على مقعد القطار ....
قصة حدثت لأحدهم ...
؛
؛
كما نعلم جميعاً أنَّ للسفر سبعُ فوائد .. ولكنني اكتشفتُ هنا في كندا أنهم ثمانية !! .. فالثامنة هي أنك
عندما تسافر ترى حال آخرين سبقوكَ إلى الغربة وغيرتهم كثيراً !!
تعمدتُ في بدايتي أن أقول (آخرين) وليس (الآخرين) .. لأنّه بما رأيته هنا من مغتربين كُثُرْ.. وجدتهم قد
أنكروا أنفسهم وأوطانهم وقضاياهم .. وكي تحكموا بأنفسكم دعونا نبدأ الحكاية ..
منذ يومين أو ربما ثلاثة – سامحوني فالأيام هنا تتشابه كثيراً .. أرضٌ يغطيها اللونُ الأبيض معظم
شهور السنة وسماءٌ لا تزورها الشمس إلا قليلاً – كنت في طريقي بالقطار من شمال غرب "كلجاري"
إلى جنوبها الشرقي ..
وبما أنَّ الرحلة قد تستغرق قرابة الساعة .. قررتُ أن أكمل قراءتي لكتاب جميل يتحدث عن أهداف
سور القرآن الكريم ومعانيها .. وكان يجلس أمامي شابان يبدو أنهما ليسوا من "البيض" .. فهكذا
يسمي الكنديون أنفسهم ليتميزوا – لا من باب العنصرية .. حاشا لله – عن باقي الكنديين المهاجرين
إليهم من بقاع العالم ..
لم أُطلْ النظرَ إليهم .. وتابعتُ القراءة .. وبعد وقت قصير .. جاءتني مكالمة هاتفية من أحد أصدقائي
العرب .. وبطبيعة الحال – عندي على الأقل – تكلمتُ معه وكلمني بالعربية .. لغة أهل الجنة .. عسى
أن نكون من أهلها ..
وعندما انتهيت .. بدأ هذا الحوار بيني وبين واحد من الشباب الجالسين أمامي:
• الشاب يسألني : هل أنتَ عراقي ؟؟!!
• أٌجيبْ : لا .. أنا من فلسطين (وابتسمت)
• يردْ باستغراب شديد : فلسطين ؟! .. أين توجد فلسطين ؟!!!! (كان يسألني بالإنجليزية طبعاً)
هنا تحولت ابتسامتي إلى شيء لا يمكن التعبير عنه.. هو خليطٌ من الدهشة والإحباط والحزن
والحيرة ..
• فقلتُ له : من أين أنت ؟؟ لعلك لا تعرف البلاد العربية
• فقال : أنا من ....... (بلد حدوده تلاصق فلسطين تماماً) !!!
• فقلت وعلى وجهي ابتسامة استهجان : أأنت من ...... ولا تعلم أين هي فلسطين ؟؟!!!!!!!!
• قال : لا .. أنا هنا منذ وقتٍ طويل .. ويبدو أنّني لم أسمع بها من قبل ..
• فعدتُ وقلت : أتعلمْ أين هي إسرائيل ؟؟!!
• فأجابني بسرعة البرق : نعم .. إنها البلد التي دخلنا معها حرباً منذ فترة ليست بالبعيدة ..
• قلتُ وأنا أدير وجهي لنافذة القطار : أنا من هناك !!
ألم أقل لكم أن للسفر فوائد ثمانية !!..
أأسف لحال المسلمين و العرب ... ولدوا وعاشوا بعيدين
حتى عن أهم قضية إسلامية وعربية على الإطلاق ..