منتديات شو ون شو  

العودة   منتديات شو ون شو > القسم العام > رحيق الحوار العام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-04-2009, 10:35 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
الله ربي ومحمد رسول الله
إحصائية العضو







آخر مواضيعي


طالب عفو ربي غير متواجد حالياً


افتراضي محاضرة جميلة جدا للدكتور محمد سعيد البوطي


قراءت هذه المحاضرة الي الدكتور محمد سعيد البوطي واعجبتني جدا لذلك نقلتها لكم

بينما الحزن لا يزال يجتاح مشاعر العالم الإسلامي لكارثة ‏(‏11‏)‏ أيلول‏.‏‏.‏ ترى الإدارة الأمريكية فيها فرصة رائعة للقضاء على المسلمين‏!‏‏.‏‏.
أيها الإخوة: في ظل هذه الأحداث العالمية؛ التي تدور رحاها على ما يبدو على محور يزداد وضوحاً وجلاءً مع الأيام هو العالم الإسلامي، في ظل هذه الأحداث العالمية كنت أودّ أن يكون هنالك لسان رسمي يعبّر عن موقف العالم الإسلامي من هذه الأحداث. انطلاقاً من دينها الذي تعتزّ به، وانطلاقاً من قناعاتها التي تؤمن بها. إذن لكان في ذلك ما يغنيني عن الوقوف عن متابعة سلسلة دروسنا هذه. ولكن أنظر كما تنظرون، وأبحث عن لسان رسمي ينطق باسم الأمة الإسلامية فلا أسمع؛ لا صوتاً ولا همساً، ونحن نعلم أن ما يسمى بمنظمة المؤتمر الإسلامي هي اللسان الناطق باسم العالم الإسلامي. ونحن نعلم أن العالم العربي والأمة العربية جزء لايتجزأ؛ بل جزء من أغلى أجزاء هذا العالم الإسلامي.
أمام هذا الصمت؛ بل الرقاد الذي تَنْعَم به منظمة المؤتمر الإسلامي، كان لابد أن نقول كلمة على المستوى الشعبي، تعبّر عن موقفنا، وعما يقرره ديننا، وعن قناعاتنا، وعن وعينا، وإدراكنا لهذه الظاهرة ولما وراءها، ولذلك استخرتُ الله، واستعنت بما يلهمني إياه من سداد وتوفيق؛ أن أجعل هذا الدرس اليوم وَقْفاً على الحديث الذي ينبغي أن يسمعه الناس جميعاً؛ عن موقفنا كمسلمين لا يخرجون عن دين الله شروى نقير، وكأمة واعية لا تُخْدَع ولا تُؤْخذ ببوارق الأحداث والكلمات.
كلمة الإرهاب ـ أيها الإخوة _ مصطلح جديد، ظهر في أواخر القرن العشرين الذي مضى، وبقي إلى اليوم غامضاً. مصطلح الإرهاب هذا بقي إلى اليوم غامضاً بدون تعريف يلتقي أو تلتقي عليه أُسرة المجتمع الإنساني إلى اليوم. على الرغم من أن كثيرين سألوا وطلبوا وألحُّوا على ضرورة تعريف هذه الكلمة الجديدة في تاريخ، لا الأمة الإسلامية، بل في تاريخ العالم كله.
نحن نعلم فيما مضى كلمة: إجرام - مجرم - ظالم … إلى آخر ما هنالك. ولعلكم تذكرون أن رئيسنا الراحل كان أول، ـ أو في أوائل ـ من ضغط على الدول الكبرى ـ وفي مقدمتها أمريكا ـ على ضرورة تفسير هذه الكلمة حتى يتسنّى لنا جميعاً أن نقف مع الدول العظمى في خندق واحد لمحاربة مضمون هذه الكلمة؛ ولابد أن يكون مضمونها معنىً إجرامياً. وإلى اليوم لم تستجب الدول العظمى - وفي مقدمتها أمريكا - لهذا الطلب، وظلت هذه الكلمة كلمة مطروحة في ساحات الأمور والتيارات السياسية دون أن نجد لها أي معنى.
