منتديات شو ون شو  

العودة   منتديات شو ون شو > مــنــــتـــدى الــعــــلـــوم الإســــــلامـــــيـــــــــة > القرآن الكريم وعلومه وتلاواته وإعجازه وقضاياه
التسجيل مشاركات اليوم البحث

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 10-01-2011, 05:24 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
إحصائية العضو








آخر مواضيعي


النهر الأزرق غير متواجد حالياً


افتراضي مأدبة الله

مأدبة الله
لقد فتح القرآن للعقول أبوابا من العلوم ، وسلك بها سُبُلا من المعارف لم يكن لها عهد بها من قبل ، فكانت نورا وهدى للناس فى سائر العصور ، وكان القرآن ـ كما ورد ـ مأدبة الله لخلقه ، فكانت نورا وهدى للناس فى سائر العصور ، يطعم من يشاء بما يشاء ، ويفيد منها كل إنسان بقدر استطاعته وتهيؤ فطرته لقبول فيضه. وقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه التابعين : حث المسلمين فى كل العصور ، على أن يتخذوا إمامهم القرآن ، يهتدون بهديه ، ويخضعون لحكمه ، ويجتهدون فى تعلمه وتفهم أسراره ، وتدبر معانيه ، كما يرشد إليه قوله تعالى : ( كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدًّبَّروا آياته وليتذكر أولو الألباب ) ، وقوله تعالى ( ألا يتدبرون القرآن أم على قلوبهم أقفالها ) وما رواه أبو هريرة مرفوعا : " أعربوا القرآن والتمسوا غرائبه " ، وإعرابه : معرفة ألفاظه ، لا الإعراب المصطلح عليه عند النُّحاة المقابل للحن ، لأن القراءة مع فقده ليست قراءة ولا ثواب لها ، والتماس غرائبه : طلب معرفة هذه المعانى من مصدرها ، وهى الرواية واللغة الفصحى .
وفى القرطبى عن ابن عمر رضى الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من قرأ القرآن فلم يُعْربه وُكل به ملك يكتب له كما أنزل بكل حرف عشر حسنات ، فإن أعرب بعضه وُكِّل به ملكان يكتبان له بكل حرف عشرين حسنة ، فإن أعربه وُكل به أربعة ملائكة يكتبون له بكل حرف سبعون حسنة ) ، وعن إياس بن معاوية : مثل الذين يقرءون الفرآن وهم لايعلمون تفسيره ، كمثل قوم جاءهم كتاب من مليكهم ليلا وليس عندهم مصباح ، فتداخلتهم روعة ولا يدرون ما فلى الكتاب ، ومثل الذى يعرف التفسير كمثل رجل جاءهم بمصباح فقرأوا في الكتاب .
فقارئ القرآن وسامعه ينبغى له أن يعرف تفسير ما يحتاج إلى التفسير من آياته ، إذ كانت هى الصراط المستقيم ، وهى النور والهدى ، وهى الحجة والبرهان ، وهى أصل كل علم ومنبع كل خير ، وأن يلتمس حقائق مفرداته ومعانيها المستعملة فيها ، التى يتوقف على معرفتها فهم آياته ، بل الفهم فى كل علم ، إذ أن ألفاظ القرآن كما قال الراغب : " لُبُّ كلام العرب وزبدته ، وواسطته وكرائمه ، وعليها اعتماد الفقهاء ، فى أحكامهم ، والحكماء فى حِكَمهم ، وإليها يفزع حُذَّاق الشعراء والبلغاء فى نظمهم ونثرهم وكلها فى الفصاحة بالمحل الأرفع ، واها الصدارة التى لاتُدفع ، ومنها ألفاظ لايقف على معانيها إلا الراسخون فى اللغة ، المتمرسون بأساليب العرب ولهجاتهم ؛ مثل : حنانا وأبَّا والبَحيرة والسَّائبة والوصيلة والحامى وغِسْلين وسِجِّين وكنود وفاكهين ونحو ذلك ، وتسمى غرائب القرآن .
