23-12-2008, 01:42 AM | رقم المشاركة : 1 | |||
|
الانتفاضة والتتار الجدد
الانتفاضة والتتار الجدد
الحمد لله؛ مالك الملك يؤتي الملك من يشاء، وينزع الملك ممن يشاء، ويعز من يشاء، ويذل من يشاء، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد المبعوث بالسيف بين يدي الساعة حتى يُعبَد الله وحده لا شريك له وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد: فإن من المتفق عليه اليوم أن أمتنا تمر بمرحلة من أخطر مراحل تاريخها، إن لم تكن أخطرها فعلاً، وذلك في ظل تفريطها في اتباع كتاب ربها وسنة نبيها من جهة، وفي ظل العدوان الغاشم عليها من أهل الكتاب وغيرهم من جهة أخرى. وتتساءل الأمة جماعات وأفراداً ليلاً ونهاراً تساؤلات كثيرة، وكلما اقتربت نذر انفجار الحرب كثرت التساؤلات وتضاعفت. ويمكننا أن نجملها ونحددها في أمرين: أولاً: ما حقيقة ما يجري؟ ثانياً: ما واجبنا نحوه؟ وعلى هذين محور حديثنا في هذا اللقاء. ولنبدأ أولاً بتحديد السبب الحقيقي المباشر في حملة أهل الكتاب (أو التتار الجدد) على العراق ، ومن ثمَّ على المنطقة كلها. إن نقطة البدء في دراسة الحرب الصليبية الجديدة على العالم الإسلامي مهمة جداً؛ لأنك إن لم تنطلق من هذه النقطة فربما تضيع أو تحار: عرض للتحاليل السياسية لحرب أمريكا ضد العراق هناك تحليلات كثيرة عن هذا: أولها: أن العراق خرج عن القانون الدولي ولابد من معاقبته، وهذا ما تردده الإدارة الأمريكية؛ لكن لا يكاد أحد يصدقه. ثانيها: أن القضية قضية ثروات - نفط - مياه - أي أن المشكلة مدرجة ضمن إطار العولمة الاقتصادية. ثالثها: أن الدافع هو تحقيق مشروع تفتيت المنطقة إلى دويلات وإخضاعها للسيطرة الأمريكية. رابعها: أن الهدف هو: الانتقام من العرب والمسلمين بسبب أحداث (11أيلول)، فالحرب على العراق تأتي ضمن نطاق الحرب على الإرهاب المدعى!! أخيراً: يقال: إن الهدف هو: أن الإمبراطورية الأمريكية تريد التفرد بالهيمنة بين القوى المنافسة. الهدف الحقيقي لحرب أمريكا ضد العراق بدون إطالة نقول: إن هذه التعليلات تحوم حول الحقيقة لكنها لا تطابقها بشكل مباشر، أما الحقيقة التي بلغت لدينا مرتبة اليقين فهي: أن الهدف الثابت المباشر الذي لا يتغير، والذي يفسر كل المواقف والمشروعات هو: المحافظة على: 1- أمن الدولة اليهودية. 2- ورفاهيتها. 3- وتفوقها في القوة على كل دول المنطقة. ولا يمكن أن تجد طريقاً لتفسير التقلب -وربما التناقض- في السياسة الأمريكية -والأوربية أيضاً- تجاه العالم الإسلامي إلا بأن تربط ذلك بوضع إسرائيل وبأهدافها المرحلية، ثم تأتي الأهداف الأخرى تبعاً أو ضمناً، وهي تتغير في حقيقتها وفي مسائلها بحسب هدا الهدف الثابت. وبذلك أيضاً يمكن أن تفسر التباين في منهج السياسة الأمريكية بين تعاملها مع العالم الإسلامي وتعاملها مع غيره. كشف لقاعدة التعامل الأمركية مع العرب القاعدة في هذا: (هي