وبينما الناس يسمعون هذه الكلمة ولا يدركون معناها، وقد وضعها وراء ظهره مَنْ وَضَع، ولم يبال بها مَنْ لم يبال؛ على الرغم من أن أمريكا وضعت قائمة لدول سمَّتْها: دول الإرهاب. وأنا على يقين أن هذه الدول لا تعلم إذا صُنِّفت تحت قائمة الإرهاب، وما المعنى الذي ينبغي أن تتخلى عنه لكي لا تصبح داخلة في هذه القائمة. فوجئ العالم - كما تعرفون - يوم الحادي عشر من أيلول الجاري بهذه الكارثة الإنسانية الكبرى؛ التي كانت نتيجة لجريمة وحشية لا الإنسانية تُقِرُّها، ولا الأديان الموجودة اليوم على ظهر البسيطة تُقِرّها، ولا الحضارة تقرها. قضت - كما تعلمون - هذه الكارثة على آلاف البُرَآء من الشعب الأمريكي. هذه الكارثة لم تَسِرْ بالأسى والحُزن والكرب إلى نفوس الشعب الأمريكي فقط؛ بل سَرَتْ إلى نفوس أفراد الأُسرة الإنسانية جمعاء؛ وفي مقدمتها العالم الإسلامي؛ هذا شيء لا إشكال فيه. لا انطلاقاً من مجاملة لأمريكا، ولا من مداهنة، ولا من تكتيك سياسي، لا. وإنما لأن دين الأمة الإسلامية ربَّاها على هذا الشعور، وعلى هذا الموقف.
ديننا الذي نعتزُّ به ينهى عن الظلم، ينهى عن قتل البُرَآء ينهى عن الإساءة إلى الإنسانية في أي معنى من معانيها.
أليس رَبُّ هذا الدين هو القائل: {وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 6/164]؟ أليس رَبُّ هذا الدين هو القائل: {وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}[المائدة: 5/8]؟ يعني لا يحملنكم بُغضكم لأناس أساؤوا إليكم أن تظلموهم، {اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}. أو لم يقل: {وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ أَنْ تَعْتَدُوا}[المائدة: 5/2]؟ لأنهم صدوكم عن المسجد الحرام هذا ظلم؛ إياكم أن تفكروا بأن تعتدوا عليهم. العدل دائماً. ألم ير رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة من الغزوات امرأةً قتيلة، فوقف عليه الصلاة والسلام يقول: ((فيمَ قُتِلت هذه المرأة ولم تكن تُقَاتِل فيمن تُقَاتِل؟)) نحن نقاتل مَنْ يقاتلنا، هذه المرأة لم تكن تُقَاتِل فيمن تُقَاتِل. نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الظلم؛ فنحن نحن أفراد هذه الأمة الإسلامية لم يكن لنا خيار في أن نستشعر الأسى الذي استشعره الشعب الأمريكي. وما أظن أن هنالك اختلافاً في الشعور. أقول: لا لأننا نجامل أمريكا، ولا لأننا نخاف منها أو نداهنها، أو لأننا نحالفها حِلْفاً سياسياً على الطريقة المعروفة اليوم. أبداً. وإنما نقف هذا الموقف لأن ديننا الرباني ربّانا على هذا المنوال. والذين يقومون ويقعدون بالحديث عن عُنجهية أمريكا يقول لهم الإسلام وتقول لهم الأمة الإسلامية: إن عُنجهية أمريكا لا تتحطم بقتل آلاف البُرآء، بشكل من الأشكال.
وبينما يُعَلِّق العالم الإسلامي وغيره أنفاسه متجهاً إلى لجان التحقيق، وإلى الجماعات التي تتولى النظر في هذا الأمر والبحث عن المجرمين والتنقيب عنهم؛ بينما العالم الإسلامي ينتظر بفارغ الصبر النتيجة التي تأتي بها تحقيقات الـ سي آي أيه [C.I.A]. والـ إف بي آي [F.B.I] وغيرهما؛ لكي نتخذ نحن الخطوة الثانية مع المظلومين والمقهورين هناك، فَنَجُرّ هذا الإنسان المجرم أو هذه الفئة المجرمة إلى حيث العدالة، وإلى حيث تطبيق المبدأ الإنساني وهو الإسلامي الصارم. بينما العالم الإسلامي وغيره ينتظر ما ستسفر عنه التحقيقات، إذا به يفاجأ بأن الإدارة الأمريكية وَلَّت ظهرها للتحقيق والمحققين، وتناست البحث عن المجرمين، وعادت إلى الكلمة القديمة الغامضة التي لا يُدرى إلى اليوم معناها. وإذا بها ترفع عالياً كلمة: الإرهاب. وتعود فتنشر القائمة التي كتبت عليها أسماء الدول التي رأت أنها ضالعة في الإرهاب، وأعلنت الحرب على هؤلاء الإرهابيين. وتهددت وتوعدت وزمجرت مُعْرِضة عما ينتظره العالم كله؛ من النتائج التي ستنتهي إليها التحقيقات الموضوعية، بَعُدَ الزمن أو قَرُب. لكن كما تلاحظون أُعْرِضَ عن هذا كله. الفئات التي تحقق لها خط، والإدارة الأمريكية تقرع طبول الحرب من خط آخر؛ ألا وهو خط الإرهاب.
