18-05-2010, 01:04 AM | رقم المشاركة : 1 | |||||
|
ماذا نريد من الدنيا ؟!
السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتــه قال الفضلُ بن الرَّبيـع : حجَّ هارونُ الرَّشيد أمير المؤمنين ، فأتاني فخرجْتُ مُسرعاً ، فقلتُ : يا أمير المؤمنين ، لو أرسلت إليَّ لأتيتكَ ! فقال : ويحكَ ! قد حكَّ في نفسي شيء ، فانظر لي رجلا ً ! فقلتُ : ها هنا سُفيان بن عُييْـنة * ، فقال : امْض بنا إليهِ ، فأتيناه فقرعتُ الباب ، فقال : من ذا ؟ فقلتُ : أجبْ أمير المؤمنين ، فخرج مُسرعاً ، فقال : يا أمير المؤمنين ، لو أرسلتً إليَّ لأتيْـتكَ ، فقال لهُ : خذ لما جئناكَ لهُ رحِمكَ اللهُ . فحادثهُ ساعة ، ثمَّ قال لهُ : عليكَ ديْـن ؟ فقال : نعم ، فقال : يا عبَّـاسيّ ُ اقض دينهُ . فلمَّـا خرجنا قال لي : ما أغنى صاحِبُكَ عنـِّي شيئاً . انظر لي رجلا ً أسألهُ ، قلتَ : ها هنا عبد الرَّزَّاق بن همام * قال : امض بنا إليه ، فأتيناه فقرعتُ الباب فقال : من هذا ؟ قلتُ : أجبْ أمير المؤمنين ، فخرج مُسرعاً ، فقال : يا أمير المؤمنين ، لو أرسلتَ إليَّ لأتيْـتكَ ، فقال : خذ لما جئناكَ لهُ ، فحادثهُ ساعة ، ثمَّ قال لهُ : عليكَ ديــن ؟ قال : نعم ، قال : يا عبَّـاسيّ ُ ، اقض دينهُ . فلمَّـا خرجنا قال : ما أغنى صاحِبُكَ عنـِّي شيئاً ، انظر لي رجُلا ً أسأله ، قـلتُ : ها هُنا الفضيْـل بن عيَّـاض * ، قال : امض بنا إليهِ ، فأتيناه ، فإذا هو قائم يُصلي ، ويتلو آية من القرآن يُردِّدُها ، قال : اقرع الباب فقرعْتُ الباب ، فقال : من هذا ؟ قلتُ : أجبْ أمير المؤمنين ، فقال : مالي ولأمير المؤمنين ! فقلتُ : سُبحان الله !!! أمَـا عليْكَ طاعته ؟ فنزل وفتح الباب ، ثمَّ ارتقى إلى الغرفةِ فأطفأ السِّراج ، ثمَّ التجأ إلى زاويةٍ من زوايا البيت ، فدخلنا ، فجعلنا نجول عليهِ بأيْدينا ، فسبقت كفّ هارون قبلي إليهِ فقال : يا لها من كفِّ ما ألينها ! إن نجت غداً من عذاب اللهِ عزَّ وجلَّ . فقلتُ في نفسي : ليُكلـِّمَنــَّـهُ الليلة بكلام من قلب نقيٍّ ، فقال له : خذ لِمَـا جئناكَ لهُ رحِمَكَ اللهُ ! فقال لهُ : إنَّ عمر بن عبد العزيز لمَّـا وَلِيَ الخلافة دعا سالم بن عبد الله ومحمد بن كعب القرظي ورجاء بن حَيَوَة ، فقال لهم : إني قد ابتليتُ بهذا البلاء ، فأشيروا عليَّ - فعدَّ الخلافة بلاء - وعددتها أنتَ وأصحابكَ نعمة . فقال له سالم بن عبد الله : إن أردتَ النـَّجاة من عذاب الله فصُم الدنيا ، وليكن إفطاركَ منها الموْت . وقال محمد بن كعب : إن أردتَ النـَّجاة من عذاب الله فليكن كبير المؤمنين عندكَ أباً ، وأوسطهم عندكَ أخاً ، وأصغرهم عندكَ ولداً ، فوقــِّـر أباكَ ، وأكرم أخاكَ ، وتحنـَّـن على ولدِكَ . وقال لهُ رجاءُ بن حَيَوَة : إن أردتَ النـَّجاة غداً من عذاب الله عزَّ وجلَّ فأحبَّ للمسلمين ما تحبّ لنفسكَ واكره لهم ما تكرهُ لنفسكَ ، ثمَّ مُتْ إذا شئتَ . وإني أقولُ لكَ : إني أخافُ عليكَ أشدَّ الخوف يوم تزلّ الأقدام ، فهل معكَ - رحِمَكَ اللهُ - مثلُ هؤلاء ؟ ، أو من يُشير عليكَ بمثل هذا ؟ فبكى هارون بُكاءً شديداً ، حتى غـُشِيَ عليهِ . فقلتُ لهُ : ارفق بأمير المؤمنين رحمكَ اللهُ . فقال : يا أمير المؤمنين ، بلغني أنَّ عاملا ً لعمر بن عبد العزيز شكى إليه ، فكتب إليه عمر : يا أخي ، أذكـِّرُكَ طول سهر أهل النار في النار مع خلود الأبد ، وإيَّـاكَ أن يُنصَرَفَ بكَ من عندِ اللهِ فيكون آخر العهد بكَ ، وانقطاع الرَّجاء منكَ . قال : فلمَّـا قرأ الكتاب طوى البلاد حتى قدِمَ على عمر بن عبد العزيز ، فقال لهُ : ما أقدمَكَ ؟ قال : خلعتَ قلبي بكِتابكَ ، لا أعودُ إلى ولايةٍ حتى ألقى الله عزَّ وجلَّ . فبكى هارون بُكاءً شديداً ثمَّ قال لهُ : زدني رحِمَكَ اللهُ !!! فقال لهُ : يا أمير المؤمنين ، إنَّ العبَّـاس عَمَّ النبي صلى اللهُ عليه وسلم جاءَ إليهِ ، فقال لهُ : يا رسول الله .. أمِّرْني على إمارةٍ ، فقال لهُ النبيّ : إنَّ الإمارة حسرة وندامة يوم القيامة ، فإن استطعتَ ألا َّ تكون أميراً فافعل . فبكى هارون بكاءً شديداً ، ثمَّ قال : زدني - رَحِمَكَ اللهُ - !! فقال : يا حَسَنَ الوجْهَ ، أنتَ الذي يسألكَ اللهُ عزَّ وجلَّ عن هذا الخلق يوم القِيامة ، فإن أردتَ أن تقي هذا الوجْهَ من النار ، فإيَّـاكَ أن تـُصبحَ وتـُمسي وفي قلبكَ غشّ على أحدٍ من رعِـيَّـتِـكَ ، فإنَّ النبيّ عليه الصلاة والسَّـلام قال : من أصبحَ لهم غاشـّـاً لم يرح * رائحَة الجنـَّـة * . فبكى هارون ، وقال لهُ : عليكَ دَيْـن ؟ قال : دَيـْن لربَّي لم يُحاسبني عليه ، فالويْلُ لي إن سألني ، والويْلُ لي إن لم ألهم حُجَّتي ، قال : إنما أعني من دَيْن العباد ، قال : إنَّ ربي عزَّ وجلَّ لم يأمُرُني بهذا ، إنما أمَرني أن أصدِّقَ وعدهُ وأطيع أمْرهُ ، فقال تعالى : ( وما خلقتُ الجنَّ والإنسَ إلا َّ لِيَعْبُدُون ، ما أريدُ منهم من رزقٍ وما أريدُ أن يُطعِمون ، إنَّ الله هو الرَّزَّاقُ ذو القوَّةِ المتيـــــن ) . فقال لهُ : هذه ألفُ دينار ، خذها فأنفقها على عِيالكَ ، وتقوَّ بها على عبادة ربَّكَ . فقال : سُبحان الله أنا أدلكَ على طريق النـَّجاةِ ، وأنتَ تـُكافِئـُني بمثل هذا !! سلمكَ اللهُ ووفـَّقكَ ، ثمَّ صمتَ فلم يُكلمنا . فخرجْنا من عندهِ ، فلمَّا صِرْنا على الباب ، قال هارون : يا عبَّـاسيّ إذا دللتني على رجل فدُلني على مثل هذا .. هذا سيِّدُ المسلمين . فدخلت عليهِ امرأة من نِسائهِ ، فقالت : يا هذا ، قد ترى ما نحنُ فيهِ من ضيق الحال ، فلو قبلتَ المال فتفرَّجْنا به ، فقال لها : مَثلي ومَثلكم كمثل قوم كان لهم بعير يأكلون من كسبهِ ، فلمَّـا كبرَ نحروهُ فأكلوا لحمهُ . فلمَّـا سمعَ هارون هذا الكلام قال : ندخل فعسى أن يقبل المال ، فلمَّـا علمَ الفضيْلُ خرج فجلسَ في السَّطح على باب الغرفة ، فجاء هارون فجلسَ إلى جنبهِ ، فجعل يُكلـَّمُهُ فلا يُجيبُهُ . قال الفضلُ : فبينما نحنُ كذلكَ إذ خرجت جارية سوداء ، فقالت : يا هذا قد آذيْتَ الشيخ مُنذ الليلة ، فانصرف رَحِمَكَ اللهُ .. فانصرفنا . --------------------------------------------------- * سفيان بن عيينة : حافظ ثقة ، واسع العلم كبير القدر ، قال الشافعي : لولا مالك وسفيان لذهب علم الحجاز ، توفيَ سنة 198 هـ . * عبد الرزاق بن همام : من حفاظ الحديث الثقات . * الفضيْل بن عيَّـاض : من أكابر العُبَّـاد الصّـلحاء ، كان ثقة في الحديث وتوفيَ سنة 187 هـ . * لم يرح رائحة الجنة : أي لم يشمّ ريحها . منقول
|
|||||
18-05-2010, 02:41 PM | رقم المشاركة : 2 | |||||
|
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
|
|||||
19-05-2010, 12:02 AM | رقم المشاركة : 3 | |||||
|
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
|
|||||
19-05-2010, 02:01 AM | رقم المشاركة : 4 | |||
|
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : |
|||
12-11-2010, 07:53 PM | رقم المشاركة : 5 | |||
|
|
|||
13-11-2010, 12:07 AM | رقم المشاركة : 6 | |||
|
|
|||
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
هى الدنيا | الاشتر | رحيق الحوار العام | 5 | 21-04-2010 08:57 PM |
اعرفكم على الدنيا | الاشتر | رحيق الحوار العام | 5 | 03-04-2010 02:18 PM |
خير ايام الدنيا | المساوى | رحيق الحوار العام | 0 | 09-12-2009 03:58 PM |
ماذا تحب فى الدنيا رااائع وأجوبه رااائعه من الصحابة أدخل وشوف | هبة الرحمن | رحيق الحوار العام | 1 | 03-12-2009 06:03 PM |
ملكنا هذة الدنيا قرونا | تراب | المنتديات الأدبية :الشعر العربى ، من بوح قلمى | 2 | 29-06-2009 09:34 PM |
|