مسائل ينبغى معرفتها
الأولى ـ فى المكى والمدنى : أشهر الأقوال فى تعريف المكى والمدنى : أن المكى مانزل قبل الهجرة فى مكة أو ضواحيها ، كمِنى وعرفات والحديبية ، ومنه ما نزل فى طريق المدينة قبل أن يبلغها النبى صلى الله عليه وسلم .
والمدنى ما نزل بعد الهجرة فى المدينة أوفى ضواحيها كبدر وأحُد وسَلْع ، ومنه ما نزل بمكة عام الفتح ، أو حجة الوداع ، وما نزل فى سفر من أسفار بعد الهجرة . والمرجح فى معرفة المكى والمدنى إلى حفظ الصحابة والتابعين ، ومعرفة تاريخ الناسخ والمنسوخ .
الثانية ـ فى معنى السورة : السورة طائفة من القرآن ، لهل إبتداء وانتهاء ، وترجمة باسم خاص بها أو بعدة أسماء ، عُرف المشهور منها بالتوقيف من النبى صلى الله عليه وسلم ، مأخوذة من سُور المدينة ؛ لاحتوائها على فنون من العلوم ، احتواء سور المدينة ما فيها ، أولارتفاع رتبتها كارتفاعه ، أو من السورة ، وهى المنزلة الرفيعة ، أو من التسوُّر، وهو العلو والإرتفاع ، لارتفاعها بكونها من كلامه تعالى . وأجمعوا على أن عدد سور القرآن مائة وأربع وعشرة سورة ، ومنهم مَن عدَّها مائة وثلاث عشرة سورة جعل الأنفال والتوبة سورة واحدة .
والحكمة فى تسوير الٌقرآن سوَرا أن يكون أنشط للقارئ ، وأبعث على التحصيل ، وأن الجنس إذا انطوت تحته أنواع كان أحسن من أن يكون بابا واحدا ، وفى التسوير إشارة إلى أن كلَّ سورة نمط مستقل .
الثالثة ـ فى تريتيب الآيات والسور وتسميتها : ترتيب الآيات فى السور بتقيف منه صلى الله عليه وسلم ، وبأمره إجماعا وترتيب السور توقيفى عند الجمهور ، فترتيب السور ووضع الآيات مواضعها إنما كان بالوحى ، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ضعوا آية كذا فى موضع كذا ، وقد حصل اليقين من النقل بالتواتر بهذا الترتيب من تلاوة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومما أجمع الصحابة على وضعه هكذا فى المصحف .
الرابعة ـ فى المحكم والمتشابه فى القرآن : من آيات القرآن محكمات هن أم الكتاب وأصله ، وأخرُ متشابهات والمحكم : ما عُرف المعنى المراد منه والمتشابه : ما اثتأثر الله تعالى بعلمه ، كقيام الساعة والحروف المقطعة فى فواتح السور ، وقيل المحكم ما لايحتمل التأويل بحسب وضع اللغة إلا وجها واحدا ، والمتشابه : مااحتمل أوجها عديدة واحتاج إلى النظر لحمله على الوجه المطابق ، ومن المتشابه ( الرحمن على العرش استوى .. كل شئ هالك إلا وجهه .. ولتضع على عينى .. يد الله فوق أيديهم .. والسماوات مطويات بيمينه ) ومذهب اهل السنة أنه يجب الإيمان بها وتفويض معناها إلى الله تعالى ، وترك تأويلها مع تنزيهه تعالى عن حقيقتها باستحالة مشابهته للحوادث ، قال تعالى : ( ليس كمثله شئ وهو السميع البصير )
عن أم سلمة ـ رضى الله عنها ـ فى تفسير قوله تعالى : ( الرحمن على العرش استوى ) : الكيف غيرمعقول ، والإستدراك غير مجهول ، والإقرار به من الإيمان ، والجحود به كفر . واتفق العلماء كلهم على الإيمان بالصفات من غير تفسير ولا تشبيه وعن الحروف المقطعة أنها من الأسرار التى لايعلمها إلا الله تعالى وعن ابى بكر الصديق : فى كل كتاب سر ، وسرُّه فى القرآن أوائل السور .