ومع ذلك فنحن عدنا نتساءل: ما الإرهاب؟ كنا نود أن لو فُسِّرت كلمة الإرهاب في المجتمعات الدولية المعبِّرة عن العالم ووُضِعَت النقاط على الحروف؛ إذن لقلنا: على كلٍّ يُعْنَى بالإرهاب المجرمون الذين هم ضالعون في الإجرام وفعلوا كيت وكيت وكيت. وفي الوقت ذاته - أجل - نقف صفاً مع محاربة الإرهاب. ولكن تم الإعراض عن التحقيق وما سيكشف عنه التحقيق - وإن كان التحقيق ربما كان مستمراً وجارياً - ونُشِرت اتهامات الإرهاب في شرق العالم وغربه، واتجهت التهديدات إلى مَنْ تسميهم أمريكا بدول الإرهاب أو الإرهابيين. وننظر أيها الإخوة ونتأمل - كما تأملتم جميعاً - لنجد أن التهمة تَضِيْق أقطارها ثم تضيق أقطارها لتنحط وليتم إسقاطها على العالم الإسلامي، والعالم العربي جزء من أعزّ أجزاء العالم الإسلامي. نعم.
أنا الآن أسأل: إذا سرنا مع هذا الذي تعلنه الإدارة الأمريكية، مع قرع طبول الحرب على من تسميهم الإرهابيين. وإذا أردنا أن نستجيب لطلبها فعلاً فنقف معها لقتال مَنْ؟ الإرهابيين. ما المشكلة التي - يعني - سنراها بحكم المنطق؟ الأطفال يعرفون ذلك - المشكلة أننا لا نعلم مَن هم الإرهابيون. كلمة معناها لا يزال غامضاً، ما المراد بالإرهاب؟ طيب. عندما نغمض العين، أو يغمض العالم العين ويستجيب لنداء أمريكا: ألا هُبُّوا لنقاتل الإرهاب، ولم نكن قد فسرنا الإرهاب، ووضعنا النقاط فيه على الحروف. الذي سيحصل هو التالي: كل فئة، بل كل دولة في العالم، بل كل جماعة تفسر الإرهاب طبق المزاج الكامن بين جوانحها. فهنا دولة تضيق ذرعاً بجيران لها؛ لأنهم من وجهة نظرها مخطئون، مغتصِبون، مسيئون، تَنْقَضُّ عليهم بالحرب باسم الإرهاب. وهي أيضاً ستدافع عن نفسها باسم الدفاع عن الذات ومهاجمة الإرهاب. والدولة الأخرى … - طبعاً لأن تفسير الإرهاب غائب - لكل جماعة أن تفسر الإرهاب طبق ما يحلو لها، وقد فُتِح أمام الجميع أبواب مقاتلة الإرهاب هكذا - الذي سيحصل أن مشروع السلام - إن كان هنالك مشروع - سيُذَبَّح إلى النهاية ويُقضى عليه، وأن براكين الحروب اللاهبة ستتفجر في العالم أجمع، لأنه ما من أمة من الأمم إلا وهي ترى ما تراه أمريكا؛ من أن هذه الدولة دولة إرهاب، وتلك دولة إرهاب. كما أن أمريكا لها الحق أن تنعت طائفة من الدول بالإرهاب وتدق طبول الحرب مهدِّدة بقتالها، كذلك دول كثيرة لها الحق أن تفسر الإرهاب كما يحلو لها وأن تدق هي أيضاً طبول الحرب فتقاتل هؤلاء وهؤلاء وأولئك. النتيجة التي ستحصل أيها السادة هي: أن العالم الإنساني ستتفجر فيه براكين متسلسلة لا نهاية لها لقتال لا نهاية له، ولسوف يعلن التاريخ أن أمريكا هي التي صنعت الإرهاب، وهي التي أوجدت مصنع الإرهاب. هذا الكلام من الوضوح بمكان أيها الإخوة.
