23-04-2009, 09:12 PM | رقم المشاركة : 1 | |||
|
مقـــــــــالات أعجبتني
سيطرة الشيعة د / راغب السرجاني من المؤكد أن كثيرًا من القراء قد فُجِع - كما بدا من كثير من تعليقاتهم - لما علموه من تاريخ نشأة الشيعة، ومن المؤكد أيضًا أننا لا نكتب التاريخ لمجرَّد العلم بما يحدث في مراحل التاريخ المختلفة، ولكن لنأخذ منه العِبْرة والدرس؛ فنستطيع أن نتعامل مع أزماتنا الآن بشكلٍ أفضل، وبصورة أوضح. وبدايةً، فإني أحب أن أبدأ هذا المقال بتنبيهيْن مهمَّيْن: أما الأول فإنه لكي تفهم هذا المقال وتستفيد منه فإنه لا بُدَّ من قراءة مقالي السابق "أصول الشيعة"؛ لأن به جذور النشأة، وبه بعض الإشارات إلى عقائد الشيعة، تعين على فهم مجريات الأحداث.وأما الثاني فهو أنني حتى هذه اللحظة أسرد الأحداث سردًا، وأنقل الصحيح من الروايات، ولم أقف وقفة أخيرة لتوضيح موقفنا من الشيعة، وطبيعة العَلاقة التي ينبغي أن تكون. وهذا الموضوع المهم سأفرد له مقالي القادم بإذن الله، ولعلَّه من المفيد جدًّا لي أن أتلقَّى انطباعاتكم عمَّا ينبغي أن تكون عليه صورة التعامل بيننا، خاصةً إذا وضعنا الخلفية التاريخية والدينية التي فصَّلنا فيها.وعودة إلى قصة الشيعة..لقد دخل الشيعة بعد وفاة الحسن العسكري (الذي جعلوه الإمام الثاني عشر لهم) في فترة حَيْرة كبيرة عُرفت في التاريخ بفترة "حيرة الشيعة"، وفيها انقسموا على أنفسهم إلى فرقٍ كثيرة، وأخذت كل فرقة تصوغ دينها بما تريد، ولتحقيق مكاسب سياسية أفضل.. وكانت أشهر هذه الفرق فرقة الاثني عشرية، والتي تحدثنا عنها في المقال السابق. لكنْ هذه الفرقة لم تكن الوحيدة على الساحة، بل نشأ إلى جوارها فرقة أخرى أشد خطورة، وكان لنشأتها آثار في غاية السوء على الأمة الإسلامية، وهذه الفرقة هي فرقة الإسماعيلية! وفرقة الإسماعيلية هذه من الفرق الشديدة الضلال، وقد أخرجها غالب علماء المسلمين من الإسلام أصلاً، وبدأت هذه الفرقة بتخطيط رهيب من أحد اليهود الذين أرادوا أن يكيدوا للأُمَّة الإسلامية، وهو ميمون القَدَّاح، وقد تظاهر هذا الرجل بالإسلام، وتقرَّب من محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق، بل تصاحب عليه. ومحمد بن إسماعيل من آل البيت، فهو حفيد جعفر الصادق (الإمام السادس عند الاثني عشرية)، وأبوه إسماعيل هو أخو موسى الكاظم الإمام السابع عند الاثني عشرية. ولقد قام ميمون القدَّاح بشيء عجيب يعبِّر عن مدى حقده الشديد للأمة الإسلامية، والذي أوصله إلى التخطيط لهدمها حتى ولو بعد موته بعِدَّة عقود! لقد سمَّى ميمون القداح ابنه باسم ابن محمد (عبد الله)، وأوصاه أن يسمِّي أولاده وأحفاده بنفس أسماء أولاد وأحفاد محمد بن إسماعيل، ثم في مرحلة من مراحل التاريخ سيدَّعِي هؤلاء اليهود النسب إلى آل البيت على أنهم أحفاد محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق! وليس هذا فقط، بل إنهم سيدَّعُون أن الإمامة الكبرى التي