|
04-01-2009, 12:53 AM | رقم المشاركة : 1 | |||||
|
الرسول فى موسم الحج جاء موسم الحج في السنة العاشرة من البعثة، فاجتمعت القبائل من كل مكان وبدأ الرسول صلى الله عليه وسلم يدعوهم قائلا: (يا أيها الناس، قولوا لا إله إلا الله تفلحوا، وتملكوا بها العرب، وتذل لكم العجم، وإذا آمنتم كنتم ملوكًا في الجنة) _[الطبراني وابن سعد] ووجد الرسول صلى الله عليه وسلم ستة رجال من (يثرب) يتحدثون، فاقترب منهم، وقال لهم: (من أنتم؟) قالوا: نفر من الخزرج. قال: أَمِنْ موالى يهود (أي من حلفائهم)؟ قالوا: نعم. قال: أفلا تجلسون أكلمكم؟. قالوا: بلى. فجلس معهم وحدثهم عن الإسلام، وتلا عليهم القرآن، فانشرحت له صدورهم، وظهرت علامات القبول على وجوههم، وكانت بينهم وبين اليهود عداوة، فكان اليهود يهددونهم بظهور نبي، وسوف يؤيدونه ويقاتلونهم معه، فلما سمعوا كلام الرسول صلى الله عليه وسلم نظر بعضهم لبعض وقالوا: تعلمون والله إنه النبي الذي توعدكم به اليهود فلا يسبقُنَّكُم إليه .. فأجابوا الرسول صلى الله عليه وسلم فيما دعاهم إليه، ووعدوه بأن يقابلوه في العام المقبل، ثم انصرفوا إلى قومهم وحدثوهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانتشرت أخباره في يثرب. _[ابن إسحاق]. بـيعة العقبة الأولى: وفي شهر ذي الحجة سنة إحدى عشرة من البعثة، قدم إلى مكة اثنا عشر رجلا من أهل يثرب من بينهم خمسة من الستة الذين كلموا الرسول صلى الله عليه وسلم في العام الماضي، واجتمع معهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكان اسمه العقبة؛ فآمنوا به صلى الله عليه وسلم، وبايعوه على ألا يشركوا بالله شيئًا، ولا يسرقوا، ولا يرتكبوا الفواحش والمنكرات، ولا يقتلوا أولادهم، ولا يعصوه صلى الله عليه وسلم في معروف يأمرهم به. وكانت هذه هي بيعة العقبة الأولى، وعندما عادوا إلى يثرب أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم معهم مصعب بن عمير -رضي الله عنه- ليعلمهم أمور الدين ويقرأ عليهم القرآن، فأسلم على يديه كثير من أهل يثرب. بـيعة العقبة الثانية: وفي شهر ذي الحجة من العام الثاني عشر من البعثة، ذهب ثلاثة وسبعون رجلا وامرأتان من أهل يثرب إلى الحج، ليبايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام، وفي ليلة الحادي عشر من ذي الحجة تسلل الرجال والمرأتان وذهبوا إلى العقبة، وجاء إليهم الرسول صلى الله عليه وسلم ومعه عمه العباس بن عبدالمطلب، ولم يكن قد آمن وقتئذ، ولكنه جاء ليطمئن على اتفاق ابن أخيه مع أهل يثرب، وليبين لهم أنه قادر على حمايته في مكة إن لم يكونوا قادرين على حمايته في المدينة. وتمت بيعة العقبة الثانية، وفيها عاهد الأنصار النبي صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة، وقال لهم : (تبايعوني على السمع والطاعة، في النشاط والكسل، وعلى النفقة في العسر واليسر، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعلى أن تقولوا في الله لا تأخذكم لومة لائم، وعلى أن تنصروني إذا قدمت عليكم، وتمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم ولكم الجنة) _[أحمد]. وأصبح لرسول الله صلى الله عليه وسلم أتباع أقوياء مستعدون لنصرته، والقتال من أجل الإسلام، حتى إن أحدهم وهو العباس بن عبادة -رضي الله عنه- قام وقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: والله الذي بعثك بالحق، إن شئت لنميلن على أهل منى غدًا بأسيافنا، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يفعل إلا ما يأمره الله به، فقال له : (لم نؤمر بذلك، ولكن ارجعوا إلى رحالكم) [ابن إسحاق] واختار رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم اثني عشر رجلا؛ ليكونوا أمراء عليهم حتى يهاجر إليهم. وفي الصباح، تسلل الخبر إلى كفار قريش، فاكتشفوا أمر ذلك الاجتماع الخطير، وخرجت قريش تطلب المسلمين من أهل يثرب فأدركوا (سعد بن عبادة) وأسروه وأخذوا يعذبونه ويَجُرُّونه حتى أدخلوه مكة، وكان سعد يجير ويحمي تجارة اثنين من كبار مكة إذا مرا ببلده، وهما جبير بن مطعم بن عدي والحارث بن حرب بن أمية، فنادى باسميهما فجاءا وخلصاه من أيدي المشركين، وعاد سعد بن عبادة -رضي الله عنه- إلى يثرب. يتبع بأذن الله
آخر تعديل أبو العبادلة يوم 04-01-2009 في 05:00 AM.
