كَيْفَ نَفْهَم مُصْطَلَحَ الحَدِيثِ ؟
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كَيْفَ نَفْهَم مُصْطَلَح الحَدِيث ؟ لفضيلة الشيخ الشريف حاتم بن عارف العوني -حفظه الله تعالى-
|
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
والخطوة الثانية:تفنيد كل لفظٍ على حدة ، فيما لو كان استقرائي لأكثر من لفظ ، أو تفنيد اللفظ الواحد الذي أقوم بدراسته عن بقية الألفاظ غير الداخلة في الدراسة . ويجب التنبه في خطوة التفنيد هذه ، إلى ضرورة تنفيذها بدقة متناهية. فلا أعتبر الألفاظ المختلفة ، ذات المعنى المترادف لغةً ، مجموعة واحدة . فلا أجمع ـ مثلاً ـ مصطلح ( الصحيح) بـ ( القوي ) بـ ( الثابت) بـ ( الجيد) ، حتى يثبت عندي، بعد نهاية الخطوات في كل واحدٍ منها، أنها بمعنى واحد. ولا أقوم بفصل المصطلح المركب ، كل لفظٍ منه مع نظرائه . مثل مصطلح ( حسن صحيح )، فلا أفصل فيه لفظ ( حسن ) عن ( صحيح ) ، وأضع كل لفظٍ منهما مع نظرائه المفردين . بل أدرس المصطلح المركب وحده ، باعتباره مجموعة منفصلة فإذا اشتبه عندي مصطلح مكون من لفظين ، هل هو مركب ؟ أو لا ؟ مثل ( حسن غريب ) أو ( صحيح شاذ ). فيجب علي أولاًُ أن أدرس المصطلحات التي جاءت مفردةً مما تركب منه هذا الإطلاق، فأدرس (الحسن) الذي أطلق مفرداً دون تركيب، وكذا ( الغريب ) . حتى إذا استقر عندي معناهما مفردين ، درست ذلك المصطلح المجموع فيه اللفظان : مثل ( حسن غريب )؛ فإذا ظهر أن مدلول كل لفظٍ وحده لم يتغير بهذا التركيب ، علمنا أن هذا المصطلح ليس مركباً ، ويصح حينها فك تركيبه ، ووضع كل لفظة ٍمنه مع نظرائها. أما إن ظهر أن مدلول أحدهما أو كليهما تأثر بهذا التركيب، فحينها نعتبر هذا المصطلح مصطلحاً مركباً، ولا يصح حينها فك تركيبه ، ولا دراسة كل لفظة منه مع نظرائها المفردات. ونحو ذلك كثير، خاصةً في ألفاظ الجرح والتعديل. مثل: ( ثقة صدوق ) ، و( صدوق فيه لين ) و ( صالح فيه ضعف )، ونحوها كثير. أما إذا أيقنت إيقاناً تاماً أن المصطلحين ليسا مركبين ، غير معتمدٍ في يقينك على إلفٍ سابق أو نشأةٍ علمية، فحينها لا بأس بفك ذلك التركيب ، ووضع كل لفظةٍ منه مع نظرائها. وذلك أمثلة ( صحيح مرفوع ) ، و ( حافظ عابد ) . ولابد أيضاً في هذه الخطوة من أن تقسم المجموعة الواحدة المكونة من لفظٍ واحد إلى مجموعات فرعيه ، هذه المجموعات الفرعية مبنية في تقسيمها على اختلاف اشتقاق اللفظ الواحد ، من إسم ، وفعل ، ومصدر . إذ قد يختلف معنى المصطلح ، لا باختلاف لفظه ، لكن باختلاف اشتقاقه ؛ كما قالوا في ( المنقطع ) و ( المقطوع ) [انظر علوم الحديث لابن الصلاح ( 47) ]، وكما سبق عن الحافظ ابن حجر في ( أرسل) و ( مرسل ) [انظر ( ص 230)]. لكن يجب عليك أن لا تدرس تلك المجموعات الفرعية المبنية على اختلاف الاشتقاق دراسةً منفصلةً لكل واحدةٍ منها ، لأن احتمال اختلاف المعنى باختلاف الاشتقاق ليس كبيراً ، ولأن ذلك قد يجعل عدد المسائل الجزئية في كل مجموعة ضئيلاً لا نخرج معه بنتيجة ، ولأن في ذلك تعسيراً بالغاً لا طائل تحته . ويكفي في دراسة هذه المجموعات ، أن تجعل كل اشتقاق تحت نظيره متوالياً ، ثم الاشتقاق الآخر كذلك ؛ وبعد ذلك تدرس المسائل الجزئية ، فإذا ظهر لك أن لمجموعةٍ ما معنى مختلفاً عن غيرها ، فصلته ، وإلا بقي ضمن مجموعته الأساسية. وأعود مرةً أخرى مؤكداً إلى ضرورة الدقة المتناهية في هذه الخطوة : خطوة التفنيد، لأن الخطأ فيها قد يهدم النتيجة قبل الوصول إليها ، ولأن الخطأ فيها أضر من التقصير في الاستقراء . فقد أصل إلى النتيجة الصحيحة مع نقص الاستقراء ، في حين أنه يبعد أن أصل إلى النتيجة الصحيحة فيما إذا خلطت بين الألفاظ ولم أتقن التفنيد. انتظرونا مع الخطوة الثالثة إن شاء الله تعالى. |
