رجالات الحكومة في وثائق "ويكي ليكس"

لم تمضي على الحملة الدعائية لموقع "ويكي ليكس" سوى بضعة أيام، على نشره ألوف الوثائق السرية عن الحرب على "العراق" فقد جاء تسليط الضوء على الحرب التي شنّها الأمريكيون على "العراق" بواقع (400.000) وثيقة مفصّلة، في وقت يحتدم الصراع في "بغداد" على سُـدّة الحكم...
فقد صرح أصحاب موقع "ويكي ليكس" أن غايتهم الأساس هي كشف حقائق الحرب على العراق وإحتلاله وتصرفات القادة الأمريكيين والعراقيين، العسكريون منهم والسياسيون والمدنيون وأفراد شركات الحماية الخاصة، وتستّرهم على العديد من تصرفات ضباطهم وجنودهم وموظّفيهم، والتضليل الإعلامي الذي سبق تلك الحرب وخلالها وما بعد الإحتلال، و((طمطمة)) أعداد آلاف الضحايا من العراقيين –ومعظمهم مدنيّون أبرياء وغير مسلّحين- ودور "إيران" في تلكم الحرب وما رافقتها من أحداث مروّعة، وضلوع السيد "نوري المالكي" وقيادته لمجاميع تابعة لشخصه طيلة الأعوام المنصرمات من تبوّئه رئاسة الوزراء، وعدم فتح الأمريكيين تحقيقاً بعد علمهم لعمليات التعذيب والمهانة والإذلال في السجون والمعتقلات التابعة لهم أو تلك التي سلّموها للسلطات العراقية على الرغم من كونهم ذوي سطوة عليها...بالرغم من ان الإدارة الأمريكية الحالية إكتفت بعبارات الإدانة والإستنكار والتنديد حيال النشر معتبرة ذلك خطراً مُضافاً على حياة أفرادها العاملين في "العراق" وعلى مصير مئات القادة السياسيين والعسكريين العراقيين ممّن أُدرِجَتْ أسماؤهم ضمن المتعاونين مع السلطات الأمريكية... أمثال نوري المالكي ومقتدى اللوطي وعبد العزيز الحكيم وولده عمار وهادي العامري وجلال الدين
الصغير وحيدر العبادي وحسن السنيد وعلي الأديب وكمال الساعدي وحازم الاعرجي وقصي السهيل وبهاء الاعرجي وعباس البياتي وهمام حمودي والشيخ خالد العطية وجمعة العطواني وعادل عبد المهدي وكرار الخفاجي وسلام المالكي واحمد المسعودي وصالح العقيلي رئيس الكتلة الصدرية في البرلمان الذي قتل بأنفجار عبوة بعملية تصفية حسابات فيما بين الكتل السياسية بينما أسرع ذوو السلطات من وردت أسمائهم في الوثائق إلى نبذ ما أوردته الوثائق من ((مزاعم)) بحقّهم، وإعتبروها هؤلاء المرتزقة والعملاء من القائمين على حكم العراق والمنتهية ولايتهم، أن الغرض من نشر تلكم الوثائق وراءه ((أجندة سياسية!!)) والغاية الرئيسة هي تقويض الديمقراطية الناشئة والمترعرعة في "العراق الجديد" وتفويت الفرصة المُتاحة أمام السيد "المالكي" لولاية ثانية!!!.

وإذا ما أخذنا تحت البَصَر ((بعضاً)) من الفقرات المهمّة للوثائق التي نشرها الموقع ، نراها أنها لا تعدو سوى جزءاً ضئيلاً للغاية ممّا عاناه العراقيون منذ الإحتلال ولغاية كتابة هذه السطور على أيدي المحتلّين من جهة والحكومات التي تعاقبت على "بغداد" منذ (تموز2003) وحتى يومنا هذا، والتي أودت ببلاد الرافدين من سيٍّ إلى أسوأ ليمسي الوطن من دون حكومة شرعية حسب الدستور لما قارب من (8) أشهر، وما زال الحبل على الغارب...
إن نشر الوثائق ليس أمام أنظار الأمريكيين والعراقيين فحسب، بل إتاحتها لكل من يمتلك في بلده شبكة إنترنت في أرجاء اليابسة والمياه والأجواء
فالعالم بات قرية صغيرة في تبادل المعلومات وسط "ثورة الإتصالات"،