أنه حيثما تكون إسرائيل تكون أمريكا ، بغض النظر عن المصالح المادية وغيرها، وكلما كان الوضع في إسرائيل مريحاً -بالتفوق العسكري، والتقدم الاقتصادي، والاستقرار السياسي- كان منهج السياسة الأمريكية مع العرب أقرب إلى المنطق والنفعية، والاهتمام بالمصالح القومية للأمريكان، وفتور الحملات الإعلامية على العرب .. والعكس بالعكس..!!). إن عرضاً تاريخياً موجزاً لمراحل الصراع يكشف لنا معالم واضحة لهذه القاعدة :- 1- ما بين (حرب حزيران) و(حرب رمضان) كانت أمريكا أقرب إلى العقل والمنطق نقول أقرب؛ لأن ذلك لم يكن منهجها الثابت أبداً، ثم أثناء (حرب رمضان) حين اضطرب الوجدان الإسرائيلي وتبعا لذلك اضطرب التفكير الأمريكي كان الجسر الجوي والضغط الشديد على الدول العربية والحملة الإعلامية الكثيفة ضدهم. 2- بعد اتفاقيات (كامب ديفيد) عاد لها شيء من العقل، وشرعت في تقوية علاقاتها بالعرب، حتى وظفتهم في حربها على السوفييت في أفغانستان باعتراف مهندس العملية "بريجنسكي "، وكذلك في حربها على الثورة الإيرانية!! 3- بعد مقتل السادات -الذي يعني رفض الشعوب للاتفاقية- ظهر مشروع تفتيت المنطقة إلى دويلات، وهو مشروع غير منطقي بالنظر للأهداف الأمريكية، لكنها أيدته ضماناً لتفوق إسرائيل، كما أيدتها في أعمال منافية للشرعية مثل احتلال لبنان ، وضرب المفاعل العراقي. 4. عندما تفجرت الانتفاضة الأولى - انتفاضة الحجر - وازدادت المقاومة في جنوب لبنان ، وبدأت دول النفط العربية تحقق تقدماً اقتصادياً، قررت أمريكا الدخول المباشر في المنطقة لغرض الهيمنة اليهودية ، وجاء احتلال الكويت ليهيِّئ لها تدمير العراق كله، ثم أعلنت النظام العالمي الجديد، وعقدت مؤتمر مدريد، وأيدت اتفاقية أوسلو .. كل ذلك لتهيئة النجاح لمشروع (الشرق أوسطية الصهيوني)! وعندما بدأ المشروع يؤتي بعض ثماره في المؤتمرات الاقتصادية والعلاقات الدبلوماسية، واقتنع العرب بالتفوق المطلق س لعدوهم، ورضخوا للمشروع؛ بدأت أمريكا تتعامل معهم بمنهج عقلاني نفعي، وشرعت في إدراج المنطقة ضمن المجال الحيوي للأمركة -المسمى "العولمة"- واختفى مشروع تفتيت دول المنطقة ليحل محلَّه مشروع (الولايات المتحدة الشرق أوسطية). وقد عكر ذلك العمليات الاستشهادية سنة (1417هـ1996م)، لكن أمريكا هرعت لنجدة العدو، وبادرت بعقد مؤتمر (شرم الشيخ) وحشدت فيه ثلاثين دولة، وأوقفتها صفاً واحداً لتأييد إسرائيل في الحرب على الإرهاب كما يدعونه!! وحدث بعد ذلك فترة من الهدوء النسبي في المنطقة؛ بلغت فيها الدولة الصهيونية أوج قوتها وأمنها ورفاهيتها، كما عاشت العلاقات الأمريكية العربية عرسها التاريخي، وشرعت الشركات الأمريكية العملاقة في مسيرة العولمة، واستجابت الدول العربية لذلك بإعلان الخصخصة، وفتح الأبواب للاستثمار الأجنبي !! 