|
|||||
04-01-2009, 01:38 AM | رقم المشاركة : 2 | |||
|
|
|||
12-01-2009, 06:39 PM | رقم المشاركة : 3 | |||||
|
بارك الله فى عمرك .. وأحسن الله إليك
|
|||||
12-01-2009, 06:40 PM | رقم المشاركة : 4 | |||||
|
الهجرة الى المدينة أصبح كفار مكة في غيظ شديد، بعدما صار لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنصار في يثرب، وهم أهل حرب يجيدون القتال، وسوف ينصرون الإسلام، فشعر كفار مكة أن الأمر سيخرج من أيديهم، فانقضوا على المسلمين بالتعذيب والأذى، والتف المسلمون حول نبيهم الكريم صلى الله عليه وسلم يطلبون منه الإذن في ترك مكة كلها، ويهاجرون بدينهم، حتى يستطيعوا أن يعبدوا الله تعالى وهم آمنون، فأذن لهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالهجرة إلى المدينة. فبدأ المسلمون يتسللون سرًّا إلى المدينة، تاركين ديارهم وأموالهم من أجل دينهم. وجاء أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- إلى الرسول صلى الله عليه وسلم يستأذنه في الهجرة، فطلب منه الرسول صلى الله عليه وسلم أن ينتظر لعل الله يجعل له صاحبًا، ففهم أبو بكر أنه سيظفر بالهجرة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانتظر مسرورًا، وأخذ يُعِدُّ للرحلة المباركة، فجهزَّ ناقتين ليركبهما هو ورسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة. المؤامرة: اجتمع زعماء مكة في دار الندوة -ذلك البيت الكبير الواسع الذي كان لقصي بن كلاب- وعلى وجوههم الغضب؛ للتشاور في أمر الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد شعروا أنه يعد نفسه للهجرة إلى المدينة، وإذا تم له ذلك فسوف تصبح المدينة مركزًا كبيرًا يتجمع فيه المسلمون من كل مكان حول النبي صلى الله عليه وسلم، وبذلك يشكلون خطرًا على تجارة أهل مكة عندما تمر بالمدينة في طريقها إلى الشام ذهابًا وإيابًا، وبدأ النقاش، فقال بعضهم: نُخرج محمدًا من بلادنا فنستريح منه، وقال آخرون: نحبسه حتى يموت. وقال أبو جهل: نأخذ من كل قبيلة شابًّا قويًّا، ونعطي كلا منهم سيفًا صارمًا قاطعًا، لينقضوا على محمد، ويضربوه ضربة قاتلة، وهكذا لا يستطيع عبد مناف -قوم محمد- محاربة القبائل كلها، فيقتنعون بأخذ ما يريدون من مال تعويضًا عن قتل محمد، وكان الشيطان اللعين يجلس بينهم في صورة شيخ نجدي وهم لا يعرفونه، فلما سمع ذلك الرأي قال في حماس: القول ما قال الرجل، وهذا الرأي لا رأى غيره، فاتفقوا جميعًا عليه. وسجل القرآن الكريم ما دار في اجتماع المشركين ذلك، فقال تعالى: {إذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين} _[الأنفال: 30] وتدخلت عناية الله؛ فجاء جبريل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم يأمره ألا يبيت هذه الليلة في فراشه وأن يستعد للهجرة، قالت عائشة -رضي الله عنها-: فبينما نحن يومًا جلوس في بيت أبي بكر في حَرِّ الظهيرة، قال قائل لأبي بكر: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يكن يأتينا في مثل هذه الساعة، فقال أبو بكر -رضي الله عنه-: فداءً له أبي وأمي، والله ما جاء به في هذه الساعة إلا أمر. فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستأذن، فأذن له، فدخل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر: (أخرج مَنْ عندك) فقال أبو بكر: إنما هم أهلك بأبي أنت يا رسول الله، قال: (فإني قد أذن لي في الخروج) فقال أبو بكر: الصحبة