الحبانية شمال بغداد وقاعدة الشعيبة قرب البصرة، وكان مستشاروها العسكريون والسياسيون والاقتصاديون والثقافيون هم الحكام الحقيقيين للبلاد، في حين كان السفير البريطاني في بغداد صاحب الكلمة الأولى والأخيرة في حكم العراق طوال فترة الحكم الهاشمي الذي استمر حتى العام 1958م. وتحول العراق بذلك إلى واحة بريطانية حقيقية.
في الحرب العالمية الثانية حاول هتلر مستشار ألمانيا منازعة الإنجليز في العراق، فاتصل بالملك غازي ملك العراق، وتجاوب الملك معه وكان يناصب الإنجليز العداء، ولكن بريطانيا كانت تراقبه، ولما اكتشفت علاقته بالألمان سارعت إلى التخلص منه فقتلته في حادث سيارة. وبحسب ولاية العهد أصبح ابنه الصغير فيصل الثاني ملكاً على العراق، فجاء البريطانيون بخاله عبد الإله وصياً على العرش وولياً للعهد حيث ظل مخلصاً للتاج البريطاني حتى مقتله في انقلاب عام 1958م.
وفي سنة 1941م أعادت ألمانيا محاولتها لأخذ العراق من الإنجليز فدعمت رشيد عالي الكيلاني الذي تمكن من الاستيلاء على السلطة في الثاني من آذار عام 1941م وأعلن من فوره الحرب على بريطانيا إلى جانب ألمانيا، لكن هتلر لم يستطع إرسال قوات برية لنجدته، واكتفى بإرسال عدة أسراب من الطائرات الألمانية لدعم الكيلاني.
إلا أن بريطانيا التي راعها هذا الانقلاب المفاجئ في العراق وما شكَّله من خطورة وصول الألمان إلى منابع النفط العراقية، صمَّمت على إسقاط حكومة الكيلاني بأسرع ما يمكن، فتقدمت قواتها إلى بغداد بسرعة، واحتلتها، وهرب الكيلاني خارج حدود العراق، وتم إعدام أربعة ضباط شاركوا معه في الانقلاب، وأُعيد عبد الإله إلى العرش، وأحكمت بريطانيا من جديد قبضتها على البلاد.
لم تتوقف مقاومة العراقيين ضد المستعمر البريطاني طوال فترة الاستعمار، حيث اندلعت ضد الاحتلال مقاومة عنيفة سنة 1920 تلتها مقاومات شديدة على فترات، لكن تصدي الحكومة العميلة بقيادة عبد الإله ونوري السعيد، وهو الرجل القوي والحاكم الفعلي فيها، بالإضافة إلى إثارة الفُرقة بين الطوائف والمذاهب حسب سياسة بريطانيا (فرق تسد) هو الذي مكَّن بريطانيا من استمرار السيطرة على العراق هذه المدة الطويلة.
دخلت أميركا على الخط بعد خروجها من عزلتها عقب الحرب العالمية الثانية، وبدأت تتنافس مع بريطانيا على السيطرة على نفط العراق، وأميركا كانت منذ مؤتمر سان ريمو في العام 1920م تطالب بريطانيا بحصتها في نفط الخليج، ولكن بريطانيا في ذلك الوقت كانت الدولة الأولى في العالم فرفضت الطلب الأميركي رفضاً قاطعاً، الأمر الذي حدا بولسن الرئيس الأميركي وقتها إلى إرسال رسالة إلى الحكومة البريطانية يقول فيها: "إنكم تريدون ممارسة نوع من الاستعمار أصبح موضة قديمة". واستمرت بريطانيا بعد الحرب العالمية الثانية في مقاومة الضغوط الأميركية الرامية للحصول على نصيب أكبر لها في نفط الخليج، لكنها في النهاية لم تستطع منعها من ذلك. كتب تشرشل رئيس الوزراء البريطاني إلى اللورد بيفر بروك العضو في وزارة الحرب البريطانية يقول فيها رداً على مذكرة له حول طلبات الولايات المتحدة في النفط: "إنني أفهمك جيداً ولكن أخشى أن عالم ما بعد الحرب قد ينهار إذا دخلناه ونحن في معركة مع الولايات المتحدة حول البترول".
وبعث الرئيس الأميركي روزفلت في نهاية الحرب العالمية الثانية لجنة رئاسية إلى الشرق الأوسط زارت كلاً من السعودية والعراق وإيران والكويت والبحرين وقطر، وعند عودتها قدَّمت تقريرها إلى الرئيس روزفلت والذي بدأ بعبارة: "إن بترول الشرق الأوسط هو أعظم كنز تركته الطبيعة للتاريخ، وإن التأثير الاقتصادي والسياسي لهذا الكنز سوف يكون فادحاً". وعندما سأل وزير الخارجية جيمس بيرنز الرئيس روزفلت: "ما هي الحصة يا سيادة الرئيس التي ينبغي أن نسيطر عليها من بترول الشرق الأوسط؟ سكت روزفلت برهة ثم أجابه قائلاً: لا أقل من 100%".
وكتب هارولد إكس أحد المبعوثين الأميركيين في الخارج إلى روزفلت الرئيس الأميركي يقول: "إن الشرق الأوسط مجرة كونية هائلة من حقول البترول، لا يعرف أحد نظيراً لها في الدنيا، وأن السعودية هي شمس هذه المجرة، فهي أكبر بئر بترول في الشرق الأوسط، وأن الظروف فيها مناسبة حيث فيها الملك عبد العزيز آل سعود يريد شيئين المال وحماية العرش، وإن على الولايات المتحدة أن تقوم بتأمين ذلك"، وبالفعل فقد تم ترتيب الأمر مع الملك عبد العزيز عندما التقاه الرئيس روزفلت على ظهر الطراد الأميركي كوينسي في قناة السويس، وحصلت أميركا على نفط السعودية بموجب الاتفاق بين الملك وشركة (أرامكو) التي كانت مؤلفة من أربع شركات نفطية هي نيوجرسي وتكساسكو وسوكال سوكوني فاكوم.
ولقد وقف رئيس شركة سكسوني فاكوم عام 1945م ليقول بالحرف الواحد: "إن إدارة شؤون البترول تختلف عن إدارة شؤون أية سلعة أخرى، ذلك أن شؤون البترول في 90% منها سياسة و10% منها فقط بترول"، ثم أضاف: "إذا كان محتماً على الولايات المتحدة أن تدير شؤون البترول في العالم فإن عليها أن تدرك طوال الوقت بأنها مطالبة بأن تفعل ذلك حتى خارج حدود سياستها الإقليمية وخارج قيود القانون الدولي إذا استدعى الأمر ذلك".
ولكن بريطانيا التي تنازلت لأميركا عن النفط في السعودية، وعن جزءٍ مهمٍ منه في إيران، لم تتنازل لها عن نفط العراق، واستمرت في المحافظة على العراق كقاعدة رئيسية لها في المنطقة، حيث قامت بضم العراق إلى كل من تركيا وإيران وباكستان في حلف بغداد تحت سيطرتها في شباط من عام 1955م.
سعت أميركا لاختراق تلك الهيمنة البريطانية على العراق من خلال انقلاب عسكري تم تحضيره على نمط انقلاب عبد الناصر في مصر ضد الملك فاروق، حيث تم إنشاء حركة ضباط أحرار في العراق بقيادة عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف على غرار حركة الضباط الأحرار في مصر، وتم استغلال ظروف المنطقة جيداً لا سيما نجاح عبد الناصر في انقلابه ضد الملك فاروق، وفشل العدوان الثلاثي ضد مصر، وبدء دحر بريطانيا من المنطقة وإضعاف شوكتها. وقاد عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف انقلاباً ناجحاً في 14 تموز عام 1958م أطاح بالنظام الملكي في العراق، وأقام الجمهورية العراقية. ورحب عبد الناصر بالانقلابيين فوراً، وحاولت بريطانيا التدخل لمنع الانقلاب فأنزلت قواتها في الأردن، بينما أنزلت أميركا قواتها في لبنان، وحشدت تركيا جيشها على الحدود مع العراق، ودعا الملك حسين ودول حلف بغداد لإعادة النظام الملكي إلى العراق، وتوترت الأوضاع وتعقدت الأمور، وحذَّر الرئيس السوفياتي خروتشوف الدول الغربية وبالذات بريطانيا وتركيا بشدة من مغبة التدخل في العراق، وحشد الجيش السوفياتي قواته على طول الحدود مع تركيا وتواطأت أميركا معهم، فخافت بريطانيا، بعد هذا التصعيد وتراجعت وهدأت الأمور، واستقر النظام الجمهوري الجديد في العراق، وخرج العراق بذلك من قبضة الإنجليز العسكرية والسياسية بخروجه من حلف بغداد، كما خرج نقدياً من قبضتهم بخروجه من منطقة الإسترليني.
وفي سنة 1961م سُنَّ قانون عراقي تم بموجبه استعادة معظم مناطق امتياز شركات النفط الأجنبية إلى الدولة العراقية ما أدى إلى إثارة حنق بريطانيا والدول الغربية ضد حكومة عبد الكريم قاسم.
كان الانقلابيون منقسمين على أنفسهم تجاه عبد الناصر، حيث كان عبد السلام عارف هو رجل عبد الناصر، وكان يفضل عبد السلام عارف الدخول مع مصر وسوريا في الجمهورية العربية المتحدة، لكن عبد الكريم قاسم لم يرغب في ذلك. فلما رأى عارف رفيقه قاسم غير منخرط في السياسة الناصرية انخراطاً كاملاً، انشق عنه وصار يتحين الفرص للانقلاب عليه، ثم أخرجه قاسم من الحكومة التي كان يعتبر الرجل الثاني فيها، ومن بعد تم اعتقاله ومحاكمته.

