كان أهل مَدْ يَن عَربا ًيسكنون أرض مَعَان ، من أطراف الشام ، وكانوا يكفرون بالله ويشركون به ، إذ عبدوا الأيكة (غيضة تنبت الشجر) من دونه وصارو يبخسون الناس أشياءهم ، وإذا إكتالوا على الناس يستوفون ، وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون ، وكانو يقطعون الطريق ، ويهجمون على قوافل التجارة ،ويأخذون ما فيها من سِلع وأموال .
بعث الله سبحانه وتعالى فيهم شعيبا رسُولا ً، وأيده بالبَيِّنات ؛فدعاهم إلى عبادة الله وحده ، وأمرهم بالعدْ ل ، وحذرهم من الظلم ، وذكَّرهم نعمة الله عليهم إذ كثرهم بعد قِلة ، وأغناهم بعد فقر ،ثمَّ خوَّفهم نِقمَة الله وعذابه إن لم يتبعوا ما أرشدَهُم ، آمن لشعيب نفر قليل من قومه ، ولكن أكثرهم لم يؤمنوا ، فاستهزأوا بقوله ، وسخروا منه ، وقالوا : ياشعيب ُ، أصَلا ُتك َتأمرك أن نعبد غير ما كان يعبُدَ آباؤنا الأقدمون ،وتنها ك أن نعامل الناس كما نحب ، فندع ما تعوَّد نا عليه ، ونشأ نا فيه ، وكثرَت أموالُنا من طريقه !
ولكن شعيبا ًلم َتبدُ منه جّفوة أو قسوة ، بل تلطف فى جِدالهم ، وأثار إستمالتهم باللين ، وإجتذابهم بالرفق ،وذكرهم بما بينه وبينهم من صلة ، ولمَّا أنِسَ منهم ميلا إلى مخالفته ، أوسماع قوله ؛ خوّفهم بأس الله عليهم ، ولما يئس من هدايتهم إلى الحق ، وتبين إصرارهم على الكفر ، إستنصر ربَّه عليهم ، ودعاه أن يجزيهم بكفرهم ، وتضرَّع إليه أن يُعجل لهم العذاب ، إستجاب الله دُعاءه ، وإبتلاهم بحرّ شديد ؛ فكان لايروى ظمأهم ماء ، ولا تمنعهم الظلال من شدة الحر؛ ففروا هاربين ، وخرجوا من ديارهم مسرعين ؛ فوجدوا سحابة ظنوها لهم من وهج الشمس واقية ؛ فاجتمعوا تحتها ليستظلوا بظلها ؛ حتى إذا تكامل عددهم ، وتألف جمعهم ، رمتهم بشرَََر وشُهُب ،وجاءتهم صيْحَة ٌمن السماء ، وأحسُّوا بالأرض تتزلزل من تحت أقدامهم ، ففزعوا لهول ما رأوا ، ولم يكادوا يحسُّون ما حل بهم حتى أزهقت أرواحهم ، وهلكت نفوسهم (فكذبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم ، إن فى ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين) "الشعراء 189-190 "
رأى شعيب عليه السلام ماحل بقومه ، فأعرض عنهم ، يثقله الحزن على ما أصابهم ، ولكنه ذكر كفرهم ، وتسفيههم لرأيه، فخفف ذلك من حزنه ، وتولى عنهم : (وقال ياقوم لقد أبلغتكم ِرسالات رَبى ونصَحْت لكم فكيف آسى على قوم كافرين )!
12-09-2010, 01:30 PM
شعيب عليه السلام
المواضيع المتشابهه
العرض العادي
