06-12-2008, 12:00 AM | رقم المشاركة : 1 | |||||
|
الحبل السري بين المغرب والجزيرة العربية
الحبل السري بين المغرب والجزيرة العربية في التاريخ والثقافة والعمارة د. علي ثويني يتضح من ضمن ما ذهبت إليه معطيات نظرية انفصال القارات الجغرافية بأن الجزيرة العربية والهلال الخصيب كانتا جزءاً من افريقيا في الزمان الغابر وتسني لهما أن ينفصلا عنها ويلتصقا في خاصرة آسيا الغربية مكونان عند اصطدامها جبال طوروس. أما وشائج القربي في الدماء بين القطرين فتعود إلي أولي الهجرات البشرية من الجزيرة العربية في العهد (النيوليتي) أو الحجري الحديث (5 ــ 7 آلاف سنة ق.م). وقد سرت العادة أن تتم تلك الهجرة من الجزيرة التي كانت نبعاً بشرياً لا ينضب ، ثم تسلك الجموع في تغريبها طريقين إحداها شمالي عن طريق سيناء ثم مصر والآخر طريق جنوبي عبر مضيق (باب المندب) ثم اختراق القرن الأفريقي باتجاه الغرب خلال السودان وتشاد (1) ثم الصعود بين كثبان رمال الصحراء ووهادها وهذا ما يؤكده (د.هنري فيلد). أما ما أورده (د.احمد فخري ) (2) في ذلك حيث ذكر قائلا: (وهناك حقيقة مهمة وهي أن خلال الألف الرابعة ق.م وصلت هجرات من جنوبي الجزيرة العربية إلي مصر و أفريقيا وكان هؤلاء المهاجرون علي قدر غير قليل من الثقافة). ثم شهدت شمال افريقيا رحلات متتابعة عن هذين الطريقين للأقوام الحامية ومنهم المصريون والبربر والسامية ومنهم الكنعانيون والعموريون . أما الهكسوس (3) والعبرانيون (4) فقد أتوا مصر من سيناء ومكثوا فيها ردحا من الزمن وذابوا في جنباتها .وخلال تلك الفترة من الزمن شهد العالم انتقال نور الرسالات التوحيدية بين الشوطين . حيث جاء مصر نبي الله إبراهيم (ع) الأكدي الكلداني (العربي) (5) قادما إليها من فلسطين بعد أن وردها لاجئا من (اور) في العراق بعد المحرقة ، ليتزوج من السيدة هاجر الافريقية السمراء وينجب منها نبي الله إسماعيل (ع) (6) والذي كانت من ذريته ــ كما ذهبت إليه الكتب المقدسة والأساطير ــ أقوام العرب الذين شاءوا أن يرثوا الصوبين في آسيا وافريقيا تبعا لانحدار أجدادهم. ثم يليه نبي الله موسي (7) الأفريقي ذا السحنة السمراء ليعبر بشعبه الي آسيا قادما لها من مصر ثم ليتزوج أمة الله (كوشية). وأسم (كوش أو كوشي أو كوثي) هذا له دلالات حسب أساطير العهد القديم (التوراة) حينما يرد أنه من أبناء نوح الذين عاشوا الطوفان في العراق القديم ثم توجهوا نحو الغرب أي الي افريقيا لنشر الفكر التوحيدي. ورد في ما كتبه المؤرخ المصري (هيرودوت) (حوالي العام 450 ق.م) ذكر بعض الفراعنة (العرب)، وأسهب في وصف هؤلاء الأجانب ودينهم الذي عم الأرض ومنها اليونان وآلهتهم التي جاءت صور عنها. ولقد ورد ذلك الخبر بعد حين في أخبار المؤرخ المصري (مانيتون) (حوالي العام 300 ق.