لكن الذي أزم الوضع في العراق هو سير عبد الكريم قاسم في السنوات الأخيرة من حكمه مع الشيوعيين، بشكل متزايد ما شد ساعد الشيوعيين في العراق في فترة حكمه، ولكن هذا ألَّب عليه عملاء أميركا وبريطانيا على حد سواء، فأصبح عبد الناصر يهاجمه بشدة، ويهاجم حلفاءه من الشيوعيين العراقيين ويتهمهم بالعمالة لموسكو، كما ويتهمهم بالابتعاد عن العروبة والانسلاخ من القومية العربية، لذلك دعم عبد الناصر بعض الحركات الانقلابية ضد عبد الكريم قاسم منها حركة العقيد عبد الوهاب الشواف ولكنها فشلت. وكذلك بدأ حزب البعث بتنظيم صفوفه، والتحضير للانقلاب عليه.
وهكذا اتحد البعثيون والقوميون في العمل للإطاحة بعبد الكريم قاسم، وحاولوا اغتياله فعلاً سنة 1959م، ودعمهم عبد الناصر الذي دفع ملحقه العسكري في بغداد عبد المجيد فريد مبلغ 7000 جنيه مصري لتسهيل عملية الاغتيال وذلك طبقاً لما ذكره أمين سر حزب البعث وقتذاك علي صالح السعدي، ولكن المحاولة فشلت.
ثم استمرت القوى السياسية بالتجمع ضد عبد الكريم قاسم، ودُعمت هذه القوى من قبل كل من أميركا وبريطانيا وشركات النفط المتضررة بسبب إلغاء امتيازاتها، وتفاقمت الأمور أكثر فأكثر، ودخل الأكراد في لعبة شد الحبل، وكثر أعداء عبد الكريم قاسم، وأصبحت الظروف مهيأةً تماماً للانقلاب الجديد.
ونضج الانقلاب المتوقع في 8 شباط 1963م حيث قام حزب البعث والقوى القومية بقيادة عبد السلام عارف مدعومين من عبد الناصر بانقلاب دموي عنيف أدى إلى قتل عبد الكريم قاسم وسحق الشيوعيين والتنكيل بهم. قال علي صالح السعدي أمين سرحزب البعث بعد وقوع الانقلاب: "لقد جئنا إلى الحكم بقطار أميركي"، وقال الملك حسين ملك الأردن في مقابلة أجراها معه محمد حسنين هيكل رئيس تحرير جريدة الأهرام سابقاً: "اسمح لي أن أقول لك إن ما جرى في العراق في 8 شباط 1963م قد حظي بدعم الاستخبارات الأميركية". وكان رجال الانقلاب خليطاً من قوىً تسير مع أمريكا وأخرى مع الإنجليز، ولذلك لم يكن متوقعاً له أن يستمر دون تغلب طرف على الآخر.
فقد تم ترتيب الانقلاب من البعثيين بقيادة علي صالح السعدي ومهدي عماش وأحمد حسن البكر وحردان التكريتي وغيرهم من رجالات الإنجليز، ومن القوميين بقيادة عبد السلام عارف وطاهر يحيى وغيرهم، وهؤلاء محسوبون على عبد الناصر ومن ورائه أميركا.
ثم حصل خلاف بين الشركاء القوميين والبعثيين، لاختلاف اتجاهاتهم السياسية وولاءاتهم الدولية، على صلاحيات الحكم. فقام عبد السلام عارف بإقصاء البعثيين من السلطة وقرَّب الناصريين منه، وأحكم قبضته على السلطة، وبدأ يحاكي عبد الناصر في أساليب الحكم، ويتقرب منه، ويتعاطى مع سياساته. ورداً على إقصائهم حاول البعثيون الانقلاب على عبد السلام عارف، فبدأوا بجمع قواهم وحاولوا الإطاحة به في عام 1964م، لكن أمرهم افتضح، وسارع عبد الناصر إلى إرسال 600 عسكري مصري إلى العراق لدعم قوات عارف، وفشلت بذلك محاولة البعثيين الانقلابية، وكوفئ الناصريون المتحالفون مع القوميين بقيادة عبد السلام عارف بمنحهم حقائب وزارية جديدة في الحكومة العراقية.
وفي 13 نيسان عام 1966م توفي عبد السلام عارف بحادث طائرة، وتم تنصيب أخيه عبد الرحمن رئيساً للعراق. وكان لأمريكا دور كبير في تنصيبه، لكن عبد الرحمن هذا كان رجلاً ضعيف الشخصية ولا يصلح للسياسة. ولهذا فقد اضطربت الأمور منذ وفاة عبد السلام عارف، وأصبح النفوذ في العراق تتناقله الأيدي الإنجليزية والأمريكية إلى أن استقر لصالح الإنجليز بانقلاب تموز 1968، حيث سيطر على الحكم البعثيون الموالون للإنجليز بقيادة البكر ونائبه صدام حسين.
ثم بعد ذلك بعشر سنوات اضطر البكر للتنازل عن السلطة لصدام حسين الذي استطاع جمع قوى حزب البعث من حوله، وجمع القوى الأمنية بيده، واستقرت الأمور لصدام بعد أن قضى على جميع مراكز القوى العسكرية في الدولة. وبعد ذلك دخل صدام حسين في حرب مع إيران نيابة عن المصالح البريطانية التي تضررت بثورة الخميني، واستمرت الحرب ثماني سنوات أكلت الأخضر واليابس.
ثم في العام 1990م خاض صدام حرباً جديدة ضد الكويت واحتلها في صيف ذلك العام، وكانت بريطانيا تريد من وراء ذلك أن تكون هذه الحرب وسيلة ضغط توجد تفاوضاً يحقق لها أمرين: الأول إبراز عميلها صدام الرجل القوي في المنطقة وبالتالي يقوى مركز بريطانيا في المنطقة. والثاني أن تضمن بريطانيا مشاركةً لأمريكا في النفط والنفوذ في الخليج. لكن أمريكا اتخذت من ذلك حجة للاستحواذ على الخليج وبناء القواعد فيه والسيطرة على نفطه وعلى حكامه، العميل منهم لها أو لبريطانيا نفسها، وذلك بذريعة تحرير الكويت. وقد حاولت بريطانيا إيجاد حل تفاوضي فلم تستطع، بل كانت فرصةً لأمريكا أعدت لها منذ سنين لأن تصبح سيدة الخليج. ولما رأت بريطانيا تصميمها دخلت معها في التحالف مشترطةً عليها عدم القضاء على الحكم في العراق بل إخراجه من الكويت، فالحرب هي لتحرير الكويت كما كان معلناً. وقد تم الاتفاق على ذلك. وهكذا بدأت الحرب فقادت أمريكا تحالفاً ضمّ فوق ثلاثين دولةً من الدول الأجنبية والدول العربية العميلة لمحاربة العراق لإخراجه من الكويت في العام 1991م، وكادت أميركا أن تسقط نظام صدام حسين وتجتاح بغداد لولا اتفاقها مع بريطانيا، وبخاصة وأن الحجة التي كانت معلنةً هي تحرير الكويت. وهكذا توقفت عن القضاء على النظام، وتركت له المجال للقضاء على تحرك الشيعة والأكراد ضد حكمه. ولذلك فإن بوش الأب عندما اتصل بالجنرال الأمريكي شوارتسكوف الذي كان يتقدم نحو العراق وطلب منه التوقف والانسحاب فوراً دهش الجنرال الأمريكي وقال (سيدي لا يوجد أمامنا أي عائق وخلال ساعات سنكون وصلنا بغداد وقضينا على نظام صدام) لكن بوش رد عليه قائلاً: (هناك أمور لا تعرفها، ارجع فوراً) إشارة إلى الصفقة مع بريطانيا. علماً بأن أمريكا قد استغلت بقاء صدام لاحقاً لـ (تخويف) دول الخليج بالنظام العراقي لتبقى أمريكا الملاذ (الآمن) لهم. كما استعملت بقاءه أيضاً حجةً لإيجاد مناطق حظر جوي في الجنوب والشمال بذريعة منعه من الاعتداء جواً على مواطنيه وجيرانه.
وهكذا اكتفت بمحاصرة العراق بدلاً من إسقاط الحكم فيه. واستمر الحصار الأميركي بغطاء من الأمم المتحدة حتى العام 2003م حيث قامت القوات الأميركية والبريطانية باجتياح العراق مرة ثانية واحتلاله وإسقاط نظام صدام والسيطرة على نفط العراق. وعاد العراق مرة ثانية تحت الاستعمار المباشر بقيادة أميركا، وصار حاكم العراق للمرة الأولى في تاريخه رجل أميركي اسمه بول بريمر.
إن الحرب على العراق لم تكن إلا خطوة أولى لمخطط ضخم تمت صياغته من قبل أن تصل الإدارة الأميركية الحالية للحكم، بالتنسيق مع شركات التصنيع العسكري وشركات النفط وقواعد الجناح اليميني في الولايات المتحدة.
وكانت البدايـة هي التفكـير لوضـع أسـس جديدة للسـياسـة الأميركية الخارجية للقرن الحادي والعشرين، والهدف من تلك السياسة الخارجية الأميركية الجديدة الإبقاء على أميركا كدولة أولى في العالم، وإخضـاع العالم كله للنفـوذ الأميركي وثني أي دولة أو أمة عن محاولة تحـدي أميركا أو زحـزحتها عن مركـز الدولة الأولى في العـالـم، ولو اقتضـى ذلك الحـلول العسكرية أحادية الجانب، ودون موافقة الأمم المتحدة، وسميت هذه السياسة في البداية، بـ "السلام عن طريق القوة" "peace through strength" وذلك كما جاء في وثيقة صدرت عن البنتاغون عام 1992 عندما كان ديك تشيني وزيرا للدفاع.
واستمر العمل على هذا المشروع إلى أن تمت صياغته نهائيا عام 1997 وكان أهم القائمين عليه بول فولفوفيتس ودونالد رامسفيلد وديك تشـيني، وسمي هذا المشـروع في وضـعـه النهـائي بـ "القرن الأميركي الجديد"
(project for the New American Century)
وهذا المشروع كما جاء في وثيقة صدرت في سبتمبر 2000 بعنوان «إعادة بناء دفاعات أميركا: الاستراتيجيات والقوات المسلحة والمصادر للقرن الجديد»
"Rebuilding America's Defenses: Strategies, Forces, and Resources for a New Century"
يطالب بالتالي:
تغيير الأنظمة غير المرغوب فيها ونشر القوات الأميركية في جنوب أوروبا، جنوب ووسـط آسـيا والشرق الأوسط. والتحكم في مصادر الطاقة في العالم، وعسكرة الفضاء ونية استخدام الأسلحة النووية لتحقيق الأهداف الأميركية.
وأشارت تلك الوثيقة التي كشفت عنها "صاندي هارالد" عن أن إدارة بوش خططت للسيطرة العسكرية على الخليج ولعدة عقود سواء أكان صدام حسين في الحكم أم لا،وجاء في الوثيقة "أنه على الولايات المتحدة أن تلعب دورا دائميا أكبر في أمن الخليج. وأن الخلاف مع العراق يعطي المبرر لتواجد عسكري أميركي ضخم في الخليج".
ولذلك فإن خطة غزو العراق كانت موضوعةً من قبل، وكان المطلوب أن تتهيأ الظروف لتنفيذ ذلك، وجاءت أحداث 11/9/2001 لتكون الفرصة المناسبة المطلوبة.







