|
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
06-04-2009, 07:55 PM | رقم المشاركة : 1 | |||
|
حوار مع فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي مع الدكتور محمد راتب النابلسي
لقاء طيب مبارك بين فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي داعية مصر الأول ، وبين الأستاذ محمد راتب النابلسي ، تم هذا اللقاء الكريم ، في دار الشيخ الشعراوي في القاهرة ( الهرم ) ، بتاريخ التاسع والعشرين من تشرين الأول عام ألف وتسعمئة وتسعين ، الساعة العاشرة والنصف ضحُى وبعد تبادل كلمات الترحيب والوُدّ جرى الحوار التالي : ( سورة يوسف : آية " 105) هذه الحقائق تحملك على الإيمان باللّه ، فالدين لا يتدخل إلا فيما تختلف فيه الأهواء ، ولكن ما تلتقي فيه الأهواء .. أنت حرّ .. ويا عالم الدين لا تتدخل فيما تلتقي فيه الأهواء ، ويا عالم الدنيا لا تتدخل فيما تختلف فيه الأهواء . إذاً الذين يُريح عقلي من صراع الأهواء بعضها ببعض ، ويجعلني ألتقي مع الآخرين في المسائل المتفق عليها ، ولذلك نرقى ولا نختلف . ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن بل أتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون ( سورة المؤمنون : آية " 71 " ) فالحق جل وعلا الذي أبحث عنه بعقلي ، بمجرد ما انتهيت إليه بعقلي أُسلِّم له لأني لمّا آمنت بأنه إله ، وأنّه مأمون على ما شرع لي ، ينبغي أن أُسلِّم . فأنا أبحث عن الطبيب المناسب بعقلي، وحينما أهتدي إليه بعقلي أسلِّمه نفسي ولا أتدخَّل فيما يكتبه لي من أدوية وعلاجات ، لذلك العارفون باللّه أعطوا العقل مهمته فقالوا : العقل مطيَّة توصلك إلى حضرة السلطان ، ولكن لا يدخل معك عليه ... المشكلة أننا نبحث عن العلل التعبديَّة !! هذه لماذا ؟ وتلك لِمَ ؟ لا يناقش في حكمة الأشياء إلا المادي . * سيدي هل في الإسلام شريعة وحقيقة ، ظاهر وباطن ، أم أنهما وجهان لشيء واحد ؟. ** هي شيء واحد ... ليس هناك اثنينيه ... لكن الشريعة تبحث في الحُكْم ، والحقيقة تجعلك تطبِّق الحُكْم ، فهناك فرق بين معرفة الحكم، وبين توظيف الحكم في التطبيق ، ومعنى حقيقة أنك أخذت الحكم لتطبِّقه، لا لتتباهى بمعرفته ، أحضرت الدواء ووضعته في خزانتي ! هذه الشريعة ، ثم لما تناولت هذا الدواء .. هذه هي الحقيقة . فأهل الحقيقة هم الذين يأخذون معطيات الحكم وينفذونه ؛ لأن الحكم ليس علماً نتعلمه لذاته ، لأن ربنا يريد أن يهدينا إليه لا أن يعلمنا لمجرد العلم ، والذي يهتدي إلى اللّه ليس من الضروري أن يعرف الحكمة ، فالقاعدة أن استفادتك من الشيء ليت فرعاً من العلم به ، بل هي فرع من علم من أعطى هذا الشيء . * سيدي ... هل الصوفي الحق عالم عمل بعلمه ؟... ** طبعاً ... الصوفي الحق وصل بعلم الشريعة ، وعالم الشريعة حينما قصَّر في تطبيق علمه تخلَّف عنه وكأن لسان حاله يقول : اعمل بعلمي ولا تركن إلى عملي واجْنِ الثمارَ وخلِّ العودَ للنار ... لكن في هذا الموضوع قضية ثانية ، وهي أنه ... " من عمل بما علم أورثه اللّه علم ما لم يعلم "(3) ، فهذا الذي عمل بما علم ، مأمون على ما تعلم ، لذلك استحق من اللّه إشراقه ونوراً مكافأة له غلى تطبيق ما تعلَّم من الشريعة مخلصاً ، وليس له أن يتاجر بها بين الناس ... إنما هي إكرام خاص لأنه مشى على الطريق المستقيم. إنه الفرقان لقوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم والله ذو الفضل العظيم . ( سورة الأنفال : آية " 29 " ) فالفرقان – وهو النور الذي تفرق به بين الحق والباطل - تابع للتقوى وهي طاعة اللّه ، والتقوى تابعة لمعرفة علم الشريعة .