بسم الله الرحمن الرحيم
الجهاد فرض على جميع المسلمين
الجهاد هو بذل الوسع في القتال في سبيل الله مباشرة او معاونة بمال او رأي او تكثير سواد او غير ذلك، فالقتال لاعلاء كلمة الله هو الجهاد . اما الجهاد بالرأي في سبيل الله فهو ان كان رأيا يتعلق بمعركة من المعارك اي يتعلق بالقتال مباشرة كرسم خطة لمعركة او اعطاء رأي في خطة للقتال فهو جهاد واما اعطاء رأي في امر للاعداء فلا يكون جهادا .
والخطابة والكتابة ان كانت خطبة في الجيش لتحميسه عند القتال او كتابة للقتال مباشرة فهو جهاد . وان كانت غير ذلك لا تعتبر جهادا . فالجهاد خاص بالقتال وما يتصل بالقتال مباشرة. والمجاهدون هم المقاتلون والجهاد فرض بنص القران والحديث، قال تعالى (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله ) وقال ( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الاخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين اوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ) وقال ( يا ايها الذين امنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة واعلموا ان الله مع المتقين ) وقال (ان الله اشترى من المؤمنين انفسهم واموالهم بان لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والانجيل والقران ومن اوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم ) .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (امرت ان اقاتل الناس حتى يقولوا لا اله الا الله ) وقال ( الجهاد ماض الى يوم القيامة ) وقال ( بعثت بالسيف بين يدي الساعة ) .
والجهاد فرض كفاية ابتداء،وفرض عين ان هجم العدو،ومعنى كون الجهاد فرض كفاية ابتداء هو ان نبدأ بقتال العدو وان لم يبدأ،وان لم يقم بالقتال ابتداء احد في زمن ما اثم كل المسلمين بتركه، ولا تسقط فرضيته عن اهل الهند بقيام اهل العراق،بل يفرض على الاقرب فالاقرب من العدو،الى ان تقع الكفاية بمن قاموا بالقتال بالفعل، فلو لم تقع الكفاية الا بكل ا لمسلمين صار الجهاد فرض عين على كل مسلم .
وذلك كاقامة الدولة الاسلامية، فانها فرض على المسلمين جميعا، فان اقامها البعض سقطت بفرضيتها ولا يسقط الاثم عن تقصيرهم عن العمل على اقامتها قبل قيامها . وان لم يقمها المسلمون ظلت فرضيتها على جميع المسلمين حتى تحصل الكفاية باقامتها بالفعل . وكذلك الجهاد ان لم يدفع العدو ظل الجهاد فرضا على المسلمين حتى يدفع العدو . ومن هنا جاء الخطأ في تعريف الفقهاء لفرض الكفاية بانه اذا قام به البعض سقط عن الباقيين لان هذا التعريف يقضي بانه اذا قام اهل الجزائر بالجهاد ضد فرنسا واهل فلسطين بالجهاد ضد اليهود واسرائيل بالفعل سقط عن باقي المسلمين سواء خرجت فرنسا ام لم تخرج لانه يكون حسب تعريفهم قام البعض بالفرض وهو الجهاد فيسقط عن الباقين، وكذلك سواء قضي على اسرائيل وطرد اليهود منها او لم يحصل لانه يكون حسب تعريفهم قام البعض بالفرض فيسقط عن الباقين . وهذا خطأ بلا خلاف بين المسلمين منذ عهد رسول الله الى اليوم، وهو يناقض نص القران القطعي في فرضيته الجهاد حتى يخضع العدو.
فنص القران قطعي في جعل الجهاد ضد اسرائيل واليهود في فلسطين فرضا على جميع المسلمين لا على اهل فلسطين وحدهم،فاذا قام اهل فلسطين بالجهاد فعلا لا يسقط الفرض عن اهل مصر ولا اهل العراق ولا غيرهم بل يظل فرضا عليهم اثمين بتركه حتى يقضى على اسرائيل ويطرد اليهود من فلسطين بالفعل.
ولذلك كان تعريف الفقهاء لفرض الكفاية خطأ، والتعريف الصحيح هو ان فرض الكفاية يبقى ولا يسقط حتى يوجد الشيء الذي وجد الفرض من اجله، فان وجد سقط وان لم يوجد لم يسقط .
فاقامة الدولة الاسلامية فرض على جميع المسلمين، فان قام حزب التحرير بالعمل لاقامتها لا تسقط فرضيتها بل تبقى فرضا على المسلمين حتى تقوم بالفعل، ولا يسقط اثم فرضيتها الا عمن باشر القيام بالعمل لها بالفعل ويبقى الاثم على الباقين .
وكذلك الجهاد لقلع اسرائيل وطرد اليهود من فلسطين فرض على جميع المسلمين فان قام اهل فلسطين به لا تسقط فرضيته عن المسلمين بل تبقى حتى يقضى على اسرائيل ويطرد اليهود من فلسطين بالفعل ولا يسقط الاثم الا عن اهل فلسطين فقط الذين يجاهدون بالفعل ويبقى هذا الاثم على الباقين .
وعليه فان الجهاد يبقى فرضا على جميع المسلمين ويأثمون بتركه حتى تطهر ارض فلسطين من الكفار وتطهر غيرها من بلاد الاسلام، فلا بد ان يبدأ المسلمون بقتال اعدائهم، فالتخلي عن فلسطين والدخول في اكاذيب المبررات القائمة على العمل الفدائي في فلسطين لن يكون مسقطا للاثم عن بقية المسلمين، هذا بالاضافة الى الاجرام والخيانة التي ترتكب بمجرد القبول بالحلول السياسية فكيف بالسير فيها والاجتماع مع وسيط يعمل لازهاق الحق وتثبيت الباطل والكفر في بقعة مقدسة من بلاد الاسلام .