التوقيع

[B] لابد للأمة من ميلاد .... و لابد للميلاد من مخاض .... و لابد للمخاض من آلام [/B]

رد مع اقتباس
قديم 02-05-2009, 01:09 AM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
شهيد فتح روما باذن الله
إحصائية العضو








آخر مواضيعي


تراب غير متواجد حالياً


افتراضي

تابع الملف العراقي
وهكذا بدأت أمريكا تهيئ الأجواء لذلك حتى قبل احتلالها أفغانستان. ومرت هذه التهيئة بالمراحل التالية:
لقد كان أهم سبب زعموه هو امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل. لهذا كانت البداية الحديث عن محور الشر، وذكر العراق وإيران وكوريا الشمالية محاور فيه، حيث أدلى بوش في كانون الثاني 2002 بتصريح وصف فيه كلاًّ من العراق، إيران وكوريا الشمالية بمحور الشر. وأضاف بوش أن الدول الثلاث لا تسعى فقط وراء أسلحة الدمار الشامل وإنما كانت لديها نية بإعطائها إلى الإرهابيين. قال بوش: (الزمن ليس في صالحنا، لن أنتظر وقوع أحداث جديدة بينما التهديدات تتجمع في الأفق. لن أسمح لأخطر نظام في العالم أن يهددنا بأخطر أسلحة في العالم).
كان من المعلوم أن الإدارة الأمريكية لا توجد لديها نية بالتدخل العسكري في إيران وكوريا الشمالية. وفي إفادة كولن باول إلى الكونجرس بعد أسبوعين من حديث بوش عن محور الشر قال بشأن إيران وكوريا الشمالية: (لا يوجد هناك خطة للبدء في حرب ضد هذه الدول. نود الدخول في حوار مع هاتين الدولتين. نود الاحاطة بكوريا الشمالية لمنعها من نشر الأسلحة وسنقوم بالضغط عليهما. ولا توجد لدينا خطة لمحاربة كوريا الشمالية أو الدخول في نزاع مع إيران).
أما أهم الأسباب التي جعلت بوش الابن يضيف إيران وكوريا الشمالية إلى العراق في محور الشر، فأولها أنه إذا أظهر العراق فقط كهدف فإن ذلك سيكون مضراً من ناحية السياسة والتخطيط. لأنه بذلك سيُفهم أن الإدارة الأمريكية مركزة على صدّام وستتوجه حينها كل الأنظار إلى ما سيفعله بوش في العراق. وستصبح إدارة بوش أمام الرأي العام الأمريكي والرأي العام الدولي في وضع صعب. وثانيها أن بوش لو تحدث عن إيران وحدها مع العراق فإن هناك احتمالاً بأن يفهم أنها حرب صليبية جديدة على المسلمين، ما قد يوجد متاعب لبوش في بلاد المسلمين قبل أن يبدأ حرب العراق. لذلك كانت كوريا هي الدولة المثالية المختارة، لأنها غير مُسلِمة إلى جانب أنها تُصوَّر كعدو لأمريكا، إضافةً إلى أنّ أمريكا أرادت من تسخين جبهة كوريا الشمالية أن تشغل بها الصين وروسيا. وبذلك كان تصريح بوش عن محور الشر مهيئاً الرأي العام الأمريكي لقبول حرب محتملة للقضاء على محور الشر.
ثم كان الحديث عن امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل وأنه لا يتورع عن استعمالها، فهو قد استعملها ضد شعبه، وأنه ينسق مع الإرهابيين وقد ينقل هذه الأسلحة إليهم. وبدأت التصريحات من أقطاب الإدارة الأمريكية تتوالى حول ذلك فقد أعلنت رايس أن السبب في استهداف صدام هو كذلك: (العراق نظام ظالم ... نعم صحيح أنّ هناك أنظمة ظالمة أخرى في العالم ... لكن العراق نظام يعتدي على الدول المجاورة له، نظام ظـالـم يهدد المصالح الأمريكية وحلفاء أمريكا في المنطقة، لا توجد دولة تشبه العراق بهذه المواضيع: قام صدام بتأييد الإرهابيين في الشرق الأوسط ضد أصدقائنا، مثلا قام بإعطاء الأموال للانتحاريين الفلسطينيين، وقام بمحاولة اغتيال الرئيس الأمريكي (بوش الأب في زيارته للكويت). لا يوجد رئيس مشابه لصدام في أي دولة، لم يكتفِ صدام بصنع أسلحة الدمار الشامل بل قام باستخدامها أيضا، لا توجد دولة على وجه الأرض قامت بفعل مشابه.).
كانت إدارة بوش تتكلم بصوت عالٍ عن أسلحة دمار شامل لدى صدام وكانت تحاول إقناع حلفائها والرأي العام الأمريكي بذلك. كانت الفترة ما بين نوفمبر تشرين الثاني 2001 ومارس آذار 2002م هي من المراحل الحاسمة لاتخاذ القرار بالحرب على العراق. كان الذين يتحدثون في إدارة بوش عن أسلحة الدمار الشامل يعتمدون على التحليلات التي قامت بها سابقا الأمم المتحدة، والمخابرات الأمريكية (cia)، والمخابرات الغربية. ولم يكن المقصود التحقق من امتلاك العراق أسلحة دمار شامل، بل المقصود هو رفع الصوت بشأن هذا الموضوع ليكون ذريعةً للحرب التي تهيئ أمريكا الأجواء لها.
هذا فضلاً عن أن المحافظين الجدد الذين يمسكون بزمام الإدارة الأمريكية كانوا يخشون وجود أسلحة دمار شامل في العراق، حتى لو مجرد احتمال، لأن هذا يعتبرونه خطراً وتهديداً لدولة يهود، وبالتالي لهم، فإنهم يرون (إسرائيل) مصلحةً حيويةً لهم في المنطقة.
أما مسألة احتمال إعطاء صدام أسلحة الدمار الشامل للإرهابيين فكانت من أكثر الأمور التي تناقش في الإدارة الأمريكية. وقد اعترف ولفوويتز بذلك حين قال: (هناك 3 مخاوف لنا بشأن نظام صدام، أولا: أسلحة الدمار الشامل، ثانيا: التأييد الذي يمنحه للإرهابيين، ثالثا: الجرائم التي قام بها ضد الشعب العراقي ... وفي الحقيقة هناك سبب رابع أهم من هذه، وهو الرابط بين أسلحة الدمار الشامل والإرهاب ...).
وهكذا بدأ المحافظون الجدد يركزون على امتلاك صدام لأسلحة الدمار الشامل وإمكانية تسريبها إلى (الإرهابيين) ليضربوا أمريكا بها.
وحول هذا الموضوع كتبت سيناريوهات عدة. مثلاً تحدث مسئول أمريكي قائلاً: (إن الخطر الأكبر الذي يمكن أن يأتي من قِبل صدّام هو استخدامه للأسلحة الكيماوية بالوسائل التقليدية. مثلاً في حقيبة أو في طائرة انتحارية).
وفي حديث رامسفيلد إلى الكونجرس بشأن العلاقة بين العراق والإرهاب قال: (من أول أهدافنا في الحرب على الإرهاب هو منع حصول 11 سبتمبر أخرى، وتفادي مواجهة أمريكا لاستعمال أسلحة الدمار الشامل ضدها. ومن غير الضروري هنا أن نناقش مسألة هل التهديد الإرهابي سيكون من قِبل نظام إرهابي أم مجموعة إرهابية. المهم هو القضاء على هذا التهديد أياً كان مصدره ... الأمر الذي نعرفه هو أن العراق لديه في هذه اللحظة أسلحة بيولوجية وكيماوية إلى جانب سعيه للحصول على أسلحة نووية).
