بسم الله الرحمان الرحيم
أين الشجرة التي أخرجت آدم من الجنة1/6 000 هل كانت بداخل الجنة أم خارجها؟
المفهوم من الآيات التي ذكرت قصة إغواء إبليس لآدم كما سنبينها أن هذه الشجرة كانت خارج حدود الجنة عند طرفها السفلي 00وخارج الجنة لا يكون إلا من جهة أسفلها لا من جهة أعلاها0
هناك إشارات كثيرة تبين أن الشجرة كانت خارج الجنة، ومعرفة مكان سجود الملائكة من العلامات الدالة على مكانها 000 وسنمر على كل هذه الإشارات لبيان مكان تلك الشجرة، فإن تحديد مكانها له أثر كبير في فهم أمور عديدة؛ ومن الأمور التي تشير إلى مكان الشجرة:
الأمر الأول: أن الجنة دار نعيم وليست دار عبادة، والسجود عبادة، ولم يطلب من آدم وزوجه أن يعبدا الله في الجنة، بل طلب منهما أن يسكناها، وأن يأكلا منها رغدًا حيث يشاءا0
الأمر الثاني: أن سجود الملائكة وهم على كثرتهم لا يصلح بين الأشجار، في جنة قطوفها دانية، فيكون أكثرهم محجوبًا لا يتمكن آدم من رؤيتهم ولا هم من رؤيته 00 فهم بحاجة إلى مكان فسيح خال من الأشجار والمعيقات لتتم رؤية آدم مباشرة وقد نفخت فيه الروح، فيقعوا له ساجدين0
الأمر الثالث: حذر الله سبحانه وتعالى آدم من إبليس، ومن الأكل من تلك الشجرة، قبل أن يسكنه الجنة، حيث كان خارجها، في الموضع الذي سجدت له الملائكة فيه، وهذا الموضع كان خارج الجنة ....... وقبل دخول آدم الجنة ولا يكون الدخول إليها إلا من أسفلها، كان تحذير الله له من الشجرة بالإشارة إليها باسم الإشارة للقريب (هذه)، ولما يسكن هو وزوجه بعد الجنة؛ (وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنْ الظَّالِمِينَ(35) البقرة،
فأين كانت هذه الشجرة؟! .... لقد كانت عنده خارج الجنة 00
الأمر الرابع: أن إبليس خاطب آدم من خارج الجنة بعد أن أخرجه الله منها، ولم يكن هو قد خرج منها للسجود لآدم؛ قال تعالى: (إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى أَن يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ(31) الحجر، وذلك قبل أن يهبطه مع آدم إلى الأرض، وكانت أيضًا الإشارة من إبليس إلى الشجرة باسم الإشارة إلى القريب بهذه؛ قال تعالى: (وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنْ الظَّالِمِينَ(19) فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنْ الْخَالِدِينَ(20) الأعراف، أي هي قريبة منه خارج الجنة، حيث كان إبليس يخاطب آدم.
الأمر الخامس: قوله تعالى: ( فدلاهما بغرور(22) الأعراف؛ والتدلية تعني النزول والوصول إلى أسفل، فقد قال تعالى عن جبريل في نزوله أول مرة من السماء على محمد عليه الصلاة والسلام: (ثم دنى فتدلى(8) النجم؛ أي نزل إلى أسفل حتى وصله، وكان معه في الغار، وكذلك في قصة يوسف عليه السلام: (فأرسلوا واردهم فأدلى دلوه(19) يوسف؛ أي أرسله إلى أسفل الجب، ليصل إلى الماء 00 فقوله تعالى: ( فدلاهما بغرور(22) الأعراف؛ أي أنزلهما من علوهما في الجنة إلى الشجرة في أسفل الجنة، عند طرفها أو خارج حدودها حيث توجد تلك الشجرة، وحيث كان يقف عندها إبليس.
الأمر السادس: أن اسم الشجرة دال على البعد، وبه قد سميت، فعن ماذا ابتعدت عن أرض الجنة أم عن الجنة نفسها التي قطوفها دانية... وسيكون إن شاء الله تعالى لهذه المسألة بحث خاص بها.
الأمر السابع: أن آدم عليه السلام بعد أكله من الشجرة، فبدت لهما سوآتهما، أراد دخول الجنة، والتوغل فيها، فاستوقفته أشجارها، ونشبت في رأسه شجرة تمنعه، بل جاء إن صح في التفسير أنه لم تحن عليه من أشجار الجنة إلا شجرة التين، فأخذ من أوراقها يستر بها عورته، فكافأها الله بأن ساوى ظاهرها باطنها في حلاوته، وجعلها تثمر مرتين في العام الواحد0
الأمر الثامن: من التفسير أيضًا أن آدم عليه السلام لما أكل منها ووقع فيما وقع فيه، فر فناداه الله (أتفر مني)، والفرار يكون من مكان إلى آخر، فأين كان آدم؟... وإلى أين سيفر؟! 00سيفر إلى مكان يستره، أو سيفر من الله إلى الله، أي إلى الجنة، التي حذره الله تعالى من الخروج منها.