الشيء الآخر الذي يضحك ألماً - وشَرُّ البَلِيَّة ما يُضْحِك، وشر البلية كما يقولون - الكارثة التي وقعت يوم الحادي عشر من أيلول، والتي تمزقت لها مشاعر الأمة الإسلامية، والتي ألهبت فعلاً ميزان الأسى في أفئدة هذه الأمة جمعاء؛ إذا بالإدارة الأمريكية تراها ذريعة رائعة لملاحقة من قَرَّرَت بحُكْم أحادي من قِبَلها هي في حقهم بجريمة الإرهاب. نحن في العالم الإسلامي نأسى ونشعر بالألم الـمُمِضّ لهذا البلاء الذي أصاب إخواننا في الإنسانية الشعب الأمريكي. إذا بأمريكا ترى فيها ذريعة رائعة للترّبص بالإرهاب، وللتضييق على الإرهابيين، ولإعلان الحرب عليهم. ألا تلاحظون هذا؟ الكارثة وقعت هناك، وجماعتها دخلت في الأسراب وفي الجحور، والأمر يحتاج إلى التنقيب والبحث. والإدارة الأمريكية انتهزتها فرصة لتنتقم من دول الإرهاب التي طالما صكّت أسنانها غيظاً منهم. ما علاقة هذا بذاك؟
قائمة الإرهاب كانت موجودة، والإرهابيون أسماؤهم كانوا موجودين، ولم يكن هنالك أي تصرف. الآن بمجرد ما وقعت تلك الجريمة تُرِك الحديث عنها وبدأ الحديث عن الإرهاب وفُتح ملف الإرهاب ودول الإرهاب وما إلى ذلك بقطع النظر عن هؤلاء الناس.
هذا الوضع، الذي لا يُغَطَّى بقانون، ولا بشرعة، ولا تُقِرّه المبادئ الدينية أو المبادئ الإنسانية، أمر خطير جداً. أمر يُحْيي كوامن الغضب بدون داعي، يُحْيِي كوامن الحروب، في الوقت الذي نحن ننشد السلام، وننشد الإخاء، هذا الوضع الذي ترونه أو تسمعونه وتتابعونه؛ الذي تُغِيَّبُ فيه موازين العدالة، ويُغَيَّبُ فيه دور المنظمات الدولية على اختلافها، ويُجَرّ فيها العالم جَرّاً إلى الحديث عن الإرهاب وملاحقة الإرهابيين بدلاً من العمل الجاد على الكشف عن المجرمين، هكذا، أليس كذلك؟ يُجَرّ الآن العالم الإسلامي هنا وهنا وهناك إلى التحالف مع أمريكا لمقاتلة الإرهاب.
هذا الوضع الذي تُغَيَّب فيه العدالة، والذي تُغيَّب فيه أصوات المنظمات الدولية. ويُجَرُّ فيه العالم - الذي ترون - الإسلامي جَرّاً إلى التحالف من أجل مقاتلة الإرهاب، علامَ يدل؟ هذا ما نريد أن ننتهي إليه، يدل على أن الإدارة الأمريكية خاضعة - شاءت أم أبت - لخِطَّة ترمي إلى الإجهاز على العالم العربي والإسلامي، والقضاء على البقية الباقية من قدراته الذاتية في الدفاع عن وجوده، وفي الدفاع عن كرامته وحقوقه. والعجيب - أيها الإخوة - أن تخضع الإدارة الأمريكية لسلطان هذه الخطة، في حين أن هذه الخطة قَدَّمَت قُرباناً لنجاحها آلاف البُرآء الذين قُتِلوا، وربما مئات المليارات التي خسرتها أمريكا. أليس عجيباً أن تخضع أمريكا لهذه الخطة التي رُسِمت؟ وسنتحدث عمن رسمها - والله أعلم - وهؤلاء الذين رسموها قَدَّموا قرباناً لها، ماذا قدموا لنجاحها؟ هذه الآلاف المؤلفة من الضحايا البُرآء، وهذه الخسارات المالية الكبرى التي لا أدري كم من الزمن لابد أن يمضي إلى أن تُعَوَّض. أليس هذا أمراً عجيباً مذهلاً أيها الإخوة؟
ومع ذلك فأي عاقل يمكن أن يهضم هذه الدعوة التي تُوَجَّه إليه في عالمنا العربي والإسلامي؟ عندما نسمع الرئيس الأمريكي يعلنها حرباً صليبية، ثم يطلب من العالم الإسلامي أن يكون حليفاً له في هذه الحرب، كيف ذلك؟ هو أعلنها: حرباً صليبية. لا يقولنَّ قائل: ولكنه بعد ذلك تحدّث عن أمجاد الإسلام، وتحدث عن الإسلام وأنه يدعو إلى السلام. لا يقولنَّ أحدٌ هذا، ذلك لأنه ربما ندم، ندم أن كشف عما تضمره نفسه، كشف عما تجيش في نفوس كثير من جماعة الإدارة الأمريكية. كان ينبغي أن لا يُكْشَف هذا القصد، هذا صحيح. لكن القصد موجود أم ليس موجود؟ هاهنا مكان الشاهد. كيف تعلنها حرباً صليبية يا هذا، ومع ذلك تستثير عواطف الأمة الإسلامية لتكون معك ضد الإرهاب؟ لا أنت فَسَّرْت الإرهاب؛ حتى نكون معك في حربه في خندق واحد. ولا أنت أظهرت الرغبة الصادقة في الكشف عن المجرمين، طويت كَشْحَاً عن ذلك، واتجهت بالعموم إلى ما يسمى بالإرهاب. أنا أُعْمِل العقل ولا أُعْمِل شيئاً من الحواس. كيف يمكن لعاقل أن يتجاوب مع هذه الدعوة؟.