بعد أسابيع قليلة من انتهاء الهجوم على أفغانستان أي بعد شهر كانون الأول ديسمبر أصبحت العراق على رأس جدول الأعمال الأمريكي. قد هيأت أمريكا الأجواء الداخلية فيها، وكذلك عملت جهدها لتهيئة الأجواء الممكنة دولياً، بحجة امتلاك العراق أسلحة دمار شامل، وأنه سيسربها إلى (الإرهابيين).
ثم أضافت أمريكا لهذه الأمور هدفاً آخر كانت تؤكد عليه من حين إلى حين، وهو الصراع الحضاري للمنطقة الإسلامية، لنشر حضارة الغرب فيه لتحل محل الإسلام في عقول الناس. وظن الأمريكان أنهم بذلك يستطيعون نشر قيمهم الزائفة ووضع برامج التعليم التي يختارون لصياغة عقول الأجيال المتلاحقة في المنطقة. وصاروا يكثرون من الحديث عن الحرية والديمقراطية وتمكين المرأة وحقوق الإنسان، ويريدون من وراء ذلك تصوير احتلالهم للعراق على أنه طريق لنقل هذه القيم (المضيئة!) للمنطقة. ومن هنا كان مشروع (الشرق الأوسط الكبير) الذي اشتغلوا فيه منذ أوائل العام 2004، ويزمعون تقديمه لقمة الدول الصناعية الثماني في منتصف حزيران، ولمؤتمر حلف الأطلسي في اسطنبول أواخر حزيران القادم. وكانت أمريكا تريد جعل العراق مركزاً لنشر القيم الغربية في المنطقة لإيجاد طبقة سياسية مريضة تقف عائقاً أمام توجه الأمة نحو إسلامها العظيم، واستئناف حياتها الإسلامية بإقامة دولة الخـلافة الراشدة، التي أصبحت هاجس الغرب وعلى رأسه أمريكا، حيث يخططون لحربها وحرب الإسلام الذي تقوم عليه حتى قبل أن توجد ماثلةً في الواقع.
وهكذا هيأت أمريكا الأجواء لعدوانها على العراق: التخلص من أسلحة الدمار الشامل، ونشر مبادئ الديمقراطية والحرية والقيم الغربية الفاسدة في المنطقة. وبدأت الحرب في 19/3/2003 واحتلت أمريكا العراق بالقضاء على النظام الرسمي في 9/4/2003 حيث كان النظام مهزوماً في داخله لابتعاده عن عقيدة الأمة وعن ذروة سنامها (الجهاد). وأعلن بوش أن 30/4/2003 هو نهاية المعارك الرئيسية. وظنت أمريكا أنها بقضائها على النظام قد فازت واستقرت، ولكنها فوجئت بما أذهلها من مقاومة المسلمين البطولية للاحتلال، مقاومةً عنيفةً شهد بقوتها الأعداء الأمريكان قبل غيرهم. وأحداث الفلوجة والنجف وباقي مناطق العراق شواهد حية تنطق بذلك، لدرجة جعلت أمريكا تحاول التسريع بتسليم (السلطة) شكلاً لعملاء مخابراتها المركزية في العراق، لتخفيف الضغط العسكري والمعنوي عليها، بالإضافة إلى بذلها كل جهد لإدخال جيوش دول أخرى تساندها في العراق، بل وحاولت إدخال حلف الأطلسي كما صنعت في أفغانستان. وقد قررت جعل آخر حزيران موعداً لتسليم السلطة شكلاً لعملائها في العراق، ظناً منها أن هذا سينقذها من مأزقها الذي غرقت فيه.
وفي إطار إيضاحاتهم أمام الكونجرس الأميركي لما يتعلق بنقل السلطة للعراقيين في الأول من تموز 2004 أبلغ مسئولون كبار في وزارة الخارجية والدفاع الأميركيتين الكونغرس بأن الحكومة العراقية الانتقالية الجديدة التي ينتظر أن تتولى مهامها في الأول من يوليو (تموز) المقبل لن تتمتع إلا بـ «سيادة محدودة» على البلاد، ولن تكون لديها سلطة على القوات العسكرية للولايات المتحدة ودول التحالف الموجودة هناك.
وفي شهادة أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ قال مساعد وزير الدفاع بول وولفوويتز ووكيل وزير الخارجية مارك غروسمان: إن الولايات المتحدة تعمل بموجب قانون إدارة الدولة للفترة الانتقالية الذي أقره مجلس الحكم العراقي، والقرار الذي أصدره مجلس الأمن الدولي في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وكلا التشريعين يمنح إدارة الأمن في البلاد إلى القادة العسكريين الأميركيين. وبينما توصف عملية نقل السلطة الى الحكومة العراقية الانتقالية بأنها منح السيادة الكاملة، فان غروسمان وصفها بأنها «سيادة محدودة» لأنها «محدودة بالقانون الانتقالي ... وبقرار الأمم المتحدة». وبموجب الخطة الحالية سيشرف مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الأخضر الإبراهيمي على تشكيل حكومة انتقالية تدير المؤسسات الحكومية العراقية لفترة ستة أشهر وتهيئ الطريق لانتخاب جمعية وطنية انتقالية في يناير (كانون الثاني) 2005 تختار حكومة ثانية وتصوغ مشروع دستور دائم. ووصف وولفويتز حكومة الأول من يوليو باعتبارها «مؤقتة بالكامل» ومهمتها «إدارة الوزارات ... ولكن الأكثر أهمية هو الإعداد للانتخابات». وأضاف أن الحكومة، فضلا عن ذلك، ستدير قوة الشرطة «ولكن بالتنسيق مع القيادة المركزية الأميركية، لأن هذا الوضع ليس طبيعيا من هذه الناحية». وتوجه السناتور الجمهوري جون وارنر بالسؤال إلى رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال ريتشارد مايرز قائلا «إذن فإننا ننقل السيادة ولكن القرارات العسكرية تبقى بشكل مطلق بيد القائد الأميركي. أليس كذلك؟». فأجاب مايرز «أجل، هذا صحيح».
وقال وولفوويتز ملقيا الضوء على الجهود الرامية إلى إنشاء قوة عسكرية جديدة كبيرة هناك: إن «السيادة ليست شيئا يمكن أو نريد أن نستعيده. إن أمن العراق سيكون جزءا من قوة متعددة الجنسيات تحت قيادة أميركية، بما في ذلك قوات عراقية».
كما حذرت الولايات المتحدة من أن الحكومة العراقية الجديدة التي ينتظر أن تتولى السلطة في العراق في الأول من يوليو تموز قد يتعين عليها التخلي عن بعض صلاحياتها لقوات الائتلاف.
وقال وزير الخارجية الأمريكي كولن باول إنه من الضروري أن تواصل قوات الائتلاف القيام بمهامها تحت القيادة الأمريكية.