رد مع اقتباس
قديم 10-01-2011, 10:22 PM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
إحصائية العضو








آخر مواضيعي


اسماعيل ابراهيم محمد غير متواجد حالياً


fgdgd إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ مَأْدُبَةُ اللَّهِ

الحمد لله الذي نزل القرآن على عبده ليكون للعالمين نذيرا والصلاة والسلام على من أيده الله عز وجل بالقرآن مبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه الذين اتخذوا القرآن منهجا ودليلا .
ما أَحْوَجَنَا اليوم إلى الرجوع إلى القرآن الكريم ، لا لِنتلوه ، ولا لِنَحْكم به ، ولا لِنستمع إليه ، ولا لِنتدبره ، ولا لِنَحفظه ، ولا لِنُبَيِّن وجوه إعجازه ولا لِنَدْرِسَه ونقف على بَعْض أسراره ، وإنَّمَا لِجَمِيع ذلك وغَيْرها مِنْ أسرار القرآن وعجائبه التي لا تنقضي ..
ففي الحديث الذي يعدِّد بَعْض أنواره وأسراره { فِيهِ نَبَأُ مَا قَبْلَكُمْ وَخَبَرُ مَا بَعْدَكُمْ وَحُكْمُ مَا بَيْنَكُمْ ، لَيْسَ بِالْهَزْلِ ، مَنْ تَرَكَهُ مِنْ جَبَّارٍ قَصَمَهُ اللَّهُ وَمَنِ ابْتَغَى الْهُدَى فِي غَيْرِهِ أَضَلَّهُ اللَّهُ ، وَهُوَ حَبْلُ اللَّهِ الْمَتِينُ وَنُورُهُ الْمُبِينُ وَالذِّكْرُ الْحَكِيمُ ، وَهُوَ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ ، وَهُوَ الَّذِي لاَ تَزِيغُ بِهِ الأَهْوَاءُ ، وَلاَ تَلْتَبِسُ بِهِ الأَلْسِنَةُ ، وَلاَ تَتَشَعَّبُ مَعَهُ الآرَاءُ ، وَلاَ يَشْبَعُ مِنْهُ الْعُلَمَاءُ ، وَلاَ يَمَلُّهُ الأَتْقِيَاءُ ، وَلاَ يَخْلَقُ بِكَثْرَةِ الرَّدِّ ، وَلاَ تَنْقَضِي عَجَائِبُه }] يُرَاجَع : سُنَن الدارمي 2/526 ومشكاة المصابيح 1/661[.
لقدْ وقف المسلِمون الأُول مِنْ سلف هذه الأُمَّة على دُرَر القرآن الكريم ورسالته ، فطبعوا طبائعهم وسلوكهم بمنهجه ، وتعلَّموا مِنْ مأدبته ، وتأدَّبوا بأدبه ؛ ففي الحديث { إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ مَأْدُبَةُ اللَّهِ ؛ فَتَعَلَّمُوا مِنْ مَأْدُبَتِهِ مَا اسْتَطَعْتُمْ .. إِنَّ هَذَا حَبْلُ اللَّهِ ، وَهُوَ النُّورُ الْمُبِينُ وَالشِّفَاءُ النَّافِعُ ، عُصِمَ مَنْ تَمَسَّكَ بِهِ ، وَنَجَا مَنِ اتَّبَعَهُ ، لاَ يَعْوَجُّ فَيُقَوَّمُ ، وَلاَ يَزِيغُ فَيُسْتَعْتَبُ ،وَلاَ تَنْقَضِي عَجَائِبُه }.
]أَخْرَجَه الدارمي 2/525 وابن أبي شيبة 6/125 وعبد الرزاق 3/375 [.