ينبغي أن تقود الأمة الإسلامية بكاملها لا بُدَّ أن تكون من نسب إسماعيل بن جعفر الصادق، وليس من نسب موسى الكاظم بن جعفر الصادق كما يدَّعِي الاثنا عشرية. وكان لميمون اليهودي ما أراد، ونشأت فرقة الإسماعيلية، وبدأ أحفاد ميمون القداح يصوغون فيها من العقائد والأفكار ما يتعارض جملةً وتفصيلاً مع الإسلام، ومن أشنعها أنهم يقولون بحلول الإله (تعالى شأنه) في الإمام الذي يحكمهم؛ ولذلك فهم يقولون بألوهية الإمام. كما يؤمنون بالتناسخ، أي أن الأرواح التي ماتت، وخاصةً أرواح الأئمة تعود للحياة من جديد في أجساد غيرهم من الأحياء، ويعتقدون أن أئمتهم جميعًا سيرجعون إلى الدنيا بعد موتهم. ثم إنهم في غاية الإباحية والمجون، ويعلنون قذف الصحابة، بل يسبون رسول الله r شخصيًّا مع أنهم يدَّعون النسب إليه، وكان من همِّهم الأكبر اغتيال قادة السُّنَّة في العالم الإسلامي، وسيصبح لهم شأن كبير جدًّا سنتحدث عنه بعد قليل.نشطت الدعوة الإسماعيلية بأفكارها الهدَّامة، وانتشرت بين أوساط الجهَّال، واستغلت حب الناس لآل البيت، وأقنعوا طائفة منهم بأنهم أحفاد الرسول r، وارتبط بهذه الدعوة الكثير من الفارسيين الذين يُظهِرون الإسلام ويُبطِنون المجوسيَّة، وكان منهم حسين الأهوازي، وهو من أشهر دعاة الإسماعيلية، ومن مؤسِّسيها الكبار، وكان يعمل في منطقة البصرة، وهناك تعرَّف على شخصية شريرة جدًّا في التاريخ الإسلامي وهو حمدان بن الأشعث، وقد اختُلف في أصل هذا الأخير، فقيل مجوسيّ فارسي، وقيل من يهود البحرين، وقد تلقَّب حمدان بن الأشعث بلقب "قرمط"، وكوَّن مع مرور الوقت فرقة خاصة به نُسبت إليه، وهي فرقة القرامطة، وهي فرع من الإسماعيلية، وإن كانت أشد خطرًا. وهذه الفرقة تقول بشيوع المال وشيوع النساء، ويحلّون كل المنكرات من قتل وزنا وسرقة، ويقومون على النهب والسلب وقطع الطريق، وقد انضمَّ إليها بالتبعية كل اللصوص والخارجين على النظام، وصارت بذلك إحدى الفرق الخطيرة جدًّا في تاريخ الأمة الإسلامية.لقد حدثت كل هذه التطورات - وغيرها مما لا يتسع المقال لشرحه - في النصف الثاني من القرن الثالث الهجري، وظهرت بذلك ثلاث فرق كبيرة، كلٌّ منها يدَّعِي أن الحق معه، وهم يختلفون بعضهم عن بعض في العقائد والمبادئ والأحكام وكل شيء. وهذه الفرق الثلاث هي الشيعة الاثنا عشرية، والشيعة الإسماعيلية، والشيعة القرامطة، وكانت الصراعات تدور بينهم وبين السُّنَّة، كما كانت تدور بين بعضهم مع بعض لعدم قناعة أيِّ طرف بما عليه الطرف الآخر، فقد نشأت كل هذه الفرق تبعًا للأهواء، وابتداعًا في الدين.وإلى هذه المرحلة في التاريخ كانت هذه مجرَّد حركات تثير القلاقل والاضطرابات داخل الأمة الإسلامية، ولكن بدون الوصول إلى حكمٍ يسيطرون فيه على مجريات الأمور، ولكنْ مع نهاية القرن الثالث الهجري وبدايات القرن الرابع الهجري تغيَّرت الأحداث بصورة كبيرة أدَّتْ إلى تداعيات خطيرة..