ثم لأفرض أنني أمريكي، واحد من ذلك الشعب المكلوم، نعم، عندما أجد أن إدارتي تتجه بحرب على من تسميهم الإرهابيين رَشّاً لا دِرَاكاً ولا بحثاً عن مجرمين، هكذا. ما الذي سيحصل؟ ماذا استفدتُ أنا؟ ستتحطم بلاد، وستتهاوى بيوت على أصحابها، وسيُقَتَّل عشرات الآلاف، ولسوف يبقى المجرمون الذين فعلوا هذا الفعل مختبئين تحت الـحُطام والركام، ينتظرون الفرصة ليقوموا فيعودوا الكَرَّة تِلْوَ الكَرَّة. أليس كذلك؟
عندما تجد أن ثعباناً اهتاج به العدوان لينقضّ عليك فيلدغك، شيء طبيعي أن تلاحقه، فإذا غاب في جُحْر تلاحقه في جُحره، تبحث عنه، تضيق عليه، لكن افرض أن الغضب استشاط بك فأحرقت تلك الغابة كلها، ماذا يعني ذلك؟ أحرقت الغابة، أسأت إلى الإنسانية، أسأت إلى شيء خلقه الله عز وجل للإفادة. أما ذلك الثعبان فمتكور في جُحره، يرمقك - ربما بسخرية، أليس كذلك أيها الإخوة؟ هذا أول هدف ينبغي أن يرتسم في عقولنا.
مع الأسف هذا الكلام ما كان ينبغي أن يقوله واحد مثلي باسم الشعب، كان ينبغي لمنظمة المؤتمر الإسلامي أن تقوله، ولكن منظمة المؤتمر الإسلام تنعم بالرقاد الآن.
ترى ما هو مدى ما يمكن أن يقره العقل؛ من أن المجرمين الذين فعلوا فعلتهم الشنعاء هم هؤلاء الذين تشير إليهم أمريكا بأصابع الاتهام؛ إنْ في أفغانستان أو غيرها، نعم، ما مدى ما يقره العقل في هذا؟
أمامي رسالة وصلتني للتو من امرأة أمريكية لا علاقة لها بالإسلام قط، أمريكية عن طريق شبكة الإنترنت وصلت، تسخر من هؤلاء الذين يحقِّقون ويشيرون بإصبع الاتهام إلى أشخاص لا يملكون معشار الطاقة التي لايمكن لتلك الجريمة أن تقع إلا بأضعاف أضعاف أضعاف منها، تقول هذه المرأة: إن الذين فعلوا هذا الفعل يعيشون في عمق الوجود الأمريكي، ولسوف يكشف الزمن عن هذه الحقيقة، قَرُب أو قَصُر. وتقول: إن هؤلاء الذين يعيشون في عمق الوجود الأمريكي إنما استعانوا لعملهم بتقنيات أمريكية، وداخل الإدارة الأمريكية، وبغطاء من كثير من المسؤولين، والهدف - هي التي تقول لست أنا - والهدف من وراء ذلك أن تشيع كراهية في العالم الأمريكي والأوروبي للإسلام والمسلمين، وأن تنعم إسرائيل بالوصول إلى مبتغياتها، وأن تسحق هؤلاء الفلسطينيين الذين يدافعون عن حقوقهم، هذه هي الغاية. لست أنا الذي أقول هذا الكلام، امرأة أمريكية، وعندما تقول هذا الكلام امرأة أمريكية هذا نموذج أيها الإخوة، هنالك مئات بل آلاف من الباحثين والباحثات والمدركين لخلفيات الأمور، والمحتكين بالأوضاع والأحوال والتيارات المختلفة، طبعاً شاء الله عز وجل أن تختفي الحقائق إلى حين، لكن سنة الله قضت أن تظهر أخيراً سافرة، وليت أن الأمريكان يعرفون هذا الكلام، غداً ستظهر، وهاهي ذي تظهر الأمور.