وكان باول قد قال في مقابلة مع وكالة رويترز للأنباء: إنه يجب أن تظل قوات التحالف تعمل تحت قيادة أمريكية، وإن ذلك قد يتعدى ما يطلق عليه البعض السيادة التامة. وأضاف باول: أنه يأمل أن تتم صياغة هذه التفاصيل في قرار للأمم المتحدة.
ومع اقتراب موعد تسليم السلطة، كما يسمونها، إلى العراقيين احتدمت المواجهات بين الاحتلال والمقاومة، ففي ظل حصار الفلوجة اندلعت المواجهات مع أنصار الصدر "جيش المهدي"، ورغم أن الاحتلال طلب تدخل الحزب الإسلامي العراقي وهيئة علماء السنة وأطراف شيعية كحزب الدعوة وبعض المرجعيات الشيعية كالسيستاني للوساطة بطلب من "بريمر" نفسه لعقد هدنة مع أهالي الفلوجة ومع أنصار الصدر مع الاحتلال، لكن الاحتلال أصر على شروطه، ورغم وجود هدنة في الفلوجة استمر الاحتلال بحشد قواته لحصار الفلوجة، وظل الاحتلال مصرَّا على اعتقال أو قتل الصدر وحل مليشياته "جيش المهدي".
إن مجيء أميركا إلى العراق لاحتلاله وجعله منفذا ومنطلقا للبداية، والاستمرار في مشروعها للقرن الأميركي، يفرض عليها أن تنشئ حكومة عراقية انتقالية عميلة بشكل منقطع النظير، فتعطي هذه الحكومة العميلة لأميركا الصلاحيات الواسعة والامتيازات اللامحدودة لكي تتخذ من ارض العراق المنطلق لإنشاء الإمبراطورية الأميركية، وإتمام مشروع القرن الأميركي، وهذا ما تفسره التصريحات التي أدلى بها وولفوويتز أمام الكونجرس حينما قال «السيادة ليست شيئا يمكن أو نريد أن نستعيده. إن أمن العراق سيكون جزءا من قوة متعددة الجنسيات تحت قيادة أميركية، بما في ذلك قوات عراقية».
وهذا ما يفسر ما قاله مسؤولون اميركيون وفي مجلس الحكم الانتقالي ان الولايات المتحدة تريد مواصلة عملياتها في العراق بعد تسليم السلطة الى العـراقيين في الاول من تموز/يوليو المقبل، وذلك بتوقيع اتفاق امني مع الجانب العراقي.
كما أعلن الجنرال ريتشارد مايرز رئيس أركان الجيوش الأميركية "ان مدة الوجود العسكري الأميركي في العراق ما زالت غير معروفة".
والحديث يدور عن أكثر من 130 ألف جندي متمركزين على الأقل في سبع قواعد عسكرية دائمة على أرض العراق.
وقد حاولت أمريكا أن تكثف أعمالها الوحشية ضد المقاومة في العراق لتهدئة الأمور إلى حين تسليم السلطة الشكلية لعملائها في العراق، واستعملت وسائل قتالية متنوعة. لكنها لم تستطتع بكل ما صنعته من بطش وتنكيل بالناس، لم تستطع أن تنال من قوة المقاومة، ولم تستطع كذلك أن توجد لنفسها أمناً، بل إن جنودها يتملكهم الرعب والخوف إذا خرجوا من دباباتهم، وحتى في دباباتهم لا يتوفر لهم أمن ولا أمان، والفلوجة توأم جنين شاهدة على ذلك، وتنطق به رغم كل الهجمات الجوية والبرية التي قامت بها أمريكا ضدها.
ثم ظهرت جرائم أمريكا الوحشية فيما كشفته وسائل التعذيب المستعملة في سجن أبو غريب لدرجة تترفع عنها الحيوانات بفطرتها، لكن أمريكا اقترفتها، فهي حقاً كالأنعام بل هم أضل. وظهرت بذلك حضارة أمريكا الساقطة وقيمها الفاسدة على حقيقتها، وهي التي يزعمون أنها (ستحرر) العراق والمنطقة بكاملها.
لقد كشف عدوان أمريكا على العراق كم هي أمريكا متهاوية حضارياً وفكرياً، بل وعسكرياً كذلك، فإن فتيةً مؤمنةً لم يبلغوا في العَدد والعُدد بالأمر الكثير ومع ذلك مرغوا وجه أمريكا في التراب. وكشفت الأحداث أن الأسلحة الهائلة التي تملكها أمريكا يقوم على استعمالها رجال ضعاف القلوب، لا يقوون على مجابهة أو إقدام، ولولا ترسانتهم الضخمة من الأسلحة لكشف جبن رجالهم كما كشف هوان حضارتهم وقيمهم.
ولذلك فإن تسليمهم الشكلي للسلطة المزمع في نهاية الشهر القادم (حزيران) لن ينقذهم من وحل المستنقع الذي غرقوا فيه. وكذلك لن ينقذهم دهاء سفيرهم نجرو بونتي المعين في العراق بعد 30/6/2004، على الرغم من اختيارهم له من دهاقنة السياسة والإجرام.
إن اختيار جون نجروبونتي سفيرا للولايات المتحدة إلى العراق ليشغل مكان بريمر هو في إطار ذلك المخطط الاميركي لقمع أهل العراق والتخلص من كل بؤر المقاومة والمعارضة لمخططات أميركا الشيطانية، فنجروبونتي هذا الذي جمع الخبرات الكافية في هندوراس، إذ كان سفيرا فيها، في كيفية التعامل مع الخارجين عن الإرادة الأمريكية فقد عرف وتورط وبشكل مباشر في تدريب وتجهيز «الكتيبة 316»، وهي كتيبة الموت في هندوراس التي أقدمت خلال مهمة نغروبونتي في هناك على قتل حوالى مئتي منشق ممن عارضوا استخدام هندوراس ك «حاملة طائرات غير قابلة للغرق» في الحرب التي خاضتها ميليشيات «الكونترا» ضد الساندينيين في نيكاراغوا آنذاك. ولم يتردد نغروبونتي الكذب في شهادته تحت القسم أمام الكونغرس حول معرفته الكاملة بحقيقة ما كان يجري في هندوراس، وفي تورطه في فضيحة «إيران كونترا». كذلك أقر بتحويل المساعدات الاميركية المخصصة إلى هندوراس، إلى الكونترا، وهو مخالف للقوانين الاميركية. وكانت هذه المخالفة تكفي في الحالات الطبيعية إلى إقصائه من أي منصب عالي الرتبة، ولكن رأوا سجل جرائمه يفوق واقع مخالفته، فكان لسجل إجرامه السبق على واقع مخالفته، فأهله هذا ليكون سفيراً في العراق وحاكماً بأمره هناك.
وفي محاولتها لإسكات أي صوت يدين نغروبونتي في هندوراس، عمدت إدارة بوش بعد ترشيحها إياه لمنصب مندوب في الأمم المتحدة إلى إبعاد عدد من قادة «لكتيبة 316» من الولايات المتحدة، وبينهم مؤسسها الجنرال لويس الونسو ديسكوا اليفير، الذي شغل منصب نائب سفير هندوراس في واشنطن، والذي كشف لاحقا حقائق كثيرة حول الدعم الاميركي للكتيبة.
هذا هو سفير الولايات المتحدة المزمع تعيينه في العراق بعد تسليم السلطة الشكلي، ليخلف بريمر في حكم العراق فيكون حاكماً فعلاً للعراق وسفيراً اسماً للولايات المتحدة.
وعلى ضوء واقع الرجل المذكور يمكن تصور الجرائم التي سيقترفها في العراق إن بقي - لا سمح الله - مستقبل العراق كما يخططون له.
ومن المستبعد أن يكون هناك أي تغير في السياسة الاميركية حال فوز كيري في الانتخابات الرئاسية القادمة في تشرين ثاني 2004 نظرأ للحقائق والمعطيات السياسية التي فرضت ولازالت تفرض نفسها على العالم مما سيحد من خيارات الفائز فيما يتعلق بالسياسة الدولية. قال جون هولسمان المحلل في مؤسسة هيريتيدج المحافظة "الفرق بين الاثنين في الحرب على الارهاب اقل كثيرا مما يعتقد معظم الناس. قد يكون هناك فرق في درجة الشدة لا في الجوهر العام". ويقول محللون ودبلوماسيون اجانب "انه على الرغم من الاختلافات في النهج الا ان الحقائق السياسية مثل العنف المتصاعد في العراق، وهجمات المتشددين المستمرة في انحاء العالم، والموارد المحدودة، وتركيبة الكونغرس، والرأي العام في الداخل، هي التي ستفرض سياسات بوش أو كيري".
كما أن ما تقوم به الإدارة الحالية سيفرض بطبيعة الحال على الإدارة القادمة أمورا محددة، وهذا ما أشار إليه ستيفن هيس الخبير في السياسات الرئاسية في معهد بروكينغز، إذ قال "الحكومة والعالم داخل مصعد. لا يمكنك أن تتوقف ببساطة وتقول أعتقد أنني سأخرج هنا".
وقال مسؤول سابق بادارة الرئيس بوش لرويترز: ان كيري قــد يشــن حربا اكثر فاعلية على الارهاب أكثر مما يفعل بوش، لانه من المحتمل أن يتخـذ نهجاً أكثر تعقيداً بالنظر الى تهديدات أوسع نطاقاً، بينما يمـزج بين القوة العسكرية والقوة الناعمة، مثل بناء تحالف والكفاح من أجل الفوز بالقلوب والعقول.
هذا عن الموقف امريكي الذي خطط للعدوان على العراق، وحدد مراحل هذا العدوان لتحقيق أغراض أمريكا في العراق وجعله قاعدةً له ومنطلقاً إلى باقي المنطقة
.