آثار تكسير القرامطة للحجر الأسود كان أسرع هذه الفرق وصولاً إلى الحكم هي فرقة القرامطة؛ لأنها كانت أشرسهم وأكثرهم عنفًا، وقد وصل أحد دعاتها، وهو رستم بن الحسين إلى اليمن وأسَّس دولة للقرامطة هناك، وبدأت تراسل الناس في الأماكن المختلفة، وتدعو إلى عقيدتها، حتى وصلت في مراسلاتها إلى المغرب! لكن هذه الدولة ما لبثت أن زالت، ولكن ظهر نمو آخر للقرامطة، في أرض الجزيرة العربية وخاصة في البحرين (والبحرين هي ليست مملكة البحرين اليوم، ولكنها شرق الجزيرة العربية)، وقامت دولة للقرامطة في هذا المكان هددت أمن المسلمين بشكل رهيب، وقامت بقتل الحجيج، ولعلَّ من أبشع جرائمهم الهجوم على المسجد الحرام في يوم التروية من عام 317هـ وقتل كل الحجاج في الحرم، وسرقة الحجر الأسود من الكعبة بعد تهشيمه! وقد أرسلوا بالحجر الأسود إلى عاصمتهم في هَجَر بشرق الجزيرة، وظل فيها مدة اثنين وعشرين عامًا كاملة، حيث أعيد إلى الكعبة في عام 339هـ! بعض بدع ومنكرات الشيعة بن الحسين الذي كان يحكم اليمن من القرامطة، وذلك عن طريق رجل اسمه أبو عبد الله الشيعي. ونحن نعلم أن كلتا الفرقتين الإسماعيلية والقرامطة يدَّعون إمامة إسماعيل بن جعفر الصادق؛ ولذلك وجد أحد أحفاد ميمون القداح، واسمه عبيد الله بن الحسين بن أحمد بن عبد الله بن ميمون القدَّاح، الفرصةَ سانحة لقيام دولة في المغرب، فاتجه إليها وأعلن هناك مع عددٍ من أتباعه قيام دولة الإسماعيلية، وتلقَّب بالمهديّ، وزعم أنه إمام هذه الدعوة الإسماعيلية، وزعم أيضًا أنه من أحفاد محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق، وأن الأئمة الذين سبقوه من آبائه وأجداده إلى إسماعيل بن جعفر الصادق كانوا مستورين، وأراد أن يجذب إليه قلوب العامَّة فسمَّى دولته بالدولة "الفاطميَّة"، منتسبًا بذلك زورًا إلى السيدة فاطمة بنت رسول الله r، مع أنه يهوديّ الأصل، وانتشرت دعوته بشكل سريع مستغلاً جهل الناس وعاطفتهم، وبدأت في التوسُّع حتى سيطرت على كل الشمال الإفريقي، ونشر البدع والمنكرات وسبّ الصحابة، والقول بحلول الأرواح والتناسخ وغير ذلك، ووصلت هذه الدولة في توسُّعِها إلى اجتياح مصر واحتلالها عام 359هـ على يد أحد قوَّادهم وهو الجامع الأزهر الشريف جوهر الصقلي الإسماعيلي في زمن المعز لدين الله العبيديّ - والصواب أن يُقال هكذا "العبيدي" نسبةً إلى عبيد الله المهدي، ولا يقال الفاطمي - ودخل المعز لدين الله العبيدي مصر، وأسس القاهرة، وكذلك المسجد الأزهر بُغية نشر المذهب الشيعي الإسماعيلي فيها، وقَتَل علماء السُّنَّة، وأظهر سبَّ الصحابة، وسار على ذلك الأئمة الإسماعيلية من بعده، ووصل بعضهم إلى الجنون، وادّعاء الألوهية، ومن أشهرهم الحاكم بأمر الله. وكانوا يُكثرِون من بناء المساجد لنشر مذهبهم، وظلوا يحتلون مصر، وكذلك الشام والحجاز مُدَّة قرنين من الزمان، إلى أن أزال صلاح الدين الأيوبي شرَّها في سنة 567هـ، وحرَّر مصر من الاحتلال الإسماعيلي. أما