محمد أبوبكر
29-08-2010, 01:20 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
قال رسول الله صل الله عليه وسلم : "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف،
وفي كلٍّ خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تَعْجَز.. وإن أصابك شيء فلا تقُل: لو أني
فعلت كذا كان كذا وكذا؛ ولكن قل: قدَّر الله وما شاء فعل؛ فإنّ لَوْ تفتح عمل الشيطان". رواه مسلم.
هذا الحديث هو وصية نبوية شاملة جامعة.. وهو وصفة محمدية ناجعة لمن أراد تحقيق النجاح في الحياة..
وصفة تدعونا إلى عدم اليأس ولا الركون للعجز.. وتدفعنا إلى الحركة والأخذ بأسباب القوة..
ومن قبل هذا وذاك الاستعانة بالله، والتوقّف عن الندم على ما فات..
ألم أقل إنها وصفة شافية كافية، تقول لك لا تيأس ولا تترك نفسك للضعف والوهن.
ولا تيأس معناها:
أن تكون قوياً ثابتاً على الحق، ولنتخذ من الرسول صلى الله عليه وسلم مثلاً ونبراساً؛ فها هو يبدأ دعوته في مكة بالخطابة في أهله من على جبل الصفا، فيكذّبه الأهل، وتقاطعه العشيرة، ويتحول الأصدقاء إلى أعداء؛ لكنه يثبت على الحق، ويواصل المسير؛ وكأنه يقول لنا: إن الحق في حدّ ذاته قوة، يدعم صاحبه، ويجعل منه أشد بأساً من خصومه، ويقرّبه من حب الله، كل هذا يفعله الحق..!
والحق بالطبع ليس مقصوراً على نشر الدعوة الإسلامية فقط؛ فالحق موجود في القيام بعمل ينفع الناس وصاحبه في مختلف ميادين الحياة.
ولا تيأس معناها:
المحاولة حتى تُفتح لك الأبواب، فهذا ما فعله الرسول القدوة صلى الله عليه وسلم في مراحل متعددة من حياته..
ومن أبرز الصور التي يتضح فيها هذا المعنى محاولته عرض الدعوة على القبائل الأخرى من بعد أن تأكّد له عناد أهل مكة وتفضيلهم الكفر على الإيمان..
فتوجّه بدعوته إلى الطائف لدعوة ثقيف، فكانوا أشد عليه قسوة من المكيين، فطردوه، وحرّضوا سفهاءهم على إيذائه وقذفه بالحجارة، في واحد من أكثر المواقف صعوبة في حياته صلى الله عليه وسلم.
فهل أصابه اليأس بعد ما حدث؟ لا.. وإنما قرر المحاولة مرة أخرى، وانتهز فرصة قدوم وفود الحجيج من الجزيرة العربية إلى مكة، وراح يعرض الخروج بدعوته إليهم.
ولكن القبيلة الأولى لم تقبل، والثانية رفضت، والثالثة كذلك، والرابعة.. فالخامسة..
ومرّت أيام الحج، ووصل عدد القبائل التي طلب منها التأييد والمساندة في بعض الروايات إلى خمس وعشرين قبيلة، كان يمكن أن يكتفي بتلك المحاولات ويقنع نفسه بأنه لم يقصّر، كما نفعل نحن في كثير من الأحيان؛ لكنه صلى الله عليه وسلم واصل المحاولة في آخر أيام الحجيج، وذهب بمحاولته السادسة والعشرين إلى وفد جديد، كان هذا الوفد من أهل يثرب؛ فجاء الفرَج، وكتب الله لهذا الوفد أن يكون سبباً في نشر الدعوة واستكمال المسيرة.
