منتديات شو ون شو  

العودة   منتديات شو ون شو > رحيق العلم والعلوم > التاريخ العام والمخطوطات والكتب والصور التاريخية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 10-03-2009, 09:54 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
إحصائية العضو








آخر مواضيعي


مجد الغد غير متواجد حالياً


افتراضي حائط البراق: الملكية الاسلامية والانتحال اليهودي

حائط البراق: الملكية الاسلامية والانتحال اليهوديحائط البراق

يشكل النزاع بين المسلمين واليهود حول حائط البراق ( المبكى) أحد أكثر فصول الصراع العربي الصهيوني امتدادا ، خاصة وأنه يتعلق بموضوعات دينية تنطوي على تناقض عدائي تام بين الحق والباطل ، بين الملكية والاغتصاب .

وعلى الرغم من النجاح اليهودي الصهيوني في الاستيلاء على هذا الحائط ، إلا أن المسلمين جميعهم يرفضون التسليم بالأمر الواقع ، ويصرون على ضرورة تصحيح الخطأ التاريخي الذي قاد إلى ذلك الاستيلاء .

ومن هنا يمكن النظر إلى مسألة حائط البراق على أنها تعد أحد الحوافز المهمة للعمل الإسلامي الرامي إلى تحرير المقدسات الإسلامية في فلسطين من نير الاحتلال الصهيوني .

لدى التوقف عند التسميات المتداولة للحائط ، أول ما يستدعي الانتباه ذلك الفارق الكبير في المعنى بين " حائط البراق " و" حائط المبكى أو الحائط الغربي " الذي يعبر عن واحد من أبعاد الصراع العربي ـ الصهيوني حوله ، ذلك أن للتسمية مدلولا يتعلق بهوية هذا الحائط التي يريد كل من الطرفين الإسلامي واليهودي تكريسها .

فبالنسبة للمسلمين ، يرتبط حائط البراق بمعجزة الإسراء والمعراج الخالدة في العقيدة الإسلامية والتاريخ الإسلامي ، كونه يشكل مربطاً للبراق الذي أقل الرسول صل الله عليه وآله وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ...

والذي امتطاه الرسول أثناء عودته ، بعد معراجه إلى السماء ، ومعروف تاريخياً وبالتواتر والتوارث لدى أهل القدس والمسلمين عامة أنه يوجد محل يسمى البراق عند باب المسجد الأقصى المدعو باب المغاربة ويجاوره مسجد البراق ( الذي هدمه الصهاينة عام 1968م ) ملاصقاً الجدار الغربي للحرم القدسي الشريف .

أما تسمية " حائط المبكى " فقد جاءت من واقع قيام اليهود بالبكاء والنواح عنده في العصور المتأخرة ، على خلفية ادعاءات متفرقة منها أن الحائط المذكور ، هو جزء من بقايا معبدهم القديم ...

وهو ما تدحضه المعطيات التاريخية ونتائج التنقيبات عن الآثار ، إذ ليس هناك أي أثر يثبت وجود الهيكل اليهودي أو ما يمكن أن يمت إليه بصلة ...

وأن علماء الآثار والمنقبين اليهود أنفسهم أو الذين استقدمهم اليهود وصلوا إلى صخرة الأساس في المكان ولم يعثروا على أي دليل مادي مهما كان صغيراً يؤكد صحة الروايات اليهودية ، إنهم يعتبرون هذه الروايات تاريخية ، بينما لا تشكل في الواقع سوى شطحات ذهنية خيالية يعج بها موروثهم الشفهي أو المدون ...

وبالتالي فنحن أمام عملية انتحال مكشوف يقوم به اليهود والصهيونيون ، تنطوي على نسبة الحائط إلى تاريخهم المزعوم ، وهي عملية استيلاء على المكان دون أي وجه حق ، لا فرق في ذلك بين انتزاع ملكية الأراضي من الفلسطينيين وتهجيرهم من بلادهم بالقوة الغاشمة ، وبين اغتصاب حائط البراق الذي يعد ملكا إسلامياً و معلماً بارزاً من معالم الحرم القدسي الشريف.

تعنى هذه الدراسة بتقديم معطيات موظفة تغطي أبعاد المسألة المثارة ، وتسلط الضوء على جانب مهم من النزاع الإسلامي ـ اليهودي والصراع العربي ـ الصهيوني ، باعتماد مصادر ومراجع مختلفة ، وضمناً بعض الكتب التي يبث فيها اليهود والصهيونيون سمومهم الدعائية بصورة واضحة أو فيما بين السطور ، ونرجو من الله التوفيق .

الحائط وساحته وقف إسلامي

يدخل حائط البراق والرصيف المجاور له في نطاق وقفية حارة المغاربة بالقدس ، من طرف الملك الأفضل نور الدين علي بن السلطان صلاح الدين الأيوبي ، لصالح المغاربة المقيمين في تلك الحارة التي حملت اسمهم ...

والمعروف أن بعض المغاربة تطوعوا في جيش نور الدين الشهيد وأبلوا في القتال ضد الصليبيين بلاء حسنا ، وبعد نحو خمس سنوات من الفتح الصلاحي للقدس ، خلف الملك الأفضل والده صلاح الدين على ملك دمشق والقدس...

وفي العام ( 589 هـ = 1193 م ) وقف الملك الأفضل للمغاربة البقعة التي اعتادوا أن يجاوروا عندها بيت المقدس بالقرب من الزاوية الجنوبية الغربية لحائط الحرم وفي أقرب مكان للمسجد الأقصى ، وقفها عليهم ليسكنوا في مساكنها وينتفعوا بمنافعها ، وأنشأ لهم في الحارة ذاتها مدرسة عرفت بالأفضلية ، وأعيد تقييد الوقف بأمر القاضي الشرعي بكتاب " متصل الثبوت بحكم الشريعة " في سنتي 666 هـ / 1268 م و 1004 هـ / 1596 م (1) .

وقد ورد نص وثيقة الوقف وصورتها في العديد من المصادر التاريخية ، ويتضمن هذا النص حدود حارة المغاربة ، كما يلي : " الحد الأول وهو القبلي ينتهي إلى سور مدينة القدس الشريف وإلى الطريق المسلوكة إلى عين سلوان ...

والحد الثاني وهو الشرقي ينتهي إلى حائط الحرم الشريف ، والحد الثالث وهو الشمالي ينتهي إلى القنطرة المعروفة بقنطرة أم البنات ، والحد الرابع وهو الغربي ينتهي إلى دار الإمام العالم شمس الدين قاضي القدس الشريف ثم إلى دار الأمير عماد الدين بن موسكي ، ثم إلى دار الأمير حسام الدين قايماز " .

كما يتضمن النص :" إن هذه الحارة المعينة المحدودة أو قفها السلطان الأفضل على جميع طائفة المغاربة على اختلاف أو صافهم وتباين حرفهم ذكورهم وإناثهم كبيرهم وصغيرهم فاضلهم ومفضولهم ليسكنوا في مساكنها وينتفعوا بمرافقها على قدر طبقاتهم وما يراه الناظر عليهم وعلى وقفهم من ترتيب ذلك وتفضيل من يفضله وتقديم من يقدمه بحيث لا يتخذ شيء من المساكن ملكاً ولا احتجازاً ولا بيعاً وقفاً مؤبداً شرعياً ماضياً جارياً على هذه الطائفة من المغاربة كان من كان . . . " .

كما وقف الشيخ أبو مدين شعيب المغربي ( توفي 594 هـ / 1198 م ) منطقتين كانتا تحت ملكه وتصرفه في القدس لصالح المغاربة المقيمين فيها للانتفاع بها بالسكن والإيجار والمقاسمة والمزارعة ، ومن المهم أن نعرف أن الحد الشرقي لإحدى هاتين المنطقتين هو حائط البراق ، وأنه أعيد تقييد هذا الوقف شرعياً في زمن حفيده سنة 730 هـ / 1320 م " ( 2 ) .

ماذا يعني وقف المكان ؟ !

لغة : الوقف مصدر للفعل وقف بمعنى حبس .

وشرعاً : الوقف هو حبس العين المملوكة ملكاً تاماً ، عقاراً أو منقولاً ، على حكم الله تعالى والتصدق بمنفعته على ذوي القربى أو غيرهم .

وتعتبر الشريعة الإسلامية الوقف ضرباً من ضروب البر والإحسان التي حث عليها القرآن الكريم ، وندب إلى فعلها الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم وكانت عمليات الوقف شائعة في العهد النبوي والخلافة الراشدة ، واستمرت بعد ذلك على امتداد العصور الإسلامية المتعاقبة ، حسب النوعين الرئيسين التاليين : ( 3 )

ـ الوقف الخيري : وهو ما خصص ريعه ابتداء لصرفه على جهة من جهات البر ، كالوقف على المساجد والمدارس والمشافي والملاجئ . . الخ.

ـ الوقف الذري : وهو ما جعل استحقاق الريع فيه ابتداء للواقف نفسه أو لغيره من الأشخاص الذين يعينهم بالاسم أو بالوصف سواء أكانوا من أقاربه أو من غيرهم .
لقد حدد الفقه الإسلامي الأصول الشرعية للوقف بأركانه الأربعة ( الواقف ـ الموقوف ـ الموقوف عليه ـ الصيغة ) ، وبين الشروط الخاصة به ، ومنها أنه لا يجوز بيع الوقف عقاراً أو منقولاً إلا بصوغ شرعي ، وأن المتولي الشرعي لوقف مطالب بالمحافظة على أعيان الوقف محافظة تامة ومنع التعدي عليها والعمل على رفع ذلك إذا حصل ، وإعمار ما يحتاج منه إلى عمارة أو ترميمه ، وغير ذلك من الواجبات التي تكفل استمرار الوقف وتأديته وظيفته .

في حالة حائط البراق والرصيف المجاور له ، كان النص على الوقف صريحاً ، وحدد مساحته بدقة ، وحقق جميع الشروط الشرعية اللازمة للوقف ، بصورة تامة . ونظراً لاستمرار هذا الوقف ، يعتبر تحريره واجباً على المسلمين جميعاً ، ويحظر التنازل عنه أو التهاون في السعي إلى استعادته .

وصف الحائط

يبلغ الطول الأصلي لحائط البراق 58 متراً .

وارتفاعه 20 متراً .

ويضم 25 مدماكاٌ ( صفاٌ ) من الحجارة ، السفلية منها هي الأقدم .

ويبلغ عمق الحائط المدفون تحت سطح الأرض نحو ثلث الحائط الظاهر فوقه .

أما الرصيف الموجود أمام الحائط حالياٌ فيرتفع عن مستوى سطح البحر نحو 708 أمتار ، وهذا أخفض مكان من أرض مدينة القدس القديمة الحالية ( 4 ) .


بعد الاحتلال الصهيوني للقدس الشرقية ، تم إجراء بعض الحفريات في المنطقة المواجهة للحائط ، بهدف إظهار الجزء المخفي منه وكشف طبقات الحجارة المطمورة .

واتضح أن الحائط القديم يتكون من سبع طبقات حجرية يعود تشكيلها إلى فترة حكم هيرودس ( 37 ـ 4 ق . م ) وهناك أربع طبقات حجرية تعود إلى العصر الروماني الأول ( القرن الثاني الميلادي ) أما الحجارة في القسم العلوي من الحائط فقد أقيمت في العهد البيزنطي ، فيما أقيمت أقسام أخرى بعد الفتح الإسلامي للقدس ( 5 ) .

استغرقت الحفريات الصهيونية حول حائط البراق قرابة عامين ، وتسببت في تصدع الأبنية الملاصقة للحرم القدسي وعددها 14 بناء ، وقامت سلطات الاحتلال بإزالة هذه الأبنية بالجرافات ، في إطار عملية هدم طالت أكثر من 150 عقاراً ، وصادرت نحو 595 عقاراً إسلامياً ( 6 ) .

وبعد هذه العمليات أصبح حائط البراق مكشوفاً تمتد أمامه ساحة واسعة ، قسمها الصهيونيون بواسطة حاجز ( شبك حديدي ) إلى قسمين ، أحدهما للنساء والآخر للرجال ، وأصبح طول الحائط عندهم نحو 360 م ، ويرون أن طوله الكلي يقع على امتداد الجدار الغربي للحرم القدسي البالغ طوله نحو 491 .

التعريف اليهودي المتحيز

تعرف " الموسوعة اليهودية " " الحائط الغربي " ـ الذي يسمى بالعبرية كوتيل همعرافي ـ بأنه " جزء من جدار جبل الهيكل الذي ظل معطلاً منذ تدميره الثاني في العام 70 م ، وأنه أضحى أكثر الأماكن قدسية في العادات والشعائر اليهودية ، بفعل قربه من جدار الهيكل ومن مقدسات جبل الهيكل " .

وتضيف الموسوعة اليهودية : " إن هذا الجزء خصص للبكاء على انهيار المعبد اليهودي وعلى منفى شعب إسرائيل ، وإن أهميته تكمن في كونه يشكل شمعة تضاء من أجل إحياء الموروث الديني اليهودي في القرن العشرين ، ويؤجج ذكريات المجد الإسرائيلي القديم ويبعث الأمل في استعادته " .