الفرقة الثالثة وهي الاثنا عشرية فقد كانت على بِدعها الكثيرة أقل ضراوةً من هاتين الفرقتين، وهم يؤمنون بالله U وبرسوله r وبالبعث والنشور، ولكن أصابوا الدين ببدع هائلة، ومنكرات فاضحة، وقد وصل دُعاتهم إلى بعض العائلات الكبرى في منطقة فارس والعراق، وكان من جرَّاء ذلك أن وصلوا للحكم في عِدَّة مناطق.. الدولة البويهية الشيعية أما أخطر ما وصلوا إليه فكان إلى عائلة بني بويه، وهي من أصول فارسية، وقد أسَّسوا دولة في منطقة فارس، ثم وصل الأمر إلى احتلال الخلافة العباسية سنة 334هـ، مع إبقاء الخليفة العباسي في مركزه درءًا لفتنة انقلاب المسلمين السُّنَّة عليهم، وظلوا يحتلون الخلافة العباسية أكثر من مائة سنة متصلة! (من سنة 334هـ إلى سنة 447هـ) إلى أن ظهر السلاجقة السُّنَّة، فأنقذوا العراق من هذه السيطرة الشيعية، وفي كل هذه السنوات أظهر هؤلاء الشيعة الحقد الشديد لعلماء السُّنة ولخليفتهم، وكتبوا سبَّ الصحابة على أبواب المساجد، وكانوا يسبون أبا بكر وعمر رضي الله عنهما صراحةً في خطبهم، وكانت فترة كئيبة جدًّا في تاريخنا الإسلامي. الدولة العبيدية الشيعية وفي نهاية القرن الرابع الهجري زالت دولة القرامطة، وفي منتصف القرن الخامس الهجري زالت دولة بني بويه (447هـ)، أما الإسماعيلية العبيديون فقد استمروا إلى منتصف القرن السادس الهجري (567هـ)، وبذلك عاد العالم الإسلامي سُنِّيًّا في الحكم في كل مناطقه، وإن ظلت الدعوة الاثنا عشرية موجودة في مناطق فارس وأجزاء من العراق، ولكن دون حُكم. شاه إيران محمد رضا بهلوي وصل إلى حكم إيران في سنة 1193هـ/ 1779م أغا محمد قاجار، وهو من أصل فارسي، ومذهبه شيعي، وإن كان يميل إلى العلمانية؛ حيث لا يدعو إلى المذهب الاثني عشري ولا يحكم به، وتناوب هو وأولاده حُكم إيران، مع توسُّع أحيانًا، وتقلُّص أحيانًا أخرى وكانوا يتلقَّبون بالشاه، حتى سقطت هذه الأسرة عندما أعلن رضا بهلوي تمردًا عليها في سنة 1343هـ/ 1925م، وأعلن نفسه شاهًا لإيران، وذلك بمساعدة الإنجليز، ولكن الإنجليز نقموا عليه في سنة 1941م لاختلافات بينهم، فخلعوه وأتوا بابنه محمد رضا بهلوي، الذي ظل يحكم إيران علمانيًّا حتى سنة 1399هـ/ 1979م عندما قامت الثورة الخومينية الشيعية الاثنا عشرية؛ لتعيد الحكم الشيعي من جديد في منطقة فارس (إيران). بعض البدع والمنكرات الشيعية ومع ذلك فنحن لا نأخذ المعاصرين بجرائم الأجداد والأسلاف، ولكننا نناقش العقيدة والفكر والمنهج، والذي يتفق تمامًا مع عقيدة وفكر ومنهج الأجداد، وهذا هو بيت القصيد، وأصل المشكلة؛ فطالما يعتقد الجميع بوجوب الإمامة في نسل معيَّن، وطالما يعتقدون بعصمة الأئمة، وطالما يتطاولون على أبي بكرٍ وعمر وعثمان وسائر الصحابة وأمهات المؤمنين.. طالما يحدث كل ذلك فإننا لا ينبغي أن نفترض حُسن النوايا، وإنما نقول: لقد سار الأبناء على نفس خطوات الأجداد. آخر تعديل طالب عفو ربي يوم 23-04-2009 في 09:17 PM.
