ما أعظم الإسلام وما أجلُّه وهويدعو المسلمين إلى التواضع كعنصرحيوى
وفعال فى تكامل الشحصية واتساق جوانبها ، وما يكون لذلك من ثمرات البر والمرحمة واللين والرفق التى تأخذ سبيلها إلى سلوك الناس وحياتهم وتعاملهم والتواضع فضيلة الفضائل ، وأساس مكارم الأخلاق .قيل أن التواضع : الإستسلام للحق وترك الإعتراض على الحكم ، وذكر أحد العلماء : أن التواضع قبول الحق ممن كان .. وسُئل أحد الصالحين عن التواضع فقال : خفض الجناح للخلق ولين الجانب لهم .والتواضع يدعو فى وضوح إلى تهذيب النفس حتى لاتطغى على صاحبها فتتردَّى به فى مهاوى الغرور والهلكة . قال سبحانه وتعالى : " تلك الدَّارُ الآخِرَة ُنجْعَلها لِلذِين َلايُريدُونَ عُلوًّا فِى الأرْض ِولا فسَادًا والعَاقِبَة للمُتقِينَ " القصص83 ".
روى الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجة عن أبى هريرة رضى الله عن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال الله عز وجل : " الكبرياء ردائى والعظمة إزارى ، فمن نازعنى واحدا منها قذفته فى النار"وروى مسلم فى صحيحه عن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لايدخل الجنة من كان فى قلبه مثقال ذرة من كِبْر. قال رجل : يا رسول الله إن الرجل يحب أن يكون ثوبه نظيفا حسنا ونعله حسنا . قال : إن الله جميل يحب الجمال ، الكِبْر بطر الحق وغمط الناس " وبطر الحق أى دفعه ، وغمط الناس أى إحتقارهم .فالإسلام الحنيف جاء يدعو الناس إلى التواضع ، ويأمر به ، ويحُض عليه ، ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحرص الناس على إلتزام التواضع ، وكان ذلك مضرب الأمثال فى كل أحواله . روى مسلم عن عياض بن حماد رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم . " إن الله أوحى إلى أن تواضعوا حتى لايفخر أحدٌ على أحد ولا يبغى أحد على أحد ". ويتواضع المرء مع أهله : أبويه وزوجته وأولاده وقرابته وذوى رحمه . برًّا بشيوخهم ، ورفقا بضعيفهم . روى الإمام أحمد والحاكم عن عبادة بن الصامت رضى الله عنهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ليس منا من لم يُجل كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقه ". ويتواضع المرء فى مشيته وحركته وقوله وحديثه ومعاملته خشوعا وخضوعا ، ووقارا واتزانا . والمتواضعون من المسلمين هم أهل الحُظوة بعبوديتهم لله سبحانه وتعالى ، ولقد بلغ من شرف التواضع وعظم أثره أن جعله الله أول الأوصاف التى وصف بها عباده فقال : " وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما "الفرقان63 "وفى معنى الآية يقول الشيخ المراغى فى تفسيره : أى وعباد الله الذين لهم الجزاء والمثوبة هم الذين يمشون فى سكينة ووقارلايضربون الأرض بأقدامهم كِبْرا ولا يخفقون بنعالهم أشرا وبطرا "
والمتواضعون من المؤمنين أكرمهم الله سبحانه وتعالى برفع الدرجات وأعلى المقامات والمراتب فى الدنيا والآخرة ..