لا تيأس معناها:
أن تأخذ بالأسباب وتترك النتائج على الله، فهذا ما فعله المصطفى صلى الله عليه وسلم أثناء رحلته مهاجراً من مكة إلى المدينة؛ فقد ابتاع راحلتين (أي ناقتين مهيئتان للسفر) واحدة له والأخرى لصاحبه أبي بكر.. وأرقد ابن عمه علي بن أبي طالب في فراشه حتى يعتقد المشركون المتآمرون لقتله أنه ما زال نائماً؛ فيعطّلهم عن مطاردته إلى أن يقطع شوطاً من الطريق.. وأستأجر دليلاً يهديهم الطريق.
وسار في عكس اتجاه المدينة إلى أن تهدأ عيون أهل مكة المترصّدة لجائزة قتله أو القبض عليه، ودعا دليله أن يعود من الغار بغنمه إلى مكة ماحياً أثر خطاهم وخُطى السيدة أسماء بنت أبي بكر التي كانت تذهب إليهم بالطعام.
لقد اتخذ كل الأسباب؛ ولكن هذا وحده لا يكفي!
فقبل كل هذا كان متوكلاً على الله مستعيناً به، تاركاً النتائج للتدابير الربانية، وبالفعل لم يمنع ذلك التخطيط المُحكم أهل مكة الثائرين كنمر جريح بعد شعورهم بالمهانة من فراره من بين أيديهم، من أن يأخذوا هم أيضاً بأقصى الأسباب حتى وصلوا إلى باب الغار.
وبات قبضهم عليه متوقفاً على أن ينظر أحدهم تحت قدميه؛ ولكن أنى لهم هذا، والله ثالث الاثنين الموجودين بالغار، لقد حمى الله نبيه ورفيق رحلته، وواصَلا الرحلة إلى يثرب التي نوّرت بقدومه؛ فباتت من يومها المدينة المنورة.
ليعطي درساً نبوياً فريداً يقول: افعل ما عليك، كل ما عليك، ادرس وخطّط وحدّد، ثم نفِّذْ بكل قوتك، واترك النتائج على الله، وتأكّد أنك ستحصد أضعاف ما زرعت ما دمت لم تتكاسل ولم تجد بأساً، ولم يصبك القنوط ولا اليأس.
كيف نقتدي بهذا الحديث في حياتنا؟
من أسوأ ما نفعله تجاه السيرة النبوية المطهّرة أن نتعامل معها؛ على أنها مجرد حكايات ظريفة، وروايات لذيذة، تجعلنا نهزّ رؤوسنا ونقول سبحان الله.. ونكتفي بذلك!
فالرسول صلى الله عليه وسلم قد واجه ما واجه، وتحمّل ما تحمّل، ومن بعده جاء المحَدّثون لتواجههم أيضاً الصعوبات، ويتحملوا المشقات ليحفظوا لنا سيرته لا تكون مجرد حكاية تلوكها الألسن، وتتناقلها الأفواه؛ ولكن لتكون قدوة تنفعنا في حياتنا المعاصرة، ودليلاً نسير على نهجه في أيامنا العابرة..
فالوصية النبوية لعدم اليأس صالحة للتطبيق في كل زمان ومكان،تستطيع أن تسير على خطاها في دراستك فلا تملّ المذاكرة والاطلاع، ولا تقول: وماذا سأفعل بالشهادة..
ومن الممكن أن تلهب تلك الوصية حماسك لإنجاز مشروعك الخاص الذي طالما حلمت به؛ ولكنك تخشى النتائج، وتلوم نفسك على الفشل من قبل ما أن تبدأ..
وأيضاً من الجائز أن تتخذ منها شعاراً لك في عملك، وإن شعرت أن رئيسك في العمل لا يقدّرك حق تقدير؛ فتشعر بالعجز عن تقديم المزيد من الإبداع في عملك؛ فأنت قد تعلم من هذه الوصية أن عليك الأخذ بالأسباب وانتظار النتائج الربانية..
فيا أخي الغالي ؛ ويا أختي الكريمة : كفاك ندما على ما فات، واستعن بالله ولا تعجز إذا أردت أن تكون صاحب شأن في هذه الحياة.