وتذكر الموسوعة اليهودية أن اليهود اعتادوا على مدى عدة قرون الوقوف أمام الحائط وإبداء الإعجاب به وباتجاهاته المختلفة ، لا سيما الكتل الحجرية السفلى التي ترتفع الواحدة منها نحو 5 . 3 قدماً ( = 1متر ) وبطول عشرة أقدام ( 3. 3 م ) وبوزن يزيد عن مائة طن ، وتزعم تلك الموسوعة أن الصلوات الإسرائيلية القديمة منذ إخماد ثورة بركوخفا ضد الرومان ( 135م ) موجهة للجزء المدمر من المعبد .

وتعترف الموسوعة أن جميع بقايا المعبد قد محيت تماماً عبر الزمن ، وأن جهة العبادة لم تكن واضحة بالنسبة لليهود ، ولم يكن واضحاً ما هو المكان المخصص من الحائط على وجه الدقة لأداء شعائر العبادة عليه ، وتذهب الموسوعة إلى أنه استناداً إلى تفسيرات يهودية مختلفة المصادر ، يعتبر الجزء المجاور للبوابة الغربية هو الجزء الأكثر قدسية ضمن الحائط ، إذ أنه لم يتعرض للهدم كباقي أجزاء الحائط الأخرى . وتشير الجماعات الحاخامية إلى أن عدم تعرض هذا الجزء للتدمير يضفي عليه صفة القداسة ، وتعتقد هذه الجماعات أن الجزء المذكور غير قابل للهدم (7) .


أما " موسوعة الصهيونية وإسرائيل " فتعرف " الحائط الغربي " بأنه الجزء المتبقي من الجدار الذي كان يحيط بأكمة جبل الهيكل في القدس بعد إتمام التوسيعات التي جرت على الساحة الخارجية للمعبد بأمر من هيرودس ملك يهودا (! ) ، وبوصفة الجزء المتبقي من الهيكل الثاني ، بات الحائط الغربي يمثل أكثر الجوانب قداسة بالنسبة لليهود ، لدرجة أن هذا الحائط أضحى منذ قرون خلت مزاراً لأداء الشعائر والمناسك اليهودية وأداء الصلوات .

وتزعم هذه الموسوعة أنه منذ تدمير الجدار في العام 70 م كان اليهود يقصدون المكان للبكاء عنده ( 8 ) .

وجاء في " نيوستاندارد جويش انسكلوبيديا " أن " الحائط الغربي " يشكل بؤرة استقطاب لليهود من جميع أنحاء العالم ، وأن هذا الحائط عاد (...) إلى السيادة اليهودية عام 1967 م لأول مرة منذ فترة الهيكل الثاني (...) وتفيد أن عالم الآثار الإسرائيلي بنيامين مزار الذي نقب في المكان منذ عام 1968 م قد اكتشف بعض الآثار القديمة هناك ( 9 ) دون أن تذكر هوية هذه الآثار ، في إيجاء جلي المرامي .

وهكذا تقدم الموسوعات التي يضعها اليهود والصهيونيون نصوصاً متخيزة تمتلئ بالدعاوى المغرضة والتضليلية ، دون أي مبالاة بوقائع التاريخ وحقائقه ومعطياته الأثرية ، وفي سبيل إظهار ما تنطوي عليه هذه النصوص من أراجيف ، ثمة ضرورة لإخضاعها إلى النقد ، وعرضها أمام الشروط الواجب توفرها في الموضوع لقبوله تسليماً أو اقتناعاً .

هيرودس وهيكله

تتفق الموسوعات والقواميس والكتب التي تعنى بالشؤون اليهودية والإسرائيلية على أن هيرودس باني المعبد / القصر في القدس لم يكن يهودياً ، وإنما كان أدومياً من ناحية أبية وأمه ، والأدوميون هم قبائل عربية ورد ذكرها في السجلات المصرية القديمة خلال عصر الأسرة الثانية عشرة ( التي حكمت بين 2000 ـ 1788 ق . م )...

وأشهر من عرف منهم أيوب ( عليه السلام ) وهو من أنبياء العرب وورد ذكره في القرآن الكريم أربع مرات . وكان الأدوميون من ألد أعداء اليهود ، وحاربوهم في مختلف العصور ، وفي عهد الرومان تمكن ملكهم هيرودس الأدومي العربي من تأسيس دولة الهرادسة في أوائل العهد الروماني ( 10 ) .

يؤكد " قاموس الكتاب المقدس " الأصل العربي لهيرودس ، فيذكر هذا القاموس أن هيرودس كان اسماً لعدد من حكام وملوك فلسطين ، أو بعض أجزائها أو بعض المناطق القريبة منها . وفي العهد الجديد " الأناجيل







رد مع اقتباس
قديم 10-03-2009, 09:55 PM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
إحصائية العضو








آخر مواضيعي


مجد الغد غير متواجد حالياً


افتراضي

ذكر أربعة بهذا الاسم ، وكان ذلك أثناء الحكم الروماني على فلسطين .

ومن هؤلاء الأربعة هيرودس الكبير ( الابن الثاني لأنتيباتر الأدومي الأصل ) وكانت أمه أدومية ، لذلك لم يكن يهودياً ، وقد بنى أماكن كثيرة في فلسطين لتخليد اسمه ، ومنها قيصرية على شاطئ المتوسط ، وحصن القدس وزينها بالملاعب والقصور ( 11) .

وتذكر " موسوعة الكتاب المقدس " أن الرومان هم الذين منحوا هيرودس لقب " ملك يهودا " وأنه ملك بين 37 ـ 4 ق . م ، وكان اليهود يكرهونه ، وقتل منهم أفراد الأسرة الحشمونية الذين اعتبرهم مصدر خطر على ملكه...

كما تذكر هذه الموسوعة أن الملك هيرودس بدأ في بناء هيكل جديد في أورشليم ، وأراد أن يكسب رضى رعاياه ويدهش العالم الروماني بفخامة بنائه الذي تم في العام 9 ق . م واستمر قائماً حتى العام 70 م حيث دمره الرومان ، وهذا هو الهيكل الذي زاره السيد المسيح وورد ذكره في " العهد الجديد " . وتشير الموسوعة ذاتها إلى أن هناك هيكلاً سبقه باسم " هيكل زر بابل " الذي بني بعد عودة اليهود من السبي البابلي وظل قائماً 500 سنة ولا يعرف عنه إلا القليل جداً ، وقد دمره القائد الروماني بومبي عام 63 ق . م ( 12 ) .

طبقاً للتخمينات اليهودية ، وسع هيرودس ساحة الهيكل بمقدار ضعفي الساحة السابقة ، حتى أصبحت تشمل سوراً تبدو بقاياه ماثلة للعيان في " حائط المبكى " وأجزاء من الحائط الجنوبي والشرقي للحرم القدسي ، وقد بقي من عهد هيرودس في هذا الحائط 16 ـ 22 مدماكاً على سطح الأرض ، ترتفع على نحو يشبه البرج ، أما في الزاوية الجنوبية الشرقية فيوجد 14 مدماكاً تحت سطح الأرض ، وهناك حجر منحوت طوله 7 أمتار ويزن أكثر من 100 طن ( 13 ) .

في ضوء هذا العرض الخاص بهيرودس وهيكله ، يبدو جلياً أن المزاعم اليهودية الصهيونية حول حائط البراق ( المبكى ) الذي يعتبرونه الجزء المتبقي من هيكل هيرودس ، هي مزاعم تفتقر إلى أي منطق أو دليل ، إذ لا علاقة لليهود بهذا الهيكل ، على افتراض صحة اسمه ، ناهيك عن التحفطات المتعلقة بصحة المعلومات الواردة بشأن " السرد الروائي " الذي تعتمده المؤلفات اليهودية والغربية ، والذي وضع أساساً بما ينسجم مع التصورات الواردة في التناخ ( = العهد القديم ) المكتوب في فترات متباعدة من قبل أحبار اليهود ، والذي يعج بالمحتويات الأسطورية التي تناسب العقل البدائي .

الانتحال اليهودي وتوظيفه صهيونياً

من هذه النقطة بدأت نسبة حائط البراق لما يسمى " التاريخ اليهودي " ، ومن هذا الانتحال راحت اليهودية والصهيونية تنسجان الأساطير حول علاقة اليهود بالحائط ، في عمل واضح من أعمال التزوير والتضليل التي يعمدون إلى إدخالها في عقول البسطاء والسذج ، سواء من بني جلدتهم أو سواهم .

لقد وجدت القيادات اليهودية والصهيونية ضالتها المنشودة في جعل فكرة " الهيكل اليهودي في القدس " باعثاً ومحرضاً على حشد الطاقات الذاتية والتحالفية لبناء المشروع اليهودي الصهيوني في فلسطين ...

ولهذا جرى بناء صيغة ذهنية جامحة حول الهيكل عبر مطابقة قسرية أو مصطنعة بين نصوص التناخ ( = العهد القديم ) وجغرافية القدس واعتبرت هذه الصيغة أن الهيكل في نظر اليهود يشبه مكانة القلب في " العهد القديم " ، خاصة وأن الحديث عن الهيكل يحتل أكثر من ثلث سفر الخروج والجزء الأخير منه بكامله ، وفي هذا المنحى ، راحوا ينظرون إلى الهيكل على أنه رمز ينطق دوماً بحضور " يهوه " حضوراً ملوكياً وسط شعبه ، ومن ثم اعتبروه المكان المفضل للصلاة لاستقطاب الإسرائيليين ولا سيما في أوقات المحن.

والمذهل في الأمر أن المصادر اليهودية تتحدث بتفاصيل مثيرة عن بناء الهيكل وأجزائه ، وتعرض أدق التفاصيل حوله ، لدرجة يمكن أن ينساق العامة وراء ما تعرضه من أوهام وتصورات .

ومن هذه المصادر مثلاً " الموسوعة اليهودية " التي تسهب في إيراد مثل تلك التفاصيل ، يضاف إليها كم هائل من الكتب التي تحذو حذوها أو تشكل رديفاً لها في مقولاتها التضليلية ، ومنها مثلاً : مجلدان لموسوعة الحفريات الأثرية في ما يسمى " أرض إسرائيل " ومجلدات للمؤلف ( المؤرخ ) اليهودي زئيف فيلنائي ، وكتب مصورة حول القدس لعلماء آثار ـ مثل : مئير بن دوف ( 14 ) وايلي شيلر وجدعون بيجر ( 15 ) ـ

وغيرها المئات بل الآلاف من المؤلفات المشهورة التي يجري عرضها في واجهات المكتبات اليهودية والغربية بإخراج فني متميز ، فضلاً عن عدد كبير جداً من المواد الدعائية ، وجميعها تجتر الرواية التناخية وتسعى إلى إيجاد دلائل لها على الأرض عبر تطويع التاريخ واستنطاق الآثار على الطريقة اليهودية .

ونظراً للارتباط المصطنع يهودياً بـ " الحائط الغربي " وهيكل ، ينفرد هذا الحائط بمكانة خاصة لدى اليهود والصهيونيين ، ضمن تركيزهم على إيجاد رموز دينية أو تاريخية للبرهنة على صلتهم المزعومة بأرض فلسطين ، خاصة وأن لهذا الحائط تأثيراً كبيراً على الجموع اليهودية بمثوله المادي وبنيانه الرائع الأخاذ .

المسألة إذن غير معزولة عن أفكار مسبقة وغيبية ، جرى ترتيبها وفق نمط ذهني مغرق في عنصريته ، استناداً إلى اعتبارات سياسية تسعى لحيازة التفهم والتأييد العالمين لدعاوى " الحق التاريخي " التي تنادي بها الصهيونية ، خلافاً لكل القوانين والمواثيق والأعراف الدولية.

وفي ضوء ذلك ، يمكن القول إن موضوع الهيكل برمته لا يعدو أن يكون واحداً من الإنشاءات الأيديولوجية السياسية ، حيث لم يعرف في الروايات المختلفة أن النبي موسى قد دخل فلسطين ، ولم تذكر هذه الروايات أنه بنى هيكلاً ، وحسب " معجم اللاهوت الكتابي " لم يكن للعبرانيين هيكل في زمن الآباء ، أي في عهود من يسمونهم إبرام و أسرائيل ، ويشير المعجم إلى أن المعبد الأمثل الذي كان في عهد داود هو خيمة الاجتماع ( 16 ) .

وبطبيعة الحال تتفق جميع المصادر المسيحية مع المصادر اليهودية في وجود هيكل سليمان وفي صفاته ، خاصة وأن " العهد الجديد " هو استمرار وتطوير لما ورد في " العهد القديم " ، وأن هذين العهدين يشكلان " الكتاب المقدس " باعتقاد أتباعه .

وعلى جبهة الحقائق ، تختفي جميع الادعاءات اليهودية والصهيونية ، حيث تأبى المعطيات التاريخية والمكتشفات الأثرية ( حتى تلك التي أجراها اليهود أنفسهم ) إلا أن تقولا بصريح العبارة ودون أي غموض أو قابلية للتأويل : إن القدس مدينة عربية ، وإن آثارها ومبانيها ملك أهلها العرب المسلمين ، وإن لا علاقة لليهود إطلاقاً بمسيرتها الحضارية العمرانية ...

