الموضوع: خسرت حمر النعم
عرض مشاركة واحدة
قديم 13-05-2010, 01:28 AM رقم المشاركة : 24
معلومات العضو
إحصائية العضو







آخر مواضيعي


زينب من المغرب غير متواجد حالياً


افتراضي

[frame="1 98"]السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لا أزلت أذكر وجه المرأة حين كان يجرني الحديث معها إلى السيرة العطرة لخير الخلق صلى الله عليه وآله وسلم, أو الصحابة رضي الله عنهم ، كانت تسكن عن الحركة بشكل غريب وتنصت في صمت رهيب ولا تقاطعني نهائيا. ثم تذرف عينيها وتنساب الدموع في غمرة وتقول لي سبحان الله لم نعاني إلا القليل مما عانوا لكنهم صبروا ونحن نشتكي.
وجهها كان يستحي فيه شحوب المرض، فيختفي وتبدوا على وجهها إبتسامة المؤمن الموقن بحب الله لعباده.
الحمد لله أنها سعدت في النهاية بعودة زوجها. وسأكون مجحفة بحقها إن وصفت لكم سعادتها بعودته.
واستغربت وأنا أتذكر هذه السيدة، وقلت في نفسي سبحان الله كم تضيع هذه الطبيبة من خيرات في هذه الغرفة الضيقة التي أغلبنا مضطر للمكوث فيها ساعتين من الزمن على أقل تقدير.
أجل فبقدر ما هي نفسية المقبلين على هذه الغرفة مهيأة لإستقبال حديث القلوب -الذي لا يعلمه إلا فاطرها سبحانه واختص أمتنا بالإبحار فيه عبر الوحيين-، بقدر ما يمنح هذا الهدوء للعقل أن يتفكر فيما قد تمنعه عنه مطبات الدنيا.
نظرت مرة أخرى إلى المحيط الذي حولي، تلفاز وطاولة ولوحات.
وقلت ثلاث لو استبدلن بثلاث خير منهن لكسبت هذه الطبيبة، ما قال عنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حديثه الذي تجلي في خاطري منذ لحظة جلوسي على هذه المقاعد:
[align=center]"والله لأن يهدى بهداك رجل واحد خير لك من حمر النعم"[/align]
الراوي: سهل بن سعد الساعدي المحدث: الألباني - المصدر: صحيح أبي داود - الصفحة أو الرقم: 3661
خلاصة حكم المحدث: صحيح.
هكذا وضع صلى الله عليه وآله وسلم الحد الأدنى للدعوة إلى الله ترغيبا للسباقين إلى الفوز.
وتخيلت لو استبدلت الطبيبة القناة بقناة إسلامية شعاراتها القرآن ورضى الرحمان. وحزنت وأنا أقول في نفسي هل ضغطة زر تحرمها كل هذا الكم من الأجر؟؟؟
ونظرت إلى الطاولة وقلت لو وضعت عليها منشورات اسلامية وكتيبات للوعظ والنصح في الله وأغلبها ليس بدرجة غلاء هذه المجلات. كم من واحد سيسعد بقراءتها وكم ستربح من جزاء لكل من قرأ فيها.
نزلت دمعة من عيني وأنا أتذكر كم خسرنا من خير حين وضعنا هم الدعوة إلى الله وراء ظهرانينا.

لو كان لهذه الدعوة هم في قلوبنا لاقتنصنا الفرص في الأماكن العمومية وفي محلات الإنتظار وفي محطات القطارات والطائرات وفي كل احتكاك مع الناس ولكسبنا الكثير.
كم نستهلك من جهد ونحن نحاول إقناع أحدهم في خلال الحوارات، بينما لو التفتنا لسير المهتدين لوجدناهم في غمرة ضلالهم هناك من هزته آية صدرت في غفلة من أحدهم، أو حديث نبوي قرأه على حائط.
لست أحط من قدر الوسائل الدعوية الأخرى ولكني أحاول تسليط الضوء على جانب بالقدر الذي تجلت لي أهميته العظيمة في الدعوة إلى الله بقدر ما غفل عنه أصحابه.

وتمنيت صادقة أن يفكر هؤلاء الأطباء في جعل هذه الغرف التي لا أعتقد هناك من يسعد بالمكوث فيها منابر هداية تشع نورا وهي تتزين بما جعلنا بسببه خير أمة أخرجت للناس.
لا أذكر أين قرأت أن هناك دولة أوروبية تضع أحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حيطان مستشفياتها، تلك المتعلقة بالوقاية والنظافة والعناية بالنفس.
بينما هذه الحيطان المحيطة بي لم تنطق بشيء ذو هدف، ولعلك لا زلت تذكر ما علق عليها.
وانتهت رحلتي في هذه الغرفة على صوت أمي الحبيبة وهي تقول لي: لقد حان دورنا في المعاينة.
وانتهى حديثي معك ولله الحمد وماعاد فيه بقية.
بارك الله في كل من تابع القصة وجعل الله ما فيها من خير في ميزان حسناتكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أختكم زينب

[/frame]







رد مع اقتباس