ف"العراق" لازال بفضل المتصارعين على سدة الحكم والكرسي اليوم محروماً من الأمن والأمان منذ الإحتلال ولغاية يومنا هذا ولحد هذه اللحظة

فهذه الوثائق وبهذه الأعداد الهائلة والمشتملة على حقائق الغير خافية على العديد من العراقيين المُكتَوين بنار الإحتلال والعنف وإنتشار البطالة والرشوة والمحسوبيات والفساد المالي والإداري وسرقات أموال الدولة وجولات الميليشيات وصولات العصابات ومحدودية الأمان وشبه إنعدام للخدمات وسطوة القانون، فهي لا ترقى إلاّ إلى النزر اليسير مما عايشه العراقيون من حقائق منظورة عن ساستهم وممن يسمّون أنفسهم بـ((القياديين))، وما يُقتَرَف بحق أبنائهم في السجون والمحاجر... وما نُشر من هذه الوثائق سوى نزر يسير وتعزيز وثائقي لتلك الوقائع المؤلمة.
فبالرغم من تزايد عمليات الشغب والانفلات الأمني من العراقيين الذي أنفجر بالساعات الأولى أزاء ما أوردته الوثائق، فإن غضبهم سيتضاعف بقادم الأيام تجاه الإحتلال وأولئك الذين جَلَبَهم وراءه من شخوص ونَصَّبَهم على كَراسٍ وأناط إليهم مسؤوليات لم يكونوا أهلاً لها، أضافة الى تضاءَل مشاعرهم حيال ما تبقّى من مصداقية بعض المسؤولين العراقيين القابعين تحت سطوة الكلاب البوليسية... وسيزيد طبعاً في الأيام القادمة غضب العراقيين على الجارة "إيران" لثبوت تدخّلها السافر في شؤون العراق وتمويلها وتسليحها لميليشيات جيش المهدي والسنة الغاية إستغلال أرض الوطن مسرحاً لصراع مسلّح بين الفرق المسلمة العراقية
والطامة الكبرى مع كل ماجرى وكشف من وثائق وجرائم بحق هذا الشعب المظلوم والمسلوب الحق والإرادة لم يتوقف الصراع السياسي والإعلامي القائم على أوجّه بين زعماء التحالفات والشخوص المتصارعة فيما بينها على تشكيل الحكومة العراقية المقبلة...

فجل ماكشفت الوثائق تتهم بالأساس ضلوع المالكي شخصه وحكومته وأتباعه وأعضاء حزبه وإئتلاف "دولة القانون" الذي يتزعّمه... وحكومته بعمليات التصفيات الجسدية لهذا الشعب المغلوب على امره
وما دام كل شيء قد إنكشف وإنفضح ولم يَبْـقَ وجه إستحياء أو خجل لهؤلاء السياسيين المجندين لزرع التفرقة بين أطياف هذا الشعب ، فسوف يستخدمون ما مُتاح تحت أيديهم من سلطات للدفاع عن مكتسباتهم التي لا يرغبون بطبيعة الحال في أن يفقدوها أو تضيع منهم مستحقاتها....
ونرجع ونقول أن المسبب الرئيسي لوصول هذه الأحداث الى ما نحن عليه اليوم هو بالدرجة الأولى الأب الروحي للإحتلال
والمشرعن له زعيم المرجعية الدينية في النجف الأشرف بسبب سكوته وقبوله ورضاه أفعال الأمريكان وحكامهم ولا ذنب للعراقيين بهذا لأنه هو من حرم قتال الأمريكان بفتواه المشهورة ووصاياه المتكررة لسحب السلاح الشخصي من العراقيين