قال رسول الله صل الله عليه وسلم : "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف،
وفي كلٍّ خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تَعْجَز.. وإن أصابك شيء فلا تقُل: لو أني
فعلت كذا كان كذا وكذا؛ ولكن قل: قدَّر الله وما شاء فعل؛ فإنّ لَوْ تفتح عمل الشيطان". رواه مسلم.
هذا الحديث هو وصية نبوية شاملة جامعة.. وهو وصفة محمدية ناجعة لمن أراد تحقيق النجاح في الحياة..
وصفة تدعونا إلى عدم اليأس ولا الركون للعجز.. وتدفعنا إلى الحركة والأخذ بأسباب القوة..
ومن قبل هذا وذاك الاستعانة بالله، والتوقّف عن الندم على ما فات..
ألم أقل إنها وصفة شافية كافية، تقول لك لا تيأس ولا تترك نفسك للضعف والوهن.
ولا تيأس معناها:
أن تكون قوياً ثابتاً على الحق، ولنتخذ من الرسول صلى الله عليه وسلم مثلاً ونبراساً؛ فها هو يبدأ دعوته في مكة بالخطابة في أهله من على جبل الصفا، فيكذّبه الأهل، وتقاطعه العشيرة، ويتحول الأصدقاء إلى أعداء؛ لكنه يثبت على الحق، ويواصل المسير؛ وكأنه يقول لنا: إن الحق في حدّ ذاته قوة، يدعم صاحبه، ويجعل منه أشد بأساً من خصومه، ويقرّبه من حب الله، كل هذا يفعله الحق..!
والحق بالطبع ليس مقصوراً على نشر الدعوة الإسلامية فقط؛ فالحق موجود في القيام بعمل ينفع الناس وصاحبه في مختلف ميادين الحياة.
ولا تيأس معناها:
المحاولة حتى تُفتح لك الأبواب، فهذا ما فعله الرسول القدوة صلى الله عليه وسلم في مراحل متعددة من حياته..
ومن أبرز الصور التي يتضح فيها هذا المعنى محاولته عرض الدعوة على القبائل الأخرى من بعد أن تأكّد له عناد أهل مكة وتفضيلهم الكفر على الإيمان..
فتوجّه بدعوته إلى الطائف لدعوة ثقيف، فكانوا أشد عليه قسوة من المكيين، فطردوه، وحرّضوا سفهاءهم على إيذائه وقذفه بالحجارة، في واحد من أكثر المواقف صعوبة في حياته صلى الله عليه وسلم.
فهل أصابه اليأس بعد ما حدث؟ لا.. وإنما قرر المحاولة مرة أخرى، وانتهز فرصة قدوم وفود الحجيج من الجزيرة العربية إلى مكة، وراح يعرض الخروج بدعوته إليهم.
ولكن القبيلة الأولى لم تقبل، والثانية رفضت، والثالثة كذلك، والرابعة.. فالخامسة..
ومرّت أيام الحج، ووصل عدد القبائل التي طلب منها التأييد والمساندة في بعض الروايات إلى خمس وعشرين قبيلة، كان يمكن أن يكتفي بتلك المحاولات ويقنع نفسه بأنه لم يقصّر، كما نفعل نحن في كثير من الأحيان؛ لكنه صلى الله عليه وسلم واصل المحاولة في آخر أيام الحجيج، وذهب بمحاولته السادسة والعشرين إلى وفد جديد، كان هذا الوفد من أهل يثرب؛ فجاء الفرَج، وكتب الله لهذا الوفد أن يكون سبباً في نشر الدعوة واستكمال المسيرة.