|
|||
24-04-2009, 03:04 PM | رقم المشاركة : 2 | |||
|
قيامة يسوع أو بعثه ـ د. زينب عبد العزيز
قيامة يسوع أو بعثه ـ د. زينب عبد العزيز |
|||
25-04-2009, 09:18 PM | رقم المشاركة : 3 | |||
|
التشريع لله ولا يتغير بتغير الزمن او المكان
التشريع لله ولا يتغير بتغير الزمن او المكان بقلم : عاهد ناصرالدين بادئ ذي بدء أود أن أثمن وأشكر جزيل الشكر شبكة إخباريات لنشر المقال " هل الزواج المبكر جريمة " ولمدة طويلة إدراكا منها لأهمية المقال ,كما وأشكر الكاتب الكريم خالد زروان على اهتمامه ورده على المقال " هل الزواج المبكر جريمة " وإبراءاً للذمة أمام الله- عز وجل- فإنني أوضح للسادة القراء وللأخ الكاتب خالد زروان ما يلي :- يبدأ الكاتب الكريم قوله بالحديث عن الحضارة والمدنية والمبدأ والقيمة والتفريق بينهما وهذا بحد ذاته أمر جيد ولو أُدرك تمام الإدراك لظهر بيان صحة القول بتبكير الزواج ونبذ الحضارة الغربية والأخذ بالحضارة الإسلامية والتمسك بمبدأ الإسلام وحده . إن فكرة تأخير الزواج وغيرها أتى بها الغرب ويعقد من أجلها المؤتمرات والبرامج الإعلامية والندوات للقضاء على الإسلام بعد أن استطاع هدم دولة الخلافة فأصبح المسلمون جميعا في شقاء وضنك من العيش،لأنهم أخذوا بالمفاهيم الغربية التي عششت في أذهانهم وغيرت من سلوكهم؛ تلك الحضارة التي تجعل من المرأة قطعة فنية للمتعة الجسدية وسلعة تُباع وتشترى، فأراد الكافر المستعمر أن يبعد المرأة المسلمة وسائر المسلمين عن أحكام الشرع ومنها أحكام النظام الإجتماعي الذي ينظم علاقة الرجل بالمرأة والمرأة بالرجل، وينظم العلاقة التي بينهما عند اجتماعهما وكل ما يتفرع عنها. فتم غزو المرأة بأفكار غريبة عن دينها وقيمها في محاولة من الغرب لاستخدام المرأة في حربه على المسلمين فيستهدف أعراضهم سعيا لإفسادها لكي يكون ذلك عاملاً مساعداً له في حربه على الحضارة الإسلامية وثغرة يتخلل عبرها لحصون المسلمين. هنالك فرق بين الحضارة والمدنية فالحضارة هي مجموع المفاهيم عن الحياة والمدنية هي الأشكال المادية للأشياء المحسوسة التي تستعمل في شؤون الحياة. وتكون الحضارة خاصة حسب وجهة النظر في الحياة في حين تكون المدنية خاصة وعامة. فالأشكال المدنية التي تنتج عن الحضارة كالتماثيل تكون خاصة والأشكال المدنية التي تنتج عن العلم وتقدمه والصناعة ورقيها تكون عامة ولا تختص بها أمة من الأمم بل تكون عالمية كالصناعة والعلم. وهذا التفريق بين الحضارة والمدنية يلزم أن يلاحظ دائما كما يلزم أن يلاحظ التفريق بين الأشكال المدنية الناجمة عن الحضارة وبين الأشكال المدنية الناجمة عن العلم والصناعة. وذلك ليلاحظ عند أخذ المدنية التفريق بين أشكالها والتفريق بينها وبين الحضارة. فالمدنية الغربية الناجمة عن العلم والصناعة لا يوجد ما يمنع من أخذها وأما المدنية الغربية الناجمة عن الحضارة الغربية فلا يجوز أخذها بحال لأنه لا يجوز أخذ الحضارة الغربية لتناقضها مع الحضارة الإسلامية في الأساس الذي تقوم عليه وفي تصوير الحياة الدنيا وفي معنى السعادة للإنسان. أما الحضارة الغربية فإنها تقوم على أساس فصل الدين عن الحياة وإنكار أن للدين أثرا في الحياة فنتج عن ذلك فكرة فصل الدين عن الدولة لأنها طبيعية عند من يفصل الدين عن الحياة وينكر وجود الدين في الحياة. وعلى هذا الأساس قامت الحياة وقام نظام الحياة. أما تصوير الحياة فإنه المنفعة لأنها هي مقياس الأعمال ولذلك كانت النفعية هي التي يقوم عليها النظام وتقوم عليها الحضارة ومن هنا كانت النفعية هي المفهوم البارز في النظام وفي الحضارة لأنها تصور الحياة بأنها المنفعة. ولذلك كانت السعادة