هذا هو حال جميع الأمكنة الأثرية الرومانية والبيزنطية والإسلامية ، وهذا هو حال حائط البراق الذي تفخر حجارة أساساته بانتمائها إلى التاريخ الأدومي العربي بكل مضامينه وأشكاله ، وترفض أن توضع في سلة المسروقات التي ملأتها اليهودية الصهيونية بما اغتصبته من أمكنة وبما انتحلته من مقولات ومفاهيم ومعتقدات ، محاولة طمس روحها العربية وتزوير أصولها وأنسابها ، على الطريقة ذاتها التي تجري فيها عملية تهويد فلسطين .

الحائط في الأساطير والعادات اليهودية

تقول الدعاوى اليهودية إنه على الرغم من خراب الهيكل ، لكنه لا يزال محافظاً على قدسيته بالنسبة لشعب إسرائيل ، إذ أن الرب لم يتحرك من هناك ، وإن الحضور الإلهي لم يغادره قط ، وإن هذا الحائط لن يهدم أبداً بفعل هذا الحضور .

وتشدد تلك الدعاوى على أن الجدار الأخير لليهود موجود في القدس ، وحاخاماتهم تضرعوا لربهم الذي يقف وراء " الحائط الغربي " والذي ينظر إليهم عبر ثقوب الحائط بحيث يراهم دون أن يروه ، و يتعين على كل شعب إسرائيل أن يؤمن بذلك ( 17 ) .

وتتحدث " موسوعة الصهيونية وإسرائيل " عن تعبيرات حاخامات اليهود عما يسمونه " الحضور المقدس " الذي لن يبرح الحائط الغربي والذي لن يتعرض للدمار أبداً . وذكرت الموسوعة أن هناك صلوات يهودية خاصة مقتبسة من التلمود تتلى عند الحائط ، أثناء بكاء اليهود ، وهناك أسطورة يهودية تقول : إن الحائط نفسه يذرف الدموع في الذكرى السنوية لدماره ( 18 ) .

من العادات اليهودية القديمة ، كان اليهودي الذي يرغب بالسفر يغرز مسماراً حديدياً بين حجارة الحائط ، رمزاً للبركة ، عملاً بقول أحد حاخاماتهم " أغرز وتداً في مكان أمين " . ويقول اليهودي في صلاته هناك : " في لحظة التضرع هذه للرب ندعوه ليتيح لنا مخرجاً ووتداً في موقع قدسه وينير أبصارنا وليمنحنا الرزق في عملنا " .

ويعتبر اليهود أن المسمار هو الوتد ، وأن المكان الأمين أو المكان المقدس هو " الحائط الغربي " .

كما اعتاد اليهود ( وبعض المسيحيين ) الذين يزورون الحائط ، وضع لفافات أو بطاقات ورقية بين حجارته ، تتضمن أدعية لتحقيق مطالب وأمنيات مختلفة من الرب ، مثل صحة الجسم والروح والعقل والعمر المديد وغير ذلك ...

وكان اليهود يؤدون صلوات خاصة عند الحائط يقولون فيها :" نحمدك ربنا ورب أجدادنا لأنك أحييتنا ومكنتنا من المجيء لنكون قربك في بيتك الذي اخترته وأحببته من بين جميع مواطن يعقوب ، يا من وضعت خرابه وبناءه بين عينيك وفي قلبك ، وكما شاهدنا خرابه سنحظى بمشاهدة بنائه عن طريق اجتماع شتات إسرائيل " .

كما يقولون في صلاة أخرى : " أحمدك يا رب لأنك منحتني الحياة والرحمة ، ومنحتني القوة ومكنتني من القدوم لرؤية هيكلك المقدس الذي سيحظى كل شعب إسرائيل بمشاهدة بنائه ، يحدوهم الأمل بزيارته للاحتماء بظلال أسواره ، وعلى الرغم من أنه مخرب ، فهو عامر بقدسيتك وجوارك . وإذا كان الغرباء قد دنسوه بالوثنية والكفر ، فها هو قد أصبح طاهراً . .

إنني أتضرع إليك لتمنحني حق رؤية وعودك . . ليحج الجميع أمام هذا المكان الذي هو صفوة العالم ، ووسام المواقع ومطمح الروح قدس الأقداس " . ولا يزال اليهود إلى أيامنا هذه يعبرون في تضرعاتهم عند الحائط عن رغبتهم في استمرار السيطرة على القدس ، فيقولون مثلاً : " عد بالابتهال إلى مدينتك أورشليم . . ابنها بالتضحية في زماننا بناء أبدياً . . مبارك أيها الرب باني أورشليم " ( 19 ) .

وفي ذكرى ما يسمى " خراب الهيكل " وهو يوم التاسع من آب العبري ، يفد إلى موقع الحائط عدد كبير من اليهود ويقروون هناك وثيقة " إيخا " التي تتضمن مراثي لهذه الذكرى . ويقول بعض زعمائهم هناك : " إلهنا ارحمنا برحمتك وبركاتك الصادقة وارحم شعبك إسرائيل ومدينتك أورشليم ، وصهيون مقامك الشريف ، والمدينة الحزينة المخربة الواقعة بين أيدي الغرباء ، والتي تداس بأقدام الطغاة وتحتلها جيوش زرعتها بالأوثان " .

ويردد آخرون مع شاعر يهودي قديم : " في هذه الليلة يبكي أبنائي ، في هذه الليلة دمر هيكلي واحترق قصري . كل شعب إسرائيل يتألمون لأحزاني ويبكون للحريق . . " . وفي ظلمة الليل ، تظهر أمام الحائط والمصلين حمامة بيضاء رمز ما يسمى " كنيست إسرائيل " أي مكان اجتماع اليهود ، ويعتبرون حركاتها دليلاً على المشاركة بالبكاء بسبب خراب الهيكل . وحين تتبلل أحجار الحائط بقطرات الندى، يشعرون أن هذه الحجارة تبكي مع شعب إسرائيل . .

ويطلق بعضهم آهة رهيبة يقولون إنها تنتشر في أرجاء القدس ولا يسمعها سوى الخاصة من اليهود تحرضهم على الخلاص . ويعتقد كثيرون منهم أن الأنوار المشتعلة في الأماكن الإسلامية المقدسة انطفأت من تلقاء ذاتها في مثل هذه الليلة (20).

على هذا النحو يجري إنتاج الأساطير والدعاوى ، مع التركيز على مسألة في غاية الخطورة ، هي مسألة الحلم اليهودي والتفكير الدائم بتدمير الحرم القدسي الشريف لبناء الهيكل اليهودي في مكانه .

اصطناع القداسة اليهودية للحائط

تذكر " الموسوعة اليهودية " أن المصادر المتعددة التي تتحدث عن اليهود في القدس خلال العهود السابقة للقرن السادس عشر الميلادي لم تذكر شيئاً عن تقديس اليهود للحائط الغربي بالتحديد ، وأن التجمع اليهودي من أجل العبادة آنذاك كان يجري في جبل الزيتون إبان العهد المسمى " فترة الجيونيم = رؤساء المدارس اليهودية في القرون السابع والثامن والتاسع الميلادية " .

وفي القرن الحادي عشر الميلادي ذكر مصدر يهودي أن المعبد اليهودي الكبير كان مبنياً في محاذاة " الحائط الغربي " .

أما بنيامين حاكم توديلا ( ولاية يهودية مزعومة في القرن الثاني عشر ) فقال : إن قدسية المكان ليست في " الحائط الغربي " ، وإنما تمتد إلى بوابة الرحمة شرقي الجدار ، وفي القرن الثالث عشر الميلادي ، كان هناك سكوت أو إغفال مطلق للحديث عن قدسية " الحائط الغربي " ، حيث لم يشر إليه ناحمانديس الذي وضع وصفاً مفصلاً لموقع الهيكل عام 1267 م .

وكذلك الحال بالنسبة للمؤرخ الديني اليهودي استوري هافر حي الذي وضع العديد من المؤلفات في العقود الأولى من القرن الرابع عشر الميلادي ، أما مصادر القرن الخامس عشر الميلادي فقد كانت أشد فقراً في الحديث عن " الحائط الغربي " ، ولم تورد أي وصف للقدس ،ومن أبرز هذه المصادر : رحلات ميشو لم من فولتيرا ـ عوفاديا من بيرتينورو ، وسواها . وما " الحائط الغربي " الذي تحدث عنه عوفويا إلا ذاك الجزء الجنوبي الغربي من الجدار ، على الرغم من أنه لم يأت حينها بأي إشارة تبين مكان عبادة يهودية في الحائط ( 12 ) .

أما المؤرخ اليهودي زئيف فيلنائي فيزعم أن اسم الحائط " كوتل " ذكر في الأدبيات اليهودية القديمة وفي الشروحات التي كتبت بين القرنين الثالث والخامس الميلاديين .

ووردت في هذه الأدبيات حكايات للحجاج اليهود وغير اليهود عن الحائط وعن انفعالاتهم وصور المصلين والزوار أمامه .

ويذكر فيلنائي ذاته أن الحائط كان مطموراً ومغطى بالنفايات حتى مطلع الحكم العثماني للبلاد ، وحين بنى سور القدس في عهد السلطان العثماني سليمان القانوني ، تم إظهار مكانه ، وحسب رواية الحاخام اليعيزر نحمان ، لم يكن موقع الهيكل معروفاً في عهد هذا السلطان ، فأمر بالبحث عنه ، وكادوا يشعرون باليأس من جدوى البحث والسؤال عن مكانه ، إلى أن شاهدوا امرأة تحمل على رأسها سلة روث ، وحين سئلت ماذا ستفعل بالروث ومن أين هي والى أين ستمضي ؟ قالت إنها جاءت من بيت لحم لترمي الروث في هذا المكان ، لأنه حسب التقليد لديهم كل من يحمل قليلاً من الروث إليه يؤدي فريضة .

وعند ذلك تم اكتشاف الحائط وأزيلت عنه القمامة ، وأمر السلطان بغسله بماء السوسن ( 22) . بعد هذا ، ألا يكفي ما تقدم للدلالة على أن هناك اصطناعاً واضحاً لقدسية الحائط عند اليهود جرى في أزمنة متأخرة ؟ ! .







رد مع اقتباس
قديم 10-03-2009, 09:57 PM رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
إحصائية العضو








آخر مواضيعي


مجد الغد غير متواجد حالياً


افتراضي

تبلور الأطماع اليهودية بالحائط
بعد سنوات قليلة من الفتح العثماني لفلسطين ( 1517 م ) طرأ تغير شديد الخطورة في سياق المزاعم اليهودية الخاصة بالقدس ، آنذاك كانت الهجرة اليهودية من أسبانيا إلى الدولة العثمانية في حالة ازدياد مستمر ، بفعل عامل الجذب العثماني المتسامح وعامل الطرد المسيحي الذي كان يضيق الخناق على اليهود منذ أواخر القرن الخامس عشر .

وبحلول العام 1520 م ، أي بعد نحو عامين على الغزو العثماني لأسبانيا ، دخل " الحائط الغربي " إلى التقاليد اليهودية الجديدة وصار جزءاً مها ، وتحول إلى حائط لبكاء اليهود عنده ، منذ ذلك الحين فصاعداً راحت المصادر اليهودية تصف الحائط بأنه مكان مقدس يجتمع اليهود بجواره لأغراض الصلاة ( 23 ) . ويمكن التأريخ لبداية تبلور الأطماع اليهودية بحائط البراق اعتباراً من ذلك العام .

لم يكن يدور في خلد السلطان سليم أو سليمان ما يبيته اليهود لحائط البراق وللقدس وفلسطين عموماً ، فكانا يبديان العطف عليهم جرياً على عادة العديد من الخلفاء والسلاطين والقادة المسلمين ، سواء عبر السماح لهم بالإقامة في البلاد الإسلامية ، أو عبر تمكينهم من أداء الطقوس والشعائر الدينية الخاصة بهم .

وبدورهم ، استغل اليهود التسامح العربي الإسلامي معهم ، فكانوا يدعون أن هذا يبرهن على اعتراف المسلمين بحقوقهم ،ومنها حقهم في البكاء أمام حائط البراق الذي يشير برأيهم إلى الموافقة الإسلامية على علاقتهم بالحائط .

وخلال النصف الأول من القرن الثامن عشر ، بدأت صور الحائط تدخل منازل اليهود في فلسطين والعالم ، وكانت بالنسبة لهم تثير الحنين إلى ما يسمى " أرض الميعاد " . وقد ظهرت صورته الأولى للمرة الأولى في الأدبيات اليهودية في كتاب " ذكرى في القدس " الذي طبع عام 1743 م .

ونقش على الصورة عبارة " سيكون هناك قلبي وعيناي " . وراحت صورة الحائط تظهر على أغلفة الكتب التي تطبع في القدس وفي أختام يهود القدس ، كما ظهرت على عريشة مصنوعة من الخشب تعود للعام 1830 م محفوظة في متحف إسرائيل في القدس ، وقام بعض الرحالة والفنانين برسم صور للحائط والمصلين اليهود ( 24 ) .

في العام 1840 م انتهز اليهود فرصة ثورة محمد علي ( والي مصر ) ضد عهد السلطان العثماني محمود ، وتقدم يهودي يتمتع بالحماية البريطانية ( أي يحمل الجنسية البريطانية ) وعن طريق قنصل بريطانيا بطلب للسماح له بتبليط الرصيف الواقع أمام الحائط أو الزقاق المجاور له ، إذن ، لم يكن الطالب عثمانياً ، ولم يقدم الطلب عن طريق رئيس الحاخامين اليهود المعترف به رسمياً من قبل الحكومة العثمانية ، بل كان هذا الطلب تدخلاً واضحاً من قبل بريطانيا لصالح اليهود...