5- وعندما حدثت الانتفاضة الأخيرة فجأة، وظهرت آثارها الواضحة على أمن إسرائيل ورفاهيتها وتفوقها؛ تخلت أمريكا عن عقلانيتها، وتجاهلت كل مصالحها، وأجّلت مشروع العولمة، وبدأت تخطط للدخول المباشر في المعركة إلى جانب ربيبتها المدللة، واستغلت الهجمات عليها في (أيلول) لإعلان الحرب الصليبية على الإسلام باسم الإرهاب، ثم حولت الحملة الصليبية عن هدفها الأول المعلن وهو: القضاء على الإرهاب في مناطق كثيرة من العالم إلى القضاء على محور الشر الثلاثي والعراق تحديداً. وهكذا أعادت إلى الأذهان مشروعاً أوشك على الخروج من بنود الاستراتيجية الأمريكية في فترة الهدوء، حينما انفتحت أكثر الدول على العراق -حتى أقربها إلى أمريكا - وحظيت الشركات الأمريكية بعقود ووعود هائلة للإعمار والتنقيب فيه، وانقطع وجود المفتشين الدوليين فيه، وخفت الحديث -حتى كاد ينقطع- عن أسلحة العراق ، وعن خطر العراق على جيرانه! 6- عندما أخفق شارون في القضاء على الانتفاضة، وأخفق عرفات والعرب في إيقافها، وارتفعت وتيرة القلق في إسرائيل، أصبح الحديث عن تدخل أمريكا المباشر علنياً، ولم يعد شارون وغيره يخفون إلحاحهم على أمريكا بضرب العراق . وبدون تردد يجب أن نعلم أن وراء ذلك مشروعاً صهيونياً يراد تنفيذه في غمرة انشغال المنطقة بالشأن العراقي أو بعده مباشرة. هذا المشروع قد يكون التهجير الجبري إلى الوطن البديل، وقد يكون عملية إبادة فظيعة (قيل: إنها قد تقع في نابلس أو غزة )، وقد يكون المشروع متجهاً إلى عرب الداخل .. وهو على أي حال مرتبط بالخريطة الجديدة التي يراد رسمها بعد احتلال العراق ، وتشمل الجوانب السياسية والسكانية والاقتصادية وغيرها لكل المنطقة!! والمقصود: أن هذا هو جوهر الصراع، ولب المشكلة الذي يجب أن يكون واضحاً لدينا، وهذا لا يمنع من البحث في قضايا تابعة أو ثانوية كالنفط وغيره. وإن تحديد ذلك ودوام العلم به يقودنا تلقائياً إلى تحديد الواجب علينا .. وهذا هو الأهم! |
|||
12-01-2009, 03:56 PM | رقم المشاركة : 2 | |||
|
جزاك الله الف خيير اختي مجد الغد |
|||
13-01-2009, 01:07 AM | رقم المشاركة : 3 | |||||||
|
بارك الله في شيخي الفاضل على هذا التحليل الطيب والنظرة الثاقبه لما يحصل اليوم لهذة الامه الاسلاميه .
|
|||||||
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
أحمد نجاد: لا خوش ولا امديد | تراب | التاريخ العام والمخطوطات والكتب والصور التاريخية | 1 | 29-11-2010 12:07 PM |
كيف تتعامل مع الموظفين الجدد | طالب عفو ربي | الصحة العامة والصحة النفسية والتنمية البشرية | 1 | 04-12-2009 01:30 AM |
الفرق بين المغول والتتار | طالب عفو ربي | التاريخ العام والمخطوطات والكتب والصور التاريخية | 9 | 03-08-2009 10:42 PM |
الفراعنة الجدد | طالب عفو ربي | رحيق الحوار العام | 2 | 09-04-2009 01:05 AM |
نرحب باخوتنا الجدد بيننا | أسد الإسلام | الترحيب بالأعضاء الجدد ومناسبات الأعضاء | 2 | 15-12-2008 09:19 PM |
|