ما النتيجة التي أريد أن أصل إليها؟ النتيجة التي أريد أن أصل إليها هي أن على العالم الإسلامي والعربي إن بقيت فيه بقايا كرامة، إن بقيت فيه بقايا من دم ينبض. أن يعود فيلملم شمله ويجمع كيانه بطريقة ما، وأن يعلن باسم الأمة العربية والإسلامية جمعاء؛ أننا ضد الإجرام والجريمة بكل أشكالها وألوانها، وأننا لانتعامل مع كلمات غامضة، وأننا ننتظر ونَرْقُب بالثواني ظهور المجرمين الذين فعلوا هذا الفعل؛ لنتعاون مع العالم المتحضر كله في إخضاعهم لحكم القضاء ولموازين العدالة.
وريثما تتجلى هذه الحقائق فإننا نطرح هذه الأسئلة الآتية على الـ سي. أي. أي [C.I.A] وعلى بقية المحققين ولْيُجِيْبُونا:
لماذا ألغى ارئيل شارون سفره قبل يوم من الكارثة التي وقعت - وكان على سفر -؟
لماذا أقدم الآلاف من اليهود على بيع سنداتهم قبيل هذه الكارثة، وكان الجميع يعجبون، هذا شيء فيه خسارة، كيف هذا؟
لماذا غُيِّب أربعة آلاف؛ أكثر من أربعة آلاف من ذَيْنِك البناءين العملاقين يوم ما وقعت تلك الجريمة؟
ما خبر أولئك اليهود الذين عُثِر عليهم إلى جانب سيارتهم وهم يتمتعون بأعصاب باردة ويضحكون وبأيديهم الكاميرات يصورون الفظاعة الكبرى التي طَيَّرت عقول الناس ولم تُبْق ذرة من قدرة على تفكير لديهم؟
ماذا كان من خبرهم؟ ولماذا أُخلي سراحهم؟ لماذا تُركوا.
هذه الأسئلة لماذا تطوى؟ لماذا لا تنطق منظمة المؤتمر الإسلامي وتعلن رغبتها في معرفة الجواب، كفئة من الناس تتفاعل مع الشعب الأمريكي وتتعامل شعورياً؟ نريد أن نعلم فعلاً المجرمين.
لماذا لم نسمع إلى الآن الجواب؟
لماذا لم يأتنا جواب من هذه الفئات التي تُحَقِّق، ومن الإدارة الأمريكية؟
النتيجة التي نريد أن ننتهي إليها: ما موقف الإسلام - الذي نحن أتباعه، وقد شرّفنا الله عز وجل بالتمسك به، وبالإسلام نشعر بالأسى لهذه المصيبة التي حَلَّت بالشعب الأمريكي - ما موقف الإسلام مما نُدْعَى إليه؟ تعالوا فكونوا معنا في خندق واحد لقتال إخوانكم المسلمين، تعالوا فاقبلوا خِطَّتنا لتأليب المسلمين بعضهم على بعض ولتحويلهم إلى دول لا تتخاصم - لا - بل تتقاتل، باسم مقاتلة الإرهاب. هل يجوز هذا أيها الإخوة؟ ألا ينبغي أن نعود إلى ديننا؟ أما ينبغي أن نسمع صوت منظمة المؤتمر الإسلامي؟
أخي - شيء عجيب - أين أين هي تعيش منظمة المؤتمر الإسلامي؟!
لا يجوز أبداً في شرع الله - بشكل من الأشكال - أن يخرج مسلم على أخيه المسلم؛ إلا إذا تبين أن هذا الإنسان خاضع للقضاء، وأنه متلبس بالإجرام. في هذه الحالة لكل حادث حديث. ثم عندما يُتَّهَم زيدٌ من الناس؛ فالـحُكم الإسلامي أن هذا الـمُتَّهَم يُؤخَذ هو - لا بلدته جمعاء بكل البُرآء - يؤخذ ويتم إخضاعه للقضاء، كما فعلوا بهذا الذي أسقط الطائرة فوق [لوكربي] الليبي. نفس الشيء. ما الفرق؟ ينبغي أن يتم هذا. أما لا اتهام يتجه إلى شخص أو أشخاص، وبِحُجَجْ - شواهد إثبات - ولا يوجد تجريم لكن تعالوا يا أقطاب العالم الإسلامي فاقتلوا بعضكم بعضاً، فليتألّب الأخ منكم على أخيه. لا يجيز الإسلام هذا أبداً، أبداً. {لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المجادلة: 58/22] إلى آخر الآية. وصَدَق ما قاله شيخ الأزهر بالأمس، أعلنها فتوى إسلامية حقيقية باسم الإسلام: لا يجوز، لا يجوز، لا يجوز لمسلمين أن يَمْشُقوا حساماً، أو أن تمتد أيديهم بأي أذى إلى إخوة لهم مسلمين إلا بحق، عندئذ نحن كلنا ننهض للقضاء على الإجرام والمجرمين طبق الأحكام القضائية التي شرعها الله سبحانه وتعالى. لا يوجد أي خلاف في هذا الموضوع أيها الإخوة. إيران أعلنت ذلك. أعلنت ذلك لا مزاجياً، باسم الإسلام. شيخ الأزهر أعلن ذلك باسم الإسلام. وكثير من العلماء أعلنوا هذا باسم الإسلام، وأنا أُخْرِج هذه المسؤولية عن عنقي، وأقول: هذا هو أمر الله سبحانه وتعالى.