وفي ذلك يقول القرطبي رحمه الله تعالى :" شبّه القرآن بصنيع صنعه الله عزّ وجلّ لِلناس لهم فيه خَيْر ومَنَافع ثُمّ دعاهم إليه ، يقول " مأدَبَة " و" مأدُبَة " : فمَنْ قال " مأدُبة " أراد الصنيع يَصنعه الإنسان فيدعو إليه الناس ، ومَنْ قال " مأدَبة " فإنّه يذهب به إلى الأدب يَجعله " مفعلةً " مِنَ الأدب " ا.هـ . ]تفسير القرطبي 1/6 [.
ولِذَا فإنّ العرب المسلِمين السابقين في الإسلام أول مَنْ تأدَّبوا بأدب القرآن ، وإن استطعتَ أنْ تُعَبِّر بمَنْ رَبَّوْا أنفُسَهم وفْق منهج السماء عِنْدما تَمَسَّكوا بالكتاب والسُّنَّة فسادوا الدنيا وملأوا الأرض نوراً وعدلاً ، وعمروها بنشر راية التوحيد وإبادة ظلمات الكفر والشِّرْك والجاهلية والعداوة والبغضاء ، فأصبحوا بنعمة الله تعالى موحّدين إخواناً متحابين ، أقوالهم وأفعالهم وأخلاقهم متسقة ومستمدة مِنَ الكتاب والسُّنَّة .
لقد كان للقرآن الكريم – وما زال وسيظل بإذن الله تعالى إلى قيام الساعة – الأثر الأقوى والأول في تقوية روابط الإيمان بالله عزوجل وترسيخ عقيدة التوحيد والدعوة إلى كل خلق فاضل وكريم والنهي عن رذائل الأخلاق ومساويها , بدا ذلك واضحا عند نزول القرآن بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلمفأثر التأثير الإيماني والسلوكي في أخلاق العرب وعاداتهم وسلوكهم وعقيدتهم وكذا غير العرب في عصر الإسلام الأول وفي عصوره المتتالية حتى إذا وصلنا إلى عصرنا الحاضر تأكيدا لهذا الدور القرآني حينما يقدم الكثيرون من العلماء والمفكرين والباحثين على اعتناق الإسلام بعد وقوفهم على بعض الإعجازات العلمية للقرآن أو حتى مجرد الوقوف على ترجمة معاني القرآن الكريم . ولذا فإنا سنوجز هذا الأثر في سلوك العرب وغير العرب وغير المسلمين في عصرنا الحاضر فيما يلي :
أولا :أثر القرآن الكريم في سلوك العرب
إذا أردنا أن نقف على أثر القرآن الكريم في سلوك العرب فإنا نلحظه على مستويين :
مستوى الأفراد ومستوى جماعة العرب .

أما تأثير القرآن الكريم في سلوك الأفراد :

فإنا نستطيع أنْ نقف على تأثير ووقْع تلاوة أو سماع بَعْض آيات القرآن الكريم على سلوك وعقيدة ومنهج بَعْض الأفراد العرب في أول أمْر الإسلام مِنْ خلال هذه النماذج

النموذج الأول :

عُمَر بن الخطاب رضي الله عنه الذي كان رأساً مِنْ رءوس الكفر يحارب كُلَّ مَنْ أَسْلَم ، وعِنْدما عَلِم بإسلام أخته فاطمة وزَوْجِها سعيد بن زَيْد ـ رضي الله عنهما ـ ذهب غاضباً لِلانتقام مِنْهُمَا ، ولَمَّـا دخل وجد معهما صحيفةً مِنَ القرآن فيها مِنْ أوَّل سورة طه حتى قوله تعالـى { إِنَّنِى أَنَا اللَّهُ لا إِلَـهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدْنِى وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِى } ] سورة طه الآية 14 [، فأَسْلَم مِنْ فوره وتَغَيَّر سلوكه في كُلّ شئون حياته] يُرَاجَع : الطبقات الكبرى 3/268 [.

