لقد ذكر المسعودي إن احمد بن أبي دؤاد المعتزلي والوزير محمد بن عبد الملك الزيات كانا قد غلبا على الواثق فكان لا يصدر أمرا إلا عن رأيهما وكان قد قلدهما الأمر وفوض إليهما ملكه .
ولقد كان الواثق لا يبارى في علمه وأدبه حتى سمي بالمأمون الأصغر لأدبه وفضله(تاريخ الخلفاءص227) وانه شغف بالوقوف على آراء العلماء والحكماء فطلب من حنين ابن اسحق أن يؤلف له كتابا يذكر فيه الفرق بين الغذاء والدواء والمسل وآلات الجسد فألفه واسماه (كتاب المسائل الطبيعية)(مروج الذهب ج2ص366) مما يعطي انطباعا إن الواثق كان ميالا لمتابعة العلم والعلماء وقد حكم الواثق قرابة ست سنين وتوفي في شهر ذي الحجة من سنة232 ه وبوفاته يكون قد انتهى العصر الذهبي للدولة العباسية وتلك نتيجة طبيعية لتلك السياسة التي سار عليها والده المعتصم الذي اعتمد كليا على الأتراك في الجيش واثروا على سياسة الدولة عندما احلهم محل العرب وبما تسبب أولئك من إثارة خواطر الأهالي والعلماء بسبب إطلاقهم وتمسكهم بالبدع الدينية الضالة.
وقد ذكر المسعودي أيضا وصف أحد الأعراب رجال الدولة في عهد الواثق فقال ذكر أبو تمام حبيب بن اوس الطائي الجاسمي نسبه إلى جاسم وهي قرية من أعمال دمشق بين بلاد الأردن ودمشق بموضع يعرف بجاسم على أميال من الجابية قال خرجت في أيام الواثق إلى سر من رأى فلما قربت منها لقيني إعرابي فاردت أن اعلم خبر العسكر منه فقلت يا إعرابي ممن أنت قال من بني عامر قلت كيف علمك بعسكر أمير المؤمنين قال قتل الله أرضا عاملها (أي العسكر) قلت ما تقول في أمير المؤمنين قال (وثق بالله فكفاه أشجى القاصية وقصم العادية ورغب عن كل ذي جناية) قلت فما تقول في احمد بن أبي دؤاد قال هضبة لا ترام وجبل لا يضام تشحذ له المدى وتنصب له الحبائل حتى إذا اقبل كان قد وثب وثبة الذئب وختل ختلة الضب قلت فما تقول في الوزير محمد بن عبد الملك الزيات قال وسع الداني شره ووصل إلى البعيد ضره له في كل يوم صريع لايرى فيه اثر ناب ولا مخلب,,, والى نهاية رواية ذلك الإعرابي التي أردنا من ذكرها هنا الإشارة إلى إن بطانة الرجل كانت سيئة كما هو الحال دوما حد أيامنا الراهنة دونما يتعظ أحدا, وقد كان لها كبير الأثر على التأثير على سياسة الخليفة الواثق رغم كل ما ذكر عن الرجل من صلاح وقد تزامن ذلك مع سيره على خطى والده بمسالة الاعتزال وتبنيها بشدة والموقف الحاد بعدم تقبلهم لرأي مخالفيهم واعتبار أفكارهم من الزندقة بذلك المنحى المتطرف الذي كان من الممكن تلافيه فحتى لو صح في أذهانهم مجازا ونهم اعتبروا إن التسليم برؤية الله عز وجل وكلام الله في القرآن إنها مسائل لا يصح التعرض لها وقتئذ فقد كان من المفترض تحجيم ذلك بأية وسيلة من غير الاستتابة واقامة الحجة والقتل بل بالحوار والإقناع وليس إقحام الأمة بذلك الصراع الذي كلفها كثيرا من الفتن والدماء والأحقاد وعوق الحراك العلمي الفكري الديني وشق صفوف المؤمنين ومؤداه في إضعاف دولة الإسلام إضافة لتفاقم سير التداخلات السياسية بالميل إلى الاعتماد على الأتراك على منحى والده أيضا وتلك كانت هي اكبر العوامل التي شابت خلافة الواثق بن المعتصم.