الـدعـاء
ثالـثاً : الـدعـاء : لقوله تعالى : { . . . وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً }(1).
وقوله : { وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِن أَزْوَاجِنَا وَذُرِّياتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً }(2).
وقد كان من دعائه صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم : (( اللهم إني أسألك علماً نافعاً ، وأعوذ بك من علم لا ينفع ))(3).
وهذا الإمام الجليل ابن تيمية رحمه اللَّه يقول عن نفسه : (( ربما طالعت على الآية الواحدة مائة تفسير )) ؛ ثم يسأل اللّه قائلاً : (( يا معلم آدم وإبراهيم علمني )) ، وينطلق إلى المساجد المهجورة حيث لا يراه أحد ، يمرغ وجهه فـي التراب افتقاراً ، وانكساراً للَّه سائلاً الفهم ، قائلاً : (( يامعلم إبراهيم علمني )) ؛ فيفتح الله عليه ويهديه لما اختلف فيه ، وبذلك بَزَّ الأقران ، وساد فـي الإسلام ؛ وأعلى اللَّه كعبه ، ورسخ فـي العلم قدمه.
إنه الدعاء . . فهل عجزت عنه ؛ فإن أعجز الخلق من عجز أن يدعو.
قال الشافعي رحمه اللَّه تعالى :
أتهـزأ بالدعـاء وتزدريـه وما تدري بما صنع الدعاء
سهام اللـيل لا تخطي ولكن لها أمـد وللأمـد انقضاء
فعليك بالدعاء فإنه سهام الليل التي لا تخطي وكن موقناً من الإجابة ترى من ربك كل خير تتمناه ، وترجوه ، أما قرأت قوله تعالى : {. . . فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ . . . }(4)(؟!).
فما ظنك بالقريب المجيب الذي يدعو عباده إلى دعائه بقوله : { . . . أدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ }(5)(!).
بل ويتوعد أولئك الذين يستكبرون عن دعائه بقوله : { إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَن عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}(5).
فأي كرم أعظم من هذا(!) وأي رحمة أوسع من هذه ، أن تقاد إلى الخير قوداً ؛ وتوعد بالعذاب إن رغبت عنه(!).
فسل ربك العلم : (( . . . . . . . . . وأخلص فـي السؤال إذا سألتا )).
وأدمن قرع الأبواب ـ ولا تقل : (( طرقت الباب حتى كَلَّ متني )) ـ تتيسر لك الأسباب.
قال محمد بن بشير :
لا تيأسن وإن طالت مطالبة إذا استعنت بصبر أن ترى فرجا
أخلق بذي الصبر أن يحظى بحاجته ومدمن القرع للأبواب أن يلجا
وقال الألبيري :
ولازم بابه قرعـاً عسـاه سيفـتح بابه لك إن قرعـتا
ـــــــــــــ
(1) سورة طه الآية : ( 114).
(2) سورة الفرقان الآية : ( 74 ).
(3) أخرجه ابن حبان ، وصححه ( باب الاعتصام بالسنة )( ذكر ما يجب على المرء أن يسأل الله جلا وعلا العلم النافع )، والنسائي في ( السنن الكبرى )( كتاب الاستعاذة )( الاستعاذة من علم لا ينفع ) والهيثمي في ( المجمع )( كتاب الأدعية )( باب الأدعية المأثورة عن رسول الله ) من طريق عائشة وقال رجاله ثقات ) ومن طريق جابر ، وقال : ( إسناده حسن ).
(4) سورة البقرة الآية : ( 186).
(5) سورة غافر الآية : (60
لشيخي الفاضل ابوعبيدة العمروني ضبح العاديات