النموذج الثاني :

سَعْد بن معاذ رضي الله عنه الذي كان مُشْرِكاً وعِنْدما عَلِم بقدوم مصعب ابن عمير رضي الله عنه قَبْل الهجرة لِلدعوة إلى الإسلام ذهب إليه ومعه حَرْبَتُه لِمَنْعِه وعِنْدما قرأ عَلَيْه مصعب رضي الله عنه قوله تعالى { حم * وَالْكِتَـبِ الْمُبِينِ * إِنَّا جَعَلْنَـهُ قُرْءَانًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُون }] سورة الزخرف الآيات 1 - 3 [، فأَسْلَم في حِينه رضي الله عنه وأَسْلَم قومُه بإسلامه. ]يُرَاجَع : حياة الصحابة 1/170, 171 وسيرة ابن هشام 2/52 ، 53 [.

وأما تأثير القرآن الكريم في سلوك جماعة العرب :

فإنه يُمْكِن الوقوف على الأثر التربوي بمعناه الواسع ـ لِيَشمل التربية الروحية والأخلاقية ـ لِلقرآن الكريم في جماعة العرب الأُول مِنْ خلال شهادة أحد العرب وأشرافهم ـ ألا وهو جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه ـ التي ألقاها أمام النجاشي رضي الله عنه عِنْدما كانوا مهاجرين إليه .
وفيها يقول رضي الله عنه :" أَيُّهَا الْمَلِكُ .. كُنَّا قَوْماً أَهْلَ جَاهِلِيَّةٍ ؛ نَعْبُدُ الأَصْنَامَ وَنَأْكُلُ الْمَيْتَةَ وَنَأْتِي الْفَوَاحِشَ وَنَقْطَعُ الأَرْحَامَ وَنُسِيءُ الْجِوَارَ وَيَأْكُلُ الْقَوِيُّ مِنَّا الضَّعِيفَ ، فَكُنَّا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْنَا رَسُولاً مِنَّا نَعْرِفُ نَسَبَهُ وَصِدْقَهُ وَأَمَانَتَهُ وَعَفَافَهُ ، فَدَعَانَا إِلَى اللَّهِ لِنُوَحِّدَهُ وَنَعْبُدَهُ وَنَخْلَعَ مَا كُنَّا نَعْبُدُ نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنَ الْحِجَارَةِ وَالأَوْثَانِ ، وَأَمَرَنَا بِصِدْقِ الْحَدِيثِ وَأَدَاءِ الأَمَانَةِ وَصِلَةِ الرَّحِمِ وَحُسْنِ الْجِوَارِ وَالْكَفِّ عَنِ الْمَحَـارِمِ وَالدِّمَاءِ ، وَنَهَانَا عَنِ الْفَوَاحِشِ وَقَوْلِ الزُّورِ وَأَكْلِ مَالِ الْيَتِيمِ وَقَذْفِ الْمُحْصَنَاتِ ، وَأَمَرَنَا أَنْ نَعْبُدَ اللَّهَ تَعَالَى وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، وَأَمَرَنَا بِالصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَام ".] يُرَاجَع : البداية والنهاية 4/182 ، 183[

ومِمَّا تَقَدَّم يَتَّضِح أنّ جعفراً رضي الله عنه حَصَر أهمّ الأخلاق الفاسدة عِنْد العرب في ستّة ، وهي:
1- عبادة الأصنام ، وأيّ تَدَنِّي لِلعقل حينما يَسجد لِمخلوق دونه أو مِثْله ؟!
2- أكْل الميتة ، وفيها مِن المضرّة ما فيها .
3- إتيان الفواحش ، وهو مَعْنى واسِع يَشمل كُلّ ما يفحش ويُنْكِره العقل السليم مِن الزنا واللواط وما شاكلهما .
4- قَطْع الأرحام ، وهو أحد أسباب تَفَرُّق المجتمع وتَشَتُّته .
5- الإساءة إلى الجار .
6- أكْل القويِّ الضعيفَ ، وهو قاعدة الغابة ؛ فلا أمان فيها لِضعيف .