بأبي أنت يا رسول الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نعم). أحداث الهجرة: كان الله -سبحانه- قادرًا على أن يرسل ملكًا من السماء يحمل رسوله إلى المدينة كما أسرى به ليلا من مكة إلى المسجد الأقصى وعرج به السماء، ولكن جعل الهجرة فرصة كبيرة لنتعلم من رسول الله صلى الله عليه وسلم دروسًا عظيمة في كيفية التفكير والتخطيط والأخذ بالأسباب التي توصل إلى النجاح. ولنبدأ بأول هذه الدروس، فكيف يخرج النبي صلى الله عليه وسلم هو وصاحبه أبو بكر -رضي الله عنه- من بين هؤلاء الكفار دون أن يلحقوا بهما؟ فلو خرجا من مكة سالمين فإن المسافة طويلة بين مكة والمدينة وسوف يخرج وراءهما الكفار ويدركونهما، لابد إذن من الاختباء في مكان ما؛ حتى ييأس الكفار من البحث عنهما، ومن هنا وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم خطة محكمة لتتم الهجرة بسلام. فأمام بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف مجموعة من شباب قريش في الليل، ينتظرون حتى يخرج الرسول صلى الله عليه وسلم، فينقضوا عليه ويقتلوه، وكان هؤلاء الكفار يتطلعون بين الحين والحين إلى فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم ليطمئنوا على وجوده، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم عليَّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- بالنوم في فراشه، وأن يتغطى ببردته، وطمأنه بأن المشركين لن يؤذوه بإذن الله. واستجاب عليٌّ -رضي الله عنه- بكل شجاعة وحماس، ونفذ ما أمره الرسول صلى الله عليه وسلم به، وأراد الرسول صلى الله عليه وسلم من ذلك تضليل المشركين، فإذا نظروا إليه من الباب ووجدوه في فراشه، ظنوا أنه صلى الله عليه وسلم ما زال نائمًا، وقد كانت عند الرسول صلى الله عليه وسلم أمانات كثيرة تركها المشركون عنده، فأراد الرسول صلى الله عليه وسلم أن يردها إلى أصحابها، فأمر عليًّا أن ينتظر في مكة لأداء هذه المهمة، رغم أنهم أخرجوا المسلمين من ديارهم، وآذوهم، ونهبوا أموالهم ولكن المسلم يجب أن يكون أمينًا. وكان أبو جهل يقول لأصحابه متهكمًا برسول الله صلى الله عليه وسلم: إن محمدًا يزعم أنكم إن تابعتموه أصبحتم ملوك العرب والعجم، ثم بعثتم من بعد موتكم، فدخلتم الجنة، وإن لم تفعلوا ذبحكم ثم بعثتم من بعد موتكم فتدخلون النار تحرقون فيها. ونام علي -رضي الله عنه- في فراش الرسول صلى الله عليه وسلم، وتوجه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الباب، وخرج وفي قبضته حفنة من التراب فنثرها على رءوس المشركين، وهو يقرأ سورة يس إلى قوله تعالى: {وجعلنا من بين أيديهم سدًّا ومن خلفهم سدًّا فأغشيناهم فهم لا يبصرون} _[يس: 9] وإذا برجل يمر عليهم فرأى التراب على رءوسهم، فقال لهم: خيبكم الله، قد خرج عليكم محمد، ثم ما ترك منكم رجلا إلا وقد وضع على رأسه ترابًا، أفما ترون ما بكم؟ فوضع كل رجل منهم يده على رأسه فإذا عليه التراب. فنظروا من الباب، فوجدوا رجلا نائمًا في مكان الرسول صلى الله عليه وسلم وعليه غطاؤه، فقالوا: هذا محمد في فراشه، وعليه بردة، ثم اقتحموا دار النبي صلى الله عليه وسلم، فوجدوا عليًّا في فراشه، فخرجوا يبحثون عن الرسول صلى الله عليه وسلم في كل مكان، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم خلال هذه الفترة قد وصل إلى بيت صاحبه أبي بكر -رضي الله عنه- وعزما على الذهاب إلى غار ثور ليختبئا فيه. وحمل أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- كل ماله، وخرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من باب صغير في نهاية المنزل حتى لا يراهما أحد، وانطلقا حتى وصلا الغار، وهناك وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخل أبوبكر أولا؛ ليطمئن على خلوِّ الغار من الحيَّات والعقارب، ثم سدَّ ما فيه من فتحات حتى لا يخرج منها شيء، وبعد ذلك دخل الرسول صلى الله عليه وسلم. وها هي ذي أسماء بنت أبي بكر يدخل عليها جدها أبو قحافة بعد أن علم بخروج ولده أبي بكر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان رجلا كبيرًا قد عَمِىَ، يسألها عما تركه أبو بكر في بيته ويقول: والله إني لأراه فجعكم بماله مع نفسه، قالت: كلا يا أبتِ! إنه قد ترك لنا خيرًا كثيرًا، وأخذت أحجارًا فوضعتها في المكان الذي كان أبوها يضع ماله فيه، ثم وضعت عليها ثوبًا، ثم أخذت بيده وقالت: يا أبت، ضع يدك على هذا، فوضع يده عليه فقال: لا بأس ، فإن كان ترك لكم هذا فقد أحسن، وفي هذا بلاغ لكم. أما كفار مكة فإنهم حيارى، يبحثون عن الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه ويضربون كفًّا بكف من الحيرة والعجب، فالصحراء على اتساعها مكشوفة أمامهم، ولكن لا أثر فيها لأحد ولا خيال لإنسان، فتتبعوا آثار الأقدام، فقادتهم إلى غار ثور، فوقفوا أمام الغار، وليس بينهم وبين الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه سوى أمتار قليلة، حتى إن أبا بكر رأى أرجلهم فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، لو نظر أحدهم تحت قدميه لرآنا، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم : (يا أبا بكر، ما ظنك باثنين الله ثالثهما) [متفق عليه]. وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد انصرف القوم، ولم يفكر أحدهم أن ينظر في الغار، وسجل القرآن هذا، فقال تعالى: {إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم} [التوبة: 40]. ومكث الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه في الغار ثلاثة أيام، وكان عبدالله بن أبي بكر يذهب إليهما بأخبار الكفار ليلا، وأخته أسماء تحمل لهما الطعام، أما عامر بن فهيرة راعي غنم أبي بكر فقد كان يسير بالأغنام فوق آثار أقدام عبدالله وأسماء حتى لا يترك أثرًا يوصل إلى الغار، وبعد انتهاء الأيام الثلاثة، خف طلب المشركين للرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه، فخرجا من الغار، والتقيا بعبد الله بن أريقط، وقد اتفقا معه على أن يكون دليلهما في هذه الرحلة مقابل أجر. تحرك الركب بسلام، وأبو بكر لا يكف عن الالتفات والدوران حول النبي صلى الله عليه وسلم خوفًا عليه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ القرآن، ولا يلتفت حوله فهو واثق من نصر الله -تعالى- له، ولا يخشى أحدًا، وبينما أبو بكر يلتفت خلفه إذا بفارس يقبل نحوهما من بعيد، كان الفارس هو سراقة بن مالك وقد دفعه إلى ذلك أن قريشًا لما يئست من العثور على الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه، جعلوا مائة ناقة جائزة لمن يرده إليهم حيًّا أو ميتًا. فانطلق سراقة بن مالك بفرسه وسلاحه في الصحراء طمعًا في الجائزة، فغاصت أقدام فرسه في الرمال مرتين حين رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزل سراقة مسرعًا عن الفرس، حتى نزعت أقدامها من الرمال، فأيقن سراقة