admin
13-11-2008, 02:50 PM
مسجد ومدرسة "السلطان حسن"
2002/01/22
رغداء بندق
http://www.islamonline.net/Arabic/arts/2002/01/iamges/pic18.jpg
قرأت الكثير عن الآثار الإسلامية ولم أرَ أثرًا أمتدحه مثلما أمتدح به مسجد ومدرسة "السلطان حسن" الواقع في ميدان صلاح الدين بالقاهرة، ذلك الأثر المملوكي الذي يعد من أعظم وأفخم الآثار الإسلامية.. وقد أنشأ المسجدَ والمدرسةَ السلطانُ الناصر "حسن بن محمد بن قلاوون" عام 1334م، وكان الغرض من إنشائه تدريس المذاهب الأربعة.. فقام السلطان بتعيين المدرسين والمراقبين، وعين لهم المرتبات، وحدد لكل مدرس 100 طالب يقوم بتدريسهم، وألحق بالمدرسة سكنا للطلبة المغتربين. تبلغ مساحة المسجد 8906م، وطوله 150م، وعرضه 68م، وارتفاعه 37.70م وبالمسجد مئذنتان رشيقتان بإيوان القبلة، كان من المقرر إنشاء أربع مآذن للمسجد إلا أنه سقطت الثالثة، ولم يشرع في بناء الرابعة.. ونظرًا لروعة ما قرأت عن ذلك الأثر قررت زيارته..
فن وخشوع وعظمة
حينما وطأت قدماي أرضه اكتشفت عظمة الأثر ولمست بيدي صناعة الأجداد وشعرت برئتي ترتد إليهما الحياة حينما استنشقت ذلك العبق التاريخي العطر.. حينما صعدت الدرج المؤدي لباب المسجد وقفت بجوار دفتي الباب الضخم النحاسي الذي يشعرك –عفوًا- بالضآلة مهما كان حجمك، وحينما تتغاضى عن هذا الشعور وتدخل المسجد تجد أمامك مباشرة واجهة مصنوعة من الفسيفساء بأشكال هندسية إسلامية بديعة.. حين تشرع في الدخول إلى صحن المسجد تجد نفسك في ممر طويل منحن نسبيًا، عولج بحيث لا يشعر الداخل بوجود أي انحراف، وأخيرًا وصلت إلى صحن المسجد الذي ما إن يره أحد إلا فغر فاه، وحارت عيناه أين تستقر في تلك اللوحة الفنية؟
أخيرًا استقررت على الميضأة المحمولة على ثمانية أعمدة من الرخام، وحول الميضأة أربعة إيوانات متعامدة –غرف من ثلاثة ضلوع- وبجوار كل إيوان باب لأحد المدارس المذهبية الأربعة، وخلف كل باب أربعة طوابق تضم ما يقرب من 150 غرفة للتدريس.
لاحظت أن ثلاثة إيوانات متشابهة في بساطة التصميم وفي شكل المشكاوات التي كانت مكفنة بالذهب والفضة، لكنها نُقلت وحُفظت في المتحف الإسلامي بالقاهرة. أما عن الإيوان الرابع الإيوان الشرقي "إيوان القبلة"، وهو الإيوان الوحيد المكسو بالرخام والحجارة الفاخرة الملونة فمحاط بإطار من أعلى كُتب عليه بالخط الكوفي سورة الفتح، وقد بلغت فخامة هذا الإيوان أن قيل إنه أكبر من إيوان "كسرى" الموجود بالمدائن بالعراق.
وفي منتصف الإيوان تقريبًا "دكة المبلغ" –دكة عالية ذات سلالم صغيرة يصعد عليها المبلغ لترديد تكبيرات الصلاة خلف الإمام- وتميزت هذه الدكة بجمال أعمدتها الرخامية..
أما عن المحراب فوجدته رخاميا مزينا بقطع من النقوش الذهبية، وعلى يمين المحراب تجد المنبر الرخامي الأبيض وله باب من الخشب المصفح بالنحاس المضلع النجمي.
الضريح
قبل مغادرتي لاحظت وجود باب على يسار المحراب، وحينما دخلته علمت أنه الضريح المدفون به ابن السلطان حسن "الشهاب أحمد".. يعلو الضريح قبة عالية تحفها المقرنصات –نقوش بارزة تشبه خلايا النحل توحي للناظر بالارتفاع، يكسو جدران الضريح الرخام الفاخر، وبه مكتبتان كانتا تضمان أمهات كتب المذاهب الأربعة، وبه أيضًا حامل للمصحف الشريف مصنوع من خشب الصندل، ومكسو بالصدف.
وبذلك بدت مدرسة ومسجد "السلطان حسن" أضخم وأعلى وأفخم المباني الأثرية بالقاهرة وأجمعها لمحاسن العمارة. وقد قال عنها الأستاذ "جاستون فييت" –المدير السابق للمتحف الإسلامي بالقاهرة-: "إنه لأبدع آثار القاهرة وأكثرها تجانسا وتماسكًا وكمالا، وأجدرها بأن يقوم بجانب تلك الآثار المدهشة التي خلفتها مدينة الفراعنة".
من الجدير بالذكر أن المسجد تم ترميمه وإصلاحه من قبل لجنة حفظ الآثار المصرية عام 1915م.