عندهم إعطاء الإنسان أكبر قسط من المتعة الجسدية وتوفير أسبابها له. ولهذا كانت الحضارة الغربية حضارة نفعية بحتة لا تقيم لغير المنفعة أي وزن ولا تعترف إلا بالنفعية وتجعلها هي المقياس للأعمال. وأما الناحية الروحية فهي فردية لا شأن للجماعة بها وهي محصورة في الكنيسة ورجال الكنيسة ولذلك لا توجد في الحضارة الغربية قيم خلقية أو روحية أو إنسانية وإنما توجد قيم مادية ونفعية فقط. وعلى هذا الأساس جعلت الأعمال الإنسانية تابعة لمنظمات منفصلة عن الدولة كمؤسسة الصليب الأحمر والإرساليات التبشيرية وعزلت عن الحياة كل قيمة إلا القيمة المادية وهي الربح. فكانت الحضارة الغربية هي هذه المجموعة من المفاهيم عن الحياة. أما الحضارة الإسلامية فإنها تقوم على أساس هو النقيض من أساس الحضارة الغربية وتصويرها للحياة غير تصوير الحضارة الغربية لها ومفهوم السعادة فيها يختلف عن مفهومها في الحضارة الغربية كل الاختلاف. فالحضارة الإسلامية تقوم على أساس الإيمان بالله وأنه جعل للكون والإنسان والحياة نظاما يسير بموجبه وأنه أرسل سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم بالإسلام دينا أي أن الحضارة الإسلامية تقوم على أساس العقيدة الإسلامية وهي الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر وبالقضاء والقدر خيرهما وشرهما من الله تعالى. فكانت العقيدة هي الأساس للحضارة فهي قائمة على أساس روحي. أما تصوير الحياة في الحضارة الإسلامية فإنه يتمثل في فلسفة الإسلام التي انبثقت عن العقيدة الإسلامية والتي تقوم عليها الحياة وأعمال الإنسان في الحياة هذه الفلسفة التي هي مزج المادة بالروح أي جعل الأعمال مسيرة بأوامر الله ونواهيه هي الأساس لتصوير الحياة. فالعمل الإنساني مادة وإدراك الإنسان صلته بالله حين القيام بالعمل من كون هذا العمل حلالا أو حراما هو الروح. فحصل بذلك مزج المادة بالروح. وبناء على ذلك كان المسير لأعمال المسلم هو أوامر الله ونواهيه. والغاية من تسيير أعماله بأوامر الله ونواهيه هي رضوان الله تعالى وليس النفعية مطلقا. أما القصد من القيام بنفس العمل فهو القيمة التي يراعى تحقيقها حين القيام بالعمل. وهذه القيمة تختلف باختلاف الأعمال. فقد تكون قيمة مادية كمن يتاجر بقصد الربح فإن تجارته عمل مادي ويسيره فيها إدراكه لصلته بالله حسب أوامره ونواهيه ابتغاء رضوان الله. والقيمة التي يراعى تحقيقها من القيام بالعمل هي الربح وهو قيمة مادية. وقد تكون القيمة روحية كالصلاة والزكاة والصوم والحج. وقد تكون القيمة خلقية كالصدق والأمانة والوفاء. وقد تكون القيمة إنسانية كإنقاذ الغريق وإغاثة الملهوف. وهذه القيم يراعيها الإنسان حين القيام بالعمل حتى يحققها إلا أنها ليست المسيرة للأعمال وليست المثل الأعلى الذي يهدف إليه بل هي القيمة من العمل وتختلف باختلاف نوعه. وأما السعادة فهي نيل رضوان الله وليست إشباع جوعات الإنسان لأن إشباع جوعات الإنسان جميعها من جوعات الحاجات العضوية وجوعات الغرائز هو وسيلة لازمة للمحافظة على ذات الإنسان ولا يلزم من وجودها السعادة. هذا هو تصوير الحياة. وهذا هو الأساس الذي يقوم عليه هذا التصوير. وهو الأساس للحضارة الإسلامية. وإنها لتناقض الحضارة الغربية كل المناقضة كما أن الأشكال المدنية الناجمة عنها تناقض الأشكال المدنية الناجمة عن الحضارة الغربية. فمثلا: الصورة شكل مدني والحضارة الغربية تعتبر صورة امرأة عارية تبرز فيها جميع مفاتنها شكل مدنيا يتفق مع مفاهيمها في الحياة عن المرأة. ولذلك يعتبرها الغربي قطعة فنية يعتز بها كشكل مدني وقطعة فنية إذا استكملت شروط الفن ولكن هذا الشكل يتناقض مع حضارة