* سيدي ... هل يمكن أن نقول : إن سيدنا موسى عرف الأمر التشريعي ، وسيدنا الخضر عرف الأمر التكويني ؟... ** الخضر : عرف الأمر التشريعي ، وبه أعطاه اللّه ما عنده ، عن غير طريق موسى ، إنه عَبَدَ اللّه على الطريقة التي جاء بها موسى ( علم الشريعة ) ثم أعطاه اللّه العلم اللدني ... عَبَدَ اللّه بالأمر التشريعي، الذي جاء به موسى ، ثم أعطاه اللّه بعض أسرار الأمر التكويني ، ولو عرف سيدنا موسى سر الأمر التكويني لفعل ما فعله الخضر عليه السلام(4) . * سيدي ... النصوص الدينية - كما تعلمون - من قرآن وسنَّة، منها ما هو قطعي الدلالة ، ومنها ما ظنّي الدلالة ، والنصوص الظنية في دلالتها هي سبب اختلاف العلماء ، وتعدُّد المذاهب، فما الحكمة التي ترونها من ورود النص ظني الدلالة ؟.. ** يا سيدي ... كل نصوص القرآن قطيعة الثبوت ، لكن أصول الأشياء التي يريد اللّه من الناس ألا يختلفوا فيها جعلها قطعية الدلالة ... والنص الظني الذي يحتمل مدلولات عدة ، إنما أراد الشارع أن يُفهم على كل مدلولاته ، وجميع احتمالاته ، ولو أراد اللّه للنص أن نفهمه على لون واحد ، ودلالة واحدة ، لجعله قطعي الدلالة . فآية الوضوء مثلاً : ( سورة المائدة : آية " 6 " ) ما قال في الوجه شيئاً لأنه لا ختلاف في مدلول الوجه ، أما حينما ذكر اليد فقد قيَّدها بقوله إلى المرافق ، لأن اليد مختلف في مدلولها، فاليد تُطلق على الكف ، وعلى الساعد وعلى المرفق، وهو يريدها على وجه خاص ، فجاء النص قطعي الدلالة ، وحينما ذكر الرأس قال : وامسحوا برؤوسكم ( سورة المائدة : آية " 6 " ) والباء صالحة لكل هذا ... إذاً يعدُّ اجتهاد أي مجتهد في معنا الباء صالحاً ومقبولاً ، إن للتبعيض أو للإلصاق أو زائدة . ولو أراد الله من المسح أحد المعاني قصراً لقال : امسحوا ربع رؤوسكم ... وهكذا .* إذاً اللّه يقبل منا اجتهاد المجيهدين في عبادته .. ** نعم ... لكن عمل النَّبي صلى اللّه عليه وسلم الذي يجسد فهمه للنص أولى من اجتهاد المجتهدين ... مثل آخر وهو أمر النَّبي صلى اللّه عليه وسلم : " من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر ، فلا يُصلينَّ العصر إلاّ في بني قُريظة "(5) . ذهب الصحابة إلى بني قُريظة ... الشمس قاربت المغيب ... انقسم الصحابة قسمين .. قسم قال : الوقت ضاق ويجب أن نُصلَّي ، وقسم قال : الصلاة في بني قريظة ... واحتكموا إلى النَّبي صلى اللّه عليه وسلم فأقرَّ هذا وأقرَّ هذا ... فالذي أراد أن يصلي لحظ زمان الصلاة ، والذي رأى ألا يصلي لحظة مكان الصلاة ، لأن كل حدث له ركنان أساسيان : الزمان والمكان .. النَّبي صلى اللّه عليه وسلم أقرَّ الفريقين على اجتهادهما. * سيدي ... أيهما أشدُّ نفعاً وأطول أمداً أن ينكَبَّ الداعية على تأليف الكتب ، أم على توجيه الناس ؟ . ** يا سيدي ... العملية تخضع لوجود المجال ، أن الفاعل شيء، والقابل شيء آخر ، والناس لا تُفرِّق بين الفاعل وبين القابل ، فأنا حينما أؤلِّف كتباً ، هذه الكتب لن يقرأها إلا المتعلم، وغيرُ المتعلم إن لم يتوافر له من يعلمه بلغة الخطاب سيضيع ، لذلك أعتمد لغة الخطاب الأولى لغة التفاهم .. لغة اللسان .. لكن عيب لغة اللسان هو أنني حينما أريد أن أستذكر ما قيل لا ينفعني في هذا إلا الكتاب . وللكتاب ميزة أخرى .. وهي أنني حرٌّ في أن أقرأه في الوقت الذي أريد ، بينما المتكلم يقيدني بالوقت الذي يريده هو ، فالحرية له وليست لي ، والحقيقة أننا بحاجة إلى المتكلم وإلى الكتاب معاً ، وكلاهما لا زِمان ومتكاملان ، لكن هناك مرحلة لا بد فيها من لغة الخطاب ، وهي مرحلة الطفولة ، وهي أخطر مراحل الإنسان ، فالطفل حينما تتكوَّن لديه حاسة الإدراك ، وبمجرَّد ما تأخذ وظيفتها تبدأ عنده مرحلة التعلم ، فالمعلم يعطيه عن طريق لغة الخطاب شيئاً فشيئاً ، وليس من المعقول أن ننتظر حتى يقرأ ..