وحين عرض الطلب على المجلس الاستشاري ( الذي أنشأه محمد علي ) رفضه ، بعد سماع شهادة ناظر الوقف وغيره ، وأرسلت أوراق القضية إلى محمد علي فأرسلها إلى ابنه إبراهيم باشا للالتزام بالرفض ، فأرسلها الأخير إلى والي الشام ثم محافظ القدس ، ويحمل القرار تاريخ 11/ 1/ 1256 هـ وتوفيق رئيس المجلس الاستشاري محمد شريف ( 25 ) .

وفيما يلي النص الحرفي للوثيقة التي عرفت باسم " وثيقة الدزدار " : " افتخار الأماجد الكرام ذوي الاحترام أخينا السيد أحمد آغا الدزدار متسلم القدس الشريف حالاً أنه ورد لنا أمر سامي سر عسكري مضمنه صورة إرادة شريفة خديوية صادرة لدولته يعرب مضمونها العالي أنه حيث قد اتضح من صورة مذاكرة مجلس شورى القدس الشريف بأن المحل المستدعيين تبليطه اليهود هو حضرة أبو مدين ( قدس سره ) وما سبق لليهود تعمير هكذا اشيا بالمحل المرقوم ووجد أنه غير جايز شرفاً فمن ثم لا تحصل المساعدة لليهود بتبليطه وِأن يتحذروا اليهود من رفع الأصوات وإظهار المقالات ويمنعوا عنها فقط يعطى لهم الرخصة بزياراتهم على الوجه القديم وصادر لنا الأمر السامي السر عسكري بإجراء العمل بمقتضى الإرادة المشار إليها فبحسب ذلك اقتضى أفادتكم بمنطوقها السامي لكي بوصوله تبادروا لإجراء العمل بمقتضاها المنيف يكون معلومكم " ( 26) .

كانت ظروف الفترة التي كتبت فيها وثيقة الدزدار تشهد وتيرة منخفضة من نشاطات اليهود وتطلعاتهم الخاصة بالحائط خوفاً من ردود الفعل الإسلامية العنيفة ، حتى أنهم كانوا يفضلون دفع رسوم مقابل السماح لهم بالاقتراب من الحائط . و هناك أدلة مكتوبة حول هذا الأمر ، يضاف إليها قول الرحالة المشهور روبنسون الذي زار القدس ( عام 1838 م ) ما نصه : " مباح لليهود أن يشتروا حق الدنو من مركز هيكلهم وحق الصلاة والبكاء على خرابه وسقوط أمتهم أو تبددها " ( 27 ) .

وقول المستر فن الإنجليزي ( الذي تولى إدارة القنصلية البريطانية في القدس الشريف ما بين 1845 ـ 1863 م ) ما يلي : " يدفع الحاخام باشي إلى الأفندي الذي يجاور المبكى ثلاثمائة ليرة إنجليزية كل سنة بدل الأذن له ولليهود معه أن يصلوا هناك " ( 28 ) ولعل الأفندي المشار إليه هو وكيل و قفية المغاربة .

تلخص " موسوعة الصهيونية وأسرائيل " مسار الموقف من " علاقة اليهود بالقدس والحائط " فتذكر هذه الموسوعة أن اليهود منعوا من دخول القدس إبان حكم الرومان والبيزنطيين في فلسطين ، إلا عشية ذكرى خراب الهيكل ..

حيث كان يسمح لهم المجيء إلى القدس لقاء أجور محددة لتمكينهم من الوصول إلى الحائط والبكاء عنده ، وتبين الموسوعة أنه في ظل الحكم العربي الإسلامي سمح لليهود بالإقامة في القدس وسمح لهم آنذاك بتقديم خدمات دورية للحائط ، أما في العهد العثماني فقد سمح لليهود بالصلاة إلى جوار الحائط مقابل ضريبة محددة يتعين على اليهود تأديتها للباب العالي ، بينما كان حكام الأقاليم المحلية في فلسطين يفضلون وضع قيود أمام المتعبدين اليهود بين حين وآخر ( 29 ) .

تعبيرات عملية مبكرة للأطماع اليهودية بالحائط

اعتباراً من منتصف القرن التاسع عشر ، بذلت محاولات متعددة من قبل التجمعات اليهودية ، للحصول على حق العبادة عند الحائط...

ففي خمسينات ذلك القرن ، أخفق الحاخام عبد الله ( حاخام بومباي / الهند ) في جهوده الحثيثة الرامية إلى شراء الحائط ، و سعى الثري اليهودي موشي منتفيوري إلى استصدار إذن من السلطات العثمانية يسمح لليهود بوضع مقاعد وكراسي في المكان ونصب أعمدة لإقامة مظلات واقية من الأمطار لحماية الجدار والرصيف المجاور له ، بيد أن هذا المسعى لم يكتب له النجاح ، وتحدثت المصادر عن انه في وقت لاحق سمح لمنتفيوري مؤقتاً بوضع طاولة لقراءة " العهد القديم " قرب الحائط ، لكن هذه الطاولة أزيلت بعد فترة وجيزة بناء على طلب السلطات الإسلامية الدينية (30).

وفي العام 1887 م حاول البارون اليهودي روتشيلد شراء حي المغاربة المجاور لحائط البراق ، وقترح على الحاكم التركي رؤوف باشا أن يعطيه ثمن المنطقة 30 ألف ليرة ذهبية ، وأن يقوم اليهود بتوسيع الساحة على حسابهم ويزر عوا فيها الأشجار ...

وقد وافق رؤوف باشا في البداية ، واشترط أن يتقدم مجلس الجالية اليهودية بهذا العرض وعلى رأسهم الحاخام الرئيس باشي ، وكانت خيبة أمل روتشيلد كبيرة حين أعلمه أحد زعماء اليهود ( المدعو نسيم بيخر ) أن رئيس الحاخامات وأعضاء المجلس يتهربون من تقديم الطلب لاعتبارات خاصة بهم ( 31 ) ، وبذلك لم يتحقق ما اشترطه رؤوف باشا ، الذي تنبه على ما يبدو إلى مصير السكان المغاربة ، فعدل عما قبله .

لم يتراجع روتشيلد عن مشروعه ، بل تقدم بعرض آخر للحكومة العثمانية يتضمن استعداده لشراء أراض أخرى لبناء مساكن بديلة عن تلك التي سيقوم سكان حي المغاربة بإخلائها ، وقد وصلت المفاوضات مع الحكومة العثمانية بهذا الصدد إلى مرحلة متقدمة ، إلا أنها توقفت وطوي الموضوع لأسباب لا تزال مجهولة .

ومن المرجح هنا أن يكون عرض روتشيلد قد واجه اعتراضات شديدة ليس فقط من قبل صندوق الوقف الإسلامي ، وإنما أيضاً من قبل الحاخامات وبعض أو ساط اليهود الشرقيين الذين طالبوا روتشيلد بالإشراف شخصياً على المشروع ، وبدا أن الحاخامات اعتبروا الشروط الموضوعة للمشروع قد وأدت " الحقوق اليهودية " ( 32 ) وظهرت عقبات فنية ومصلحية أدت إلى إخفاق المشروع.

لم يكن اليهود يصرحون بانتزاع المسجد الأقصى وحائط البراق من يد المسلمين في الماضي ، لأن البلاد المقدسة كانت في حراسة المسلمين ، وإنما كانوا يحاولون من آن إلى آخر مغافة ذوي الشأن والاستفادة من إباحة الوقوف خلف الحائط للحصول على تساهل أوسع ، وقد دأب زعماؤهم وخاصة أثناء العهد العثماني على التوسل بمختلف الطرق لتأسيس حق لهم في الحائط ، كخطوة على طريق تحقيق أطماعهم...

وعمدوا إلى اصطحاب الكراسي والمقاعد والموائد والمصابيح وسواها ، غير أن ولاة الأمور حينذاك كانوا يحظرون عليهم ذلك ويقمعونه بشدة ، ويمنعونهم من أن يتجاوزوا الزيارة العادية بوضعها وشكلها على أبسط صورة...

كما ظهر ذلك من الوثائق ومن قرارات مجالس إدارة اللواء في العهد العثماني ، وحسب تأكيدات " المجلس الإسلامي الأعلى " في فلسطين ، لم يمنع المسلمون الزائرين والسائحين ،على اختلاف طوائفهم ودياناتهم ـ وفي جملتهم اليهود ـ من الوقوف أمام الحائط والنظر إليه لما يثير فيهم من حب الاستطلاع ، غير أن اليهود أخذوا تدريجياً يقلبون الزيارة العادية إلى طقوس ومراسم دينية ، وهو ما استدعى انتباه المسلمين الذين أخذوا يواجهون أي محاولة من هذا القبيل ( 33 ) .

بعد أن كان المسموح لليهود الزيارة فقط ، رفع اليهود أصواتهم وعادوا إلى البكاء . . ومع حلول العام 1911 م ، حاول اليهود إحضار الكراسي للجلوس عليها أثناء البكاء ، ووضعوا ستاراً بين مكان الرجال ومكان النساء ، وتكرر هذا الأمر عدة أيام .

وهنا رفع ناظر وقف المغاربة شكوى إلى متصرف القدس يقول فيها :" إن هذا الرصيف هو وقف للمغاربة ، وإنه يؤدي إلى موقف البراق في رحلة الإسراء والمعراج ، وهو زقاق غير نافذ حيث أن نهايته هي مربط البراق ، وطالب المتصرف بإيقاف جلب الكراسي ، وإلا سيدعي اليهود ملكية في الرصيف ومربط البراق ، فأبطل المتصرف هذه البدعة " ( 34 ) .

في العام 1912 م ، أمرت السلطات التركية بإزالة الحاجز الفاصل بين جناحي الرجال والنساء أمام حائط البراق ، وإزالة الشموع والأدوات الزجاجية وطاولة القراءة الخاصة بالكتب اليهودية ، وقبل الحرب العالمية الأولى ، جرت محاولات يهودية حثيثة أخرى لشراء المناطق المحيطة بحائط البراق من قبل مصرف أنجلو ـ فلسطين الصهيوني ، وتوقفت تلك المحاولات مع اندلاع شرارة هذه الحرب ( 35 ) .

من الرمز الديني إلى التحريض الصهيوني

مع ازدياد أعداد اليهود في القدس وفلسطين عموماً ، ولا سيما في القرن التاسع عشر ، تصاعدت ظاهرة العبادة اليهودية عند الحائط ، وغزا هذا الحائط القصص والحكايات الشعبية والتقاليد واللوحات الفلكورية .

واستمر حضور الحائط في المؤلفات والمنشورات التي كانت تتحدث عن القدس وفلسطين وتاريخ اليهود ، وتحول إلى مصدر إبداع أدبي وفكري كبير في الحياة اليهودية ، وراح اليهود والعاملون في الدوائر الاستعمارية يوجهون بعثات التنقيب والاستكشاف لدراسة التاريخ والآثار في القدس وسواها...

ومنح " الحائط الغربي " قسطاً كبيراً من الاهتمام ، وجرى في العام 1838 م اكتشاف قنطرة سميت لاحقاً باسم مكتشفها روبنسون ، وفي العام 1865 م قام عالم الآثار البريطاني ولسون بكتابة وصف للجسر الذي اكتشفه توبلر في ثلاثينيات القرن التاسع عشر.

واعد السير تشارلز وارن عام 1867 م دراسة أظهر خلالها الارتفاع الكامل للحائط ( 36 ) ، وقدم " صندوق استكشاف فلسطين " البريطاني خدمات كبرى للصهيونيين في دراساته حول القدس ، منذ بدايات عمله ، قبل ما يزيد على ربع قرن من ولادة الصهيونية السياسية في مؤتمر بال ( 1897 م ) .

كانت الأوساط الصهيونية آنذاك تعمل لتوظيف الرموز الدينية في منحى التطبيق العملي للمشروع الصهيوني ، ورأى زعماؤها ضرورة اقتران الاهتمام اليهودي بالحائط مع العمل الاستيطاني اليهودي .

فمثلاً ، لدى زيارة الزعيم الصهيوني أشر غينزبرغ ( آحاد هعام ) إلى الحائط عام 1891 م ، شاهد اليهود يتوسلون أمام حجارته ، وكتب عن زيارته تلك :" تشهد هذه الحجارة على خراب بلادنا ، ويشهد هؤلاء الناس على خراب شعبنا ، وأي خراب منهما أكبر ؟ أيهما نبكيه أكثر ؟ إذا ما تخربت البلاد وبقي الشعب مفعماً بالحياة والقوة فسوف ينهض من جديد ، وسيعود لبنائها ثانية ، لكن إذا ما تخرب الشعب عمن سينهض ومن سيهب لمساعدته ؟ " ( 37 ) .

بعد إنجاز المرحلة الأولى من المشروع الصهيوني بالاستيلاء على فلسطين ، تطرق بعض المهتمين الصهانية إلى مكانة الحائط في النشاط الصهيوني آنذاك ، وعلى سبيل المثال كتب المؤرخ اليهودي زئيف فيلنائي يقول : لقد لعب الحائط دوراً روحياً ووظنياً ( 000 ) هاماً في حياة اليهود سواء من سكان البلاد أو من القادمين إليها ، وقد زرع الحائط في قلوب الجموع اليهودية بقوة كبيرة الإيمان ببعث شعب إسرائيل وعزز لديهم الطموح للنهضة في أرضهم ( 38 ) .