أن الله تعالى يحرس رسوله صلى الله عليه وسلم، ولن يستطيع إنسان مهما فعل أن ينال منه، فطلب من رسول الله أن يعفو عنه، وعرض عليه الزاد فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (لا حاجة لنا، ولكن عمِّ عنا الخبر) فوعده سراقة ألا يخبر أحدًا، وعاد إلى مكة، وهكذا خرج سراقة يريد قتلهما وعاد وهو يحرسهما ويبعد الناس عنهما، فسار النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه إلى المدينة تحرسهما عناية الله. وأثناء رحلة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر إلى المدينة مرَّا بمنازل خزاعة ودخلا خيمة أم معبد الخزاعية، وكانت سيدة كريمة، تطعم وتسقي من مرَّ بها، فسألاها: عما إذا كان عندها شيء من طعام؟ فأخبرتهما أنها لا تملك شيئًا في ذلك الوقت، فقد كانت السنة شديدة القحط، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شاة في جانب الخيمة فقال: ما هذه الشاة يا أم معبد؟ فأخبرته أنها شاة منعها المرض عن الخروج إلى المراعي مع بقية الغنم، فقال: هل بها من لبن؟ قالت: هي أجهد من ذلك، فقال: أتأذنين لي أن أحلبها؟ قالت: نعم إن رأيت بها حلبًا فاحلبها. فمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده ضرعها، وسمى الله ودعا، وطلب إناء فحلب فيه حتى علته الرغوة، فسقاها فشربت حتى شبعت، وسقى رفيقيه أبا بكر وعبد الله بن أريقط حتى شبعا، ثم شرب، وحلب فيه ثانية حتى ملأ الإناء، ثم تركه صلى الله عليه وسلم وانصرف. الرسول صلى الله عليه وسلم في قباء: علم أهل المدينة بهجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إليهم، فكانوا يخرجون كل يوم بعد صلاة الصبح إلى مشارف المدينة، وعيونهم تتطلع إلى الطريق، وتشتاق لمقدم الرسول صلى الله عليه وسلم إليهم، ولا يعودون إلى بيوتهم إلا إذا اشتد حر الظهيرة، ولم يجدوا ظلا يقفون فيه. وفي يوم الاثنين الثاني عشر من ربيع الأول انتظر أهل يثرب رسول الله صلى الله عليه وسلم كعادتهم، حتى اشتد الحر عليهم، فانصرفوا لبيوتهم، وبعد قليل أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه، فأبصرهما رجل يهودي كان يقف على نخلة، فصاح بأعلى صوته: يا بني قيلة، هذا صاحبكم قد جاء، فأسرع المسلمون لاستقبال نبيهم وصاحبه أبي بكر الذي كان يُظل رسول الله صلى الله عليه وسلم بردائه من حر الشمس. وبينما الرسول صلى الله عليه وسلم في قُبَاء، في بيت سعد بن خيثمة يستقبل الوافدين عليه، أقبل عليُّ بن أبي طالب من مكة بعد أن ظل فيها ثلاثة أيام بعد خروج الرسول صلى الله عليه وسلم؛ ليرد الأمانات إلى أهلها، وقد ظل الرسول صلى الله عليه وسلم في قباء أربعة أيام يستقبل أهل المدينة، وعندما أقبل يوم الجمعة ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم قباء متوجهًا للمدينة بعد أن أسس مسجد قباء، وهو أول مسجد بني في الإسلام، وقال الله -عز وجل- عنه: {لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين} _[التوبة: 108]. وكانت الهجرة حدثًا فاصلا بين عهدين، فقد أعز الله المسلمين بعد أن كانوا مضطهدين، وصارت لهم دار آمنة يقيمون فيها، ومسجد يصلون فيه، ويؤدون فيه شعائرهم، ويتشاورون في أمورهم، لهذا كله اتفق الصحابة على جعل الهجرة بداية للتاريخ الإسلامي، فقد تحول المسلمون من الضعف والحصار والاضطهاد إلى القوة والانتشار ورد العدوان. يتبع بأذن الله
آخر تعديل أبو العبادلة يوم 13-01-2009 في 12:07 AM.