لا تيأس معناها:
أن تأخذ بالأسباب وتترك النتائج على الله، فهذا ما فعله المصطفى صلى الله عليه وسلم أثناء رحلته مهاجراً من مكة إلى المدينة؛ فقد ابتاع راحلتين (أي ناقتين مهيئتان للسفر) واحدة له والأخرى لصاحبه أبي بكر.. وأرقد ابن عمه علي بن أبي طالب في فراشه حتى يعتقد المشركون المتآمرون لقتله أنه ما زال نائماً؛ فيعطّلهم عن مطاردته إلى أن يقطع شوطاً من الطريق.. وأستأجر دليلاً يهديهم الطريق.
وسار في عكس اتجاه المدينة إلى أن تهدأ عيون أهل مكة المترصّدة لجائزة قتله أو القبض عليه، ودعا دليله أن يعود من الغار بغنمه إلى مكة ماحياً أثر خطاهم وخُطى السيدة أسماء بنت أبي بكر التي كانت تذهب إليهم بالطعام.
لقد اتخذ كل الأسباب؛ ولكن هذا وحده لا يكفي!
فقبل كل هذا كان متوكلاً على الله مستعيناً به، تاركاً النتائج للتدابير الربانية، وبالفعل لم يمنع ذلك التخطيط المُحكم أهل مكة الثائرين كنمر جريح بعد شعورهم بالمهانة من فراره من بين أيديهم، من أن يأخذوا هم أيضاً بأقصى الأسباب حتى وصلوا إلى باب الغار.
وبات قبضهم عليه متوقفاً على أن ينظر أحدهم تحت قدميه؛ ولكن أنى لهم هذا، والله ثالث الاثنين الموجودين بالغار، لقد حمى الله نبيه ورفيق رحلته، وواصَلا الرحلة إلى يثرب التي نوّرت بقدومه؛ فباتت من يومها المدينة المنورة.
ليعطي درساً نبوياً فريداً يقول: افعل ما عليك، كل ما عليك، ادرس وخطّط وحدّد، ثم نفِّذْ بكل قوتك، واترك النتائج على الله، وتأكّد أنك ستحصد أضعاف ما زرعت ما دمت لم تتكاسل ولم تجد بأساً، ولم يصبك القنوط ولا اليأس.
كيف نقتدي بهذا الحديث في حياتنا؟
من أسوأ ما نفعله تجاه السيرة النبوية المطهّرة أن نتعامل معها؛ على أنها مجرد حكايات ظريفة، وروايات لذيذة، تجعلنا نهزّ رؤوسنا ونقول سبحان الله.. ونكتفي بذلك!
فالرسول صلى الله عليه وسلم قد واجه ما واجه، وتحمّل ما تحمّل، ومن بعده جاء المحَدّثون لتواجههم أيضاً الصعوبات، ويتحملوا المشقات ليحفظوا لنا سيرته لا تكون مجرد حكاية تلوكها الألسن، وتتناقلها الأفواه؛ ولكن لتكون قدوة تنفعنا في حياتنا المعاصرة، ودليلاً نسير على نهجه في أيامنا العابرة..
فالوصية النبوية لعدم اليأس صالحة للتطبيق في كل زمان ومكان،تستطيع أن تسير على خطاها في دراستك فلا تملّ المذاكرة والاطلاع، ولا تقول: وماذا سأفعل بالشهادة..
ومن الممكن أن تلهب تلك الوصية حماسك لإنجاز مشروعك الخاص الذي طالما حلمت به؛ ولكنك تخشى النتائج، وتلوم نفسك على الفشل من قبل ما أن تبدأ..
وأيضاً من الجائز أن تتخذ منها شعاراً لك في عملك، وإن شعرت أن رئيسك في العمل لا يقدّرك حق تقدير؛ فتشعر بالعجز عن تقديم المزيد من الإبداع في عملك؛ فأنت قد تعلم من هذه الوصية أن عليك الأخذ بالأسباب وانتظار النتائج الربانية..
فيا أخي الغالي ؛ ويا أختي الكريمة : كفاك ندما على ما فات، واستعن بالله ولا تعجز إذا أردت أن تكون صاحب شأن في هذه الحياة.