م) وبأنهم كانوا عرباً. ثم ورد ما يؤكد ذلك في كتب المؤرخين العرب بما يسمي بـ(الفراعنة العرب) وقد ورد في تواريخ الطبري والفاكهي وابن الأثير والمسعودي وغيرهم من وجود هؤلاء في الحقب الفرعونية. وقد ورد في تاريخ ابن الأثير اسم (الريان بن الوليد بن مصعب) كأحد أبرز هؤلاء الفراعنة. ومن الاكتشافات الأثرية التي تؤكد عمق الاتصال بين افريقيا الحامية والجزيرة العربية السامية هو فيما ذهب إليه باحثان أمريكيان هما (جون كولمان) و(ديبورا دارنل) والأخيرة امرأة تعد أطروحة للدكتوراه حول الآثار الفرعونية في جامعة (يال) الأمريكية. حيث عثروا علي كتابات منقوشة علي صخور كلسية وجدوها غرب منطقة (الأقصر) في صعيد مصر وبالذات في وادي (الهول) الواقع بعد وادي (الحلول) علي الضفة اليسري لنهر النيل بالقرب من (طيبة) العاصمة القديمة لمصر العليا والذي اشتهر بآثاره الفرعونية. وأكد الباحثان بأن الكتابات تعود الي مرحلة تاريخية تتراوح بين أعوام ــ 1900 ــ 1800 ق.م ــ وهي نفس فترة حلول النبي إبراهيم الي فلسطين ــ . والمفاجأة في ذلك هو أسبقيتها الزمنية بالمقارنة مع ما يسمي (خطوط سيناء) وربما تكون هذه الرقم الحجرية صلة وصل بين الهيروغليفية المصرية والأبجديات السامية التي انطلقت من الجزيرة العربية. وتبدو تلك الرموز بأنها سامية ومجموع الأصوات والحروف والكلمات تشبه الي حد بعيد (اللغة الأكادية) التي تكلمها أقدم الساميين الذين هاجروا وسكنوا جنوب العراق. وقد تم ذلك الاكتشاف الرائد خلال أعوام 1993 ــ 1994 وتم التصريح بها وعرضها في 22 تشرين الأول (نوفمبر) عام 1999 في مؤتمر لمؤسسة (سوسايتي أوف بيداليكال ليتراتشور). وقد تم تمييز كلمة (رب) (8) التي تشير الي الإله أو السيد العربية. ثم يردنا من أخبار الفينيقيين رواد البحر وجهابذته وهم من الكنعانيين القادمين من شرق الجزيرة العربية في الآلف الثالثة قبل الميلاد والذين استطاعوا أن يقيموا لهم مستعمرات علي طول الساحل المغربي ومنها قرطاجة ومالطة (9) وطنجة وطرابلس (10). وربما كان لإيثارهم كتمان سر فتوحاتهم ومواقعهم في هذه البقاع وخاصة بما يتعلق بطرق التجارة مع داخل افريقيا الذي أرادوا من خلاله تحاشي منافسة الغير لهم واطلاعهم علي سره وخاصة الرومان . وتشهد لنا كثير من قصص التاريخ علي تلك الفتوح غير المدونة مما حرمنا من أسرارها والتحقق من عمق روابطهم بمنطقة المغرب العربي ومما يثبت لنا ذلك أن آلهتهم كانت خلال تلك الحقب معبودة وتتمتع بالحظوة من لدن البربر سكان المنطقة. مبالغة الدراسات الانثروبولوجية وعروجا علي تلك التسمية فان كلمة البربر التي أطلقها الرومان جزافاً علي أهل المغرب التي أريد بها أن تكون كنية تميزهم عن الشعوب الأخري التي اعتقدوا بانها غير متحضرة، و في حقيقته ذلك نوع من الاحتقار والتفاضل غمزا. وقد ورث العرب تلك التسمية واستعملوها لفظاً وليس دلالة وقصداً. وكانت قد استعملت كلمة القبائل العربية ولا سيما في الجزائر وقسمها الفرنسيون بحذاقة إلي كبري وصغري بحسب أقاليمها. وتعمم