كَمَا حصر في المقابل أهمّ الأخلاق التي ربّاهم الإسلام عليها ودعاهم إليها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وهي في مجموعها مستمَدَّة مِن الكِتَاب والسُّنَّة ، وهذه الأخلاق هي :
1- عبادة الله تعالى وحْده وعدم الإشراك به جَلّ وعَلاَ .
2- صِدْق الحديث وأداء الأمانة .
3- صلة الرحم وحُسْن الجِوَار .
4- الكفّ عن المَحَارم والدِّماء .
5- النهي عن الفواحش وقوْل الزور وأكْل مال اليتيم وقَذْف المحصَنات .
6- إقامة الصلاة وأداء الزكاة والصيام .

ثانيا :أثر القرآن في سلوك غَيْر العرب

لقدْ كان القرآن الكريم عظيم الأثر في سلوك غَيْر العرب ..
ويكفي دليلاً على ذلك النموذجان التاليان :
النموذج الأول :
النجاشي رضي الله عنه الذي كان مَلِكاً لِلحبشة ورأساً مِن رءوس النصرانية ، عِنْدما قرأ عَلَيْه جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه صدراً مِنْ سورة مريم بَكَى حتى أخضلَتْ لِحْيَته ، وبكت أساقفتُه حتى أخضلَتْ لِحاهم حين سمعوا ما تلا عليهم ، ثُمّ قال لهم النجاشي رضي الله عنه : إِنَّ هَذَا وَالَّذِي جَاءَ بِهِ عِيسَى عليه السلام لَيَخْرُجُ مِنْ مِشْكَاةٍ وَاحِدَة .] يُرَاجَع : سيرة ابن هشام 1/349[

النموذج الثاني :

جنوب شَرْق آسيا التي لَمْ تُفْتَحْ بسيف ولا قِتَال ؛ وإنَّمَا دَخَلَهَا الإسلام عَنْ طريق التجار المسلِمين
الذين تعاملوا مع تجار هذه البلاد فلمسوا في سلوكهم وأخلاقهم ما يَدفعهم إلى المسارَعة إلى اعتناق هذا الدين الذي يقوم ويعتمد على الكِتَاب والسُّنَّة.] يُرَاجَع : حاضر العالَم الإسلامي 1/339 [

ثالثا :الأثر القرآني المعاصر في سلوك غَيْر المسلِمين

إنّ أيّ امتداد لِلإسلام في شتّى بقاع المعمورة يُعَدّ امتداداً لِنُورَيِ القرآن والسُّنَّة وتأكيداً على أنّه الكِتَاب الحقّ المُنَزَّل مِنْ حكيم حميد .
كَمَا أنّ هذا الامتداد الإسلامي اليوم خاصّةً في دُوَل أوروبا والأمريكيتيْن واستراليا مِنْ أَقْوَى الأدلة على صلاحية هذا الكِتَاب لِكُلّ زمان ومكان وقُدْرَته على مخاطَبة عقول الإنسانية في أَزْهَى عصور تَقَدُّمِهَا .

ويكفي أنْ أدلِّل بنموذجين لِغَيْر المسلمين المعاصرين كان القرآن الكريم سبباً في تربية وتهذيب أنفُسهم ، وذلك بالعودة بهم إلى رحاب التوحيد والإيمان :

