04-05-2009, 07:52 AM | رقم المشاركة : 1 | |||
|
فعلا ....عاقل في زمن الجنون
سيرة حياة مهاتير محمد ميلاده من مواليد عام 1925م درس الطب وتخرج طبيبا في جامعة الملاي في عام 1974م تم تعيينه وزيرا للتربية والتعليم. ثم نائبا لرئيس الوزراء، وعام 1981م تولى رئاسة الحكومة. حياته كان كتاب (معضلة الملايو).. معضلة حقيقية لمهاتير محمد، فحين كتب مهاتير الكتاب عام 1970 قامت الدنيا ولم تقعد لاتهامه شعبه بالكسل والاتكالية، داعيا فيه الي ثورة صناعية شاملة تتيح لماليزيا الخروج من حلقة الدولة الزراعية المتخلفة. وبين منع الكتاب من قبل منظمة المالايو القومية المتحدة وبين قدرة مهاتير علي التنظير والقدرة علي كسب الاتباع داخل حزبه، صعد نجمه السياسي بسرعة قياسية ليتولي رئاسة وزراء بلاده عام 1981 ولمدة 22 عاما، مما أتاح الفرصة كاملة لآن يحول افكاره الي واقع جاعلا من ماليزيا احد انجح الاقتصاديات في جنوب آسيا والعالم الاسلامي، فمن دولة زراعية تعتمد علي انتاج وتصدير المواد الاولية ، خاصة القصدير والمطاط، الي دولة صناعية متقدمة يساهم قطاعا الصناعة والخدمات فيها بنحو 90% من الناتج المحلي الاجمالي، وتبلغ نسبة صادرات السلع المصنعة 85% من اجمالي الصادرات، وتنتج 80% من السيارات التي تسير في الشوارع الماليزية، وكانت النتيجة الطبيعية لهذا التطور ان انخفضت نسبة السكان تحت خط الفقر من 52% الي 5% فقط في عام 2002 ، وارتفع متوسط دخل المواطن الماليزي من 1247 دولارا في عام 1970 الي 8862 دولارا في عام 2002 وانخفضت نسبة البطالة الي 3% وكان سبب ذلك تبني مهاتير مجموعة من السياسات أتاحت لماليزيا لان تكون البيئة المثالية لآفضل الاستثمارات في جنوب آسيا حسب دراسات البنك الدولي. المفكر والسياسي ولم يكن مهاتير سياسيا يتولي رئاسة الوزراء فحسب بل كان مفكرا له كتبه ومؤلفاته، وصاحب أستراتيجية واضحة تدعمها رؤية مستقبلية لما ينبغي ان تكون عليه بلاده. فمهاتير محمد هو مهندس خطة 2020 ، والتي تقوم علي فكرة ان تصبح ماليزيا بحلول التاريخ المذكور دولة صناعية كبري، وفكرته كانت تتلخص في الوصول الي معدل نمو بنسبة 6.7% في الفترة من 1971 الي 1990 ، ثم بنسبة 7.1% في الفترة من 1991 الي 2000 لتكون قادرة علي تحقيق هذا الهدف اذا كررت نفس السيناريو. المثل هو اليابان يقول مهاتير محمد في آخر تقرير له عن الموازنة العامة قبل تقاعده كرئيس للوزراء ان حكومته ادركت تماما اهمية أن يصاحب التطور الماليزي القيم الاخلاقية والاجتماعية، ولهذا دعي دائما الي النظر الي الشرق، والمقصود بذلك اعتناق قيم العمل السائدة في اليابان وكوريا التي تقوم اساسا علي الانضباط الشديد والاخلاص التام للعمل ، والحرص علي اختيار قيادة ادارية ماليزية واعية، وقد يبدو هذا مخالفا لمفهوم البحث عن قيم التطور في الغرب عموما والولايات المتحدة بشكل خاص، لكن مهاتير رأي دائما ان ثقافة العمل في اليابان بشكل خاص هي الانسب لثقافة وتكوين بلاده. انجازاته وصلت ماليزيا في عهده ذرى لم تصل إليها دولة إسلامية أخرى حتى اقترب نصيب الفرد الماليزي من الدخل القومي إلى 10 آلاف دولار سنويا لقد حقق د. مهاتير السلام الداخلي في ماليزيا من خلال سياسات إنتاجية وتنموية، ونجح في عقد صفقة تاريخية بين أرجاء النخب الماليزية وفي المقابل أعطى فرصة متميزة للطائفة المالاوية في مجالات الصحة والتعليم الرؤى والأفكار.. مهاتير رجل لا يرى الإسلام مجرد ممارسة مجموعة من الشعائر الدينية بل منظومة متكاملة تصلح لجميع شؤون الحياة وبفضل هذه العقلية الجبارة والروح المتشبعة بتعاليم الشرع نهض عالم الشرق الآسيوي المنازع لقوة الغرب المادية والمفارق له ثقافيا في الوقت نفسه، وفي قلب الصورة المضيئة لمع اسم مهاتير، فلم يكن الرجل مجرد أداة لتطور تاريخي يتداعى بالعدوى من محيط الجوار الناهض، بل كان يدرك ما يفعل بالضبط، فهو رجل الفكر والإنجاز في آن، هو الطبيب الذي تحول إلي أفضل خبراء الاقتصاد، وهو الحاكم الذي تحول إلي أعظم مفكر وصاحب نظرية للطفرة الآسيوية. قلق من العولمة وبالنسبة للعولمة فان مهاتير قلق من التفسير الامريكي لها، لانها ستؤدي الي فتح اسواق الدول النامية امام الشركات الامريكية العملاقة التي لا تقوي مؤسسات الدول النامية علي