|
|||||
12-01-2009, 10:51 PM | رقم المشاركة : 5 | |||||
|
معلومات قيمة بارك الله فييك
|
|||||
11-02-2009, 02:15 AM | رقم المشاركة : 6 | |||||
|
|
|||||
23-02-2009, 09:20 PM | رقم المشاركة : 7 | |||||
|
[align=center]الرسول في المدينة[/align] يتبع بإذن الله
آخر تعديل أبو العبادلة يوم 23-03-2009 في 02:00 AM.
|
|||||
23-03-2009, 04:41 PM | رقم المشاركة : 8 | |||||
|
[align=center]مرحلة الجهاد[/align] [align=right]لقد ترك المسلمون مكة كلها للكفار، وهاجروا إلى المدينة، ولكن الصراع بينهما لم ينته، بل زاد عما كان عليه في مكة، واتخذ شكلا جديدًا، بعد أن نزل الإذن من الله بقتال المشركين، قال تعالى: {أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وأن الله على نصرهم لقدير . الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرًا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز . الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور} [الحج: 39-41]. وقد أصبح المسلمون في المدينة قوة كبيرة بانضمام الأنصار إليهم، فلماذا لا يستردون حقوقهم المسلوبة؟ وخاصة أن المدينة تقع على الطريق بين مكة والشام حيث تمر قوافل أهل مكة التجارية، لذلك قرر رسول الله صلى الله عليه وسلم إرسال سرايا من جيش المسلمين يزعجون قريشًا ويستطلعون أخبارها، ومن هذه السرايا: سرية سيف البحر: في شهر رمضان من السنة الأولى للهجرة خرج حمزة بن عبد المطلب ومعه ثلاثون من المهاجرين لاعتراض قافلة لقريش قادمة من الشام يقودها أبو جهل في ثلاثمائة رجل، ولكن رجلا اسمه مجدي بن عمرو صَالَحَ بين الفريقين، ولم يحدث قتال، وعرف الكفار منذ ذلك الوقت أن المسلمين مستعدون لمواجهتهم. سرية رابغ: وفي شهر شوال من السنة نفسها خرج عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب ومعه ستون رجلا من المهاجرين، واعترضوا قافلة بقيادة أبي سفيان، وكان بينهما رمي بالنبال، ولكن لم يقع قتال. سرية الخرار: كانت في شهر ذي القعدة من السنة الأولى، وفيها خرج سعد بن أبي وقاص ومعه عشرون مسلمًا، ولكنهم لم يعثروا على القافلة التي خرجوا من أجلها، وهكذا تحول المسلمون من الضعف إلى القوة، وأصبحوا مصدرًا لرعب الكفار. غزوة الأبواء (ودان): وفي العام الثاني من الهجرة واصل الرسول صلى الله عليه وسلم إرسال السرايا لمعرفة أخبار أهل مكة، وليدرب المسلمين على مواجهة قريش، وكان صلى الله عليه وسلم يشارك في بعض هذه الأعمال العسكرية، ومن الغزوات التي شارك فيها غزوة الأبواء (ودان)، وفيها خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه مع سبعين من المهاجرين في شهر صفر لاعتراض قافلة لقريش، لكنه لم يلتقِ بها فعقد معاهدة مع بني ضمرة أمَّنَهُم على أنفسهم، ووعدوه ألا يحاربوه ولا يعينوا عليه أعداءه، وأن يقفوا إلى جانبه إذا دعاهم لذلك، وهكذا