، عندها تتكون للطفل ذاتية مشوَّهة يصعب لَيُّها وتغييرها ، فلابد من استخدام لغة الخطاب الأولى مع الأطفال، وغير المتعلِّمين . * سيدي ... هل هناك نصائح يمكن أن تقدموها للدعاة إلى اللّه في هذه الصحوة الدينية بالذات ؟. ** على الداعي أن يحذر أن يرى منه المدعو ما هو مخالف لشيء يقوله ، لأن الأعين كلها تحدِّق فيه ، والأضواء كلها مسلَّطة عليه، ليحذر الداعي أن يصادف منه تلامذتُه كلمةً تخالف عمله . والداعية - اليوم - مهمته صعبة جداً ... لأنه يدعوا إلى اللّه في عالم ، تعددت ألوان ثقافته ، وألوان تأثيراته في العقول ... فلابد من أن يُلَّم بكل ألوان الثقافة ، وأن يمتلك مقومات التأثير في من يدعوهم ، فلو لم يكن له اتصال بثقافه عصره صَغُر في أعين من يدعوهم ... ويجب أن يُحكم صلته باللّه عن طريق الالتزام التام بأمر اللّه وسنَّة نبيه ؛ لأن ( البطارية ) التي تريد منها أن تُمدك بالنور ينبغي أن تشحنها بشكل دوري ... * * * ( 1) فضيلة الشيخ مجمد متولي الشعراوي : داعية مصر الأول وهو غني عن التعريف ، ولد في المنصورة عام 1911 ، وبعد أن نجح في المعهد الديني الإبتدائي بالزقازيق التحق بالمعهد الثانوي في أول الثلاثينات ليحصل على الشهادة الثانويّة الأزهرية عام 1936 ، وبعدها حصل على الإجازة العالية من كلّية اللغة العربيّة بالجامعة الأزهريّة عام 1941، ثم نال الإجازة العالميّة عام 1944 ، ثم عُيِّن مدرِّساً للغة العربية في المعاهد الثانويّة الأزهريّة في الزقازيق وطنطا والإسكندريّة ، ثم سافر إلى المملكة العربيّة السعوديّة ليعمل مدرِّساً في معاهدها الشرعيّة ، ثم أستاذاً للشريعة بجامعة الملك عبد العزيز بمكّة المكرَّمة عدة سنوات ، وعاد إلى مصر ليعمل مديراً للدعوة في وزارة الأوقاف ، ثم مديراً لمكتب الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر ، ثم سافر إلى الجزائر ليعمل رئيساً لبعثة الأزهر فيها ، ثم عُيِّن وكيلاً للأزهر ، وتسلَّم منصب وزير الأوقاف وشؤون الأزهر بين عامي 1976 - 1978 ، وله ثلاث أولاد من الذكور وبنتان ، أكبرهم فضيلة الشيخ سامي متولي الشعراوي مدير منطقة الجيزة الأزهريّة ، وهو الذي زوَّدنا بهذه النبذة عن حياة والده .( 2 ) رواه مسلم " 2363 " ( 3 ) قال الشوكاني في " الفوائد المجموعة " ص 306 رواه أبو نعيم وهو ضعيف ، ط : دار الكتاب العربي . ( 4 ) يقول العارف باللّه الشيخ عبد الغني النابلسي : " الدعاة إلى اللّه ثلاثة : عالم بالشريعة فقط ، وهو يدعوا الناس إلى تعلُّم ما يُفترض عليهم من أحكام ربهم ، وعالم بالطريقة ولا يكون إلا عالماً بالشريعة ، وهو يدعو الناس إلى العلم بالأحكام ويعلمهم كيفية العمل بها ، وكيفية إيقاعها على الوجه المقصود الخالي من البدعة ، وعالم بالحقيقة ولا يكون أبداً إلاَّ عالماً بالشريعة وعالماً بالطريقة ، وهو يدعو الناس إلى العلم والعمل به ، ويبيِّن لهو كيفيِّة ذلك ويسلكهم في طريق المقامات والأحوال الإلهيّة بالحال والقال والهمّة " . من كتاب " الفتح الربّاني والفيض الرحماني " /7 . ( 5 ) الحديث : " لا يُصلينَّ العصر إلا في بني قريظة " أخرجه البخاري " 7 / 313 " ومسلم " 1770 " |
|||
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 0 والزوار 3) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
محمد راتب النابلسي جميع حلقات اسماء الله الحسنى | الفاروق | المناسبات والأعياد الإسلامية | 0 | 16-08-2010 05:40 PM |
حلقات برنامج عقل وقلب مع الدكتور محمد راتب النابلسي | الفاروق | المناسبات والأعياد الإسلامية | 0 | 16-08-2010 05:32 PM |
الشيخ الدكتور محمد راتب النابلسي: لن يقتنع الغرب بديننا مادمنا نعيش التخلف والجهل | طالب عفو ربي | رحيق الحوار العام | 0 | 01-05-2009 03:19 PM |
|