اليوم كلمة (أمازيغ) وهي تعني الرجل الحر وهي الأنسب و الأكثر واقعية وصحة. في عودة للدراسات الأنثروبولوجية والتي بدأ ضجيجها في أواخر القرن التاسع عشر وكان القصد منها تمهيد الأرضية للحقبة الاستعمارية التي شرعوا بها لاحقا والتي وصفها (جيرار لكلرك) (11) بانها (أصبحت أداة في يد السلطات الحاكمة في البلدان الأوربية التي كانت تشهد مع توسع البحث في الأنثروبولوجيا توسعا جغرافياً مذهلا حملها من جذورها الضيقة). وفي غلواء تلك الدراسات بدأ انتشار التسميات الأسطورية وذلك بتقسيم الشعوب الي الساميين و الحاميين اقتفاء بالأسطورة الواردة في العهد القديم (التوراة) والتي لم تجد ما يؤكدها علمياً أو يناقشها ويرد علي مغالطاتها ولا سيما عند تكريسها لتسمية اللاسامية التي يتشدق بها اليهود اختيالا يراد من ورائه التقوقع والمواربة ، بالرغم من كون العرب وسكان (القرن الأفريقي) ينتمون الي (السامية) تلك تماشياً مع ذلك التقسيم الساذج. وفي خضم الطروحات العلمية (الأنثروبولوجية) الغربية التي وجدت لها صدي وهوي في بعض النفوس، والتي تضمنت البحث عن أصول البربر سكان المغرب القديم وربطهم بالغرب عنوة لنفس الأسباب الاستعمارية التي تبنتها فرنسا إبان تلك الحقبة حتي تمادوا في ذلك وكانوا يقولون أن البربر من أصول وندالية أو (غاليه gaulois Les) الذين هم أجداد الفرنسيين الذين يتشدقون بالفخر بهم، حتي لنتذكر في ذلك نشيد فرنسا الوطني في الايام الخوالي القائل (وطننا يمتد من الالزاس إلي تمنراست) وهي المدينة الطوارقية الواقعة في أقصي جنوب الجزائر. وبنفس المنحي يؤكد هؤلاء العلماء بما لا يسمح بالدحض بان أقوام (البوشمن) و(الهتنتوت) وهم سكان جنوب افريقيا الاصليون قد جاءوها من الشمال الشرقي وبالتحديد من باب المندب والحبشة زاحفين هذا المدي الشاسع المتخلل بالجبال (كليمانجارو) والغابات والبحيرات الواسعة ليصلوا أقصي الجنوب، ويحّرمون بنفس الحين علي الأقوام السامية والحامية ذلك التواصل و السير قليلا وبدون ان تكون هناك ثمة عوائق تذكر من الجزيرة العربية إلي مصر والمغرب العربي خلال بطحاء من الأرض. يتبع...
آخر تعديل سلسبيل الخير يوم 06-12-2008 في 12:05 AM.
|
|||||
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
إصابات الحبل الشوكى | سلسبيل الخير | الصحة العامة والصحة النفسية والتنمية البشرية | 1 | 14-01-2011 07:03 AM |
أروع موسوعات الطبخ العربية وأكبر عدد من الأكلات العربية والعالمية مع الشرح | اسراء | المطبخ وتنسيق المنزل | 0 | 13-11-2010 07:16 PM |
؟؟؟ هل ستقطع الحبل ؟؟؟ | طالب عفو ربي | رحيق الحوار العام | 2 | 05-06-2009 12:43 AM |
الصحراء الغربية .. المغرب أم البوليساريو؟ | طالب عفو ربي | رحيق الحوار العام | 1 | 29-05-2009 09:13 PM |
المغرب وقصة الصحراء الغربية | طالب عفو ربي | رحيق الحوار العام | 2 | 24-05-2009 11:01 PM |
|