طالب عفو ربي
10-04-2009, 01:06 AM
الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله حمداً يوافي نعمه ويكافئ مزيده، يا ربنا لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك ولعظيم سلطانك. سبحانك اللهم لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيه وخليله. خير نبي أرسله. أرسله الله إلى العالم كلِّهِ بشيراً ونذيراً. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد صلاةً وسلاماً دائمين متلازمين إلى يوم الدين. وأوصيكم أيها المسلمون ونفسي المذنبة بتقوى الله تعالى. أما بعد فيا عباد الله:
تعالوا بنا في هذا اليوم المبارك من هذا الشهر الأغر نقف على مشاهد من تأثر المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم بذكريات وقف عليها سواء كانت حلوة أو مرة، تعالوا نتأمل فيما فعلت بنفسه هذه الذكريات وما بعثت بين جوانحه من الشجو. يروي الشيخان، البخاري ومسلم، أن المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم عندما عاد من غزوة تبوك ووصل إلى ديار ثمود قال لأصحابه: لا يمرَّنَّ أحدٌ منكم بديار القوم الذين أهلكهم الله عز وجل إلا باكين خاشعين أن يصيبكم مثل ما قد أصابهم، وقنَّع رسول الله (ص) رأسه بردائه ومرَّ مسرعاً حتى تجاوز الديار. وروى الشيخان أيضاً أنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم عندما قفل عائداً من غزوة تبوك ووصل إلى مشارف المدينة المنورة ولاحت أمامه بيوتٌ من بيوتها ولاح أمامه جبل أحد الأشم قال عليه الصلاة والسلام: هذه طابة وهذا أحد جبل يحبنا ونحبه. وروى مسلم في صحيحه أنه (ص) عندما علم أن يوم عاشوراء، العاشر من محرم، هو اليوم الذي أنجى الله عز وجل فيه سيدنَا موسى من فرعون أمر بصيامه. هذا ما فعلته الذكريات بين جوانح المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم والسر في ذلك يا عباد الله أن الحادثة تقع وتمر ولكن كلاً من الزمان والمكان يحتضنها، تبقى هذه الحادثة موجودة في طي المكان كما تبقى موجودة أيضاً في طي الزمان، إن لم يرها البصر المثبت في الوجه رأتها البصيرة المثبتة في القلوب، هذه حقيقة لا مرية فيها. فإذا كان الزمان والمكان عندما عادا إلى رسول الله (ص) بالحادثة التي وقعت ومرَّ عليها عهد بعيد أو قريب فأثارت بين جوانحه هذا الشجو سواء تمثل في خوف من الله أو تمثل في حنين وحب فماذا عسى أن يفعل بين جوانحنا هذا الزمان الذي استدار اليوم وعاد يحمل إلينا حادثة الرحمة الإلهية التي أكرم الله سبحانه وتعالى بها عبادَهُ أجمع يوم ولادة المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أعود فأقول إذا كان الزمان والمكان الذي أعاد كل منهما إلى رسول الله (ص) حادثة مرت فأثارت بين جوانحه ما أثارت من الشجو والمشاعر التي حدثتكم عن طرف منها ماذا عسى أن يفعل بنا هذا الزمن الذي استدار اليوم وعاد وها نحن نستقبله يحمل إليها حادث الرحمة الإلهية المتمثلة في مولد المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم؟ هل أنا بحاجة إلى أن أجيب عن هذا السؤال؟ لعلنا جميعاً نعلم أن الجواب بدهي ولكن لابد لذلك من شرط هو في الواقع جامع مشترك بين ما اهتز له شعور المصطفى (ص) وبين ما ينبغي أن تهتز له مشاعرنا الجامع المشترك هو الحب، الحب هو الذي جعل المصطفى (ص) يقول: هذا أُحُد جبل يحبنا ونحبه، الحب هو الذي جعل المصطفى أكاد أقول يتغزل بذلك الجبل، إنه ليس حب ذلك الجبل تلك الحجارة والصخور ولكن حب أولئك الذين استشهدوا فاحتضنهم سفح ذلك الجبل الأشم، الحب هو الذي فعل ما فعل بمشاعر المصطفى (ص) والحب هو الذي جعل بصيرته ترى الحادثة وكأنها تقع آنذاك، الحب هو الذي رفع الحجب عن الماضي وقد مرت عليه سنوات وبصرته وكأنه واقع حاضر اليوم، وإذا وُجِدَ مثل هذا الحب بين جوانحنا لحبيبنا المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم فلابد أن تطوف بنفوسنا المشاعر ذاتها ولابد أن نتبين هذا الحدث العظيم الجليل الذي يجسد رحمة الله سبحانه وتعالى بعباده أجمع والمتمثل في ولادة المصطفى (ص) وما أعقبها من بعثة، وما أعقبها من نشر هذه الحنفية السمحاء التي بُعِثَ بها سائر الرسل والأنبياء، فتعالوا يا عباد الله نتلمس مكان الحب لحبيبنا المصطفى (ص). دعوني أقل لكم إن الإيمان العقلاني وحده لا يكفي بل أقول إن الإيمان العقلاني وحده لا ينجي صاحبه يوم المعاد، لابد من أن يتحول الإيمان العقلاني المثبت يقيناً في الفكر والعقل إلى حب وتعظيم ومهابة في القلب. الإنسان بقطع النظر عن قفصه الجسدي مؤلف من حقيقتين اثنتين، عقلٍ به يدرك وقلبٍ به يحب ويعظم ويبجل أو يبغض ويكره، والرحيل إلى الله عز وجل لا يمكن أن يتم على نحوٍ يرضيه إلا بجناحين اثنين، جناح اليقين العقلي بحقائق هذا الدين العظيم وجناح الحب، الحب لمولانا وخالقنا عز وجل ومن ثم الحب لمن أحبه الله عز وجل وابتعثه رحمة للعالمين محمدٍ صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فإذا تحققت مشاعر هذا الحب فإن الاحتفال والاحتفاء بذكرى مولد المصطفى (ص) يصبح انفعالاً قسرياً ولا يكون فعلاً اختيارياً، أرأيت إن كان فؤادك قد هيمنت عليه مشاعر الحب لرسولك، مشاعر الحنين إليه والشوق إلى المجالس التي اكتحلت بها أعين أصحابه ثم رأيت نفسك أمام الزمن الذي يحمل في طياته هذا الحدث الأغر هل تستطيع أن تُنِيْمَ مشاعر الشجو بين جوانحك؟! هل تستطيع أن تُنِيْمَ مشاعر الحنين إلى رسول الله (ص) في نفسك؟! لن يكون لك إلى ذلك من سبيل قط، فكيف إذا وقفت على أحاديث يتكلم فيها رسول الله (ص) بل يعبر فيها المصطفى (ص) عن شوقه إليك، عن اشتياقه إلى إخوانه الذين لم يرهم، ألا تبادله حباً بحب؟! روى الإمام مالك في موطئه وغيره أن المصطفى (ص) دخل قبيل وفاته إلى البقيع فسلم على أهل البقيع ثم قال: وددت لو أني رأيت إخواننا، قال له أحد أصحابه ألسنا إخوانك يا رسول الله؟ قال: بل أنتم أصحابي وإخواني الذين لم يلحقوا بعد وسأكون فرطاً لهم على الحوض، قال قائل منهم أوتعرفهم يا رسول الله؟ كيف تستقبل من لم تر؟ قال: أرأيتم لو أن رجلاً له خيول غرٌّ محجلة وسط خيول دهمٍ بهمٍ، أي سوداء، أفكان يعرفها؟ قالوا نعم قال: فأنا أعرفهم غراً محجلين من آثار الوضوء. ها أنت ترى كيف أن المصطفى (ص) يحن إلى إخوانه وعبر عن هذا الحنين ببليغ كلامه، وإني لأسأل الله عز وجل أن يجعلني ويجعلكم جميعاً من إخوانه الذي اشتاق إليهم، أفلا نبادله حنيناً بحنين؟! أفلا نبادله شوقاً بشوق؟! وإذا رأينا أن الزمن قَدَّمَ لنا مجدداً هذه الهدية المطوية في كيانه، كيان هذا الزمن، وأعاد إلينا الحدث الأجل يوم ولادة المصطفى (ص) أفلا تهتاج وتضاعف مشاعر الحنين إلى رسول الله (ص) بين جوانحنا، وإذا اهتاجت هذه المشاعر فهل من سبيل إلى أن لا نعبر عنها بألسنتنا إذاً لاختنق الإنسان، لابد من أن يتحدث عن شجوه، لابد من أن يتحدث عن حنينه إلى المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم. ولكن الحب يا عباد الله سائق يسوق إلى ما يرضي المحبوب، الحب حادٍ ولكنه يحدو بنا إلى ما يرضي الله ورسوله، الحب لا يمكن أن يحمل صاحبه على الشرود عن صراط المحبوب، محبوبنا الله ومن ثم فإن محبوبنا رسول الله (ص)، الحب لا يمكن أن يحمل المحب على أن يبدل ويغير، الحب يجعلنا مصداق قول الله سبحانه وتعالى: ”وما بدلوا تبديلا“، ولقد حدثتكم عن الشطر الأول من ذلك الحديث المبشر ولكني أمسكت عن الشطر الثاني فلأذكره لكم لكي نحاذر أن لا نقع فيما حذر منه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. يقول (ص) في الشطر الثاني من هذا الحديث: ألا ليزادن رجال عن حوضي كما يزاد البعير الضال، أي ليطردن رجال عن حوضي كما يطرد البعير الضال وقع بين مجموعة جمال، فأقول ألا هلم ألا هلم فيقال إنك لا تدري كم بدلوا من بعدك فأقول فسحقاً فسحقاً فسحقا. عباد الله وصيتي التي أخاطب بها نفسي وأخاطب بها كل أخٍ في الله، كل أخٍ في الإنسانية، أخاطبكم بها جميعاً ألا نبدل، ألا نغير، أن نظل حُرَّاساً للنهج التي تركنا رسول الله (ص) عليه، ألا نشرد عن هذا النهج إلى اليمين أو إلى الشمال، أن نتمثل تحذير ربنا عز وجل إذ يقول: ”وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلك وصاكم به لعلكم تتقون“، إن كنا حُرَّاساً على النهج الذي تَرَكَنَا عليه رسول الله لم نبدل ولم نغير على الرغم من الدواعي والمغريات الكثيرة المتنوعة فإني أستطيع أن أبشر نفسي وأبشركم بأن الوقوف أمام الله عز وجل وبين يديه يحمل بشارة العفو والمغفرة، أسأله سبحانه وتعالى أن يوفقنا ويوفق هذه الأمة قادة وشعوباً على التمسك بحبل الله، على التمسك بما أمر الله عز وجل والانتهاء عن كل ما قد نهى الله عز وجل عنه وهي أقل ما تفرضه علينا ضريبة الحب لسيدنا رسول الله (ص)، وليس حبُّنا له إلا فرعاً عن شجرة حبِّنا لمولانا وخالقنا جل جلاله، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم فاستغفروه يغفر لكم.
تعالوا بنا في هذا اليوم المبارك من هذا الشهر الأغر نقف على مشاهد من تأثر المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم بذكريات وقف عليها سواء كانت حلوة أو مرة، تعالوا نتأمل فيما فعلت بنفسه هذه الذكريات وما بعثت بين جوانحه من الشجو. يروي الشيخان، البخاري ومسلم، أن المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم عندما عاد من غزوة تبوك ووصل إلى ديار ثمود قال لأصحابه: لا يمرَّنَّ أحدٌ منكم بديار القوم الذين أهلكهم الله عز وجل إلا باكين خاشعين أن يصيبكم مثل ما قد أصابهم، وقنَّع رسول الله (ص) رأسه بردائه ومرَّ مسرعاً حتى تجاوز الديار. وروى الشيخان أيضاً أنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم عندما قفل عائداً من غزوة تبوك ووصل إلى مشارف المدينة المنورة ولاحت أمامه بيوتٌ من بيوتها ولاح أمامه جبل أحد الأشم قال عليه الصلاة والسلام: هذه طابة وهذا أحد جبل يحبنا ونحبه. وروى مسلم في صحيحه أنه (ص) عندما علم أن يوم عاشوراء، العاشر من محرم، هو اليوم الذي أنجى الله عز وجل فيه سيدنَا موسى من فرعون أمر بصيامه. هذا ما فعلته الذكريات بين جوانح المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم والسر في ذلك يا عباد الله أن الحادثة تقع وتمر ولكن كلاً من الزمان والمكان يحتضنها، تبقى هذه الحادثة موجودة في طي المكان كما تبقى