تأجج الأطماع بالحائط في العهد البريطاني

بعد صدور وعد بلفور ( 1917 م) الذي نص على منح وطن قومي لليهود في فلسطين ، تأججت المطامع اليهودية الصهيونية الرامية لامتلاك حائط البراق ، وظهر لهيبها على ألسنة زعمائهم في أنحاء العالم ، فأخذوا يفصحون عن نواياهم ويعلنونها على الملأ حول مطالبتهم بالحائط وبعزمهم على إزالة المسجد الأقصى لبناء هيكل يهودي مكانه.

ومن هؤلاء ألفرد موند ( أحد كبار الصهيونيين ) الذي قال في مقال له بالحرف " إن اليوم الذي سيعاد فيه بناء الهيكل أضحى قريباً جداً وإنني سأكرس بقية حياتي لبناء هيكل عظيم مكان المسجد الأقصى " .

وقال إسرائيل زنجويل ( زعيم أحد أجنحة المنظمة الصهيونية العالمية ) :" ليس على المسلمين سوى أن يرحلوا إلى أرض غير هذه الأرض " . وراح الصهيونيون يوزعون صوراً لبيت المقدس وقد علت أسواره الأعلام الصهيونية و وضع الشمعدان اليهودي فوق قبة الصخرة ، وتضمنت إحدى هذه الصور تعليقاً حول هذه القبة يقول ما ترجمته :" كل صلاة أو طلب من أي إنسان ومن شعبك بني إسرائيل من يعلم منهم ومن يشعر بقلبه يطلب من الله هذا البيت مكاننا المقدس منذ القديم " ( 39 ) .

ومن ناحيته ، قال نورمان بنتويش ( أحج كبار موظفي حكومة الانتداب البريطاني في فلسطين ) عن حائط البراق :" إن أكبر محفل ديني لاجتماع اليهود في القدس هو كوتل همعرافي ( = الحائط الغربي ) من الحرم أو الهيكل ( . . . ) وهو بحسب التقاليد جزء من هيكل سليمان ( . . . ) " .

وتحدث بنتويش عن الخطوات العملية الأولية التي يتعين على اليهود القيام بها لبناء الهيكل قائلاً :" إن اليهودي عند حائط المبكى أكثر إغراقا في الخيال من اليهودي السائر في الشارع ، ولكن لا هذا ولا ذاك سيجدد بناء المبكى ، بل أبناء الجيل هم الذين سيقومون بذلك ، والذين يعتقدون أن العمل هو الصلاة الحقيقية ينزلون في القدس ويسكنونها ، وهم ينتظرون قيام كورش جديد وقيام نحميا جديد ليشفا الطريق في استعادة المكان المقدس لليهودية " ( 40 ) .

وفي زمن المندوب السامي البريطاني الثاني الفيلد مارشال بارون بلومر ( الذي جاء بعد هربرت صموئيل ) اشتد الخلاف بين المسلمين واليهود في شهر أيلول / سبتمبر 1925 م حول حائط البراق ، بسبب إصرار اليهود على جلب الكراسي والمقاعد والستائر واستعمال هذه الأدوات وسواها أثناء تعبدهم وبكائهم ، وعارضهم المسلمون في ذلك ، مؤكدين أنه لا يحق لليهود أي تصرف من هذا القبيل لأنهم سيعتبرون المكان ملكاً لهم(41).

اضطرت قوات الشرطة البريطانية للاستجابة إلى شكوى الفلسطينيين ، وقامت بإزالة المقاعد والكراسي التي وضعها اليهوج في المكان ( في يوم كيبور = الغفران عام 1925 م ) ، وفي العامين التاليين رفضت الترخيص لليهود بوضع حاجز ( ستار ) بين جناحي النساء والرجال لكونه يشكل خرقاً لصيغة " الوضع الراهن " وأزالت هذا الحاجز عام 1928 م ...







رد مع اقتباس
قديم 10-03-2009, 09:58 PM رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
إحصائية العضو








آخر مواضيعي


مجد الغد غير متواجد حالياً


افتراضي

وفي أعقاب ذلك ثارت موجات احتجاج وسخط يهودية في جميع أنحاء العالم ، وأصدر المندوب السامي البريطاني مذكرة في تشرين الثاني / نوفمبر من العام 1928 م برر فيها إقدام القوات البريطانية على خطوتها تلك ، مؤكداً للحكومات التي عبرت عن انزعاجها أن السبب لما جرى يكمن في طبيعة " الوضع الراهن " لمدينة القدس بما في ذلك وضع الحائط الغربي.

ومما جاء في هذه المذكرة " أن الحائط وما يحيط به من أرصفة هو ملكية عربية ، وأن العرب سمحوا لليهود بالدخول إلى مجال الحائط لأسباب وجدانية . ومع هذا فقد كان بإمكانهم إحضار مستلزمات عبادتهم إلى الحائط منذ عهد التركي للبلاد " ( 42 ) .

آنذاك ، كان المندوب السامي البريطاني الثالث جون تشانسلور ( 1928 م ) مرغماً على ما يبدو لاتخاذ ذلك الإجراء ، بينما عرف بتعاطفه مع اليهود وتشجيعهم على مواصلة طريق المطالبة بحقوق لهم في حائط البراق ، وبفعل التصرفات اليهودية تجدد النزاع بين المسلمين واليهود حول الحائط ، ويومها كان اليهود يشعرون بقوتهم إثر ازدياد أعدادهم بوساطة الهجرة غير الشرعية والتسهيلات التي قدمتها حكومة الانتداب لهم ، وأخذوا يطالبون بإلغاء القرار الذي أصدرته حكومة الانتداب في أيلول / سبتمبر 1925 م والذي رسخت فيه صيغة " الوضع الراهن " ( 43 ) .

تفاقم النزاع حول الحائط

استغل اليهود والصهيونيون وجود " بنتويش " في حكومة الانتداب ، وسعوا إلى سن قانون انتدابي لنزع ملكية وقف المغاربة المجاور لحائط لبراق ...

وجندوا بعض الموظفين البريطانيين في الحكومة العسكرية البريطانية لإقناع المسلمين وإغرائهم بشراء هذا الوقف منهم ، بيد أن المسلمين رفضوا بكل حزم هذه المحاولة ، وأعلنوا استعدادهم لبذل نفوسهم دفاعاً عن المسجد الأقصى..

وحين لمس اليهود هذا التمسك الإسلامي بالحائط ، عادوا مرة أخرى إلى أسلوب وضع الأدوات اليهودية قربه لتأسيس حق لهم في ذلك ..

وبالمقابل أصر المسلمون على منعهم من تكريس هذه الظاهرة ، وفي اليوم المسمى عندهم " يوم كيبور = الغفران " عام 1929 م ، لجأ اليهود إلى التصرف عند الحائط كما يتصرف المالك بملكه ، فملؤوا المكان بالمقاعد والكراسي والموائد والخزائن والستائر والمصابيح وغير ذلك..

بحيث أصبح الناظر إلى جدار المسجد الأقصى / حائط البراق يحسبه كنيساً يهودياً ، الأمر الذي حمل مسلمي فلسطين ومن بلغه نبأ هذا الاعتداء من مسلمي الأقطار الأخرى أن يستنكروا هذه الحالة وينبهوا إلى عواقبها والطالبة بضرورة ثني المعتدين وإلغاء إجراءاتهم الجديدة ( 44 ) .

سارع المسلمون إلى عقد اجتماعات عامة في المساجد ، وخصوصاً في المسجد الأقصى ، للتشاور فيما يجب عمله إزاء الاعتداء اليهودي على حائط البراق ، وشكلوا لجنة سموها " لجنة الدفاع عن البراق الشريف " أوكلوا إليها تنفيذ قراراتهم .

وقامت هذه اللجنة بتنفيذ العديد من الخطوات العملية ، ومنها مراجعة حكومة الانتداب وتنظيم الاحتجاجات واستنفار الهمم ، وتمكنت من حشد جهود الجمعيات والهيئات والأفراد للدفاع عن حائط البراق وبعثت بمئات البرقيات والعرائض والرسائل إلى مختلف الجهات المحلية والعربية والإسلامية والدولية ، للتأكيد على التمسك الإسلامي بهذا المكان المقدس ومواجهة العدوان اليهودي الصهيوني السافر ( 45 ) .

مذكرة المجلس الإسلامي الأعلى إلى "المندوب السامي " البريطاني آنذاك ، واصل " المجلس الإسلامي الأعلى " في فلسطين نشاطاته ، فقابل المندوب السامي البريطاني ( عام 1929م ) وسلمه مذكرة تحمل توقيع رئيسه مفتي فلسطين الحاج أمين الحسيني ، جاء فيها :

إن المجلس الإسلامي الأعلى يقابل فخامتكم اليوم لأمر خطير جداً ، يرجو أن تتلقوه بأعظم اهتمام لما سيكون له في حاضر هذه البلاد ومستقبلها من النتائج الخطيرة ، وذلك هو هذه الضجة والدعاية العنيفة الواسعة النطاق التي يقوم بها اليهود للتأثير على حكومة فلسطين وحكومة لندن ، وغير هما من الحكومات ، وعلى جمعية الأمم لاستملاك الجدار الغربي للمسجد الأقصى المسمى بحائط البراق أو لادعاء حق لهم في هذا المكان..

فالمسلمون الذين يعلمون جيداً ما توسل به اليهود من شتى الوسائل قبل الاحتلال وبعده ، وأخيراً بصدور الاستملاك واشتمال هذا القانون (وسريانه) على امتلاك الوقف أيضاً ، لم تخف عليهم هذه المحاولة المتسلسلة الحلقات ، التي يقصد بها الاعتداء على الجدار الغربي للمسجد الأقصى الذي هو مكان البراق الشريف..

ويعتقد المسلمون الذين عرفوا بالتجارب المرة ما تنطوي عليه صدور اليهود من المطامع التي لا حد لها في هذا الموضوع ، إن غايتهم هي استملاك المسجد الأقصى تدريجياً ، بزعم أنه الهيكل ، مبتدئين بالجدار الغربي منه ، وهو قطعة لا تنفصل من المسجد الأقصى ، وباستملاك وقف سيدنا أبي مدين المتصل بالمسجد من الجهة الغربية ..

ولذلك فإن المسلمين أصبحوا في قلق شديد واضطراب عظيم ، وقد أخذ هذا القلق والاضطراب يتجسمان في البلاد ، وأخذت الوفود الإسلامية تفد على القدس من جميع الأنحاء ، كما انهالت على المجلس الإسلامي برقيات الاحتجاج المختلفة ، وإننا بلسانهم جميعاً نلفت نظر فخامتكم إلى الأمور التالية :

أولاً : لا يخفى على أحد اعتقاد المسلمين وتعلقهم العظيمين في جميع العالم الإسلامي بهذا المسجد الأقصى الذي هو أحد المساجد الإسلامية الثلاثة الممتازة بمكانتها العظمى من الدين الإسلامي ، وإن الجدار الغربي قسم لا ينفصل منه وله حكمه .

ثانياً : إن الجدار الغربي هذا ، إنما سمي بالبراق نسبة لبراق النبي صلى الله علية وسلم ليلة الإسراء ، ولذلك فإن له قيمة دينية أخرى فوق كونه قطعة من المسجد .

ثالثاً : إن المكان الذي يقف فيه عادة الزائرون للبراق من يهود وغيرهم ، هو ممر خاص غير نافذ وهو من ممتلكات وقف المغاربة سكان الحي يمرون منه إلى بيوتهم ، وليس لليهود فيه أكثر مما تساهل به سكان هذا الحي حينئذ لعموم الزائرين على اختلاف طوائفهم وأديانهم .

رابعاً : ان ما وعدت به الحكومة البريطانية واعلنته من السير على الحالة القديمة ( الستاتيكو ) في الأماكن المقدسة يمكن أن يتحدد في هذه المسألة بقرار مجلس الادارة العثماني (1327 هـ / 1909 م ) الذي يدل على أن اليهود يقفون على أقدامهم في هذا المكان كزائرين فقط ، ولم يذكر القرار السماح لهم بالصلاة والمراسم الدينية هنام ، فضلاً عن أن هناك بعض وثائق محفوظة تحظر على اليهود ( رفع الأصوات واظهار المقالات ) في البراق الشريف .

خامساً : ان المسلمين منذ الاحتلال وقبل تشكيل المجلس احتجوا للحكومة على محاولات اليهود في البراق ، كما احتج على ذلك مراراً المجلس الاسلامي الاعلى والمفوضون بالتولية من قبله على وقف المغاربة الذي يشمل هذا المكان . فقدم المجلس في التواريخ الآتي ذكرها احتجاجاته على كل حادثة لئلا يحتج اليهود بها كسابقة وذلك في : 8 شوال 1340 و 19 شباط 1922 و 16 نيسان 1922 و 28 كانون الثاني 1923 و 28 أيلول 1925 و 7 حزيران 1926 و 4 آب 1926 و 7 كانون الأول 1926 و 3 نيسان 1928 و 24 ايلول 1928 ، عدا الاحتجاجات والمراجعات الشفهية والتلفونية الكثيرة . وقدم متولو وقف المغاربة بواسطة المجلس الاسلامي الأعلى احتجاجاتهم عدا الذي قدموه رأسا الحكومة المركزية في 6 نيسان 1922 و 28 كانون الثاني 1923 و 28 ايلول 1925 و 7 حزيران 1926 و7 كانون الاول 1926 .