النموذج الأول:
مُحَمَّد جون ويستر رئيس البعثة الإسلامية الإنجليزية ، وُلِد مسيحيّاً بروتستانتيّا عام 1930 م ، تَحَيَّر في عقائد المسيحية والشيوعية ، وعِنْدما كان مقيماً في استراليا طَلَب نسخةً مِنَ القرآن الكريم مِنْ مكتبة سيدني العامة ، وما أنْ قرأ المقدمةَ لِلمُتَرْجِم حتّى لَمَس تَعَصُّبَه ضِدّ الإسلام ، فأَغْلَق الكِتَاب وتَرَكَه .
وبَعْد أسابيع كان في بيرث ـ غربيّ استراليا ـ فبَحَث عَنْ نسخة لِلقرآن شريطةَ أنْ يَكون مُتَرْجِمُهَا مُسْلِماً .. قال : ولا أستطيع أنْ أُعَبِّر في كلمات عَنْ مَدَى تأثُّرِي بِمُجَرَّد تلاوتي لأوَّل سورة الفاتحة بآياتها السبع ..
ثُمّ قرأْتُ عَنْ حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، وقضيتُ بِضْع ساعات في المكتبة ، في ذلك اليوم وجدتُ طلبتي وبغيتي ، ثُمّ خرجتُ مِن المكتبة لأتناول فنجاناً مِن القهوة ، ثُمّ وَقَع بصري على مسجد ، فقُلْتُ لِنَفْسِي :" قَدْ عَرَفْت الحقّ ، فعليك اتباعه على الفور " ، فدخلْتُ المسجدَ وأَسْلَمْتُ.] يُرَاجَع : المرجع السابق /125 – 127 [

النموذج الثاني :

القس إبراهيم خليل فيلبس ( إبراهيم خليل أحمد ) .
ولد في الإسكندرية عام 1919م نشأ نشأة مسيحية ودرس بمعاهد الإرسالية الأمريكية وحصل على دبلوم اللاهوت الإنجيلية بالقاهرة وعين قسا راعيا بأسيوط ثم رقي إلى قسيس بعشر الإرسالية السويسرية الألمانية بأسوان.
يقول عن سبب إسلامه : حقيقة القول : أنني عندما وصلت إلى الآية الكريمة من القرآن الكريم {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } .
] سورة الأعراف الآية 157 .[
قلت لو نظرت إلى أن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم جاء ذكره في التوراة والإنجيل فسأبلغها للناس وأشهد للرسول صلى الله عليه وسلم بأنه خاتم النبيين حقا ويقينا .
وعكف على دراسة التوراة والأناجيل من عام 1955م حتى 1959 م حتى أتاه اليقين فأعلن إسلامه وجاهد في سبيل الله وله مؤلفات متداولة منها :
محمد صلى الله عليه وسلم في التوراة والإنجيل والقرآن .
المستشرقون والمبشرون في العالم العربي والإسلامي , وغيرهما كثير .] يراجع مناظرة بين الإسلام والنصرانية / 17 , 18 , 219 – 230 .[
وختاما فإن القرآن الكريم والسنة المطهرة فيهما العصمة من الضلال لمن تمسك بهما وتخلق بأخلاقهما وهذا حقهما علينا فلنحرص على تفعيل القرآن في سلوكنا وسائر أفعالنا كما كان سلف هذه الأمة حينما كانوا يبدأون بالعمل بالقرآن قبل حفظه .
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .







رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
(76)‏ إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها طالب عفو ربي القرآن الكريم وعلومه وتلاواته وإعجازه وقضاياه 1 11-01-2011 06:11 AM
مأدبة الله النهر الأزرق رحيق الحوار العام 5 29-12-2010 02:11 PM
الله اكبر تم افتتاح موقع حبيبتنا وامنا عائشة رضي الله عنها بنت الفاروق السيرة النبويه الشريفة وأحوال الصحابة والتاريخ الإسلامى 1 11-10-2010 11:17 PM
التمثيل بجثه مصري بلبنان لا اله الا الله محمد رسول الله محمد أبوبكر رحيق الحوار العام 4 06-05-2010 12:22 PM
دعاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد ركعتى الفجر اخت مسلمة السيرة النبويه الشريفة وأحوال الصحابة والتاريخ الإسلامى 9 02-04-2010 03:16 AM


Loading...

الاتصال بنا - منتديات شو ون شو - الأرشيف - الأعلى

Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
3y vBSmart
لا يسمح بوضع موضوعات تخالف منهج أهل السنة والجماعة