منافستها، وينتهي الامر باستمرار احتكار الشركات الكبري. ومهاتير كان جادا فيما يقول حين رفض تطبيق السياسات التي اوصي بها صندوق النقد الدولي اثناء ازمة الاسواق الآسيوية حين تعرضت العملة الماليزية (الرينجيت) الي مضاربات واسعة بهدف تخفيض قيمتها، وظهرت عمليات تحويل نقدي واسعة الي خارج ماليزيا، جاعلا من سياسات مهاتير عرضة للفشل، لكن مهاتير نجح في فرض قيود علي التحويلات النقدية خاصة الحسابات التي يملكها غير المقيمين، وفرض اسعار صرف محددة لبعض المعاملات مخالفا لسياسة تعويم العملة التي يصر عليها صندوق النقد الدولي في مثل هذه الحالات، ورغم ضغوط الصندوق، اصر مهاتير علي سياسته التي اثبتت الايام انها كانت ناجحة حتي ان دولا كثيرة تدرسها وتحاول تكرارها. لكن وسائل الاعلام العالمية، حسبما يقول مهاتير، ترفض الاعتراف بالنجاح الذي حققته ماليزيا في مواجهة الازمة المالية الآسيوية، ولا تظهره بالشكل الكافي. وتجربة ماليزيا في ظل حكم مهاتير نجحت في خلق توازن عرقي يجنب البلاد الصراعات والخلافات بين المجموعات العراقية الثلاثة المكونة للسكان البالغ عددهم 24 مليون نسمة، وهي المالايو الذين يمثلون 58% من السكان، والصينيون الذين تبلغ نسبتهم 24%، والهنود البالغ نسبتهم 7%. وبالرغم من تلك النجاحات فان المناوئين لمهاتير يصفونه بدكتاتور، ولكن بطريقة ماليزية لم تتح لزعيم قوي لان يظهر وينافس مهاتير ، فتركيز كل السلطات في يد مهاتير لم يسمح بتطور التجربة الديمقراطية في ماليزيا وبدا الامر وكأن مهاتير لن يتقاعد ابدا. كما أن منتقديه يقولون ان فترة حكمه تميزت أيضا بقمع سياسي بعدما واجه تحديا من داخل حزبه في عام ألف وتسعمائة وسبعة وثمانين كما تعرض عدد من رموز المعارضة للاعتقال ومنعت (بتشديد الميم) صحف من الاستمرار في الصدور، وأقيل عدد من كبار القضاة من مناصبهم حين أبدوا اعتراضهم علي ممارساته. وحتي صديقه لسنوات طويلة موسي هيتلم كان قد وصفه بانه رجل عنيد وحديدي، وكان موسي نائبا له لكنه استقال بعد خلافه الشديد معه. ولعل منتقديه غالبا ما يلمحون الي الطريقة القاسية التي ادار فيها مهاتير لازمة أنور ابراهيم الذي شغل منصب النائب له، وماصاحب ذلك من اتهامات لابراهيم بالشذوذ ال ***ي انتهت به الي السجن، ويري كثير من المراقبين ان مهاتير قرر انهاء الحياة السياسية لابراهيم بهذه الاتهامات التي انكرها ابراهيم باستمرار. وحتي عبد الله بدوي الذي خلف ابراهيم قال عنه اعداء مهاتير انه يعيش تحت ظلاله ولن يستطيع مجابهته او حتي مجادلته، وانه ناعم يتزلف له ليتولي منصب رئيس الوزراء وهذا ماحدث في مطلع شهر تشرين الثاني (نوفمبر) 2003. ومهاتير ظل مثيرا للجدل حتي بالنسبة للغرب الذي بدا يتململ من تصريحاته و خصوصا تلك التي اطلقها في المؤتمر الاسلامي عن اليهود التي قال فيها ان اليهود يحكمون العالم بالوكالة ويرسلون غيرهم للموت نيابة عنهم، هذه التصريحات قد أثارت لغطا كبيرا ودعت جهات امريكية وغربية مهاتير الي الاعتذار. ومهما تعددت الاراء في شخصية مهاتير المثيرة للجدل حقا، فان الجميع يتفق علي ان الدكتور مهاتير كان شخصية كاريزمية استطاع ان يبتكر اليته الخاصة في العمل السياسي، كما كان مراقبا جيدا للشؤون الاقليمية والعالمية، لايخجل من انتقاد ومهاجمة أقرب حلفائه السياسيين، ولعله كان محقا حين قال ذات يوم بان خبرة الاف السنين لم تجعل الانسان قادرا علي ادارة شؤونه افضل من اولئك الذين كانوا يعيشون في العصر الحجري. مشهد الأخير (وقتي انتهي.. لن أتولى أي مسؤوليات رسمية بعد 31 أكتوبر 2003م لأنه من المهم أن يتولى قيادة ماليزيا جيل جديد بفكر جديد). هذا آخر ما تحدث به هذا العبقري.. إبداع في البدايات وروعة في النهايات لحقا هو إحدى المعجزات! |
|||
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
مشروب الطاقة ريد بول ( اسهل طريقة للموت ) فعلا بعيطيك جوانح | admin | الصحة العامة والصحة النفسية والتنمية البشرية | 3 | 13-11-2009 11:08 AM |
هل أنت عاقل ؟ طيب لماذا لا تفكر؟ | حسن حسن | رحيق الحوار العام | 2 | 29-05-2009 01:45 AM |
الحرمان من النوم يؤدي الى الجنون الارتياب | المساوى | الصحة العامة والصحة النفسية والتنمية البشرية | 1 | 17-01-2009 09:36 PM |
|