سادساً : حين صدور قانون الاستملاك مشتملا على استملاك الوقف ، لمس المسلمون غاية اليهود منه ومحاولتهم استغلاله لمصلحتهم ، فاحتج عليه المجلس بشدة ، وبعد أن قام بواجبه من الاعتراض على هذا القانون وقف منتظراً ما كان يتوقعه من محاولة اليهود استغلال هذا القانون .

سابعاً : نلفت نظر الحكومة إلى قوة الشعور الديني في هذه البلاد ، لتنصح اليهود ولاسيما الرؤساء المسؤولين منهم ، بتوقيف هذه الدعاية العدائية التي يتولد منها بطبيعة الحال قيام دعاية إسلامية مقابلة لها في العالم الإسلامي كافة ، تلقى مسؤوليتها على اليهود المسببين في البراق الشريف الجدار الغربي للمسجد الأقصى ، ونرجو أن تؤكد الحكومة للمسؤولين بأن تؤكد الحكومة للمسؤولين بأن المسلمين الشديدي التعلق بحقهم مصممون تصميماً نهائياً على أن يقفوا سداً منيعاً حائلاً دون كل طامع في مسجدهم بجميع جدرانه ، أو في أوقافهم وأماكنهم المقدسة وإنهم لن يتقهقروا خطوة واحدة أمام أي عدوان أو إحداث أي جديد في ذلك .

ثامناً : يشكر المجلس الحكومة في اتباعها الحق على ما أمرت برفعه وإزالته مما أحدثه اليهود في البراق الشريف ، يرجو بإلحاح أن تأمر حالاً برفع بقية ما أحدثوه ، من وضع كراسي ومائدة وأدوات خشبية عليها قناديل .

تاسعاً : لقد دهش المسلمون لما جاء في البلاغ الذي أصدرته الحكومة بإمكان وضع ضابط يهودي بالبراق إرضاء لليهود ، وهم يعدون ذلك افتئاتاً على حقوقهم وتحيزاً لليهود ضد مصالح المسلمين ، ويرونه يزيد الأمر استفحالاً ويشجع اليهود على الاسترسال في أطماعهم والاعتداء شيئاً فشيئاً ، ولذلك فالمجلس يحتج على ذلك بكل قوة ، ويرجو بإلحاح أن تعيد الحكومة نظرها في المحاذير التي تنشأ عن وجود ضابط يهودي في محل إسلامي محض ليس لليهود فيه أقل حق ، يطلب أيضاً أن يكون الضابط مسلماً ليطمئن المسلمون على حقوقهم كاملة في هذا المكان المقدس .

وبالنهاية فإننا نرجو من الحكومة أن تلفت نظر من يقتضي بأن الأماكن المقدسة والمقاصد الدينية الأساسية ، إنما كانت لأجل سلام العالم وسعادته ، فلا ينبغي أن يساء استعمالها فتكون مثاراً للفتن والخصومات والأحقاد ، بمحاولة اعتداء طائفة على أخرى والطمع في أماكنهم المقدسة بمثل هذه الوسائل العقيمة ، التي لن يكون لها من نتائج إلا إحداث المشاكل وإشعال الفتن في هذه البلاد المقدسة ، التي ينبغي أن تكون مقر الطمأنينة والهدوء ومركز السلام في العالم "( 46 ) .

أحداث ( ثورة ) البراق / 1929 م

نظم اليهود مظاهرة في بل أبيب بمناسبة ما يسمى ذكرى تدمير الهيكل في ( 14 / 8 / 1929 م ).

أتبعوها في اليوم التالي بمظاهرة كبيرة في شوارع القدس لم يسبق لها مثيل ، حتى وصلوا قرب حائط البراق ، وهناك رفعوا العلم الصهيوني ، وأخذوا ينشدون النشيد الصهيوني " هاتكفا = الأمل " وشتموا المسلمين وأطلقوا صيحات التحدي والاستفزاز ، وقالوا " هكوتيل كوتلينو = الحائط حائطنا " وطالبوا باستعادته زاعمين أنه الجدار الباقي من هيكل سليمان .

وفي اليوم التالي ، الذي كان ذكرى المولد النبوي الشريف ، توجه أهالي القدس والقرى المحيطة بها على عادتهم لأداء صلاة الجمعة في المسجد الأقصى..

وبعد الصلاة خرج المصلون في مظاهرة ضمت الآلاف من المسلمين واتجهوا نحو حائط البراق ، وحطموا منضدة لليهود كانت موضوعة على الرصيف ، وأحرقوا بعض الأوراق التي تحتوي على نصوص الأدعية اليهودية الموضوعة في ثقوب الحائط .

وبعد عدة أيام تواترت الأخبار عن نية الصهيونيين شن هجوم على حائط البراق واحتلاله لتثبيت حقهم في ملكيته ، فتدفق مسلمو فلسطين إلى القدس لأداء صلاة الجمعة ( في 23 / 8 / 1929 م ) وهم يحملون العصي والهراوات..

وحين خرج المصلون وجدوا تجمعاً صهيونياً يتحداهم ، فوقعت صدامات ومواجهات عنيفة بين الطرفين ، وفتحت الشرطة البريطانية النار على الجمهور العربي ، ودخلت المصفحات البريطانية القدس ، وفي الأيام التالية اتسعت المواجهات الدامية فشملت مختلف المدن الفلسطينية ، وكانت حصيلة ثورة البراق ( 1929 م ) مقتل 133 يهودياً وجرح 239 منهم ، واستشهاد 116 مسلماً وجرح 232 شخصاً ، وإلحاق أضرار كبيرة بالقرى والممتلكات ( 47 ) .

لجنة دولية للتحقيق / 1930 م

على أثر الاضطرابات وثورة البراق التي وقعت عام 1929 م ، أرسلت الحكومة البريطانية لجنة للتحقيق عرفت باسم " لجنة شو " نسبة إلى رئيسها..

وبين جملة توصياته ، أوصى شو بإرسال لجنة دولية للتحقيق في موضوع حقوق العرب واليهود في البراق ، وفي 15 / 5/ 1930 م وافق مجلس عصبة الأمم ( سلف هيئة الأمم المتحدة ) على الأشخاص الذين تم ترشيحهم من قبل بريطانيا لعضوية اللجنة وهم : إليل لوفغرن (وزير الشؤون الخارجية الأسوجي سابقاً وعضو مجلس الأعيان في أسوج) ـ شارلس بارد (نائب رئيس محكمة العدل في جنيف ورئيس محكمة التحكيم النمساوية ـ الرومانية المختلطة) ـ س ، فان كمبن (عضو البرلمان الهولندي وحاكم الساحل الشرقي لجزيرة سومطرة سابقاً) (48) .

وصلت لجنة التحقيق الدولية إلى القدس في 19/ 6/ 1930 م وأقامت فيها شهراً بكامله ، عقدت فيه 23 جلسة اتبعت خلالها الأصول القضائية المعهودة في المحاكم البريطانية ، واستمعت إلى ممثلي الطرفين العربي واليهودي وإلى 52 شاهداً ( 30 استدعاهم العرب و22 استدعاهم اليهود )..

وأبرز الطرفان أثناء الجلسات 61 وثيقة أو مجموعة من الوثائق ( 26 وثيقة قدمها العرب و35 وثيقة قدمها اليهود ) ، وكان دفاع الفريق العربي عن حقه في القدس يثير الإعجاب ، واشترك في هذا الدفاع نخبة من رجالات البلاد من ذوي الاطلاع الواسع على الوضع الراهن للأماكن المقدسة ( 49 ) .

كانت المشكلة الرئيسة التي واجهت اللجنة يومذاك تتمثل في محاولة الصهيونية قلب " الوضع الراهن " بالنسبة للأماكن المقدسة ، إذ ركزت جهودها منذ البداية على حائط البراق ، متبعة أساليب تدريجية تصاعدية تنتهي بها إلى ادعاء حق اليهود في ملكية " حائط المبكى " وقد تمثلت المرحلة الأولى من تلك الخطة بجلب اليهود الكراسي والمصابيح والستائر على غير عادتهم السابقة ، ووضع هذه الأدوات أمام الحائط ليحدثوا سابقة تمكنهم من ادعاء حق ملكية التي يضعون عليها هذه الأدوات ،ومن ثم ملكية الحائط ( 50 ) .

إثبات صحة وثيقة الدزدار

من الوثائق التي قدمها الحاج أمين الحسيني إلى اللجنة الدولية ، وثيقة ترجع إلى زمن الحكومة المصرية ، مؤرخة في 24 رمضان 1256 هـ (1840 م) موجهة من رئيس المجلس الاستشاري محمد شريف إلى أحمد آغا الدزدار متسلم القدس..

وهي ـ كما ذكرنا سابقاً ـ تمنع اليهود من تبليط الرصيف المجاور لحائط وتحذرهم من رفع أصواتهم وإظهار المقالات عنده ، وقد شكك بعض اليهود في صحة هذه الوثيقة ، بيد أن أحد الباحثين ـ الأرجح أن يكون د ، أسد رستم أستاذ التاريخ الشرقي في جامعة بيروت الأمريكية وعضو المجمع العلمي اللبناني ـ درس هذه الوثيقة مستخدماً خبرة غنية ومنهجية بحثية أصيلة..

وأرسل نتيجة دراسته مزودة بالوثائق المقارنة إلى الحاج أمين الحسيني مفتي فلسطين (عام 1930 م) أكد له في نهايتها ما نصه :" بناء على ما نعرفه من نوع ورقها وقاعدة خطها وأسلوب إنشائها وطريقة تنميرها وتاريخها ، وبناء على موافقة النصوص التاريخية لها ولاهتمام اليهود بأخربة الهيكل ، نرانا مضطرين أن نرجح أصليتها ترجيحاً علمياً تاماً " ( 51 ) .

ماذا طلب اليهود من لجنة التحقيق ؟ !

تركزت مطالب اليهود التي قدموها إلى لجنة التحقيق الدولية على مايلي : ( 52 )

1ـ أن تعترف اللجنة بالحق ( . . . ) الذي ما فتئ اليهود يدعون به منذ القدم بأن حائط المبكى هو مكان مقدس ، ليس لليهود في فلسطين فحسب ، بل لليهود في العالم قاطبة .

2ـ أن تقرر اللجنة بأن لليهود الحق في السلوك إلى الحائط للقيام بالتضرعات والصلوات وفقاً لطقوسهم الدينية دون بدخل أحد أو ممانعته .

3ـ أن تقرر اللجنة السماح لليهود بالاستمرار على القيام بشعائر هم الدينية ، مع مراعاة اللياقة والاحتشام مما هو من مميزات هذه العادة المقدسة التي اتبعوها أجيالاً عديدة دون أن يعتدوا على حقوق الآخرين الدينية ( . . . ) .

4ـ أن تقرر اللجنة بان من صلاحية رئاسة الحاخامين في فلسطين وضع أي أنظمة ضرورية للقيام بهذه التضرعات والصلوات وبأن تأخذ هذه الرئاسة على عاتقها المسؤولية التامة بهذا الشأن وتستشير في ذلك رئاسة الحاخامين في العالم .

5ـ أن تقترح اللجنة على الدولة المنتدبة ـ إن حاز هذا المشروع قبولاً لديها ـ اتخاذ التدابير الضرورية لإخلاء أملاك وقف المغاربة ، على أن تقبل دائرة الأوقات الإسلامية بدلاً منها بعض مبان جديدة تقام في موقع آخر في القدس .

يتضح من هذه المطالب أنها عنيت بتحويل التجاوزات اليهودية إلى أمر واقع جديد معترف به ، وذلك كمقدمة لحركة أوسع تتعلق بتهويد المكان ، ولنلاحظ أن فكرة هدم حي المغاربة ظهرت آنذاك بوضوح في المطلب الخامس ، الأمر الذي يعكس النزعة العنصرية والتدميرية لليهود إزاء المسلمين في القدس ،ويدل في الوقت ذاته على سعيهم إلى اغتصاب الأملاك والحقوق الإسلامية في الموقع ، على غرار حالات الاستيلاء اليهودية الأخرى على الأراضي في فلسطين .

دفاع المسلمين أمام لجنة التحقيق

في مواجهة هذه المطالب ، أدلى فريق المسلمين أمام لجنة التحقيق الدولية بالحجج الرئيسة التالية : ( 53 ) .

1 ـ لم يدع اليهود في الماضي أي حق في الحائط بل كانوا قانعين بالذهاب إليه للنواح ، وراضين بالتأكيدات التي أعطيت لهم بأن العرب المتسامحين لن يتعرضوا لهم ، وإن وعد بلفور ـ الذي ادمج في احكام صك الانتداب ـ هو السبب في وقوع الخلاف وحرض اليهود على تقديم مطالب لم يحلموا بها سابقاً .