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
والخطوة الثالثة: دراسة المسائل الجزئية في المجموعة الواحدة ، تحت الإطلاق الواحد. وتتم هذه الدراسة بفحص كل مسألة جزئية فحصاً دقيقاً ، ليمكنني ـ فيما بعد ـ من إيجاد رابطٍ واضح بين ذلك الإطلاق وتلك المسألة الجزئية التي أطلق عليها. فإن كانت المسألة الجزئية حديثاً: درست إسناده دراسةً وافية ، وخرجته تخريجاً كافياً، ونظرت في أحكام الأئمة الأخرى على الحديث. وإن كنت المسألة الجزئية جرحاً أو تعديلاً: اجتهدت غاية الاجتهاد في معرفة المرتبة الدقيقة لذلك الراوي من مراتب الجرح والتعديل ، وذلك من خلال دراسةٍ وافية كثيرة التشعبات دقيقة المسالك . وبعد أن أعرف الراجح في ذلك الراوي ، أوازن الراجح فيه بالحكم الذي أصدره ذلك الإمام . وإن أضفت إلى ذلك أحكاماً لأئمة آخرين منطبقة الإمام الذي أدرس مصطلحه ، كان ذلك أثرى وأوثق وآمن ، لكن يجب أن يكونوا أئمةً عينتهم للدراسة كلها ، فلا تختار لكل مسألة أئمة سوى من ذكرتهم في سابقتها. فلا أنتهي من هذه الخطوة ، إلا وقد أنهيت دراسة المسائل الجزئية كلها ، وحاولت إيجاد أوضح رابطٍ بين : كل مسالةٍ ، وكل إطلاق وصفت به أو حكم به عليها. انتظرونا مع الخطوة الرابعة إن شاء الله تعالى. |
والخطوة الرابعة:
إيجاد الرابط العام والصفة الجامعة ( القاسم المشترك) بين المسائل الجزئية كلها، التي جعلت الأئمة يفون تلك المسائل الجزئية كلها ويخصونها بذلك الإطلاق المعين . وهذه الخطوة في الحقيقة تكاد تكون آخر الخطوات والثمرة المبتغاة . لذلك فهي حقيقة بالاهتمام كله ، وبذلك الجهد كله ، والتأني البالغ ، والتفكير العميق . ولابد في هذه الخطوة من أن تخرج بصفات متعددة ، وربما كانت كثيرة ، تجتمع كلها في المسائل الجزئية كلها أيضاً. وتأكد أنك كلما كثرت الصفات ، ودققت في جمعها والتمييز بينها ، كلما كان ذلك دليلاً على قرب فهمك الفهم الدقيق لذلك ( المصطلح ) وتنبه بأن لا تستبعد شيئاً من الصفات ، لظنك الأولي أنه لا علاقة لها بـ ( المصطلح ) المراد فهمه . فهذه خطوة أخرى ، لا تتعجلها قبل انتهائك من عملك في خطوتك هذه . انتظرونا مع الخطوة الخامسة إن شاء الله تعالى. |
متابع ان شاء الله مع تاخيري في الشكر لك علي الموضوع القيم ... لكن منتظر حتي النهاية
|
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا اخي في الله على متابعتك الطيبة |
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الخطوة الخامسة: ربط مايمكن ربطه من الصفات الجامعة بالمعنى اللغوي الأصلي لـ ( المصطلح ) ، ولو بنوع من المجاز. بل لا بد أن يكون هناك تجوز ما ، بين المعنى اللغوي للمصطلح والصفات الجامعة التي أمكن ربطها به . وهذه الخطوة يمكن أن تكون آخر الخطوات الحقيقية إذا لم يكن متاحاً لك سواها ، مما يأتي ذكره . وفي هذه الخطوة يبدأ فرز الصفات الجامعة ، وتنقيتها مما لا علاقة له بالمصطلح المدروس. وفي هذه الخطوة يظهر ما للمهارة العلمية ، وللقدرة الفكرية ، بل والثقافة الواسعة ، من أثر في فهم المصطلح . إنها أوان نضج الثمرة ، للعمل المجهد الدؤوب ، وربما كان أوان قطفها أيضاً. والسير في هذه الخطوة يحتاج إلى بالغ التأني ، ونهاية الدقة ، ورحابة النظرة ، واصطياد الأوقات المناسبة للباحث من ناحية استعداده الجسدي والنفسي والفكري . وحذر كل الحذر ، مما قد يلوح لك من خلال الخطوات السابقة ، من معنى تحسبه هو معنى المصطلح ، فتجعله هدفا ًمسبقاً لك