التوقيع

[B] لابد للأمة من ميلاد .... و لابد للميلاد من مخاض .... و لابد للمخاض من آلام [/B]

رد مع اقتباس
قديم 02-05-2009, 01:12 AM رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
شهيد فتح روما باذن الله
إحصائية العضو








آخر مواضيعي


تراب غير متواجد حالياً


افتراضي

تابع الملف العراقي
وحتى تكتمل الصورة فإننا سنذكر الموقف الأوروبي: وبخاصة الفرنسي والروسي والبريطاني:
الموقـف الأوروبي والروسي:
حذر الرئيس الفرنسي جاك شيراك بقوة في اطار مؤتمر صحافي عقد في قصر الاليزيه في 29/04/2004 من نقل شكلي للسيادة الى العراقيين، ومما وصفه تسخير مجلس الأمن الدولي لاستصدار قرار جديد يبقي السلطات بين أيدي التحالف، معتبرا ان مثل هذا الوضع سيكون «كارثيا». وقال شيراك انه «من الملح اليوم اعادة السيادة الى العراقيين. ولكن السؤال هو معرفة كيفية اتمام ذلك»، وقال: «ان قناعتي انه لا مخرج ممكناً من الوضع الحالي في العراق، وللسير نحو اعادة اعمار العراق من غير نقل حقيقي للسيادة تحت الاشراف الفعلي للأمم المتحدة»، واستطرد الرئيس الفرنسي قائلا: «ان ما سيكون بمثابة الكارثة هو حل يكون على شاكلة تسوية قائمة على الابهام بحيث يقال: انظروا، الأمم المتحدة موجودة في العراق، وهي توفر التغطية الدولية، بينما الحقيقة ان الأمور لم تتغير، والتحالف مستمر في الامساك بحقيقة السلطات». وعاد الرئيس الفرنسي الى المقترحات التي تقدم بها الأخضر الابراهيمي الذي كان قد التقاه في باريس. وقال شيراك: «هذه المقترحات ستفضي الى تقديم مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي» وهو ما تعمل عليه الولايات المتحدة. غير انه عقب متسائلا: «هل هذه المقترحات ستفضي الى قرار دولي واضح وقوي بحيث يتم اقراره في مجلس الأمن وبحيث يكون قاعدة لاعادة بناء العراق سياسيا واقتصاديا واجتماعيا؟ انني لست متأكدا من ذلك». وبالمقابل، دعا شيراك الاتحاد الأوروبي لدعم مقترحات الابراهيمي بقوة والى «الكلام بصوت واحد». غير انه بالنظر الى الاختلافات المعروفة بين أعضائه، أعرب عن شكه في ان تحقق أوروبا هذا الهدف. وتعكس تصريحات الرئيس الفرنسي مخاوف باريس من «اضاعة» الفرصة المتمثلة باستحقاق 30 يونيو المقبل ومن رفض واشنطن الاستفادة من هذه المناسبة «لسلوك سياسة أخرى» على حد تعبير مصدر فرنسي. وتعمل باريس مع مدريد وبرلين على بلورة «خط مشترك». وفي هذا الاطار، استقبل شيراك رئيس الوزراء الاسباني خوسيه رودريغيز ثاباتيرو، الذي وصل الى باريس قادما من ألمانيا، حيث تشاور مطولاً حول الوضع العراقي مع المستشار غيرهارد شرودر.
وترغب فرنسا في أن يتبنى مجلس الأمن قراراً يؤكد بوضوح عودة السيادة العراقية، ويضمن قدرة الحكومة العراقية المنبثقة من انتخابات عام 2005 على مطالبة قوات "التحالف" بمغادرة البلد.
وشرح مصدر فرنسي مطلع موقف بلاده من مضمون القرار الجديد لمجلس الأمن، والذي يفترض ان يحدد نهجاً يؤدي الى الانتخابات، موضحاً ان فرنسا تريد تشديد القرار على ان السيادة العراقية ستكون "حقيقية"، وان انتقال السلطة سيكون "صادقاً وكاملاً" نهاية حزيران (يونيو) المقبل.
وقال المصدر: ان فرنسا تريد ان تتحقق من هذه السيادة "بالأفعال على الأرض"، خصوصاً في ما يتعلق بادارة العراقيين مواردهم بأنفسهم. وأضاف ان الأمر الثاني الذي تريده باريس ان تخوّل الحكومة العراقية التي ستشكل بعد أول تموز (يوليو)، حق النظر في نشاطات القوة المتعددة الجنسية، وتصر على عدم الحاق القوى العسكرية العراقية بالقوات الاميركية. وأكد اصرار بلاده على تضمين ذلك في نص قرار مجلس الأمن، مشيراً الى ان هذا يمثل حداً.
ونبه الى ان فرنسا تريد، بعد اجراء انتخابات تنبثق منها حكومة عراقية "سيدة وشرعية"، ان يكون لهذه الحكومة الحق في أي لحظة في ان تطلب من القوات الأجنبية المغادرة أو البقاء، و"المهم ان يكون لديها الخيار للتعبير عن رغبتها بوضوح". وتابع ان فرنسا لا تريد ان يتضمن القرار الجديد أي بند عن "مراجعة" الظروف في تاريخ محدد، اذ ليس لمجلس الأمن ان يقرر تاريخ هذه المراجعة لبت مسألة الانسحاب التي تعود الى العراقيين والحكومة التي ستنبثق من الانتخابات. وزاد: "في حال لم تحصل فرنسا على هذه التأكيدات في اطار القرار الجديد، ستمتنع عن التصويت ولن تستخدم حق النقض" (الفيتو).
وأكد المصدر ان دولاً أوروبية مثل المانيا واسبانيا، تؤيد الموقف الروسي الذي يختلف بعض الشيء، كون موسكو تتصور قرارين: الأول لاقرار تشكيل الحكومة الجديدة، والثاني لتأكيد أهمية استجابة مطالب هذه الحكومة، والتصويت على هذه المطالب في مجلس الأمن، لاعطائها المسؤولية وبعض السيادة. وذكر ان فرنسا تفضل صدور قرار واحد، مع "التزام واضح بعودة السيادة".
من الواضح أن فرنسا وروسيا تسعيان عن طريق استغلال الأوضاع في العراق إلى الحصول على دعم أوروبا لإحداث تغيير في السياسة الدولية الاميركية، وذلك لعلمهما بمخططات أميركا لما بعد العراق، وأن أميركا تريد جعل العالم مزرعة أميركية، ما سيضعهما وباقي دول أوروبا تحت رحمة أميركا ولعقود من الزمان، دون أن تتمكن فرنسا وأوروبا من أن تلعب دورا دوليا، ولا حتى المحافظة على مصالحها في العالم، لذا فإنها ستحاول عرقلة نقل السلطة شكليا إلى العراق بقرار أممي سيضفي الشرعية على بقاء أميركا في العراق ولعقود، وسيسهل عليها جلب القوات من دول أخرى عربية وغيرها للمشاركة في قوات التحالف في العراق، لتتفرغ أميركا لباقي مهماتها العسكرية في العالم، لذا فإنها (دول أوروبا وروسيا) ستحاول أن تتفادى تسخير الأمم المتحدة لمصالح أميركية في العراق.
على الرغم من أن أوروبا أمامها مشوار طويل حتى تستطيع الحديث بصوت واحد، وهذا ما أشار إليه شيراك عندما أعرب عن شكه في ان تحقق أوروبا هذا الهدف، إلا أن فرنسا ستحاول عن طريق أوروبا إفشال المخططات الاميركية في العراق، لمنع أميركا من المضي قدما في مخططاتها لبناء الإمبراطورية الاميركية، ولإتمام مشروع القرن الاميركي حفاظا على مصالحها. إلا أنه لا يفهم من هذا أن فرنسا أو روسيا أو أي دول العالم تريد أن تفشل أميركا فشلا تاما يؤدي إلى إنسحاب أميركا من العراق وتركه محررا من أي نفوذ غربي، بمعنى أن المسلمين في العراق سيستعيدون سلطانهم دون أن تتسلط عليهم حفنة من العملاء للغرب؛ لا فإن هذا يضر بمصالحها أكثر من إكمال أميركا مخططاتها إذ إنّ أخشى ما تخشاه أوروبا الصليبية، كما كل قوى الشر في العالم، أن تترك أميركا العراق دون أن يكون تحت ربقة حفنة من العملاء للغرب، لأن أوروبا القريبة من العالم الإسلامي على عكس أميركا، فقد ذاقت مرارة الحرب مع المسلمين، وتعلم ماذا يعنى تحرُّر المسلمين من ربقة الكافر، خاصة لو كانت بداية تحرر العالم الإسلامي من ربقة الكافر الصليـبي في الشرق الاوسط.