الإسلام ويخالف مفاهيمه عن المرأة التي هي عرض يجب أن يصان ولذلك يمنع هذا التصوير لأنه يسبب إثارة غريزة النوع ويؤدي إلى فوضوية الأخلاق. ومثل ذلك أيضا ما إذا أراد المسلم أن يقيم بيتا وهو شكل مادي فإنه يراعي فيه عدم انكشاف المرأة في حال تبذلها لمن هو خارج البيت فيقيم حوله سورا بخلاف الغربي فإنه لا يراعي ذلك حسب حضارته. وهكذا جميع ما ينتج من الأشكال المدنية عن الحضارة الغربية كالتماثيل ونحوها. وكذلك الملابس فإنها إن كانت خاصة بالكفار باعتبارهم كفارا لم يجز للمسلم أن يلبسها لأنها تحمل وجهة نظر معينة وإن لم تكن كذلك بأن تعارفوا على ملابس معينة لا باعتبار كفرهم بل أخذوها لحاجة أو زينة فإنها تعد حينئذ من الأشكال المدنية العامة ويجوز استعمالها. أما الأشكال المدنية الناتجة عن العلم والصناعة كأدوات المختبرات والآلات الطبية والصناعية والأثاث والطنافس وما شاكلها فإنها أشكال مدنية عالمية لا يراعى في أخذها أي شيء لأنها ليست ناجمة عن الحضارة ولا تتعلق بها. ونظرة خاطفة للحضارة الغربية التي تتحكم في العالم اليوم ترينا أن الحضارة الغربية لا تستطيع أن تضمن للإنسانية طمأنينتها بل إنها على العكس من ذلك سببت هذا الشقاء الذي يتقلب العالم على أشواكه ويصطلي بناره. والحضارة التي تجعل أساسها فصل الدين عن الحياة خلافا لفطرة الإنسان ولا تقيم للناحية الروحية وزنا في الحياة العامة وتصور الحياة بأنها المنفعة فقط وتجعل الصلة بين الإنسان والإنسان في الحياة هي المنفعة هذه الحضارة لا تنتج إلا شقاء وقلقا دائمين فما دامت هذه المنفعة هي الأساس فالتنازع عليها طبيعي والنضال في سبيلها طبيعي والاعتماد على القوة في إقامة الصلات بين البشر طبيعي. ولذلك يكون الاستعمار طبيعيا عند أهل هذه الحضارة وتكون الأخلاق مزعزعة لأن المنفعة وحدها ستظل هي أساس الحياة. ولهذا فمن الطبيعي أن تنفى من الحياة الأخلاق الكريمة كما نفيت منها القيم الروحية وأن تقوم الحياة على أساس التنافس والنضال والاعتداء والاستعمار. وما هو واقع في العالم اليوم من وجود أزمات روحية في نفوس البشر ومن قلق دائم وشر مستطير خير دليل على نتائج هذه الحضارة الغربية لأنها هي التي تتحكم في العالم وهي التي أدت إلى هذه النتائج الخطيرة والخطرة على الإنسانية. ونظرة إلى الحضارة الإسلامية التي سادت العالم منذ القرن السابع الميلادي حتى أواخر القرن الثامن عشر الميلادي ترينا أنها لم تكن مستعمرة وليس من طبعها الاستعمار لأنها لم تفرق بين المسلمين وغيرهم فضمنت العدالة لجميع الشعوب التي دانت لها طوال مدة حكمها لأنها حضارة تقوم على الأساس الروحي الذي يحقق القيم جميعها: من مادية وروحية وخلقية وإنسانية. وتجعل الوزن كله في الحياة للعقيدة. وتصور الحياة بأنها مسيرة بأوامر الله ونواهيه وتجعل معنى السعادة بأنها رضوان الله. وحين تسود هذه الحضارة الإسلامية كما سادت من قبل فإنها ستكفل معالجة أزمات العالم وتضمن الرفاهية للإنسانية جمعاء. أما قول الكاتب الكريم خالد زروان " فإعتبار "زواج الصغيرات" حل، هو من قبيل إعتبار الإسترقاق أو الإستعباد حل والدعوة إلى العودة بالبشرية إلى عهود الظلام والظلم وإنتزاع حرية البشر." هذا قول غريب مناقض لقول الله – عزوجل – القطعي الثبوت والدلالة والذي يفرق فيه بين الزواج وملك اليمين في كثير من الآيات منها قول الله – عزوجل :{ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ}المعارج (30) . وثمة أمر آخر يجب الإنتباه إليه والوقوف عليه أن الزواج المبكر لا يعني "الصغيرات " أي الأطفال وإنما من بلغت سن الزواج وهو البلوغ . وأما قول الكاتب الكريم "الحلول تنبع