هذا بالنسبة للجهاد ضد الكفار، ولكن كيف يكون الجهاد ضد الحكام المسلمين الذين يفسقون ويظلمون مصداقا للحديث النبوي الشريف (وان لا ننازع الامر اهله الا ان تروا كفرا بواحا ) والحديث الاخر (قيل يا رسول الله افلا ننابذهم بالسيف فقال : لا، ما اقاموا فيكم الصلاة ? )
ان مفهوم هذين الحديثين هو ان ينازع المسلمون الحكام اذا رأوا الكفر البواح، وان ينابذوهم بالسيف اذا لم يقيموا الصلاة، اي اذا لم يقيموا احكام الاسلام، ولكن السؤال هنا هو :
هل هذا يعني ان السيف هو طريقة ازالة الكفر البواح من بلاد الاسلام وطريقة جعل الحكام يتركون احكام الكفر ويقلعون عنها ويحكمون باحكام الاسلام ويلتزمونها،فنستخدم القوة المادية لازالة الكفر البواح الموجود في بلاد الاسلام ? وكيف نطبق هذين الحديثين على سيرة الرسول عليه السلام ?
من المعروف شرعا ان الدار داران : دار كفر ودار اسلام .اما دار الكفر فانه لا كلام في ان السيف والقوة المادية لا تستعمل من الداخل لازالة الكفر وايجاد الاسلام، وذلك لان الرسول صلى الله عليه وسلم بدأ دعوته في مكة وهي دار كفر ولم يستعمل السيف ولا القوى المادية لازالة الكفر وايجاد الاسلام، ولان المسلمين في مكة بعد اقامة الدولة الاسلامية في المدينة ونزول ايات السيف كانوا يعيشون في مكة وهي دار كفر وكانوا يستعملوا السيف لازالة الكفر وايجاد الاسلام بل اقرهم على السكنى في دار الكفر والخضوع لدار الكفر، ولذلك لا يكون السيف طريقة لازالة الكفر في دار الكفر .
واما دار الاسلام فانه لا كلام في ان السيف والقوة المادية طريقة لازالة الكفر البواح، واعادة حكم الاسلام،لان مفهوم الحديثين يدل دلالة واضحة على ان المسلمين اذا رأوا الكفر البواح عليهم ان ينازعوا الحكام بكل ما يملكون، واذا لم يقم الحكام احكام الاسلام بان اقاموا احكام الكفر فالمسلمون ينابذونهم بالسيف ويغيرون عليهم بالقوة المادية.
هذا هو حكم الشرع كما يدل عليه فعل الرسول صلى الله عليه وسلم وسكوته وقوله .واما ما هو موجود في بلاد الاسلام اليوم من كفر بواح، وما يقوم به الحكام من عدم اقامة حكم الاسلام فانه ينطبق عليه حكم دار الكفر لا حكم دار الاسلام، لان البلاد الاسلامية اليوم دار كفر ولان نص الحديث يقول ( الا ان تروا ) وهذا يعني انهم لم يكونوا يرونه من قبل وصاروا يرونه،ويقول (ما اقاموا فيكم الصلاة ) ومفهومه اذا لم يقيموا الصلاة اي بان كانوا يقيمون الصلاة، اي يقيمون احكام الاسلام وصاروا لا يقيمونها، فلفظ الحديثين يدل على ان ظهور الكفر البواح وعدم اقامة حكم الاسلام قد حصل بعد ان لم يكن، اي قد وجد في وسط الاسلام، اي في وسط دار الاسلام، فيكون لفظ الحديثين فيه دلالة على ان المقصود بهما هو دار الاسلام لا دار الكفر، لان دار الكفر لم يظهر فيها الكفر البواح لانها هي كلها كفر، ولم يترك فيها حكم الاسلام لانه لم يكن موجودا حتى يترك، فالمقصود هو دار الاسلام لا دار الكفر، واقرب مثال على حصول ذلك بالفعل هو ما حصل من مصطفى كمال في تركيا، فانها كانت دار اسلام فجاء مصطفى كمال وازال احكام الاسلام واوجد احكام الكفر،وبذلك رأى الناس الكفر البواح ورأوا الحكام لا يقيمون احكام الاسلام، وحينئذ كان عليهم ان يستعملوا السيف والقوة المادية لازالة الكفر البواح ولجعل الحكام يقيمون احكام الاسلام،و بناء عليه فان ما هو موجود في بلاد الاسلام من الكفر البواح ومن عدم الحكم بالاسلام لا يعالج من الداخل بالسيف والقوة المادية وانما يعالج بما عالج به الرسول صلى الله عليه وسلم مجتمع مكة حين بدأ الدعوة في مكة،اما من الخارج فانه يعالج بالسيف والقوة المادية وحينئذ يكون جهادا تماما كما عالج الرسول صلى الله عليه وسلم مكة من الخارج،وكما عالج كل دار كفر من الخارج بتحولها الى دار اسلام بالسيف والقوة المادية اي بالجهاد .د
والله اعلم فأن اصبت فا من الله وأن احطأت فمن نفسي والشيطان