في هذه الخطوة . واعلم أنك قد تخرج بصفاتٍ جامعةٍ لها رابط واحد بالمعنى اللغوي للمصطلح ، في المسائل الجزئية كلها وعندها يكون المصطلح له معنى واحد وصورةٌ واحدة. وربما تخرج بأن هناك من المسائل الجزئية مسائل لها صفات جامعة خاصة بها برابطٍ خاص بها كذلك ، يربطها بالمعنى اللغوي للمصطلح المدروس. وأن بقية المسائل الجزئية لذلك المصطلح ، سوى المسائل السابقة ، لها رابط آخر يربطها بالمعنى اللغوي للمصطلح وعندها يكون للمصطلح معنيان مختلفان ، محتملان في كل مرة يطلق فيها ذلك المصطلح ، ولا يحدد المراد منهما ـ غالباً ـ إلا دراسة المسألة الجزئية نفسها. وربما تعددت المجموعات من المسائل " ذانمت نهع هى هرعت خمبملل نتلبهن تب " الروابط المختلفة بالمعنى اللغوي ، على الوجه المذكور آنفاً فيكون المصطلح على ذلك متعدد المعاني ، بعدد تلك الروابط . لكن تأكد في هذه الحالة من صحة تلك الروابط ، بالتأكد من قوة علاقة الصفات الجامعة للمسائل الجزئية بالمعنى اللغوي للمصطلح . وتأكد أيضاً من وجود فروقٍ حقيقية ، لا وهمية ، بين تلك الروابط ، لتبيح لك الفروق أن تدعي اختلاف معاني المصطلح . وأطالب بهذه التأكيدات ، لأن دعوى تعدد معاني المصطلح دعوى صعبة القبول ، إذ ربما آل الأمر بزعم تعدد معانيه ، والمبالغة في ذلك ، إلى أن يكون المصطلح مستبهم المعنى ليس ذا فائدة ، عديم النفع ، لن المصطلح ـ بذلك ـ تنازعته معاني مختلفة ، لا دليل ـ إلا بشق الأنفس ـ لمعرفة المقصود منها. وربما خرجت أيضاً بحالةٍ وسطٍ بين هذه وتلك ! فتجد أن من الصفات الجامعة للمسائل الجزئية كلها ماله رابط واحد بالمعنى اللغوي للمصطلح ؛ وتنفصل صفات جامعة أخرى ببعضٍ من المسائل الجزئية تلك ، بأن يكون لها رابط آخر بالمعنى اللغوي للمصطلح ؛ وتنفصل آخرى بأخرى كذلك ، مع اجتماع الكل بأن لها رابطاً واحداً بالمعنى اللغوي ، يجعلنا لا نستطيع ادعاء اختلاف معاني المصطلح وحينها يكون للمصطلح معنى عام ومعاني خاصة ، فالمعنى العام يفهم من ذلك المصطلح بداءةً ، أما المعاني الخاصة فلا بد من دلائل تحدد لنا أيها المراد. وهذه الحالة الوسط ، من خلال دراستي لعلوم الحديث ، أحسبها أكثر الحالات تحققاً في مصطلحها. إن المعنى اللغوي الأصلي لمصطلحات الحديث، الذي جعلته في هذه الخطوة قطب الرحى وخط الانطلاق ، حقيق بأن يكون له هذه المكانة في فهم مصطلح الحديث ، بأن نجعله حكماً في فرز الصفات الجامعة ، لنعرف معنى المصطلح بعد ذلك عن طريق تحكيمه . وقد كنا بينا أهمية دراسة المعنى اللغوي للمصطلحات، وقوة علاقته بها القوة التي جعلت له هذه المكانة في دراسة مصطلح الحديث ، في سابق بحثنا هذا، فانظرها إن شئت. ومما ذكرته في سابق بحثي هناك ، ومما عرفته من دراستي لمصطلح الحديث ، أستطيع أن اضع قاعدةً عامةً بهذا الخصوص ، يمكن أن تجعلها مرشداً أولياً لك في فهم المصطلح، ووسيلةً سريعةً لتبليغك ذلك ، فيما لو لم تستطع أو لم تجد الوقت للقيام بهذه الخطوات كلها. هذه القاعدة تقول : إن أقرب معنى للمصطلح ، من المعاني المذكورة أو المظنونة له ، إلى المعنى اللغوي الأصلي للفظ هو أصوب تلك المعاني ، أو أقربها للصواب في فهم المصطلح. المهم أن هذه الخطوة يمكن أن تكون الخطوة الأخيرة قبل صياغة معنى المصطلح، فيما لو لم يتح لنا القيام بالخطوات التالية . انتظرونا مع الخطوة السادسة إن شاء الله تعالى. |
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
<b> </b> |
<b>
</b> |
الساعة الآن 02:42 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
3y vBSmart
لا يسمح بوضع موضوعات تخالف منهج أهل السنة والجماعة