الموقـف البريطـاني:
أما بريطانيا فهي لا زالت على ما درجت عليه منذ أن تقهقرت عن التأثير في الأحداث الدولية والتحكم فيها بمشاريع تخططها وتصممها وحدها، منذئذٍ وهي لا تترك القاطرة الأميركية تسير إلا وكانت ترافقها، حتى ولو في الحافلة من الدرجة الثانية، تسعى للحفاظ على مصالحها في مستعمرات الإمبراطورية الفانية، وتحاول عرقلة المخططات الأميركية إن أتيحت لها الفرصة. ولقد حاولت ذلك في موضوع العراق ولا زالت، وأمام ناظريها أن يكون لها نصيب مع أمريكا، وإن صغر هذا النصيب، وأن تكون في صورة الأحداث باعتبارها مشاركةً للدولة الأولى، حتى وإن كانت هذه المشاركة وفق مخططات أمريكا. ولكنها في الوقت نفسه لم تترك فرصةً يمكنها فيها أن (تشاغب) على أمريكا إلا وفعلتها، كما حدث قبيل حرب العراق عندما ألجأت أمريكا للتوجه إلى مجلس الأمن، لاستصدار قرار من المجلس يجيز العدوان على العراق، وهي تعلم أن مجلس الأمن لن يوافق، لمعرفتها بالدول الفاعلة فيه، وبالتالي تشن أمريكا العدوان دون قرار وتظهر خارجةً على القانون الدولي، حتى وإن كانت امريكا لا تعبأ بذلك، لكن بريطانيا تكتفي به. وهكذا فإن بريطانيا تساير أمريكا من جاتب وتلتقي مع أوروبا في مضايقة أمريكا وإفشال مخططاتها من جانب آخر، ولكن على طريقتها الخاصة، أي دون المجابهة العلنية. فهي تساير أمريكا دون أن تنسـلخ من أوروبا بل تسـير وفق سـياسـة: (رِجْل في أمريكا وأخرى في أوروبا).
هذه هي أبـرز مواقـف الدول (الكبرى) الأخرى بشأن مسألة العراق، وواضح منها أنها لا تبلغ من القوة درجة صرف أمريكا عن مخططاتها أو إفشالها.
إن سياسة الرئيس الأميركي بوش تجاه العراق في الوقت الحاضر تندرج في إطار الخطة الأميركية بعيدة المدى، التي وضعها المخططون الاستراتيجيون للسياسة الأميركية من أجل السيطرة على الخليج، والتي بدأ بتنفيذها عملياً الرئيس الأميركي الأسبق نيكسون في العام 1970م، وذلك بعد أن قررت حكومة رئيس الوزراء البريطاني هارولد ولسن في أول كانون ثاني عام 1968م الانسحاب من مستعمراتها شرق السويس - بما فيه الخليج - مع نهاية العام 1971م. وقد قام نيكسون، وجميع الرؤساء الأميركيين الذين أتوا من بعده، بتنفيذ ما تساعده الظروف على تنفيذه وضمن هذا المخطط الذي يستغرق إنجازه عقوداً عدة.
وقد أوجـدت أحداث 11/9/2001م ظرفاً مناسباً لبوش الابن للقـيـام بما قـام به من احتـلال العـراق. وإلى جانب السـيطرة على نفطه بعـد السـيـطـرة على نفـط معـظـم دول الخـليج، فإن أمريكا لا تريد أن يعـود العراق دولةً قويةً متمساكة الأجزاء، بل تريده من أجزاء ضعيفة الترابط معاً ليسهل لها السيطرة عليه. وفي الوقت نفسه لتفي بما وعدت به الأكـراد وهـم في المعـارضـة أيام حكم صـدام، بأن يكـون لهم وضع قوي في كردستان العراق أشبه بالكيان.
فأميركا منذ الحرب العالمية الأولى وهي تسعى لإيجاد كيان للأكراد، فقد نادى الرئيس الأميركي ويلسون، بعد نشوء قضية الأكراد إثر تسويات الحرب العالمية الأولى، وتقطيع الدولة العثمانية، نادى في مؤتمر فرساي بمنح الأكراد حق تقرير المصير، لكن بريطانيا، وقد كانت الدولة الأولى آنذاك، تجاهلت رغبة أميركا هذه، وقسمت مناطق الأكراد بين تركيا وإيران والعراق وسوريا، إرضاءً لعميلها مصطفى كمال في ذلك الوقت.
وكانت أميركا دائماً تدعم الحركات الكردية الانفصالية في شمال العراق بالرغم من ولائها لبريطانيا. فأميركا ترى عدم وجود دولة واحدة قوية في العراق. وقد اتخذت هذا الأمر استراتيجيةً لها منذ أن خرجت من عزلتها، وعندما وصل عبد الكريم قاسم إلى السلطة بدعم منها عرضت عليه أن يكون العراق دولة اتحادية مؤلفة من ثلاثة أقسام. وبعد حرب الخليج الثانية اغتنمت أميركا فرصة حصار العراق فكرَّست وجود المناطق الآمنة (مناطق الحظر الجوي) لتفكيك العراق، وتوطئةً لإيجاد دولة كردية. لذلك قامت أميركا بمصالحة الجماعات الكردية المتناحرة، وسعت لإيجاد بنية سلطوية كردية لها، وخاصة المصالحة بين الحزبيين الكرديين الرئيسين: الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الطالباني والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة البرزاني، وحاولت أميركا أن تقنع تركيا بالفكرة وأرسلت وفوداً من الكونغرس لهذا الغرض، ثم رعت عملية الانتخابات في المناطق الكردية لتأسيس أجهزة دولة فيها وعلى رأسها البرلمان.
قال غراهام فاولر، وهو نائب رئيس مجلس الاستخبارات الأميركي السابق لشؤون العراق، في آب 1996م: "إن العراق يجب أن ينقسم إلى ثلاثة أقسام ... وأميركا مصممة على خطتها لإقامة دولة كردية". وأما ريتشارد هولبروك مساعد وزير الخارجية السابق الذي أرسلته حكومته إلى تركيا لإقناعها بالفكرة الأميركية قال لديميريل الرئيس التركي في 5/9/1995م: "الحل الأفضل للعراق هو الحل الفدرالي" ورد عليه ديميريل: "الفدرالية تعني التقسيم وهي تطال تركيا".
وأما بريطانيا فإنها تعارض فكرة التقسيم بقوة. فقد صرح دوغلاس هوغ وزير الدولة للشؤون الخارجية البريطاني: "سياستنا الواضحة تجاه العراق تقوم على عدم تأييد أو تشجيع أية محاولة ترمي إلى قيام دولة كردية مستقلة داخل دولة العراق بحدوده الدولية، وإننا نؤمن بضرورة بقاء العراق دولة موحدة، ونعارض بكل إمكانياتنا تقسيمه، ونحن نؤمن بأن حل مشكلة الأكراد في العراق ممكن بإقامة منطقة لهم تتمتع بالحكم الذاتي، ونحن متفقون مع الأتراك في هذا الموضوع، وإذا كنا على خلاف مع حكومة صدام فإن ذلك لا يعني أننا نرغب في تقسيم العراق".
وأما تركيا ودول الجوار فإن مصالحها تجعلها تقف مع السياسة البريطانية التي ترمي إلى منع تقسيم العراق، فقد قال أمين وزارة الخارجية التركية: "إنه من الخطأ تعريف شمال العراق على أنه منطقة كردية ... ففيه مليونان وثلاثمائة ألف من التركمان".
تحاول أميركا من خلال بريمر ومجلس الحكم التابع لها في العراق مراعاة خصوصية وضع الأكراد توطئة لتمزيقه إلى كيانات هزيلة، تحت مسمى الاتحاد أو الفدرالية. وكانت أمريكا قد وعدت الأكراد (وهم في المعارضة خارج العراق في عهد صدام) وعدتهم بفدرالية موسعة على أساس قومي تشمل كركوك وتكون نواة دولة مستقلة. وبناءً عليه، فلما قضي على صدام حاول الأكراد اتخاذ إجراءات عملية لتنفيذ هذا الوعد وضم كركوك إلى منطقة الحكم الذاتي التي كانت في عهد صدام، إلا أن أمريكا بعد احتلال العراق وجدت معارضةً من عملائها الآخرين في العراق بشأن كركوك. لذلك اكتفت بتقوية منطقة الحكم الذاتي السابقة بصلاحيات مؤثرة تعطى لها، والتنصيص على ذلك في الدستور الذي وضعه مجلس الحكم وفق رغبات أمريكا. وهكذا كان، فقد نصَّت المادة الثالثة والخمسون من الدستور العراقي الذي وضعه بريمر ووافق عليه مجلس الحكم العميل في الفقرة (أ): " يُعترف بحكومة كردستان بصفتها الحكومة الرسمية للأراضي التي كانت تدار من قبل الحكومة المذكورة في 19 آذار 2003م"، ومصطلح "حكومة كردستان" الوارد في هذا القانون يعني المجلس الوطني الكردستاني، ومجلس وزراء كردستان والسلطة القضائية الإقليمية في إقليم كردستان، أي أنها دولة داخل دولة. ونصَّت المادة الرابعة والخمسون فقرة (ب): "فيما يتعلق بتطبيق القوانين الاتحادية في إقليم كردستان، يسمح للمجلس الوطني الكردستاني بتعديل تنفيذ أي من تلك القوانين داخل منطقة كردستان" وإن لم يكن هذا هو الانفصال فماذا عساه أن يكون؟!.
هذا هو الدستور - الجريمة - الذي كُتب تحت حراب الاحتلال، والذي إن لم يتدارك أبناء العراق المخلصون أمره قبل فوات الأوان ويسقطوه كما أسقطوا من قبل قوانين (الباسق) التي سنَّها التتار، عندما اجتاحوا بغداد، وأحرقوا الأخضر واليابس فيها، ورموا بملايين المخطوطات من كنوز الثقافة الإسلامية في نهر دجلة، إن لم يسارعوا لإسقاطه ربما تمزق العراق إلى دويلات هزيلة متناحرة، وأصبح مرتعاً للفساد، وسوقاً لترويج كل فكر منحرف، وكل حكم منكر وشاذ من أفكار الكفر وأحكامه.
إنَّ المسلمين في العراق لن ييأسوا، ولن يستسلموا، فهم جزء من أمةٍ عريقة، أمة إسلامية، سادت الدنيا قروناً عدة. وإن الاحتلال الأميركي والبريطاني إلى زوال، طال الزمان أم قصر، فالأمة الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها، تتحفز للانعتاق من نير الاستعمار الأميركي الجديد، وقوانينه الجائرة الكافرة، وسلطانه الإجرامي، فبهذه القوانين وهذا السلطان تم تكريس فُرقة الأمة، وتمت استباحة بيضتها، وهتك شرفها، فظهرت لا إنسانيته بوحشية سافرة في ذبح المسلمين في الفلوجة وكربلاء، وفي بعقوبة وبغداد والنجف، وظهر نتن حضارة هذا المستعمر الغاشم من خلال معاملته القذرة للأسرى العراقيين في سجن أبو غريب، تلك المعاملة التي تقشعر لها الأبدان، وتنخلع لها القلوب، وتخجل الألسن عن وصفها، ظهر نتن هذه الحضارة المتوحشة، في حين تجعجع وسائل الإعلام الأميركية وتملأ الأجواء بالحديث عن الديمقراطية والحرية الموعودة!.
لقد ابتلي العراق منذ سـقـوط الدولة الإسلامية العثمانية بحكام فاسدين مفسدين من أبنائه العاقّين، حكام عملاء نصَّبهم الكافر المستعمر على رقاب العـراقـيين، فمنذ أن وطئت أقدام البريطانيين النجسة أرضَ العراق أيام الحرب العالمية الأولى والمسلمون في العراق يئنون ويرزحون تحت وطأة هؤلاء العبيد الأشرار الخونة من حكام عملاء للإنجليز، وعملاء لأمريكا، زجّوا بالعراق في أتون مصالح بريطانيا ومصالح أمريكا في المنطقة، ونشروا الرعب في جميع أنحاء العراق نتيجة للصراع المحموم بين مجموعاتهم القومية والشيوعية والناصرية والبعثية على السلطة، وكان نتيجة هذا الصراع المرير على السلطة تدمير الدولة وإحالتها إلى خراب بعد أن عاثوا فيها فساداً، وسفكوا فيها الكثير من الدماء، ثم أعادوا العراق بعد هذه المسيرة الدموية الطويلة إلى الاستعمار المباشر من جديد. فحصيلة ثمانين عاماً من حكم هؤلاء العملاء هو ببساطة: خراب ودمار وقتل وتعذيب وفتن ثم عودة ثانية للاستعمار المباشر.
هذه هي الحصيلة وهذا هو الحصاد. إن هذه التجربة المرة المريرة من تاريخ العراق يجب استيعابها جيداً من قبل الأمة، وإدراك خطورتها، فلا يجوز أن نمر عليها مرَّ الكرام، فالعبرة المستفادة منها يجب أن تتمثل في إيجاد القناعة التامة والمطلقة بفشل التيارات القومية والبعثية والشيوعية والعروبية والناصرية فشلاً قطعياً، وعدم الركون إلى مثل هذه الحركات والأحزاب التي حملت مثل هذه الأفكار، بل يجب الاقتناع بأن العمالة عند هذه الحركات ليست عمالة سياسية وحسب، بل هي عمالة فكرية أيضا. وإذا ما وجدت هذه القناعة عند الأمة، فعندها لا سبيل أمامها للنهوض إلا بالعودة إلى الإسلام ذلك النبع الصافي، ولا سبيل للرجوع إلى الإسلام بالشكل الصحيح إلا بالمعنى السياسي الذي لا يحتمل إلا إقامة الدولة الإسلامية، دولة الخـلافة، هذه الدولة فقط بمقدورها أن تخلص المسلمين في العراق وفي سائر البلاد الإسلامية من الكفار المستعمرين والعملاء والظالمين والمنافقين.