بقي أن أقول: الآن الأمة الإسلامية مترامية الأطراف، لكن أوجّه خطابي إلى أمتي العربية التي هي لُبُّ لُباب الأمة الإسلامية. يا أيها القادة‍ يا أيها الحكام‍ يا أيها الملوك إلى متى‍ إلى متى تخضعون للمهانة التي ركبتكم؟ للذُّل التي أذابت سُمْعَتَكم. للكلمات الساخرة التي ربما تقرؤونها أكثر مما أقرأ، للكاريكاتير الذي يتحدث عن مهانة الأمة العربية المتفككة. إلى متى؟ أليس في هذا الذي وقع ما يقتضي أن تجمعوا شملكم، وتوحدوا كلمتكم، وتدلوا بقرار واحد باسم الإسلام، باسم هذه الأمة، باسم الإنسانية، باسم حقوقنا الضائعة؟
نحن نلاحظ أيها الإخوة أن كل هذه الأمة - تقريباً بِقَضِّها وقضيضها - رُسِمَتْ وسُجِّلَت في قائمة الإرهاب. بدءاً من أفغانستان ومروراً بالعراق وبكثير من الدول إلى سائر الفصائل الفلسطينية إلى كثير من الدول الأخرى؛ كلها صُنِّفَت تحت قائمة الإرهاب. فئة واحدة لم يَدْن إليها وسْم الإرهاب أبداً؛ مَلاك نزل من السماء. هل تعلمون مَنْ؟ الصهيونية. لا لا لا. هذه بعيد كل البُعد عن الإرهاب، هل وجدتم إصبعاً امتَدَّ إليها؟ بشكل من الأشكال. كاتب صهيوني كتب مقالاً قبل الأمس، يقول فيه - هكذا بكل وقاحة: إن هذا الذي جرى في أمريكا لمصلحتنا؛ والدليل على ذلك: أن الحرب العالمية الأولى عندما وقعت اكتسبت الصهيونية الوعد بفلسطين - وعد بلفور -. وعندما قامت الحرب الثانية؛ الحرب العالمية الثانية اكتسبنا التقسيم الذي أعطانا حقوقنا التي كنا ننادي بها. هذه الحرب الثالثة ستعطينا الاستقرار وتنهي موقف الآخرين الذين يحاولون أن يزاحموننا الأرض.
هذا الكلام مكتوب قبل الأمس. العالم كله يأسى ويَتَنَـزَّى ألماً - أنا لا أستطيع أن أرى هذا المنظر الذي حَلَّ بنيويورك وواشنطن - الإنسانية واحدة أيها الإخوة لا تتجزأ - في الوقت الذي العالم كله يغلي؛ هذا الإنسان الذي يتحدث باسم الصهيونية يفرح، يقول هذا الأمر الذي جرى لمصلحتنا، والدليل كيت وكيت وكيت. طيب ما موقف الإدارة الأمريكية من هذا الأمر؟ ما موقفها من هذا الأمر؟.
وأخيراً: إن كانت أمريكا أو غير أمريكا تتصور أن هذه الخطة الصهيونية - أقولها - هذه الخطة الصهيونية من شأنها أن تخنق الإسلام، فإنهم لأغبياء. قد تكون نتيجة هذه الخطة أن تقضي على الآلاف المؤلفة من الناس، والواقع أن كل إنسان لا يموت إلا بأجله، أما الإسلام فلا يمكن القضاء عليه {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ} [الصف: 61/8] ولسوف يتفجر الإسلام، ولسوف يزداد انتشاراً على الأرض التي تُرْسم فيها الخِطط الماكرة للقضاء على الإسلام.
كان ينبغي أن أقول هذه الكلمة في هذا اليوم أمام هؤلاء الإخوة. وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يُلهم الإدارة الأمريكية ورجالها الصحو، وأسأل الله عز وجل أن يلهمهم أن هذا العدو الذي خطط لهذا هو عَدُوُّنا وعدوهم بآن واحد. هذا أمر لاشك فيه ولا ريب. وإذا صَحَتْ أمريكا إلى هذه الحقيقة فإن نصف المشكلة تكون قد حُلَّتْ.
والحمد لله رب العالمين.






