كان صلى الله عليه وسلم لا يترك صغيرة أو كبيرة يؤمِّن بها دولته، ويقوِّي علاقتها بجيرانها إلا فعلها. غزوة بواط: وفيها خرج النبي صلى الله عليه وسلم في شهر ربيع الأول من السنة الثانية، ومعه مائتان من الصحابة؛ لاعتراض قافلة لقريش يقودها أمية بن خلف لكنه لم يلحق بها. غزوة بدر الأولى: وسببها أن رجلا اسمه كرز بن جابر الفهري اعتدى هو وبعض المشركين على مراعي المدينة ومواشيها، فطارده الرسول صلى الله عليه وسلم وبعض المسلمين ولكنه فرَّ هاربًا، وقد وقعت هذه الغزوة قريبًا من بئر بدر ولذلك سميت بدر الأولى. غزوة العُشَيرة: وقد حاول فيها الرسول صلى الله عليه وسلم ومن معه اعتراض قافلة لقريش ذاهبة من مكة إلى الشام، ولكنه لم يدركها، فعقد رسول الله صلى الله عليه وسلم معاهدة مع بني مدلج حلفاء بني ضمرة. سرية نخلة: خرج فيها عبد الله بن جحش الأسدي مع ثمانية مهاجرين، وأمرهم الرسول صلى الله عليه وسلم أن يعسكروا بين مكة والطائف في مكان يسمى نخلة فمرت قافلة لقريش في آخر يوم من شهر الله الحرام رجب، فهاجمها عبد الله ومن معه، فقتل من المشركين عمرو بن الحضرمي، وأسروا عثمان بن عبدالله بن المغيرة، والحكم بن كيسان، وفر نوفل بن عبد الله. وعادت السرية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنكر عليهم القتال في شهر الله الحرام، واشتد غضب المشركين، وقالوا: إن محمدًا قد أحل القتال في الأشهر الحرم، فاشتد ذلك على المسلمين؛ فأنزل الله -عز وجل- قوله: {يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل} [_البقرة: 217]. فهؤلاء المشركون الذين ينكرون على المسلمين القتال في الأشهر الحرم، قد فعلوا أكبر من ذلك، حين أشركوا بالله، وأخرجوا المؤمنين من ديارهم، وحرموهم من أموالهم وأولادهم وهذا أكبر عند الله -عز وجل- في الإثم والعقوبة.[/align] [align=center]يتبع بإذن الله[/align]
|
|||||
23-03-2009, 04:47 PM | رقم المشاركة : 9 | |||||
|
بارك الله فييك اخى ابو العبادله
|
|||||
24-03-2009, 07:36 AM | رقم المشاركة : 10 | |||||
|
وبارك الله فيك أخي الحبيب .. وجزاك الله خيراً
|
|||||
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
السيرة النبوية ( للشيخ نبيل العوضى ) | شريف السيد | الصوتيات والمرئيات والاسطوانات الإسلامية والأناشيد بدون موسيقى | 2 | 11-01-2011 03:08 AM |
برنامج السيرة النبوية | admin | السيرة النبويه الشريفة وأحوال الصحابة والتاريخ الإسلامى | 5 | 07-05-2009 11:00 PM |
السيرة النبوية لابن هشام | admin | السيرة النبويه الشريفة وأحوال الصحابة والتاريخ الإسلامى | 0 | 03-05-2009 07:54 PM |
مكتبة السيرة النبوية | مجد الغد | مكـتبـة الرحيق المختوم | 4 | 29-11-2008 01:32 AM |
السيرة النبوية المطهره ب10 لغات | admin | مكـتبـة الرحيق المختوم | 2 | 15-11-2008 07:09 PM |
|