2ـ إن حائط البراق هو جزء لا يتجزاً من الحرم القدسي الشريف ، وليس فيه حجر واحد يعود إلى عهد الملك سليمان ، والممر الكائن عند الحائط ليس طريقاً عاماً ، وإنما أنشئ فقط لمرور سكان حي المغاربة وغيرهم من المسلمين في ذهابهم إلى مسجد البراق ومن ثم إلى الحرم الشريف ، وهذا الموقع إسلامي صرف ، ولن يرضى العرب نزع ملكيته لليهود ، وبما أنه ليس لليهود أي حقوق في ذلك المكان فإن وجودهم عند الحائط في أيام معلومة هو من قبيل التسامح الذي أبداه نحوهم المسلمون .

3ـ إن تطبيق الحالة الراهنة ( الستاتيكو ) في الأماكن المقدسة ليس له علاقة البتة بحائط البراق ، لأن الحق في هذا الحائط من جهة ملكيته أو الانتفاع به أو استعماله له عائد للمسلمين ، والأمر الوحيد الذي يمكن البحث فيه هو مدى التسامح الذي يستطيع أصحاب الحائط إبداءه ، ذلك التسامح الذي لا يمكن أن يتجاوز الحدود التي يعينونها .

4ـ إن قدسية الرصيف الكائن عند الحائط والمكان المجاور له تأتي من أنه جزء من الحرم القدسي الشريف الذي هو بالنسبة للمسلمين أولى القبلتين وثاني المسجدين ، وبناء على تقديس المسلمين لهذا المحل وقف أصحاب الأملاك المجاورة أملاكهم ، فأنشئت فيها زوايا وبيوت للحجاج المغاربة .

5ـ إن الوقف الإسلامي هو من الناحية الشرعية حبس العين عن تمليكها لأحد والتصدق بريعها على جهة أو أكثر من جهات البر ، وإذا وقف شخص ريع معلم معين خرجت ملكيته من يده أيضاً ، ولا تجيز الشريعة الإسلامية بيع الوقف ولا تحويله خلافاً لشرط الواقف ، وعلى ذلك فحائط البراق ، لكونه جزءاً من الحرم يعتبر وقفاً من المرتبة الأولى ( أي مرتبة المساجد والمعابد الموقوفة لتأدية الصلاة ).

كما أن الرصيف عند الحائط موقوف لاستعمال زوار المسلمين وحجاجهم ، والشريعة الإسلامية تحظر على اليهود بأن يدعوا أي حقوق لهم في هذه الأماكن ، وأن تسامح المسلمين مع اليهود بتمكينهم من الذهاب إلى الحائط للبكاء ، لا يعطيهم أي حق في ملكيته أو في الانتفاع بهذا الامتياز في المستقبل .

6ـ ليس الغرض من حركات اليهود ومشاغباتهم وضع مقاعد عند الحائط للطاعنين في السن والعجزة للاستراحة عليها فقط ، بل إن هذه الحركات ترمي إلى تأمين منافع لليهود ليس لهم فيها أدنى حق ، إن غايتهم الحقيقية هي وضع يدهم على الحرم الشريف خلافاً لكل التصريحات والأقوال اليهودية المخادعة ..







رد مع اقتباس
قديم 10-03-2009, 10:00 PM رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
إحصائية العضو








آخر مواضيعي


مجد الغد غير متواجد حالياً


افتراضي

وإن الحالة التي أو جدها اليهود في الأرض المقدسة ، وعلى الأخص في القدس ، هي مصدر خطر دائم يهدد السلام ، وإن طلب اليهود بنزع ملكية محلة المغاربة لدليل على أن نوايا اليهود الحقيقة هي الاستيلاء تدريجياً على جميع الأماكن الإسلامية المقدسة وأن يصبحوا أسياد البلاد ، ولما كانت مطالب اليهود غير مستندة إلى أي حجة قانونية فمن الواجب ردها ، وأفضل حالة برمتها منع اليهود من الاقتراب من الحائط .

لجنة التحقيق تقرر الملكية الإسلامية للحائط والرصيف

أو جزت لجنة التحقيق الدولية الاستنتاجات التي توصلت إليها ، بالاستناد إلى الاستدلالات والشهادات التي قدمت إليها على النحو التالي : ( 54 ).

أ ـ للمسلمين وحدهم تعود ملكية الحائط الغربي ، ولهم وحدهم الحق العيني فيه لكونه يؤلف جزءاً لا يتجزأ من ساحة الحرم الشريف التي هي من أملاك الوقف ، وللمسلمين أيضاً تعود ملكية الرصيف الكائن أمام الحائط وأمام المحلة المعروفة بحارة المغاربة المقابلة للحائط ، لكونه موقوفاً حسب أحكام الشرع الإسلامي لجهات البر والخير ، وإن أدوات العبادة و( أو ) غيرهما من الأدوات التي يحق لليهود وضعها بالقرب من الحائط بالاستناد إلى أحكام هذا القرار أو بالاتفاق بين الفريقين لا يجوز في حال من الأحوال أن تعتبر أو أن يكون من شأنها إنشاء أي حق عيني لليهود في الحائط أو في الرصيف المجاور له .

ب ـ لليهود حرية السلوك إلى الحائط الغربي لإقامة التضرعات في جميع الأوقات مع مراعاة الشروط الصريحة المشار إليها فيما يلي :

ـ لا يجوز جلب أي أدوات عبادة يهودية إلى جوار الحائط إلا في حالتين فقط هما : عند وقوع صوم أو اجتماع خاص للصلاة العامة بسبب وقوع كارثة أو مصيبة عمومية ، وفي يوم عيد رأس السنة ويوم كيبور ( الغفران ) وغير هما من أيام الأعياد المخصوصة الأخرى المعترف بها من قبل الحكومة .

ـ يسمح لليهود بجلب كتب صلاة يدوية معهم إلى الحائط ، وارتداء ألبسه استعملت منذ القديم في صلواتهم .

ـ يجب احترام حق المسلمين في الذهاب والإياب على الرصيف بالطريقة الاعتيادية ، ويمنع على اليهود جلب المقاعد والسجاجيد والحصر والكراسي والستائر والحواجز وسوق الدواب عند الرصيف في ساعات معينة ، ويمنع جلب أي خيمة أو ستار أو ما شابههما إلى الحائط ، ولا يسمح لليهود بنفخ البوق ( الشوفار )بالقرب من الحائط ولا أن يسببوا أي إز عاج للمسلمين ، كما لا يسمح للمسلمين بإقامة حفلة " الذكر " بقرب الرصيف أثناء قيام اليهود بالصلاة .

ـ يحظر على أي طرف استعمال المكان الكائن أمام الحائط لأجل إلقاء الخطب أو إقامة المظاهرات السياسية ، وإن من مصلحة المسلمين واليهود المشتركة عدم تشويه الحائط الغربي بأي نقوش أو كتابات عليه أو بدق مسامير أو غير ذلك ، ويجب إبقاء المكان نظيفاً ومحترماً .

ـ بالنظر لكون الحائط أثراً تاريخياً يناط بإدارة فلسطين تعميره ، بعد مشاورة المجلس الإسلامي الأعلى والمجلس الحاخامي لفلسطين .

بعد صدور توصيات اللجنة الملكية ، عارض العرب النتائج التي تقدم مكاسب لليهود ، بينما شعر اليهود بالارتياح إزاء منحهم الحق بالوصول إلى الحائط ، لكنهم رفضوا موضوع منع اليهود من إشعال الشمعدان أثناء عبادتهم عند الجدار ، واعتبروه إهانة لاذعة لهم ، لهذا واصل المتطرفون اليهود إشعال الشمعدان في يوم " كيبور = الغفران " الأمر الذي أثار مواجهة مع المسلمين استدعت تدخل القوات البريطانية ( 55 ) .

وعلى امتداد السنوات اللاحقة ظل السلوك اليهودي إزاء حائط البراق مصدراً للتوتر والاشتباكات بين المسلمين واليهود ، إلى أن تفاقمت الأوضاع عشية إقامة الكيان الصهيوني .

من المنع إلى الاستيلاء

إثر المواجهات الدامية بين العرب والصهيونيين أواخر العام 1947 م ، منع المسلمون اليهود من الوصول إلى الحائط.

واستمر هذا المنع بعد حرب 1948 م وإقامة الكيان الصهيوني واحتلال الصهيونيين للقدس الغربية ، وحين عقدت معاقدة الهدنة بين الأردن والكيان الصهيوني ( عام 1949 م ) تمت الموافقة مبدئياً في هذه المعاهدة على حرية الدخول إلى " الأماكن المقدسة " في المناسبات الدينية..

ورداً على الممارسات الصهيونية العدوانية ضد الفلسطينيين ، أوقفت السلطات الأردنية العمل بالمادة المتعلقة بدخول اليهود إلى موقع حائط البراق وظل حظر الدخول إلية قائماً حتى الاحتلال الصهيوني للقدس الشرقية في حزيران / يونيو 1967 م ، آنذاك وصل اليهود إلى الموقع وسط مظاهر الانتصار ، معبرين عن فرحتهم بالإنجاز الذي حققوه عبر الاستيلاء على الحرم القدسي الشريف بما فيه " الحائط الغربي " وكانت صرخة " هارهبايت بدينو = جبل البيت بأيدينا " التي أطلقها القادة العسكريون الصهاينة عنوان مرحلة جديدة من العلاقة اليهودية الصهيونية بالحائط . .

وفي أول أيام ما يسمى " عيد الأسابيع = شفوعوت " ، تدفق نحو ربع مليون يهودي إلى المكان ، بعد أن قامت جرافات الاحتلال بهدم المنازل المجاورة للحائط ثم أزالت هذه الجرافات حي المغاربة بكامله ، وتم تحويل مكانه إلى ساحة عامة مفتوحة لليهود ، وهكذا وقع حائط البراق في الأسر وأخذ يئن تحت وطأة الاعتداء اليهودي الصهيوني على قدسيته طوال العقود التالية .

وفي محاولة لفرض الهوية اليهودية / الصهيونية على الحائط ، قامت سلطات الاحتلال بمصادرته كما تصادر الأراضي والعقارات من أصحابها الشرعيين ،وقد ظل هذا الأمر سراً إلى أن كشف المحامي الصهيوني د ، شموئيل بركوبتش في كتابه الجديد " حروب الأماكن المقدسة : الصادر (عام 2000 م) عن " مركز القدس لأبحاث إسرائيل " النقاب عن تسجيل جزء من قاعدة حائط البراق ( المبكى ) في " الطابو " باسم إسرائيل ، وقال بركوبتش : كان من المألوف أن حائط المبكى ـ خلافاً للساحة الواقعة أمامه ـ لم يصادر من قبل إسرائيل عام 1967 م ،وذلك للحيلولة دون نشوب صراع يهودي ـ إسلامي على الحقوق في هذا الحائط..

بيد أنه في المقابل كان اليهود ينظرون إلى الأمر على أنه قد يفسر كتنازل إسرائيلي عن حقوق اليهود ( . . . ) وكانت النتيجة التي كشف عنها بركوبتش هي اتخاذ خطوة في السر تتلخص بوضع خارطة للمصادرة الرسمية للحي اليهودي الذي سجل في " الطابو " على اسم دولة إسرائيل تتضمن جزءاً من الحائط الغربي ( المبكى ) بطول 140 متراً وبعمق متر واحد على امتداد المنطقة الواقعة بين الزاوية الجنوبية الغربية من الحائط وبين مبنى المحكمة ،وعلى كامل ارتفاع الحائط .

ولاحظ بركوبتش أن إعلان المصادرة الذي نشر في حينه يصف المنطقة التي صودرت فقط بأرقام القطعة والحوض ولا يشير إلى أن جزءاً من قاعدة حائط المبكى موجود في المنطقة المصادرة ، وحسب إفادة للمحامية اليهودية دبورا كورئيل التي ساهمت في الدراسة المشار إليها ، أكد المساح الحكومي الإسرائيلي الذي كان مسؤولاً عن إعداد خارطة المصادرة أن مصادرة جزء من قاعدة حائط المبكى لصالح إسرائيل وتسجيله في خارطة المصادرة جاءت بتعليمات من المسؤولين الإسرائيليين ،ولم تكن بمبادرة شخصية منه ( 56 ) .

وبذلك أدخل اليهود والصهيونيون حائط البراق إلى قائمة المصادرة التي طالت الأملاك العربية والإسلامية ، وألبست سلطات الاحتلال الحائط ثوب الدنس ، ووضعت أمامه رموزها العنصرية التضليلية ، وصارت تتحدث بمصطلحات البقاء الدائم في المكان الذي حولته إلى جزء مما يسمى " عاصمة إسرائيل الأبدية " .

بعض اليهود يعترفون بالحقائق

حتى بين اليهود أنفسهم ، تظهر أحياناً أصوات تخلع القدسية اليهودية عن " حائط المبكى" ، وتعتبر أن لا علاقة للدين اليهودي بهذا الموقع ، نظراً لعدم وجود أي صلة بينه وبين شريعة النبي موسى .

وفي أيامنا هذه ، لجأ بعض اليهود المستنيرين إلى التذكير بانتفاء تلك القدسية ، وعلى سبيل المثال ، نشرت تصريحات للحاخام يهورام مزور ( أمين سر مجلس اليهودية التقدمية ) في العدد الأول من مجلة " بتلم " اليهودية الصادرة عن هذا المجلس ( صيف 1999م ) تحت عنوان " هل من المهم تأدية الصلاة على وجه التحديد عند حائط المبكى ؟ ! " .