انتهى

تراب







التوقيع

[B] لابد للأمة من ميلاد .... و لابد للميلاد من مخاض .... و لابد للمخاض من آلام [/B]

رد مع اقتباس
قديم 02-05-2009, 01:36 AM رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
الله ربي ومحمد رسول الله
إحصائية العضو







آخر مواضيعي


طالب عفو ربي غير متواجد حالياً


افتراضي

موضوع جميل ورائع اخي تراب ونرجو المزيد
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .







رد مع اقتباس
قديم 05-05-2009, 11:56 PM رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
إحصائية العضو








آخر مواضيعي


أسد الإسلام غير متواجد حالياً


افتراضي


ياأمة تتداعى عليها الامم متى النخوة قبل الندم؟؟متى
شكرا وعاش ذراعك زلانتظار القادم







التوقيع

لنتذكر قول الحبيب
(كلكم على ثغرمن ثغور الاسلام فليحذر احدكم ان يؤتى الاسلام من قِبلَه)

ويا امة تداعت عليها الامم متى النخوة قبل الندم

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الملف الإيرانى المساوى الأخبار العالمية والعربية 131 26-11-2014 10:23 PM
موسى لا سلام الا بالانسحاب الاسرائيلي من الاراضي العربية المحتلة بنت بلادى الأخبار العالمية والعربية 1 03-08-2010 06:06 PM
من الألف إلى الياء أمانى الحب رحيق الحوار العام 1 25-05-2010 07:21 PM
صور أكثر من رائعة لمدينة حيفا الفلسطينية المحتلة آيات المسابقات والعجائب والغرائب والطرائف 6 26-08-2009 10:28 PM
أولاد الشوارع في بلاد المسلمين الأخت أم أبي بكر- السودان ج1 تراب رحيق الحوار العام 2 07-02-2009 11:07 PM


Loading...

الاتصال بنا - منتديات شو ون شو - الأرشيف - الأعلى

Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
3y vBSmart
لا يسمح بوضع موضوعات تخالف منهج أهل السنة والجماعة