الأمر التاسع: أن الله تعالى أشار إلى الشجرة بعد الذي حدث باسم الإشارة إلى البعيد "تلك" بعد أن ولى هاربًا من عندها إلى الجنة؛ (فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ(22) الأعراف، فقد بعدا عنها بتوجههما إلى أشجار الجنة ليسترا سوآتهما بأوراق الجنة، ومن أدب الله سبحانه وتعالى؛ أنه لم يخاطبهما حتى سترا عوراتهما، وسمح لهما أن يفعلا ذلك بأخذهما من ورق أطراف الجنة.
الأمر العاشر: في قوله تعالى: (بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ(22)، الأعراف، ولم يقل (فطفقا) بالفاء التي تفيد التعقيب بدون تراخ، وهذا الذي حدث لهما من انكشاف العودة، لا يجعلهما ينتظران ويتمهلان في ستر عورتيهما، ولو كانا في الجنة لفعلا ذلك فورًا، دون تردد وانتظار، والورق من حولهما، فلما كانت الشجرة خارج الجنة لزم لهم من الوقت حتى يصلا طرفها، فجاء استعمال الواو بدلاً من الفاء للدلالة على ذلك.
الأمر الحادي عشر: أن الله تعالى حذرة من الخروج من الجنة: (فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنْ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى(117) طه، فأين سيخرجهما ولم يعرفا الأرض بعد، إن لم يكن هذا الخروج خارج حدود الجنة حيث لا شيء غير هذه الشجرة وإبليس المطرود من الجنة.
الأمر الثاني عشر: أنه كان الوصف لفعلهما بالزلل: (فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ(36) البقرة، والزلل عن المكان هو مفارقته، والبعد عنه .... فأزلهما من الجنة إلى خارجها.
الأمر الثالث عشر: أن الله تعالى ذكر أنه أخرج إبليس من الجنة، ولم يذكر أنه اخرج آدم من الجنة، فبفعل آدم، وأكله من الشجرة، قد أخرج نفسه منها بنفسه، ولم يسمح له إلا بستر عورته من أوراقها، ويكفيه أن يمد يده للتناول ذلك من أدناها له عند طرفها0
الأمر الرابع عشر والأخير: أنه تعالى ذكر أن الإهباط لآدم وزوجته كان مرتين؛ أولهما: أن يهبطا إلى أسفل الجنة، بعيدًا عنها، بعد محاولة دخولهما لها ثانية، وسيكون مستقرهم ومتاعهم بعد ذلك في الأرض، ولم يذكر إبليس في هذا الهبوط؛ لأنه سبقهم إلى ذلك، ليجمعهم معًا في الهبوط الثاني إلى الأرض.
قال تعالى: (فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (36) فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (37) قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (38) البقرة.
كنت أتساءل في نفسي ما الذي يحمي ويعصم أهل الجنة من الأكل من هذه الشجرة مرة أخرى؟!
وقد يقع من ينعم الله عليه بالجنة في الفتنة التي وقع فيها آدم عليه السلام من قبل،
فلم يحدثنا سبحانه وتعالى بعدها عن حال الشجرة شيئًا؛ عن إبعادها، أو موتها، أو إزالتها، أو أي شيء آخر حدث لها،
فقد كانت الإجابة في ثنايا آيات القرآن الكريم الذي يصفه تعالى وهو أعلم به: (ما فرطنا في الكتاب من شيء(38) الأنعام، وأن آدم لم يعص الله في داخل الجنة، بل كان ذلك العصيان منه خارجها، وأن أهل الجنة يوم القيامة هم في أمان من شر الفتنة فيها، وقد يجعل الله في موضعها، أو عليها السور الذي يضرب بين الجنة والنار، باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب، ليبعد بعد تعالى النار وحرها عن أهل الجنة، ويبعد الجنة عمن لا يستحقها 00 فمكان السور حدود الجنة حيث يرى أهل الجنة أهل النار، ويكلموهم0
فقد جاءت الشجرة بما يوافق اسمها في إبعادين آخرين فوق بعدها عن الجنة، هما:
إبعاد آدم وحواء عن الجنة،
وإبعاد عنهما لباسهما الذي كان يسترهما.
ثم كان الهبوط لهما إلى الأرض............
أين الشجرة التي أخرجت آدم من الجنة1/6 000 هل كانت بداخل الجنة أم خارجها؟
أين الشجرة التي أخرجت آدم من الجنة2/6 000 كيف استطاع إبليس غواية آدم؟
أين الشجرة التي أخرجت آدم من الجنة3/6 000 لماذا يجعل عيدًا للشجرة؟
أين الشجرة التي أخرجت آدم من الجنة4/6 000 هل هي جنة في الأرض أم جنة الآخرة؟
أين الشجرة التي أخرجت آدم من الجنة5/6 000 لماذا ينزع الشيطان عنهما لباسهما؟
أين الشجرة التي أخرجت آدم من الجنة6/6 000 من خلف آدم؟ هل هو الإنسان الأول؟