موجودة أيضاً في طي الزمان، إن لم يرها البصر المثبت في الوجه رأتها البصيرة المثبتة في القلوب، هذه حقيقة لا مرية فيها. فإذا كان الزمان والمكان عندما عادا إلى رسول الله (ص) بالحادثة التي وقعت ومرَّ عليها عهد بعيد أو قريب فأثارت بين جوانحه هذا الشجو سواء تمثل في خوف من الله أو تمثل في حنين وحب فماذا عسى أن يفعل بين جوانحنا هذا الزمان الذي استدار اليوم وعاد يحمل إلينا حادثة الرحمة الإلهية التي أكرم الله سبحانه وتعالى بها عبادَهُ أجمع يوم ولادة المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أعود فأقول إذا كان الزمان والمكان الذي أعاد كل منهما إلى رسول الله (ص) حادثة مرت فأثارت بين جوانحه ما أثارت من الشجو والمشاعر التي حدثتكم عن طرف منها ماذا عسى أن يفعل بنا هذا الزمن الذي استدار اليوم وعاد وها نحن نستقبله يحمل إليها حادث الرحمة الإلهية المتمثلة في مولد المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم؟ هل أنا بحاجة إلى أن أجيب عن هذا السؤال؟ لعلنا جميعاً نعلم أن الجواب بدهي ولكن لابد لذلك من شرط هو في الواقع جامع مشترك بين ما اهتز له شعور المصطفى (ص) وبين ما ينبغي أن تهتز له مشاعرنا الجامع المشترك هو الحب، الحب هو الذي جعل المصطفى (ص) يقول: هذا أُحُد جبل يحبنا ونحبه، الحب هو الذي جعل المصطفى أكاد أقول يتغزل بذلك الجبل، إنه ليس حب ذلك الجبل تلك الحجارة والصخور ولكن حب أولئك الذين استشهدوا فاحتضنهم سفح ذلك الجبل الأشم، الحب هو الذي فعل ما فعل بمشاعر المصطفى (ص) والحب هو الذي جعل بصيرته ترى الحادثة وكأنها تقع آنذاك، الحب هو الذي رفع الحجب عن الماضي وقد مرت عليه سنوات وبصرته وكأنه واقع حاضر اليوم، وإذا وُجِدَ مثل هذا الحب بين جوانحنا لحبيبنا المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم فلابد أن تطوف بنفوسنا المشاعر ذاتها ولابد أن نتبين هذا الحدث العظيم الجليل الذي يجسد رحمة الله سبحانه وتعالى بعباده أجمع والمتمثل في ولادة المصطفى (ص) وما أعقبها من بعثة، وما أعقبها من نشر هذه الحنفية السمحاء التي بُعِثَ بها سائر الرسل والأنبياء، فتعالوا يا عباد الله نتلمس مكان الحب لحبيبنا المصطفى (ص). دعوني أقل لكم إن الإيمان العقلاني وحده لا يكفي بل أقول إن الإيمان العقلاني وحده لا ينجي صاحبه يوم المعاد، لابد من أن يتحول الإيمان العقلاني المثبت يقيناً في الفكر والعقل إلى حب وتعظيم ومهابة في القلب. الإنسان بقطع النظر عن قفصه الجسدي مؤلف من حقيقتين اثنتين، عقلٍ به يدرك وقلبٍ به يحب ويعظم ويبجل أو يبغض ويكره، والرحيل إلى الله عز وجل لا يمكن أن يتم على نحوٍ يرضيه إلا بجناحين اثنين، جناح اليقين العقلي بحقائق هذا الدين العظيم وجناح الحب، الحب لمولانا وخالقنا عز وجل ومن ثم الحب لمن أحبه الله عز وجل وابتعثه رحمة للعالمين محمدٍ صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فإذا تحققت مشاعر هذا الحب فإن الاحتفال والاحتفاء بذكرى مولد المصطفى (ص) يصبح انفعالاً قسرياً ولا يكون فعلاً اختيارياً، أرأيت إن كان فؤادك قد هيمنت عليه مشاعر الحب لرسولك، مشاعر الحنين إليه والشوق إلى المجالس التي اكتحلت بها أعين أصحابه ثم رأيت نفسك أمام الزمن الذي يحمل في طياته هذا الحدث الأغر هل تستطيع أن تُنِيْمَ مشاعر الشجو بين جوانحك؟! هل تستطيع أن تُنِيْمَ مشاعر الحنين إلى رسول الله (ص) في نفسك؟! لن يكون لك إلى ذلك من سبيل قط، فكيف إذا وقفت على أحاديث يتكلم فيها رسول الله (ص) بل يعبر فيها المصطفى (ص) عن شوقه إليك، عن اشتياقه إلى إخوانه الذين لم يرهم، ألا تبادله حباً بحب؟! روى الإمام مالك في موطئه وغيره أن المصطفى (ص) دخل قبيل وفاته إلى البقيع فسلم على أهل البقيع ثم قال: وددت لو أني رأيت إخواننا، قال له أحد أصحابه ألسنا إخوانك يا رسول الله؟ قال: بل أنتم أصحابي وإخواني الذين لم يلحقوا بعد وسأكون فرطاً لهم على الحوض، قال قائل منهم أوتعرفهم يا رسول الله؟ كيف تستقبل من لم تر؟ قال: أرأيتم لو أن رجلاً له خيول غرٌّ محجلة وسط خيول دهمٍ بهمٍ، أي سوداء، أفكان يعرفها؟ قالوا نعم قال: فأنا أعرفهم غراً محجلين من آثار الوضوء. ها أنت ترى كيف أن المصطفى (ص) يحن إلى إخوانه وعبر عن هذا الحنين ببليغ كلامه، وإني لأسأل الله عز وجل أن يجعلني ويجعلكم جميعاً من إخوانه الذي اشتاق إليهم، أفلا نبادله حنيناً بحنين؟! أفلا نبادله شوقاً بشوق؟! وإذا رأينا أن الزمن قَدَّمَ لنا مجدداً هذه الهدية المطوية في كيانه، كيان هذا الزمن، وأعاد إلينا الحدث الأجل يوم ولادة المصطفى (ص) أفلا تهتاج وتضاعف مشاعر الحنين إلى رسول الله (ص) بين جوانحنا، وإذا اهتاجت هذه المشاعر فهل من سبيل إلى أن لا نعبر عنها بألسنتنا إذاً لاختنق الإنسان، لابد من أن يتحدث عن شجوه، لابد من أن يتحدث عن حنينه إلى المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم. ولكن الحب يا عباد الله سائق يسوق إلى ما يرضي المحبوب، الحب حادٍ ولكنه يحدو بنا إلى ما يرضي الله ورسوله، الحب لا يمكن أن يحمل صاحبه على الشرود عن صراط المحبوب، محبوبنا الله ومن ثم فإن محبوبنا رسول الله (ص)، الحب لا يمكن أن يحمل المحب على أن يبدل ويغير، الحب يجعلنا مصداق قول الله سبحانه وتعالى: ”وما بدلوا تبديلا“، ولقد حدثتكم عن الشطر الأول من ذلك الحديث المبشر ولكني أمسكت عن الشطر الثاني فلأذكره لكم لكي نحاذر أن لا نقع فيما حذر منه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. يقول (ص) في الشطر الثاني من هذا الحديث: ألا ليزادن رجال عن حوضي كما يزاد البعير الضال، أي ليطردن رجال عن حوضي كما يطرد البعير الضال وقع بين مجموعة جمال، فأقول ألا هلم ألا هلم فيقال إنك لا تدري كم بدلوا من بعدك فأقول فسحقاً فسحقاً فسحقا. عباد الله وصيتي التي أخاطب بها نفسي وأخاطب بها كل أخٍ في الله، كل أخٍ في الإنسانية، أخاطبكم بها جميعاً ألا نبدل، ألا نغير، أن نظل حُرَّاساً للنهج التي تركنا رسول الله (ص) عليه، ألا نشرد عن هذا النهج إلى اليمين أو إلى الشمال، أن نتمثل تحذير ربنا عز وجل إذ يقول: ”وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلك وصاكم به لعلكم تتقون“، إن كنا حُرَّاساً على النهج الذي تَرَكَنَا عليه رسول الله لم نبدل ولم نغير على الرغم من الدواعي والمغريات الكثيرة المتنوعة فإني أستطيع أن أبشر نفسي وأبشركم بأن الوقوف أمام الله عز وجل وبين يديه يحمل بشارة العفو والمغفرة، أسأله سبحانه وتعالى أن يوفقنا ويوفق هذه الأمة قادة وشعوباً على التمسك بحبل الله، على التمسك بما أمر الله عز وجل والانتهاء عن كل ما قد نهى الله عز وجل عنه وهي أقل ما تفرضه علينا ضريبة الحب لسيدنا رسول الله (ص)، وليس حبُّنا له إلا فرعاً عن شجرة حبِّنا لمولانا وخالقنا جل جلاله، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم فاستغفروه يغفر لكم.