2002/01/22
رغداء بندق
http://www.islamonline.net/Arabic/arts/2002/01/iamges/pic18.jpg
قرأت الكثير عن الآثار الإسلامية ولم أرَ أثرًا أمتدحه مثلما أمتدح به مسجد ومدرسة "السلطان حسن" الواقع في ميدان صلاح الدين بالقاهرة، ذلك الأثر المملوكي الذي يعد من أعظم وأفخم الآثار الإسلامية.. وقد أنشأ المسجدَ والمدرسةَ السلطانُ الناصر "حسن بن محمد بن قلاوون" عام 1334م، وكان الغرض من إنشائه تدريس المذاهب الأربعة.. فقام السلطان بتعيين المدرسين والمراقبين، وعين لهم المرتبات، وحدد لكل مدرس 100 طالب يقوم بتدريسهم، وألحق بالمدرسة سكنا للطلبة المغتربين. تبلغ مساحة المسجد 8906م، وطوله 150م، وعرضه 68م، وارتفاعه 37.70م وبالمسجد مئذنتان رشيقتان بإيوان القبلة، كان من المقرر إنشاء أربع مآذن للمسجد إلا أنه سقطت الثالثة، ولم يشرع في بناء الرابعة.. ونظرًا لروعة ما قرأت عن ذلك الأثر قررت زيارته..
فن وخشوع وعظمة
حينما وطأت قدماي أرضه اكتشفت عظمة الأثر ولمست بيدي صناعة الأجداد وشعرت برئتي ترتد إليهما الحياة حينما استنشقت ذلك العبق التاريخي العطر.. حينما صعدت الدرج المؤدي لباب المسجد وقفت بجوار دفتي الباب الضخم النحاسي الذي يشعرك –عفوًا- بالضآلة مهما كان حجمك، وحينما تتغاضى عن هذا الشعور وتدخل المسجد تجد أمامك مباشرة واجهة مصنوعة من الفسيفساء بأشكال هندسية إسلامية بديعة.. حين تشرع في الدخول إلى صحن المسجد تجد نفسك في ممر طويل منحن نسبيًا، عولج بحيث لا يشعر الداخل بوجود أي انحراف، وأخيرًا وصلت إلى صحن المسجد الذي ما إن يره أحد إلا فغر فاه، وحارت عيناه أين تستقر في تلك اللوحة الفنية؟
أخيرًا استقررت على الميضأة المحمولة على ثمانية أعمدة من الرخام، وحول الميضأة أربعة إيوانات متعامدة –غرف من ثلاثة ضلوع- وبجوار كل إيوان باب لأحد المدارس المذهبية الأربعة، وخلف كل باب أربعة طوابق تضم ما يقرب من 150 غرفة للتدريس.
لاحظت أن ثلاثة إيوانات متشابهة في بساطة التصميم وفي شكل المشكاوات التي كانت مكفنة بالذهب والفضة، لكنها نُقلت وحُفظت في المتحف الإسلامي بالقاهرة. أما عن الإيوان الرابع الإيوان الشرقي "إيوان القبلة"، وهو الإيوان الوحيد المكسو بالرخام والحجارة الفاخرة الملونة فمحاط بإطار من أعلى كُتب عليه بالخط الكوفي سورة الفتح، وقد بلغت فخامة هذا الإيوان أن قيل إنه أكبر من إيوان "كسرى" الموجود بالمدائن بالعراق.
وفي منتصف الإيوان تقريبًا "دكة المبلغ" –دكة عالية ذات سلالم صغيرة يصعد عليها المبلغ لترديد تكبيرات الصلاة خلف الإمام- وتميزت هذه الدكة بجمال أعمدتها الرخامية..
أما عن المحراب فوجدته رخاميا مزينا بقطع من النقوش الذهبية، وعلى يمين المحراب تجد المنبر الرخامي الأبيض وله باب من الخشب المصفح بالنحاس المضلع النجمي.
الضريح
قبل مغادرتي لاحظت وجود باب على يسار المحراب، وحينما دخلته علمت أنه الضريح المدفون به ابن السلطان حسن "الشهاب أحمد".. يعلو الضريح قبة عالية تحفها المقرنصات –نقوش بارزة تشبه خلايا النحل توحي للناظر بالارتفاع، يكسو جدران الضريح الرخام الفاخر، وبه مكتبتان كانتا تضمان أمهات كتب المذاهب الأربعة، وبه أيضًا حامل للمصحف الشريف مصنوع من خشب الصندل، ومكسو بالصدف.
وبذلك بدت مدرسة ومسجد "السلطان حسن" أضخم وأعلى وأفخم المباني الأثرية بالقاهرة وأجمعها لمحاسن العمارة. وقد قال عنها الأستاذ "جاستون فييت" –المدير السابق للمتحف الإسلامي بالقاهرة-: "إنه لأبدع آثار القاهرة وأكثرها تجانسا وتماسكًا وكمالا، وأجدرها بأن يقوم بجانب تلك الآثار المدهشة التي خلفتها مدينة الفراعنة".
من الجدير بالذكر أن المسجد تم ترميمه وإصلاحه من قبل لجنة حفظ الآثار المصرية عام 1915م.