رد مع اقتباس
قديم 07-04-2009, 08:42 PM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
إحصائية العضو








آخر مواضيعي


مسلمة وافتخر غير متواجد حالياً


افتراضي

جزاك الله خيرا







رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
محاضرة علوم تجويد القران للشيخ محمد ابو بكر حفظه الله من كل شر الفاروق الصوتيات والمرئيات والاسطوانات الإسلامية والأناشيد بدون موسيقى 3 14-01-2011 04:19 AM
تعزية فضيلة الشيخ محمد حسان في وفاة الشيخ سعيد الزياني رحمه الله حــ العندليب ــوده السيرة النبويه الشريفة وأحوال الصحابة والتاريخ الإسلامى 0 06-12-2009 01:52 AM
عودة الخلافة للدكتور محمد موسى الشريف طالب عفو ربي الصوتيات والمرئيات والاسطوانات الإسلامية والأناشيد بدون موسيقى 1 29-11-2009 12:22 AM
براءة الإسلام من ختان الإناث للدكتور محمد سليم العوَّا عماد حامد رحيق الحوار العام 2 12-07-2009 02:04 AM


Loading...

الاتصال بنا - منتديات شو ون شو - الأرشيف - الأعلى

Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
3y vBSmart
لا يسمح بوضع موضوعات تخالف منهج أهل السنة والجماعة