ومما ذكره الحاخام مزور في هذا المقال أنه لا توجد قدسية لحائط المبكى في الديانة اليهودية ، وأنه يرفض إقامة حفلات البلوغ أو أي شعائر أخرى هناك ، وقال الحاخام مزور :" إننا نلتقي طوال ساعات اليوم أشخاصاً في هذا المكان يؤدون الصلاة في موقع هم الذين قدسوه " . وأضاف : " إن ذلك يشبه عبادة الأوثان ، وإن على مجلس الحاخامات التقدميين في إسرائيل اختيار موقع آخر لصلاة اليهود "( 57 ) .

وكثيرة هي الدراسات التي نشرها متخصصون يهود ، والتي تؤكد أن الرواية التناخية تفتقر إلى أي دليل أثري ، ومنها دراسات البروفسور اليهودي إسرائيل فنكلشتاين ( رئيس قسم الآثار في جامعة تل أبيب ) وزميله دافيد أو سسيشكين ، اللذين أكدا أن بيت المقدس لم يشيد في عهد سليمان وإنما قبله بمائة عام ، وأن هذا العهد غامض جداً ، وليس هناك أي سند لما ورد في " العهد القديم " بشأنه ( 59 ) .

نشير أخيراً إلى أنه بينما يرفض بعض المتنورين وعلماء الآثار من اليهود الرواية التناخية ويؤكدون على مغالطتها للحقائق والتاريخ ، وعلى تعارضها مع نتائج التنقيبات الأثرية ، في المقابل نلاحظ أن هناك بعض المسلمين أو المنسوبين إلى الإسلام يقعون في مطب التسليم بهذه الرواية ، ويقبلون فكرة وجود الهيكل اليهودي في القدس ، وينساقون وراء الإسرائيليات التي تسربت إلى كتب التراث الإسلامي في هذا الخصوص . لماذا ؟ ولمصلحة من ؟!.

خاتمة

تلخص مسألة حائط البراق ( المبكى ) قضية فلسطين العربية الإسلامية التي اغتصبها الصهيونيون وشردوا أهلها ، ومثلما أوردت الصهيونية سيلاً من الأكاذيب والادعاءات حول " أرض الميعاد " وحول علاقة يهود العالم بفلسطين ، فقد كررت الشيء ذاته بالنسبة لهذا الحائط الذي احتل جزءاً مهماً من توجهاتها الإيديولوجية وبرامجها الاستعمارية .

إن حائط البراق ، ليس مجرد حجارة صماء ،وإنما هو أثر خالد يوجي لكل من يشاهده من المسلمين بضرورة استنفار الأمة واستنهاض قوتها لاستعادته كجزء لا يتجزأ من الحرم القدسي الشريف ، ومن خلف القضبان يصرخ الحائط المعتقل صرخة الصمود والتحدي في مواجهة المعتدين ، وينادي أحرار الأمة ومجاهديها لتحريره من قبضة المحتلين ، فمن يستجيب ؟! .
============================================
المصادر والمراجع
1)د . عبد الهادي التازي ، أوقاف المغاربة في القدس ، بحث مقدم إلى " الندوة العالمية الأولى للآثار الفلسطينية " جامعة حلب 19- 24/ 9/ 1981 م ( مادة مستنسخة ، ص 10 ) .
2)محمد أسعد الإمام الحسيني ، والمنهل الصافي في الوقف وأحكامه ( القدس : وكالة أبو عرفة للصحافة والنشر ) 1982 ، ص 70 .
3) المصدر السابق ذاته ، ص 15 - 57 .
4)زئيف فيلنائي ، يروشلايم بيرات يسرائيل / هعير هعتيكا = القدس عاصمة إسرائيل / المدينة القديمة ( القدس : منشورات حي عوفيد ) 1970 ، ص 310 ( بالعبرية ) .
5)Encyclopaedia Judaica/vol.16(Jerusalem : keter Publishing House Jerusalem Ltd .Third printing 1974,p,467.)
6) روحي الخطيبن تهويد القدس (عمان : لجنة انقاذ القدس ) 1970، ص23.
7) Encyclopaedia Judaica,op.cit.p.468
8) Encyclopaedia of Zionism and Israel/ (New York : HerZl Press, Mc Graw - Hill) 1971, vol.2.p.1215
9) The New standard Jewish Encyclopaedia /Cecil Roth and oths (London :W.H.Allen), 1975.p.1956
10) مصطفى مراد الدباغ، بلادنا فلسطين، ج1ق1 (بيروت: دار الطليعة) 1973/ط2، ص500.
11) قاموس الكتاب المقدس (القاهرة: دار الثقافة بالاتفاق مع رابطة الانجيليين بالشرق الاوسط) 1995/ط10، ص1008.
12)موسوعة الكتاب المقدس (بيورت : دار منهل الحياة) 1993، ص330،333، 334.
13) انسكلوبيديا لحفيروت ارخيولوجيوت بايرتس يسرائيل = موسوعة الحفريات الاثرية في ارض اسرائيل (القدس : شركة بحوث ارض اسرائيل وآثارها/ اصدار دار نشر مسادا) 1975، الجزء الاول، ص208 (بالعبرية).
14) مثير بن دوف، يروشلايم بروئي هدوروت = القدس في مرآة الاجيال (القدس : اصدار كارتا) 1991م (بالعبرية) ويحشد هذا الكتاب مئات الصور والمخططات المصصمة استناداً الى الرواية التناخية حول القدس.
15) ايلي شيلر وجدعون بيجر، يروشلامي / هعير هعتيكا = القدس / المدينة القديمة (القدس: اصدار اريئيل) 1988 (بالعبرية) وهو بالمثل يورد عشرات المخططات التي تترجم الرواية التناخية عبر مطابقة قسرية مع جغرافية القدس.
16)معجم اللاهوت الكتابي (بيروت : دار المشرق) 1993، ص827/828.
17) زئيف فيلنائي، م. س. ذ ص309.
18) Encyclopaedia of Zionism and Israel op.cit.p.12.1215
19) زئيف فيلنائي، م. س. ذ. ص311.
20) المصدر السابق ذاته، ص313، 314.
21) Encyclopaedia Judaica,op.cit.p.468
22) زئيف فيلنائي، م.س.ذص314،321.
23) Encyclopaedia Judaica,op.cit.p.470
24) زئيف فيلنائي، م.س.ذ ص315، ص316
25) د. السيد فهمي الشناوي، مؤامرة صهيونية على حائط البراق، مجلة "الدوحة" القطرية، حزيران/ يونيو 1986،ص7.
26)احد الباحثين، وثيقة الدزدار وقضية البراق (بيروت) 1930م، ص4 (ويرجح ان معد الدراسة هو د. اسد رستم).
27) Robinson,E. Biblical Researches in Palestine (Boston) 1868,vol.1,p.237
28)احد الباحثين، الدزدار وقضية البراق، م.س. ذ ص11.
29) Encyclopaedia of Zionism and Israel op.cit.p.12.1215
30)Encyclopaedia Judaica,op.cit.p.471
31) زئيف فيلنائي، م. س. ذ، ص320.
32) Encyclopaedia Judaica,op.cit.p.471
33)المجلس الاسلامي الاعلى في فلسطين، بيان الى اخواننا المسلمين عامة/ البراق الشريف قطعة من المسجد الاقصى المبارك (القدس: مطبعة دار الايتام الاسلامية) 18 جمادى الاولى 1347هـ (1929م).
34) د. السيد فهمي الشناوي ، م. س. ذ، ص7.
35) Encyclopaedia Judaica,op.cit.p.471
36)المصدر السابق ذاته ، Ibid ص470.
37) زئيف فينائي، م. س.ذ ، ص314.
38) المصدر السابق ذاته، ص320.
39) المجلس الاسلامي الاعلى، بيان .. م . س. ذ، ص4 ـ5.
40) المصدر السابق ذاته، ص4.
41) عزام عبوشي، حائط البراق او حائط المبكي لمن هو، القدس المقدسية 24/6/1994، ص16.
42) Encyclopaedia of Zionism and Israel op.cit.p.12.
43)عزام عبوشي، م. س.ذ، ص16.
44) المجلس الاسلامي الاعلى ، بيان .. م.س.ذ، ص6.
45) المصدر السابق ذاته، ص7.
46) المصدر السابق ذاته، ص8 ـ10.
47) الموسوعة الفلسطينية / القسم العام (دمشق: هيئة الموسوعة الفسلطينية) 1984، ج1، ص614 ـ 616.
48) الحق العربي في حائط المبكى في القدس، سلسلة الوثائق الاساسية/ 4ـ تقرير اللجنة الدولية المقدم الى عصبة الامم المتحدة عام 1930م (بيروت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية) 1968م، ص7.
49) المصدر السابق ذاته، ص7.
50) الموسوعة الفلسطينية / القسم العام..م. س.ذ ج2، ص136.
51) احد الباحثين، وثيقة الدزدار.. م. سذص14.
52) الحق العربي في حائط المبكى.. م . س. ذص38.
53) المصدر السابق ذاته، ص40، ص48.
54) المصدر السابق ذاته، ص105 ـ 109.
55) Encyclopaedia Judaica,op.cit.p.472
56)نداف شرغاي، اسرائيل سجلت جزءاً من قاعدة حائط المبكى في الطابو، صحيفة هآرتس الصهيونية 29/9/2000م.
57) تقرير، حائط المبكى مكان غير مقدس لليهود، صحيفة القدس المقدسة 24/8/1999، ص2.
58) اليكس دورون، صحيفة معريف الصهيونية 14/4/1998م، ويهودا جولان، الصحيفة ذاتها 7/6/1998.
59)وثيقة/ صحيفة هآرتس الصهيونية 28/10/1999م.
============
موقع نداء الايمان







رد مع اقتباس
قديم 10-03-2009, 11:33 PM رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
الله ربي ومحمد رسول الله
إحصائية العضو







آخر مواضيعي


طالب عفو ربي غير متواجد حالياً


افتراضي

الف شكر علي الموضوع واسمح لي ان انقل هذا الموضوع للاهمية ... هذا لو سمحت وايضا معرفة اسم كاتب الموضع . لحفظ الحق علي مجهودك فية
وجزاك الله كل الخير







رد مع اقتباس
قديم 12-03-2009, 01:28 AM رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
إحصائية العضو








آخر مواضيعي


أسد الإسلام غير متواجد حالياً


افتراضي


حياكم الله وعاشت الايادي الطيبة اما انت اخيي محمد صيام فمرحى بك وانا سعيد بلقياك هنا وحقا ان الطيور على اشكالها تقع







التوقيع

لنتذكر قول الحبيب
(كلكم على ثغرمن ثغور الاسلام فليحذر احدكم ان يؤتى الاسلام من قِبلَه)

ويا امة تداعت عليها الامم متى النخوة قبل الندم

رد مع اقتباس
قديم 13-03-2009, 01:47 AM رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
شهيد فتح روما باذن الله
إحصائية العضو








آخر مواضيعي


تراب غير متواجد حالياً


افتراضي

بارك الله فيكم على اثارة هذا الموضوع الذي اصبح مثل مسمار جحه الذي غرسه يهود في كل ارض فلسسطين التاريخيه التى هي ارض اسلاميه من بحرها الى نهرها وان كان هنالك محبه للقدس والمسجد لاقصى وارتباطنا بالمسجد لاقصى ارتباط عقائدى فأن ارض فلسطين التاريخيه من بحرها الى نهرها هي ارض اسلاميه فتحها المسلمون الاوائل ورقبتها ملك بيت مال المسلمين وعليه لا يجوز كأن من كان ان يتنازل عن شبر من ارض فلسطين التاريخيه وقداسه حيفا وعكا من قداسه القدس والخليل ولا فرق بالمسميات فكلها ارض اسلاميه

قال رسولالله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم: ((‏لا تزال طائفة من أمتي على الحقظاهرين لعدوهم قاهرين لا يضرهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأواء حتى يأتيهم أمرالله وهم كذلك قالوا يا رسول الله وأين هم قال ‏ ‏ببيت المقدس ‏ ‏وأكناف ‏ ‏بيتالمقدس))






التوقيع

[B] لابد للأمة من ميلاد .... و لابد للميلاد من مخاض .... و لابد للمخاض من آلام [/B]

رد مع اقتباس
قديم 14-03-2009, 03:03 PM رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
إحصائية العضو








آخر مواضيعي


المساوى غير متواجد حالياً


افتراضي


شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .







رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الملكية في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم مرايم علوم وثقافة 3 24-08-2010 03:31 AM
بروتوكولات حكماء صهيون pdf !! الخطر اليهودي admin التاريخ العام والمخطوطات والكتب والصور التاريخية 3 29-05-2010 01:13 PM
جورج إسحق: مؤتمر مناهضة التمييز الدينى تحول إلى حائط مبكى للمسيحيين طالب عفو ربي الأخبار العالمية والعربية 4 29-04-2009 12:24 AM
الاجتياح اليهودي....... وذل المسلمين مجد الغد التاريخ العام والمخطوطات والكتب والصور التاريخية 2 05-01-2009 02:46 AM


Loading...

الاتصال بنا - منتديات شو ون شو - الأرشيف - الأعلى

Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
3y vBSmart
لا يسمح بوضع موضوعات تخالف منهج أهل السنة والجماعة