من الإسلام لواقعنا الذي نعيشه اليوم بقيمه اليوم ولا تنبع من واقع سحيق بقيمه التي تختلف على قيمنا. فالوحي لا يتقادم. أما الواقع الذي جاء فيه فهو الذي يجري عليه الزمان ويتقادم. وما يصلح لنا هو الوحي لا الواقع الذي عالجه " فهذا قول غير دقيق ومجانب للصواب الإسلام أتى لمعالجة الواقع الذي عاشه الرسول – صلى الله عليه وسلم - والواقع الذي نعيشه اليوم إلى قيام الساعة والأحكام هي هي لا تتغير ولا تتبدل بتغير الزمان أو المكان والإنسان هو هو والرجل هو هو والمرأة هي هي وهنا يجب أن أذكر الكاتب الكريم خالد زروان أن الواقع قد يتغير والوسائل والأساليب تتغير وتتبدل . أما الإنسان الذي أتى الإسلام لمعالجته ذكرا كان أو أنثى وخاطب الإنسان وعالج مشاكله في كل وقت وحين ، ومن ذلك قول الله – تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً � وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ � إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا } النساء (1) . فحكم الزواج أو المهر أو الجهاد أو الزكاة أو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يتغير ولا يتبدل . إن الإسلام كلف الرجال والنساء جميعا وأثابهم على حد سواء ، قال تعالى : {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا } الأحزاب( 35) لا بد أن ندرك جميعا ونكون على بينة أن العقل في الإسلام يوصل إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله, فإذا اقتنع بذلك ينتهي دوره كحاكم، ويصبح دوره خادما أي مجرد أداة لفهم النصوص الشرعية لمعرفة أحكام الله الواردة فيها ليلتزم بها مسلٍّما بما فيها. ولابد أن نركز جميعا على معنى التسليم لله في الأوامر و النواهي لتحقيق عبوديتنا لله, فالقرآن عندما خاطب العقل في العقيدة جعله حكما وقبل مناقشته؛ لأنّ من حق العقل أن يدرك ويتثبت صحة العقيدة، أما الأحكام فلا يجعل العقل مقياس معرفة صحتها ولا تناقش وفق المقاييس العقلية. وقد كان الصحابة رضي الله عنهم بعد دخولهم الإسلام وحصول القناعة العقلية, يسلمون لرسول الله في كل أمر ونهي؛ لذلك قالوا له كما في صحيح مسلم: "لو أمرتنا أن نخيضها البحر لأخضناها ولو أمرتنا أن نضرب أكبادها إلى برك الغماد لفعلنا ". فقد كانوا لا يناقشون أحكام الله تعالى لأنهم يدركون أنّ الأحكام نزلت للإلتزام بها ، ولا يصح للعقل أن يتدخل في تشريع الله – عزوجل – قال تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً }الأحزاب36. فلا مجال لنا أن نتدخل ونشرع عن الله – سبحانه وتعالى – لا يصح لنا أن نحل ما حرم الله ونحرم ما أحل الله ، فلا يصح لنا أن نؤخر الزواج أو نحل خلع الجلبا ب في الحياة العامةأو نحرم تعدد الزوجات موافقة للعصر 0 قال تعالى محكم التنزيل :{وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَـذَا حَلاَلٌ وَهَـذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ}النحل 116 0 |
|||
26-04-2009, 02:45 AM | رقم المشاركة : 4 | |||||
|
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . والله يعافيك على المعلومات القيمة ,,,,,,,,,,,,
|
|||||
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2) | |
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
مقالات أعجبتنى | طارق أبو الحسن | رحيق الحوار العام | 13 | 17-11-2009 02:51 PM |
منوعات أعجبتني ... | لؤلؤة الغرب | رحيق الحوار العام | 4 | 17-04-2009 11:11 PM |
لعبت بى الاشواق يا أماه ... قصيدة أعجبتنى | طارق أبو الحسن | المنتديات الأدبية :الشعر العربى ، من بوح قلمى | 4 | 13-01-2009 01:25 PM |
|